ج16: رسالة عقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان - معنى العقد والضرب والحبل في اللغة والقرآن - علاقة حديث العقد الشيطانية بمفهوم ألفاظ العُقد والضرب والحبل في اللغة والقرآن .

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

التعريف بعقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان 

من السعالي والغول وأم الصبيان

و هل يستطيع الشيطان عمل السحر للإنسان ؟

(الفصل السادس عشر)

#- فهرس:

:: الفصل السادس عشر :: عن علاقة حديث العقد الشيطانية بمفهوم ألفاظ العُقد والضرب والحبل في اللغة والقرآن ::

1- س39: ما هو مفهوم ألفاظ العُقد والضرب والحبل في اللغة وبعض آيات القرآن وعلاقة ذلك بحديث العقد الشيطانية ؟

#- أولا: معنى العُقَد في اللغة والقرآن ..

#- ثانيا: معنى الضَرْب في اللغة والقرآن ..

#- ثالثا: معنى الحَبْل في اللغة والقرآن ..

 ************************

:: الفصل السادس عشر ::

:: عن علاقة حديث العقد الشيطانية بمفهوم ألفاظ العُقد والضرب والحبل في اللغة والقرآن ::

**********************

 ..:: س39: ما هو مفهوم ألفاظ العُقَد والضَرْب والحَبْل في اللغة وبعض آيات القرآن وعلاقة ذلك بحديث العقد الشيطانية ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- إذا كنا ذكرنا الأحاديث التي قيلت في العقد الشيطانية والتي منها ما هو صحيح ومنها ما هو غير صحيح .. فمن المهم أن نتعرف على مفهوم العقد وضرب العقد وحبل العقد .. ولكن من حيث التعريف اللفظي لكلمة (عقد وضرب وجبل) في اللغة وبعض آيات القرآن .. حتى نفهم كلام العلماء الذين فسروا وشرحوا حديث العقد الشيطانية من حيث الحقيقة والمجاز..

#- وأذكرك أخي الحبيب .. أننا نتكلم عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: (يَعْقِدُ (أي يشد ويربط أو يعزِّم) الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ (أي مؤخرة) رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ .. يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ .. عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ .. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) صحيح البخاري.

 

- أولا: معنى العُقد في اللغة والقرآن ..

#- قال أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (المتوفى: 502هـ):

- العَقْدُ: الجمع بين أطراف الشيء، ويستعمل ذلك في الأجسام الصّلبة كعُقد الحبل وعُقد البناء ..

- ثم يستعار ذلك للمعاني نحو: عَقْدِ البيع، والعهد، وغيرهما .. فيقال: عاقدته، وعَقَدْتُهُ، وتَعَاقَدْنَا، وعَقَدْتُ يمينه.

- قال تعالى: (عاقدت أيمانكم) - وقرئ: (عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) النساء:33 ، وقال: (بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) ، وقرئ: (بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) المائدة:89 .

- ومنه قيل: لفلان عقيدة، وقيل للقلادة: عِقْدٌ.

- والعَقْدُ مصدر استعمل اسما فجمع .. نحو: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة:1.

- والعُقْدَةُ: اسم لما يعقد من نكاح أو يمين أو غيرهما، قال: (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) البقرة:235.

- وعُقِدَ لسانه: احتبس، وبلسانه عقدة، أي: في كلامه حبسة، قال: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) طه:27

- (النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) الفلق:4 .. جمع عقدة، وهي ما تعقده الساحرة، وأصله من العزيمة، ولذلك يقال لها: عزيمة كما يقال لها: عُقْدَة .. ومنه قيل للساحر: مُعْقِدٌ.

- وله: عقدة مِلك.

- وقيل: ناقة عاقدة وعاقد: عقدت بذنبها للقاحها.

- وتيس وكلب أَعْقَدُ: ملتوي الذّنب، وتَعَاقَدَتِ الكلاب: تعاظلت. (مفردات القرآن للأصبهاني ص576-577).

 

#- من شرح معاني ما سبق:

- قوله (تعاظلت): أي ركبت فوق بعضها للجماع .. أو بمعني اشتبكت في عراك .. والله أعلم.

 

- قوله (عقدة ملك): أي يمتلك عقارات وأراضي وما شابه ذلك .

 

#- وفي معجم اللغة العربية المعاصرة:

- عقَدَ/ عقَدَ لـ يَعقِد، عَقْدًا، فهو عاقِد، والمفعول معقود (للمتعدِّي)

- عقَد الزَّهرُ: تضامَّت أجزاؤُه فصار ثمرًا.

- عقَدَ الحبلَ ونحوَه: جعل فيه عقدة، جعل منه عُرْوة وأدخل أحد طرفيه فيها وشدّه، عكْس حلّه "عقَد المنديلَ/ رباطَ عُنُقه".

- عقَد الزَّواجَ أو البيعَ ونحوَهما: أجراه وأتمَّه "عقَد زواجَه على فلانة- عقَد صفقة رابحة".

- عقَدوا اجتماعًا أو نحوَه: اجتمعوا في مكانٍ معيَّن وبحثوا موضوعًا ما "عقَدوا جلسة تصالح/ مؤتمرًا عاجلاً".

- عقَد العَزْمَ أو النِّيَّةَ: عزَم ونوَى وقصَد "عقَد العزمَ على السَّفر".

- عقَد الأملَ أو الآمالَ على أمرٍ: رجاه وتمنَّاه "الآمال معقودة على حضوره".

- عقَد الخوفُ لسانَه: أسكته، أفقده القدرةَ على النُّطق - معقود اللِّسان: عاجز عن الكلام، أو مرتبك في كلامه بسبب الخَجَل.

- عقَدوا عدّةَ مباحثات بينهم: تباحثوا.

- عقَد العهدَ أو اليمينَ: أكَّده وأحكمه " {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} "?

- عقَد له الرِّئاسةَ في قومه: جعلها له.

- عقَد ناصيتَه: غضِب وتهيَّأ للشرِّ.

- عقَد ما بين حاجبيه: عَبَس وقطَّب.

- عقَد اتِّفاقًا: أبرَمه.

- عقَد قلبَه على شيء: لَزِمَه وعكف عليه، صمَّم، قرَّر "عقَد قلبه على الإيمان".

- عقَد له على الجيش: رأَّسه عليه. (معجم اللغة العربية المعاصرة: ج2 ص1526).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أن مفهوم العُقد في اللغة عموما .. هو لفظ يقال على ما اجتمع أطرافة .. سواء كان بين طرفين أو أكثر وظهرت منه مل يوصف بالعقدة ..

 

- وهو لفظ يقال مع عقد الأجزاء الصلبة .. كالحبال عند عقد أطرافه ببعض أو جمع عدة أطراف ببعض ..

 

- ولفظ يقال معنويا في حالات كثيرة .. منها كلام يقال يتم العزم على تنفيذه ويكون بما اجتمع عليه عزيمة اثنين أو أكثر على تحقيقه ووضعوه في وثيقة معينة .. كعقد بيع أو تأجير مكان أو اتفاق ملزم بين أفراد أو دول وهو ما يسمى بالعهود أو ما شابه ذلك ..، وكذلك يقال لمن لدية عقدة نفسية أو بدنية أو عقدة ورقية مع المصالح الحكومية أو ما شابه ذلك ..

 

#- والعقد المعنوي هو ما جاء في عموم القرآن .. ولم يأت في القرآن لفظ العقد بمعناه الحقيقي (إلا في أحد رأيي تفسير سورة الفلق) .. وإليك ما جاء في القرآن:

1- عند قوله تعالى: (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) البقرة:235.

- أي ولا تعزموا على عقد النكاح في زمان العدة حتى تنقضي مدتها.

 

2- عند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) النساء:33 ..

- أي والذين عقد المتوفى لهم عقداً مقتضاه أن يرثوه إذا مات من غير قرابة، وينصروه إذا احتاج إلى نصرتهم فى مقابل ذلك .. (وهذه العقود بالوراثة أو الميراث من خلال التحالف قد أُبطلت بعد ذلك وتم نسخ حكمها).

 

3- عند قوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) المائدة:89 ..

- أي لا يعاقبكم الله بسبب ما لم تقصدوه من أيْمانكم مثل قولكم الذي يجري على ألسنتكم مثل (لا والله ، وبلى والله) ، وإنما يعاقبكم بسبب التراجع وعدم تحقيق الحلف بالله فيما قصدتموه ووثَّقتموه من الأَيْمان حين حلفتم بالله.

 

4- عند قوله تعالى: (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي) طه:27-28 ..

- أي فك من لساني عقدته أي أطلق لساني بالبيان لتفهيم الذين سأدعوك أمامهم - وكأنه كان لديه علة في لسانه تعيقه عن البيان بصورة واضحة مثل وجود تلعثم في بعض الحروف يمنعه من الإفصاح بوضوح.. والله أعلم.

 

5- عند قوله تعالى: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) الفلق:4 ..

- أي النفوس التي ينفثن في عُقد السحر لخراب حياة الناس

- أو النفوس التي ينفثن بالكلام البطال في خراب عُقد الزواج أي حياة المتزوجين .

- أو النساء اللاتي لهن تأثير على عزائم الرجال في آرائهم وأفكارهم ..

 

- ثانيا: معنى الضرب في اللغة والقرآن ..

- الضرب حسب ما قرأت في كتب أهل العلم .. يأتي بمعنى إيقاع شيء على شيء .. وقد يأتي بصورة حقيقية كالضرب باليد .. وقد يأتي بصورة وصفية مجازية لقول كضرب الأمثال أو لحال كضرب البصر والسمع أو لفعل مادي كضرب الودع .. والمجاز في الضرب هو من باب ظهور نتيجة أثر هذا الوصف على الغير .. وإليك شيء من التفصيل ..

 

1- قال الإمام  مجد الدين الفيروزآبادى رحمه الله (المتوفى: 817هـ):

- ورد الضَّرب فى اللغة والقرآن على وجوه:

- الضَّرْبُ الإِسراع فى السّير: (لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ) البقرة:273 ، (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ) المزمل:20.

- الضَّرْب: الإِلزام: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) البقرة:61 ، أَى أُلزموهما.

- الضَّرب بالسّيف وباليد: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ) الأنفال:12 ، أَى بالسّيف، (وَاضْرِبُوهُنَّ) ، أَى باليد.

- الضرب: الوصف: (ضَرَبَ الله مَثَلاً) إبراهيم:24 ، أَى وَصَفَ، (نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ) العنكبوت:43 ، أَى نَصِفها.

- الضرب: البيان: (وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال) الفرقان:39 ، (وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمثال) إبراهيم:45 ..، أَى بيّنَّا.

- ويقال:

- ضرب على يديه: إِذا أَفسد عليه أَمرًا أَخّذ فيه.

- وضرب القاضى على يده: حجره.

- وضَرَبَ الجُرْحُ والضِّرْسُ: اشتدّ وجعه.

- وضرب الشىءَ بالشىء: خلطهُ.

- وقوله تعالى: (فَضَرَبْنَا على آذَانِهِمْ) الكهف:11 .. أَى أَنمناهم، وقيل: منعناهم السّمع؛ لأَنَّ النَّائم إِذا سمع انتبه.

- وضرب الدّهرُ بينهم: فرّق.

- وضربته العقرب: لدغته. (بصائر ذوي التمييز ج3 ص465- 466 - مختصرا).

 

#- ملحوظة: قوله (وَاضْرِبُوهُنَّ) باليد .. ليس المقصود منه ضربا بالبوكس في العين ولا لطم الوجه ولا ضرب بالأرجل .. لا .. فهذا أسلوب من فيه نفسيته شيء من الإجرام .. وإنما الضرب يكون الأسلوب الثالث والأخير في التعامل مع المراة الناشز أي التي لا تستمع لتوجيه ولا إرشاد ولا تحترم زوجها ولا مسئولية بيتها .. فهنا يكون الأسلوب الأخير معها هو الشدة في المعاملة مثل من يمسك أعلى الكتف بكلتا يديه عند التوبيخ بالكلام .. أو مثل يدفعها بيده لعدم الخروج من المنزل بغير وجه حق .. وما شابه ذلك .. ولكن كل ضرب يترتب عليه أثر جرح أو كدمة على الجسم كضرب بالحزام أو قبضة اليد أو إهانة لآدميها كلطم الوجه .. فهنا يتوجب الذهاب للشرطة فورا .. أو للمأذون من أجل الطلاق وهذا هو الحل الأمثل طالما خرج الإنفعال عن حدود السيطرة عن النفس .

 

2- في معجم اللغة العربية المعاصرة – وأنقل منه نقلا مختصرا جدا من محتواه نظرا لسعة التحقيق فيه - "مع تقديم وتأخير في بعض العبارات مع بقاء لفظه .. لسهولة توضيح الفرق بين ألفاظ الضرب المختلفة - فمما أنقله لكم:

#- ضرَبَ شيئًا/ ضرَبَ بالشَّيء/ ضرَبَ على الشَّيء/ ضرَبَ في الشَّيء:

- أصابه وصدمه "ضرَبه ضربة لم يقم بعدها أبدًا- "ضربت إسرائيلُ بكلِّ قيم الشرعيَّة الدوليَّة عُرضَ الحائط".

 

- ضرَب الجرسَ: دقّه، ضغط عليه ليرنّ.

- ضرَب الخاتمَ: صاغه.

- ضرَب الودعَ: استخدمه للإخبار بالغيب.

 

- ضرَب الإبرةَ في جسد المريض: أدخلها فيه.

- ضرَب الوتدَ في الأرض: دقَّه فيها.

- ضرَب في حديد بارد: بذل جهدًا ضائعًا، قام بما لا يُجْدِي.

 

- ضرَب اللهُ قلوبَ بعضهم ببعض: سلَّط كلاًّ منهم على الآخر.

- ضرَب البيضَ بالدَّقيق: خلطه ومزجه به.

- ضرَب بالأمر عُرْضَ الحائط: أهمله، أعرض عنه، احتقره.

- ضرَب بذقنه الأرضَ: أطرق استحياء، خاف وبكى.

- ضرَبتِ المرأةُ بخمارها: ألقته على صدرها.

 

- ضرَب على الحديد وهو ساخن: تصرَّف في الوقت المناسب

- ضرَب النَّومُ على أذنه: غلبه، نام.

- ضرَب على الآلة الموسيقيَّة: طرق وعزف عليها.

- ضرَب على الرِّسالة: ختمها.

- ضرَب على بصره/ ضرَب على سمعه: أضلّه، أعمى بصيرتَه.

- ضرَب على وتر واحد: كرَّر الشّيء نفسَه.

- ضرَب عليهم الحصارَ: حاطهم وضيَّق عليهم.

- ضرَب الشَّبكةَ على الطَّائر: ألقاها عليه.

- ضرَب القاضي على يد فلان: حجر عليه ومنعه من التصرُّف، عاقبه.

- ضرَب على أُذُنِه: أنامه، بعث عليه النَّوم ومنعه من السّمع " (فَضَرَبْنَا عَلَى ءَاذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) الكهف:11 ..، المراد: جعلنا عليها حجابًا يمنعهم من السّمع". (معجم اللغة العربية المعاصرة ج2 ص1352 – تأليف الدكتور أحمد مختار رحمه الله (المتوفى: 1424هـ) بمساعدة فريق عمله).

 

- انتبه أخي الحبيب لما سبق بيانه:

- حيث قد فصلت لك ألفاظ الضرب المختلفة باعتبار لفظها منفردة وباعتبار ما يلحقها من حروف (الباء  - في  - على) .. إذ أن لفظ الضرب يتغير وصفه بما يلحقه من اعتبارات الحروف الملازمة له .. ومن هنا تعددت معاني الضرب بين الحقيقة والمجاز ..

 

@- ولكن لماذا قلت لك ما سبق ..؟

- لتنتبه لشيء .. وهو أننا هنا نبحث عن لفظ حديث العقد الشيطانية الذي معنا في بحثنا هنا والذي نسعى لتفسيره وشرحه .. وفيه جزئية (يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ) أو (يَضْرِبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ عُقْدَةٍ) أو (كُلُّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْهِ يَقُولُ) .. انتبه للفظ (على) .. علشان لما أكتب لكم بعض من تفاسير العلماء تفهموا ليه اللي قال أن الضرب حقيقة .. وليه اللي قال الضرب هو مجاز .. ؟!!

 

#- ثالثا: معنى الحبل في اللغة والقرآن ..

- وجدت من الأمور المهمة أن ننظر فيها هو مفهوم لفظ (الحبل) من حيث اللغة والقرآن .. لأن لفظ الحبل أتى معنا في روايات العقد الشيطانية .. وذلك حتى تعلم أيضا لماذا البعض فسره بالمعنى الحقيقي والبعض فسره بالمعنى المجازي ..

 

- والحبل في اللغة معناه: ما يتم التوصل به إلى شيء .. وهذا الوصل قد يكون حقيقي وقد يكون معنوي .. وإليك تفصيل ذلك .

 

#- قال الإمام  مجد الدين الفيروزآبادى رحمه الله (المتوفى: 817هـ):

- بصيرة فى الحبل .. وقد ورد فى القرآن على ستَّة معان.

- الأَوّل بمعنى: العهد (إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ الله) آل عمران:112 .. أَى بعهد منه.

- الثانى بمعنى: الأَمانة (وَحَبْلٍ مِّنَ الناس) آل عمران:112 .. أَى أَمانٍ منهم.

- الثالث بمعنى: الإِسلام والإِيمان وبه فَسَّرَ ابن عبّاسٍ قوله تعالى (إِلاَّ بحبلٍ من اللهِ) آل عمران:112 ..

- الرّابع بمعنى: الرَّسَين (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) المسد:5.

- الخامس بمعنى: القرآن المجيد (واعتصموا بِحَبْلِ الله) آل عمران:103.

- السادس بمعنى: عِرْق فى البدن (أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد) ق:16 .. شُبّه بالحبل المعروف من حيث الهيئة.

- وكذلك الحبل المستطيل من الرّمل ثمّ استعير للوصل ولكلِّ ما يتوصّل به إِلى شئ..

- (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) آل عمران:103 .. قال المحقِّقُون: حبلُه هو الَّذى يمكن معه التَّوصّلُ به إِليه: من القرآن والنبى والعقل والإِسلام وغير ذلك، ممَّا إِذا اعتصمتَ به أَدّاك إِلى جِواره. (بصائر ذوي التمييز ج2 ص246).

 

@- قوله (المسد): هو إحكام القتل .. والمقصد هو أن الحبل الذي يلتف حول عنقها هو حبل مميت قاتل .. يشبه الحبل المصنوع من لوف النخل وهو الذي إذا التف حول العنق قتل الإنسان .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- والذين نريد قوله مما سبق .. أن الحبل له وجهين في اللغة .. وجه حقيقي ووجه مجازي ..

أ- فالحقيقي مثل قوله تعالى: (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) المسد:5.

 

ب- والمجازي مثل قوله تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ) آل عمران:12.

- وانتبه في هذه الآية .. إذ أتى فيها لفظ الضرب مصحوب بكلمة (على) .. ولفظي الآية أتت بالمعنى المجاوي سواء (الضرب أو الحبل) ..

 

#- ليه ذكرت ليك مفهوم الحبل في اللغة ؟

- لأن في حديث العقد الشيطانية الذي سنتكلم في تفسير ألفاظه .. جاء في بعض الروايات أن العقد هي مصنوعة من جرير أي حبل .. مثل لفظ رواية (حبل فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ) أو بلفظ (عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ ثَلَاثَ عُقَدٍ).. والجرير هو الحبل أو الخيط .. ومن العلماء من جعله حقيقي ومن العلماء من جعله مجاز .. فيبقى تفهم ما سبب اختيار العلماء لتفسيراتهم ..

 

#- خلاصة القول:

1- لفظ العُقد .. ومعناه الجمع بين طرفين أو أكثر بهيئة تظهر منها عقدة ..

- وهو لفظ يقال على معنى حقيقي ومعنى مجازي .. وهذا يتم فهمه حسب سياق النص أو قرينة تدل عليه .

 

2- لفظ الضرب .. ومعناه إلقاء شيء على شيء فيترتب على ذلك أثر مادي أو  معنوي يتم فهمه من خلال سياق النص ..

 

- فلفظ الضرب أيضا يحمل لفظه بين الحقيقة والمجاز .. والمجاز في ألفظ الضرب قد يكون قولا أو فعلا أو حالا .. وسبق وأشرت لذلك ببعض الأمثلة في بداية الكلام على لفظ الضرب ..

 

3- لفظ الحبل .. ومعناه ما يتم التوصل به إلى شيء ..

- قد يأتي بمعنى حقيقي وقد يأتي بمعنى مجازي .. وذلك حسب سياق النص وما يحتمله من وجوه الحقيقة والمجاز ..

 

#- فإذا علمت ما سبق أخي الحبيب ..

- فهذا أوان نقل كلام العلماء بصورة مجملة وليس تفصيلية .. إذ سأحاول نقل مجمل الآراء من بعض الكتب لأن الكلام في مسألة العقد والضرب والحبل .. هو محدود بآراء معينة .. وقد جمعها البعض في شرحه لحديث العقد الشيطانية وسأحاول أنقل لكم من هذه الآراء المجموعة .. إلا ما احتجنا إليه لرأي منفرد في مسألة خاصة بالحديث .. وأرجو من الله التوفيق .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .