ج34: رسالة عقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان - خلاصة البحث في حديث العقد الشيطانية وعلاقته بخرافة الشيطان الساحر التي ألصقها به بعض الرقاة المعالجين.

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

التعريف بعقد الشيطان وحقيقة سحرة الجان 

من السعالي والغول وأم الصبيان

و هل يستطيع الشيطان عمل السحر للإنسان ؟

(الفصل الرابع والثلاثون)

#- فهرس:

:: الفصل الرابع والثلاثون :: خلاصة البحث في حديث العقد الشيطانية وعلاقته بخرافة الشيطان الساحر التي ألصقها به بعض الرقاة المعالجين ::

1- س86: ما هي خلاصة بحث حديث العقد الشيطانية التي تحدث للمسلم النائم في فترة الليل ؟

@- أولا: من حيث ما تكلم عنه الحديث بصورة عامة .

@- ثانيا: من حيث مفهوم ألفاظ الحديث لغة وتفسيرا.

@- ثالثا: من حيث بطلان إثبات خرافة الشيطان الساحر بحديث العقد .

@- رابعا: القرآن والحديث النبوي يبطلان خرافة الشيطان الساحر .

@- خامسا: العقل يرفض تصور وجود الشيطان الساحر .

@- سادسا: خرافات منتشرة يستدلون عليها بحديث العقد الشيطانية .

@- سابعا: الغرض من بيان النبي لما يفعله الشيطان من عقد مع المسلم عند النوم ليلا ..

************************

:: الفصل الرابع والثلاثون ::

:: خلاصة البحث في حديث العقد الشيطانية وعلاقته بخرافة الشيطان الساحر التي ألصقها به بعض الرقاة المعالجين ::

**********************

 ..:: س86: ما هي خلاصة بحث حديث العقد الشيطانية التي تحدث للمسلم النائم في فترة الليل ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ .. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) صحيح البخاري.

 

- وفي (حديث صحيح) بلفظ آخر .. عن عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ، ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، يَنَامُ إِلَّا وَعَلَيْهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِنْ هُوَ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَصْبَحَ نَشِيطًا قَدْ أَصَابَ خَيْرًا، وَقَدِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، وَإِنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ أَصْبَحَ وَعُقَدُهُ عَلَيْهِ، وَأَصْبَحَ ثَقِيلًا كَسْلَانًا لَمْ يُصِبْ خَيْرًا) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم..، وذكره الألباني في صحيح الترغيب ..

 

- ومن خلال هذه الروايات التي ناقشناها ومثلها .. كانت محل البحث خلال الفصول السابقة والذي يمكن ان أذكر خلاصة البحث فيها كالآتي:

@- أولا: من حيث ما تكلم عنه الحديث بصورة عامة ..

1- يوجد حوالي عشرين رواية ما بين حديث نبوي وحديث صحابي موقوف تجمع ما بين الصحيح والضعيف .. فيظهر معنا أنه صح ثمانية أحاديث نبوية .. والباقي ضعيف ما بين حديث نبوي وحديث صحابي .. ويظهر لنا من صحيح الروايات الآتي:

1- أن حديث العقد الشيطانية مختص فقط بالمسلم ذكرا أو أنثى .. ولا يعقد الشيطان عقده على المسلم إلا عند النوم فقط وفي فترة الليل بدلالة قوله (عليك ليل طويل) .. ولا يفعل ذلك في أي فترة زمنية أخرى غير الليل .. ولا تحدث العقد مع المسلم وهو صاحي ..

- فلا علاقة للعقد الشيطانية بعموم الناس وإنما خاصة بالمسلم فقط لاختباره في معاملته مع ربه .

 

2- أن الصلاة الليلية التي يحاول الشيطان أن يكسل المسلم عن أدائها من خلال عقده .. إنما هي صلاة الفرض والتي قد تكون صلاة العشاء أو الفجر أو كلاهما ..

 

3- كل الروايات التي جمعت بين العقد الشيطانية وبول الشيطان .. لم يصح منها شيئا .. ولكن هناك من العلماء من جمع بينهما .. فبعضهم جعل حديث (بال الشيطان) نتيجة مترتبة على من يستجيب للعقد الشيطانية .. وبعضهم جعل أن حديث (بال الشيطان) هو ما ينطق به الشيطان في أذن النائم بعزيمة (عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ) .. وعن رأي خاص بي فأرى أن عزيمة العقد الشيطانية ما هي إلا ما بال به الشيطان أي خاطر به الشيطان النائم حتى استجاب لهذا الخاطر وأكمل نومه .. والله أعلم .

 

4- أظهرت الروايات بوضوح تام أنه لا يوجد للشيطان قدرة عليك بمنعك عن الذكر ولا الوضوء ولا الصلاة .. بل أنت بكامل إرادتك واختيارك وحريتك .. وهذا واضح جدا من ألفاظ الحديث (اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ) (تَوَضَّأَ) (صَلَّى) .. فتأمل الألفاظ السابقة وستفهم أن الشيطان لا قدرة له عليك إلا بهمَّة الوسوسة فيك ليؤثر عليك .. وليس أكثر من ذلك .

 

5- أثبتت الروايات أن المسلم لديه القدرة الكاملة في دفع كيد عقد الشيطان عنك لأنها لا تمنعك عن شيء .. إذ أنت لديك القدرة على دفع هذه الوسوسة بمجاهدة نفسك وتقويتها بعزيمة ورغبة منك في أن الله هو مطلوبك.. ولابد من مجاهدة النفس وتقاومها حتى تنجح في عملك مع الله .. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ يُعَالِجُ (أي يجاهد) نَفْسَهُ إِلَى الطَّهُورِ (ما يتوضأ به وهو الماء) وَعَلَيْهِ عُقَدٌ .. إلى آخر الحديث) .. فلا تخضع لكسل النفس الذي يؤثر به الشيطان عليك .. فكلما وجدك في حالة كسل فأنت تكون صيد سهل له بالتأثير عليك .

 

6- إذا كان الشيطان يؤثر عليك بوسوسته العقدية .. فلا أحد يدفع عنك وسوسته العقدية إلا أنت حال كونك معتصما بالله .. فلا راقي ولا معالج ولا ولا أي شخص ولا حتى الملائكة تستطيع مساعدتك إلا إن أنت قلت (أريد الله) وتنهض من نومك .. فمن يقل لك أن هذا سحر شيطان ويستطيع ان يفكه عنك .. فهو كذاب بكل ما تحمله الكلمة من معاني الكذب.

 

7- أن الذي يجاهد عقد الشيطان ويقوم من نومه لله حتى يصلي .. فهو له كرامة خاصة ومعية خاصة وإجابة دعاءه كما يظهر ذلك من حديث عقبة بن عامر الذي جاء في آخره: (انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُعَالِجُ نَفْسَهُ لَيَسْأَلَنِي .. مَا سَأَلَنِي عَبْدِي هَذَا فَهُوَ لَهُ، مَا سَأَلَنِي عَبْدِي هَذَا فَهُوَ لَهُ) رواه بن حبان في صحيحه .. قال الأرنؤوط: إسناده صحيح..، وحسنه الألباني في صحيح الموارد وصحيح الترغيب.

 

8- أن ذكر الله والوضوء والصلاة .. تمزق أي عُقد أو عزائم شيطانية يحاول الشيطان التأثير بها عليك ليفسد عليك حالك مع الله .

- فإذا كان للشيطان كيد لك بالوسوسة ليؤثر عليك .. فأنت لديك القدرة على دفع هذه الوسوسة بمجاهدة نفسك وتقويتها بعزيمة ورغبة منك في أن الله هو مطلوبك.

 

9- عُقد الشيطان هي عزائم يرجوها فيك .. ليصيبك بحالة من الكسل ويحبطك عن القيام للعمل مع الله ..

 

10- يأتي تأثير الشيطان بعقده من خلال مؤخرة الرأس .. وذلك بتكسيله عن القيام من النوم.

 

#- ولهذا طريقة علاج سهلة وممتازة جدا وناجحة بنسبة مائة في المائة إن استشعرت خمول مفاجيء لو اتجهت رغبتك للصلاة فحدث كسل مفاجيء .. فحينما يحدث ذلك: اقرأ المعوذات مرة واحدة على كفي يديك ثم انفخ فيهما ثم امسح على رأسك من الأمام إلى قفاك ثلاث مرات بيديك .. (القراءة مرة واحدة ولكن المسح هو ثلاث مرات) .. وستجد انتعاشة حدثت لك بإذن الله ..

 

11- العقد الشيطانية تؤثر في نفسيتك بالتأثير عليك لتعود إلى نومك .. إذ أن العقد الشيطانية لا يظهر تأثيرها بالعمل معك إلا حينما تحاول الإستيقاظ من نومك .. وخلاف ذلك أنت نائم ولا قدرة للشيطان على خلق النوم فيك وإبجاده .

 

12- الشيطان لا يسلبك الإرادة ليقهرك على النوم أو يجبرك عليه .. لا .. بدلالة قول النبي في الحديث (إذَا هو نَامَ) فالمسلم حينما يذهب للنوم وتغفل عيناه يبدأ الشيطان بالعزيمة عليه بان لا يجعله يقوم من نومه كلما حاول المسلم ذلك ..

 

- فأقصى ما يفعله الشيطان ليس إلقاء النوم وإنما يؤكد لك الكسل في نفسك الذي يظهر عليك فيقول لك: نام وارتاح ولا داعي لانتظار الصلاة وطالما أنت نائم فلا حرج .. أو لو نمت وصحيت في منتصف النوم لتصلي فيقول لك: لسه الليل طويل وأكمل نومك .. أو ما شابه هذا الكلام .. فهو يتمنى فيك أن لا تقوم وتفعل كذا وكذا .. ولكن لا يسلبك الإرادة .. ليه ؟

 

- لأنه لو سلبك الإرادة فقد سقط التكليف عنك ولا ملامة ولا عتاب عليك لأنك أصبحت في حكم المجبر على فعل شيء دون إرادتك .. بل ولكان حديث النبي الخاص بالعقد الشيطانية هو نوع من الوهم والعلم الفاسد (وحاشاه) .. وإلا كيف نقاوم ونقوم نصلي بكامل إرادتنا ونحن لا حيلة لنا حينئذ كما جاء في الحديث ؟!!

 

- فالعقد الشيطانية تنشط فقط عند محاولة الإستيقاظ وليست سببا في نوم المسلم .. ولكن طالما المسلم نائم فلا علاقة لتأثير العقد عليه أصلا .. لأن العقد لم تكن هي الأصل السبب في نومه .. فانتبه .

 

13- العقد الشيطانية سببها فقط هو تكسيل المسلم النائم من الإستيقاظ لأداء الصلاة .. ولا علاقة لهذه العقد الشيطانية بأي شيء آخر من أمور الحياة للمسلم أو غير المسلم.

- فتأثير الشيطان بعقده هو مجرد تأثير لفظي بقوله (عليك ليل طويل) فقط .. وذلك ليكسلك عن القيام من نومك بالليل لله حتى لا تعبده .. فقط لا غير .. ولو كان يوجد خلاف ذلك لكان ذكره النبي ..

 

14- الشيطان لا يمنعك أبدا من الإستيقاظ من نومك .. وإنما أنت الذي تأتيك العزيمة للإستيقاظ ثم هو يحاول أن يجتهد في أن يمنعك من النهوض من سريرك والوصول لوضوءك وصلاتك بتكسيلك عن هذه الأفعال .. بدلالة ألفاظ (نهض - توضأ - صلي) .. ولكن قول النبي بأن العقد عند النوم .. إنما هو خبر يخبرك به أن هذا بداية اجتهاد الشيطان معك في عزيمته التي يرجوها أن تتحقق فيك .. فانبته.

 

14- لا يوجد تعارض بين مسألة عقد الشيطان على المسلم عند نومه ليلا وبين قوله تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) .. لأن هذا تسليط تزيين وليس تسليط تمكين .. ويمكنك الرجوع للفصل الرابع والعشرون عند السؤال رقم (54) .. تحت عنوان (كيف يعقد الشيطان العقد على المسلم عند نومه في حين يقول الله (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) ؟ ) .. وستجد الإجابة بالتفصيل ..

 

=================

@- ثانيا: من حيث مفهوم ألفاظ الحديث لغة وتفسيرا..

 

1- مفهوم الضرب في اللغة .. قد يكون حقيقي وقد يكون مجازي .. كقوله تعالى: (وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمثال) إبراهيم:45

 

2- مفهوم العُقد في اللغة عموما .. هو لفظ يقال وقد يكون حقيقي وقد يكون مجازي أو معنوي .. وغالب لفظ العقد أتى في القرآن بالمعنى المعنوي .. كقوله تعالى: (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) البقرة:235..

 

3- وكذلك لفظ الحبل في اللغة .. يكون حقيقي وقد يكون معنوي .. وقد أتى لفظ الحبل في القرآن بالمعنى المجازي أو المعنوي .. كقوله تعالى: (واعتصموا بِحَبْلِ الله) آل عمران:103.

 

4- غالب العلماء .. يميل إلى أن حديث العقد الشيطانية المسألة وسوسة وذكرها النبي في صورة تمثيلية أو تصويريه تشبيها بحال الساحر الذي يعقد العقد لإنسان ليمنعه من السعي في حياته بصورة صحيحة ..

- إلا أن الفرق بين ساحر الإنس وفعل الشيطان .. هو العقد الحقيقي .. لأنه لا يمكن العقد الحقيقي مع الشيطان .. لأن العقد الحقيقي هو الذ يظهر له أثر في عالم المادة كخراب البيوت والعلاقات بين الناس ..

- ولذلك كان لابد من وجود ساحر الإنس ليحقق تأثير هذه العقد في عالم المادة  من خلال الاستعانة بشياطينه .. وما عدا هذه العقد الحقيقية الواقعية الملموسة التي يصنعها الساحر الإنسي .. فلا وجود لعقد سحر أبدا ولن تكون لأن أصلا لفظ العقد لا يقال حقيقة إلا على ما هو ملموس .. وما عدا ذلك في الخيال فهو يأتي بمعنى رمزي معنوي .. يشير لعزيمة نفسية من الشيطان يرجو تحقيقها مع الإنسان .. فافهم.

 

- فالشيطان يكن له شدة اجتهاد في تزيين النوم لك من أول ما تبدأ تنام .. ويعقد العزم متحديا لك مترصدا بك بأنه سينتصر عليك وسيجعلك تنام ولا تقوم للصلاة ..

- فإذا راك تقوم يعزم عليك بأن تنام وترتاح فلازال الليل طويل فخذ راحتك في النوم .. فإذا رآك ذهبت لتتوضأ عزم عليك بأن تتراجع لأن جسمك سيتأثر بالماء ولا تستطيع العودة للنوم مرة أخرى وستذهب لعملك وأنت في حالة مزاجية مش كويسة .. وإذا نجحت في هذين الموقفين .. يحاول أن يفسد عليك صلاتك بأن يخبرك كيف تصلي وأنت نائم هكذا يا رجل بقى دي صلاة ربنا يقبلها منك ولا الأفضل أنك تنام وترتاح وتصحى فايق ونشيط علشان تعرف تصلي كويس ؟!!

- وهكذا تكون وسوسته وتزيينه في النفوس .

 

5- هل قال أحد من العلماء أنه يوجد شيطان يسحر للإنسان أو الإنسان يتم سحره من شيطان ؟!! لم يقل أحد بذلك مطلقا إلا من سفه نفسه في عصرنا وليس من كلام السلف .. وإنما كلام العلماء هي مجرد تشبيهات .. وحتى من ظن أنها قد تكون عقد حقيقة كظن محتمل من وجهة نظره .. فهو لم يقل أنها سحر من الشيطان وإنما شبهها بفعل السحرة .. لأن حقيقة الأمر هو ليس بسحر .. لأن لو في عالم قال أن الشيطان يسحر للإنسان سحر حقيقي هيكون عمل عدة أمور:

- الأمر الأول: كذب على النبي صلى الله عليه وسلم .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل أن الشيطان يسحر للإنسان المسلم النائم ..!!

 

- الأمر الثاني: أتهم نفسه بأنه جاهل ومخالف للقرآن .. لأن القرآن أثبت عدم قدرة الشياطين على فعل السحر إلا من خلال وسيط من الإنس يكلفهم بذلك.

 

- الأمر الثالث: أنه كذب على المؤمنين وأوهمهم بما لا وجود له في كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. وزعم قدرة للشيطان لم يقل بها الله ورسوله .. لأن الشيطان عند نوم الإنسان لا يمنعه من التصرف كما يحاول الساحر منع المسحور من التصرف .. بدلالة ألفاظ الحديث (فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ) .. فتأمل الألفاظ .. فأفعال الإنسان كلها مرهونة بالشخص نفسه ولا عائق يعوقه لا عقد ولا غيره .. ولكن بشرط اتخاذ القرار .. (استيقظ) ولا شيء يعوقه (توضأ) ولا شيء يعوقه (صلى) ولا شيء يعوقه .. وتنحل في كل مرة عزيمة من عزائم الوسوسة التي فعلها الشيطان ليحبطك عن استمرارك للوصول إلى طاعة الله.

 

#- ولكن قد يقال يوجد سحرة في الجن ولكن هذا في عالمهم كما يوجد أطباء في الجن ومجرمين في الجن .. ولكن هذا باعتبار عالمهم هم وليس باعتبار تدخلهم معنا بقدراتهم .. فافهم.

 

6- وتفسيري لحديث العقد الشيطانية .. كما هو غالب كلام العلماء على أن الحديث بالمعنى المجازي ..

أ- فالمقصود بالضرب .. هو تزيين قوله (عليك ليل طويل) بقوة في نفس النائم لينام .. أي يجتهد بقوة في إلقاء وتزيين قوله هذا في نفسية النائم .

 

ب- والمقصد بالحبل .. هو الوسيلة التي يبني عليها عقدة .. وهي ستكون بالكلام الذي سيزين به في نفس النائم ..

 

ج- والمقصود بالعقد .. هي تحديد الكلام الذي اختاره كعزيمة عقدها الشيطان في نفسه بمحاولة منع المسلم من الوصول إلى الصلاة بأي طريقة من الطرق وهي تستوجب ثلاث مراحل .. المرحلة الأولى: القيام من النوم .. والمرحلة الثانية: الوضوء .. والمرحلة الثالثة هي الدخول في الصلاة فعلا .. وفي كل مرحلة من المراحل الثلاثة عزيمته في هذا الشخص هي واحدة لا تتغير (عليك ليل طويل فارقد) أو بالمعنى المصري العامي (روح نام يا عم أنت لسه اليوم طويل) .

 

- إذن .. الشيطان يرجو بعزيمة في نفسه منع المسلم من الوصول إلى الصلاة في كل خطوة يخطوها للصلاة ..

 

د- والمقصد بقافية الرأس: إحباط العزيمة والهمة في الانسان .. كالذي يمسك رأس احد ويدفعها الى السرير .. حتى لا ينهض من مكانه .. ويظل حبيس السكون .. فلا يأتي منه خير ولا يذهب الى خير ..

 

هـ- وهذا تصور مني لما يحدث من الشيطان معك حينما تحاول القيام من النوم للصلاة:

-  فكلما حاولت النهوض يوسوس إليك بأن تنام .. ويوهمك بأن الليل لازال طويل أمامك .. فنام براحتك وهتلحق الصلاة بكل تأكيد ..!!

 

- فإذا نهضت وذهبت للوضوء .. يلحقك الشيطان ويظل يكرر له لا تغسل وجهك بالماء فلازال جسمك يحتاج إلى النوم والراحة وارجع لتنام أفضل وربنا غفور رحيم يا سيدي ..

 

- فإذا توضأت .. يلحقك الشيطان قبل أن تصلي ويقول لك: ارجع للنوم فكيف ستصلي لله وأنت حالك هكذا نائم على نفسك .. بقى ده فعل المؤمنين يا مؤمن ؟!! .. فارجع واكمل نومك وارتاح ولما تصحو صلي براحتك .. وإلا فصلاتك لا تكون مقبولة بل وكيف تقبل ممن هو حاله هكذا نائم على نفسه ؟!!

 

- فإذا قلت (الله أكبر) وبدأت الصلاة .. فالشيطان يتركك في صلاتك .. ولا يستطيع أن يمنعك لأنه لا  قدرة له على ذلك .. ولا يبقى له فيك إلا مجرد الوسوسة في الصلاة بأمور الدنيا ليحاول أن يفسد عليك بها الصلاة قدر المستطاع .. والله أعلم .

- وقد شرحت أسباب رأيي في تفسير الحديث .. وذلك بكلام القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم في الفصل الثامن عشر عند السؤال رقم (41) تحت عنوان (كيف أرى خالد صاحب الرسالة معنى ومفهوم الحديث النبوي عن العقد الشيطانية أو الروحانية من خلال القرآن والأحاديث النبوية ؟).

 

7- وقد يكون (حسب ظني ورأيي الخاص) .. أن العزيمة الشيطانية هي أيضا ما (بال به الشيطان) في أذن النائم حتى خضع له .. وكلمة (بال) هنا بمعنى خاطره وألقى في نفسه بهذا الكلام .. وكان هذا تفسيري للحديث في رسالة (البيان في مفهوم حديث "بال الشيطان" في أذن الإنسان) .. فارجع إليها لو أردت .. والله أعلم.

 

8- ولي رأي خاص في فهم جزئية (أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) .. وفي رواية بلفظ (وَأَصْبَحَ ثَقِيلًا كَسْلَانًا لَمْ يُصِبْ خَيْرًا) ..

 

أ- فالذي أظنه في معنى ما سبق .. هو أن الذي يقوم من نومه وقد فاتته الصلاة الليلية (بغض النظر عن كونها فرض أو نفل) .. فهو يكون خبيث النفس أي ثقيل النفس .. ووصف الثقل بالخبث لأن الثقل من مقبوحات الطبع في الإنسان .. أو لأنه قد أتاه وسيلة استيقاظ ففضل النوم على الاستيقاظ فكانت نفسه الأمارة بالسوء هي السبب في استجابة عزيمة الشيطان حتى ينام .. فكان هذا من خبث النفس .. والله أعلم .

 

- والكسل هو صفة لازمة مع خبث النفس لأنه هو ثقل النفس .. ويقصد به ضعف للهمة في النفس لأداء طاعة الله .. وليس المقصود بها ضعف الهمة في سعيك في الحياة .. فمسألة العقد كما قلنا تتعلق بحال مخصوص لعبادة لله وليس بحال دنيوي عام .

 

ب- أما عن قوله (لَمْ يُصِبْ خَيْرًا) فهذا واضح من لفظه .. إذ أن المقصود هو فوات الأجر الكبير الذي كان سيكتب له لو كان قام لله يصلي مفضلا طاعة ربه على راحته الشخصية ..

 

ج- وعكس ما سبق لمن قام يصلي لله فهو الذي يكون (فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ ) أو كما في رواية أخرى بلفظ: (فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ قَدْ أَصَابَ خَيْرًا) .. والنشاط يقصد به الهمة في طاعة الله .. وطيب النفس وصف لحاله الباطني لخضوع النفس واستجابتها لطاعة الله .. والله أعلم.

 

د- فمن يفقد القدرة على القيام للصلاة لله مع استطاعته لفعل ذلك وقد تيسر له ذلك بأي وسيلة من الوسائل .. ففضل النوم .. فهو الذي يصبح خبيث النفس كسلان .. أما من غلبه النوم ولم يحظى بأي فرصة ليقوم للصلاة أثناء الليل .. فلا يدخل في كونه خبيث النفس كسلان لأن النوم غلبه ولم ينتبه إلا في وقت الصباح .. فصلاته حينئذ وقتها هو وقت صحيانه لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا) صحيح مسلم.

 

- فالنوم هنا عن الصلاة (سواء كانت عادة أو حسب ظروفك) .. لا حرج في نومك عنها لأن النوم سلب إرادة ولا حساب حينئذ .. ولا سبب وراءه يجعل وجود أثر للعقد الشيطانية .. لأن علة تفعيل العقد وتنشيطها لم تحدث وهو حدوث استيقاظ المسلم أثناء نومه ولو انتبه مثلا لسماع الأذان ثم غلبه الشيطان بالنوم فنام .. والله أعلم .

 

هـ- أما عن جزيئة أن الخبيث كسلان النفس يصبح وعقده عليه .. فأقصى ما يقال في صحيان المسلم ووجود عقد عليه .. هو وجود أثر متبقي لهذه العقد ولا يستمر إلا لفترة وجيزة لمنعه مما فاته من الصلوات .. وقد يكون مفهوم الكسل وخبث النفس هو تعبير مجازي عن خمول الطاعة في نفس المسلم وفواته الأجر من الله .. إذ لا يعقل أن تنشط كل البشرية في سعيها للحياة ويظل المسلم فقط وحده هو الكسلان خبيث النفس .. فضلا عن أن الواقع لا يثبت ذلك سواء للمسلم وغير المسلم إذ منهم من هو نشيط بطبعه ومنهم من هو كسلان بطبعه .. ولا علاقة للشيطان حينئذ بالمسألة من أساسه .. والله أعلم . 

===========================

@- ثالثا: من حيث إثبات بطلان خرافة الشيطان الساحر بحديث العقد .

 

1- بعض الجماعة ممن يصفون أنفسهم بأنهم رقاة .. استغل حديث العقد ليثبتوا للمسلم بأمكانية سحر الشيطان لهم وتجديد السحر لهم من خلال الشيطان وسحر القرين وما شابه ذلك .. وما أظن ان يفعل ذلك أحد إلا من يعظم من قدرات الشيطان في نفوس المؤمنين وإلا فلماذا ينشر ما هو باطل وغير صحيح وكذب .. ويستدل بكلام النبي لينشر خرافته في نفوس المسلمين ؟!!

- ويمكنك مراجعة الفصل التاسع عشر سؤال رقم (42) تحت عنوان (ما هي طرق بعض المعالجين في إثبات خرافة الشيطان الساحر أو سحر القرين والتابعة ووسيلة نشر هذه الخرافة عند هؤلاء المعالجين ؟).

 

2- في بعض أحاديث العقد جاء فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ يُعَالِجُ (أي يجاهد) نَفْسَهُ إِلَى الطَّهُورِ (ما يتوضأ به وهو الماء) وَعَلَيْهِ عُقَدٌ .. إلى آخر الحديث) ..

 

- فهل قال النبي: أن الشيطان يمنعك أو يوقف حالك أو يصدك بأي طريقة من الطرق ؟!!

- لا .. لم يقل ذلك ..!!

 

- وإنما قال (يعالج نفسه) يعني يجاهد نفسه .. يعني مافيش حاجة منعاه ولا تقدر توقفه عن مهمته التي قام ليؤديها وهي الصلاة طالما استعان بالله واجتهد في ذلك .

 

3- لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أنه يوجد شيطان ساحر يسحر للإنسان بوقف حاله ولا بأي نوع من الأسحار ..

- فلماذا لم يقل النبي أن الشيطان يسحر لأحدكم عند النوم طالما تزعمون أن الحديث يشير إلى أن الشيطان يسحر للمسلم ؟!!

- ولماذا لا يسحر الشيطان للمؤمن ليمنعه عن عمله وعن زوجه وعن أولاده وعن عبادته طوال اليوم مع ربه ؟!!

- الجواب: لأنه لا قدرة للشيطان على ذلك إلا في عقيدة الكذابين فقط .

 

4- النبي لم يجعل للشيطان سلطان على النائم بأي حال من الأحوال .. بدلالة ألفاظ الحديث (فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ .. فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ) .. فتأمل الألفاظ .. فأفعال الإنسان كلها مرهونة بالشخص نفسه ولا عائق يعوقه لا عُقد ولا غيره .. ولكن بشرط اتخاذ القرار .. فتأمل لفظ (استيقظ) ولا شيء يعوقه (توضأ) ولا شيء يعوقه (صلى) ولا شيء يعوقه .. وتنحل في كل مرة عزيمة من عزائم الوسوسة التي فعلها الشيطان ليحبطك عن استمرارك للوصول إلى طاعة الله.

 

5- هل النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن الشيطان ينفث في العقد للمسلم النائم ؟!

- لا .. لم يقل ذلك ..

 

6- هل النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن عقد الشيطان هي سحر يفعله الشيطان بالمسلم ؟

- لا .. لم يقل ذلك ..

 

- يبقى اللي يقول أن الشيطان ينفث في العقد للمسلم النائم ويسحر له .. فقد افترى على النبي بما لم يقل به في أحاديثه .. وجزاءه عند ربه بما تقوَّله على النبي عمدا ولم يكن في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

7- أما من يزعم أن العقد في الحديث النبوي لها دليل من القرآن لقوله تعالى: (النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) الفلق:4 .. وكأن من يزعم ذلك يريد أن يتشبه بما ذكره بعض العلماء في كتبهم عن بعض العلماء .. وحينئذ نقول له: طالما تشبهت بالعلماء .. فلا تقول بوجود شيطان ساحر .. لأنهم قالوا أنها مجرد مشابهة لفعل السحرة .. وليس لأن الشيطان يسحر كما السحرة ..!!

 

- لكن لو حضرتك بتستدل بالآية .. علشان جت على مزاجك وبتحاول تطبخها حسب هواك علشان تخليها مرتبطة بحديث العقد .. لا يا شاطر .. تعالى بقى علشان أقولك أنك لو ظنيت كده هتكون كذبت على الحديث النبوي وعلى كلام الله .. ليه ؟

 

أ- لأن الإستدلال بالآية أصلا هو استدلال خاطيء .. وإلا فأين في الحديث لفظ (النفث في العقد) .. وهو لم يظهر في أي رواية من روايات الحديث لا في الصحيح ولا الضعيف ولا المكذوب ..!!

 

- فيكون الإستدلال بالآية حينئذ غير صحيح لمفارقة ألفاظه لألفاظ حديث العقد .. وإلا بنفس المنطق نقول: أن حديث العقد يشير لباقي الآيات التي أتى فيها لفظ العُقد ونقول أن حديث العقد يشير لها ؟!!

 

ب- ما علاقة الآية بحديث عقد النوم أصلا حتى يتم الإستدلال بالآية من أساسه ؟!! ليه بقولك كده ؟!!

- لأن لو تم الإستدلال بالآية على حديث العقد .. فهذا معناه أن غير المسلم لا يتم عمل السحر له أبدا .. وأن السحر مختص فعله فقط بكل من هو مسلم .. لأن حديث العقد مرتبط بالمسلم فقط .. والآية مطلق فعلها في المسلم وغير المسلم ..

 

ج- بمعنى آخر أبسط: هو أن الآية مطلقة بإمكانية فعل النفاثات في العقد لجميع الناس وليس مخصوصة بعقيدة معينة .. ولكن في حديث العقد الشيطانية فهو مخصوصة بالمسلم فقط .. وعند نومه فقط .. ومن يزعم خلاف ذلك فليأت بالدليل من كلام النبي وإلا فهو متأول بالباطل.

 

#- إذن آية (النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) الفلق:4 .. لا علاقة لها بما جاء في حديث العقد حتى يتم الإستدلال بها .. إلا لو زعمت أن الآية مخصصة بالحديث النبوي وأن فعل السحر لا يتم إلا في المسلم فقط على كوكب الأرض .. وهذه حينئذ ستكون بداية كذبة جديدة وخرافة جديدة تماما ..!!

 

8- وإذا كانت العقد الشيطانية لا يظهر تأثيرها إلا على الغافل المتهاون في حق الله .. فكيف للشيطان أن يسحر بعقده لأي مسلم بما فيهم الملتزم كما يقول بعض الرقاة الكذابين على النبي بما لم يقل به ؟!!

 

9- كيف يرقي هؤلاء الرقاة الذين يزعمون سحر القرين والشيطان للمسلم .. يرقون المسلم لأن الشيطان يعقد العقد عليه .. إذا كانت العقد الشيطانية لا يفكها إلا من حدثت له وهو المسلم نفسه ..؟!! فهل هذا الراقي الكذاب سينهض بدلا منه للصلاة ويذهب للوضوء بدلا منه ويذهب للصلاة بدلا منه ؟!!

- فيا لهم من معالجين ضالين .. بل ومضلين بحديث النبي عن العقد الشيطانية لإثبات وجود شيطان يسحر للمسلم ..!!

 

===========================

 

@- رابعا: القرآن والحديث النبوي يبطلان خرافة الشيطان الساحر .

 

1- القرآن أثبت عدم قدرة الشياطين على فعل السحر ..

- يقول تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) البقرة:102 ..

 

أ- انتبه لقوله تعالى: (الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) .. دليل على أنه لو كان الشياطين يستطيعون فعل السحر للإنسان ما كانوا علموا الإنسان السحر.

- إذن الشيطان لا قدرة له على فعل السحر للإنسان .. وإنما الذي يصنع السحر للإنسان هو الإنسان نفسه من خلال وسائط يستخدمها في ذلك ويتعلمها من الشيطان .

- فمعلم السحر هو الشيطان .. والذي يمارس السحر هو الإنسان .. وانتبه لكلام الله (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) ..

 

- إذن الشياطين لا تسحر من نفسها أي إنسان .. لأنها لا قدرة لها على فعل السحر بالناس من نفسها .. وإلا فلماذا تعلم الناس السحر ؟!!

 

- يبقى لو كانوا قدروا يعملوا السحر لأي حد .. لكانوا عملوه وما كانوا احتاجوا لأي وسيط .. مش كده ولا إيه ؟!!

 

ب- انتبه لقوله تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) .. وهنا الله يؤكد لنا أن الذي يفعل السحر هو الإنسان لأخيه الإنسان للإفساد في الأرض .. ولا علاقة للشياطين بفعل السحر مباشرة للإنسان .

 

- إذن نجد أن الله قد أعطانا مثال حقيقي وواقعي .. لمعرفة صانع السحر وهو الإنسان .. أما الشيطان فهو مجرد معلم السحر ..

 

2- انتبه لقوله تعالى في قصة سحرة فرعون: (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) الأعراف:126.

 

- إذن الذي فعل السحر هم سحرة الإنس .. والذين جاءوا بالسحر العظيم هم سحرة الإنس ..

 

- فأين سحرة الجن ؟!! لا وجود لهم .. ولن يكون لهم وجود بالتسليط المباشر على الإنسان بالسحر .. لم يحدث ولن يحدث .. ليه ؟

- لأنهم في حجاب الغيب عنا .. والسحر يحتاج لاستخدام ادوات مادية تؤثر في الطبيعة المادية البشرية ..

 

3- قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) الحجر:42 .. دليل قاطع على بطلان الشيطان الساحر .. لأنه لو كان ساحرا لكان متصرفا وله سلطة قهر على الإنسان بالتأثير عليه .. ولكن لما نفى الله هذا عن المؤمنين الذين على ربهم يتوكلون .. فقد ثبت بذلك كذب كل من يقول أن الشيطان يسحر للإنسان ..

 

4- يقول تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) إبراهيم:22.

 

- فالشيطان مهمته واضحه .. أن يعد بالوعود الزائفة ويدعو إليها .. ولا يجبرك على فعل شيء .. ولكن أنت إما أن تستجيب أو لا تستجيب .. لأن استجابتك في الأصل هي نابعة من رغبة نفسية فيك .. ولذلك لم يجعل الله تزيين الشيطان حجة لك أمامه يوم القيامة .. لأن الشيطان يزين لك ما في نفسك أو ما قد يرغبه منك أن تفعله ويكون أيضا له حقيقة نفسية فيك كالكسل الذي يستغله في الإنسان ليستغله ضده ليجعله ينام .. وهذا فقط كمثال لمناسبة الحديث الذي نتكلم فيه .. وقس على هذا كل شيء في الحياة .

 

- ولم يكن من مهام الشيطان هو فعل السحر للإنسان لأنه ليس سلطة تصرف فيه أو سلطة منع عنه .. وإلا سقط التكليف عن الإنسان لأن يكون أصبح حينئذ مجبور ومكروه على فعل الشيء لا قدرة له على دفعه ..

 

5- أعلى درجات تمكن الشيطان من الإنسان .. قد وصفها القرآن وهي الإستحواذ إذ يقول تعالى في وصف المنافقين: (استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان) المجادلة:19 ..

 

- والإستحواذ .. معناه الهيمنة والإستيلاء والتمكن الدائم لأنه غلبهم بوسوسته فاتبعوا وسوسته .. وكأن الباطل أصبح هو الحق في نفوسهم بعد أن زين لهم الشيطان ذلك في نفوسهم ..

- فأين هذا السحر الذي يفعله الشيطان مع الإنسان إذا كان أقصى فعله في تضليل إنسان هو بالإستحواذ عليه ..!!

 

6- يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن كيد الشيطان: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيَدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ) رواه أحمد وغيره .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

 

- فالنبي صلى الله عليه وسلم .. أوضح بكل وضوح أن كيد الشيطان لا يتخطى حدود الوسوسة ..

 

7- قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصف أحوال الشيطان مع الإنسان: (إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ) صحيح مسلم.

 

- إذن المسألة كلها وسوسة في وسوسة .. وهي مجرد عزائم يلقيها الشيطان في النفوس ويؤكد عليها بكل همة واجتهاد من أجل الوقيعة بين الناس أو الوقيعة في المعصية أو الإبتعاد عن طريق الله .

 

8- (حديث صحيح) .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خصلتان، أو خلتان لا يحافظُ عليهما عبدٌ مسلمٌ إلا دخل الجنةَ، هما يسيرٌ، ومن يعملُ بهما قليلٌ، يسبِّحً في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ عشْرًا، ويحمَدَ عشْرًا ، ويكبِّرُ عشْرًا، فذلك خمسون ومائةٌ باللسانِ، وألفٌ وخمسمائةٍ في الميزانِ، ويكبِّرُ أربعًا وثلاثين إذا أخذ مضجعَه ، ويحمَدُ ثلاثًا وثلاثين ، ويسبِّحُ ثلاثًا وثلاثين ، فذلك مائةٌ باللسانِ ، وألفٌ في الميزانِ . فلقد رأيتُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يعقِدُها بيدِه ، قالوا: يا رسولَ اللهِ ، كيف هما يسيرٌ ومن يعملُ بهما قليلٌ؟ قال: يأتي أحدَكم – يعني الشيطانَ – في منامِه فيُنَوِّمُه قبل أن يقولَه ، ويأتيه في صلاتِه فيُذَكِّرَه حاجةً قبلَ أن يقولَه) رواه أبو داود .. وذكره الألباني في صحيح أبي داود.

 

- فيتبين مما سبق أن الشيطان يأتي للمؤمن عند إرادته للنوم .. ويجاول أن ينومه بالتكسيل عليه أي بجعله يكسل عن قول أذكاره .. وكذلك هو مقصد النبي صلى الله عليه وسلم من عقد الشيطان .. وهي التأثير عليه بوسوسته حتى ولا أن يقوم من نومه ليصلي .. والله أعلم .

 

- فلا يوجد شيطان ساحر ولا قرين ساحر ولا تابع ساحر .. وإنما هو من كلام المخرفين الذين استخدموا حديث النبي عن العقد الشيطانية ليتاجروا به ويستولوا على أموال الناس بالباطل.

 

===========================

 

@- خامسا: العقل يرفض تصور وجود الشيطان الساحر ..

 

1- ولو قلنا أن الشيطان يستطيع السحر للإنسان .. لكان من باب أولى لسحر الشيطان للأنبياء والرسل ثم للأولياء والصالحين عموما .. ولكن هذا لم يحدث .. ولكن إن كنت تظن أنه يسحر لغير هؤلاء الصالحين .. فانت تكون حينئذ قد شهدت على نفسك أن غير هؤلاء الصالحين على ضلال كبير جدا .. ويكون حسب زعم من يقول بقدرة الشيطان أنه يسحر فهو حينئذ لا يسحر للصالحين أبدا وإنما للعصاة والضالين والكفرة .. في حين هو لا يسحر للكفرة .. فقد ثبت حينئذ كرامة الكافر على المؤمن العاصي .. وهذا كلام لا يقول به إلا من كذب على الله ورسوله ..

 

2- إذا كان الشياطين لهم المقدرة على السحر الفعلي للإنسان .. فلماذا يلجأ الشيطان للإنسان ليجعل منه ساحر ؟ ولماذا يمنح الشيطان علم السحر للناس وهو في إمكانه استخدام السحر بنفسه ؟!!

 

3- ولو كان للجن المقدرة على سحر الإنس بما يتصوره البعض .. لكان عالم الإنس الآن في قبضة استعباد الجن وكنا خداما لهم ..!!

 

4- ولو قلنا أن للشيطان القدرة على سحر الإنس .. لبطلت الرسالات السماوية كلها .. لأن العقل سيقول : أن الرسل والكتب السماوية من تأثير الشيطان .. لأنه طالما تدخل بالسحر في النفوس المؤمنة فما المانع من التلاعب في عقول بوجود شيء اسمه الوحي والملائكة والتوهم بأن الكتب السماوية من إملاء الشيطان حينئذ .. والمسألة كلها خدعة وتضليل من الشيطان .. وهذا هو ما يروج له الملحدون .. وبالتالي أنت تكون انتهجت منهجيتهم لو ظننت أن الشيطان يسحر للإنسان أو يتصرف فيه بأي طريقة ..!!

===========================

 

@- سادسا: خرافات منتشرة يستدلون عليها بحديث العقد الشيطانية ..

 

- لم يكتفي بعض الرقاة بخرافة وجود الشيطان الساحر .. فأوجدوا خرافتين:

1- خرافة الإطعام المنامي التي زعموها واستدل بها البعض بحديث العقد .. وبعضهم قال إن سببها سحر القرين والبعض قال تسليط من ساحر الإنس والبعض قال هو امداد من الشياطين لإخوانهم من الشيطان الذين يمسون جسم المسلم ..

- لا وجود لخرافة الإطعام المنامي بالسحر .. ولا يصدق هذا الشيء إلا جاهل .. ومن يوهم به إنسان فهو إما جاهل أو معترض على كلام الله ورسوله .. بل وأن قدرة الشيطان في المنام لا تتخطى حدود الخيال المنامي لا غير ..!!

 

2- أما عن خرافة تجديد السحر بالمنام .. فهي من أكبر خرافات الرقاة والكذب القبيح على المسلم للإستيلاء على ماله ..!!

- ويمكنك الرجوع فيه إلى الفصل الثاني والعشرون عند السؤال رقم (46) تحت عنوان: (ما الذي تعرفه عن خرافة الإطعام المنامي بالسحر الذي يفعله الشيطان وقرين الإنسان كما يزعم ذلك بعض الرقاة المعالجين ؟ ) ..، وكذلك السؤال رقم  (47) تحت عنوان: (هل الشيطان يصنع سحرا للإنسان في المنام فيعطيه إطعام منامي مسحورا أو يشربه السحر ؟ يقول المشتكي: رأينا الشيطان يطعمنا السحر ويأكلنا السحر ويقطع رؤوسنا وبيهددنا بالموت في المنام).

 

3- أما عن خرافة المعالجين الخاصة بخداع المسلمين بأنه يوجد شيطان ساحر لأن تجربته العلاجية أثبتت ذلك .. فلا يوجد شيء اسمه ثبت بالتجربة وجود شيء روحاني له فعل مخصوص .. ولا إدراك لنا فيه ولا علم ولا حقيقة له ؟!!

 

- وإذا كانت التجربة هي فعل تجريبي للإنسان فعله ليكتشف من وراءه نتيجة تجربته .. فما هي التجربة التي فعلوها هؤلاء الرقاة ليثبتوا وجود الشيطان وأنه يسحر للإنسان ؟!!

 

- فإذا لم تكن لديهم تجربة .. قد استحضروا بها الشيطان ورأوه يسحر بما لا يدع شك عند العقلاء حتى يقروا بمصداقيته .. فيكون هذا حينئذ مجرد تخريف عرافين .. ؟!!

- مش كده ولا إيه يا مؤمن يا عاقل ؟!!

 

- بل ولم يرتقي حينئذ كلامهم ليكون رجما بالغيب .. لأن الرجم بالغيب يتطلب وجود حدث فعلي مادي ويتم وضع احتمالات غيبية لكيفية حدوثه ..!!

 

- وطالما هي تجربة .. فنريد أن نعرف .. كيف تم الإختبار على كيان روحاني وهو أصلا غير قابل للتجربة لأنه لا وجود له أمامك لتكتشف أثره وقدراته السحرية فيك ونتيجة تأثيرك عليه لفك سحره كما تزعم ؟!!

 

- وبعدين طالما أنتم شهدتم على وجود هذا الكائن الغيبي الذي هو الشيطان الساحر .. فإما أن تأتي بدليل وبرهان صادق على كلامك وإلا أنت بمنتهى البساطة شخص تكذب أو تخرف أو تهلوس أو لديك رغبة قوية في زرع قدرة خارقة للشيطان في نفوس الناس لتعظيم قدرات الشيطان في النفوس حتى ترعب الناس بالشيطان .. وحينئذ هذا قد يدفعنا للشك في نفسيتك وشخصيتك المعظمة لقدرات الشيطان ..!!

 

- ولمزيد من المعلومات فيمكنك الرجوع إلى الفصل الحادي والعشرون عند السؤال رقم (45) تحت عنوان (كيف تكشف فساد مقولة بعض المعالجين حين قولهم لك "قد أثبتت التجربة وجود الجن الساحر وسحر القرين" ؟ - وما علاقة ما سبق بمقولة: "أن التجربة أثبتت وجود الجن العاشق في الأرحام").

 

===========================

 

@- سابعا: الغرض من بيان النبي لما يفعله الشيطان من عقد مع المسلم عند النوم ليلا ..

- لعلك قد تظن أن مسألة تكاسلك عن القيام للصلاة عند نومك هي نفسك ولذلك تتهاون في الأمر .. ولكن حينما تعلم أن المسألة أكبر من ذلك وأن الشيطان عدوا متربص بك ويستغل هذا الكسل فيك فحينئذ تختلف المسألة .. فأراد لك النبي أن تعلو بعزيمتك تنشط وتواجه الكسل الذي تجده في نفسك في تلك اللحظة .. وتعرف أن هناك من يستغل هذا الكسل في نفسك وهو الشيطان .. فتحارب كسل نفسك وتحارب وسوسة عدوك المترصد بك ليحرمك من فضل الله عليك من خلال عزائمه الثلاث التي لا تتغير بل وسواس متكرر في نفسك حتى تكسل وتعود للنوم .. فتواجهه أنت أيضا بثلاث عزائم وهي الإستيقاظ مع الذكر والوضوء والصلاة .. أي تتقرب إلى الله .. فكلما اقتربت من طاعة الله كلما خمدت عزيمة الشيطان في نفسك أي أثر وسوسته .. فعزيمتك تقهر عزيمتة ..

 

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- من يقل لك من المعالجين أن الشيطان يسحر لك أو يجدد لك سحر أو أن لديك سحر القرين أو ما شابه ذلك .. فاعلم أنه شخص يعظم في نفسك من قدرات الشيطان ليعلو بقدراته فيك حتي يجعلك تيأس وتلجأ إليه .. والحقيقة أن كلام هذا المعالج هو مجرد كلام باطل وكذب وتضليل وخداع .. والذي يخوفك بالشيطان فاعلم أنه خدام من خدامين الشيطان .. وتذكر فورا قوله تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) آل عمران:175.. أي أن الشيطان يخوفكم بأنصاره وأعوانه من الإنسيين .. فلا تخافوهم .. وليكن خوفكم من عصيان الله إن لم تتبعوا الله في مواجهة عدوه وعدوكم .. وذلك الخوف من الله سببا لتعلو همتكم وعزيمتكم في مواجهة الشيطان وأعوانه .

 

2- ما وجدنا شيء يقول في السنة أن الشيطان يسحر للإنسان .. وإلا فما فائدة تعليم الإنس للسحر وظهور سحر السحرة للناس ؟!!

 

- ولذلك من يقل أن الشيطان يسحر للمسلم فقد كذب على المؤمنين .. وأوهمهم بما لا وجود له في كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. وزعم قدرة للشيطان لم يقل بها الله ورسوله .. لأن الشيطان عند نوم الإنسان لا يمنعه من التصرف كما يحاول الساحر منع المسحور من التصرف ..

 

3- وقد تسأل أخي الفاضل صاحب السؤال فتقول: إذا كان الجن الساحر لا يسحر بذاته ويقوم بأعمالا للإنسان فما الذي يقوله بعض الروحانيين والمعالجين الرقاة .. من أن الجن عملك عمل وسحرلك ؟

 

- الإجابة ببساطة: إما كذبوا عليك عمدا .. أو بجهل منهم نقلوا لك ما أراد الشيطان منهم أن ينقلوه إليك .. فاستخدمهم الشيطان لأنهم أرادوا أن ينتصروا للشيطان بإثبات قدرات خاصة له لتخويف المؤمنين .. ولكن سواء كان جاهل او متعمد فهو لم يحترم عقله ولا دينه .. واحترموا ما بالهم به الشيطان في أذنهم ونفوسهم وزينه لهم .. فارتضوه ونشروه بين الناس ليرعبوا المؤمنين بالشيطان.

 

4- لا تنسب للنبي ما لم يقل به وأنت تعلم .. حتى لا تكون كذبت عامدا متعمدا وأنت تعلم علم اليقين بعد قرائتك لهذه الرسالة .. أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل في حديثه أن الشيطان ينفث للمسلم النائم في العقد .. ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يسحر للمسلم النائم بالعقد .. فلا تتعمد الكذب على النبي .. لأنك ستكون كذبت على النبي (لأنه لم يقل بذلك) .. وكذبت على الله (لأنك نسبت لله وحيا لم ينطق به النبي) .. وكذبت على المؤمنين (لأنك ضللتهم في دينهم متعمدا).

 

5- يظهر لنا من القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس من قدرات الشيطان أن يصنع السحر للإنسان .. بل هو فقط مجرد معلم للسحر وليس هو الساحر للإنسان .. بل أن الإنسان هو الذي له القدرة على استخدام السحر في أذية إنسان آخر .

 

- فإما أن تصدق القرآن .. أو تصدق غيره ..؟!!

- وإما أن تحترم عقلك .. أو تبعه في سوق العبيد لهؤلاء الرقاة يبيعون ويشترون فيه بالباطل كيفما أرادوا .. ؟!!

- فهذا اختيارك .. وأنت عليك اتخاذ القرار ..

 

#- وهذا ختام خلاصة البحث في مسألة حديث العقد الشيطانية .. وقد جمعت لك فيه عناوين الفصول السابقة قدر استطاعتي ولكن التفاصيل فبداخل الرسالة .. وأرجو من الله أن أكون قد وفقت في ذلك .. والله ولي التوفيق.

 

- وتبقي لي كلمة أخيرة .. أذكرها في الفصل القادم والأخير لهذه الرسالة إن شاء الله .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .