بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها
عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وطعام الشيطان والقطط السوداء وغير ذلك
(الفصل الثالث والسبعون)
:: الفصل الثالث والسبعون :: معتقدات تفسيرية موروثة عن فعل الشيطان - مبيت الشيطان على خيشوم الإنسان عند النوم واختلاف العلماء في فهم ذلك ::
1- س311: هل
الشيطان يبيت بذاته على خيشوم الإنسان عند النوم ؟
#-
أولا: من أقوال العلماء في تفسير مبيت الشيطان على الخيشوم ..
#-
ثانيا: هل الشيطان يسكن الأنف فعلا على تفسير البعض بمفهوم يبيت على خيشومه ؟!!
#-
ثالثا: رأي آخر قال أن مبيت الشيطان على الخيشوم .. إنما يقصد به على سبيل
الإستعارة هو دفع الكسل عن الصلاة ..
#- رابعا: رأي آخر قال بأن المقصد بمبيت الشيطان هو على
سبيل الإستعارة ويقصد به أن الوسخ المتواجد في الأنف هو مما يوصف بكونه شيطان ..
#- خامسا: رأي خاص خطر ببالي عن مفهوم مسألة مبيت الشيطان على خيشوم الإنسان ..
***********************
:: الفصل الثالث والسبعون ::
:: معتقدات
تفسيرية موروثة عن فعل الشيطان - مبيت الشيطان على خيشوم الإنسان عند النوم واختلاف
العلماء في فهم ذلك ::
**********************
..:: س311: هل الشيطان يبيت بذاته على خيشوم الإنسان عند النوم ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من المعتقدات المنتشرة عند البعض ويجعلون منها عقيدة دينية لازم تصدقها .. وهي أن الشيطان يبيت بذاته على خيشوم الإنسان .. بمعنى أنه يسكن وينام في أنف
الإنسان ..
- وإذا كان بعض العلماء قد أشاروا
إلي أن بيات الشيطان قد يكون حقيقي وجعلوه كرأي محتمل في تفسير الحديث الذي تكلم في
هذا الشأن .. ولكن المشكلة ليس في العلماء .. لأن العلماء ذكروا هذا
الرأي وآراء أخرى وقلما أن تجد عالم يميل إلى رأي أصلا .. ولكن بعض النفوس الغير
أمينة في العلم .. يذكرون الرأي الواحد فقط لغرض في نفوسهم المريضة ويحجبون باقي
الآراء دون توضيح وبيان .. بل ويفرضون هذا الرأي على المؤمنين وكأنهم أوصياء على
الدين ولديهم تلقين من النبي مباشرة بتفسير الأحاديث فقط دون غيرهم ..!! وهنا تكمن
المشكلة بظهور الخيانة في الأمانة العلمية وتضليل المسلم في دينه ووهمه أن هذا هو
الدين والعلم .. ولاشك ان من يتبع هذا الفعل من فرض الآراء الدينية فهو بليد العقل
وسقيم القلب .. بل ولعله يأتي يوم القيامة من المفلسين لتضليل المؤمنين بدون حق .. وأمثال هؤلاء
الناس هم الذين فتحوا الباب لجماعة الشبعانين من الباطل والموصوفين بالقرآنيين .. حتى
تجرأوا على الحديث النبوي وسخروا منه بسبب تفسيرهم ومن بعد ذلك يطعنوا في الحديث
النبوي بكل قوة .. بسبب أفكار هؤلاء ..!!
- وهنا أذكر لكم تفاصيل المسألة .. حتى لا يضللك أحد في دينك خاصة بعض جماعة الرقاة من محبي تعظيم قدرات الشيطان في نفوس المؤمنين .. فأذكر لك آراء العلماء المختلفة .. وأناقشها .. وأذكر لكم ما أميل إليه .. بل ولي رأي خاص أظن فيه وجاهة وقبولا إن شاء الله تعالى .. والله ولي التوفيق.
#- جاء في بعض الأحاديث أن الشيطان ينام على خيشوم الإنسان .. فما هو المقصود من ذلك ؟
- (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاَثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ) صحيح البخاري.
#- ملحوظة: جاء في رواية البخاري لفظ (استيقظ
– أُراه – أحدكم) .. وكلمة (أُراه) أي (أظنه قال أحدكم) .. فحذفت كلمة
(أراه) .. لأنها ليست من قول النبي .. وهذا للتنبيه.
-
وفي (حديث
صحيح) .. بلفظ: (إذا استيقَظَ أحدُكُم من مَنامِهِ فتوضَّأَ فليستنثِرْ ثلاثَ
مرَّاتٍ؛ فإنَّ الشَّيطانَ يبيتُ على خَيشومِهِ) رواه النسائي في سننه بسند صحيح.
- قوله (فليستنثر): أي فليطرد الماء من أنفه وهذا يتطلب دخول
الماء فيه .. وقد شرح النبي ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً
ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ) صحيح مسلم .. وفي رواية بلفظ: (إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً،
ثُمَّ لِيَسْتَنْثِرْ) رواه النسائي وغيره .. وذكره الألباني في صحيح
النسائي.
- قوله (خيشومه): أي هو الأنف وقيل المنخر .. (راجع فتح الباري ج6 ص343)..، والمنخر يقصد به تجويف
الأنف الداخلي .. وقال بعض العلماء أن الخيشوم يقصد به أعلى الأنف من الداخل .
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- نجد أن الحديث النبوي قال: (الشيطان
يبيت على خيشومه) .. فلماذا يفسر العلماء لفظ (على خيشومه) بمعنى (في) إذا لو
كان المقصد هو داخل الأنف لكان قال الحديث: (في خيشومه)
أو (بخيشومه) للدلالة على أنه داخل الأنف ؟!!
- الذي أظنه وأحسبه - أن المقصد هو المبيت على ممر
الخيشوم أو على باطن الأنف وليس سقف الأنف .. وليس الخيشوم نفسه أي من خارج الأنف
وكأنه راكب على الأنف .. لأن المقصد بالخيشوم هو ممر الهواء في الأنف من الجهة
العليا .. والله أعلم ..
-
ولكن لي رأي خاص (خالد صاحب الرسالة) .. بأن مقصد (يبيت
الشيطان على خيشومه) هو على سبيل الاستعارة ولكن بمفهوم هو أنه تبيت ذنوب الإنسان
معلقه على أنفه لا يتم محوها إلا بالوضوء .. (وهذا سيتم توضيحه في تفصيل الشرح إن
شاء الله تعالى) .
#- أولا: من
أقوال العلماء في تفسير مبيت الشيطان على الخيشوم ..
1-
قال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله (المتوفى: 656
هـ):
-
وقوله:
(فإن
الشيطان يبيت على خياشيمه) هو جمع خيشوم، وهو أعلى الأنف، وقيل:
الأنف كله.
-
ويحتمل: البقاء على ظاهره كما جاء: إن الشيطان يدخل
إذا لم يكظم المتثائب فاه ..
-
ويحتمل: أن يكون ذلك عبارة عما ينعقد من رطوبة
الأنفِ وقَذره الموافقة للشيطان، وهذا على عادة العرب في نسبتهم المستخبث
والمستشنع إلى الشيطان، كما قال تعالى: (كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ) الصافات:65.
-
وكما قال الشاعر: ... ومسنونة زرقٌ كأنياب أغوالِ ... وهي
الشياطينُ.
-
ويحتمل: أن يكون ذلك عبارةً عن تكسيله عن القيام
إلى الصلاة كما قال عليه الصلاة والسلام: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم
إذا هو نام ثلاث عقد). (المفهم
لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم ج1 ص483).
2- قال الإمام شهاب الدين
التوربشتي رحمه الله (المتوفى: 661 هـ):
-
(فإن الشيطان يبيت على خيشومه): الخيشوم أقصى الأنف وباطنه.
-
والمراد من بيتوتة الشيطان عليه- والله أعلم-: أن الإنسان إذا نام تعلق الخشام
بخيشومه ويبس عليه المخاط حتى تنسد مجاري الأنفاس منه وينقطع عن الدماغ ما كان
يجده من الراحة باستنشاق الهواء فيكون في رقدته كالمعذب في يقظته فتتغير الطبيعة
عن حالها ويتعرض له الشيطان بما يكرهه من أضعاث الأحلام .. وإذا هبَّ من نومه وجد
نقص في النَّفس معيوب عن طبيعته .. ولا تستقيم له القراءة في الصلاة مع ترك
الخيشوم على تلك الحالة لأنها تمنع عن تأدية الحروف من مخارجها على شرط الصحة ..
فأمره بالاستنثار لإزالة هذه العوارض .. وصار ذلك الموضع بيته لأنه يستحلى تلك
القواطع التي يتمكن منها هناك وذلك مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - حكاية عن
الشيطان إذا دخل البيت الذي لم يذكر اسم الله فيه على الطعام: (أدركتم العشاء والمبيت).
-
ويحتمل وجها آخر: وهو أن الإنسان ما دام متيقظا وسوس إليه الشيطان بطريق
ما يرد على السمع ويتراءى للبصر ويترقب الفرصة منه عند النطق، إلى غير ذلك من
الأحوال .. فإذا نام انسدت فيه تلك المداخل .. ولم يبق إلا مدخل النفس من الخيشوم
.. فيترصد هنالك للتعرض له بما يؤذيه .. ثم إن الخيشوم باب مفتوح إلى قبة الدماغ
وفيه محل القوة المتخيلة التي هي مناط الرؤيا الصالحة ومثار الأحلام الكاذبة ..
فلا يزال بائتا دون ذلك الباب يعبث بنفخه ونفثه في عالم الخيال ...، فرأى الرسول -
صلى الله عليه وسلم - أن يمحو باستعمال الطهور المبارك على وجه التعبد .. آثار تلك
النفخات والنفثات عن مجاري الأنفاس .. والله أعلم. (الميسر في شرح المصابيح ج1 ص144).
#- ملحوظة هامة: النسخة التي نقلت منها كلام التوربشتي جاء
اللفظ فيها هكذا: (وإذا هب من
نومه حب لقس النفس متعوب الطبيعة) .. وهذا كلام غير مفهوم ويوجد خلل فيه ولخبطة
وأظن أن المقصد وتصحيح الجملة هو: (وإذا هبَّ من نومه وجد نقص في النَّفس معيوب عن
طبيعته) وهذا التصحيح الذي أثبته في النص إنما هو ظنا مني .. والله أعلم .
3- قال القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (ت 685هـ):
-
(استنثر): حرك النثرة .. وهي طرف الأنف ..
وكذلك: نثر وانتثر ..، ويجوز أن يكون بمعنى: نثرت الشيء إذا بددته.
-
و (الخيشوم): أقصى الأنف المتصل بالبطن المقدم
من الدماغ .. الذي هو موضع الحس المشترك ومستقر الخيال .. فإذا نام تجتمع فيه
الأخلاط .. وييبس عليه المخاط .. ويكل الحس .. ويتشوش الفكر .. فيرى أضغاث أحلام ..
فإذا قام من نومه وترك الخيشوم بحاله استمر الكسل والكلال .. واستعصى عليه النظر
الصحيح .. وعسر الخضوع والقيام على حقوق الصلاة
وآدابها .. وهو المراد من بيتوتة الشيطان في الخيشوم .. والأمر بطرده بالاستنثار.
-
فإن قلت: ما هذه الفاءات الثلاث ؟
-
قلت: الأول: للعطف .. والثاني: جواب الشرط دخل على الأمر ..
والثالث: فاء السببية دخل على الجملة .. ليدل على أن ما بعده علة للأمر
بالاستنثار. (تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة ج1 ص189).
4-
قال الإمام بن رسلان رحمه الله (المتوفى: 844 هـ):
-
فالمراد بالاستنثار في الوضُوء للتنظيف وللمُستيقظ لطرد الشيطان .. فإن الشيطان يكون مُلتقمًا قلبهُ
يُوسوس لهُ ويأمرهُ بالسوء .. فإذا نامَ علم الشيطان أنه لا يمكنهُ وسوسته .. لأنه
زَال بالنوم إحسَاسه، ورفع عنه بالنوم قلم التكليف .. فيبيت عند نومه في باطن أنفه؛
ليُلقي في دمَاغه الرؤيا الفَاسدة ويمنعهُ من الرؤيا الصالحة .. لأن محل الرؤيا
الدمَاغ .. وكثير من الناس يضل في الفتنة بالرؤيا الفاسدة مِنَ الشيطان. (شرح بن رسلان على سنن أبي
داود ج2 ص95).
5-
قال الإمام بن حجر رحمه الله (المتوفى: 852 هـ) في
المقصد من حدوث مبيت الشيطان على خيشوم النائم:
-
ظاهر الحديث أن هذا يقع لكل نائم .. ويحتمل أن يكون مخصوصا بمن لم
يحترس من الشيطان بشيء من الذكر. (فتح الباري ج6 ص343).
6-
الإمام الكوراني رحمه الله (المتوفى:893 هـ) قال عن مبيت
الشيطان:
-
بيتوته
على الخيشوم - وهو أقصى الأنف- يجوز أن يكون حقيقة، وأن
يكون مجازًا عن اجتماع الأوساخ هناك المانعة عن النشاط في الطاعة، وكل ما كان من
هذا القبيل فهو من جنود الشيطان. (الكوثر الجاري ج6 ص215).
7-
الإمام السندي رحمه الله (المتوفى: 1138هـ) قال عن مبيت
الشيطان:
-
ومبيت الشَّيْطَان أما حَقِيقَة: لِأَنَّهُ أحد منافذ الْجِسْم
يتَوَصَّل مِنْهَا إِلَى الْقلب وَالْمَقْصُود من الاستنثار إِزَالَة آثاره .
-
وَأما مجَازًا: فَإِن مَا ينْعَقد فِيهِ من الْغُبَار
والرطوبة قذرات توَافق الشَّيْطَان .. فَالْمُرَاد أَن الخيشوم مَحل قذر يصلح
لبيتوتة الشَّيْطَان فَيَنْبَغِي للْإنْسَان تنظيفة .. وَالله تَعَالَى أعلم. (حاشية السندي على النسائي
ج1 ص67).
8- الإمام الزرقاني رحمه الله
(المتوفى: 1122هـ) تكلم عن مبيت الشيطان على الأنف .. فقال:
-
ونومه عليه حقيقة أو استعارة .. لأن ما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم
قذارة توافق الشيطان فهو
على عادة العرب في نسبة المستخبث والمستبشع إلى الشيطان .. أو ذلك عبارة عن
تكسيله عن القيام إلى الصلاة ..
-
ولا مانع من حمله على الحقيقة.
-
وهل مبيته لعموم النائمين ؟ أو مخصوص بمن لم يفعل ما يحترس به في منامه
كقراءة آية الكرسي؟ .. الأقرب الثاني. (شرح
الزرقاني على الموطأ ج1 ص124).
@- قلت (خالد
صاحب الرسالة) في مناقشة بعض كلام العلماء:
-
أولا: نجد أن البعض قال أن وجود الشيطان في الأنف إنما هو لنشر الأحلام الفاسدة
أو المزعجة في الدماغ ليخدعه أو ليزعجه بها .. ويكون ذلك من خلال بقاءه في الأنف
لأن هذا يكون المكان الوحيد حين نوم الإنسان والذي يستطيع أن يرسل منه وساوسه
لاستمرار التنفس فيه وذلك بخلاف باقي الجسم فهو يكون مغلق ولا إدراك للإنسان فيه
حين نومه ..!!
- وهذا الكلام فيه نظر ويحتاج لمراجعة .. ليه ؟
1-
لأن الشيطان لا يحتاج للأنف ليوسوس للناس .. لأنه يوسوس في صدور الناس وليس في أنوفهم
..!!
2-
أما عن ظن بعض العلماء أن مداخل وسوسة الشيطان للإنسان
تكون من خلال الأذن والأنف .. ولما نام الإنسان فتم غلق الأذن .. ولكن الأنف مفتوحا ..
وبما أن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا .. فلا يوسوس للنائم حينئذ من خلال الأذن ..!!
#- فهذا كلام فيه
نظر ؟!! ليه ؟
-
لأنهم افترضوا أن الشيطان يوسوس للإنسان في الأذن المادية وكأنه إنسان يخاطب إنسان
..!! وكأن الشيطان أصلا يوسوس للصاحي من خلال أذنه وبينهما حجاب الحس حتى يظنوا
أنه يوسوس للنائم ..!! (طبعا السماع للأذن قد يحدث لمن لديه تفعيل روحاني – مثل
الكهنة وخدام الجن وأهل العرافة – فهؤلاء قد يسمعون همس الشيطان بأذنهم لرفع حجاب
الحس بينهما) .
-
بل وكيف الأذن تكون مغلقة عند النوم وهي تعمل مع إدراك السماع ؟!! فلو صرخ أحد فالنائم يصحو مفزوعا وينهض .. بل
ومع أقل صوت يحدث في الغرفة بالإنسان ينتبه .. فما هي الاذن المغلقة حينئذ ؟!!
-
ثم ما علاقة الشيطان بالأذن أصلا وهو يوسوس في الصدور ؟!! فالشيطان كائن روحاني وليس مادي ليوسوس في
الأذن .. فهل الأذن الإنسانية تسمع الوساوس الشيطانية حتى يقال أن الشيطان لا
يستطيع الوسوسة عند النائم من خلال الأذن ..!!
-
بكل تأكيد .. لا .. وإلا فعلى هذا فالأصم لا يوسوس الشيطان له .. وهذا كلام
باطل لو ظن أحد هذا الكلام ..!!
- ومجملا نجد أن فعل الشيطان مع الإنسان
.. هو تزيين الباطل وليس جلوسه في الأنف .. !! إذ يقول
تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ
اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ
لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي .. ) إبراهيم:22.
- إذن فمعتقد أن الشيطان يدخل يوسوس عند النوم
من خلال الأنف .. فهو خطأ ولا علاقة له بالواقع .. فضلا عن أن الأذن لا
تكون مغلقة كما تصور البعض ..!!
3-
ثم يقال: من الذي قال أن القوى المتخيلة يمكن السيطرة عليها من
خلال الأنف وعند النوم ؟!! فهل الملائكة ترسل الرؤيا أيضا من خلال الأنف عند النوم
طالما محل التواصل للقوى المتخيلة هو من خلال الأنف عند النوم ؟!!
- أكيد .. لا ..
-
يبقى ليه نتصور ما لا يصح تصوره لأنه لا دليل عليه أصلا .. بل ومخالف لغيره من تلقين العالم الروحاني
للمرائي حيث يتم التلقين الروحاني بما هم أعلم به منا ..!!
-
وبصورة أسهل وأوضح: هل كان الشيطان يوسوس لآدم في الجنة من خلال أنف آدم ؟!!
أم من خلال كلام يلقيه له أثر يصل في نفس آدم أي صدره ؟ أكيد من خلال أثر وساوسه
..
-
وبصورة أكثر سهولة فأقول: حينما يحلم الإنسان ويتصور في عقله الأحلام .. وهو ما
يسمى بالحلم النفسي نتيجة ضغوط الحياة أو مشاكل نفسية .. فهل الإنسان نفخ في أنفه
فظهر الحلم ؟!!
- أكيد .. لا ..
4-
ثم يقال لأصحاب هذا الرأي أو التصور: وماذا عن الذي لديه سدد في أنفه ويتنفس من
فمه .. فلماذا لا يدخل الشيطان من فمه ويوسوس له حينئذ .. حتى أن هذا يكون سبب
أنجح في ثبات الوسوسة في الصدر ..؟!! مش كده ولا إيه ؟!! ولكن هذا لا يحدث ..
5-
ثم أختم كلامي في هذه الجزئية فأقول: لو كان للشيطان سلطة على الإنسان من خلال
أنفه .. فما الذي يفعله حينئذ من ربط العقد على الإنسان عند نومه والعقد هي (على
أحد الآراء) هي وساوس يؤثر بها عليه ليجعله نائم كلما حاول القيام للصلاة ؟!! كما
جاء في الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَعْقِدُ (أي يشد ويربط أو يعزِّم) الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ (أي مؤخرة) رَأْسِ
أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ
عُقَدٍ .. يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ .. عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ .. فَإِنِ
اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ
عُقْدَةٌ .. فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ
النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) صحيح البخاري.
#- يبقى بعد كل ما سبق .. يقال ما علاقة الأنف بمسألة
الوسوسة والخيال حينئذ ؟!!
- لا يوجد
علاقة ..!!
-
إذن تصور أو رأي بعض العلماء .. بأن الحكمة من مبيت الشيطان على
الخيشوم إنما هي ليوسوس للناس بالخيالات الفاسدة كالأحلام المزعج .. إنما هو كلام
لا يصح ..
#- ثانيا: هل الشيطان يسكن الأنف فعلا على تفسير البعض بمفهوم يبيت على خيشومه ؟!!
- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
الرأي القائل بأن الشيطان يسكن فعلا في أعلى الأنف أو داخل الأنف .. فهذا كلام أيضا يحتاج لمراجعة وفيه نظر .. ليه ؟
1-
لأنه ما فائدة وجود الشيطان في أنف الإنسان وهو نائم ؟!! فهل ترك الوجود كله لينام في أنف الإنسان ؟!!
كيف نعقل هذا ؟!!
-
وإذا كان المبرر هو الوسوسة من خلال أنفه بالأحلام الفاسدة .. فهذا كلام سبق بيان فساده ولا يمكن أن يصح
أصلا ..!!
-
إذن يعود السؤال مرة أخرى: ما فائدة سكن الشيطان في منخار الإنسان أو
على أعلى ممر الهواء فيه ؟!!
2- والذي يؤكد لك بيقين أن الشيطان لا
يبيت بمعنى يسكن في الأنف .. هو أنه لو كان الشيطان يبيت فعلا في الأنف لكان
وجب لزاما التطهر بالإستنثار وجوبا ولو لم تفعل ذلك لبطل الوضوء .. لأن الشيطان
نجس بذاته وما يتعلق من آثاره .. ولا بد من التطهر من النجاسة حينئذ ..!!
-
ولكن كما يعلم كثير من المسلمين أن الإستنثار هو فعل مندوب وليس مفروض .. فثبت بذلك أن الشيطان لو كان يبيت فعلا أو
يسكن الأنف لكان لزاما علينا تطهير مجري الأنف ولبطل الوضوء لو تركنا هذا الفعل ..
- مش كده ولا إيه ؟!!
3-
النبي صلى الله عليه وسلم قد وجه كلامه للأمة جميعا
بالندب إلى الاستنثار لكل من يقوم للصلاة .. أليس كذلك ؟!!
- فكيف حينئذ
يعقل أن يقال بأن الشيطان ينام على خيشوم من هو ملتزم مع الله ؟!!
- فما الفرق
حينئذ بين من هو ملتزم مع الله وبين من هو غافلا عن الله .
#-
بل وعلى هذا الفهم والمنطق فيقال: أن النبي كان يستنثر لأن الشيطان كان ينام على خيشومه
؟!!
- وهذا كلام
باطل وكذب لو قال أحد بذلك الكلام ؟!!
4-
ثم يقال: أن الذي يدل على أن الشيطان لا يسكن في الأنف بذاته .. لأن النبي قال أن من يستنثر من أنفه فإن
الخطايا تخرج من أنفه وليس الشيطان هو من يخرج من أنفه ..!! وذلك كما في الحديث
(مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ
فَيَتَمَضْمَضُ (أي يطرد الماء من فمه) ، وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ (أي يطرد الماء من أنفه)
إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ، وَفِيهِ، وَخَيَاشِيمِهِ) صحيح مسلم
..
5-
ثم نسأل اصحاب هذا الرأي فنقول: لماذا يظل الشيطان يبيت في الأنف طالما له المقدرة
بمنتهى السهولة في دخول الأنف دون إرادة الإنسان ..؟!! فهذا يدفعنا للقول بأن
الشيطان يمكن له الدخول في عقل أي إنسان ويتحكم في
الإنسان بالكلية من خلال مخه ..؟!!
- وهذا كلام
باطل لو قال به أي أحد .. بل ومخالف للقرآن .. لأن الشيطان يوسوس وليس يسلب
الإرادة من الإنسان ..!!
6- والتصور بأن الشيطان يبيت في الأنف
بمعنى كونه يسكن فيه .. فهذا يجعل البعض يفهم أنه حينما يستنثر فهذا
معناه أنه يقوم بطرد الشيطان من أنفه .. وهذا تصور غير صحيح تماما ..
-
بل وظنك أن النبي أمرك بالإستنثار لأن الشيطان يسكن في الأنف .. فهذا أصلا لم يرد في الحديث ولم
يقل به النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما كله مجرد تصورات لبعض العلماء ظنوها من
خلال ألفاظ الحديث ..!!
#- ثالثا: هناك رأي آخر قال: مبيت الشيطان على الخيشوم .. إنما يقصد به على سبيل
الإستعارة هو دفع الكسل عن الصلاة ..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
ولا أرى في ذلك الرأي صوابا .. لأن ليس بالإستنثار يتم طرد الكسل .. وإنما لو كان الوجه باكمله لكان معلوما ذلك
ومفهوم .. ولكن نظافة الأنف فقط تطرد الكسل .. فهذا رأي بعيد .. والله أعلم .
#- رابعا: الرأي القائل بأن المقصد بمبيت الشيطان هو على سبيل الإستعارة ويقصد به أن
الوسخ المتواجد في الأنف هو مما يوصف بكونه شيطان ..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الذي أظنه أن هذا الرأي فيه صواب وله وجهة
نظر راجحة .. ليه ؟
1- لأن لفظ الشيطان يقال على كل ما
هو قذر ومستقبح في اللغة العربية .. ولذلك أتى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا
الوصف حتى لا يستهين المؤمنين بنظافة أنوفهم من الوسخ الذي يكون فيها .. ويكون هذا
الوصف بالشيطان سببا لرفع هممهم في عدم الكسل بنظافتها ..
#- وأبسط مثال على أن ما هو مستقبح يتم
تمثيله بالشيطان .. فهذا قوله تعالى عن أحد أشجار الجحيم يصف طلعُها أي
ثمارها بأنه رؤوس الشياطين: (شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
(62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ
تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ) الصافات62-65.
- فوصف الله تبارك وتعالي ثمار هذه الشجرة .. مشبها لها برؤوس الشياطين لتعرف مدى قبحها ..
فأتى بما هو مستقبح في النفوس وهو الشيطان حتى تعقل مدى قبح هذه الثمار في
الشكل .. فما بالك بطعمها ..!!
- فكذلك الحال في الحديث النبوي .. أتى النبي بوصف الشيطان على ما
هو مستقذر ومستقبح في مجرى الأنف ووصفه بالشيطان حتى تستقبحه بقوة في نفسك وتقوم
على طرده من أنفك .. وهو المخاط الذي يكون متجلط في الأنف وما يكون من أتربة في
الأنف وغير ذلك مما تحمله الأنف طول اليوم من استنشاق حين السعي والحركة في خارج
البيت ..
- ولا أظن يوجد أبلغ مما ذكرته لك .. فافهمه فإنه نفيس
جدا .
2- والذي يدلك على أنه وصف الوسخ الذي
يكون بداخل الأنف بالشيطان .. أنه لو كان الشيطان يبيت فعلا في الأنف لكان وجب لزاما
التطهر وفعل الإستنثار وجوبا .. لأن الشيطان نجس .. ولا بد من التطهر من النجاسة
.. ولكن لما كان ليس المقصد هو الشيطان بعينه الذي يسكن وإنما هو تشبيه وجود الوسخ
على الخيشوم بأنه شيطان يبيت على مجرى الخيشوم .. فلم يكن من الضروري التطهر منه
وإنما هو مستحب فعله .. وهذا ما عليه عموم علماء المسلمين.
3-
ويوجد أشياء وصفها النبي بالشيطان .. وهي في الحقيقة ليست شيطان ..!!
#- منها على سبيل المثال:
أ-
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ، يَتَهَاتَرَانِ
وَيَتَكَاذَبَانِ) رواه البخاري في الأدب المفرد
ورواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح .. ، وذكره الألباني في صحيح الأدب
المفرد .
-
قوله (المستبان): أي هما من يسبان بعضهما البعض
بالسباب والشتم .
-
قوله (يتهاتران): أي يلقي بعضهما على البعض بكلام
باطل وليس بحق.
-
فتأمل من الحديث أن النبي وصف فاعل السب بأنه شيطان .. ليس لأنه شيطان فعلا وإنما لأنه
فعل ما يحبه الشيطان وأراده منه ..
ب- مثال آخر .. عن جابر بن عبد الله قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قالَ له: فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لاِمْرَأَتِهِ،
وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ)
صحيح مسلم.
- نجد في الحديث أن
النبي وصف السرير الرابع بأنه سرير للشيطان .. في حين لا علاقة له بالشيطان .. والوصف في أصله هو وصف للإسراف الغير
المبرر والذي يكون للتباهي والتفاخر بأنه يملك ما لا يملكه الآخرون ولا يستخدمه
أصلا ...!! وقد سبق شرح هذا الحديث في هذه الرسالة بتفصيل كبير .. (فارجع للفصل الثامن عشر
للسؤال رقم 86-87-88).
4-
والذي يجعلني أقول أيضا أن المقصد من الشيطان هو الوسخ
المتراكم في الأنف .. هو أن الماء وسيلة طرد لهذا الوسخ لأن الماء يذيبه
ويتعلق به ويتم طرده مع نفخ الماء من الأنف وهو الإستنثار ..
-
ولو كان الماء يقدر على أن يطرد الشيطان فما فائدة ذكر الله حينئذ ؟ ولماذا لم يصرح النبي حينئذ بأن الماء يطرد
الشيطان ؟!!
5-
من المعلوم في الحديث .. أن الشيطان يعقد ثلاث عقد على النائم .. كما سبق وذكرنا
الحديث .. فلماذا ينام في خيشومه طالما له فعل أصيل يقوم به طوال فترة نوم النائم
وهي منعه من القيام للصلاة من خلال الإلتزام بمحاولة عقد العقد الثلاث عند النوم
وعند القيام للوضوء وعند الذهاب للصلاة ؟!!
#- خامسا: رأي خاص خطر ببالي عن مفهوم مسألة مبيت الشيطان على خيشوم الإنسان ..
- قال النبي
صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ
وَضُوءَهُ فَيَتَمَضْمَضُ (أي يطرد الماء من
فمه) ، وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ (أي يطرد الماء من أنفه)
إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ، وَفِيهِ، وَخَيَاشِيمِهِ) صحيح مسلم
..
-
فلعل المقصد من قول النبي في حديثنا (الشيطان يبيت على الخيشوم) .. هو كل ما هو ارتكبه الإنسان من خطايا بواسطة
أنفه أثناء يومه .. كالذين يتغمزون بأنوفهم بالإشارة على بعض الناس .. أو كالذين
يصدرون أصواتا قبيحة بانوفهم أمام بعض الناس على سبيل التخويف وقلة الأذب وهو ما
يسمى بالشَّخْير في اليقظة .. وهو مثل شخير النائم ولكن شخير النائم خارج إرادته
وإنما شخير الصاحي فهو بإراته .. وهو فعل يدل على قلة الأدب .
-
فكان لفظ النبي (الشيطان يبيت على خيشومه)
.. هو الذنوب التي تسبب فيها الشيطان وجعل الإنسان يفعلها بهذا العضو وهو
الأنف قد تراكمت على خيشومه ويصح هنا أن يقال أن لفظ (على خيشومه) بمعنى أن الذنوب
تراكمت على الأنف فعلا .. ولذلك قال النبي (يبيت) لتعلق هذه الذنوب بهذا الأنف
الذي صدر منه هذه الأفعال القبيحة والمسيئة ..
-
ولعل النبي خص الأنف على وجه الخصوص بهذا المبيت .. وذلك بالرغم من أن الأذن تذنب والعين تذنب
بل وملامح الوجه أيضا والجميع يخرج منه خطاياه برحمة من الله عند الوضوء .. ولكنه
اختص الأنف بالذات لأن البعض يتغافل فيترك أنفه دون نظافة لأنها امر مستحب وليس
واجب في الوضوء .. ولكن الأذن والعين والوجه فجميعه يتم أصابته بماء الوضوء وجوبا
.. بخلاف الأنف فهي مستحبه على الإختيار قد تفعلها وقد لا تفعلها .. ولذلك اهتم
بها النبي حتى تلازم وتحافظ على هذا الفعل وهو طهارة الأنف لتنال من بركة غفران
الذنوب التي تسبب فيها هذا العضو أيضا ..
- هذا رأي خطر ببالي - والله أعلم .
#-
والأولى أخي الحبيب .. هو الجمع بين رأي بعض العلماء السابق ذكره .. لأنه اهتم
بطهارة الأنف الظاهرة من الوسخ .. ورأيي أهتم بطهارة الأنف الباطنة .. فيكون الجمع
بين الرأيين هو الصواب إن شاء الله تعالى .. ويكون المؤمن قد جمع حينئذ طهارة
الظاهر والباطن للأنف .. والله أعلم .
#- خلاصة القول
أخي الحبيب:
1- الحديث النبوي .. لم يذكر أصلا أن معنى مبيت الشيطان على
الخيشوم هو أن الشيطان يبيت في داخل الأنف بذاته ..!! وما قال أن الماء يطرد الشيطان نفسه من الأنف وكأن
الماء مزيل له ويكنسه من الأنف وكأنه تراب ..!!
2-
أن مسألة مبيت الشيطان على خيشوم الأنف أي على مجاري الخيشوم .. مسألة خلافية في تفسير مفهوم المقصد من
ألفاظ الحديث .. والذي أميل إليه هو أن المقصد بالشيطان هو الوسخ والقذر الذي يكون داخل
الأنف .. والذي يفضل نظافته عند النهوض من النوم بل في كل وقت للصلاة .. وذلك حتى
يسهل على الإنسان الصلاة بصورة طيبة وفيها راحة له دون أي ضيق أو مشاكل في التنفس ..
-
وأن هذا القذر أو الوسخ الذي قد يكون بداخل الأنف تم وصفه بالشيطان .. لأن العرب أحيانا تصف كل ما هو مستقبح
ومستقذر وخبيث ومذموم بأنه شيطان .. وقد ذكرت لك أمثلة على ذلك من القرآن ومن
الأحاديث .
3- ولي رأي خاص قد ذكرته وأنه قد يقصد في الحديث .. الإشارة إلى الذنوب التي
تسبب الشيطان فيها وجعلك تفعلها بأنفك .. فباتت ذنوبك متعلقة بأنفك وتحتاج إلى طهارة
.. فأشار بالذنوب إلى الشيطان .. وأشار بالمبيت إلى تعلق الذنوب بالمكان حتى
يغسلها ماء الوضوء .. والله أعلم .
#- ملحوظة: لا مانع من الجمع بين الرأي السابق وما جال
بخاطري من رأي خاص .. فيقصد بالشيطان الإشارة إلى الوسخ والذنوب .. وذكر النبي
واصفا الوسخ والذنوب بلفظ الشيطان وذلك ليحثك ويحرضك على عدم ترك طهارة الأنف
وتتكاسل عن ذلك فتقول أنها ليست واجب طهارتها في الوضوء بل مستحبة فقط .. لا ..
فطهارتها مهمة يا مؤمن لتطهير نفسك ظاهرا من الوسخ الذي فيه .. وباطنا من الذنوب
التي تعلقت فيه .. فيأتي الوضوء لتطهير كلاهما .. وهذا أرجح وأولى ومعنى جامع من
وجهة نظري .. والله أعلم .
4-
أما عن اختيار الرأي القائل بأن الشيطان ينام بذاته في داخل الأنف .. فليأت بالدليل على ذلك لأن النبي لم يقل أن
الشيطان يبيت بذاته في الخيشوم .. ثم عليه أن يجيب على المناقشة التي ناقشتها لهذا
الرأي في الجزء الخاص بأولا وثانيا .. فيحلون المشكلات التي تواجه هذا الرأي .. ثم
يذكرون الحكمة طالما ذكروا تفسيرا لمفهوم مبيت الشيطان في داخل الأنف .. ويخبرونا كيف
تصح الصلاة بوجود كائن نجس في الأنف أو حتى آثاره .. إذا لم يتم الإستنثار لأنه
على الندب والاستحباب وليس على الوجوب.. فلو تركه أحد فهذا معناه بقاء النجاسة في
الأنف .. فكيف تصح الصلاة حينئذ ؟!!
#- فعن رأيي الخاص .. لا أصدق أن مبيت الشيطان حقيقي وأنه ينام بذاته داخل
الأنف وكأنه تراب عالق في الأنف .. !! وإنما قول النبي صلى الله عليه وسلم على
مبيت الشيطان على الخيشوم إنما هو على سبيل الاستعارة واخترت أحد آراء العلماء
وأضفت إليه رأي خاص بي وكلاهما لفظ الشيطان فيه على سبيل الاستعارة وليس على سبيل
الحقيقة .. وقد ناقشت الآراء وذكرت أسبابي وأدلتي في اختيار ما أميل إليه .. وهو
ما أدين به لله .. لأني لا أصدق بمبيت الشيطان على الخيشوم حقيقة .. لمخالفته
لكلام النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى .. ولمخالفته القرآن كلام الله ..
ولأنه لا مانع بتوصيف القبيح في اللغة بأنه شيطان.
- وفي كل ما سبق – الله أعلم .
*****************
جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل
ردحذفتفسير مقبول .. ربي ينفع به وبك على الدوام
ولكن لوسمحت لم افهم اللفظ ( اذا استيقظ - أُراه - ) !
وايضا .. هل ممكن ان نفهم من الاحاديث .. ان هناك شيطان لكل انسان خاص عند النوم .. يعقد على قفاه .. ثم يبيت على خيشومه .. ام انها شياطين ، وكل شيطان له عمله المكلف به ؟
ام - وبما انه يمكن اطلاق كلمة شيطان على الشيء المستقبح - فإن هذا الشيطان هو نفس الانسان في حالتها الأمارة بالسوء ؟؟
بارك الله فيك
أختنا الفاضلة قطر الندى ..
حذف1- لفظ رواية البخاري هكذا : ( إذا اسْتَيْقَظَ -أُراهُ- أحَدُكُمْ مِن مَنامِهِ فَتَوَضَّأَ، فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاثًا؛ فإنَّ الشَّيْطانَ يَبِيتُ علَى خَيْشُومِهِ)
وكلمة (أُراه) أي أظنه .. وهي كلمة ليست من كلام النبي وإنما من كلام أحد رواة الحديث عن أبي هريرة .. فهو يظن أنه جاء في الرواية لفظ (أحدكم) .. ولكن الإمام مسلم والنسائي روياها بالجزم المؤكد فقال (استيقظ احدكم) .. مع حذف (أظنه) ..
وعموما تم الإشارة لذلك في متن الموضوع مع ذكر رواية النسائي .. وتم حذف من رواية البخاري كلمة (أراه) مع الإشارة لها كملحوظة .
2- لا أظن أن لكل إنسان عدد من الشياطين بل هو شيطان واحد موكل به وغالبا هو ما يشار إليه بالقرين ..
3- لا علاقة هنا لكلمة شيطان بالنفس الأمارة بالسوء .. فالوضوء أو استنثار الوضوء لا يطردها ..
- والله أعلم
***********************************
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
حذفجزاك الله كل خير شرح جميل ومقنع
ردحذف"الخلق حجابك عن نفسك،
ونفسك حجابك عن ربّك" .
_سيدنا الشيخ عبد القادر الجيلاني.
بين الله وبين كل مخلوق سر
ردحذففلا تدخل بين عبد وربه
لا تحكم على مخلوق لا يعرف سره غير ربه
بينه وبين كل عبد سر
يعرف كيف يأتي بمن أحبه
منهم من ياتي به بالجمال
منهم من يأتي به بالجلال
لا تحكم على مخلوق لا تعلم سره
فسره بينه وبين ربه
لاتنظر لأحد بنظرة إزدراء ولا إحتقار
فلعل بينه وبين ربه سر
ولعل ماتراه فيه ماهو إلا إنعكاس نفسك أنت لا هو
ولعل بنظرتك إليه وإزدرائك إياه وإحتقارك له يغار مولاه عليه فيجتبيه ومنه يدنيه ويغضب منك ويؤدبك
لا تحكم على أحد فلست حاكم ولن تكون
بينه وبين كل عبد سر
ولكل عبد بابه الذي يأتيه منه
فليس بابك هو بابه فلا تزدريه
فما يصلح لك لا يصلح لغيرك فلا تزدريه
دع الخلق للخالق هو أولى بهم منك
عطر الجنة 🕊
كتبت وقلت
حذفبين الله وبين كل مخلوق سر
بين الله وبين كل عبد سر
ضحكوا وقالوا
أنى لمثلك أن يكون له سر
و أنت في طيات النفس الأمارة بالسوء غارق
مهلا يا هذا مالك ومال نفسي في أي طياتها طواها
أوليس هو من خلقها وسوها وإن شاء زكاها
لست ربا مطلعا على أسرار النفوس
ولا شيخي يبصرك الله بعيوبي فتقوم نفسي
مال أراك شرحت نفسي كجثة ميت
تمهل لازلت حي وقد يتوب علي من تاب عليك
أوليس حالي سر بيني وبين ربي
أوليس ذنبي سر بيني وبين ربي
اوليس عملي شره وخيره سر بين وبين ربي
لا أنت قريني الملازم لي ولا أنت بشيخي الذي أفضي بذنبي و سري له
قلت بين كل عبد وربه سر لم أقل
وحي يوحى إلي ولا أعلم الغيب
بيني وبين ربي سر ولا يعلم سري إلا من بث فيا سره
حسن الظن في الله سر
واليقين لمن أيقن بقدرته ورحمته سر
والرضا لمن سكن لقضاءه سر
بين كل عبد وربه سر
أرأيت أن السر سر بعد عن فهم عقلك فظننته وهم وإتهمتني بالجنون
فأتركوا الخلق للخالق
قلت أحب فقالوا مجنون فأزجروه
وعن باب الدعوة أبعدوه والعلم علموه
وقلمه فأكسروه
لست عالما ولم ولن أكون
لكنني محب لديني وربي
أحدث عنه بقلبي
فخلي بيني وبين ربي
عطر الجنة 🕊
نحن كأقلام التلوين قد لا أكون لونك المفضل،وقد لا تروق لك ألوان الآخرين ولكننا سنحتاج بعضنا يوماً لتكتمل اللوحة
ردحذفراقت لي
لكل منا لونه وبصمته خلقنا لنكمل بعضنا لا لنشبه بعضنا
عطر الجنة 🕊
تعلم من فصول الحياة:
ردحذفأن تكون فصلا من فصول السنة حسب الظروف والاشخاص
تعلم ان تكون مثل فصل الخريف
تسقط من داخلك ما يؤلمك و من يؤلمك
ذنوبك ،خطاياك .....
بداية جديدة ، نقطة من اول السطر .
لتفسح المجال لفصل الربيع ليزهر فيك نور الامل ،نور التوبة، نور حب الله وحب من يستحق من تزهر معه ..
تعلم من فصل الشتاء كيف تمطر دموع الندم دموع التوبة دموع الإستغفار وكيف يرعد بك شعور الذل والإنكسار للواحد الجبار
حتى تسمح لفصل الصيف أن يشرق فيك شمس الأمل في الله فتدفئ روحك وتحتويك
عطر الجنة 🕊
أنت من تختار طريقك
ردحذفإما أن تعيش محاربا أو مهزوما
بين الداء والدواء حرف
إن لم تسعى لواو الدواء ستظل تعاني من كل داء
وبين الوهم و الفهم حرف
إن لم تكسر واو الوهم لن تصل لفاء الفهم
وبين الحب والحرب حرف
إن لم تحذف راء الحرب لن تعرف طعم الحب
وحروف الألم هي نفسها حروف الأمل
فأعرف متى تغير الحرف
ومتى تقلب كل الحروف
فإما أن تعيش في الوهم أو تختار الفهم
وإما أن تعيش بالحب أو تختار الحرب
وإما أن تعيش بالداء او تبحث عن الدواء
وإما أن تعيش بالألم أو تعيش بالأمل
أنت من تختار
عطر الجنة 🕊