ج1: رسالة التعريف بعقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان من السعالي والغول وأم الصبيان وهل يستطيع الشيطان عمل السحر للإنسان - كيف ترتقي بإيمانك وتقتل خوف الشيطان في نفسك وتعرف كذب المعالجين الذين يخيفونك من الشيطان - لماذا يتبع بعض المعالجين أسلوب التخويف من الشيطان أمام المصاب روحانيا.

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

التعريف بعقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان 

من السعالي والغول وأم الصبيان

و هل يستطيع الشيطان عمل السحر للإنسان ؟

(الفصل الأول)

#- فهرس:

:: الفصل الأول:: مقدمة الرسالة والغرض منها – عن التعريف بطريقة للإرتقاء بإيمانك لمواجهة خوفك من الشيطان وتخويف المعالجين لك من الشيطان ::

1- مقدمة الرسالة والغرض من كتابتها والتعريف بطرق نشر المعتقدات الخاطئة والمغلوطة.

2- س1: كيف ترتقي بإيمانك وتقتل خوف الشيطان في نفسك وتعرف كذب المعالجين الذين يخيفونك من الشيطان ؟

- هكذا يكون مجاهدتك للشيطان .. تعلم من النبي وصحابته.

3- س2: لماذا يتبع بعض المعالجين أسلوب التخويف من الشيطان أمام المصاب روحانيا ؟

 ****************************

 ..:: مقدمة الرسالة والغرض من كتابتها ::..

- بسم الله والحمد لله .. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.

- هذه رسالة جديدة أسأل الله العون على كتابتها كما يحب ويرضى .. وأكتبها إليك أخي الحبيب لتكون على نور وبصيرة من فهم النصوص الشرعية التي سأناقشها في هذه الرسالة .. وهي تتعلق بمناقشة مسألتين:

 

- المسألة الأولى: هل يوجد سحرة للجن أتى ذكرهم في الشريعة الإسلامية ؟

- المسألة الثانية: هل يمكن للجن أو الشيطان أن يسحر للإنسان ؟

 

- ومع كل مسألة سيتبعها أسئلة نحتاج لمناقشتها .. حتى نستطيع أن نقف على أرض ثابته من المعلومات الصحيحة التي يطمئن لها العقل والقلب وتتفق مع القرآن وصحيح كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

 

- وأيضا سنناقش بعض التصورات والمعتقدات التي يظن البعض صحتها .. ولكن في حقيقة الأمر هي غير صحيحة .. ولذلك ساكتب لك أسباب كتابتي لهذه الرسالة .. وما لاحظته من وجود اهداف في نفوس بعض من يكتبون أو يتكلمون في مسألة سحر الشيطان للإنسان .. حتى تفهم لماذا أكتب لك هذه الرسالة.

 

#- أولا: سبب كتابة هذه الرسالة:

1- وجود على الإنترنت بعض صفحات الفيسبوك وقنوات اليوتيوب .. تقوم بالترويج لمعتقد أن الشيطان يسحر للإنسان .. ويتكلمون في هذه المسألة بقوة وكأنها حقيقة واقعية .. وفي سردهم للمعلومات يكون تخويف شديدة وإرهاب في نفسية القاريء أو المشاهد .. وكأن يزرع في نفسية المؤمنين أن كيد الشيطان عظيما وعليك أن تخاف من الشيطان ..!!

 

#- وهذا من أخبث المعتقدات التي يتم نشرها .. وهي تعظيم كيد الشيطان في النفوس لأنه مخالف للقرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم.. كيف ذلك ؟

أ- لأن الله تعالى يقول: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء: 76..

ب- ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى صحابي عن أن يجعل للشيطان كيدا في عالم المادة .. لأن هذا فيه تعظيم لكيد الشيطان .. وذلك في قصة حدثت .. فقد كان يوما يجلس هذا الصحابي خلف النبي على حمار النبي .. فتعثرت الدابة أي نزلت قدم الحمار في حفرة فسقط الحمار وكانا عليه .. فقال الشخص تعسا للشيطان وكأنه يريد أن يقول باللغة العامية "الله يأخد الشيطان" .. وكأن يظن أن الشيطان هو الذي تسبب في ذلك .. فلما سمعه النبي فقال له: (لَا تَقُلْ: تَعِسَ (أي هلك) الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ .. تَعَاظَمَ (أي تفاخر وأُعجب) الشَّيْطَانُ فِي نَفْسِهِ وَقَالَ: صَرَعْتُهُ بِقُوَّتِي (أي يزعم أنه فعل ذلك) .. فَإِذَا قُلْتَ: بِسْمِ اللهِ (أي بقدر الله كان ما حدث) .. تَصَاغَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ حَتَّى يَكُونَ أَصْغَرَ مِنْ ذُبَابٍ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح .

 

- وقوله (صرعته بقوتي): أي أسقطت هذا الحمار بقوتي .. وفيه دلالة على أن للشيطان كانت له محاولة برغبته وتمنيه في حدوث المكروه لهما .. وليس فيه دلالة على قدرته على صرع الإنسان .. فلما حدث ما حدث من قدر الله .. ويتم شتم الشيطان أو الدعاء عليه .. فيفتخر بذلك في نفسه غرورا ويصدق نفسه أنه كان الفاعل .. ولكن إذا قال المؤمن باسم الله كان ما كان من قدره فحدثت الإصابة وحدث اللطف .. فحينئذ يعلم الشيطان أن المؤمن لا يلتفت إليه أصلا ولا قدر له في نفسيته .. بل الله هو الذي قدر له ذلك فكان ما كان .. وحينئذ يخنس ويختفي وسواسه من النفس من أنه هو الذي فعل بك كذا وكذا .. ويصبح كالذبابة التي يسهل طردها كما تطرد الذباب .

   

2- والسبب الآخر لكتابة الرسالة .. هو مناقشة الأدلة التي يستدل بها البعض على أن الشيطان له إمكانية على سحر الإنسان .. والتأثير عليه بالسحر .. حتى وصل الأمر بالبعض أن جعل الشيطان ساحر عظيم يتمكن من الإنسان ويفسد عليه حياته ويوقف حاله ويصيبه بالمرض ..

- ولا يخفى على مؤمن أن من يتصور ذلك فقد جعل الشيطان قاهرا له ومتصرف فيه كتصرف صاحب الحمار في الحمار .. ولا أتصور لمؤمن أن يصدق ذلك لأن ذلك أصلا مخالف لكلام الله إذ يقول تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) النحل:99 ..!!

 

- وليست المشكلة في مناقشة الأدلة التي أشار بها البعض على إمكانية سحر الشيطان للإنسان .. وإنما المشكلة فعلا فيمن يريد أن يجعل معتقده الخاص دينا للناس ليعتقدوه .. فيأتي بأدلة شرعية ليصبغ معتقده الخاص بصبغة شرعية .. وذلك حتى تقتنع به أنه معتقد ديني .. ولكن الحقيقة أنها أوهام نفسية أراد البعض أن يصبغها بصبغة شرعية ليجد لها القبول في نفوس المؤمنين .. !!

- وعند تحقيق ومناقشة هذه الأدلة سيتبين لك أخي الحبيب .. الحق من الباطل والصواب من الخطأ .. إن شاء الله .

3- توجيه المؤمنين بصفة عامة وبعض المعالجين بصفة خاصة الذين فيهم حسن نوايا لمساعدة الناس .. ولكن فقدوا العلم إما لقلة تواجده على شبكة الإنترنت أو لفقد القدرة على شراء الكتب لارتفاع تكلفتها جدا في زماننا هذا .. أو لأنه لم يكن لديهم الوقت لدراسة العلم .. ولذلك اتجهوا لمن ظنوا فيهم العلم والمعرفة من خلال تجاربهم فصدقوهم .. خاصة حينما صبغوا كلامهم بصبغة شرعية فكان تصديقهم شيء مطمئن لهم .. ولكن في الحقيقة أسلوب صباغة المعتقدات بصبغة دينية هو أسلوب كثير من الناس على مر التاريخ لفرض معتقداتهم الخاصة فيجعلون منها دينا حتى تتقبله النفوس ولا يعلو أحد صوته بالإنكار على مبتدعي هذه المعتقدات .

 

#- ثانيا: رغبة البعض في تسويق معتقد سحر الشيطان للإنسان المصبوغ بصبغة شرعية من خلال بعض النصوص الدينية .. فهذا له أهداف لاحظتها عند بعض المعالجين:

1- إسكات وإلجام الناس .. عن مجادلة هؤلاء المعالجين في مشروعية ما يخبرون به الناس من مخالفات أو خرافات يروجوها ولا يمكن لعقول الأسوياء أن يقبلوها .. وإن اعترضت فيتبعون الأسلوب الرخيص المتبع دائما هو تعلية الصوت عليك ويقولون: من أنت حتى تخالف الأدلة الشرعية التي يخدعوك بها ؟!! فاخرس واسمع الكلام وأنت ساكت لا تجادل .

 

- وبالتالي فإن الصبغة الدينية .. تعطيهم جرأة في توطين معتقد أن الشيطان يسحر للإنسان ويوقف حاله .. في حين لم يقل الله ولا رسوله ذلك الكلام .

 

2- الصبغة الدينية مهمة جدا عند بعض المعالجين .. وذلك للسيطرة على عقول بعض الناس وتحديدا الذين لديهم تفعيل روحاني نشط أو ما يسمونهم بالزوهريين .. من خلال تزويدهم بالمعلومات المغلوطة والمصبوغة بصبغة شرعية .. حتى يظل هذا الشخص في حيرة طوال عمره ويعيش في دائرة من الوهم .. لأن الشيطان يتلاعب بقوى الخيال في هذه الأشخاص من خلال قوى الخيال ويظهر لهم في أحلامهم بانه يطعمهم السحر الجبار كل يوم أو كل أسبوع أو ما شابه ذلك .. وبالتالي يعود مرارا وتكرارا لهذا المعالج ليدفع له أموالا حتى يخلصه من أسحار الشيطان التي لا وجود لها اصلا إلا عند من ارتضى أن يأكل السحت وأموال الناس بالباطل ..!!

 

3- ومن أهدافهم من وراء الصبغة الشرعية لهذا المعتقد الخاص بسحر الجن للإنسان .. هو استمراره ونشره على نطاق واسع .. ليتم برمجة العقول عليه ليتوهموا أنه حقيقة وجودية وله مرجعية شرعية.

 

#- انتبه أخي الحبيب .. فليس المعالجين سواء وليست نفوسهم واحدة:

- يوجد بعض المعالجين الذي أيضا صدقوا بعقيدة سحر الشيطان للإنسان .. ولكن هؤلاء المعالجين يريدون أن يقولوا للناس احذروا مما يفعله الشيطان واذكروا الله .. حتى تأمنوا من سحره .. ولا يزيدون عن ذلك .

- وهذه طائفة من المعالجين بالرغم من حسن نواياهم .. ولكن أيضا غلبهم الجهل لأنهم اكتفوا بنقل المعلومات من الإنترنت عمن غلبهم الجهل .. وأخذوا المعلومات كما هي دون تحقيق من صدق المعلومة ..!!

 

#- ثالثا: كيف يتم نشر هذا المعتقد بين الناس في زماننا هذا ؟

#- يتبعون في ذلك طريقين لنشر معتقد الشيطان الساحر للإنسان:

 - الأول: ينشرون هذا المعتقد من خلال شبكة الإنترنت .. ونشره على مجال واسع على صفحات كثيرة في الإنترنت حتى ينطبع في الذهن أن هذا معتقد حقيقي .. حتى يقول كل معالج لأي مصاب اذهب للنت وتأكد من المعلومة التي ذكرتها .. وحينما يبحث الشخص يجد أنه مكتوب ان الشيطان يسحر للإنسان .. وكأن هؤلاء المعالجين يريدون تغذية الإنترنت بمعلومات يأخذها الذكاء الاصطناعي بعد ذلك ويجعلها معلومة حقيقية ..!!

 

- الثاني: ينشرون هذا المعتقد من خلال شحن عقول النساء بصفة خاصة بحقيقة أن الشيطان يسحر للإنسان .. لأنهن الوسيلة الأسرع في نشر هذا المعتقد .. لأنهن الأقرب إلى تصديق مثل هذه الخرافات ونشرها بين بعضهن البعض ..!!

 

#- وختاما لهذه المقدمة ..

- أرجو من الله التوفيق في كتابتها .. هو حسبي ونعم الوكيل .. ومنه المدد وعليه المعتمد .. والله ولي التوفيق .. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ..

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.

 

******************************

:: الفصل الأول ::

:: عن التعريف بطريقة للإرتقاء بإيمانك لمواجهة خوفك من الشيطان وتخويف المعالجين لك من الشيطان ::

**************************

..:: س1: كيف ترتقي بإيمانك وتقتل خوف الشيطان في نفسك وتعرف كذب المعالجين الذين يخيفونك من الشيطان ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- إذا كان البعض يريد أن يزرع في نفسية المؤمنين عقيدة الخوف من الشيطان .. ويوهمه بأن الشيطان يسحره ليل نهار ويجدد له السحر وما شابه هذا الكلام الخرافي الذي لا وجود له إلا في عقل جاهل ..!!

 

- حينئذ عليك أخي الحبيب أن تنتبه .. وتتعلم أصل مهم جدا من أصول الدين عليك أن تعتقده وتؤمن به في قلبك بكل يقين .. وهو أن كيد الشيطان كان ضعيفا .. لأن هذا الأصل هو حقيقة إيمانية يجب أن تؤمن بها وتحفرها في قلبك ..

 

- وسبب توضيح هذه الحقيقة الإيمانية هو حتى يكون لديك بصيرة وعلم .. حتى حينما تسمع معلومة خاصة من أي أحد على أنه يعظم في نفسك كيد الشيطان .. فيجب حينئذ أن تتوقف وتنتبه وتقول: أن هذا مخالف للإيمان .. فكيف أعتقده وأصدقه ؟!!

 

- ومثال ذلك رسالتنا هذه فيمن يزرعون في نفوس المؤمنين أن الشيطان يسحرهم .. فأخافوهم وأصابوهم باضطراب في إيمانهم لعجزهم عن مواجهة هذا الشيطان الساحر العظيم الذي لا يستطيعون دفعه .. في حين أنه لا وجود لهذا الفعل الشيطاني مع الإنسان أصلا ولا إكراه من الشيطان للإنسان على فعل شيء .. لأن الإيمان بالقرآن يجعلك تنكر ذلك وتبطله ..!!

 

- وإليك هذه الحقيقة الإيمانية التي أريدك أن تنتبه لها لتكون مقياسا لك لتمييز الحق من الباطل في قلبك حينما تستقبل معلومة فيها تعظيم للشيطان ..

 

- وهذه الحقيقة تتعلمها من خلال آيه لا تنساها .. وقصة تحفرها في قلبك .. وإليك بيان ذلك.

 

- أولا: يقول تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء: 76..

- إذن كيد الشيطان ضعيف .. وكيده هو حيلته مع الإنسان في إغواءه وتضليله .. وأتى الله بلفظ (كان) حتى تعلم يقينا أن هذا الكيد الضعيف هو حكم أزلي وأبدي في كيد الشيطان .. ولا يستطيع الشيطان أن يتخطاه بكيد فيه قوة يقهر بها الإنسان .. إلا على من سلك مسالك الشيطان واتبعها .. كما أخبرنا بذلك الله إذ يقول: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) الحجر:42 ..، ويقول تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل:99-100.

 

#- والمعنى من تفسير المنتخب:

- إنه ليس له تأثير على الذين عمرت قلوبهم بالإيمان باللَّه، واستمداد العون منه - وحده - والاعتماد عليه.

- إنما تأثيره وخطره على الذين خلت قلوبهم من التعلق باللَّه وحبه فلم يكن لهم عاصم من تأثيره، فانقادوا له كما ينقاد الصديق لصديقه، حتى أوقعتهم فى أن يُشركوا باللَّه فى العبادة آلهة لا تضر ولا تنفع.. (انتهى النقل من التفسير).

 

- من الغريب في أحوال بعض المعالجين .. أنه بدلا من أن يكون مهمة الشخص المعالج الذي يساعد المصاب روحانيا .. هو تحقير الشيطان في نفسية المصاب وإضعاف كيده .. ويخبر المؤمنين بحقيقة كلام الله حتى يثبتوا في مواجهة الشيطان ويذكره بقوله تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء: 76..

 

- ولكن نجد بعض هؤلاء المعالجين قد انحرفوا فكانوا عونا للشيطان على المؤمنين .. فأخافوا المؤمنين من الشيطان الساحر العظيم الذي أوقف حالهم ويدمر حياتهم ..!!

- فما أجرأهم على الله بمخالفته لتعظيم كيد الشيطان في نفوس المؤمنين ..!!

 

#- ثانيا: انتبه لهذه القصة أخي الحبيب ..

- حتى لا تستغرب أسلوب بعض المعالجين في تخويف المؤمنين من كيد الشيطان في نفوسهم بما لا وجود له .. لأنهم اتبعوا نفس منهجية الكفار التي اتبعوها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بعد معركة جبل أُحد .. وكأنه يوجد مشابهة في القلوب من ناحية اتباع نفس المنهجية في التخويف من الشيطان .. إذ أن حالهم هؤلاء المعالجين الذين ينشرون الخوف من الشيطان في نفوس المؤمنين .. هو مثل حال أعوان الشيطان بعد معركة أحد حينما حاولوا نشر الخوف في نفوس المؤمنين بعد هزيمتهم .. ولكن كيف ذلك ؟

#- في معركة أحد وبعد أن انقلب النصر إلى هزيمة ..

1- جاء بعض الناس كوسيلة إعلامية إلى المؤمنين الجرحى لتخويفهم وبث الرعب في نفوسهم .. وذلك من خلال إظهار قوة قريش وأنصارهم الذين جمعوها وأنهم سيعودون مرة أخرى لقتال المسلمين حتى يقضوا عليهم .. ولكن كان حال المؤمنين الممتلئة قلوبهم إبمانا بالله أن قالوا بكل إيمان وعزة: (حسبنا الله ونعم الوكيل) ..

 

2- فيصف لنا الله ذلك إذ يقول جل شأنه: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران:75 ..

 

- وشرح الآية السابقة تجده في قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق:3 .. وتجده في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنِ استَغْنى أَغْناه اللهُ، ومَنِ استَعفَّ أَعفَّه اللهُ، ومَنِ استَكْفى كَفاه اللهُ) رواه أحمد والنسائ والدارقطني .. وقال محققو المسند: إسناده قوي.

 

 #- معنى الحديث كما قال بعض العلماء: أن من استغنى عن السؤال واستعف عنه واكتفى وقنع بما أعطاه الله من رزق يسير مع الأخذ بأسباب الكسب الحلال أغناه الله وأعفه وكفاه مؤنة السؤال اكتفى بالله كفاه (راجع بلوغ الأماني في شرح مسند الإمام أحمد ج9 ص92) ..

 

3- وخلاصة القول أن من اكتفى بالله كفاه .. أي من توكل على مولاه  واعتصم به ورضي بما قسمه له كان في معية الله وعنايته الخاصة .. ورجال الله الذين تعلقت قلوبهم بمولاهم لا يخافون شيطان إنسي ولا جني .. لأنهم على ربهم يتوكلون لأنه الحي الذي لا يموت ومنه المدد وعليه المعتمد لأنه الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ..

 

4- ولذلك حينما قال المؤمنون: (حسبنا الله) أي يكفينا الله .. (ونعم الوكيل) أي وهو أكمل من نعتمد عليه .. ثم خرجوا للمواجهة في موقعة حمراء الأسد الذي لم يتجرأ فيها قريش أن تعود للقتال وكان المسملين حينئذ لا يتعدى عددهم العشرات وهم ما بين جريح ومقطوع الأطراف والدماء تسيل منهم .. ولكنهم خرجوا لملاقاة العدو حتى يثبتوا أنهم رجال الله .. لأن الواقع شاهد إثبات .. وليس مجرد قولهم فقط (حسبنا الله ونعم الوكيل) هو كان مجرد قول .. لا .. وإنما عزيمة انعقدت في قلوبهم نطقوا بها عن استعلاء إيماني على من أخافوهم من الشيطان .. وذلك لثبوت عزتهم بالله على من أخافوهم .. وترتب على هذا القول الإيمان تحقيق لهذا الإيمان بجهاد في أرض الواقع .. فكان قولهم فعلا وليست ألفاظا ينطقون بها .. وإنما إيمانا يسكن قلوبهم تكلم به لسانهم وانفعلت به أجسادهم ..

 

5- وماذا كان حال المؤمنين بعد المعركة ؟

- قد كانوا في أضعف ما يكون عليه إنسان على وجه الأرض من هزيمة نفسية ومعنوية .. وجراح دموية منتشرة فيهم قد بلغت في البعض منهم قطع أطراف من يده أو أجزاء من جسده .. وخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم .. ثقة في الله واتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم .. فاستحقوا قوله تعالى: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) آل عمران:174.

 

6- ثم قال الله تعالى بعد ذلك منبها للمؤمنين حقيقة هؤلاء الذين أتوا لينشروا الخوف فيهم .. إنما هم أتباعا للشيطان وأداة من أدواته أرسلهم ليحبطوكم ويصيبوكم بالوهن والضعف والخوف من عدو الله .. ولذلك قال تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) آل عمران:175.. أي أن ما حدث لكم من هذه الجماعة التي أرادت تخويفكم .. إنما هي من انصار الشيطان وأولياءه الذين يخوفكم بهم من خلال تحريضهم عليكم  .. أي يخوفكم  الشيطان بإرسال أولياءه إليكم لنشر الخوف فيكم .. والله أعلم .

 

7- أخي الحبيب:

- إن جاءك الخوف في نفسك يوما ما سواء من إنسي أو جني .. فقل بكل قوة وعزة واستعلاء بالإيمان:

- (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التوبة:51 .

- أو قل بعزة: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )

- أو قل بعزة: الله أكبر .. هو حسبي ونعم الوكيل .

 

- ولا تكتفي بمجرد القول السابق .. لا .. ولكن افعل كما فعل المؤمنون .. وابدأ أن تجاهد قدر استطاعتك من أراد أن يخفيك حتى ولو بالدعاء إن فقدت كل حيلة وطريقة في قانون الأسباب .. واعلم أن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرا كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم .. فكن عزيزا بالله واصبر بالله حتى تغنم .. واعلم أن الأمور تسير بأقدار .. والله يلطف بك وله تدبير خفي من حيث لا تعلم ولا تدري .. وهو السميع العليم القيوم المدبر للوجود والمتصرف فيه كما تقتضي مشيئته.

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- لا تنسى أن كيد الشيطان كان ضعيفا .. أي هذه حقيقته المثبتة له من قدر الله فيه .. يعني ربنا حكم عليه بحكم أزلي وأبدي أن كيده ضعيف .. ولذلك قال تعالى: (كان ضعيفا) فأتى بالفعل الماضي لتأكيد هذه الحقيقة في قلوب المؤمنين أن الله ختم على كيد الشيطان بأنه ضعيف.. فاطمئن يا مؤمن.

 

2- لا تجعل أحد يفسد عليك إيمانك أو يضعفه لك بأن يخيفك من الشيطان لأن كيده عظيم .. أو يجعلك تظن أن الشيطان له سلطان عليك .. أو أن الشيطان يمكن أن يسحرك فيسلبك صحتك أو رزقك أو عقلك .. أو يؤثر عليك بأي تأثير خلاف ما أذن له الله من تأثير بالوسوسة والإغواء .. والتي قد تصل في مرحلة ما إلى حد الصرع بسبب وجود ضعف وضغط  نفسي يعيشه المصاب روحانيا . أو لسبب ما آخر كحدوث سحر نتيجة تسليط من شخص روحاني .. أو ممارسات روحانية فعلها الشخص كقراءة عزائم روحانية أو ممارسة طقوس بوذية أو هندوسية خاصة بأصحاب الطاقة الروحانية .. أو ذنوب فعلها وكان لها أثر في الناس فعادت عليه بتسليط الشيطان عليه .. والله لطيف بالعباد.

 

#- فإذا علمت ما سبق أخي الحبيب .. وتعلمت شيئا من الإيمان وثبات القلب في مواجهة الشيطان وأعوانه من عالم الإنس .. فحق عليك الآن أن لا تخاف من أعوان الشيطان الذين ينشرون الخوف في نفسك من كيد الشيطان ويجعلون كيده عظيما .. بل وعليك أن تقرأ العلم الصحيح حتى تعلم كيف تواجه الجهلاء والذي استخدمهم الشيطان كأداة في تعظيم كيده .

 

- فلا تخاف من كلام الجهلاء الذين يؤثرون به في نفسيتك .. بل كن أنت الأعلى بإيمانك عليهم .. حتى يستقيم قلبك مع الله ولا يكن للشيطان إليك سبيلا ..

 

#- ملحوظة هامة:

- ليس معنى ان أقول لك أن لا تحترم من يخيفك من الشيطان .. هو أنك لا تخاف مطلقا .. لا .. فالخوف صفة في النفس تحدث عند الاستشعار بكل خطر مهما كان نوعه حتى ولو مجرد احساس متوهم .. ولكن كلامي معك أن لا ترضى أن يخيفك أحد بتعظيم كيد الشيطان أمامك لأنك إيمانك يمنعك من الإعتقاد بهذا المعتقد الكذاب وهو أن كيد الشيطان عظيم .. فانتبه.

 

 **************************

 

..:: س2: لماذا يتبع بعض المعالجين أسلوب التخويف من الشيطان في نفسية المصاب روحانيا ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- يمكنك أن تحرر أي إنسان مؤمن من خوفه من الشيطان .. فتذكره بأن كيد الشيطان ضعيف كما أخبرنا الله .. وكما سبق وشرحنا ذلك .. ثم تضيف له أن الله يقول: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) فاطر:6 .. وذلك لتعلوا من عزيمته في مواجهة عدوه لأنه أمر من الله بمواجهته والوقوف بوجهه لأن كيده ضعيف.
 
2- ولكن التخويف من الشيطان هو أسلوب قبيح جدا لمن يستخدمه في الإصابات الروحانية .. لأنه يحطم نفسية الإنسان المصاب ويزيد من معونة الشيطان عليه .. لأنه بذلك يظهر للمصاب روحانيا أن مشكلته كبيرة جدا ..!!
 
- فهناك بعض النفوس تستخدم هذا الأسلوب لتعظيم كيد الشيطان في نفوس الآخرين .. وهذا يكون الغرض من وراءه هو النصب والإستيلاء على الأموال من خلال تخويف الآخرين لتحفزيهم على دفع الفلوس حتى يستطيع هذا المعالج العظيم ان يصرف عنهم كيد الشيطان الذي عظمه في نفوسهم ..!!
 
3- ومن المضحك والمؤسف .. أن هذا الإنسان الذي تم النصب عليه من خلال بعض المعالجين .. قد لا يكون مصاب روحانيا أصلا .. لأن الغالب الذي يحدث مع الإنسان يكون نتيجة آلام نفسية تفسد سلامه الداخلي .. وقد يظهر لذلك أعراض على الجسم وحالته المزاجية والنفسية .. بل وأحيانا يكون هناك أمراض عضوية ويتعمد البعض تجاهلها لرغبته في أن يعيش تمثيلية "السحر الذي دمر حياتي وأوقف حالي" .. والتي ناقشناها كثيرا قبل ذلك في رسائل أخرى  !! 

 

#- وقديما قلت أن سبب كل مشكلة روحانية ورائها "خلل نفسي أو تسليط نفسي أو ألم نفسي" ..

- خلل نفسي: أي (بسبب سلوك فيه انحراف) .

- أو تسليط نفسي: أي (بواسطة شخص روحاني قد يكون ساحر أو متستر وراء وصف راقي أو مختبيء وراء قناع التنمية البشرية الروحانية) .

- أو ألم نفسي: أي (بواسطة شخص مؤذي سليط اللسان أو معتدي على حقوق الآخر) .

- وقد يكون المرض العضوي وسيلة جذب للعالم الروحاني حتى تصاب باليأس من رحمة الله أو تشك في رحمة الله ..

 

#-  ولكن هل من منتبه ..؟!!

- أكيد ينتبه من رحم ربي .

 

- إذن لا أنكر احتمالية وجود مشكلة الروحانية .. ولكن أنت الذي تصر إصرارا على أن المشكلة هي سحر .. وكأن الوحي نزل عليك ليخبرك بذلك ..!!

 

- وطالما أنت مقتنع بأن معمول لك السحر العظيم .. فلابد أن يستغفلك النصابين والذين يجعلوك تدفع أمولك لهم .. بل وقد يجعلوك تخلع ملابسك للتحرش بك وهذا غالبا يحدث مع النساء .. !!

 

- فأنت الذي ارتضيت بأن تقول على نفسك بأنك مسحور .. وذهبت بهذه النفسية لجماعة الجهلاء والكذابين من حواليك الذين أوهموك بتأكيد ذلك .. بدلا من أن تقول: يارب أصلح حالي وأرشدني ودلني لما فيه الخير .. !!

- فلا تلوم سوى نفسك .

 

- وبعد ما سبق بيانه من .. فهذا أوان الكلام عن حقيقة الشيطان الساحر حتى تعرف هل فعلا كنت تستحق أن تخاف من معلومة الشيطان الساحر أم أنك كنت مخطيء في حق نفسك ؟!!

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .