ج1: رسالة البيان لمفهوم بال الشيطان في أذن الإنسان - هل جاء في الأحاديث أن الشيطان يبول في أذن الإنسان - ما هو مفهوم البول الحقيقي والمجازي في اللغة العربية .

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

البيان لمفهوم بال الشيطان في أذن الإنسان

(ومعرفة صلاة الليل التي تركها يتسبب في تسلط الشيطان)

(الفصل الأول)

#- فهرس:

:: الفصل الأول :: عن مقدمة الرسالة – تحقيق الأحاديث والآثار التي تكلمت عن أن الشيطان يبول في أذن الإنسان عند النوم – مفهوم البول الحقيقي والمجازي في لغة العرب ::

1- س1: هل جاء في الأحاديث أن الشيطان يبول في أذن الإنسان فيمنعه من الصلاة ؟

2- س2: ما هو مفهوم البول الحقيقي والمجازي في اللغة العربية ؟

***************************

 ..:: مقدمة ::..

 
- بسم الله الرحمن الرحيم .. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..
 
- هذه رسالة لطيفة المحتوى .. وأعلم أنه من الغريب أن يتم تدوين فيها رسالة خاصة .. في شرح حديث النبي صلى الله عليه وسلم .. الذي جاء جاء عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: (ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ»، أَوْ قَالَ: «فِي أُذُنِهِ») صحيح البخاري ومسلم ورواه غيرهما.
 
#- ولكن سبب تدوين هذه الرسالة هو الآتي:
1- وجدت بعض المسلمين يسخر من هذا الحديث .. بل ويكذبه .. وهو يزعم أنه يدافع عن النبي بأنه لم يقل بهذا الحديث .. وهم يصفون أنفسهم بالقرآنيين .. وهم الذين ينكرون الحديث النبوي الصحيح ويجحدونه ويكتفون بالقرآن فقط ..
 
- أما عن جماعة الملحدين فيأخذون كلام القرآنيين في مثل هذه الروايات التي تتكلم عن الشيطان .. ويجعلونه وسيلة للتشكيك والسخرية والإستهزاء من النبي والمؤمنين ..
 
2- ورأيت بعض الناس على شبكة الإنترنت .. يحلو لهم صناعة فيديوهات على اليوتيوب ويكتبوا عنوان يجذب المشاهدين مثل قول بعضهم: هل تعلم أن الشيطان يبول في أذن الإنسان النائم ..!!
- ثم حينما تفتح الفيديو تدرك أنه لا ينقل العلم وإنما ينقل ما هو ارتضاه لنفسه .. فيشرح الحديث بمعنى أن الشيطان يأتي للإنسان عند النوم ويخرج عضوه ويفرغ ما في مثانته من البول في أذن الإنسان عقابا له على عدم قيام صلاة الفجر .. !!
 
3- بل وتجد على شبكة الإنترنت .. من يصنع من هذا الحديث حجة له في تركه للصلاة ويعلل ذلك بأنه مغلوب على أمره من الشيطان طالما الشيطان يبول في أذنه عند النوم .. وكأنه يريد أن يقول (وإن لم يصرح بذلك) .. أنه مظلوم وتم عقابه على ما ليس له فيه سبب يستوجب قهر الشيطان له ليجعله هكذا مغلوبا على أمره .. !!
 
#- فلما وجدت الأمر كذلك .. ووجدت كثرة اختلاف العلماء حول معنى الحديث .. فحاولت قدر استطاعتي وما يسره الله لي أن اتتبع الروايات وألفاظها وأسانيدها حسب ما هو متاح لي من علم .. وأتحقق من كلام العلماء الذي فيه اختلاف في فهم المقصود من ألفاظ هذا الحديث .. والذي ينقسم الفهم فيه على مسألتين :
 
أ- المسألة الأولى: مفهوم بول الشيطان في أذن الإنسان .
ب- المسألة الثانية: مفهوم النوم عن صلاة الليل .. التي يترتب عليها بول الشيطان في الأذن وشرح المقصود منها إن كان صلاة النفل وهي قيام الليل أم صلاة الفرض وهي الفجر أو العشاء ..
 
- وقد اجتهدت قدر استطاعتي في تحقيق المسألتين .. وأرجو من الله التوفيق .. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
 

***********************

:: الفصل الأول ::

::  عن تحقيق الأحاديث والآثار التي تكلمت عن أن الشيطان يبول في أذن الإنسان عند النوم – مفهوم البول الحقيقي والمجازي في لغة العرب ::

**********************

 

 ..:: س1: هل جاء في الأحاديث أن الشيطان يبول في أذن الإنسان فيمنعه من الصلاة ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- في الحقيقة أن الشيطان لا يمنع أحد من الصلاة بأي حال من الأحوال .. وإنما هو يوسوس لك بما يحبطك به عن الصلاة مثل تزيين الكسل لك حتى لا تصلي .. فلا بول الشيطان ولا عقده ولا همزاته تمنعك عن أداء الصلاة .. وقد أحببت توضيح ذلك حتى تعلم أن الشيطان لا يمنع أحد من الصلاة .

- من ناحية أخرى .. قد جاء في الأحاديث أن الشيطان يبول في أذن الإنسان .. ولكن روايات هذه الأحاديث تجمع ما بين الصحيح والضعيف ..

 
- ولذلك من المهم تتبع هذه الروايات لمعرفة الصحيح من الضعيف .. حتى تكون بصيرا بما تقرأه .. وتعرف ما هو يصح أن نقول عنه فعلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله ونحن مطمئنين ..
 
- وقد جمعت هذه الروايات التي قيلت في هذه المسألة سواء كانت صحيحة أو ضعيفة .. أو حتى ذُكرت بعض ما بلغني من مصادر الشيعة لتمام العلم بالمسألة .. ثم ذكرت بعض الآثار المروية عن أقوال بعض الصحابة .. وقد وضعت الحديث الصحيح في عنوان .. والضعيف في عنوان آخر .. والأثر تركته أيضا في عنوان خاص به .. وذلك حتى يتبين لك حقيقة ما جاء في هذه الأحاديث .. ولسهولة التمييز بين كل رواية .. ووضعت قبل كل رواية ما يدل على صحة الحديث أو ضعفه ..
 
#- أولا: الروايات الصحيحة التي تكلمت عن تبول الشيطان في أذن الإنسان .. وهي رواية واحدة عن تبول الشيطان في أذن الإنسان ....
- في (حديث صحيح) .. جاء عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: (ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ»، أَوْ قَالَ: «فِي أُذُنِهِ») صحيح البخاري ومسلم ورواه غيرهما.
 
#- ثانيا: الروايات الضعيفة التي تكلمت عن بول الشيطان ..
1- (حديث ضعيف) .. عن النضر بن هشام، قال: ثنا بكر، قال: ثنا قرة بن خالد، قال: سمعت عطية، عن أبي سعيد، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا ضُرِبَ عَلَى صِمَاخِهِ (ممرات أو فتحات الأذن) بِجَرِير (أي بخيط) مُعَقَّدٍ (أي معقود) .. فَإِنْ هُوَ اسْتَيْقَظَ وَتَوَضَّأَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ .. وَإِنِ اسْتَيْقَظَ وَتَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ أُخْرَى .. وَإِنْ قَامَ فَصَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا .. فَإِنْ هُوَ اسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يُصَلِّ .. أَصْبَحَتِ الْعُقَدُ كُلُّهُنَّ كَهَيْئَتِهَا .. وَبَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) رواه أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين بأصبهان ، ورواه الشجري في ترتيب الأمالي الخميسية .. (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث ضعيف .. وفيه (بكر بن بكار القيسي) وهو ضعيف .. قال عنه أبو زرعة ليس بالقوي وقال عنه النسائي ليس بثقة وليس بالقوي في الحديث (راجع الجامع في الجرح والتعديل ج1 ترجمة رقم554) ..، وفيه (عطية بن سعد العَوْفي) وهو مجمع على ضعفه هكذا قال الذهبي . (راجع ديوان الضعفاء ترجمة رقم 2843) .. والله أعلم.
 
2- (حديث ضعيف) .. عَنِ "عبد الله" ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ "طاوس بن كيسان"، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَامَ عُقِدَ عِنْدَ رَأْسِهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللَّهَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ حُلَّتْ أُخْرَى، فَإِذَا صَلَّى حُلَّتِ الثَّالِثَةُ، فَيُصْبِحُ طَيِّبَ النَّفْسِ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ زَادَ، قَالَ: وَإِنَّ الْإِنْسَانَ يُوقَظُ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَيُوقَظُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَيَجِيءُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ لَهُ: إِنَّ عَلَيْكَ لَيْلًا فَارْقُدْ، فَإِنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ رَقَدَ، ثُمَّ يُوقَظُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ لَهُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ عَلَيْكَ لَيْلًا فَارْقُدْ، فَإِنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ رَقَدَ، فَتُصْبِحُ عُقَدُهُ كَمَا هِيَ، وَيُصْبِحُ خَبِيثَ النَّفْسِ - أَوْ قَالَ: ثَقِيلَ النَّفْسِ - نَادِمًا عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ، فَذَلِكَ الَّذِي يَبُولُ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ) رواه عبد الرزاق عن معمر بن راشد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): السند صحيح حتى (طاووس بن كيسان) ولكنه منقطع بين طاوس وبين النبي ..!!
 
3- (حديث ضعيف جدا) .. حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُمُعَةَ الْكَرْمَانِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو مَرْيَمَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ كُلَّ لَيْلَةٍ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ، فَذَكَرَ اللَّهَ حَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ قَامَ فَتَوَضَّأَ حَلَّتْ عُقْدَةٌ أُخْرَى، فَإِنْ قَامَ فَصَلَّى حَلَّتِ الْعُقْدَةُ الثَّالِثَةُ، فَإِنْ نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، فَيُصْبِحُ وَهُوَ يَشْتَكِي كَاهِلَهُ، يَقُولُ: بِئْسَ مَا وَسَدُّتُمُونَا الْلَّيْلَةَ) رواه الأصبهاني في تاريخ أصبهان.. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (أبو مريم وهو عبد الغفار بن القاسم النجاري) وهو متروك الحديث ..، وفيه (الحسن بن قتيبة الخزاعي) وهو متروك الحديث.
 
4- (حديث مبتور السند – باطل لا يصح) .. يقال أنه ورد عن الحَسَن مُرْسلاً، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (فإذا نام شَغَر الشَّيطانُ برِجْلِه فبَالَ في أُذِنه) (قلت خالد صاحب الرسالة): هذه رواية مبتورة السند فهي منقطعة ومقطوعة .. وقد حاولت البحث عن وجود سند لهذه الرواية المنتشرة في بعض كتب أهل العلم .. فلم أجد لها سند ولم أعرف مصدرها .. وأقدم مصدر وجدته لهذه الرواية ذكرها هو ما ذكره أبو موسى المديني (المتوفى: 581 هـ) في كتابة المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ج1 ص199.. وقد ذكر أول السند فيها الحسن البصري..!!
 
- قوله (شَغَر): أي رفع أحد رجليه .. كالكلب الذي يرفع أحد رجليه حينما يتبول على حائط ..
 
5- (حديث ضعيف جدا) .. مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا، نا عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ الْعُقَيْلِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّيْلِ أَتَاهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ، قَدْ أَصْبَحْتَ فَصَلِّ، وَاذْكُرْ رَبِّكَ، فَيَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ، فَيَقُولُ: عَلَيْكَ لَيْلٌ وَسَوْفَ تَقُومُ، فَنَمْ سَاعَةً، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى أَصْبَحَ نَشِيطًا، خَفِيفَ الْجِسْمِ، قَرِيرَ الْعَيْنِ، وَإِنْ هُوَ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ حَتَّى يُصْبِحَ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) رواه الطبراني في المعجم الأوسط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (موسى بن زكريا التستري) شيخ الطبراني وهو ضعيف جدا .. تكلم فيه الدارقطني. وحكى الحاكم عن الدارقطني أنه متروك. (راجع لسان الميزان ترجمة رقم7997)..، وفيه (عمرو بن الحصين العقيلي): وهو ضعيف جدا وقال تكلم فيه الدارقطني بأنه متروك الحديث .. وقال ابن عديّ: حدَّث عَنِ الثّقات بغير حديث مُنْكَر، وهو مظلم الحديث (راجع لسان الميزان ج5 ترجمة رقم303)..، وفي السند فيه عنعنة الاعمش وأبي اسحاق السبيعي .. فالسند تالف جدا.. إلا أن متنه قريب للعقل ومقبول وفيه تفسير ليس في الروايات الصحيحة .
 
6- (حديث شيعي بلا إسناد – باطل لا يصح) .. في رواية منسوبة للنبي جاء فيها: (اِسْتَعِينُوا بِطَعَامِ اَلسَّحَرِ عَلَى صِيَامِ اَلنَّهَارِ وَ بِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اَللَّيْلِ .. وَمَا نَامَ اَللَّيْلَ كُلَّهُ أَحَدٌ إِلاَّ بَالَ اَلشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ وَجَاءَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مُفْلِساً .. وَمَا مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَلَهُ مَلَكٌ يُوقِظُهُ مِنْ نَوْمِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ .. يَقُولُ يَا عَبْدَ اَللَّهِ اُقْعُدْ لِتَذْكُرَ رَبَّكَ .. فَفِي اَلثَّالِثَةِ إِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ يَبُولُ اَلشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) ذكره الحسن الديلمي في إرشاد القلوب .. (قلت خالد صاحب الرسالة): رواه بلا سند .. وبحثت عن وجود سند كامل لهذا الرواية ولم أجده .. وحكمه عندي هو البطلان لعدم الدليل على وجود سند له ليتبين صحته ولا متن في الصحيح يؤيده ..، ويوجد أجزاء من هذه الرواية مذكورة في كتب أهل السنة مثل الجزء الأول منه مروي في كتب أهل السنة وهو: (اِسْتَعِينُوا بِطَعَامِ اَلسَّحَرِ عَلَى صِيَامِ اَلنَّهَارِ وَ بِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اَللَّيْلِ) رواه بن ماجه وبن خزيمة وضعفه الشيخ الأعظمي في تخريج صحيح بن خزيمة وكذلك ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب وضعيف الجامع .. ويوجد شاهد صحيح من كلام بن مسعود لجزئية (وَمَا نَامَ اَللَّيْلَ كُلَّهُ أَحَدٌ إِلاَّ بَالَ اَلشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ) .. وله شاهد في جزئية حضور الملك لإيقاظ النائم ولكن مرة واحدة وذلك في رواية الطبراني السابق ذكرها وأتت بسند ضعيف جدا كما سبق وذكرنا .. والله أعلم .!!
 
#- ثالثا: بعض الآثار عن التابعين:
1- (أثر موقوف أظنه صحيح) .. عن عبد الله بن مسعود قال: (حَسْبُ الرَّجُلِ مِنَ الْخَيْبَةِ، أَوْ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَنَامَ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ وَقَدْ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ) ذكره محمد بن نصر المروزي في قيام الليل .. وقال بن حجر في الفتح: موقوفا صحيح.
 
- وفي رواية بلفظ: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَا يَنَامُ الرَّجُلُ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ إِلَّا بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) ذكره محمد بن نصر المروزي في قيام الليل ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا الأثر باختلاف ألفاظه .. وجدته في نسخة المقريزي التي اختصرها من كتاب محمد بن نصر المروزي (وهو كتاب مفقود حسب معرفتي) .. ولكن المقريزي قد ذكر فيها آثار الصحابة بدون أسانيد واكتفى بذكر أسانيد الحديث النبوي .. ولعل الإمام بن حجر وقف على نسخة من الكتاب الأصلي لمحمد بن نصر.. وبذلك يكون علم الإسناد وعلم بذلك صحة هذا الأثر .. ولكن في نسخة المقريزي التي معي فالرواية بدون سند .. وأظن أن الإمام بن حجر حالفه التوفيق في الوقوف على نسخة محمد بن نصر.. والله أعلم .
- ولو صح هذا الأثر عن بن مسعود .. فهو يكون له حكم المرفوع للنبي بالمعنى .. لأنه لا يمكن أن يقول هذا الكلام إلا بمعرفة من النبي صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم .
 
2- هناك رأي للتابعي الحسن البصري قاله عقب حديث الرجل الذي نام عن صلاته حتى أصبح فقال النبي: (بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) .. فعلَّق الحسن البصري كرأي خاص به وتعقيبا على هذا الحديث فقال: (إِنَّ بَوْلَهُ وَاللهِ ثَقِيلٌ) .. وهذا الرأي ذكره الإمام أحمد في مسنده عند رواية الحديث رقم 9516 .. (قلت خالد صاحب الرسالة): نسبة الرأي للحسن البصري صحيحة .. ولكن المقصود بالثقل هنا هو عزيمته التي يعزم بها على النائم بقوة ليجعله ينام .. وليس ثقيل بمعنى أن له كثافة مائية يفرغها في أذن الإنسان ..!! وسيتم مناقشة هذا الكلام في سؤال سيأتي معنا إن شاء الله .. عند مناقشة أدلة من يقولون أن بول الشيطان هو بول حقيقي ..!!
 
3- وهناك كلام آخر منسوب للتابعي الحسن البصري بدون أي إسناد .. ولم أعثر له على سند ..!! وهذا الكلام هو أن الحسن البصري قال: (لو ضرب بيده إلى أذنيه لوجدها رطبة). (ذكر هذا الأثر عن الحسن البصري في العديد من كتب أهل العلم ومنهم مرقاة المفاتيح ج3 ص922 عند حديث رقم1221) .
 
#- خلاصة القول عن الروايات السابقة:
1- عن النبي يوجد رواية واحدة فقط صحيحة .. قد ذكر فيها بول الشيطان .. وهي التي رواها البخاري ومسلم وغيرهما ..
 
2- كل الروايات التي جمعت بين العقد الشيطانية وبول الشيطان .. إنما هي روايات ضعيفة ولم يصح منها شيئا .. وسيتم مناقشة مسألة عقد الشيطان في رسالة مستقلة إن شاء الله تعالى .
 
3- ويوجد أثر مروي عن عبد الله بن مسعود .. أظنه صحيحا تبعا لتصحيح الإمام بن حجر العسقلاني لهذا الأثر في فتح الباري..
- ويوجد أثر آخر مروي عن التابعي الحسن البصري .. ولكنه رأي خاص به عن معرفته لحقيقة هذا البول ..!!
- ويوجد أثر آخر يتم ذكره منسوبا للحسن البصري .. ولكن لا دليل على أن الحسن البصري هو الذي قال بهذا الكلام ..!!
 
- والله أعلم .
 

************************

 

..:: س2: ما هو مفهوم البول الحقيقي والمجازي في اللغة العربية ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- البول في اللغة يأتي على معنى حقيقي ومعنى مجازي ..
1- فالمعنى الحقيقي: فكلنا نعمله وهو الماء الذي يخرج من المثانة حينما يبول الإنسان في الحمام أو الكنيف أو الخلاء ..

2- والمعنى المجازي:
- هو الذي يقال على الكلام الفاسد الذي يتم نقله أو سماعه من الغير .. فيقال فلان بال في أذن فلان بكلام فاسد .. فأفسد وضر وأذى من أسمعه هذا الكلام .. كنصيحة فاسدة أو كلام بقصد الوقيعة والمشاحنة والمخاصمة أو ما شابه ذلك ..، ويترتب على ذلك الفساد كل التشبيهات المجازية التي يظهر منها هذا الفساد .. كما سيظهر ذلك من كلام العلماء في الفصل القادم إن شاء الله .
 
#- قال القاضي والأديب أبو الوليد الوقشي (المتوفى: 489 هـ):
- والعرب تستعمل البول بمعنى الفساد .. قال الراجز:
إِذَا رَأَيتَ أَنْجُمًا مِنَ الأسَدْ .. جَبْهَتَهُ أَو الخَرَاةَ والكَتَدْ
بَال سُهَيلٌ فِي الفَضِيخِ فَفَسَدْ .. وَطَابَ أَلْبَانُ اللَّقَاحِ فَبَرَدْ
- الفَضِيخِ: شراب يصنع من التمر ..، ويفسد عند طلوع سهيل .. فلما كان سهيل يفسده بطلوعه جعله كأنه قد بال فيه .. (التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه ج1 ص206).
 
#- ملحوظة: (سهيل) يقصد به الشاعر هنا ظهور نجم لامع في السماء .. كان العرب يراقبون ظهوره ويربطونه بأحداث طبيعية يتوقع حدوثها وقت ظهوره في السماء ..

- والمقصد هو: أن وقت طلوع نجم سهيل يكون له تأثير على شراب الفضيخ فيفسده لتغير حالة الجو حينئذ .. وكذلك مع حضور الشيطان وظهور تأثير كلامه في الإنسان بوسوسته فكان له تأثير بإفساد حال الإنسان بالكسل حتى منعه بوسوسته من القيام لصلاة العشاء أو الفجر أو كلاهما .. وهذا على رأي بعض الآراء .. والله أعلم .

#- خلاصة القول:

- من المهم أن تفهم أن لفظ البول في اللغة .. له معنى مجازي وكان العرب يستخدمونه فيما يترب عليه إفساد .. وليس فقط البول هو ما يخرج من مثانة الإنسان حينما يتبول .. فانتبه .
 
#- ملحوظة: لم استرسل في ذكر نماذج من كلام العرب في مسألة البول المجازي واكتفيت بالمعلومات السابقة .. لأنه سيأتي كلام عن البول بالمعنى المجازي بصورة أكثر شمولية ومتنوعة وذلك عند ذكر شروح العلماء في السؤال التالي .. إن شاء الله تعالى.

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .