بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة
#- فهرس:
:: الفصل الثاني عشر:: ج3/ عن مسائل ناقشها العلماء تتعلق برحلة الإسراء
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ::
1- س33: هل كان الإسراء والمعراج يقظة أم مناما وبالجسد أم الروح ؟
*******************
:: الفصل الثاني عشر ::
*******************
..:: س33: هل كان الإسراء والمعراج يقظة
أم مناما وبالجسد أم الروح ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
(حديث صحيح) .. جاء في الحديث عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ
الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ. يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ "
قَالَ: " فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْت الْمَقْدِسِ ". قَالَ:
" فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِى يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ ".
قَالَ: " ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ .. ثُمَّ خَرَجْتُ،
فَجَاءَنِى جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ
مِنْ لَبَنٍ .. فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ ..
-
فَقَالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْتَرْتَ الْفَطْرَةَ.
- ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى
السَّمَاءِ ..
-
فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ .. فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: جِبْرِيل . قِيلَ:
وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ . قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ: قَدْ
بُعِثَ إِلَيْهِ.
-
فَفُتِحَ لَنَا .. فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ بِى
وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ.
-
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ..
فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ
جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ
إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا .. فَإِذَا أَنَا
بِابْنَىِ الْخَالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ
صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِى بِخَيْرٍ.
-
ثُمَّ عَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَةِ ..
فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مِنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيل. قِيلَ: وَمَنْ
مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ
إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بيُوسُفُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِى شَطْرَ الحُسْنِ،
فَرَحَّبَ وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ.
-
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفتَحَ
جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ:
وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْه؟ قَالَ: قَدْ
بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا
لِى بِخَيْرٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّاَ}.
-
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ
جِبْرِيل قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ:
مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْه؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ
لنَا، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَحَّبَ
وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ.
-
ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ
جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ:
وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْه؟ قَالَ: قَدْ
بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ.
-
ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَابِعَةِ .. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل،
فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، قَالَ: قَدْ
بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا
هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إِلَيْهِ ..
ثُمَّ ذَهَبَ بِى إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. وإِذَا وَرَقُهَا كَآذانِ
الفِيلَةِ .. وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلالِ ...
-
قَالَ "أي النبي": " فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ
مَا غَشِى" .. تَغَيَّرَتْ .. فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ
أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا .. فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى ..
فَفَرَضَ عَلَىَّ خَمْسِينَ صَلاةٌ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ..
-
فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى
أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلاةً. قَالَ: ارْجِعْ إِلَى ربِّكَ، فَاسْأَلْهُ
التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَإِنِّى قَدْ بَلَوْتُ
بَنِى إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ ".
-
قَالَ "أي النبي": " فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّى .. فَقُلْتُ:
يَارَبِّ، خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِى .. فَحَطَّ عِنِّى خَمْسًا .. فَرَجَعْتُ إِلَى
مُوسَى فَقُلْتُ: حَطَّ عَنِّى خَمْسًا.
-
قَالَ "أي موسى": إِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِك
فَارْجِعْ إِلَى رَبِّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ".
-
قالَ "أي النبي": فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعْ بَيْنَ رَبِّى
تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ - حَتَّى قَالَ: يَا
مُحَمَّدُ، إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَات كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلاةٍ
عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا
كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلْهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ
بِسَيِّئَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ
سَيِّئَةً وَاحِدَةً "
-
قَالَ: فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ.
-
فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ.
-
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى
رَبِّى حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ) صحيح مسلم.
-
(حديث صحيح): عن سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ،
حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُتِيتُ فَانْطَلَقُوا بِى
إِلَى زَمْزَمَ، فَشُرِحَ عَنْ صَدْرِى، ثُمَّ غُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ
أُنزِلْتُ) صحيح مسلم.
#-
الرواية السابقة وما قبلها مكملتان لبعضهما البعض .. وعموما رواية مسلم جمعت رحلة الإسراء
والمعراج وأحببت أن أذكرها لكم في هذا الفصل .. لأن العلماء ناقشوا مسألة مهمة
تتعلق بهذه القصة ولذلك ذكرتها لك بألفاظها .. ولعجيب ما جاء فيها ظهرت مسألة
خلافية عند العلماء ..
-
وهذه المسألة هي: هل كان إسراء النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أم مناما ؟
ولو كان يقظة فهل كان بالروح أم بالجسد ؟
#-
وإليك بعض من كلام العلماء على اختلاف أزمنتهم في كيفية حدوث الإسراء والمعراج:
1- قال الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله
(المتوفى: 310هـ):
- والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال:
إن الله أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد
الحرام إلى المسجد الأقصى .. كما أخبر الله عباده وكما تظاهرت به الأخبار عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم .. أن الله حمله على البراق حين أتاه به .. وصلى هنالك
بمن صلى من الأنبياء والرسل .. فأراه ما أراه من الآيات.
-
ولا معنى لقول من قال: أسرى
بروحه دون جسده ..، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون
ذلك دليلا على نبوته، ولا حجة له على رسالته .. ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من
أهل الشرك، وكانوا يدفعون به عن صدقه فيه .. إذ لم يكن منكرا عندهم ولا عند أحد من
ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة،
فكيف ما هو على مسيرة شهر أو أقل ؟
- وبعد: فإن الله إنما أخبر في كتابه أنه
أسرى بعبده، ولم يخبرنا أنه أسرى بروح عبده، وليس جائزا لأحد أن يتعدى ما قال الله
إلى غيره. (تفسير
الطبري ج14 ص446).
2- ذكر بن حبان رحمه الله (المتوفى: 354 هـ) بعد أن ذكر مشاهد الإسراء
والمعراج .. ثم قال:
-
وجملة هذه الأشياء في الإسراء .. رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم بجسمه عيانا دون أن يكون ذلك رؤيا
أو تصويرا صور له .. إذ لو كان ليلة الإسراء وما رأى فيها نوما دون اليقظة
لاستحال ذلك .. لأن البشر قد يرون في المنام السماوات والملائكة والأنبياء والجنة
والنار وما أشبه هذه الأشياء.
-
فلو كان رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم ما وصف في ليلة الإسراء في النوم دون
اليقظة .. لكانت هذه حالة يستوي فيها معه
البشر إذ هم يرون في مناماتهم مثلها واستحال فضله .. ولم تكن تلك حالة معجزة يفضل
بها على غيره .. ضد قول من أبطل هذه الأخبار وأنكر قدرة الله جل وعلا وإمضاء حكمه
لما يحب كما يحب جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه. (صحيح بن حبان ج1 ص247).
3- ذكر محمد بن الحسين الآجري رحمه الله
(المتوفى: 360هـ) .. بعد أن ذكر روايات الإسراء والمعراج بسنده فقال:
-
من ميز جميع ما تقدم ذكري له (أي من روايات) .. علم أن الله عز وجل أسرى بمحمد
صلى الله عليه وسلم .. إليه بجسده وعقله .. لا أن الإسراء كان مناما .
-
وذلك أن الإنسان لو قال: وهو بالمشرق رأيت البارحة في النوم كأني
بالمغرب .. لم يُرد عليه قوله ولم يُعارض ..، وإذا قال: كنت ليلتي بالمغرب .. لكان
قوله كذبا .. وكان قد تقوَّل بعظيم .. إذا كان مثل ذلك البلد غير واصل إليه في
ليلته لا خلاف في هذا.
- فالنبي صلى الله عليه وسلم: لو قال لأبي جهل ولسائر قومه: "رأيت في المنام كأني
ببيت المقدس" على وجه المنام .. لقبلوا منه ذلك ولم يتعجبوا من قوله ..
ولقالوا له: صدقت .. وذلك أن الإنسان قد يرى في النوم كأنه في أبعد مما أخبرتنا.
-
ولكنه لما قال لهم صلى الله عليه وسلم: (أسري بي الليلة إلى بيت المقدس) .. كان خلافا للمنام عند القوم
وكان هذا في اليقظة بجسده وعقله .. فقالوا له: "في ليلة واحدة ذهبت إلى الشام
وأصبحت بين أظهرنا ؟".
-
ثم قولهم: لأبي بكر رضي الله عنه: "هذا صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة
إلى بيت المقدس ثم رجع من ليلته" ..، وقول أبي بكر رضي الله عنه لهم وما رد
عليهم .. كل هذا دليل لمن عقل وميز .. علم أن الله عز وجل خص نبيه محمدا صلى الله
عليه وسلم بأنه أسرى به بجسده وعقله وشاهد جميع ما في السماوات .. ودخوله الجنة ..
وجميع ما رأى من آيات ربه عز وجل .. وفرض عليه الصلاة .. كل ذلك لا يقال منام بل
بجسده وعقله .. وفضيلة خصَّه الله الكريم بها ..
- فمن زعم أنه منام .. فقد أخطأ في قوله .. وقصَّر في
حق نبيه صلى الله عليه وسلم .. ورد القرآن والسنة وتعرض لعظيم .وبالله التوفيق. (الشريعة للآجري ج3 ص1538).
- قوله (ميز جميع ما تقدم ذكري له): أي هو كان قد ذكر الروايات التي تكلمت عن
الإسراء والمعراج والتي منها رواية صحيح مسلم السابق ذكرها .. ثم كتب الإمام الآجري
خلاصة بحثه وتحقيقه.
4- قال القاضي عياض رحمه الله (المتوفى: 544هـ):
-
اختلف الناس فى الإسراء برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..
-
فقيل: إنما كان جميع ذلك مناماً، واحتجوا بقوله سبحانه: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا
الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ) الإسراء:60 ..
-
وقيل: بل جميعه كان حقيقة فى اليقظة .. واستدلوا بقوله تعالى: (أَسْرَى بِعَبْدِهِ) الإسراء:1 ..، ولم يقل: بروح عبده، ولا ينتقل عن
الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل، واحتجوا - أيضاً - بأن ذلك لو كان مناماً لما
استبْعَدته الكفار، ولا كذبوه فيه وافتتن به - أيضاً - بعض من كان أسلم من الضعفاء
حتى ارتد، وغير بعيد أن يرى الإنسان مثل ذلك فى المنام.
-
وقيل أيضاً: إنما الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كان فى
اليقظة وما بعد ذلك منام. ويصح لقائل هذا القول أن يبنى فيقول: قوله: (أَسْرَى بِعَبْدِهِ) الآية، كما قال: (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) كان بالجسد ..، وقوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا
الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاس) يريد ما كان فى المنام بعد
ذلك..، واحتج القائل بهذا التفصيل بأن ذلك خرج مخرج التمدح .. والإخبار بتشريفه
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. ولا يقع التمدح بالأدون مع وجود الأرفع .. فلو
كان قد صعد إلى السماء بجسده لكان يقول: "أسرى بعبده إلى السماء" .. فهو
أبلغ فى المدح من أن يقول: (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).
-
قال القاضى "أي القاضي عياض": الحق والذى عليه أكثر الناس
ومعظم السلف وعامة المتأخرين من الفقهاء، والمحدثين والمتكلمين أنه أسرَى بالجسد
.. والآثار تدل عليه لمن طالعها وبحث عنها .. ولا يعدل عن ظاهرها إلا بدليل .. ولا
استحالة فى حملها عليه فيحتاج إلى تأويل. (إكمال المعلم بفوائد مسلم ج1 ص495-497).
5-
قال الإمام
الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):
-
اختلف في كيفية ذلك الإسراء ..
-
فالأكثرون من طوائف المسلمين: اتفقوا على أنه أسري بجسد رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
-
والأقلون قالوا: إنه ما أسري إلا بروحه حكي عن محمد بن جرير الطبري في
«تفسيره» عن حذيفة أنه قال ذلك رؤيا .. وأنه ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم
.. وإنما أسري بروحه .. وحكي هذا القول أيضا عن عائشة رضي الله عنها، وعن معاوية
رضي الله عنه. (تفسير مفاتيح الغيب ج20 ص293).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا
على جزئية (حكي عن محمد بن جرير الطبري في «تفسيره» عن
حذيفة أنه قال ذلك رؤيا):
- هذا كلام خطأ .. إذ لم أجد في تفسير الطبري ما يشير لذلك
عن حذيفة بن اليمان بل ولم يقل ذلك حذيفة بن اليمان .. ونص كلام الطبري هو هذا إذ
قال رحمه الله: " وقال آخرون من قال: أسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم إلى
المسجد الأقصى بنفسه وجسمه أسرى به عليه السلام .. غير أنه لم يدخل بيت المقدس،
ولم يصلّ فيه .. ولم ينزل عن البراق حتى رجع إلى مكة " ..، ثم استدل الطبري على
ذلك بأحاديث مروية عن حذيفة بن اليمان يظهر منها على أن الرحلة كانت بالروح والجسم
وليس مناما .. (راجع
تفسير الطبري ج17 ص348-349 طبعة مؤسسة الرسالة).
6- قال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله (المتوفى:656 هـ):
-
واختُلِف في كيفيّة هذا الإسراء وفي زمانه ..
-
فقيل: كان كلُّه منامًا ..
-
وقيل: كان كلُّه يقظةً ..
-
وقيل: كان إلى المسجد الأقصى يقظةً .. وإلى ما بعد ذلك منامًا.
-
وكلّ تلك الأقسام جائز .. ولكن الذي عليه معظم السلف والخلف أنّه أسري
بجسده، وحقيقتُهُ في اليقظة إلى آخر ما انطوى عليه الإسراء، وعليه يدلّ ظاهرُ
الكتاب وصحيحُ الأخبار ..، ومبادرةُ قريش لإنكار ذلك وتكذيبه.
-
ولو كان منامًا لما أنكروه ولما افتُتِنَ به من افتُتِنَ .. إذ كثيرًا ما يُرى في المنام أمورٌ
عجيبةٌ وأحوالٌ هائلة .. فلا يُستبعَد ذلك في النوم .. وإنّما يُستبعَد في اليقظة. (المفهم لما أشكل من صحيح مسلم ج1 ص385)..
-
قوله (ظاهر الكتاب): يقصد به القرآن من الآية الأولى في سورة
الإسراء.
- قوله (صحيح الأخبار): أي صحيح الأحاديث المروية في قصة الإسراء
والمعراج.
7-
ذكر الإمام
النووي رحمه الله (المتوفى: 676 هـ):
- وكان الِإسراء به - صلى الله عليه وسلم - مرتين: مرة
في المنام ..، ومرة في اليقظة. (فتاوى النووي ص37)..
8-
قال الإمام بدر
الدين العيني رحمه الله (المتوفى: 855هـ):
- إن كان الإسراء مرتين أو أكثر فلا إشكال
فيه .. وإن
كان واحدا فالحق أنه كان في اليقظة بجسده .. لأنه قد أنكرته قريش، وإنما
ينكر إن كان في اليقظة .. إذ الرؤيا لا تنكر ولو بأبعد منه ..، وقال القاضي عياض:
اختلفوا في الإسراء إلى السموات، فقيل: إنه في المنام .. والحق الذي عليه الجمهور
أنه أسري بجسده.
#-
قلت: اختلفوا فيه على
ثلاث مقالات:
- فذهبت طائفة: إلى أنه كان في المنام مع
اتفاقهم أن رؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وحي وحق .. وإلى هذا ذهب معاوية ..
وحكي عن الحسن .. والمشهور عنه خلافه .. واحتجوا في ذلك بما روي عن عائشة، رضي
الله تعالى عنها: (ما فقد جسد رسول الله، صلى الله عليه وسلم) ..، وبقوله: (بينا أنا نائم) ..، وبقول أنس: (وهو نائم في المسجد الحرام) وذكر القصة .. وقال في آخرها:
(فاستيقظت
وأنا بالمسجد الحرام).
- وذهب معظم السلف: إلى أنه كان بجسده وفي اليقظة
وهذا هو الحق .. وهو قول ابن عباس فيما صححه الحاكم .. وعدَّدَ في (الشفاء) عشرين
نفسا قال بذلك من الصحابة والتابعين وأتباعهم .. وهو قول أكثر المتأخرين من
الفقهاء والمحدثين والمفسرين والمتكلمين.
- وذهبت طائفة: إلى أن الإسراء بالجسد يقظة إلى
بيت المقدس وإلى السماء بالروح ..
- والصحيح: أنه أسري بالجسد والروح في القصة
كلها .. وعليه يدل قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده) الإسراء:1 ..، إذ لو كان مناما
لقال: (بروح عبده) ولم يقل (بعبده) ..
- ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل
إلا عند الاستحالة .. وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته
استحالة ..
- وقال ابن عباس: (هي رؤيا عين رآها لا رؤيا منام) .. وأما قول عائشة: (ما فقد جسده) .. فلم يحدث عن مشاهدة لأنها
لم تكن حينئذ زوجة ولا في سن من يضبط، ولعلها لم تكن ولدت .. فإذا كان كذلك تكون
قد حدثت بذلك عن غيرها .. فلا يرجح خبرها على خبر غيرها ..، وقال الحافظ عبد الحق
في (الجمع بين الصحيحين): وما روى (شريك) عن أنس (أنه كان نائما) .. فهو زيادة مجهولة .. وقد
روى الحفاظ المتقنون والأئمة المشهورون كابن شهاب وثابت البناني وقتادة عن أنس ..
ولم يأت أحد منهم بها .. و(شريك) ليس بالحافظ عند أهل الحديث. (عمدة القاري في شرح صحيح
البخاري ج15 ص125-126).
9- قال الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله
(المتوفى: 911 هـ):
-
فذهب الجمهور من المفسرين والمحدثين والفقهاء والمتكلمين .. إلى أنهما وقعا في ليلة واحدة في
اليقظة وتواردت عليه طواخر الأخبار الصحيحة وقوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى
بِعَبْدِهِ لَيْلًا) الإسراء:1.
-
لأن التسبيح إنما يكون عند الأمور العظام .. ولو كان مناما لم يكن فيه كبير
شيء، ولما بادرت قريش الى إنكاره .. ولا ارتد جماعة من ضعفاء من أسلم .. ولأن
العبد عبارة عن مجموع من الروح والجسد .. ولو كان مناما لم يقل بعبده بل بروح عبده
.. وليس العقل ما يحيل ذلك أيضا .. ولأنه حمل على البراق والروح لا تحمل .. وإنما
يحمل البدن. (الآية
الكبرى في شرح قصة الاسراء ص20).
- معنى (طواخر الأخبار): الطَّخر هي السحب أو الأمطار .. ويقصد بها هنا هو مجيء الأخبار الصحيحة كالمطر من كثرة ورودها .
10- قال الإمام القسطلاني رحمه الله (المتوفى: 923هـ):
- والجمهور على أن وقوعهما معًا .. في ليلة واحدة في اليقظة ..
بجسده المكرّم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (شرح القسطلاني على صحيح البخاري - عند حديث رقم 3886).
11- قال الإمام الشعراوي رحمه الله (المتوفى:1419 هـ):
-
في مسألة الإسراء والمعراج يقول تعالى: أنا أسريتُ بعبدي .. فمن أراد
أنْ يُحيل المسألة ويُنكرها، فليعترض على الله صاحب الفعل لا على محمد.
-
لكن كيف فاتتْ هذه القضية على كفار مكة ؟
-
ومن تكذيب كفار مكة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.. في رحلة الإسراء والمعراج نأخذ
رَدّاً جميلاً على هؤلاء الذين يخوضون في هذا الحادث بعقول ضيقة وبإيمانية سطحية
في عصرنا الحاضر،
فيطالعونا بأفكار سقيمة ما أنزل الله بها من سلطان.
-
ونسمع منهم مَنْ يقول: إن الإسراء كان منَاماً، أو كان بالروح دون
الجسد.
-
ونقول لهؤلاء: لو قال محمد لقومه: أنا رأيتُ في الرؤيا بيت المقدس، هل
كانوا يُكذِّبونه ؟ ولو قال
لهم: لقد سبحتْ روحي الليلة حتى أتتْ بيت المقدس، أكانوا يُكذِّبونه ؟
أتُكذَّب الرّؤى أو حركة الأرواح ؟!
-
إذن: في إنكار الكفار على رسول الله وتكذيبهم له دليل على أن
الإسراء كان حقيقة تمت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ برُوحه وجسده .. وكأن الحق سبحانه ادَّخر الموقف التكذيبي
لمكذبي الأمس .. ليردّ به على مُكذّبي اليوم.
-
وقوله سبحانه: (بِعَبْدِهِ ..) الإسراء:1.
-
العبد: كلمة تُطلق على الروح والجسد معاً، هذا مدلولها، لا يمكن
أن تُطلَق على الروح فقط. (تفسير
الشعراوي ج13 ص8314).
#- ثم قال
الشعراوي رحمه الله بعد عدة صفحات:
-
وورد في الإسراء أحاديث كثيرة تكلَّم فيها العلماء: أكان بالروح والجسد ؟ أكان يقظة
أم مناماً ؟ أكان من المسجد الحرام أم من بيت أم هانيء ؟ ونحن لا نختلف مع هذه
الآراء، ونُوضِّح ما فيها من تقارب.
- فمن حيث: أكان الإسراء بالروح فقط أم
بالروح والجسد ؟ فقد أوضحنا وَجْه الصواب فيه .. وأنه كان بالروح والجسد جميعاً ..
فهذا مجال الإعجاز .. ولو كان بالروح فقط ما كان عجيباً .. وما كذَّبه كفار مكة.
-
أما مَنْ ذهب إلى أن الإسراء كان رؤيا منام .. فيجب أن نلاحظ أن أول الوحي
لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان الرؤيا الصادقة .. فكان صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا يرى رُؤْيَا إلا وجاءت كفلَق الصبح .. فرؤيا النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليست كرؤيانا .. بل هي صِدْق لا بُدَّ أن
يتحقَّق .. ومثال ذلك ما حدث .. مَنْ إرادةِ اللهِ لهُ رؤْيا الفتح.
-
قال تعالى: (لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرءيا بالحق
لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَآءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ
وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ. .) الفتح:27 .
-
وقد أخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صحابته هذا الخبر .. فلما ردَّهم الكفار عند الحديبية
.. فقال الصحابة لرسول الله: ألم تُبشِّرنا بدخول المسجد الحرام؟ فقال: ولكن لم
أَقُلْ هذا العام.
-
لذلك يسمون هذه الرُّؤى رؤى
الإيناس .. وهي أن يرى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َلشيء مناماً .. حتى إذا ما تحقق لم يُفَاجأ به .. وكان له
أُنْس به .. وما دام لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلَق الصبح فلا بُدَّ أن هذه الرؤيا
ستأتي واقعاً وحقيقة .. وقد يرى هذه الرؤيا مرة أخرى على سبيل التذكرة بذلك
الإيناس.
-
إذن: مَنْ قال: إن الإسراء كان مناماً نقول له: نعم كان رؤيا إيناس
تحققتْ في الواقع .. فلدينا رؤى الإيناس أولاً .. ورؤى التذكير بالنعمة ثانياً ..
وواقع الحادث في الحقيقة ثالثاً .. وبذلك نخرج من الخلاف حول: أكان الإسراء يقظة
أم مناماً.
-
وحتى بعد انتهاء حادث الإسراء .. كانت الرؤيا الصادقة نوعاً من التسلية لرسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.. فكان كلما اشتدتْ به الأهوال يُريه
الله تعالى ما حدث له لِيُبيّن له حفاوة السماء والكون به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ.. ليكون جَلْداً يتحمل ما يلاقي من التعنت والإيذاء.
-
أما من قال: إن الإسراء كان من بيت أم هانيء .. فهذا أيضاً ليس محلاً
للخلاف .. لأن بيت أم هانيء كان مُلاصِقاً للمطاف من المسجد الحرام .. والمطاف من
المسجد.
-
إذن: لا داعي لإثارة الشكوك والخلافات حول هذه المعجزة؛ لأن
الفعل فِعْل الحق سبحانه وتعالى، والذي يحكيه لنا هو الحق سبحانه وتعالى، فلا
مجالَ للخلاف فيه. (تفسير الشعراوي ج13 ص8319 –
8313).
12-
ذكر الدكتور
موسى لاشين رحمه الله (المتوفى: 1430 هـ) ستة أقوال ذكروها العلماء وناقش هذه
الآراء فقال:
-
هل كان الإسراء يقظة أو مناما ؟
1-
ذهب الجمهور .. من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين إلى أن الإسراء
والمعراج وقعا في ليلة واحدة، في اليقظة، بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه،
بعد المبعث.
-
قال الحافظ ابن حجر: وتواردت على ذلك ظواهر الأخبار الصحيحة ولا
ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله، حتى يحتاج إلى تأويل. اهـ.
2-
وذهب قليل من العلماء .. إلى أن الإسراء والمعراج كانا
مناما، تشبثا، بقوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) الإسراء: 60 ..، على أن المراد
بها ما رأى ليلة الإسراء .. والرؤيا بالقصر ما يرى في المنام .. وتشبثا ببعض
الروايات التي يدل ظاهرها على أنه كان في المنام، وهذا القول مردود من وجوه:
-
الأول: أنه ثبت أن قريشا كذبوه في الإسراء، واستبعدوا وقوعه،
ولو كان مناما لما كذبوه، ولا استنكروه، لجواز وقوع مثل ذلك وأبعد منه لآحاد
الناس.
-
الثاني: أن الله تعالى ذكر الإسراء في كتابه بصيغة التنزيه له
والتعجيب للحادث، والتشريف لنبيه فقال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من
المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) الإسراء:1 ..، ولو كان مناما
لم يستحق ذلك.
-
الثالث: أن الله تعالى أثبت رؤيا القلب بقوله: (ما كذب الفؤاد ما رأى) النجم:11 ..، ورؤيا العين
بقوله: (ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى) النجم:17-18.
-
وأما قولهم: إن الرؤيا بالقصر مختص برؤيا المنام، فيمكن رد هذا
الاستدلال عليهم بأن هذا الاستعمال هنا في رؤيا العين دليل على أن هذا اللفظ ليس
خاصا بالمنام.
-
وأما الروايات التي استندوا إلى ظاهرها، كرواية البخاري: (بينا أنا عند البيت مضطجعا بين
النائم واليقظان إذ أتاني ... إلخ) .. ورواية (بينا أنا نائم) فإنها محمولة على ابتداء الحال
.. ثم صار إلى اليقظة الكاملة صلى الله عليه وسلم.
3-
وذهب بعضهم إلى أن الإسراء والمعراج كانا بالروح لا بالجسد وقالوا: ينبغي أن يعلم الفرق بين قولهم:
كان الإسراء مناما وبين قولهم: بروحه دون جسده، فإن بينهما فرقا، فإن الذي يراه
النائم قد يكون حقيقة بأن تصعد الروح مثلا إلى السماء، وقد يكون من ضرب المثل بأن
يرى النائم ذلك وروحه لم تصعد أصلا، فمعنى أسري بروحه ولم يصعد جسده أن روحه عرج
بها حقيقة، فصعدت، ثم رجعت، وجسده باق في مكانه خرقا للعادة. اهـ
-
قال الحافظ ابن حجر: وظاهر الأخبار الواردة في الإسراء تأبى
الحمل على ذلك.
-
وذهب جماعة من أهل العلم .. إلى أن ذلك كله وقع مرتين، مرة في المنام
توطئة وتمهيدا، ومرة ثانية في اليقظة، جمعا بين ظواهر ما ورد، وجوز بعض قائلي ذلك
أن تكون قصة المنام وقعت قبل المبعث، لما جاء في بعض الروايات من قول الراوي (وذلك قبل أن يوحى إليه).
4-
وذهب جماعة إلى أن الإسراء كان في اليقظة .. والمعراج كان في المنام .. أو أن الاختلاف في كونه يقظة أو
مناما خاص بالمعراج لا بالإسراء .. واستدلوا على ذلك بدليلين:
-
الأول: أن قريشا كذبوه في الإسراء واستبعدوا وقوعه، ولم يتعرضوا
للمعراج، ولو أنه أخبرهم بالمعراج يقظة لكان أولى بالتكذيب.
-
وعن الثاني: بأنه لما كان الإسراء هو مناط التكذيب كان الجدير بالذكر
للرد عليهم، وإن كان المعراج أعجب. والله أعلم.
#-
وأجيب عن الأول: باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم لما بادءوه بالتكذيب في
الإسراء لم يسترسل معهم بذكر المعراج، أو أنه ذكره لهم لكن لم يقع منهم في شأنه
اعتراض لأن ذلك عندهم من جنس قوله: إن الملك يأتيه من السماء في أسرع من طرفة عين،
وكانوا يعتقدون استحالة ذلك، لكنهم لا يجدون طريقا واضحا لتكذيبه، بخلاف إخباره
أنه جاء بيت المقدس في ليلة واحدة، ورجع، فإنهم صرحوا بتكذيبه فيه، وطلبوا منه نعت
بيت المقدس، لمعرفتهم به، وعلمهم بأنه ما كان رآه قبل ذلك، فأمكنهم استعلام صدقه
في ذلك، بخلاف المعراج.
#-
وعن الثاني: بأنه لما كان الإسراء هو مناط التكذيب كان الجدير بالذكر
للرد عليهم، وإن كان المعراج أعجب. والله أعلم.
5-
وذهب جماعة .. إلى أن الإسراء كان في ليلة .. والمعراج كان في أخرى
اعتمادا على أن بعض الروايات اقتصرت على الإسراء، وبعضها اقتصر على المعراج.
-
وهو مردود ومحمول على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر.
6-
وذهب قوم جمعا بين الروايات .. إلى أن الإسراء وقع مرتين مرة
على انفراد، ومرة مضموما إليه المعراج وكلاهما في اليقظة، وأن المعراج وقع مرتين:
مرة في المنام على انفراد، ومرة مضموما إلى الإسراء في اليقظة.
-
قال الحافظ ابن حجر: إن من المستبعد وقوع التعدد في قصة المعراج
التي وقع فيها سؤاله عن كل نبي، وسؤال أهل كل باب: هل بعث إليه؟ وفرض الصلوات
الخمس. وغير ذلك، فإن تعدد ذلك في اليقظة لا يتجه فيتعين رد الروايات المختلفة إلى
بعض، أو الترجيح، إلا أنه لا بد في وقوع ذلك في المنام توطئة، ثم وقوعه في اليقظة
على وفقه. اهـ. (فتح المنعم في شرح صحيح مسلم ج1 ص551-553).
13- وقال الإمام محمد رمضان البوطي رحمه الله (المتوفى: 1434 هـ):
- من الأدلة التي لا تقبل الاحتمال .. على أن الإسراء والمعراج كانا
بالجسد والروح .. ما ذكرنا من استعظام مشركي قريش لذلك، وتعجبهم للخبر وسرعة
تكذيبهم له ... إذ لو كانت المسألة مسألة رؤيا وكان إخباره إياهم لذلك على هذا
الوجه .. لما استدعى الأمر منهم أي تعجّب أو استعظام أو استنكار .. لأن المرئيات
في النوم لا حدود لها، بل يجوز مثل هذه الرؤيا حينئذ على المسلم والكافر .. ولو
كان الأمر كذلك لما سألوه أيضا عن صفات بيت المقدس وأبوابه وسواريه بقصد الإلزام
والتّحدي. (فقة
السيرة للبوطي ص114).
14-
قال الشيخ محمد
الأمين الهرري (المتوفى:1441 هـ):
- أكثر
العلماء على أن الإسراء كان بالروح والجسد، يقظة لا منامًا ..
#- ولهم على ذلك أدلة:
أ-
أن التسبيح والتعجب في قوله: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى
بِعَبْدِهِ) .. إنما يكون في الأمور العظام، ولو كان ذلك
مناما لم يكن فيه كبير شأن، ولم يكن مستعظمًا.
ب-
أنه لو كان منامًا ما كانت قريش تبادر إلى تكذيبه .. ولما ارتد جماعة ممن كانوا قد
أسلموا .. ولما قالت أم هانىء لا تحدث الناس فيكذبوك .. ولما فضّل أبو بكر
بالتصديق .. وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: (لقد رأيتني في الحجر، وقريش تسألني عن مسراي
فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها - لم أعرفها حق المعرفة - فكربت كربًا
مّا كربت مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه فما سألوني عن شيء إلّا أنبأتهم به) الحديث.
ج-
أن قوله (بِعَبْدِهِ) .. يدل على مجموع الروح والجسد.
د-
أن ابن عباس - رضي الله عنه – قال: في قوله: (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا
الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) هي: رؤيا أريها رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به، ويؤيده أن العرب قد تستعمل الرؤيا في المشاهدة
الحسية.
ألا
ترى إلى قول الراعي يصف صائدا:
وكبّر
للرّؤيا وهشّ فؤاده ... وبشّر قلبا كان جمّا بلابله
هـ-
أن الحركة بهذه السرعة ممكنة في نفسها .. فقد جاء في القرآن الكريم أنَّ
الرِّياح كانت تسير بسليمان عليه السلام إلى المواضع البعيدة، في الأوقات القليلة،
فقد قال تعالى في صفة سير سليمان عليه السلام: (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها
شَهْرٌ) .. وجاء فيه أن الذي عنده علم من الكتاب أحضر عرش
بلقيس من أقصى اليمن إلى أقصى الشام .. في مقدار لمح البصر، كما قال تعالى: (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ
مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) .. وإذا جاز هذا لدى طائفة من
الناس .. جاز لدى جميعهم.
#- ويرى آخرون من الناس: أن الإسراء كان بالروح فحسب .. ولهم على ذلك
حجج:
أ-
أن معاوية بن أبي سفيان .. كان إذا سئل عن مسرى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - قال: كان رؤيا من الله صادقة، وقد ضعّف هذا بأن معاوية
يومئذ، كان من المشركين، فلا يقبل خبره في مثل هذا.
ب-
أن بعض آل أبي بكر رضي الله عنه قال: كانت عائشة تقول: (ما فقد جسد رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، ولكن أسري بروحه) .. ونقدوا هذا بأن عائشة يومئذ كانت
صغيرة، ولم تكن زوجا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ج-
أن الحسن قال: في قوله: (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا ...) الآية. إنها رؤيا منام رآها
والرؤيا تختص بالنوم.
#- قال أبو جعفر الطبري: الصواب من القول في ذلك عندنا أن
يقال: إن الله أسرى بعبده محمد - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى
المسجد الأقصى كما أخبر الله عباده، وكما تظاهرت به
الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّ الله حمله على البراق، حتى أتاه
به، وصلى هناك بمن صلى من الأنبياء والرسل فأراه من الآيات ما أراه، ولا معنى لقول
من قال: أسري بروحه دون جسده؛ لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون
دليلا على نبوته، ولا حجّة له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل
الشرك، كانوا يدفعون به عن صدقه فيه؛ إذ لم يكن منكرا عندهم، ولا عند أحد من ذوي
الفطرة الصحيحة، من بني آدم، أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة، فكيف
ما هو مسيرة شهر، أو أقلّ.
-
وبعد: فإن الله إنّما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده، ولم
يخبرنا أنه أسرى بروح عبده، وليس جائزًا لأحد أن يتعدى ما قال الله إلى غيره، إلا
أن الأدلة الواضحة، والأخبار المتتابعة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن
الله أسرى به على دابة، يقال لها: البراق، ولو كان الإسراء بروحه .. لم تكن الروح
محمولة على البراق، إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجساد. اهـ.
#-
والخلاصة: أن الذي عليه المعول عند جمهرة المسلمين، أنه أسري به -
صلى الله عليه وسلم - يقظة لا منامًا، من مكة إلى بيت المقدس، راكبًا البراق، فلما
انتهى إلى باب المسجد، ربط الدابة عند الباب، ودخله يصلي في قبلته، تحية المسجد
ركعتين، ثم ركب البراق وعاد إلى مكة بغلسٍ. (تفسير حدائق الروح والريحان ج16 ص14-16).
15-
قلت (خالد صاحب الرسالة):
#-
الإسراء يقظة وحقيقة:
1- لأن هناك ثلاثة
ألفاظ تدل على أن الإسراء كان يقظة بالجسد النبوي الشريف من خلال قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ
لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى) الإسراء:1 ..
-
(سبحان): وهو لفظ لا يقال إلا لعجيبة وغريبة من القدرة
الغير متعارف عليها .. ولا يعقل أن يقال التسبيح في حق الله لأنه جعل نبيه يرى
مناما .. إذ أن المنام يحدث لكل شخص ولا عجيبة في ذلك .!!
-
(أسرى): والإسراء يكون بحقيقة مادية وهي بالجسد ..
إلا لو قيل أنه مجازا فليات بدليل من القرآن يشهد بذلك .. لأن القرآن يشهد أم لفظ
(عبد) يقال لمن جسد وروح .
-
(بعبده): فالباء تفيد الإلصاق الذي هو جماع الجسد
والروح .. ولفظ (العبد) يدل على أنه كان جسدا وروحا .. إذ أن العبد لا يقال على ما
هو روحا أو مناما .. أي أن لفظ (بعبده) لا يقال إلا على نفس إنسانية مادية أي جسد
وروح .. فضلا عن أن الله لم يقل (أسرى بروحه) ..
#- ومن كلام العلماء فيما سبق بيانه:
أ-
قال الفخر
الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):
-
لفظ العبد لا يتناول إلا مجموع الروح والجسد .. والدليل عليه قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9)
عَبْدًا إِذَا صَلَّى) العلق:9-10 .. ولا شك أن المراد من العبد
هاهنا مجموع الروح والجسد .. وقال أيضا في سورة الجن: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ
اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) الجن:19 .. والمراد مجموع
الروح والجسد .. فكذا هاهنا.
-
وأما الخبر فهو الحديث المروي في الصحاح وهو مشهور .. وهو يدل على الذهاب من مكة
إلى بيت المقدس، ثم منه إلى السموات. (التفسير
الكبير – مفاتيح الغيب ج20 ص296).
ب-
قال الشيخ
الشعراوي رحمه الله (المتوفى:1419 هـ):
-
وقوله سبحانه: (بِعَبْدِهِ ..) الإسراء:1 ..
-
العبد: كلمة تُطلق على الروح والجسد معاً .. هذا مدلولها .. لا
يمكن أن تُطلَق على الروح فقط. (تفسير الشعراوي ج13 ص8315).
ج-
قال الدكتور
محمد الهلال في تفسيره:
-
(بِعَبْدِهِ): الباء: للإلصاق؛ أي: بمحمد -صلى الله عليه وسلم-
ببدنه، وروحه، ونفسه معاً، وليس فقط بالروح .. والهاء: تعود إلى الله سبحانه، وتدل
على التشريف. (تفسير
القرآن الثري الجامع في الإعجاز البياني واللغوي والعلمي ج5 ص142).
2- لو كان النبي يتحدث عن مناما ما كان أنكر عليه أحد ولا اعترض من
أساسه .. إذ لماذا الإعتراض على منام ؟!
- ولو كان مناما ما كان النبي شعر
بشيء من الحزن لما سيلاقيه من تكذيب الكفار له واستهزائهم به .. لأنه لماذا يحزن من
منام سيحكيه ؟ ولماذا هم سيستهزئون على منام إذا كان مجرد منام ؟!!
- فإنكار المشركين للنبي وعدم
تصديقهم للنبي واستهزائهم إنما كان على أنه يقظة .. وأنه ذهب لبيت المقدس ورجع في
ليلة .. ولذلك طلبوا منه الحجة والبرهان والدليل على كلامه فيصف لهم شكله لأنهم
يعلمون أنه لم يذهب لبيت المقدس من قبل .. بل وأعطاهم أمارة بأن لهم قافلة في طريق
عودتها لمكة .
3- ولو كان مناما فلماذا طلبوا توصيف بيت المقدس .. وطلب
التوصيف لا يكون إلا لمن شاهد وعاين بنفسه الشيء ؟!!
#- (حديث صحيح)
.. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: (لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي،
وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، فَظِعْتُ بِأَمْرِي (أي
تم تفظيع وتشنيع علي بما عرفوا من خبر الإسراء)،
وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ ..
- "ثم يقول بن عباس": فَقَعَدَ (أي النبي) مُعْتَزِلًا حَزِينًا، قَالَ: فَمَرَّ بِهِ عَدُوُّ اللهِ أَبُو
جَهْلٍ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ
كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" نَعَمْ " قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: " إِنَّهُ أُسْرِيَ بِي
اللَّيْلَةَ " قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: " إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟
" قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا (أي رجعت فأصبحت في مكة هنا بيننا في ليلة) ؟ قَالَ: " نَعَمْ " .. قَالَ: فَلَمْ يُرِه (أي لم يظهر أبو جهل أمام النبي) أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ .. مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ
الْحَدِيثَ إِنْ دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ (أي مخافة أن ينكر النبي حديثه هذا لو رجع بعقلاء قريش
إليه) ..
- قَالَ (أي أبو جهل): أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ تُحَدِّثُهُمْ مَا
حَدَّثْتَنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
نَعَمْ ".
- فَقَالَ (أي أبو جهل): هَيَّا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ .. حَتَّى قَالَ:
فَانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ .. وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا.
- قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي.
- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي
أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى بَيْتِ
الْمَقْدِسِ.
- قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟
- قَالَ: " نَعَمْ "
- قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ (أي يستغرب الكلام بضرب الكفين) ، وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ
مُتَعَجِّبًا .. لِلكَذِبِ زَعَمَ (أي لأنهم يظنوا أن ما يزعمه هو كذب).
- قَالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟
وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَرَأَى الْمَسْجِدَ.
- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ (أي أوصف) حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ (أي اختلط عليه) بَعْضُ النَّعْتِ " ..
قَالَ: " فَجِيءَ (أي أتاه جبريل) بِالْمَسْجِدِ (أي بصورة هيكل المسجد تفصيليا
أو لعله أتى بالمسجد فعلا) وَأَنَا أَنْظُرُ حَتَّى وُضِعَ (أي كأنه موجود بتفاصيله تماما) دُونَ (أي ظهرت صورته بجوار) دَارِ عِقَالٍ أَوْ عُقَيْلٍ
فَنَعَتُّهُ (أي فوصفته كما رأيته) .. وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ
".. قَالَ: " وَكَانَ مَعَ هَذَا نَعْتٌ لَمْ أَحْفَظْهُ " قَالَ:
" فَقَالَ الْقَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللهِ لَقَدْ أَصَابَ) رواه أحمد .. وقال محققو
المسند: إسناده صحيح
على شرط الشيخين.
- فقوله (بين ظهرانينا): دليل على أنه سأله عن الذهاب
والإتيان بجسده .. وليس مناما بكل تأكيد .
- وفي (حديث صحيح) .. عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ
يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ
حِينَ أُسْرِيَ بِي
إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ .. قُمْتُ فِي الْحِجْرِ .. فَجَلَا اللهُ لِي (أي أظهر لي أمام عيني) بَيْتَ الْمَقْدِسِ ..
فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ .. وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده
صحيح على شرط الشيخين.
- وفي (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَة؛ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِى
عَنْ مَسْرَاىَ، فَسَأَلَتْنِى عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ
أُثْبتْهَا (أي لم أكن منتبها لها وقت زيارتي) .. فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ (أي أصابني كرب أي ضيق لعجزي عن تذكر ما طلبوه مني)". قَالَ: فَرَفَعَهُ اللهُ لِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ ..
مَا يَسْأَلُونِى عَنْ شَىءِ إِلَّا أَنْبَأتُهُمْ بِهِ ....) صحيح مسلم.
4- والذين ارتدوا عن الإيمان بالنبي بعد سماعهم من النبي هذه القصة
العجيبة .. ما كان ارتدادهم عن منام رآه .. وإنما عن حدث واقعي هو عاشه فعلا بكل
ماديته .. ولذلك أنكروا واعترضوا ولم يصدقوا لأنه شيء مخالف للعقل والواقع .. أما
لو كان مناما فلا حرج في ذلك إذ ان الروح لها ما ليس للجسد من أفعال ..
- وجاء في (أثر
ضعيف) .. عن مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ،
ثنا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:: (لمَّا أُسْريَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المَسجِدِ
الأقْصى أصبَحَ يَتحدَّثُ النَّاسُ بذلك، فارتَدَّ ناسٌ ممَّن كانوا آمَنوا به
وصَدَّقوه، وسعَوْا بذلك إلى أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقالوا: هل لكَ إلى
صاحِبِكَ يَزعُمُ أنَّه أُسْريَ به اللَّيلةَ إلى بَيتِ المَقدِسِ .. قالَ: أو
قالَ ذلك ؟ قالوا: نعمْ .. قالَ: لَئنْ كانَ قالَ ذلك لقد صدَقَ .. قالوا:
وتُصدِّقُه أنَّه ذهَبَ اللَّيلةَ إلى بَيتِ المَقدِسِ وجاءَ قبلَ أنْ يُصبِحَ ..
قالَ: نعمْ إنِّي لأُصدِّقُه فيما هو أبعَدُ من ذلك .. أُصدِّقُه بخَبرِ السَّماءِ
في غَدْوةٍ (أي صباحا) أو رَوْحةٍ (أي مساء) .. فلذلك سُمِّيَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقَ) رواه
الحاكم برقم 4407 ورواه البيهقي في دلائل النبوة .. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح
الإسناد .. ووافقه الذهبي .. (قلت خالد صاحب الرسالة):
الأثر غير صحيح لأن فيه (محمد بن كثير الصنعاني) وهو مجروح عند العلماء وروايته عن
معمر ضعيفة جدا .. وأذكر لكم بعضها فمن ذلك: قال البخارى : ضعفه أحمد ، وقال
: بعث إلى اليمن فأتى بكتاب فرواه ..، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : ذكر أبى
محمد بن كثير فضعفه جدا ، وضعف حديثه عن معمر جدا ، وقال : هو منكر الحديث ، و قال
يروى أشياء منكرة ..، وقال صالح بن أحمد بن حنبل : قال أبى : محمد بن كثير لم يكن
عندى ثقة ، بلغنى أنه قيل له : كيف سمعت من معمر ؟ قال : سمعت منه باليمن ، بعث
بها إلى إنسان من اليمن !! ..، وقال حاتم بن الليث الجوهرى عن أحمد بن حنبل : ليس
بشىء يحدث بأحاديث مناكير ليس لها أصل ..، وقال البخاري: لين جدا .. وغير ذلك من
أقوال. (راجع تهذيب الكمال للمزي
ترجمة رقم 5570 ج26 ص329).
5- ومن ناحية أخرى .. فإن ما استدل به البعض من آثار عن السيدة عائشة ومعاوية بن أبي سفيان
والحسن البصري .. للدلالة على أن الإسراء كان مناما .. فكلها نصوص تالفة ولم يصح
منها شيئا .. وسيأتي تفصيل ذلك في سؤال منفرد .
#- خلاصة القول:
1- أن العلماء على
مختلف الأزمنة .. قد اختلفوا في كون الإسراء والمعراج يقظة أم مناما .. ولو هو يقظة فهل
بالجسد أم بالروح .. وكذلك ظن بعضهم بتعدد الإسراء والمعراج أحدهما أو كلاهما ..
سواء في اليقظة أو في المنام.
2- عموم علماء المسلمين
.. قد اتفقوا على
أن الإسراء والمعراج كانا في ليلة واحدة .. وكان يقظة وبالجسد .. سواء في الإسراء
أو المعراج ..
3- واعلم أخي
الحبيب:
- المشكلة لا تكمن فيمن
قال بأن الإسراء والمعراج كان بالروح .. لأن من قال بالروح إنما اختلف في كيفية حدوثهما ولكنه قد أثبتهما
تحقيقا أي لم ينكر حدوثهما.. لأن رؤيا الأنبياء حق لأنها وحي من الله .. وبالتالي
فهو مثبت حادثة الإسراء والمعراج ولكنه مختلف في كيفية حدوث ذلك يقظة أم مناما
ويقظة أم بالروح .. وسبب اختلافه هو لأدلة ظهرت له وحكم بها وهي أدلة بالنسبة له
صحيحة أو يظن ذلك. وسأناقشها في سؤال قادم إن شاء الله ..
- وإنما المشكل فيمن
أنكرهما أو أنكر أحدهما .. ويزعم أنه مجتهد
.. لا .. أنت لست مجتهد بل مبتدع بما لم يقل به عامة المؤمنين سلفا وخلفا .. والذي
يسير بزرع الشك في نفوس المؤمنين بخلط الحق بالباطل فهذا أسلوب المرجفين أي
المنافقين .. هذا مع ظهورك بمظهر الخائن للأمانة العلمية لأنك لم تظهر الحقيقة
كالمة .. وإنما أظهرت ما تثير به الشك فقط في نفوس المؤمنين لإرجافهم .. وأخشى أن
تكون هذه حقيقتك يا من تتبع أسلوب الإرجاف ..!!
- وفي الفصل القادم إن شاء الله نتابع ..
آراء الذين قالوا بأن الإسراء كان نوما .. وأظهر لك اخي الحبيب .. أن أدلتهم لم
يصيبوا في الإستدلال بها ..
*****************
جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل
ردحذفجمع جمييل لمختلف الاراء
اللهم زد وبارك ونفعنا بما علمتنا
آمين يارب العالمين
متى الإنسان نجح بدو يدفع ضريبة النجاح...
ردحذفضريبة النجاح
- الحساد- المتآمرين- المنافقين- والكفرة
لا بد للمؤمن من أربعة أعداء
١- مؤمن يحسده
٢_ منافق يبغضه
٣- كافر يقاتله
٤_ شيطان يظله
سيدي الشيخ: رجب ديب
فسر على بركة الله أيها الناجح ولا تبالي... فالذي وفقك للنجاح هو الحي الباقي...وسيظل هو الممد، الواقي والحامي...
اللهم زد و بارك
ردحذفاللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا
موفق بإذن الله العظيم
ردحذففكرة حلوة
بعد الأنتهاء من الرسالة وعرض الأراء
بدي عاوز أبغى أشتي أريد
أن تقوم بكتابة قصة الأسراء والمعراج على مفهومك
يعني
القصة من وجهة نظرك بدون تعدد الأراء = فقط وجهة نظرك من القصة
هل
أفتهملك قصدي ؟
قصدي
كل القصة من الألف إلى الياء من وجهة نظرك
تمام يا مجد ..
حذفعندك حق .. إن شاء الله ربنا ييسر ويكرم وأكتبها بإذن الله راجيا من الله التوفيق في ذلك ..
- لكن من المهم أن نعرف أن العلماء اختلفوا في مسائل معينة حتى نتقبل الرأي والرأي الآخر .. ولكن هذا القبول يتم بعد تحقيق النصوص .. وليس مجرد قبول رأي لأنه قال هذا الكلام .. لا .. بل هات البرهان إن كنت صادق .. ولذلك نقوم هنا بتحقيق كل صغيره وكبيرة قدر المستطاع وحسب الإجتهاد .. وما نجده له قوة حجة فنثبته .. وما نجده فيه حجة لم تصح أيضا نوضحها .. اما من يظل متمسكا بالرأي الغير صحيح والذي ثبت بطلانه .. فهذا يكون فيه شبهة .. وجزاءه عند ربه .
@- خد بالك يا مجد:
- سجدني في بداية كل فصل للراسالة بعد كلمة (فهرس) أضع له عنوان .. فمثلا أضع هنا مسائل اختلف فيها العلماء ووصلت الآن للجزء الثالث .. ولكن بعد فترة .. ستجدني اكتب شبهات يتدوالها أهل الهوى والجهلاء حول الإسراء ..
ولذلك انتبه جيدا بين ما اختلف عليه العلماء .. وبين ما نشره أهل الهوى والجهلاء .. حتى تثبت في العلم .
- والله أعلم
========================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
جزاك الله كل خير والدي الفاضل واعانك وسدد خطاك
حذفوجعل لك بكل حرف وتعب نورا وسرورا يارب
تمام إن شاء الله خير يارب
حذفطلب مجد رااائع
حذفقد يكون بمثابة ملخص مفيد لقصة الاسراء والمعراج...
ربنا يوفقك لكل خير و يعينك عليه...
والله لكانت حلو لو اجتمعنا الجنه يا استاذ خالد معك وقطر وأخريات وأهل المدونه جميعا ومتأكد اننا سنجتمع ولكن لا اعلم هل مباح أن نجتمع مع السيدات في الجنه.. والله وحده يعلم من سيدخل الجنه.. ولكن نظن من الله أنه سيدخلنا الجنه كلنا ويجمعنا..ويقول لنا الله انا عند ظن عبدي
ردحذفبسم الله
ردحذفسُبحانَ ربِّيَ العلِيِّ الأعلى الوهّابِ
جُزيت الفردوس الأعلى، أستاذي الحبيب، على هذا الجمع البديع والرأي المنيع.
وحقيقة لست أتفهّم حاجة العلماء للظن والتأويل؛ فلا حاجة ولا إشكال. فعقلاً -وإيمانًا في آن- لا حد لقدرة الله. ونصًا لم يصرّح القرآن أو حديث الرسول ﷺ بكون الأمر منامًا أو بالروح فقط، فلا حاجة لظن هنا. أمّا قولي أم المؤمنين عائشة ومعاوية لا يعوّل عليهما في شيء -لذات النقد المذكور في متن الموضوع-، وقد تفضّلت أستاذي بالإشارة لأن تلك النصوص فاسدة، وستتفضل بتوضيح ذلك لاحقًا فيكون نقضًا [لا نقدًا]. لكن لعل محاولتهم التوفيق كانت السبب لا غير، وإن كان الاتفاق واقعاً مع كون الأمر بالذات -متضمنة الجسد-.
وعلى كل حال، حقًا جمعكم للآراء وتوضيحها كذلك بديع. أحسن الله إليكم، يا مولانا. وإن كنت أنتظر الفصل القادم لعلّي أفهم سبب حاجتهم لهذا الظن.
وأكثر ما أنتظره -تمامًا كأخينا مجد اليمني- هو رأيك وفهمك وإشاراتك، أستاذي الحبيب؛ فهي دومًا تلامس قلوبنا، ولعلها تكون سببًا في زيادة الإيمان فيها. يا رب.
==========
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، والمحسنين والمحسنات، والمقربين والمقربات، والصديقين والصديقات، الأحياء منهم والأموات، في كل زمانٍ ومكانٍ يا رب العالمين يا أرحم الراحمين، عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك، ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيءٍ بعد.
اللهم صلِّ وسلّم وبارك وأكرم على سيدنا محمد، النبيّ الأمّيّ، الحبيب المحبوب، قدر عزّتك -لا إله إلا أنت- وجلالها وقدس اسمائك وصفاتك وجمالها وعظمة ذاتك وكمالها، وعلى آله وأزواجه أمّهات المؤمنين وذريته وأهل بيته أجمعين، كما صلّيت على آل سيدنا إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
ردحذفهناك بشر كاللؤلؤ النفيس
صحبتهم شرف
ورفقتهم ضمان
والتواصل معهم حق
ونسيانهم صعب
والدعاء لهم واجب
حفضكم الله وبارك فيكم ♥
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفما أرسلناك إلا رحمة للعالمِين"
ردحذففيا رحمة اللّٰه المهداة
يا قبس من نور الإلـه
يا سيّدي وحبيبي وشفيعِي
"يوم يَفِر المرء مِن أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنِيه"
يا رسولَ اللّٰـه عليك مِن القلبِ كلّ السلام ومن الروح أزكى الصلاة..
🌟⭐🌟⭐🌟⭐🌟⭐
اللهم صلى وسلم على أشرف الأنبياء سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين