ج3: رسالة البيان لمفهوم بال الشيطان في أذن الإنسان - الأدلة والشواهد التي استدل به بعض أصحاب الرأي القائل بأن بول الشيطان هو حقيقي فعلا - لماذا القلب يطمئن والعقل يميل لعدم صحة الرأي القائل بأن المقصد من بول الشيطان في الحديث النبوي هو بول حقيقي - هل تسلط الشيطان على النبي وصحابته فناموا عن صلاة الفجر - وأين ملائكة الحماية والحراسة وأين تحصين الأذكار وقراءة القرآن - ما الذي أحسبه وأظنه "خالد صاحب الرسالة" في تفسير (بال الشيطان في أذنه).

   بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

البيان لمفهوم بال الشيطان في أذن الإنسان

(ومعرفة صلاة الليل التي تركها يتسبب في تسلط الشيطان)

(الفصل الثالث)

#- فهرس:

:: الفصل الثالث :: مناقشة أهل زماننا الذين يروجون لمفهوم أن بول الشيطان هو بول حقيقي وحالهم التجاهل لكلام العلماء واللغة العربية - عن شبهة أن النبي وصحابته ناموا عن صلاة الفجر بسبب الشيطان - ورأي خاص بصاحب الرسالة عن مفهوم (هذا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فيه الشَّيْطَانُ)  ::

1- س7: ما هي الأدلة والشواهد التي استدل به بعض أصحاب الرأي القائل بأن بول الشيطان هو حقيقي فعلا ؟

- أولا: الأدلة العقلية.. ومناقشتها.

#- ثانيا: الأدلة التي ذُكرت عن بعض الصحابة .. ومناقشتها.

#- ثالثا: الشواهد التي استدل بها البعض بكلام بعض التابعين وحلم لبعض الصالحين وحكاية مع بعض العلماء .. ومناقشتها.

2- س8: لماذا القلب يطمئن والعقل يميل لعدم صحة الرأي القائل بأن المقصد من بول الشيطان في الحديث النبوي هو بول حقيقي ؟

#- أولا: المناقشة الأولى .. في حقيقة بول الشيطان الحقيقية التي يزعمها البعض في زماننا هذا ..

#- ثانيا: المناقشة الثانية .. نقول لمحبي القول بأن بول الشيطان حقيقة .. هل هذا التبول الشيطاني يحدث عند أول نوم الإنسان أم بعد تجاهله لسماع الأذان أو فوات الفريضة التي ضاعت عليه ؟

#- ثالثا: انتبه أخي الحبيب حيث هناك فرق بين العقد الشيطانية وبين بول الشيطان.

3- س9: هل نوم النبي عن صلاة الفجر معناه أن الشيطان قد غلبه هو وصحابته حتى ناموا ؟

#- لماذا قال النبي (هذا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فيه الشَّيْطَانُ) صحيح مسلم.

#- (شبهة متداولة على الإنترنت للطعن في النبي والأحاديث النبوية - كيف نقبل أو نفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تسلط عليه الشيطان فغلبه بالنوم - ولماذا لم يأتي ملكا من الملائكة ليجعل النبي ينتبه مثلا من نومه - ثم أين الأذكار الخاصة بالحماية من الشيطان حيث لا نجد لها أثرا في هذه القصة ؟!!).

************************

:: الفصل الثالث ::

:: مناقشة أهل زماننا الذين يروجون لمفهوم أن بول الشيطان هو بول حقيقي وحالهم التجاهل لكلام العلماء واللغة العربية - عن شبهة أن النبي وصحابته ناموا عن صلاة الفجر بسبب الشيطان - ورأي خاص بصاحب الرسالة عن مفهوم (هذا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فيه الشَّيْطَانُ) ::

**********************

 ..:: س7: ما هي الأدلة والشواهد التي استدل به بعض أصحاب الرأي القائل بأن بول الشيطان هو حقيقي فعلا ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الأمور المهم مناقشتها هو النظر في أدلة وشواهد من قالوا بأن بول الشيطان هو بول حقيقي .. حتى تقف على وجهة نظر هؤلاء .. وذلك حسب ما وجدت في بعض كتب أهل العلم أو ما ينشره البعض على الإنترنت .. فوجدت أن هذه الأمور تنحصر في  أدلة عقلية وعدة شواهد من أثر تابعي أو حلم لأحد الصالحين أو حكاية لأحد العلماء ..!!

 

#- وإليك مناقشة هذه الأدلة والشواهد .

#- أولا: الأدلة العقلية:

- الدليل العقلي الأول: وهو دليل عقلي .. قام على أن الشيطان كما أنه يأكل ويشرب وينكح فما المانع أنه أيضا يبول ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

1- هل رأيت الشيطان وهو يبول ببول حقيقي حتى تقول أنه يبول ؟!! وإلا فلماذا لا يتبرز من باب أولى في أذن الإنسان طالما الإنسان أصبح كنيف الشيطان ومرحاضه الخاص ؟!!   

 

2- ما علاقة مسألة إمكانية أن يكون الشيطان يبول بأنه يبول في أذن الإنسان ..؟!!

 

- وكأن الذي استدل بهذا الدليل العقلي مشكلته هو أن الشيطان يبول أم لا يبول ..!! وليست مشكلته هي أنه يبول في أذن الإنسان أم لا يبول في الإنسان ؟!!  وهذا منطق غريب جدا كما لا يخفى على بصير .. !!

 

3- وإذا كان الشيطان يبول .. فهو يبول في حياته الخاصة مثلما يأكل ويشرب وينكح في حياته الخاصة .. فما علاقة هذا بأذن الإنسان ؟!! وكأن أصحاب هذا الرأي جعلوا من الإنسان مبولة حقيقية وأن خرم أذن الإنسان هو قاعدة تواليت الشيطان ..!!

 

- بقى ده كلام يا مؤمن يا عاقل ؟!! إذ كيف ترضى على نفسك أن يقال عنك أنك مبولة الشيطان وكنيف الشيطان ومرحاض الشيطان .. وكل ذلك لأنك نمت وغفلت عن الصلاة ؟!! فما هو حال من لا يصلي أصلا ؟!! ولماذا لا يحدث له ذلك ؟!! أم أن الشيطان يبول فقط على الذي نام عن الصلاة فقط ؟!!

- يا جماعة العقلاء ارحموا عقولنا ؟!!

 

4- والشيطان الذي يبول في أذن الإنسان هل هو شيطان ذكر أم أنثى ؟ لأنه لو كانت انثى فكيف ستبول في أذنه ؟!! وماذا لو كان الشيطان لديه إمساك عن البول ؟!! نريد توضيح من أصحاب رأي أن بول الشيطان حقيقي ..!!

- عذرا أخي الحبيب لهذا الرد الأخير .. لأن الآراء السخيفة تستوجب ردود سخيفة ..!!

 

#- الدليل العقلي الثاني: يبول فيك الشيطان كما ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب معك ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

- وهل يأكل طعامنا ويشرب شرابنا تحقيقا .. حتى تقول أنه يبول فينا يقينا .. فما أسخف هذا القياس وأفسده ..!!

- وراجع ما ذكرناه حول مسألة طعام وشراب الشيطان معنا في رسالة معتقدات موروثة .. حتى تعرف كلام العلماء في ذلك ..

 

#- الدليل العقلي الثالث: يبول فيك الشيطان ولا يعتبر أن بول الشيطان نجس .. ولسنا في حاجة إلى الطهارة من بول الشيطان لأنها غير محققة فلا يستوجب التطهير لأنه لم يتحقق التنجيس ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

- الغريب أنه بالرغم من أن العقل يقول أن بول الشيطان نجس في ذاته .. ولا يصح العقل أن يقول حينئذ بهذا الرأي .. لأن بول الشيطان حينئذ لا يمكن تحقيق إزالته لأنه حسب قول هؤلاء أن هذا البول يسبح في عروق جسم الإنسان .. وبالتالي يكون جسده ظاهرا وباطنا قد تنجس .. لأن بول الشيطان نجس لذاته .. إلا أنك تجد البعض يقول لك: وطهارة بول الشيطان لسنا في حاجة إليها لأنها غير محققة فلا يستوجب التطهير لأنه لم يتحقق التنجيس ..!!

 

- وأقول لهذا القول الغريب الذي هو أغرب من بول الشيطان نفسه: أنك تعارض نفسك إذ كيف تثبت أنه بول حقيقي ثم تقول غير متحقق ؟!! أهذا لغز ؟!!

 

- فحكمك على البول أنه بول حقيقي هو اعتقاد جازم بوجوده إذ أن الحكم على الشيء هو تصور عن وجوده .. وطالما موجود فهو نجس لا محالة ..

 

- بل أن هذا بخلاف ظنك أصلا أن مقصد الحديث أنه بول حقيقي .. فيكون بذلك بلغك العلم أنه بول محقق حينئذ .. وليس على سبيل الإحتمال والظن على مذهبك ..

- مش كده ولا إيه ؟!!

 

#- الدليل العقلي الرابع: يبول فيك الشيطان ببوله لأن الله أعطاه قدرة على ذلك ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

- ومن أين اتيت بهذه القدرة أنها بول حقيقي وليس بول مجازي ؟!! هو أنت كنت شوفت قبل كده الشيطان وهو يتبول في أذنك أو أذن غيرك يا أخي ؟!!

 

- وعلى هذا أنت افترضت أن الشيطان قد تخطى الحجاب الذي بيننا وبينه ليبول في أذننا .. فهذا ما لم يمكن تصوره عقلا .. بل ومخالف شرعا لأن الله يقول: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ) الأعراف:27 .. ولم يقل أنه يبول هو قبيله في أذنكم ؟!!

 

- فإن كان الشيطان لا يزال في عالم الحجاب بيننا وبينه .. فكيف يصل بوله إلينا ؟!!

 

- فقد يكون فعلا للشيطان بولا يبوله ويفعله في عالمه الخاص (هذا على افتراض أنه يبول أصلا) .. ولكن ليس يأتي في عالمنا ليبول في أذننا .. !!

- بقى ده كلام يا مؤمن يصح قوله أو ترضاه في نفسك ؟!!

 

- فيا أخي الحبيب المؤمن .. أترك لك حرية التفكير فيما سبق بهدوء في هذه الأدلة العقلية الغريبة الذي استدل بها البعض وينشرها على صفحات الإنترنت .. وكأن الإنسان النائم قد أصبح خرم أذنه مبولة ومرحاض وكنيف خاص للشيطان ..!!

 

#- ثانيا: الأدلة التي ذُكرت عن بعض الصحابة ..

- ذكر البعض حديث لبعض الصحابة موقوف عليه .. وهو قول الصحابي بن مسعود .. إذ قال: (حَسْبُ الرَّجُلِ مِنَ الْخَيْبَةِ، أَوْ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَنَامَ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ وَقَدْ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ) ذكره محمد بن نصر المروزي في قيام الليل .. وقال بن حجر في الفتح: موقوفا صحيح.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

1- ما الدليل في الحديث السابق بأن الشيطان يبول بول حقيقي ؟!! .. فلا زال لفظ البول كما هو (بال الشيطان في أذنه) كما في حديث النبي ..

 

2- أم أن البعض يريد نشر الوهم في النفوس بأن قول بن مسعود يشير إلى كونه بول حقيقي .. وذلك من خلال ذكر كلام لأي صحابي وخلاص .. وكأنه تلفيق أي كلام في أي كلام ..!!

 

- بقى ده دليل يا مؤمن بالله عليك .. ؟!! بل أين الدليل في لفظ الصحابي على أنه قال أن البول حقيقي ؟!!

- انظر كيف يتم وهم الناس بكلام الصحابة .. حتى تعرف كيف يتم الانتصار للمذهب والرأي .. فتأمل وانتبه.

   

#- ثالثا: الشواهد التي استدل بها البعض بكلام بعض التابعين وحلم لبعض الصالحين وحكاية مع بعض العلماء ..

#- الشاهد الأول: شاهد من أثر أو قول اجتهادي لبعض التابعين ..

- جاء في أثر .. أي خبر عن بعض التابعين وهو التابعي الحسن البصري .. أنه قال: أن بول الشيطان ثقيل .. وذلك أثناء قول الحديث التالي :

- (حديث ضعيف السند – فيه انقطاع) .. عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا نَامَ وَلَمْ يُصَلِّ الْبَارِحَةَ شَيْئًا حَتَّى أَصْبَحَ، فَقَالَ: " بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ ") .. [قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ الْحَسَنُ: " إِنَّ بَوْلَهُ وَاللهِ ثَقِيلٌ "] رواه أحمد .. وقال محققو المسند .. صحيح لغيره رجاله ثقات رجال الشيخين لكن فيه عنعنة الحسن البصري.. ، (قلت خالد صاحب الرسالة): يقصد محققو المسند أن سند الحديث ضعيف ولكن يصح باعتبار وجوده في طريق آخر بسند صحيح وهو ما رواه البخاري .. والجزء الخاص بقول الحسن البصري: هو أثر صحيح .

 

- فوجدت البعض يذكر ويقول بما معناه .. أن قول الحسن البصري أن بول الشيطان ثقيل فيه دلالة على أن له جرم أي له ملمس وحس بدليل أنه ثقيل .. وبالتالي فهو بول حقيقي ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

1- وكأن المستدل بكلام الحسن البصري .. يزعم بذلك أن الحسن البصري كان يقف بجوار الشيطان ليرى هل هو ثقيل أم لا ؟!! وإلا فكيف علم بذلك الثقل ؟!!

- بقى ده كلام معقول يا أخي الحبيب ؟!!

 

- ولعل صاحب هذا الكلام قد ذهب لذلك .. لأنه اغتر برواية وجدها مكتوبة في كتب أهل العلم وجاء فيها: أنه ورد عن الحَسَن مُرْسلاً، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (فإذا نام شَغَر الشَّيطانُ برِجْلِه فبَالَ في أُذِنه) .. (قلت خالد صاحب الرسالة): هذه رواية مجهولة مبتورة السند فهي منقطعة ومقطوعة .. وقد سبق تحقيق هذه الرواية في السؤال الأول من هذه الرسالة ..

 

- قوله (شَغَر): أي رفع أحد رجليه .. كالكلب الذي يرفع أحد رجليه حينما يتبول على حائط ..

 

- ولعله اغتر أيضا بما تم ذكره في بعض كتب أهل العلم عن الحسن البصري أنه قال: (لو ضرب بيده إلى أذنيه لوجدها رطبة). (كما ذكر ذلك صاحب كتاب مرقاة المفاتيح ج3 ص922).

 

- وأقوال الحسن البصري السابقة لا أثر لها إلا في ظن من كتبها .. فلا هي أحاديث نبوية كحديث (شَغَر الشَّيطانُ) .. ولا هي حتى أقوال صحيحة منسوبة للحسن البصري في الحقيقة كرواية (لو ضرب بيده إلى أذنيه لوجدها رطبة)..!!

 

2- وكأن من استدل بقول الحسن البصري أن بول الشيطان ثقيل .. قد غفل عن أن مقصد الحسن البصري بكون بول الشيطان ثقيل أي بمعنى يسبب ثقلا في الرأس أو في النفس بالكسل لينام نتيجة وسوستة التي يلقيها في نفس الإنسان حتى يتكاسل ويفسد عليه القيام للصلاة ..!!

 

- يعني بذمتك يا مؤمن .. أي تفسير مما سبق يقبله قلبك وعقلك في تفسير كلام التابعي ؟!! الذي يقول بول له ملمس وحس أم الذي يقول أنه وسوسة تترك كسلا ثقيلا في النفس ..!!

 

- سأترك لك الأمر لتحكم فيه .. علما بأن قول التابعي أصلا ليس دليل شرعي وإنما يتم ذكره كشاهد لمحبي الإستدل بان بول الشيطان حقيقي .. وذكرته من باب المناقشة العقلية مش أكثر من ذلك وحتى تعلم ما يتم تداوله في كتب بعض أهل العلم وينشره البعض بين الناس ليس كعلم مكتوب وإنما لينتصر به لمذهبه ورأيه ..!!

 

#- الشاهد الثاني: من كلام العلماء ..

- ومن غريب استدلال أصحاب هذا الرأي بأن بول الشيطان حقيقي .. هو استدلالهم بأن الإمام أبو العباس القرطبي .. قال بأنه لا مانع أن يكون يكون بول الشيطان حقيقي ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

- الذين يذكرون قول الإمام القرطبي وكأنه وحي يوحي وليس مجرد رأي يذكره شخص محتمل للصواب والخطأ .. وهذا من أغرب من ما تجده في أهل زماننا .. يأتون بأقوال من ينتصرون به لمذهبهم الخاص دون مبالاة ببالتحقيق في النصوص الدينية وكلام العلماء ..!!

 

- وللعلم أخي الحبيب .. فإن أبو العباس القرطبي قد غير رأيه في المسألة وتراجع عن تفسيره السابق .. ولكن محبي إثبات البول الحقيقي للشيطان إما غفلوا في معرفة قول الإمام القرطبي الثاني .. أو أنهم تعمدوا تجاهل رأيه الثاني لأنه الأنسب لهواهم ..!! فإلى الله نواياهم .. وإليك دليل ما ذكرته لك ..

 

#- قال أبو العباس القرطبي (المتوفى: 656 هـ):

- الرأي الأول: في رأيه الأول حينما شرح صحيح مسلم قال:

- قوله: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه): يصح بقاؤه على ظاهره؛ إذ لا إحالة فيه.. ويفعل ذلك استهانة به .. (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج2 حديث رقم 650 باب رقم 109) .

 

- الرأي الثاني: حينما تراجع عن قوله السابق في شرح صحيح مسلم وذكر رأي آخر في شرح صحيح البخاري فقال:

- (بول الشيطان): لا إخَالُه في بقائه في ظاهره ..

- ويحتمل أن يراد به أنه يصرفه عن الصارخ والمُنَبِّهِ .. بما يقرُّه في أُذُنِهِ حتى لا ينتبه .. فكأنه ألقى في أذنه بوله .. فأثقل سمعه بذلك ..

- ويحتمل أن يكون عبارة عن اسْتِرْذَالِهِ له .. وجعله أذنه كالمحل الذي يبال فيه.. واللَّه أعلم. (اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه ج1 حديث رقم600).

 

- وقوله (لا أخاله): أي لا أظنه ولا أتصوره أنه يقصد به ظاهر اللفظ وهو البول الحقيقي ..

#- وهذا الرأي الذي ذكره الإمام القرطبي هو آخر رأي له في هذه المسألة .. وذلك لأنه كان يقول كثيرا في شرح البخاري أنه لمزيد من العلم في المسألة يتم الرجوع لكتاب (المفهم في شرح مسلم) .. فهذا معناه أن شرحه لصحيح البخاري أتى بعد شرحه لصحيح مسلم .. فكان رأيه في البخاري هو آخر ما استقر عليه واطمئن له قلبه .. والله أعلم .

 

#- وتبقى أن أقول لك أخي الحبيب .. أمرين:

- الأول: أن قول رأي من كلام العلماء ليس حجة ليستدل به أحد .. وإنما هو مجرد رأي يحتمل الصواب والخطأ .. فانتبه لذلك جيدا .. حتى لا يضللك جاهل ويخبرك أن كلام بعض العلماء هو من دين الله ويجب أن تعتقده وإلا فأنت كافر أو بدعي .. لا .. فانتبه لحالك من هؤلاء الشرذمة الذين يبتدعون شريعة خاصة بهم في دين الله .. وما أكثرهم في حياتنا .

 

- الثاني: هو أن الإمام أبو العباس القرطبي مفسر الأحاديث .. ليس هو الإمام شمس الدين القرطبي مفسر القرآن صاحب كتاب الجامع لأحكام القرآن .

 

#- الشاهد الثالث: حلم قد حلمه بعض الصالحين المجهولين ..

- ومن الشواهد الغريبة التي يستدل بها البعض .. هو أن يكتب لك أن بعض الصالحين رأي في حلمه أن الشيطان يبول في الأذن .. وقد نقل مثل هذا الكلام الإمام نور الدين الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ) في ختام بحثه لهذه المسألة فذكر عن بعض من يزعم أن بول الشيطان حقيقي .. فقال رحمه الله: "وقيل البول على حقيقته لما روي عن بعض الصالحين ممن نام عن الصلاة، فإنه رأى في المنام كأن شخصا أسود جاء فشغر برجله فبال في أذنيه. وعن الحسن البصري: لو ضرب بيده إلى أذنيه لوجدها رطبة". (مرقاة المفاتيح ج3 ص922).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

- تخيل أخي الحبيب أن يكون أحد الشواهد في تفسير حديث نبوي هو أحلام الناس ..!! خاصة وأنه حلم عن أحد الصالحين المجهولين الحال ولا نعرفه من هو أصلا ..!!  

- بقى ده كلام يا مؤمن ..!!

- هسيبك لضميرك ..!!

 

#- الشاهد الخامس: قصة منسوبة للإمام الشعراني (المتوفى:973 هـ) ..

- قال صاحب كتاب دليل الفالحين ما نصه: قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي في العهود المحمدية: ولقد رأيت عياناً إنساناً من أهل الزاوية نام حتى الفجر، فقام والبول يسيل من أذنه، قال: وكان يكذب بذلك، فينبغي الإيمان به وبما شاكله. (دليل الفالحين لشرح رياض الصالحين ج6 ص634).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

- على افتراض صحة هذه القصة المنسوبة للإمام الشعراني .. وإن كنت لا أظن ذلك والله أعلم .. وإنما العهدة على ناقل القصة وأجيب عليها تعقيبا بالآتي:

1- وكيف عرف الإمام الشعراني أن هذا البول المتساقط من أذن الرجل هو بول الشيطان ؟ فهل رأي الشيطان وهو يبول في أذن الرجل ؟!!

 

2- ثم كيف يبول الشيطان في أذن الرجل بماء فيه بلل .. ولا يشعر الرجل بالماء المتساقط على أذنه ؟!!

- كيف يعقل هذا الكلام ؟!!

 

3- ثم لماذا لم يقال أن الماء المتساقط .. إنما هو من وضوء الرجل الذي توضاه ليصلي ؟!!

 

4- ثم تختم القصة بأن سبب حدوث ذلك للرجل المتساقط البلل من اذنه .. أنه كان يكذب حديث النبي في أن الشيطان يبول في الأذن ..!!

- وهنا أقول: لماذا الشيطان لا يذهب لمن يكذب بالقرآن ليبول في أذنه أيضا ؟ أم هو تخصص تبول في أذن المؤمنين فقط ؟!!

 - بالله عليك يا مؤمن كيف يتم قبول مثل هذه الحكايات ..؟!!

- لا حول ولا قوة إلا بالله ؟!!

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- الأدلة والشواهد التي استدل بها البعض في إثبات أن بول الشيطان هو بول حقيقي .. كلها أدلة وشواهد لا تدل إلا على شيء واحد .. وهو إفلاس أصحاب هذا الرأي عن إثبات وجود حقيقي لهذا البول .. بل أن البعض حاول الاستعانة بأقوال بعض التابعين في إثبات ما يتوهمه من بلل بول الشيطان في الأذن ..!!

 

2- على فكرة ليس المشكلة عندي في أن تقول أن بول الشيطان حقيقي .. بل بمنتهى البساطة تستطيع أن تختبيء وراء جملة (هو بول لا نعلم كيفيته ولا حقيقته) ثم يتعين ويحتم عليك الرد على الأسئلة التي ستنهال عليك كما سيأتي في السؤال القادم من هذه الرسالة ..

- ولكن من فضلك لا تفتعل أي كلام في أي كلام .. ثم تزعم أن ما تكتبه هو فقه وعلم .. فهذا ليس فقه وليس علم .. !!

- وكأن البعض يعلم أنه لا حجة شرعية له في إثبات الرأي بأن بول الشيطان هو حقيقي .. ولكنه يجادل ليجعل له أي دليل خلاص وكأنه تلفيق أدلة ..!!

- وهنا لي سؤال: ليه البعض بيعمل كده ؟!! يعني ليه أسلوب فرض الرأي بأي أسلوب حتى لو يحمل وجها من الغباء والعناد والجهل ؟!! وكأن هذا الأسلوب على مبدأ "هو كده غصب عنك" ..!!

- الله يصلحنا بنور الحق .. آمين يارب ..  

 

*************************

 

..:: س8: لماذا القلب يطمئن والعقل يميل لعدم صحة الرأي القائل بأن المقصد من بول الشيطان في الحديث النبوي هو بول حقيقي ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بخلاف بطلان الادلة التي استدل بها من يزعم أن بول الشيطان هو بول حقيقي .. فقد خطر ببالي مناقشة بسيطة مع أصحاب هذا الرأي في تفكيرهم خاصة وأن كلامي موجها لبعض أهل زماننا هذا ممن يزعمون لأنفسهم المشيخة في الدين .. ويروجون لبول الشيطان حتى أقسم البعض منهم على أنه حقيقي .. فهل يا ترى شرب منه أم بال به في أذنه ليقسم هذا القسم بكونه حقيقي ؟!!

- أليس هذا شيء غريب جدا .. أن يقسم بالله على ما لا إدراك له فيه بدل من أن يفوض الأمر لله ..!!  

 

#- وإليك أخي الحبيب هذه المناقشة البسيطة مع هؤلاء .. حتى تتبين وتبصر حقيقة من ينتصرون لهذا الرأي في زماننا حتى أقسم بعضهم بصحته .. وكأنهم تلقوا التفسير بالوحي ..!!

 

#- أولا: المناقشة الأولى .. في حقيقة بول الشيطان الحقيقية التي يزعمها البعض في زماننا هذا ..

1- هل رأيت هذا البول الحقيقي لتجزم به أنه بول حقيقي ؟!! فإن كنت لم تراه وهذا مؤكد .. فلماذا البعض في زماننا هذا يتجرأ ويجزم بما لا علم لك فيه ويكذب على الناس مؤكدا بأن البول هو حقيقي فعلا ؟!!

- فإن لم يأت بدليل التأكيد واليقين فقد ظهر بجرأته على كلام النبي وحكم عليه بهواه .. وفي نفسيته شيء من وراء تسويق هذا الرأي خاصة في زماننا هذا الذي أصفه بأنه زمن الفتنة الروحانية.

- وإلا فلماذا تعمد أن يتجاهل الرأي الراجح في كلام العلماء وهو أن البول مجازي .. بل تعمد تجاهل كشف حقيقة كلام اللغة العربية في تعريف البول من أساسه .. ؟!!

- فهذه أسئلة تحتاج لإجابات .. وكن بصير أخي الحبيب في العلم ولا تجعل أحد يسوقك كالأنعام لأفكاره الخاصة .. فانتبه ..!!

 

2- وكيف يُعقل أن الشيطان يفعل ذلك بملايين البشر يوميا .. ولا أحد في البشر يقول أن يجد أثر بلل في أذنه ؟!!

 

3- ثم يقال لكم: لو كان الشيطان يبول بولا حقيقيا في أُذن المؤمن عند نومه فيصيبه بنجاسة حقيقية وتملأ باطنه بهذه النجاسة حسب زعم بعضهم أن هذا البول يجري في العروق مجرى الدم اعتمادا على رأي الإمام الطيبي .. فكيف يزيل هذه النجاسة حينئذ ؟!!

 

- أي كيف يتخلص المؤمن من نجاسة الشيطان .. التي أثرها أصبح في أذنه وكيانه ودمه .. وهو لا يراها لأنها لا مادية لها ..؟!! وفكيف سيصلي وهو أصبح نجس ؟!!

 

- بل وكيف سيتخلص من الوسواس الذي سيظل يقول له: انتبه لازال بول الشيطان في أذنك ومختلط بدمك ؟!!

 

4- ويقال لكم: إذا كان بول الشيطان وهو نجس .. هذا فعل يفعله الشيطان مع المؤمن .. فكيف للمؤمن أو للكافر أن يستقيم باطنه بعد ذلك لاستماع الحق .. طالما تم غلق الإدراك عندهما بل وهذا الفعل يتكرر يوميا ؟!!

- فهذا حينئذ فيه اتهام لله بعدم العدل وحاشاه جل شأنه .. إذ كيف يطلب من عباده سماع الحق .. وفي نفس الوقت سلط عليهم شيطان يغلق مدارك سماع الحق فيهم ؟!! كيف يعقل أن يقال ذلك في حق الله ؟!! سبحانه هو العادل جل شأنه ..

- بل وكيف يغلق فيهم مدارك سماع الحق ويطالبهم باتباعه وهم  باتوا ولا حيلة لهم ؟

 

5- ويقال لكم: إذا كان هذا البول الشيطاني الحقيقي يحدث للمؤمن والكافر .. فكيف يساوي الحق سبحانه بين المؤمن والكافر إذا كان لا يستوى الحق والباطل في ميزان الحق جل شأنه ؟!!

- أفلا تعقلون ؟!!

- ولو قلتم: أن هذا التبول خاص بالمؤمنين فقط ..

- فسأقول لكم: وهل الشيطان تخصص تبول في أذن المؤمنين ؟!

- فما أسخف عقولكم لو ظننتم ذلك ..!!

 

6- ويقال لكم: إذا كان هذا البول الشيطاني الحقيقي يحدث للمؤمن والكافر .. فلماذا لا يرى المؤمن ولا الكافر أثر بلل في أذنهم فيبلغنا هذا بتواتر الخبر بين الناس ؟!!

- إلا لو كان هذا المفهوم باطل ..!!

- مش كده ولا إيه ؟

 

7- ويقال لكم: لماذا لا يبول الشيطان فينا بهذا البول الروحاني في أذننا في كل وقت .. ويجعلوا من الإنسان مبولة خاصة بهم ؟!! وحينئذ لابد ولازم أن يتم وصف الإنسان بأنه مبولة الشيطان ومرحاض الشيطان وكنيف الشيطان .. وإلا لو رفضت هذا الوصف عليك .. فأنت حينئذ تنكر أن الشيطان يبول فيك ؟!! وطالما أنت تنكر هذا فلماذا أثبته فيك وكأنك مرحاض للشيطان فعلا ؟!! 

- أمرك غريب يا أخي ..!!

- فاختيارك بأن الشيطان يبول فيك بولا حقيقيا .. حينئذ لا مانع عندك أن يتم وصفك بأنك مرحاض أو مبولة الشيطان .. فهذا لا حرج حينئذ لأن هذا الوصف حينئذ يكون مطابق لواقع أنت تثبته في نفسك ..!!

 

8- ويقال لكم: لماذا لا يبول الشيطان على الإنسان بكاملة استهزاءا به ..؟!! فهذا سؤال جدير بالإهتمام .. مش كده ولا إيه ؟

- ولو قلت: لأنه يسد أذنه عن سماع الأذان كما يظن البعض ..

- فسأقول لك: ولماذا لا يسد سماع الأذان عن الذي يكون يقظا من المؤمنين الذي لا يصلون ولا عن الكافرين الذي يجحدون الأذان أصلا حتى لا يتأثرون به ؟!!

 

9- وختاما أقول: لماذا لا يبول في منازلنا وشوارعنا وعلى ملابسنا وفي كل ما يتعلق بنا .. طالما هو يبول فعلا بولا حقيقيا كما يزعم من يزعم ذلك ؟

 

#- ثانيا: المناقشة الثانية .. نقول لمحبي القول بأن بول الشيطان له حقيقة بولية .. فهل هذا التبول الشيطاني يحدث عند أول نوم الإنسان ؟

1- فلو قيل أن البول من الشيطان يحدث عند بداية و أول نوم الشخص .. فنقول ما فائدة هذا الفعل في بداية النوم ؟ وكيف تجمعون حينئذ بين حديث البول الشيطاني وحديث عقد الشيطان ؟!!

 

2- ولو قيل أن البول الشيطاني الحقيقي المزعوم يحدث في أول النوم حتى لا يسمع الأذان .. فهنا يقال أن هذا التصور هو تصور باطل ولا يمكن أن يصح عقلا ولا شرعا .. ليه ؟

أ- لأن حديث (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه) .. أظنه يشير إلى أن بول الشيطان وصف يقال لمن فاتته الصلاة ونام عنها عمدا .. فالمسألة حينئذ لا علاقة لها بسد الأذن عن سماع الأذان ..!!

- وإنما لها علاقة أن تنتبه جيدا لحديث النبي لعلك تفهم المقصد من الحديث ..!!

 

ب- ولأنه إذا كان فات المؤمن سماع الأذان كما يزعم من يقول بأن البول حقيقي .. فما المانع أن ينهض المؤمن في أي وقت آخر بعد الأذان ولو بدقيقة أو دقائق ولم يكن سمع الأذان أصلا .. ولكن الله أيقظه للصلاة .. فما الذي كسبه الشيطان حينئذ ؟!!

- لا شيء سوى أن نفهم أن من يزعم بتبول الشيطان بولا حقيقيا أول النوم هو رأي باطل ولا يمكن حدوثه أو قبوله عقلا ..!!

 

- ولكن يكسب الشيطان جولته مع الإنسان .. حينما يغلبه بالوسوسة في نفسه فيعينه على الكسل لينام .. وهذا هو الرأي الذي أحسبه هو الحق وهو المطابق للقرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم .

 

ج- وأيضا الذي يدل على بطلان القول بأن الشيطان يبول في أذن أحد عند نومه .. هو ما جاء عن النبي وكان في سفر مع الجيش وتأخر عنهم هو وبعض أصحابه وعرض عليه بعض أصحابه النوم قليلا وقال لهم النبي: (أخَافُ أنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ بلَالٌ: أنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا، وأَسْنَدَ بلَالٌ ظَهْرَهُ إلى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ) صحيح البخاري .. ولكن الله ضرب عليهم بالنوم .. واستيقظوا على حر الشمس بعد مرور وقت صلاة الفجر وخروج وقتها .. وظن الصحابة أنهم بذلك ارتكبوا إثما ولكن قال لهم النبي: (إنَّه ليسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى، فمَن فَعَلَ ذلكَ (أي غلبه النوم حتى فاته وقت الصلاة) فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا (أي حين يصحو)) صحيح مسلم.

 

- وجاء قول النبي بلفظ آخر: (مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا) صحيح مسلم.

 

- إذن قول النبي (لا تَفْرِيطَ في النومِ إنما التفريطُ في اليقظةِ) يبطل يقينا القول القائل بأن الشيطان يبول في أذن أحد عند بداية نومه .. لأن فعل الشيطان هو تسليط عقاب .. وهنا لا تسليط من الشيطان لأنه لا إثم ولا تفريط في الصلاة .. فضلا عن أنه لا يمكن أن يكون تم تسليطه على النبي وصحابته ..

 

د- في الحديث السابق جاء في أحد الروايات .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن هذا المكان قد حضره الشيطان إذ قال: (هذا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فيه الشَّيْطَانُ) صحيح مسلم.

 

- فعلى رأي القول الغير ممكن صحته وهو بأن الشيطان يحضر أول النوم ليبول بولا حقيقيا في أذن الإنسان .. فيكون معنى ذلك أن الشيطان أتى وبال في أذن النبي وصحابته ولذلك ناموا..!! وحاشاه صلى الله عليه وسلم.

 

- وهذا بكل تأكيد قول باطل وفاسد ومنحرف  .. لأن القائل أن الشيطان يبول في أذن الناس بولا حقيقيا عند النوم .. يكون متهما بجهل منه للنبي وأصحابه بالحديث السابق أن الشيطان بال في أذنهم ولذلك ناموا عن صلاة الفجر ..!! وحاشاه صلى الله عليه وسلم .. وإنما يقول بذلك الكذابين والمنافقين وأهل البدع الحاقدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

- فضلا عن أن معنى الحديث خلاف ما توهمه البعض من أن الشيطان كان سببا في نومهم .. وسيأتي له شرح في سؤال مستقل .. وستعلم أن حضور الشيطان لا علاقة له بمسألة نوم النبي وصحابته وخاصة بلال لأن كان الحارس لهم .

 

#- وبعد ما سبق أخي الحبيب:

- كيف يُعقل لعاقل أن يتصور تسليط الشيطان بالتبول بولا حقيقيا في أذن الإنسان عند أول نومه لينام ويمنعه عن صلاة الفرض ؟!!

 

- فلا يقول بذلك إلا من جانبه الصواب بكل تأكيد ..

 

#- ثالثا: المناقشة الثالثة: لو قيل أن بول الشيطان هو حقيقي فعلا ويحدث لكن بعد فوات الفريضة وإضاعتها عليه .. فهنا يقال:

- إذا كان وظيفة وحكمة بول الشيطان الحقيقي حسب أصحاب هذا الرأي الغريب هي منع الشخص من الاستماع للأذان .. فحينئذ يكون بول الشيطان بعد فوات وقت الفريضة هو مجرد كلام باطل حينئذ .. ليه ؟

- لأن وقت الصلاة قد مر فعلا .. فما فائدة بول الشيطان حينئذ ولم يعد يوجد أذان ؟!! وذلك حسب زعمهم أن البول يمنع سماع الأذان ..!!

 

#- رابعا: المناقشة الرابعة: لو قيل ما المانع أن يحدث بول الشيطان عند بداية النوم كما يحدث العقد الشيطانية عند بداية النوم .. في حين لم يقال عن العقد الشيطانية أنها عقاب من الله ولم يقل أحد أنها تنافي عدل الله ؟ ولذلك الذي يقبل حدوث العقد الشيطانية في أول النوم .. فهو يقبل بول الشيطان في أول النوم ..!!

#- قلت لك: انتبه أخي الحبيب حيث هناك فرق بين العقد الشيطانية وبين بول الشيطان:

- والكلام السابق فيه خلط كبير للحقائق .. ولعل ذلك بسبب عدم الإنتباه إلى الفارق بين مسألة العقد الشيطانية ومسألة بول الشيطان التي يحدث كلاهما عند نوم الإنسان .. ليه ؟

 

أ- لأن العقد الشيطانية تسليط اختبار .. وليس تسليط عقاب وإهانة كما في بول الشيطان ..

 

ب- كما أن العقد الشيطانية لا تفسد إدراك الإنسان في سمعه وبصره وحركته .. وإنما هي مجرد أمنية ووسوسة من الشيطان في النفس لتنام .. وليس كما يزعم محبي رأي بول الشيطان الحقيقي بأن الشيطان يفسد الأذن ببول حقيقي فيها فيمنعها من سماع الأذان ..!!

- فانتبه أخي الحبيب .. وكن بصيرا ..

 

- وحديث العقد الشيطانية كما ذكرت قبل ذلك هو ما جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَعْقِدُ (أي يشد ويربط أو يعزِّم) الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ (أي مؤخرة) رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ .. يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ .. عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ .. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) صحيح البخاري.

 

#- إذن خلاصة القول في الرأي الغريب القائل بأن بول الشيطان حقيقي ..

1- هو رأي أظنه لا يصح ولا يعقل أن يصح .. وذلك لمخالفته النصوص الشرعية في القرآن والأحاديث الصحيحة .. وإنما من يريد أن يعتقده فهذا شأنه واختياره ولا يفرضه على المؤمنين كأنه وحي من السماء .. !!

 

2- ولا تنسى أخي الحبيب .. أن هذا الرأي بأن الشيطان يبول فعلا في أذن الإنسان .. هو مجرد رأي خطر على بال القاضي عياض فذكره وكان ذلك في القرن الخامس الهجري .. وسبقه في الإمام الخطابي إلا أنه قال ما معناه محتمل حدوث ذلك لو صح عنه حدوث التبول أصلا ..!!

 

- وعموما هو مجرد رأي .. ولم أجد في كلام الله أو النبي أو الصحابة أو التابعين ما يشير أن بول الشيطان حقيقي حتى كلام التابعي الحسن البصري عن ثقل بول الشيطان له تفسير آخر قد ذكرته سابقا .. لأنه محال عقلا تفسير كلامه على ظاهره وإلا ستكون محل سخرية من العقلاء المؤمنين .. فما بالك من جماعة الملحدين وأشباههم ..؟!!

 

3- وأظن بعد كل ما سبق أن الراجح في كلام العلماء حسب اجتهادي .. هو أن بول الشيطان مجرد رأي مجازي فيه دلالة على الشيطان يفسد على المؤمن قيامه للصلاة من خلال وسوسته وهو بوله الذي يبول به في أذن الناس .. وهو مجرد استعارة لبيان أن البول كما يفسد المحل الذي ينزل عليه .. فكذلك وسوسة الشيطان تفسد المحل الذي يستقبل كلامه ..

- والله أعلم .

 

*************************

 

..:: س9: هل نوم النبي عن صلاة الفجر معناه أن الشيطان قد غلبه هو وصحابته حتى ناموا ؟ ::..

(شبهة متداولة على الإنترنت للطعن في الأحاديث النبوية)

 

- حينما تقرأ الحديث الذي ذكرته في السؤال السابق .. وهو حديث نوم النبي وصحابته عن صلاة الفجر حتى فاتتهم .. وصحوا بعد خروج وقتها وكان وقت طلوع الشمس وقبل وقت الضحى ولذلك لم يصل النبي مباشرة حينما نهضوا ثم ساروا وقتا قليلا ثم صلوا .. وذلك حسب كلام بعض العلماء.

 

#- وهذه القصة كما جاءت في بعض الروايات كالآتي:

- (حديث صحيح) .. عن أبي هريرة قال: (عَرَّسْنَا (أي استرحنا للنوم) مع نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ برَأْسِ رَاحِلَتِهِ (أي للتحرك من هذا المكان) فإنَّ هذا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فيه الشَّيْطَانُ، قالَ: فَفَعَلْنَا) صحيح مسلم .

 

- ثم تظهر رواية أخرى في (حديث حسن) .. أنهم بعد أن تحركوا قليلا ثم وقفوا للصلاة في مكان بعيد عن المكان الذي ناموا فيه .. فيقول خادم النبي ذو مخمر: (فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ (أي سنة الفجر) قَبْلَ الصُّبْحِ وَهُوَ غَيْرُ عَجِلٍ .. ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ .. فَصَلَّى وَهُوَ غَيْرُ عَجِلٍ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ فَرَّطْنَا (أي قصَّرنا في طاعة الله) ، قَالَ: " لَا .. قَبَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرْوَاحَنَا وَقَدْ رَدَّهَا إِلَيْنَا، وَقَدْ صَلَّيْنَا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده حسن.

 

- وفي (حديث صحيح) بلفظ عن أبي هريرة قال: (عَرَّسَ (أي استراح ونام) بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أي حين) مَرْجِعَهُ مِنْ خَيْبَرَ، فَقَالَ: " مَنْ يَحْفَظُ عَلَيْنَا صَلَاتَنَا؟" (أي يكون منتبها لأذان الفجر) فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا .. فَنَامُوا .. فَمَا اسْتَيْقَظُوا إِلَّا بِالشَّمْسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَحَوَّلُوا عَنْ هَذَا الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ " ثُمَّ قَالَ: " يَا بِلَالُ أَنِمْتَ؟ " قَالَ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِأَنْفُسِكُمْ" .. ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ وَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ: " مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا) رواه الطحاوي في مشكل الآثار .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث صحيح.

 

- وفي (حديث صحيح)  بلفظ: (إنَّه ليسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى، فمَن فَعَلَ ذلكَ (أي غلبه النوم حتى فاته وقت الصلاة) فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا (أي حين يصحو)) صحيح مسلم.

 

#- وبعد قرائتك لهذه القصة .. فقد يقذف الشيطان بسؤال في صدرك ليشكك في صحة الأحاديث كما يحدث مع البعض أو ليشكك في عصمة النبي كما قد يظن آخرين  .. وهذا السؤال يتعلق بجزئية قول النبي: (هذا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فيه الشَّيْطَانُ) صحيح مسلم.

- أذكر لك اجتهادي الخاص بالمسألة وعلى الله قصد السبيل ..

 

- أولا: لم يتسلط الشيطان على النبي صلى الله عليه وسلم .. وما كان للشيطان أن يتسلط على سيدنا محمد ولا على أي نبي فيقهر النبي ويغلبه  لأنه لا سلطان للشيطان على الأنبياء والرسل وعباد الله المخلصين .. وإنما قد يتسلط الشيطان على النبي فيقهره النبي لتكون العزة لله .. وهذا حدث كثيرا ..

 

- ففرق بين تسليط بغرض الاستحواذ على الإنسان فيفسد نفسيته على الكفر وهذا هو السلطان الشيطاني .. وبين التسليط بغرض الابتلاء للإنسان وهو ما يحدث مع عموم المؤمنين بداية من الوسوسة وانتهاءا بحدوث الصرع أحيانا .

 

- والشيطان لم يتسلط على النبي ليجعله ينام لأن النبي أصلا كان اتخذ قرار بالنوم هو والصحابة الموجودين حينئذ .. ولم يكن للشيطان وجود وإلا ما كان النبي نام في هذا المكان .. وكان عدد الصحابة حينئذ سبعة كما جاء ذلك في بعض الروايات ولكن الذي ظل يقظا للحراسة وليعلو بالأذان كان هو الصحابي بلال .. وذلك حتى يؤذن للفجر ولكن غلبه النوم .

 

#- ثانيا: الروايات لم تقل أن الشيطان كان سببا في حدوث النوم .. وإنما الروايات قالت: (قَبَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرْوَاحَنَا وَقَدْ رَدَّهَا إِلَيْنَا) .. فالفاعل لمسألة النوم هو الله .. وليس الشيطان .

 

- ولذلك اعتبر النبي أن هذه حالة غفلة نوم وليست غفلة شيطان .. حتى الصحابي بلال احتج بأن الفاعل هو الله فقال: (قَالَ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِأَنْفُسِكُمْ) .. لأنه لا مجال للشيطان في المسألة لأن نفوسهم استوطنتها عزيمة القيام للصلاة .. ولكن الله أراد شيء آخر .. لتعليم جزئية في الشريعة وهي ماذا تفعل لو نمت عن صلاة الفرض وخرج وقتها .. !!

 

- ولذلك لا يقال في مثل هذا الموقف أن الشيطان بال في أذنهم فناموا .. أو حتى عقد عليهم العقد فناموا .. لا .. فهذا كلام خطأ جدا .. لأن نفوسهم استوطنت العزيمة في القيام لصلاة الفجر .. وهذه النية كافية لحجب الشيطان أصلا فلا بول له ولا عقد .. فافهم الفروق بين الإنسان مع الله لتفهم الأحاديث بصورة صحيحة ..!!

 

- ولذلك سيأتي معنا في مسائل قادمة .. أن الشيطان يبول في أذن ويعقد العقد .. لمن استوطنت نفسه حب النوم عن الصلاة أو كان تاركا لها .. ولا علاقة لذلك بمن كان مطيعا لله وغلبه النوم فهذه صدقة من الله تصدق بها على المؤمن ليرتاح .. فانتبه لهذا الكلام جيدا فإنه نفيس ويحل لك مشكلات ..

 

- ثالثا: إذا علمت ما سبق .. فهنا تسأل: لماذا قال النبي (هذا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فيه الشَّيْطَانُ) صحيح مسلم.

- قلت لك: لما كان يغيب عن الإنسان أداء فعل المفروض عليه فهذا يجعل للشيطان مطمع في الإنسان حينئذ بأن يستولى عليه بالوسوسة بصورة قوية .. وحينما نهض النبي وصحابته وأمرهم بالخروج من هذا المكان لأنه استشعر حضورا للشيطان حين يقظتهم من النوم .. فخاف على صحابته من وسوسته .. فخرج بهم بعيدا عن هذا المكان الذي لم يعد فيه بركة .. ولو كان النبي يعلم بوجود الشيطان في هذا المكان من بدابة الأمر ما كان نام فيه .. وإنما حضور الشيطان علمه النبي وقت يقظتهم وليس عند نومهم .

 

- وفي ذلك إرشاد بأن لا تعلن تحديا مع الشيطان في مكان أنت استشعرت وجود الشيطان فيه .. ويكون هذا المكان ليس ملكا لأحد .. كالأماكن الصحراوية أو البيوت المهجورة أو الخرابات .. فابتعد وارحل دون أدنى مقاومة .. فأنت لا تأمن ما سيحدث بعد ذلك .. لأنها قد تكون منازل يسكنها الشياطين .. فابتعد .. وهذا تعليم للأمة بالإنتباه لهذه الجزئية ..

 

- ولا تكن مغفلا أخي الحبيب وتظن أن النبي لا يستطيع أن يطرد شيطان ..!! بل يستطيع أن  يطرده وقبيلته ولكن ماذا ستفعل أمته من بعده وهم لا يملكون مثل قدراته النورانية ؟!! ولذلك أرشدهم للطريق الأصوب الذي فيه أمانا لهم ولا يكون فيه ضرر ولا ضرار .. لأنه ليس موقف يستوجب فيه استعلاء كرامة الإنسان على الشيطان .. فأنت قد تكون في أرضه .. فانتبه.

 

#- رابعا: أما عن قولك .. لماذا لم يأتي ملكا من الملائكة ليجعل النبي ينتبه مثلا من نومه أو ليطرد الشيطان الذي غلب بلال بالنوم ؟

- فأقول لك أن حضور الشيطان وحدوث غلبة النوم على بلال إنما كان لأمرين كما يتبين لي:

- الأول: إنما أراد الله للنبي أن ينام ويرتاح وهو صحابته من طول السفر .. وذلك كصدقة من الله عليهم ليرتاحوا ولذلك لم يكن فيها ذنب وعتاب .. فهذا مثل حال من أكل ناسيا وقد غفل عن كونه صائم .. فقال له النبي: (مَن أكَلَ ناسِيًا وهو صائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فإنَّما أطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقاهُ) صحيح البخاري.

- فالله يرحم عباده بطرقه الخاصة .. فافهم.

 

- الثاني: وفي نفس الوقت حتى يترتيب من وراء هذا الموقف بيان تشريع جديد ما كنا سنعلمه إلا من خلال هذا الموقف .. وهو تشريع من تفوته الصلاة وهو نائم أو ناسي .. وهو كان فعل خير من الله في حقيقة الأمر .. فكان الظاهر لك حضور شيطان .. ولكن الحقيقة من وراء ذلك هو تشريع الرحمن .. فأبصر .

 

#- خامسا: أما عن قولك .. أين مفعول وأثر ونتيجة وتحصين أذكار ما قبل النوم إذا كان الشيطان قد نجح في التأثير حتى ولو على بعض الصحابة كبلال رضي الله عنه ؟

- فأقول لك: قد تبين لك خطأ ما أنت ظننته من أن الشيطان هو الذي أصابهم بنوم .. لا .. فهذا فعل الله بدلالة كلام النبي وكلام الصحابي .. ولا علاقة للشيطان بالمسألة إلا فقط بحضوره للمكان في محاولة للوسوسة للبعض كما هو حاله مع الإنسان عموما ..

 

- إذن .. ذكر الله والتحصين بالقرآن لم تجعل للشيطان أثر فعل مع المؤمنين في أثناء تواجدهم في حضرة أو مقام ينام فيه النبي بجوارهم .. صلى الله عليه وسلم ..

 

#- سادسا: ملاحظات تنتبه لها أكرمك الله :

#- الملحوظة الأولى: الشيطان قد يحضر للمؤمنين ليوسوس لهم .. ولكنهم يذكرون الله فيصرف الله عنهم شر هذه الوساوس .. إذ يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) الأعراف:201.

 

#- الملحوظة الثانية: أن الذكر لا يمنع في بعض الأحوال حضور الشيطان .. وذلك للإختبار والابتلاء للمؤمن .. وليس لأن الذكر لم يمنع الشيطان .. لا .. ولكن لأن لك اختبار يجب أن تمر به في حياتك وهو من جملة قدرك وعليك ان تواجهه بالله وليس بنفسك .. ومثال ذلك كما تعرض الشيطان للنبي في صلاته .. وكما يتعرض المصلين في صلاتهم من وسوسة الشياطين .. فانتبه وكن بصير في العلم حتى لا يضللك الشيطان .

 

#- خلاصة القول:

- أن الشيطان لم يكن سببا في حدوث النوم للنبي وصحابته .. وإنما هذا النوم كان صدقة تصدق بها الله عليهم ليرتاحوا .. والله أعلم .

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .