ج15: رسالة عقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان - خيط العقد الشيطانية وقافية رأس المسلم - هل الشيطان يصنع خيط من العقد على قافية رأس المسلم عند نومه ليلا ويُعزِّم عليه بعزيمة (عليك ليل طويل فارقد) ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

التعريف بعقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان 

من السعالي والغول وأم الصبيان

و هل يستطيع الشيطان عمل السحر للإنسان ؟

(الفصل الخامس عشر)

#- فهرس:

:: الفصل الخامس عشر :: عن الأحاديث التي تكلمت عن العقد الشيطانية ::

1- س38: هل الشيطان يصنع خيط من العقد على قافية رأس المسلم عند نومه ليلا ويُعزِّم عليه بعزيمة (عليك ليل طويل فارقد) ؟

 ************************

:: الفصل الخامس عشر ::

:: عن الأحاديث التي تكلمت عن العقد الشيطانية ::

**********************

:: مقدمة الجزء الثاني من الرسالة ::

 

- إذا كنا تكلمنا سابقا عن مسألة الشيطان الذي يسحر للإنسان .. والتي ينشرها بعض من لا يتقي الله في خلق ربنا .. وكان من أدلتهم أحاديث الغول ليثبتوا أن الشيطان يسحر للإنسان .. وقد ثبت كذبهم بدرجة امتياز بأنه لا دليل فيما استدلوا به على أن الشيطان يسحر للإنسان .. ثم كان من جملة ما استدلوا به أن الشيطان يسحر للإنسان .. هو حديث نبوي صحيح يتم وصفه بحديث العقد الشيطانية .. وزعموا أن هذا الحديث يثبت أن الشيطان يسحر الإنسان ويوقف حاله ويدمر حياته ..

 

- وإذا أردنا الإجابة على ما زعموه من باطل .. فعلينا أن نبدأ المشوار كما نبدأه دائما باحتراف العلم في كل جزئية من كل أصل وفرع حتى تتبين الحقيقة كاملة أمام عينك .. وتكون على يقين تام بما تعتقده ..

 

- ونبدأ مشوارنا بالتعريف بهذا الحديث الذي أشاروا لها .. ولكن سنتعرف على كل طرق الحديث المختلفة وما جاء فيها .. ثم نتدرج بعد ذلك في المعرفة المتعلقة بهذا الحديث .. فنتعلم عن المقصود بالعقد في اللغة .. وما المقصود بالعقد الشيطانية في الحديث .. وما هو كلام العلماء في هذه المسألة .. وكيف نفهم من هذا الحديث شيء مهم جدا في كيفية التأثير الروحاني من الشيطاني علينا ..  وغير ذلك من مسائل .. والله ولي التوفيق.

 

*************************

..:: س38: هل الشيطان يصنع خيط من العقد على قافية رأس المسلم عند نومه ليلا ويُعزِّم عليه بعزيمة (عليك ليل طويل فارقد) ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- في معتقدات الدين نجد مصطلح يمر علينا في كتب الحديث .. وهو مصطلح "عقد الشيطان على قافية الرأس" أو اختصارا يقال "العقد الشيطانية" .. وهذا المصطلح أتى به العلماء من حديث نبوي أتى ذكره في كتب الأحاديث من حديث صحيح ..

 

- ولكن حينما نسمع أن الشيطان يصنع خيط من العقد على قافية رأس الإنسان .. فأول ما يخطر على عقل المؤمن .. ما هو المقصود بعقد الشيطان ؟!!

 

- وقبل أن نناقش المقصد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بالعقد الشيطانية .. فنذكر أولا ما قيل في روايات الأحاديث حول هذه العقد الشيطانية لتكون على علم بها ..

 

#- أولا: جاء في روايات الحديث:

@- ما جاء عن الصحابي أبي هريرة:

1- (حديث صحيح) .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا (أي في مكان القافية - قائلا): "عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ"، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ) صحيح البخاري.

 

#- من شرح الدكتور مصطفى البغا:

- (يعقد): يربط فيثقل عليه النومه.

- (قافية): مؤخرة العنق أو القفا.

- (يضرب كل عقدة): يحكم عقدة ويؤكده.

- (فارقد): فنم ولا تعجل بالقيام.

- (طيب النفس): مرتاح النفس لما وفقه الله تعالى إليه من القيام.

- (خبيث النفس): مكتئبا يلوم نفسه على تقصيره في ترك الخير والقيام في الليل. (صحيح البخاري بشرح وتعليق مصطفى البغا عند حديث رثم 1142).

 

2- عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ إِذَا نَامَ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) صحيح البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.

 

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قيل: أن هذا الحديث يتعلق بخصوص المجاهدة لقيام صلاة الفجر.. وقيل أنه يتعلق بمن ينام من بعد المغرب ولا ينهض إلا بعد فوات صلاة العشاء والفجر .. وقيل في رأي أنه يتعلق بمن يرغب في قيام الليل وهذا الرأي أحسبه بعيد جدا عن تفسير الحديث - والله أعلم..، وقد سبق شرحنا هذه الآراء بتوسع كبير في رسالة (رسالة البيان لحديث بول الشيطان في أذن الإنسان - ومعرفة صلاة الليل التي تركها يتسبب في تسلط الشيطان) - في الفصل الرابع تحت عنوان (س10: ما هي صلاة الليل التي قال فيها النبي لمن نام عنها (ذاك رجل بال الشيطان في أذنه) ؟) .

 

2- وفي (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي الزِّنَادِ،َ عنِ "عبد الرحمن بن هرمز" الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ: عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا فَارْقُدْ - ، وَقَالَ مَرَّةً: يَضْرِبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ عُقْدَةٍ لَيْلًا طَوِيلًا - "، قَالَ: " وَإِذَا اسْتَيْقَظَ، فَذَكَرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا تَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى، انْحَلَّتْ الْعُقَدُ، وَأَصْبَحَ طَيِّبَ النَّفْسِ نَشِيطًا، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانًا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين .

 

- قوله (يضرب): أي يعزم بقوة على النائم بهذا القول (عليك ليلا طويلا فارقد).. وذلك ليثقل النوم عليه ويحببه فيه فيستجيب لعزيمة الشيطان فينام.

 

3- وفي (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ إِذَا هُوَ نَامَ، كُلُّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْهِ يَقُولُ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) رواه بن خزيمة في صحيحه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سند صحيح.

 

- قوله (وَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ): معناها أنه يكون بذلك فك عقدتين من ثلاثة .. فالأولى لما ذكر الله حين استيقظ .. والثانية حين توضأ وبذلك يكون فك عقدتين من ثلاثة .. وإذا صلى يكون قد فك العقد الثلاث .

 

4- وفي (حديث صحيح) .. رواية عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِاللَّيْلِ حبل فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ قَدْ أَصَابَ خَيْرًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، أَصْبَحَ كَسِلًا خَبِيثَ النَّفْسِ لَمْ يُصِبْ خَيْرًا) رواه بن ماجه .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح ..، وذكره الألباني في صحيح بن ماجه بأنه صحيح.

 

5- وفي (حديث ضعيف) .. رواية عن أبي هريرة بلفظ: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَامَ عَقَدَ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ عُقَدٍ، فَإِنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَذَكَرَ اللَّهَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ حُلَّتْ عُقْدَتَانِ، فَإِنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حُلَّتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا، فَحُلُّوا عُقَدَ الشَّيْطَانِ وَلَوْ بِرَكْعَتَيْنِ) رواه بن خزيمة في صحيحه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (على بن قرة بن حبيب بن يزيد بن مطر الرماح) وهو مجهول الحال ..، وفيه (عبد الرحمن بن بابي) وهو مجهول الحال إذ لم يروى عنه إلا يعلى بن عطاء وذكره البخاري وابو حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا عدالة ..، فضلا عن شذوذ المتن إذ جاء فيه (فإن صلى ركعتين) وروايات الصحيح (فإن صلى) دون تحديد الركعات ..

 

6- (حديث ضعيف) .. عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَى ابْنِ آدَمَ ثَلَاثُ عُقَدٍ بِجَرِيرٍ (أي بحبل) إِذَا بَاتَ مِنَ اللَّيْلِ، فَإِنْ هُوَ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَذَكَرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ قَامَ فَعَزَمَ فَصَلَّى، انْحَلَّتِ الْعُقَدُ جَمِيعًا، وَإِنْ هُوَ بَاتَ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى يُصْبِحَ، أَصْبَحَ وَعَلَيْهِ الْعُقَدُ جَمِيعًا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، الحسن- وهو البصري- لم يسمع من أبي هريرة..، (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف لانقطاع إسناده .. وإنما قول محققو المسند بأنه صحيح أي صحيح لغيره لأنه يوجد شبيه لهذه الرواية في الحديث الصحيح عند البخاري ومسلم .. ولكنها ليست فيها جملة (بَاتَ مِنَ اللَّيْل) ولا جملة (وَإِنْ هُوَ بَاتَ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ ..) .. فهذا ليس في صحيح البخاري ومسلم .. والله أعلم .

 

@- ما جاء عن الصحابي جابر بن عبد الله ..

 

1- (حديث صحيح) .. عن حفص بن غياث، نا الْأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى إِلَّا عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ حِينَ يَرْقُدُ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ) ...، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى إِلَّا عَلَيْهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ حِينَ يَرْقُدُ بِاللَّيْلِ) ، بِمِثْلِهِ وَزَادَ «وَأَصْبَحَ خَفِيفًا طَيِّبَ النَّفْسِ، قَدْ أَصَابَ خَيْرًا» رواه بن خزيمة في صحيحة .. وقال الأعظمي: إسناده صحيح..، (قلت خالد صاحب الرسالة): وبنفس الإسناد عن حفص بن غياث قد رواه بن حبان في صحيحه بنفس اللفظ وقال فيه الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات، رجال الصحيح..، وقال الألباني عنه صحيح في صحيح الترغيب.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

أ- قوله (فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى): فهاتان عقدتان بالإضافة لفك عقدة الذكر عند الاستيقاظ.. فيكونوا بذلك ثلاث عقد .

 

ب- انتبه أخي الحبيب: إلى أنه يوجد روايتان عند بن خزيمة .. أحدهما أتى فيها لفظ (حين يرقد) .. والأخرى أى فيها لفظ (حين يرقد بالليل) .. وهذا يدل على أن هذه العقد يتم عملها بالليل وخاصة بمنعك عن القيام لصلاة الليل سواء كانت فرض أو سنة .. والله أعلم .

 

ج- في نفسي شيئا من تصحيح هذا الحديث .. لأن أبو سفيان وهو طلحة بن نافع .. قال عنه  أبو حاتم عن شعبة : لم يسمع أبو سفيان من جابر إلا أربعة أحاديث .. وقال علي ابن المديني وهو شيخ البخاري: أبو سفيان لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث .. ويكتب حديثه وليس بالقوي..، وقال بن حجر: لم يخرج البخاري له سوى أربعة أحاديث عن جابر وأظنها التي عناها شيخه علي بن المديني. (راجع تفصيل ذلك في تهذيب التهذيب ج5 ص26 ترجمة رقم44) .. !!

 

- وهذا الحديث الذي معنا عن أبي سفيان "طلحة بن نافع" .. ليس من هذه الأربعة أحاديث التي رواها البخاري .. والتي قيل أنها فقط ما سمعه من جابر .. والباقي أخذه كتابة ونقلا في صحيفة لأنه كان يدلس وليس عن سماع من جابر .. ويظن الإمام بن حجر أنه لعل المقصد من قول "بن المديني" بأن أبا سفيان سمع أربعة أحاديث فقط عن جابر .. هو ما ذكره البخاري عن أبي سفيان عن جابر .. ولكن في غير البخاري قد يكون صح سماعه عن جابر أيضا .. ولكن ماذا عن قول شعبة إذ قال: لم يسمع أبو سفيان من جابر إلا أربعة أحاديث ؟!! .. والله أعلم .

 

- وإذا كان قول أبو سفيان في الرواية أنه قال: (سمعت جابر) .. فهذا يجعل هذا الحديث زائدا حينئذ عن الأربعة أحاديث المشار إليها .. ولكني محتمل أيضا أن يكون رواه من الصحيفة المكتوبة عن جابر .. وكانت هذه الصحيفة عند أبي سفيان .. وحينئذ لا يصح الحديث لانقطاع فيه .. والله أعلم .

 

- ولكني تماشيت مع ما قاله الشيخ الأعظمي والأرنؤوط والألباني .. وسأظن احتمالية صحته وليس اليقين بصحته وذلك لوجود شبهة أن هذا الحديث ليس مما سمعه أبو سفيان عن جابر ..!!

 

2- (حديث صحيح) .. عن أَبي مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، إِلَّا وَعَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ ثَلَاثَ عُقَدٍ، حِينَ يَرْقُدُ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده قوي على شرط مسلم.

 

3- وفي (حديث صحيح) .. عَنِ عبد الله بن نمير، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مَسْلَمَةٍ: ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى يَنَامُ بِاللَّيْلِ إِلَّا عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ، فَإِنْ هُوَ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ قَامَ تَوَضَّأَ وَصَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا وَأَصْبَحَ نَشِيطًا قَدْ أَصَابَ خَيْرًا. وَإِنْ هُوَ نَامَ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ أَصْبَحَ عَلَيْهِ عُقَدُهُ ثَقِيلًا) رواه أبو يعلى .. وقال محققه حسين سليم: رجاله رجال الصحيح .. (قلت خالد صاحب الرسالة): نعم رجاله رجال الصحيح .. ويوجد في المتن زيادة لفظية وهي (ما من مسلم ولا مسلمة) ..وكذلك لفظ (أصبح عليه عقده) .. وهو ما لم يأت في صحيح البخاري ومسلم ..

 

4- وفي (حديث صحيح) بلفظ آخر: عن عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ، ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، يَنَامُ إِلَّا وَعَلَيْهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِنْ هُوَ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَصْبَحَ نَشِيطًا قَدْ أَصَابَ خَيْرًا، وَقَدِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، وَإِنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ أَصْبَحَ وَعُقَدُهُ عَلَيْهِ، وَأَصْبَحَ ثَقِيلًا كَسْلَانًا لَمْ يُصِبْ خَيْرًا) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم..، وذكره الألباني في صحيح الترغيب .. (قلت خالد صاحب الرسالة): هو صحيح فعلا .. ولكن المتن فيه زيادات ليست في غير هذه الرواية المعنعنة عن الأعمش وأبو سفيان .. وهي زيادة (ما من مسلم) وزيادة (أَصْبَحَ وَعُقَدُهُ عَلَيْهِ) .. وروايات الصحيحين البخاري ومسلم ليس فيها لفظ (مسلم أو مسلمة) وليس فيها (أصبح وعليه العقد) .. وأيضا هذه الزيادات ليست في الروايات التي صرح فيها الأعمش وأبو سفيان بالتحديث ..

 

- وقوله (ما من مسلم): لعل المقصود به هو المسلم خاصة بهذا التسليط لأن طريقة فك هذا التسليط هو بثلاثة أشياء وهي الذكر والوضوء والصلاة .. فيكون العقد مرتبطة بتكسيل الإنسان عن القيام للصلاة ..

 

- وقوله (أصبح وعليه عقده): أي أصبح وعليه أثر هذه العقد بدلالة ما جاء في الروايات الأخرى في الصحيحين وهي (أَصْبَحَ كَسِلًا خَبِيثَ النَّفْسِ لَمْ يُصِبْ خَيْرًا) ..

 

#- ملحوظة هامة: لو قلنا أن العقد ظلت موجودة فعلا كما في هذه الرواية والرواية السابقة لها .. فتكون هذه الزيادة منكرة بلا شك والرواية يكون فيها ضعف وتكون صحيحة لغيرها .. لمخالفتها الصحيح بل ولأنها تظهر استمرار وجود العقد وهذا مخالف أصلا لأول الرواية بأن العقد تتم بالليل ومهمتها هي الفترة الليلية كما هو واضح من كل الروايات الصحيحة ..   

 

5- (حديث ضعيف) .. عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ: (مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى حُلَّتِ الْعُقَدُ، وَإِنِ اسْتَيْقَظَ قَالَ لَهُ الشَّيْطَانُ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنْ رَقَدَ قَمَعَهُ الشَّيْطَانُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ الْجَرِيرَ) رواه ابن بشران في أماليه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ السَّرِيُّ) مجهول لم أعرفه ..، وفيه (زمعه بن صالح) وهو ضعيف الحديث .

 

6- (حديث ضعيف) .. عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا عَلَى رَأْسِهِ حَرِيرَةٌ مُعَقَّدَةٌ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَقَامَ فَتَوَضَّأَ فَيُصَلِّي، حُلَّتِ الْعُقَدُ، وَإِنِ اسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ، قَالَ لَهُ الشَّيْطَانُ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، ارْقُدْ، فَيَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ الْحَرِيرَ) رواه الطبراني في الأوسط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سند الحديث ضعيف لوجود (زمعة بن صالح) .. وكذلك يظهر فيه تدليس أبي الزبير .. والمتن مضطرب لأنه في أوله قال (على رأسه حرير معقدة) .. ثم قال في آخرة (فيعقد الشيطان عليه الحرير) .. فكيف ذلك وهو أصلا عليه العقد من الأول ؟!! إلا لو كان المقصد هو إحكام بقاء الجرير عليه حتى يصبح ..، والرواية جاءت بلفظ (الحرير) وهو لفظ شاذ في الرواية ومخالف لكل الروايات .. وقد يكون اللفظ في تحريف عن لفظ (الجرير) وهو الحبل .. وهذا هو الأقرب للصواب .. وفي كل الأحوال السند ضعيف .. والله أعلم.

 

@- ما جاء عن الصحابي عقبة بن عامر:

1- (حديث حسن) .. عن عقبة بن عامر قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ يُعَالِجُ (أي يجاهد) نَفْسَهُ إِلَى الطَّهُورِ (ما يتوضأ به وهو الماء) وَعَلَيْهِ عُقَدٌ .. فَإِذَا وَضَّأَ يَدَيْهِ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فَإِذَا وَضَّأَ وَجْهَهُ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. وَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. وَإِذَا وَضَّأَ رِجْلَيْهِ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِلَّذِي وَرَاءَ الْحِجَابِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُعَالِجُ نَفْسَهُ لَيَسْأَلَنِي .. مَا سَأَلَنِي عَبْدِي هَذَا فَهُوَ لَهُ، مَا سَأَلَنِي عَبْدِي هَذَا فَهُوَ لَهُ) رواه بن حبان في صحيحه .. قال الأرنؤوط: إسناده صحيح..، وحسنه الألباني في صحيح الموارد وصحيح الترغيب.

 

2- وفي (حديث صحيح) .. عن عقبة بن عامر رواية بلفظ: (رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِي يَقُومُ أَحَدُهُمَا مِنَ اللَّيْلَ يُعَالِجُ نَفْسَهُ إِلَى الطَّهُورِ وَعَلَيْهِ عُقَدٌ فَيَتَوَضَّأُ .. إلى آخر الحديث السابق) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: اسناده صحيح..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

أ- وهذا الحديث المروي عن عقبة بن عامر .. في لفظ متنه يوجد فيه إشكالية أو شذوذ في لفظه .. لأنه مخالف لما جاء في الصحيح في وصف عقد الشيطان ..!! لأن ما جاء في الصحيح هو ثلاث عقد .. والوضوء فيه عقدة واحدة فقط وليس عدة عقد .. كما يظهر في هذا الحديث وهو حديث (عقبة بن عامر) أنه يوجد أربعة عقد يتم فكها عند الوضوء فقط ..!! وفيه زيادة إجابة الدعاء في تلك اللحظة ..!!

 

#- وقد خطر على بالي حل لهذا الإشكال إذ لم أجد من تكلم فيه (وهذا رأيي الخاص) .. وهذا الرأي يقول: أن عقدة الوضوء في البخاري ومسلم وغيرهم قد ذكروها مجملة بأنها عقدة الوضوء .. ولكن عند بن حبان قد ذكر تفصيل ما الذي يحدث عند فك عقدة الوضوء بأنها في الأصل عقدة متصلة بأعضاء الجسم الأربعة المرتبطة بالوضوء .. فكان الوضوء للأعضاء الأربعة هو فك كامل لعقدة الوضوء .. ومثال ذلك: كما تقول حلينا مشكلة عطل السيارة وفي الحقيقة أن السيارة كان بها كذا عطل مرتبط بالعطل الرئيسي للسيارة .. والله أعلم ..!!

 

ب- وفي رواية أحمد جاءت الرواية فيها لفظ: "رجلان" وليس (رجل) كما في رواية بن حبان .. وأقول بالله التوفيق: رجلان هنا يقصد بهما أن أحدهما يجاهد نفسه وأحدهما لا يجاهد نفسه فأما الذي يجاهد نفسه فهو كذا وكذا ..، وجاء في حديث آخر: (ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: "ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ) صحيح البخاري.

- فيكون الرجل الثاني الذي تم إبهامه في حديث الإمام أحمد .. هو الذي بال الشيطان في أذنه بهذه العقد الشيطانية حتى استسلم لها تلك الليلة .. والله أعلم.

 

#- ثانيا: روايات جمعت بين العقد الشيطانية وبول الشيطان:

1- (حديث ضعيف منكر) .. عن النضر بن هشام، قال: ثنا بكر، قال: ثنا قرة بن خالد، قال: سمعت عطية، عن أبي سعيد، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا ضُرِبَ عَلَى سِمَاخِيهِ (ممرات أو فتحات الأذن) بِحَرِيرٍ (أما يقصد جرير أي حبل أو خيط من حرير) مُعَقَّدٍ (أي معقود) ، فَإِنْ هُوَ اسْتَيْقَظَ وذكر الله حُلَّتْ عُقْدَةٌ، فإِنِ اسْتَيْقَظَ وَتَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ أُخْرَى، وَإِنْ قَامَ فَصَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا، فَإِنْ هُوَ لم يسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ الْعُقَدُ كُلُّهُنَّ كَهَيْئَتِهَا وَبَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) رواه أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين بأصبهان .. (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث ضعيف .. وفيه (بكر بن بكار القيسي) وهو ضعيف ..، وفيه (عطية بن سعد العَوْفي) وهو ضعيف ..، وتصحيح الألباني لغيره .. فهو يقصد به صحيح في الجزء الخاص الموجود بالبخاري من عقد الرأس .. وصحيح من مسألة بول الشيطان في الأذن لورودها في مسلم .. ولكن لا يوجد في أي رواية جملة (فإن هو لم يستيقظ ولم يتوضأ ولم يصل أصبح العقد كلهن كهيئتها) ..!! فهذه أصلا زيادة منكرة فضلا عن أن العقد الشيطانية مرتبطة بالنوم وليس باليقظة .. !! فقول الألباني: أنه (صحيح لغيره).. فهذا باعتبار بعض أجزاء من هذه الرواية التي تتفق مع حديث البخاري ومسلم المروي عن أبي هريرة .. ولكن هذه الرواية عن أبي سعيد الخدري أصلا سندها تالف وضعيف كما سبق وأوضحنا .. فانتبه.

 

2- (حديث ضعيف) .. عَنِ "عبد الله" ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ "طاوس بن كيسان"، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَامَ عُقِدَ عِنْدَ رَأْسِهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللَّهَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ حُلَّتْ أُخْرَى، فَإِذَا صَلَّى حُلَّتِ الثَّالِثَةُ، فَيُصْبِحُ طَيِّبَ النَّفْسِ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ زَادَ، قَالَ: وَإِنَّ الْإِنْسَانَ يُوقَظُ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَيُوقَظُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَيَجِيءُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ لَهُ: إِنَّ عَلَيْكَ لَيْلًا فَارْقُدْ، فَإِنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ رَقَدَ، ثُمَّ يُوقَظُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ لَهُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ عَلَيْكَ لَيْلًا فَارْقُدْ، فَإِنْ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ رَقَدَ، فَتُصْبِحُ عُقَدُهُ كَمَا هِيَ، وَيُصْبِحُ خَبِيثَ النَّفْسِ - أَوْ قَالَ: ثَقِيلَ النَّفْسِ - نَادِمًا عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ، فَذَلِكَ الَّذِي يَبُولُ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ) رواه عبد الرزاق عن معمر بن راشد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): السند صحيح حتى (طاووس بن كيسان) ولكنه منقطع بين طاوس وبين النبي ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث سنده صحيح حتى طاووس .. ولكنه منقطع بعد ذلك .. ومن وجهة نظري فهذا أصح حديث قرأئته في هذه الأحاديث إذ أنه محكم البناء ومنضبط جدا في الفهم .. وإذا لم يصح السند .. فمن وجهة نظري أن المتن صحيح جدا .. والله اعلم .

 

3- (حديث ضعيف جدا) .. حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جُمُعَةَ الْكَرْمَانِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو مَرْيَمَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ كُلَّ لَيْلَةٍ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ، فَذَكَرَ اللَّهَ حَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ قَامَ فَتَوَضَّأَ حَلَّتْ عُقْدَةٌ أُخْرَى، فَإِنْ قَامَ فَصَلَّى حَلَّتِ الْعُقْدَةُ الثَّالِثَةُ، فَإِنْ نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، فَيُصْبِحُ وَهُوَ يَشْتَكِي كَاهِلَهُ، يَقُولُ: بِئْسَ مَا وَسَدُّتُمُونَا الْلَّيْلَةَ) رواه الأصبهاني في تاريخ أصبهان.. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (أبو مريم وهو عبد الغفار بن القاسم النجاري) وهو متروك الحديث ..، وفيه (الحسن بن قتيبة الخزاعي) وهو متروك الحديث.

 

4- (حديث ضعيف جدا) .. مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا، نا عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ الْعُقَيْلِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّيْلِ أَتَاهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ، قَدْ أَصْبَحْتَ فَصَلِّ، وَاذْكُرْ رَبِّكَ، فَيَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ، فَيَقُولُ: عَلَيْكَ لَيْلٌ وَسَوْفَ تَقُومُ، فَنَمْ سَاعَةً، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى أَصْبَحَ نَشِيطًا، خَفِيفَ الْجِسْمِ، قَرِيرَ الْعَيْنِ، وَإِنْ هُوَ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ حَتَّى يُصْبِحَ .. بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) رواه الطبراني في المعجم الأوسط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): حديث ضعيف جدا .. وفي السند (موسى بن زكريا التستري) شيخ الطبراني وهو ضعيف جدا .. تكلم فيه الدارقطني. وحكى الحاكم عن الدارقطني أنه متروك. (راجع لسان الميزان ترجمة رقم7997)..، وفيه (عمرو بن الحصين العقيلي): وهو ضعيف جدا وقال تكلم فيه الدارقطني بأنه متروك الحديث .. وقال ابن عديّ: حدَّث عَنِ الثّقات بغير حديث مُنْكَر، وهو مظلم الحديث (راجع لسان الميزان ج5 ترجمة رقم303)..، وفي السند فيه عنعنة الاعمش وأبي اسحاق السبيعي .. فالسند تالف جدا.. إلا أن متنه قريب للعقل ومقبول وفيه تفسير ليس في الروايات الصحيحة .

 

#- ثالثا: الروايات الموقوفة على كلام بعض الصحابة.

1- (أثر ضعيف) .. عن أبي هُرَيرةَ قال: (إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ عُقِدَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ بِجَرِيرٍ (أي بحبل) ، فَإِنْ قَامَ فَذَكَرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، أُطْلِقَتْ وَاحِدَةٌ (أي فكها) ، وَإِنْ مَضَى فَتَوَضَّأَ، أُطْلِقَتِ الثَّانِيَةُ، فَإِنْ مَضَى فَصَلَّى، أُطْلِقَتِ الثَّالِثَةُ، فَإِنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَقُمْ شَيْئًا مِنَ اللَّيْلِ، وَلَمْ يُصَلِّ، أَصْبَحَ وَهُوَ عَلَيْهِ .. يَعْنِي الْجَرِيرَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع. وهو في هذه الرواية موقوف على أبي هريرة. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث موقوف غير صحيح .. لأن الحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة .. وإنما قال محققو المسند (إسناده صحيح) أي صحيح لغيره من الروايات التي جاءت في صحيح البخاري ومسلم .. ولكن لم يأت في روايات البخاري ومسلم جملة (وَلَمْ يَقُمْ شَيْئًا مِنَ اللَّيْلِ) ..!!

 

2- (أثر ضعيف السند – ومتن منكر غير معقول) .. عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: (مَنْ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ وِتْرٍ أَصْبَحَ عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ (أي حبل) قَدْرَ سَبْعِينَ ذِرَاعًا) رواه عبد الرزاق في مصنفه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وإسناده فيه ضعف لتدليس سفيان في الرواية .. والمتن فيه نكارة ظاهره .. وذلك لأن كلام الصحابي مخالف لكلام النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي قال يعقد على الإنسان ثلاث عقد على النائم عن الصلاة .. ولم يقل أن النائم عن (صلاة الوتر) يكن على رأسه حبلا طوله أكثر من خمسين مترا ..!! وكيف نظن ذلك والواقع يظهر خلاف ذلك مع كل الناس في كل مكان في العالم حيث ينهض الناس لأعمالهم في غاية النشاط والهمة والعزيمة وغالب الكرة الأرضية غير مسلمين ..!!

 

- ملحوظة هامة: وجدت الإمام بن حجر يذكر أثر بن عمر مرويا عند سعيد بن منصور وقال إسناده جيد .. ولكني لم أجد سند هذه الرواية .. ولكن في كل الأحوال سيظل المتن فيه نكارة تضعفه .. والله أعلم .

 

#- خلاصة القول:

- بعد سرد (عشرون رواية) .. ما بين حديث نبوي وحديث موقوف تجمع ما بين الصحيح والضعيف .. فيظهر معنا أنه صح ثمانية أحاديث نبوية .. والباقي ما بين حديث نبوي وحديث صحابي فهو ضعيف.. ويظهر لنا من صحيح الروايات الآتي:

1- كل الروايات التي جمعت بين العقد الشيطانية وبول الشيطان لم يصح منها شيئا .. ولكن هناك من العلماء من جمع بينهما .. وسأذكر لك ملخص كلامهم في فصل قادم وسؤال منفرد إن شاء الله تعالى ..

2- أن العقد الشيطانية قد أتت ألفاظها في الروايات الصحيحة .. بل أن بعض الروايات يظهر منها أن هذا التسليط الشيطاني هو خصوصية للمؤمن .. ليمنعه من القيام للصلاة الليلية التي قد تكون الفجر أو العشاء أو لو كانت نيته القيام لصلاة الليل مثلا ..

 

#- وانتبه لجزئية أن العقد خصوصية تتعلق بالمؤمن الموحد بالله والذي يشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لأنها تتعلق بمسألة قدرة الشيطان على فعل السحر بالإنسان .. والتي سنتكلم فيها لاحقا .. ولو كنت بصيرا ستفهم من خلال هذه الجزئية أكذوبة قدرة الشيطان على فعل السحر بالإنسان .. فأبصر ..

 

3- لا يوجد للشيطان قدرة عليك بمنعك عن الذكر ولا الوضوء ولا الصلاة .. بل أنت بكامل إرادتك واختيارك وحريتك .. وهذا واضح جدا من ألفاظ الحديث (استيقظت وذكرت) (توضأت) (صليت) .. فتأمل الألفاظ السابقة وستفهم أن الشيطان لا قدرة له عليك إلا بهمَّة الوسوسة فيك ليؤثر عليك .. وليس أكثر من ذلك .

 

4- إذا كان للشيطان كيد لك بالوسوسة ليؤثر عليك .. فأنت لديك القدرة على دفع هذه الوسوسة بمجاهدة نفسك وتقويتها بعزيمة ورغبة منك في أن الله هو مطلوبك.

 

5- لابد من مجاهدة النفس وتقاومها حتى تنجح في عملك مع الله .. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ يُعَالِجُ (أي يجاهد) نَفْسَهُ إِلَى الطَّهُورِ (ما يتوضأ به وهو الماء) وَعَلَيْهِ عُقَدٌ .. إلى آخر الحديث) .. فلا تخضع لكسل النفس الذي يؤثر به الشيطان عليك .. فكلما وجدك في حالة كسل فأنت تكون صيد سهل له بالتأثير عليك .

 

6- عُقد الشيطان هي عزائم يرجوها فيك .. ليصيبك بحالة من الكسل ويحبطك عن القيام للعمل مع الله .. وسيأتي شرح ذلك بالتفصيل في فصل قادم إن شاء الله .

 

7- أن الذي يجاهد عقد الشيطان ويقوم من نومه لله حتى يصلي .. فهو له كرامة خاصة ومعية خاصة وإجابة دعاء يشهد لها أهل السماء .

 

8- فعل الشيطان بالعقد .. يحدث لك عند نومك وفي فترة الليل على وجه الخصوص بدلالة قوله (عليك ليل طويل) .. وليس في باقي اليوم وأنت صاحي وتتحرك في الحياة .

 

9- يأتي تأثير الشيطان بتكسيله من خلال مؤخرة الرأس .. وذلك لحكمة سأشرحها لاحقا إن شاء الله .. ولكن نفهم من زيادة هذه الجزئية في الرواية أن الشيطان حينما يريد ان يؤثر على شخص بالكسل والخمول والضعف .. فإنما يأتيه من هذا المكان ..

 

#- ولهذا طريقة علاج سهلة وممتازة جدا وناجحة بنسبة مائة في المائة إن استشعرت خمول مفاجيء لو اتجهت رغبتك للصلاة فحدث كسل مفاجيء .. فحينما يحدث ذلك: اقرأ المعوذات مرة واحدة على كفي يديك ثم انفخ فيهما ثم امسح على رأسك من الأمام إلى قفاك ثلاث مرات بيديك .. (القراءة مرة واحدة ولكن المسح هو ثلاث مرات) .. وستجد انتعاشة حدثت لك بإذن الله ..

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .