ج24: رسالة عقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان - مسائل مختلفة مهمة جدا عن حديث العقد الشيطانية - كيف يعقد الشيطان العقد على المسلم عند نومه في حين يقول الله (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا)

      بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

التعريف بعقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان 

من السعالي والغول وأم الصبيان

و هل يستطيع الشيطان عمل السحر للإنسان ؟

(الفصل الرابع والعشرون)

#- فهرس:

:: الفصل الرابع والعشرون :: ج1/ مسائل مختلفة مهمة جدا عن حديث العقد الشيطانية ::

1- س51: هل حديث عقد الشيطان يتعلق بكل الناس المسلم وغير المسلم أم له خصوصية فعل مع المسلم فقط بهذه العقد ؟

2- س52: هل عقد الشيطان تكون مع المسلم الغافل المتهاون عن الصلاة أم مع كل المسلمين مطيع أو عاصي ؟

3- س53: كيف يتم عقد العقد على من يكن محافظا على أذكاره ويتحصن بها عند نومه ؟

4- س54: كيف يعقد الشيطان العقد على المسلم عند نومه في حين يقول الله (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) ؟

************************

:: الفصل الرابع والعشرون ::

:: ج1/ مسائل مختلفة مهمة جدا عن حديث العقد الشيطانية ::

**********************

 ..:: س51: هل حديث عقد الشيطان يتعلق بكل الناس المسلم وغير المسلم أم له خصوصية فعل مع المسلم فقط بهذه العقد ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) صحيح البخاري.

 

- الحديث السابق لم يظهر فيه أن المسألة تتعلق بالمسلم فقط .. وإن كان لفظ (أحدكم) في الحديث قد يدل على ذلك .. ولكن أتت روايات أخرى من الأحاديث أوضحت أن الحديث النبوي يتكلم بصورة واضحة عن أن مسألة العقد حالة تحدث مع المسلم بصورة خاصة .. ودليل ذلك:

 

1- في (حديث صحيح) .. عَنِ عبد الله بن نمير، عن الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مَسْلَمَةٍ: ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى يَنَامُ بِاللَّيْلِ إِلَّا عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ، فَإِنْ هُوَ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ قَامَ تَوَضَّأَ وَصَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا وَأَصْبَحَ نَشِيطًا قَدْ أَصَابَ خَيْرًا. وَإِنْ هُوَ نَامَ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ أَصْبَحَ عَلَيْهِ عُقَدُهُ ثَقِيلًا) رواه أبو يعلى .. وقال محققه حسين سليم: رجاله رجال الصحيح .. (قلت خالد صاحب الرسالة): نعم رجاله رجال الصحيح .. ويوجد في المتن زيادة لفظية وهي (ما من مسلم ولا مسلمة) ..وكذلك لفظ (أصبح عليه عقده) .. وهو ما لم يأت في صحيح البخاري ومسلم ..

 

2- وفي (حديث صحيح) بلفظ آخر: عن عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ، ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، يَنَامُ إِلَّا وَعَلَيْهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِنْ هُوَ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَصْبَحَ نَشِيطًا قَدْ أَصَابَ خَيْرًا، وَقَدِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، وَإِنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ أَصْبَحَ وَعُقَدُهُ عَلَيْهِ، وَأَصْبَحَ ثَقِيلًا كَسْلَانًا لَمْ يُصِبْ خَيْرًا) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم..، وذكره الألباني في صحيح الترغيب ..

 

#- خلاصة القول:

- أن مسألة العقد الشيطانية تتعلق بالمسلم بصفة خاصة .. وسبق وذكرنا أن حكمة ذلك تتعلق بمسألة العبادة .. فالشيطان يأتي للمسلم أو المسلمة في محاولة منه ليمنع المسلم من الصلاة من خلال التأثير النفسي عليه بوسوسته حتى يظل مستمر في نومه ..

 

- ولا علاقة للشيطان في هذه المسألة مع غير المسلم .. لأن المسألة تتعلق بعبادة دينية مخصوصة وهي الصلاة ..

 

**********************

..:: س52: هل عقد الشيطان تكون مع المسلم الغافل المتهاون عن الصلاة أم مع كل المسلمين مطيع أو عاصي ؟ ::..

 

- استكمالا للسؤال السابق .. إذا كانت العقد تتعلق بالمسلم فقط .. فهل تتعلق بأي مسلم سواء غافل أم مطيع .. أم يتعلق فعلها بالغافل والمتهاون فقط ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- الظاهر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعموم المسلمين مهما كانت درجته ومكانته .. لأن الشيطان يحاول أن يمنع المسلم عن طاعة الله بكل ما يستطيع من قوة وسوسة ليجعله يكسل عن القيام للصلاة ..

 

- ولا يوجد تخصيص في الحديث للمطيع أو العاصي .. ولذلك جاء في أحد روايات الحديث: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مَسْلَمَةٍ: ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى يَنَامُ بِاللَّيْلِ ....) رواه أبو يعلى .. وقال محققه حسين سليم: رجاله رجال الصحيح ..

 

- فالحديث لم يخصص أحد من سياق الحديث .. بل كل المسلمين يشتركون في تسليط الشيطان عليهم عند نومهم الذي يترتب في وقت النوم أنه تمر على المسلم صلاة ليلية سواء العشاء (ويكون نام المغرب) أو الفجر .. ومع النوم يأتي الشيطان بعقد عزيمته وفيها رغبة وتمني بعدم توفيق هذا المسلم في القيام للصلاة ..

 

#- خلاصة القول:

- العقد الشيطانية تحدث لجميع المسلمين من ظاهر لفظ الحديث .. مهما كان حالهم مع الله .. وخاصة في وقت الصلاة الليلية .

 

****************************

 ..:: س53: كيف يتم عقد العقد على من يكن محافظا على أذكاره ويتحصن بها عند نومه ؟ ::..

 

- استكمالا للأسئلة السابقة .. إذا كانت العقد تتعلق بالمسلم فقط .. ومهما كان حاله مع الله سواء مطيع او غافل متهاون في حق الصلاة .. فكيف نفهم حينئذ مسألة عقد العقد على المسلم الذي نام متحصنا بالله والمُديم على فروض الصلاة ويتقي الله في نفسه وغيره ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- سبب ظهور هذه المسألة .. هو لأن البعض رآها تتعارض مع حديث التحصين بآية الكرسي التي من يقرأها يكن له من الله حافظ يحفظه من الشيطان .. وبالتالي كيف يكون هناك حافظ من الشيطان وكيف الشيطان يعقد العقد ؟!!

 

- وهذه المسألة قد تكلم فيها بعض العلماء وذهبوا إلى أن هذه العقد تحدث فقط للمتهاون في حق الصلاة وليس لأي مسلم .. ولكن المحافظ على أذكاره فهو في حفظ من هذه العقد .. وممن راى ذلك الإمام بن حجر ونقله عنه الإمام القسطلاني رحمهما الله ..

 

#- قال القسطلاني رحمه الله (المتوفى:629 هـ):

- قوله (على قافية رأس أحدكم).. ظاهره التعميم في المخاطبين، ومن في معناهم ..

- ويمكن أن يخص منه من صلّى العشاء في جماعة، ومن ورد في حقه أنه يحفظ من الشيطان: كالأنبياء، ومن يتناوله قوله: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) الإسراء:65 .. وكمن قرأ آية الكرسي عند نومه، وقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح. (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج2 ص321).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على بعض مما سبق من كلام الإمام القسطلاني رحمه الله :

1- الحديث لم يخصص أحد في مسألة العقد .. حتى نقول أن الذي يقرأ الأذكار هو بعيد عن فعل العقد به .. وإلا قلنا أن المتحصن بالله هو ممتنع عليه حدوث الوسوسة له .. وهذا كلام لا يعقل حدوثه لأن الوسوسة جزء من ابتلاء الإنسان .. ويكفيك قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) الأعراف:201 ..

 

- إذن فالمتقين ليسوا في مناعة عن إبتلاء الوسوسة .. ولكن عناية الله بهم توفيقهم لعدم اتباع هذه الوسوسة ..

 

2- وهنا أقول أيها السادة: هل لما اعترض الشيطان النبي في صلاتة لم يكن متحصنا بالله ؟!!

- أكيد كان متحصنا بالله .. لأنه أصلا كان في صلاة مع الله لما اعترضه الشيطان .. كما جاء في الحديث: (إنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ (أي ظهر فجأة) البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فأمْكَنَنِي اللَّهُ منه فأخَذْتُهُ (أي فأحكمت قبضتي منه فأصبح كالأسير بين يدي)، فأرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ علَى سَارِيَةٍ مِن سَوَارِي المَسْجِدِ حتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: (رَبِّ هَبْ لي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِن بَعْدِي) ..، فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا) صحيح البخاري.

 

- فهل نقول هنا أين تحصينات النبي ؟ أم نقول أن الشيطان كان محجوب عن أذية النبي ببركة وصاله مع الله وقد مكَّنه الله من الشيطان فأمسكه بقوة  بدلالة قوله (فأمْكَنَنِي اللَّهُ منه) ؟!!

 

- أكيد سنقول أن الشيطان كان محجوب عن أذية النبي .. بل وقد مكَّنه الله من الإستحواذ على الشيطان وأصبح أسيرا في يد النبي .. حتى كاد النبي أن يكشفه للناس في عالم المادة ويربطه في المسجد ليتلاعب به الصبيان .. لولا أنه تذكر دعوة سليمان عليه السلام .

 

#- إذن النبي كان في معية الله وكان النبي له غالب وعليه قاهر .. لأنه يوجد حجاب بين الشيطان وبين النبي .. ولكن لا يقال أن التحصين معناه هو منع الشيطان عن تسلطه على الإنسان بصورة مطلقة وأبدية .. لا .. فهذا مخالف أصلا للقرآن ..  

 

@- والشاهد مما سبق .. كذلك الحال في حديث العقد الشيطانية .. فالشيطان يعقد العقد أي يشد عزيمته وهمته ويتمنى في أن يغلب المسلم ويجعله ينام عن صلاته ويفوتها عليه .. ولكن المسلم الذي له حال مع الله فلا تؤثر عليه هذه العقد بدليل أنه يقوم من نومه ويتحرر بمنتهى السهولة لأنه مؤيد بالله وموفق من الله لأن الله أعانه وأيده وأكرمه .. فكان هناك حجاب بين تأثير عقد الشيطان وبين المسلم بسبب هذا الحجاب الذي هو حفظ الله له من تأثير عقد الشيطان في هذا المسلم المتحصن بالله .. فتأمل .

 

3- وجاء في (حديث صحيح) .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ضربَ اللهُ تعالى مثلًا صراطًا مستقيمًا ، وعلى جنْبَتَيِ الصراطِ سورانِ ، فيهما أبوابٌ مُفَتَّحَةُ ، وعلَى الأبوابِ ستورٌ مُرْخَاةٌ ، وعلى بابِ الصراطِ داعِ يقولُ : يا أيُّها الناسُ ! ادخلوا الصراطَ جميعًا ولَا تَتَعَوَّجوا ، وداعٍ يدعُو مِنْ فَوْقِ الصراطِ ، فإذا أرادَ الإِنسانُ أنْ يفتحَ شيئًا مِنْ تِلْكَ الأبْوابِ قال : وَيْحَكَ لا تَفْتَحْهُ ، فإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ ، فالصراطُ الإسلامُ ، والسُّورانِ حدودُ اللهِ ، والأبوابُ الْمُفَتَّحَةُ محارِمُ اللهِ تعالى ، وذلِكَ الدَّاعِي على رأسِ الصراطِ كتابُ اللهِ ، والداعي مِنْ فوقٍ واعظُ اللهِ في قلْبِ كُلِّ مسلِمٍ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح وهذا إسناد حسن.

 

- إذن الإبتلاءات تحدث وتكون موجودة مع وجود مدد الله وحفظه .. ولكن يوجد مدد من الله في قلب المؤمن يذكره بالله ليحجبه ويبعده عما فيه انحراف أو تضليل عن منهج الله .. من خلال تذكيره بأنه هذا خطأ ومخالف لما يحبه الله ..

 

4- ومن ناحية أخرى وأبسط من كل ما سبق واضافة له .. هو أن هناك فرق بين عقد العقد وبين تنشيط العمل بها .. فعقد العقد هو العزيمة الشيطانية والتي تنشط مع محاولة استيقاظ المسلم من نومه .. وطالما المسلم نائم فلا علاقة لتأثير العقد عليه أصلا .. لأن العقد لم تكن هي الأصل والسبب في نومه .. فانتبه .

- وبالتالي حينما يبدأ المسلم في الإستيقاظ .. فلا يستطيع الشيطان أن يتدخل بعزيمته على المسلم في تلك اللحظة طالما كان متحصنا بالله .. وبالتالي فلا قدرة له على المسلم المحافظ على صلاته وأذكاره وتحصيناته .. (وسيأتي مزيد من التوضيح لهذه الجزئية في السؤال رقم 59  تحت عنوان "علاقة ذلك تنشيط العقد الشيطانية على المسلم حينما يحاول الإستيقاظ") .. إن شاء الله تعالى.

  

#- خلاصة القول:

- وجود العقد يحدث لكل مسلم ومسلمة .. كان مطيع أو متهاون وغافل .. وأن وجود العقد على النائم لا يتعارض مع وجود حافظ من الله أو مدد من الله .. لأن العقد ما هي إلا مجرد ابتلاء عبارة عن محاولة يرجو من ورائها الشيطان أن لا تقوم للصلاة .. ولكن في قلب المؤمن واعظ ومدد وحافظ وكرامة من ربه تحجبه عن الشيطان وتجعله ينهض من نومه ليقيم الصلاة ..

- والله أعلم .

 

******************************

 ..:: س54: كيف يعقد الشيطان العقد على المسلم عند نومه في حين يقول الله (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) ؟ ::..

 

- استكمالا للأسئلة السابقة .. قد يخطر على بالك وتقول كيف للشيطان أن يعقد العقد على المسلم وهو نائم .. إذ قد يذهب العقل إلى أن هذه العقد نوع من سلطان الشيطان على الإنسان .. في حين الله يقول: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل:100 – 99.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- كونك تنظر للعقد الشيطانية بأنها سلطان شيطاني على المسلم .. فهذا كلام غير صحيح وخطأ .. وإلا فالوسواس هو سلطان شيطاني أيضا .. وهذا كلام غير صحيح لأنه مجرد ابتلاء والشيطان موكل به ..

 

2- ومن ناحية أخرى: استدلالك أخي الحبيب بكلام الله فيه نوع من الخلط فلم تنتبه للفرق بين التسليط بالتزيين ..، وبين سلطان التمكين .. ولذلك لم تنتبه لمراد الله في الآية .. إزاي الكلام ده ؟

 

- أولا: أولا لو كان العقد الشيطانية من سلطان الشيطان .. لكانت الوساوس من سلطان الشيطان أيضا .. فالذي يقال على هذا يقال على ذاك .. مش كده ولا إيه ؟!!

- يبقى لازم تنتبه إلى أنه يوجد فهم خاطيء لكلمة سلطان الشيطان ..

 

- ثانيا: ما هو معنى لفظ السلطان ؟

- هو القوة في التأثير عليك لتفعل .. وهذا قد يكون ظاهريا أو معنويا .. فظاهرا مثل السلطان الحاكم الذي يحكم عليك بالقانون وينفذه فيك .. ومعنويا مثل الذي يؤثر فيك بكلامه بالحجة والبرهان ..

 

#- يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله:

- إن إبليس يأتي يوم القيامة ويقول: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ) إبراهيم:22.

وقلنا إن السلطان نوعان: إما قوة تقهرنا على أن نفعل المعصية، وإما برهان ودليل يجعلنا نفعل المعصية.

#- والفرق بين القوة القاهرة وبين سلطان الدليل هو:

أن القوة القاهرة: تجعلك تفعل وأنت مرغم غير راض عن الفعل.

- أما سلطان الدليل: فيقنعك بأن تفعل؛ فتكون قد فعلت برضاك.

- فمرة يأتي السلطان بمعنى: قوة تقهرك على أن تفعل الفعل وأنت مرغم ..

- إنما قوة الدليل تقنعك أن تفعل ..

- فيأتي الشيطان ليقر على نفسه في الآخرة ويقول: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ) أي ليس معي قوة تقهركم على المعصية وليس معي دليل يقنعكم حتى تفعلوا المعصية، لا هذا ولا ذاك ..

- فما الحكاية إذن ؟

- قال: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي).. أي إنكم أطعتموني واستجبتم لدعوتي .. بلا سلطان قوة أقهركم به على شيء .. ولا سلطان دليل أقنعكم به. (تفسير الشعراوي ج 3 ص 1817).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- إذن سلطان القوة والقهر والقدرة من الشيطان على الإنسان لفعل شيء يجبر عليه الإنسان .. فهذا سلطان لا وجود له ولا قدرة له عليه مع الإنسان سواء كان مؤمن أو كافر ..

 

- وإنما الشيطان له سلطان تزيين وتحريض بالدعوة للمعصية والإنحراف والكفر .. وليس له سلطان تمكين أي سلطان قهر وتصرف وإجبار على فعل شيء .. ولذلك كان حكاية الله عن الشيطان في اعترافه في الآخرة: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) إبراهيم:22.

 

- فسلطان التزيين هو تسليط بتوجيه وتوكيل الشيطان .. بالوسوسة فيك كابتلاء لك .. وليس تمكينا منك كتصرفا فيك .. ولذلك قال تعالى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) الناس:4-6 ..

 

- فالشيطان فقط يلقي بوسوسته في نفسك .. ولها مستقر في صدرك أنت تفهم منه هذه الوسوسة كأنها معلومة تدور بداخلك وهي تكون في صورة تحريضية لفعل أذى لك أو لغيرك من فعل القبيح والحرام والخطأ والغلط بالرغم من علمك بذلك .. ثم أنت الذي تقرر هل ستتبع هذه الوسوسة التي فيها أذى أم لا ..؟!! فالقرار قرارك والإختيار اختيارك ..!! 

 

- ولذلك من يفهم مسألة السلطان على أنها تمكين فقد فهم خطأ .. لأنهم ظنوا أن آية (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) الحجر 42 .. هو منع التسليط بالكلية عن الإنسان .. وهذا وهم لا وجود له إلا في عقولهم .. وإلا فما فائدة وجود القرين الشيطاني ؟!! وما فائدة ذكر الوسواس والتزيين والتضليل الشيطاني في القرآن ؟!!

 

#- خلاصة القول:

1- أن العقد الشيطانية لا علاقة لها بسلطان الشيطان على المؤمن .. لأنه ليس سلطان تمكين وإنما سلطان تزيين وهو ما يتفق مع كلام الله تماما ..

 

2- أن قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) الحجر:42 .. دليل قاطع على بطلان الشيطان الساحر .. لأنه لو كان ساحرا لكان متصرفا وله سلطة قهر على الإنسان بالتأثير عليه .. ولكن لما نفى الله هذا عن المؤمنين الذين على ربهم يتوكلون .. فقد ثبت بذلك كذب كل من يقول أن الشيطان يسحر للإنسان ..

 

#- وهذا دليل انتبهت له ويدل على بطلان خرافة الشيطان الساحر .. فتأمل روعة كلام الله وهو يكشف لك حقيقة من يكذبون علينا في عالمنا بتعظيم قدرات الشيطان في نفوسنا .. فكانوا ممن قيل فيهم أنهم من الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس .. لأنهم يلقون بوسوستهم في صدور الناس بكلامهم وفيديوهاتهم .. فتأمل كلام الله عن الموسوسين إذ جمع فيهم الجن والإنس على حد سواء فقال تعالى: (من الجِنَّة والناس)..

- والله أعلم . 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .