بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
البيان لمفهوم بال الشيطان في أذن الإنسان
(ومعرفة صلاة الليل التي تركها يتسبب في تسلط الشيطان)
(الفصل الثاني)
:: الفصل الثاني :: عن شرح المقصود
من حديث (بال الشيطان في أذنه) ::
1- س3: ماذا قال علماء المسلمين في فهم قول النبي (بال الشيطان في أذنه) ؟
2- س4: ما الذي أحسبه وأظنه "خالد صاحب الرسالة" في
تفسير (بال الشيطان في أذنه) ؟
3- س5: ما الفرق بين دلالة لفظ (بال الشيطان) وبين مراد الشيطان من وراء هذا الفعل ؟
4- س6: هل
بول الشيطان في أذن الإنسان يكون عند أول نومه أم بعد تنبيهه للصلاة كسماع الأذان
فيتجاهل ذلك وينام ؟
************************
:: الفصل الثاني::
:: عن شرح المقصود
من حديث (بال الشيطان في أذنه) ::
**********************
..:: س3: ماذا قال علماء المسلمين في فهم قول النبي (بال الشيطان في أذنه) ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- سأحاول هنا في هذا السؤال أذكر لك أصحاب الأئمة
المجتهدين الذين تم نقل العلم عنهم في فهم مسألة بول الشيطان .. والذين من خلالهم جميع العلماء ينقلون كلامهم حول فهم مسألة بول
الشيطان ..
- وستلاحظ أنه يغلب على العلماء الميل إلى كون مفهوم
(بول الشيطان) هو بالمعنى المجازي .. وستلاحظ أيضا أن
مسألة كون بول الشيطان هو فعلا حقيقي ستجدها تأتي في آخر كلامهم وكأنه رأي محتمل
ولكنه قول غير راجح عندهم ..
- وإن شاء الله سنناقش كل الآراء حتى نبصر ما فيه صوابا
أكثر من غيره .. ولكن نتعرف أولا
على ما قاله العلماء في المقصد من كلام النبي المذكور في الحديث والذي قال فيه: (بال الشيطان في أذنه) ..
#- أولا: ما قاله العلماء
باختلاف الأزمنة في تفسير حديث (بال
الشيطان في أذنه).
1- الإمام محمد بن
إسحاق بن جعفر الصاغاني (المتوفى:270 هـ) .. وكان من أئمة حفاظ الحديث النبوي:
#-
نقل لنا القاضي عياض (المتوفى: 544هـ) رأي محمد بن إسحاق فكتب:
-
قال أبو بكر ابن أبى إسحاق: يكون معناه: استخَفَّ به واستحقره واستعلى
عليه، كما قال تعالى: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ
فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّه) المجادلة:19 ..، وقد يقال لمن استخف بالإنسان
وخدعه: بال في أذنه، وأصل ذلك دابة يهابها الأسد فَيَفعل ذلك
به..،
-
قال القاضي "أي القاضي عياض قال تعقيبا على
الكلام السابق": ذكر صاحب كتاب الحيوان من اليونانيين أنه النمر،
وأنه يستطيل على الأسد في بعض البلاد حتى يفعل ذلك به لِيُذلَّه.
-
وقال أبو بكر "أي ابن أبى إسحاق": ويجوز أن يكون معناه: أَخَذَ
بسمعه عن نداء الملك ثلث الليل: (هل من داعٍ فيستجاب له) الحديث، وشغله له بوسوسته
وتزيينه له النوم وبحديثه بذلك في أذنه كالبول فيهما، لأنه قذَرٌ نَجسٌ خبيثٌ
وأفعاله كلها قذرة خبيثة.. (إكمال
المعلم بفوائد مسلم ج3 ص139).
2- الإمام بن قتيبة الدينوري رحمه الله (المتوفى: 276
هـ):
#- نقل
لنا القاضي عياض (المتوفى: 544هـ) رأي بن قتيبه فكتب:
- قال ابن قتيبة: يقال: بال في
كذا إذا أفسده. وأنشد: (كساعٍ إلى أُسْد الشَرِّى يستبيلها) .. أي يطلب مفسدتها. (إكمال المعلم بفوائد مسلم ج3 ص139).
#- ملحوظة: قوله (أُسْد الشَّرَى): والشَّرَى موضع تجتمع فيه الأسود .. وأسد الشَّرَى أي مكان الأسود .. ويقصد
بالبيت كالذي يذهب إلى أماكن الشجعان ويريد أن يفسد عليهم شجاعتهم فيغلبهم ويقهرهم
.. والله أعلم .
3- الإمام إبراهيم بن اسحاق الحربي رحمه الله (المتوفى: 285 هـ):
#- نقل
لنا القاضي عياض (المتوفى: 544هـ) رأي الحربي فكتب:
- قال الحربى: بال هنا معناه: ظهر عليه وسخِر
منه. (إكمال
المعلم بفوائد مسلم ج3 ص139).
4- قال
الإمام الطحاوي رحمه الله (المتوفى: 321 هـ):
- (بول الشيطان في أذنه): أي فعل به أقبح ما يفعل بالنوام ..
وليس ذلك على حقيقة البول
منه في أذنه .. ولكن على المثل والاستعارة في المعنى. (راجع كلام الطحاوي في مشكل الأثار عند الحديث 4023).
- يقصد الإمام الطحاوي بكلامه .. أن فعل الشيطان
إنما الغرض منه هو توضيح أن الشيطان يكون مستهزءا بالشخص الذي غلبه حتى أبقاه
نائما ولم ينهض لصلاة الفرض .. والله أعلم .
5- قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله (المتوفى:388 هـ):
-
قوله (بال الشيطان في أذنه): يشبه أن يكون ذلك مثلا ضربه له
.. شبهه حين غفل عن الصلاة وتثاقل بالنوم عن القيام لها ممن وقع البول في أذنه
فثقل سمعه وفسد حسه لذلك .. والبول ضار مفسد، فلذلك ضرب المثل به،
وهذا كقول راجز العرب:
بال
سهيل في الفضيخ ففسد ...، وليس هناك بول إنما هو طلوع نجم سهيل وحدوث فساد الفضيخ
بعد ذلك فجعله كالبول يقع في الشراب فيفسده.
-
وإن كان المراد بهذا القول عين البول من الشيطان نفسه .. فلا ينكر ذلك إن كانت له هذه الصفة، والله
أعلم. (أعلام الحديث
– شرح حديث البخاري ج1 ص636).
6- الإمام المُهَلَّبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي
صُفْرَةَ (المتوفى:435 هـ):
#-
نقل لنا القاضي عياض (المتوفى: 544هـ) رأي الإمام المهلب فكتب:
- قال المُهَلِّبُ: هذا على سبيل الإغماء .. بتحكم
الشيطان في العقد على رأسه بالنوم الطويل. (إكمال المعلم بفوائد مسلم ج3 ص139).
7- قال القاضي أبو الوليد الوقشي (المتوفى: 489 هـ):
-
في المجاز قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه) وليس هناك بول في الحقيقة .. ولكن لما أفسد عليه أمره شبه ذلك
بالبول الذي يقع في الشيء فيفسده .. وخص الأذن؛ لأنه الموضع الذي يناجى منه
الإنسان حتى يخدع عما يعتقده، والعرب تستعمل البول بمعنى الفساد. (التعليق على الموطأ في
تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه ج1 ص206).
8- قال القاضي عياض رحمه الله (المتوفى: 544 هـ):
- بعد أن ذكر القاضي عياض أقوال الأئمة من قبله وهم محمد بن اسحاق والمهلب
وبن قتيبة والحربي .. وقد سبق ونقلنا كلامهم منه رحمه الله ..
ثم كتب هو ما هو محتمل من الرأي من وجهة نظره فكتب:
-
قال القاضي "أي القاضي عياض": ولا يبعد أن يكون على وجهه .. وقصد الشيطان
بذلك إذلاله ونهاية طاعته له، وتَأتَى ما أراد منه من استغراق فى نومه حتى فعل به
ذلك، وقد يكون " بال في أذنه " كناية عن ضرب النوم واستغراقه، وخص ذلك
بالأذن كما خصها في قوله تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْف) الكهف:11 .. والله أعلم.
-
ولأن الأذن حاسة المنتبه بكل حال .. وموقظة النائم بما يطرأ عليه من الأصوات.
(إكمال المعلم
بفوائد مسلم ج3 ص139-140).
#- انتبه هنا لكلام القاضي عياض المتوفى
في القرن الخامس الهجري .. فهو أول عالم وجدته قد قال أنه غير مستبعد أن يكون بول الشيطان حقيقي ولعله يشارك الإمام الخطابي في
نفس الظن كظن محتمل للتفسير إن كان هذا مراد النبي فعلا إن كان هناك دليل يقول بأن
هذا مراد النبي فعلا ..
-
ولكن في نفس الوقت نجد الإمام القاضي عياض في تفسيره للحديث .. قد ذكر رأي آخر له وهو رأي محترم جدا ومحتمل وهو قد يكون هذا البول
كناية عن ضرب النوم على أذنه واستدل بذلك على آية من القرآن ليشرح معنى الضرب ..
وسبب ظنه أن بول الشيطان بمعنى الضرب على الأذن أحسبه أخذه من هذه الرواية
التالية:
-
(حديث
صحيح) .. عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي
قال: (يَعْقِدُ
الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ
يَضْرِبُ: عَلَيْكَ
لَيْلًا طَوِيلًا فَارْقُدْ - ، وَقَالَ
مَرَّةً: يَضْرِبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ عُقْدَةٍ لَيْلًا طَوِيلًا - "، قَالَ "أي النبي": " وَإِذَا اسْتَيْقَظَ، فَذَكَرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ،
انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا تَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى،
انْحَلَّتْ الْعُقَدُ، وَأَصْبَحَ طَيِّبَ النَّفْسِ نَشِيطًا، وَإِلَّا أَصْبَحَ
خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانًا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط
الشيخين .
-
ومعنى قوله (يضرب): أي يعزم بقوة على النائم بهذا القول (عليك ليلا طويلا فارقد).. وذلك ليثقل النوم عليه ويحببه
فيه فيستجيب لعزيمة الشيطان فينام.
- والله أعلم
.
9- قال
أبو العباس القرطبي (المتوفى: 656 هـ):
- (بول الشيطان): لا إخَالُه في بقائه في ظاهره ..
- ويحتمل أن يراد به أنه يصرفه عن الصارخ
والمُنَبِّهِ .. بما يقرُّه في أُذُنِهِ حتى لا ينتبه ..
فكأنه ألقى في أذنه بوله .. فأثقل سمعه بذلك ..
- ويحتمل أن يكون عبارة عن اسْتِرْذَالِهِ له
.. وجعله أذنه كالمحل الذي يبال فيه.. واللَّه
أعلم. (اختصار
صحيح البخاري وبيان غريبه ج1 حديث رقم600).
#-
وهذا الرأي الذي ذكره الإمام القرطبي هو آخر رأي له في هذه المسألة .. لأنه له رأي سابق له قد ذكره في شرح صحيح
مسلم وأظنه قد نقله من القاضي عياض اتباعا له .. وأذكره لك لتعرفه أيضا:
#- فقد قال القرطبي في شرح صحيح مسلم:
-
قوله: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه): يصح بقاؤه على ظاهره؛ إذ لا
إحالة فيه.. ويفعل ذلك استهانة به ..
-
ويحتمل أن يحمل على التوسُّع، فيكون معناه: أن الذي ينام الليل كله ولا
يستيقظ عند أذان المؤذنين، ولا تذكار المذكرين؛ فكأن الشيطان سدَّ أذنيه ببوله ..
وخصّ البول بالذكر إبلاغًا في التفحيش به، وليجتمع له مع إذهاب سمعه استقذار ما
صرف به سمعه.
-
ويحتمل أن يكون معناه: أن الشيطان استولى عليه واستهان به، حتى قد اتخذه كالكَنيف المُعَدّ
لإلقاء البول فيه. والله أعلم. (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج2 حديث رقم 650 باب
رقم 109) .
#- انتبه للآتي: ستلاحظ أن القرطبي قد تراجع عن
كلامه في شرح صحيح مسلم .. إذ قد رأي القرطبي في شرح صحيح مسلم أنه لا مانع من أن
يقال أن بول الشيطان على ظاهرة أي هو حقيقي .. وذلك تماشيا مع أحد آراء القاضي
عياض ..، ولكن عاد وتراجع عن ذلك عند شرحه لصحيح البخاري وقال أنه لا يظنه على
ظاهره أي ليس يظن أنه بول حقيقي ..!!
- فانتبه لما ذكرته لك جيدا .. لأن كثير من شارحي الأحاديث
ينقل كلام القرطبي من شرح مسلم .. وغفلوا عن تغيير رأيه في شرح البخاري .!!
#- ملحوظة: الإمام أبو العباس القرطبي شارح الأحاديث
النبوية غير الإمام شمس الدين القرطبي المفسر صاحب تفسير الجامع لأحكام القرآن ..
فانتبه.
10- قال الإمام شهاب الدين التوربشتي رحمه الله (المتوفى:661 هـ):
-
قوله (بال الشيطان في أذنه): قال أبو سليمان الخطابي: يشبه أن
يكون ذلك مثلاً ضربه له حين غفل عن الصلاة وتثاقل بالنوم عن القيام لها .. كمن وقع
في أذنه بول فثقل سمعه وفسد حسه كذلك .. والبول ضار مفسد .. فلهذا ضرب به المثل.
#- قلت "أي التوربشتي" .. ويحتمل وجهين آخرين:
أ-
أحدهما: أن يقال أن الشيطان ملأ سمعه من كلام الباطل وأحاديث
اللغو .. فأحدث ذلك في أذنه وِقْرا (أي ثِقَلا) عن استماع دعوة الحق.
ب-
والآخر: أن يجعل عبارة عن الاستخفاف والاستهانة به .. فإن من عادة المستخف بالشيء
أن يبول عليه أو يبول فيه ..، وقال الري: بال ههنا بمعنى ظهر عليه وسخر منه.
-
وقيل: قد يكون بوله في أذنه كناية عن ضرب النوم عليه .. وخصه
بالأذن؛ لأنها حاسة الانتباه وسماع ما يكون من أصوات الدعاة إلى التهجد.
-
وقيل: هو مثل قولهم تفل فلان في أذن فلان ونفث فيه .. إذا
ناجاه.
-
قلت "أي التوربشتي": وكل ما ذكرناه بمبلغ فهمنا عن
غير نافلة .. على وجه التقريب .. وحقيقة تأويله محكوم به للنبي. (الميسر في شرح مصابيح السنة ج1 ص313).
#- انتبه
أخي الحبيب:
أ- أعتقد قول التوربشتي .. (وقال الري: بال ههنا بمعنى ظهر عليه وسخر منه) .. في هذه الجملة لفظ خطأ وهو (الري) ..
لأن هذا الرأي هو رأي الإمام (الحربي)
كما هو ظاهر في نقل القاضي عياض .. فيكون لفظ (الري) هو لفظ مكتوب خطأ والصواب هو
(الحربي) .. فلزم التنبيه .. والله أعلم .
ب- في كلام الإمام التوربشتي
رحمه الله .. تجده يقدم رأي الإمام الخطابي أدبا معه لعلو علمه رضي
الله عنه .. ثم يذكر رأيه .. ثم يقول في الختام أن هذا الفهم سواء منه أو من غيره
لألفاظ الحديث إنما هو اجتهاد منهم وليس عن تعليم النبي لهم بذلك .. ولذلك حقيقة
تأويل اللفظ تظل في النهاية يعلمها على وجه اليقين هو النبي صلى الله عليه وسلم .
- فما أجمل كلام الإمام فضل الله
بن حسن والمشهور بشهاب الدين التوربشتي رحمه الله .. وما أحسن أدبه .. بل وهذا الرجل له حكمة عجيبة في فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. حيث أن التوربشتي يمتاز
بتذوق حديث النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك كان دائما يعتمد عليه الإمام الطيبي
في شرح مشكاة المصابيح وكان الإمام الطيبي يذكر كلامة كثيرا في شرحه للأحاديث فيضع
قبل أن يذكر رأي التوربيشتي رمز مختصر وهو (تو) أي أن توربشتي هو صاحب هذا القول
الذي سأذكره .. والغريب أن بعض العلماء ينقلون من شرح الطيبي على الأحاديث ولا
ينتبهون للمختصرات التي يضعها الطيبي في نقله للكلام من علماء آخرين .. وهذا خطأ وفيه
تضييع لأمانة العلم .. أما كلام الطيبي نفسه فهو لا يضع عنده أي مختصرات للحروف وذلك
للدلالة على أن ما يكتبه هو رأيه وليس منقول من علماء آخرين ..!!
11- قال القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (ت 685هـ):
-
(بال الشيطان
في أذنه): تشبيه وتمثيل .. شبه تثاقل نومه وإغفاله عن الصلاة وعدم
انتباهه بصوت المؤذن وإحساس سمعه إياه بحال من بيل في أذنه .. فثقل سمعه وفسد حسه.
- وقيل: إنه
كناية عن استهانة الشيطان والاستخفاف به .. فإن من عادة المستخف بالشيء غاية الاستخفاف
أن يبول به .. وإنما خص الأذن لأن الانتباه أكثر ما يكون إنما يكون باستماع الأصوات
.. ولأنه منع الأذن عن استماع الأذان وصوت الدعاة. (تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة ج1 ص363).
#- أخي الحبيب:
- كل ما سبق حسب تتبعي لكلام
العلماء بقدر ما بلغني من العلم .. كانوا هم أهل الإجتهاد بالرأي في فهم الحديث
النبوي للفظ حديث (بال الشيطان في أذنه) ..
#- ثانيا: التعريف ببعض العلماء الناقلون لشرح حديث (بال الشيطان في اذنه) من العلماء
السابقين اصحاب الإجتهاد بالرأي .. فمن هؤلاء ..
1- قال الإمام النووي رحمه الله (المتوفى: 676هـ):
- (بال الشيطان في أذنيه) اختلفوا في معناه ..
- فقال ابن قتيبة: معناه أفسده .. يقال بال في كذا
إذا أفسده.
- وقال المهلب والطحاوي وآخرون: هو استعارة وإشارة إلى انقياده
للشيطان وتحكمه فيه وعقده على قافية رأسه عليك ليل طويل وإذلاله له ..
- وقيل: معناه استخف به واحتقره واستعلى
عليه .. يقال لمن استخف بإنسان وخدعه: "بال في أذنه" .. وأصل ذلك في
دابة تفعل ذلك بالأسد إذلالا له ..
- وقال الحربي: معناه ظهر عليه وسخر منه ..
- قال القاضي عياض: ولا يبعد أن يكون على ظاهره ..
قال وخص الأذن لأنها حاسة الانتباه. (شرح النووي على صحيح مسلم
ج6 ص64).
#- ملحوظة هامة جدا: ما ذكره الإمام
النووي هو نقلا مختصرا لما ذكره الإمام القاضي عياض (المتوفى: 544هـ) في كتابه "إكمال المعلم بفوائد مسلم" .. وإنما نقلت اللفظ من الإمام النووي لسهولة
ملخصه وقد اختصره اختصارا حسنا ..
2- قال
الإمام شرف الدين الطيبي رحمه الله (المتوفى: 743 هـ):
-
قوله: ((بال الشيطان في أذنه)) ((قض)): هو تمثيل، شبه تثاقل نومه
وإغفاله عن الصلاة وعدم انتباهه بصوت المؤذن مع إحساس سمعه إياه- بحال من بيل في
أذنه، فيثقل سمعه ويفسد حسه ..
-
وقيل: هو كناية عن استهانة الشيطان والاستخفاف به،
فإن من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه.
-
والأول من كلام الشيخ الخطابي .. والثاني من كلام الشيخ التوربشتي رضي الله عنهما .
-
وقال الخطابي: البول ضار مفسد، فلهذا ضرب به المثل، قال الراجز:
بال
سهيل في الفضيح ففسد ...، جعل طلوع سهيل وإفساده الخمر بمثابة ما يقع البول في
الشيء فينجسه ..، ((تو)): يحتمل أن يقال: إن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل، فأحدث في
أذنه وقراً عن استماع دعوة الحق. ((نه)): قيل: معنى ((بال)) سخر منه وظهر عليه حتى
نام عن طاعة الله. (شرح مشكاة
المصابيح – الكاشف عن حقائق السنن – ج4 ص1202 حديث رقم 1221).
أ- أعتقد قول التوربشتي .. (وقال الري: بال ههنا بمعنى ظهر عليه وسخر منه) .. في هذه الجملة لفظ خطأ وهو (الري) .. لأن هذا الرأي هو رأي الإمام (الحربي) كما هو ظاهر في نقل القاضي عياض .. فيكون لفظ (الري) هو لفظ مكتوب خطأ والصواب هو (الحربي) .. فلزم التنبيه .. والله أعلم .
#- ملحوظة هامة: نجد أن الإمام
الطيبي بدأ بنقل قول عن أحد العلماء والذي أشار إليه بحرفين اختصارا لاسمه بلفظ ((قض)) وليس هو القاضي عياض ولا أعلم
من هو .. إنما هذا الرأي الذي ذكره الطيبي هو نفس ما ذكره الإمام الخطابي رحمه الله .. ولكن الإمام
الطيبي أو من نقل عنه قد زاد على كلام الخطابي جزئية وهي (مع إحساس سمعه إياه) .. أي أنه يظن أن هذا البول
يحدث حينما تقام الحجة على النائم فيستمع للأذان فينكر ذلك ويفضل النوم على القيام
للصلاة ..
- قلت (خالد صاحب الرسالة): وهذه جزئية تناسب
العقل ويرضاها القلب .. والله أعلم .
3- قال الإمام بن حجر
رحمه الله (المتوفى: 852 هـ):
- واختلف في (بول
الشيطان):
أ- فقيل هو على حقيقته
.. قال القرطبي وغيره لا
مانع من ذلك إذ لا إحالة فيه لأنه ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب وينكح فلا مانع من أن
يبول ..
ب- وقيل هو كناية عن
سد الشيطان أذن الذي ينام عن
الصلاة حتى لا يسمع الذكر.
ج- وقيل معناه أن
الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل
فحجب سمعه عن الذكر.
د- وقيل هو كناية عن ازدراء الشيطان به.
هـ- وقيل معناه أن
الشيطان استولى عليه واستخف
به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول إذ من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه.
و- وقيل هو مثل مضروب
للغافل عن القيام بثقل النوم كمن وقع
البول في أذنه فثقل أذنه وأفسد حسه والعرب تكني عن الفساد بالبول قال الراجز بال سهيل في الفضيخ ففسد وكنى بذلك عن طلوعه لأنه
وقت إفساد الفضيخ فعبر عنه بالبول. (فتح الباري ج3 ص28-29 – مع بعض التصرف في ترتيب الأقوال وفصلها عن بعض).
4- قال
الإمام السيوطي رحمه الله (المتوفى:911 هـ):
- (بال الشيطان في أذنه): قيل معناه أفسده يقال بال في كذا إذا أفسده
..، وقيل هو استعارة وإشارة
إلى انقياد للشيطان وتحكمه فيه وعقده على قافية رأسه عليك ليل طويل وإذلاله
..، وقيل معناه استخف به واحتقره واستعلى عليه وسخر منه ..، قال عياض: ولا يبعد أن
يكون على ظاهره. (شرح
السيوطي على مسلم ج2 ص381).
#- خلاصة القول:
1- أن علماء المسلمين منهم من اجتهد في
فهم اللفظ النبوي .. ومنهم من نقل هذا الفهم من العلماء السابقين
لهم .
2- وعموم العلماء على أن فهم لفظ
(بال الشيطان) هو على معناه المجازي وليس على معناه الحقيقي .. ولكن القاضي عياض من علماء القرن الخامس
الهجري قد ذكر في أحد رأييه أنه لا مانع أن يكون بمعناه الحقيقي .. وهذا الرأي
أمسك فيه بعض أهل زماننا .. ويحاول فرضه على المؤمنين وكأنه الحق الذي نزل به
الوحي .. !! فانتبه من هؤلاء .
3- وعن نفسي فأميل لما يطمئن له قلبي وهو ما يغلب على حال
العلماء حسب ما وجدت .. هو أن بول الشيطان هو تعبير مجازي كناية عن الوسوسة ومراده
الاستهزاء ..
#-
وأقصى ما يمكن قوله في مسألة بول الشيطان:
أ- هو أن الشيطان قد يبول في أذن الإنسان حين
وجود خلل في علاقته مع الله .. وهذا البول المقصود به عند
العلماء وهو الراجح من كلامهم أنه إما أن البول هو مجازا عما ألقاه الشيطان من
مفاسد قولية مثل تزيين النوم في نفسيتة الإنسان حتى يصيبه الكسل ويمتنع عن القيام
للصلاة .. أو هو استعارة تمثيلية لانتصار الشيطان على الإنسان حين غلبه فنام عن
صلاته فكان الشيطان به مستهزأ ..
ب- والنوم في الحديث عند أصحاب
الرأي المجازي .. هو إنما يكون المقصد به هو طلب
النوم وفي نفسه عزيمة داخلية بأنه لا مانع لو فاته فرض الصلاة .. ولم يوصي أحد أن
ينبهه لقيام صلاة الفرض .. أو لم يظبط المنبه .. وليس لمجرد أنه نام وفي نيته
ورغبته القيام للصلاة ولكن غلبه النوم.. لا .. وإنما لمن نام كسلا دون أخذ
احتياطاته للقيام للصلاة .. بل ولو أتاه أحد ليجعله ينهض للصلاة فهو يفضل النوم
على القيام للصلاة ..
ج- وأتى النبي صلى الله عليه
وسلم بوصف البول .. لقبحه في نفسية
الإنسان فيرفع من .. عزيمته وكبرياءه حتى لا ينام مرة أخرى عن صلاة الفرض إذا تيسر
ذلك له وينهض للصلاة .. وكمثال لتصوير وإظهار القبيح في عين الإنسان ونفسه حتى يفهم مدى القبح .. كما في قوله تعالى واصفا شجرة الزَّقُّوم: (شَجَرَةُ
الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا
شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ
الشَّيَاطِينِ) الصافات62-65..
- والله أعلم .
************************
..::
س4: ما الذي أحسبه وأظنه "خالد
صاحب الرسالة" في تفسير (بال الشيطان في أذنه) ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- إذا كان غالب العلماء ساروا في فهم الحديث للفظ (بول
الشيطان) .. يقصد به معنى البول سواء بالمعنى الحقيقي أو المجازي .. وأيضا أميل في
كلام العلماء للرأي المجازي ..
- ولكن يدور في عقلي خاطر وهو: لماذا لا يقال أن معنى (بال الشيطان) .. أي
خاطره الشيطان في أذنه أي وسوس له الشيطان بالنوم .. وكأن مقصد اللفظ باله الشيطان
أي خاطره ..
- ليه بقول الكلام ده ..؟
- لأن بال .. هو أصل كلمة البول وأصل كلمة البال الذي
هو الذهن أو الخاطر .. و لفظ يطلق على ما يحدث في داخلك من كلام .. مثل قولك (يدور
في بالي خاطر كذا) .. ويقال ويقصد به الحال فيقال: (ربنا يصلح بالك) أي حالك .
- ولذلك وجدت أنه قد يكون المقصد بقول النبي: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه) أي خاطره في داخله بأن يفضل النوم على القيام لصلاة
الفرض ..
- هذا مجرد رأي خطر ببالي
فأحببت أن أكتبه .. إذا أنه لو صح لكان حلا سهلا لفهم الحديث .. وبعدنا عن
القيل والقال في البول الشيطاني .. لا حقيقي ولا مجازي .. وانتهت المسألة ببساطة.
- والله أعلم .
أ- هو أن الشيطان قد يبول في أذن الإنسان حين وجود خلل في علاقته مع الله .. وهذا البول المقصود به عند العلماء وهو الراجح من كلامهم أنه إما أن البول هو مجازا عما ألقاه الشيطان من مفاسد قولية مثل تزيين النوم في نفسيتة الإنسان حتى يصيبه الكسل ويمتنع عن القيام للصلاة .. أو هو استعارة تمثيلية لانتصار الشيطان على الإنسان حين غلبه فنام عن صلاته فكان الشيطان به مستهزأ ..
ب- والنوم في الحديث عند أصحاب الرأي المجازي .. هو إنما يكون المقصد به هو طلب النوم وفي نفسه عزيمة داخلية بأنه لا مانع لو فاته فرض الصلاة .. ولم يوصي أحد أن ينبهه لقيام صلاة الفرض .. أو لم يظبط المنبه .. وليس لمجرد أنه نام وفي نيته ورغبته القيام للصلاة ولكن غلبه النوم.. لا .. وإنما لمن نام كسلا دون أخذ احتياطاته للقيام للصلاة .. بل ولو أتاه أحد ليجعله ينهض للصلاة فهو يفضل النوم على القيام للصلاة ..
ج- وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بوصف البول .. لقبحه في نفسية الإنسان فيرفع من .. عزيمته وكبرياءه حتى لا ينام مرة أخرى عن صلاة الفرض إذا تيسر ذلك له وينهض للصلاة .. وكمثال لتصوير وإظهار القبيح في عين الإنسان ونفسه حتى يفهم مدى القبح .. كما في قوله تعالى واصفا شجرة الزَّقُّوم: (شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ) الصافات62-65..
- والله أعلم .
********************* ..::
س5: ما الفرق بين دلالة لفظ (بال الشيطان)
وبين مراد الشيطان من وراء هذا الفعل ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- حين رجوعي لتفاسير العلماء وشرحهم للفظ (بال الشيطان في أذنه) .. فقد لاحظت أنهم
يخلطون بين شرح اللفظ .. وبين مراد الشيطان من وراء هذا الفعل .. كيف ذلك ؟
#- أوضح لك ذلك بمثال:
- فحينما تجد أحد العلماء يشير
إلى أن لفظ (بال الشيطان) .. إنما هو كناية عن
الاستهزاء والسخرية .. فهو يقصد مراد الشيطان من وراء هذا الفعل .. أي الدافع لفعل
الشيطان بهذا الفعل .. وهذا الدافع أو الرغبة المحركة لهذا الفعل هو رغبته في
الاستهزاء والسخرية من هذا الإنسان .
- ولكن حقيقة تفسير لفظ (بال الشيطان) .. فهو ينحصر بين معنى
مجازي أو حقيقي ..
- فالمعنى الحقيقي: أن يكون للشيطان
بول حقيقي ويبول في أذن الإنسان.
- والمعنى المجازي: هو إلقاء الكلام
بالوسوسة في نفس الإنسان حتى يتكاسل ويفسد على الإنسان قيامه لصلاة الفرض .. فيكون
وصف (بال الشيطان) هو على سبيل الإستعارة في تأثير وسوسة الشيطان في الإنسان فيفسد
عليه بهذه الوسوسة قيامه للصلاة .. كما يفسد البول المحل الذي يتساقط عليه لنجاسته
..
- وسواء كان هذا أو ذاك .. فهذا البول يحدث حينما
تنعقد نية الإنسان على النوم دون الرغبة في القيام للصلاة .. أو يحدث ذلك لمن تكاسل
عن القيام لصلاة الفرض بالرغم من سماعه للأذان ..
#- خلاصة القول:
- هناك فرق في كلام العلماء
بين تفسير لفظ (البول) كمعنى حقيقي أو مجازي .. وبين كلام العلماء في المقصد
والغرض من وراء هذا الفعل الشيطاني ..
- والله أعلم .
************************ ..:: س6: هل بول الشيطان في أذن الإنسان يكون عند أول نومه أم بعد تنبيهه
للصلاة كسماع الأذان فيتجاهل ذلك وينام ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- هنا جزئية أحب أن أشير إليها .. وهي أن بول الشيطان باعتبار حدوثه له حالتين
فيهما اختلاف بين العلماء كما أفهم ذلك من خلال كلام العلماء ..حيث تفسيرهم لمعنى قول النبي
فيمن فاته صلاة الليل: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه) ..
- التفسير الأول: على
افتراض أن هذا البول يحدث في أول النوم ..
- فيكون المعنى التفسيري (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه حينما نام - لانعقاد
نيته على تجاهل الصلاة وتفضيله للنوم) .. فيكون سبب عدم القيام للصلاة هو هذا
البول ..
- وعلى هذا التفسير .. يظهر إشكالين:
-
الإشكال الأول: لازم التوفيق بينه وبين حديث
العقد الشيطانية .. إذ جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَعْقِدُ (أي يشد ويربط أو يعزِّم) الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ (أي مؤخرة) رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو
نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ ..
يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ .. عَلَيْكَ
لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ .. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ
انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ صَلَّى
انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ
خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) صحيح البخاري.
-
الإشكال الثاني: لابد من إيجاد تفسير لسبب ما يفعله البول في
الأذن حتى تكون سببا في عدم قيامه للصلاة .. لأن مجرد البول في الأذن فقط لا يمنع
من شيء .. إذ قد ينتبه الجسم في أي وقت من الليل دون منبه أو أذان ..!!
أ- فلو كان بمعنى معنى البول هو المعنى المجازي
.. فلا مشكلة أصلا ..
لأنه حينئذ يكون عزيمة الشيطان في عقده على الإنسان هي ما يبول به في أذن الإنسان من
وساوس .. ويكون هذه الوساوس هي ما تسبب له نوعا من الكسل من خلال تأثيره بالوسوسة
عليه بقوله (عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ) كما جاء ذلك في
حديث العقد الشيطانية .
ب- ولكن لو كان البول بالمعنى الحقيقي .. فلا يمكن التوفيق
بين هذا البول الحقيقي وبين حديث العقد الشيطانية ؟ بل وما الذي يفعله هذا البول الحقيقي
في الأذن حتى يمنع الإنسان من القيام للصلاة ؟!!
- وبسبب هذا الإشكال .. فقد قال الإمام
الطيبي ما معناه .. أن سبب البول في الأذن هو سريانه في عروق الإنسان مما يسبب له
الكسل ..!!
- ولكن هذا كلام فيه نظر .. حيث أقول رد عليه: من الذي يقول أن
بوله يسبح في العروق ؟ ثم ما الدليل على أن بوله هذا يسبب الكسل ؟!!
- وغير ذلك سأناقشه في سؤال
خاص إن شاء الله .
#- ومجمل القول في التفسير الاول ..
أن من يقول بأن بول الشيطان هو حقيقي ويكون في أول
النوم .. فلا يمكن التوفيق أبدا بين حديث بول الشيطان وبين حديث العقد الشيطانية
.. والله أعلم .
- بخلاف من يقول بأن بول الشيطان
هو بمعناه المجازي .. فهذا يمكن التوفيق
بينه مع حديث العقد الشيطانية .
#- التفسير الثاني: على
افتراض أن هذا البول حدث كنتيجة لتجاهلة سماع الأذان عند نومه ورفضه القيام للصلاة
..
- فيكون المعنى التفسيري (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه – لما فضل النوم متكاسلا بعد
سماع الأذان على القيام للصلاة) .. فيكون على هذا التفسير أنه لا مشكلة بينه وبين
العقد الشيطانية لأنه يكون نتيجة مترتبة على نجاح العقد الشيطانية .. ويكون لفظ
(بال الشيطان) هو خبر لما فعله الشيطان حينما نجح في عزيمة العقد ..
أ- ويكون المعنى المجازي: أنه رجل أفسده
الشيطان بكلامه ووسوسته حتى خضع لوسوسته حتى فضل النوم عن القيام لأداء الصلاة
حينما سمع الأذان.
ب- ويكون المعنى الحقيقي: أنه رجل بال في
أذنه الشيطان بعد أن نجح في التأثير عليه بعقده .. ومراده من ذلك هو الإستهزاء
بالإنسان والسخرية به واعلان انتصاره عليه من خلال هذا الفعل ..
#- خلاصة القول:
- حين النظر لتفسير حديث (بال الشيطان في أذنه) .. فله وجهتي نظر ..
1- إما
أن يكون هذا الفعل الشيطاني حدث في أول النوم .. وعلى هذا يكون
بسبب فساد نوايا الشخص في القيام للصلاة وتفضيله للنوم .. ويكون البول بالمعنى
المجازي يصح .. ولكن بالمعنى الحقيقي لا يمكن أن يصح .
2- ووجهة النظر الأخرى .. أن يكون هذا الفعل
الشيطاني حدث كنتيجة مترتبة على ترك صلاة الفرض من أجل النوم لغلبة الكسل عليه .. كأن يكون سمع
الأذان وتجاهل القيام لصلاتها .. وحينئذ يصح المعنى الحقيقي والمجازي .. ولكل
منهما تفسيره .. ولا تعارض حينئذ بين حديث بول الشيطان وحديث العقد الشيطانية ..
- والله أعلم .
*****************
جزاكم الله خيرا أستاذتا الفاضل
ردحذف*************
من روائع الدكتور مصطفى محمود .. مقتطفات من كتابه " عظماء الدنيا وعظماء الآخرة "
ولا يقنط المؤمن ..
ولا ييأس ولا يلقى سلاحه مهما تكاثر عليه الاعداء ومهما حاصرته الهموم .. لأنه يرى قدرة الله فى كل شئ .. ويرى مشيئة الله تفعل ولا سواها ..
والصمود أمام المحال من صفات المؤمن لأنه يعلم أنه يصارع بيد الله لا بيده .. وهو لا يعرف الجبن ولا الخوف ولا الفرار ..
ولهذا اقتضى الايمان .. الابتلاء ..
لأن الكلام سهل ولأن كل واحد يدعى أنه مؤمن وأنه مستحق للجنة .. وقد زعم الجبابره أمام شعوبهم حتى لحظه موتهم أنهم كانوا يحسنون صنعا واعتقدوا أنهم يستحقون التمجيد والإشادة .
فلزم الإبتلاء حتى يصحو كل واحد على حقيقته وحتى يعلم منزلته .. والله فى غير حاجة الى إبتلاء فهو يعلم منازلنا منذ الازل .. ولكنا نحن الذين يلزمنا الابتلاء حتى نعرف انفسنا .
*****************************
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي و على آله و سلم
متابعة جميلة لنقل الاراء في المسألة ..
ردحذفبارك الله فيك استاذنا الفاضل
إذن نفهم .. ان حديث ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ»، أَوْ قَالَ: «فِي أُذُنِهِ" .. خاص بمن قصر في عمله مع الله .. كمن لم يبيّت النية لأداء الفرض مثلا .. او لتهاونه في الأذكار قبل النوم التي تحفظه من استيلاء الشيطان عليه .. وخاصة ان الغفلة عن الله من اهم اسباب سيطرة الشيطان على الانسان ..
اما من التزم الادب مع الله واحسن النية فلو اخذه التعب او انهكه المرض فهو ليس المقصود في الحديث ..
وعليه .. اظن ان ( فضربنا على آذانهم ) في سورة الكهف لا تتساوى بحالة من بال في أذنه الشيطان ؛ فالضرب هنا رجمة من الشيطان .. اما الضرب في نومة اهل الكهف فهي رحمة من الحنّان .. وشتان بين نوم العناية والنوم عن جناية .. هذا والله اعلم
زادنا الله من علمك وزادك نورا
امين يارب العالمين
{ إِذۡ أَوَى ٱلۡفِتۡیَةُ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ فَقَالُوا۟ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةࣰ وَهَیِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدࣰا (١٠) فَضَرَبۡنَا عَلَىٰۤ ءَاذَانِهِمۡ فِی ٱلۡكَهۡفِ سِنِینَ عَدَدࣰا (١١) }[سُورَةُ الكَهۡفِ: ١٠-١١]
ردحذف{ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ: عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا فَارْقُدْ - ... } حديث
بين اهل الكهف .. وأهل الضعف
ضرب الله على آذانهم .. فهم من الآمنين
ضرب عليهم الشيطان .. فهم من الآثمين
ضرب الله على آذانهم .. فهم من الصالحين
ضرب عليهم الشيطان .. فهم من الطالحين
ضرب الله على آذانهم .. فهم من الطيبين
ضرب عليهم الشيطان .. فهم من الخبيثين
《 من نام على شيء .. صحى عليه 》
نام اهل الكهف .. على همة وإيمان
صحوا .. على كرامة ومعهم برهان
نام اهل الضعف .. على خطى الشيطان
صحوا .. على ذلة ووهن وخذلان
نام اهل الكهف .. طالبين الرحمة والرشاد
صحوا .. على التأييد والسداد
نام اهل الضعف .. طالبين الراحة والرقاد
صحوا .. على الكسل والعناد
والله اعلى واعلم
#_قطرة_ندى
سلم الله خاطرك وقلبك امي قطر
ردحذف{ إِذۡ أَوَى ٱلۡفِتۡیَةُ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ فَقَالُوا۟ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةࣰ وَهَیِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدࣰا (١٠) فَضَرَبۡنَا عَلَىٰۤ ءَاذَانِهِمۡ فِی ٱلۡكَهۡفِ سِنِینَ عَدَدࣰا (١١) }[سُورَةُ الكَهۡفِ: ١٠-١١]
من أوى إلى الله آواه ومن خرج من حوله وقوته و لاذ بحماه نجاه
ومن سأله الرحمة والرشد في يومه وقبل نومه آتاه من كل خير ونجاه
ومن إعترف بعجزه وفقره و غاب عن نفسه و حسه سبح في ملكوت ربه و غاب عن دنياه
فغدى نومه ذكر و وصل بمولاه يظنه الرائي نائما ولكنه نام عن ما يشغله عن مولاه ،فنام جسده وضرب الله على أذناه فلا يصل الشيطان إليه ولا ينال منه مبتغاه
وسبحت روحه في ملكوت مولاه حتى إذا إستيقظ أيقظه على هداه وكل ما يرضاه
اما من نام ولم يطلب من الله ملاذه و مآواه ولا رحمته ورشده بال الشيطان في أذناه بإشغاله عن ذكر مولاه و أبعده عنه وشغله في نومه بشهواته وألهاه حتى ينام عن ذكره وورده وكل ما فيه منجاه
فيقوم وكأنه غارق في بحر الكسل وكل ما فيه لهياه
عطر الجنة 🕊
السلام عليكم
ردحذفبما سبق ذكره معلمي خالد استنتجت من فهم كان سيدنا رسول الله أهان فعل الشيطان بوصف وسواسه المحقق في نفس الإنسان المتخاذل عن صلاه الليل أو الفجر بحيث لم يصف هذا الوسواس بأن قال عنه قضى حاجته فيك ايها الانسان الغافل بالالقاء في سمعك وسوسته فاتبعه بسبب غفلتك ومانفاذ بول الشيطان فيك ايها الغافل الا راجع عن انك جعلت من سمعك المكرم بتكريم الله وتشريفه لك مكان نجاسه يقضي فيها شيطان حاجته فيك نافذه بالوسوسه فأنت مكرم مشرف فعندما تراجع تقيد هذا السمع عن مجالس الغيبه والنميمه والهمز والنبز والفتنه وارجاس الشيطان ستنحى من هذه الانجس والارجس
وكذلك بحيث تطيع نفسك ماتوسوس لك به ستقضي حاجته فيك هو اغفالك صرفك عن رحاب الله والله اعلى واعلم
قال الله تعالى
﴿وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَنشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَـٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِیلࣰا مَّا تَشۡكُرُونَ﴾ [المؤمنون ٧٨]
السمع ___البصر____الأفئده
﴿إِنَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ﴾ [الشعراء ٢١٢]
مريم معطار
كلامك طيب يا مريم
حذف- ولكن استدلالك بقوله ( إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) ليس في محله .. لأنه يتعلق بسماع الشياطين لوحي السماء ..
- فكان من الاولى أن تقولي أن من صفته هي حضور مجالس الغيبة والنميمية والإنحراف .. فهو من المعزولين عن سماع الحق لبقاء نفوسهم في حيز الباطل ..
- فانتبهي في استدلالك لكلام الله .. واقرئي ما قبل الآية وما بعدها لتنتبهي في اشاراتك ..
*************************
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
حاضر معلمين باذن الله كذلك سافعل ان شاء الله
حذف