ج20: قصة الإسراء والمعراج - ما الذي صح من أحداث ومشاهد رآها النبي في إسراءه حتى دخوله المسجد الأقصى - رؤية جبريل - شق الصدر - ركوب البراق - رؤية موسى يصلي في قبره - رؤية بعض المعذبين في قبورهم - مقابلته الأنبياء في بيت المقدس وصلاته بهم إماما - مقابلته لمالك خازن النار - رؤيته للدجال - رؤية أحوال بعض المعذبين - اختيار إناء اللبن للشرب منه بدلا من الخمر - دخول المسجد الأقصى - لماذا رؤية أحوال المعذبين كانت عند الإسراء قبل وصول النبي لبيت المقدس.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل العشرون)

#- فهرس:

:: الفصل العشرون:: أحداث ومشاهد رآها النبي في إسراءه حتى دخوله المسجد الأقصى  ::

 1- س64: ما الذي صح من أحداث ومشاهد رآها النبي في إسراءه حتى دخوله المسجد الأقصى ؟ ولماذا رؤية أحوال المعذبين كانت عند الإسراء قبل وصول النبي لبيت المقدس ؟

*******************

:: الفصل العشرون ::

*******************

 ..:: س64: ما الذي صح من أحداث ومشاهد رآها النبي في إسراءه حتى دخوله المسجد الأقصى ؟ ولماذا رؤية أحوال المعذبين كانت عند الإسراء قبل وصول النبي لبيت المقدس ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هناك أحداث ومشاهد رآها النبي صلى الله عليه وسلم في إسراءه وفي معراجه .. ولكن بما أننا نتكلم عن الإسراء الآن .. فنتكلم عما قيل أنه شاهده وحدث معه أثناء ركوب البراق وحتى وصوله إلى بيت المقدس والصلاة في المسجد الأقصى.

#- الأحداث والمشاهدات التي صح وثبت أن النبي رآها في إسراءه حتى وصل للمسجد الأقصى ..

1- رأى جبريل عليه السلام.

2- شق صدره وتأمينه بماء زمزم وحشو قلبه بالحكمة والإيمان.

3- رأى البراق وهو عجيبة من عجائب خلق الله وانتقل به لبيت المقدس في جزء من الليل.

4- رأى موسى عليه السلام وهو يصلي في قبره قبل الوصول لبيت المقدس. (علما بأنه غير محدد وقت رؤيته – وغالب الظن رؤيته قبل الوصول لبيت المقدس).

5- رأى بعض مشاهد من المعذبين في قبورهم .

6- رؤيته للدجال.

7- الوصول لبيت المقدس.

8- ربط البراق في الحلقة التي يربط الأنبياء فيها دوابهم.

9- دخول المسجد الأقصى في بيت المقدس وصلاته ركعتين ببيت المقدس – وبعض رأي العلماء يقول: أنه قابل الأنبياء في بيت المقدس وصلى بهم إماما. (وهذه مسألة مختلف عليها قبل المعراج أم بعد نزوله من المعراج – وسيأتي شرحها إن شاء الله) ..

10- مقابلته لمالك خازن النار. (وهذه مسألة مختلف عليها بين رؤيته عند المسجد الأقصى أو في السماء أم عن الرجوع من السماء).

11- اختيار إناء اللبن للشرب منه بدلا من الخمر.

12- الإستعداد للعروج إلى السماء.

 

#- وسنناقش في هذا السؤال .. الأدلة التي تشير للأحداث الصحيحة التي حدثت مع النبي قبل وصوله لبيت المقدس .. ونناقش مسألة رؤية المعذبين قبل وصول النبي لبيت المقدس.

 

#- أولا: دليل الأحداث الصحيحة التي حدثت للنبي قبل الوصول لبيت المقدس.

1- (حديث صحيح) .. عن ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ. يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ " قَالَ: " فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْت الْمَقْدِسِ ".

- قَالَ: " فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ ".

- قَالَ: " ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ .. ثُمَّ خَرَجْتُ، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ .. فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ ..

- فَقَالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْتَرْتَ الْفَطْرَةَ.

- ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ ..

إلى آخر الرواية التي جمعت معها حديث المعراج كاملا) صحيح مسلم.

 

#- ملحوظة: هذه الرواية .. تثبت أن النبي صلى ركعتين في المسجد الأقصى ولكن لم يظهر صلاة أي أحد معه .. وكأنه صلى منفردا ..!!

- ولكن محتمل أن يكون صلى ركعتين مع أحد .. ويوجد اختصار في الرواية .. والله أعلم .

 

2- قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَرَرْتُ علَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي عِنْدَ الكَثِيبِ الأحْمَرِ وَهو قَائِمٌ يُصَلِّي في قَبْرِ) صحيح مسلم.

 

- ملحوظة: لا أحد يعلم متى كانت هذه الرؤية تحديدا سواء كان في حالة ذهابه لبيت المقدس أم في حاله رجوعه إلى مكة .. وغالب الظن أنه حين ذهابه لبيت المقدس .. والله أعلم .

 

3- في (حديث صحيح) .. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رَأَيْتُ مُوسَى، وإذَا هو رَجُلٌ ضَرْبٌ .. رَجِلٌ .. كَأنَّهُ مِن رِجَالِ شَنُوءَةَ (أي شبيهة لرجال قبيلة من اليمن يغلب عليها الطول وسمرة البشرة)، وَرَأَيْتُ عِيسَى .. فَإِذَا هو رَجُلٌ رَبْعَةٌ (أي متوسط الطول) أَحْمَرُ (أي يغلب على بشرته البياض) ..، كَأنَّما خَرَجَ مِن دِيمَاسٍ (أي الحمام ويقصد به نضارة الوجه وجماله) ..، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِهِ .. ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ: في أَحَدِهِما لَبَنٌ، وفي الآخَرِ خَمْرٌ، فَقالَ: اشْرَبْ أَيَّهُما شِئْتَ، فأخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فقِيلَ: أَخَذْتَ الفِطْرَةَ، أَما إنَّكَ لو أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ) صحيح مسلم.

 

4- عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي .. مُوسَى رَجُلًا آدَمَ (أي أسمر) طُوَالًا (أي طويلا) جَعْدًا (أي شعره ليس منبسطا فيه تجعيد) .. كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ (أي شبيه لرجال قبيلة من اليمن يغلب عليها الطول وسمرة البشرة)، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا (أي لا طويل ولا قصير) مَرْبُوعَ الْخَلْقِ (أي معتدل القوام مائلا) إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ سَبِطَ الرَّأْسِ (أي منبسط شعر الرأس) .. وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ .. وَالدَّجَّالَ ...) صحيح البخاري.

 

5- (حديث صحيح – ولكن في آخره اضطراب) .. عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبِعِيرِهِمْ .. قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ: نَحْنُ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا .. فَارْتَدُّوا كُفَّارًا .. فَضَرَبَ اللَّهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ ..

- قَالَ: وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ .. هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا تَزَقَّمُوا.

- وَرَأَى الدَّجَّالَ فِي صُورَتِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ .. لَيْسَ رُؤْيَا مَنَامٍ ..، وَعِيسَى، وَمُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ ..

- فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّجَّالِ؟ فَقَالَ: " أَقْمَرُ هِجَانًا - قَالَ حَسَنٌ (أحد رواة الحديث): قَالَ: رَأَيْتُهُ فَيْلَمَانِيًّا (أي عظيم الجثة) أَقْمَرَ هِجَانًا (أي شديد البياض)- إِحْدَى عَيْنَيْهِ قَائِمَةٌ (أي ممسوحة ولكن موجودة بمكانها) .. كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ .. كَأَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ ..

- وَرَأَيْتُ عِيسَى شَابًّا أَبْيَضَ .. جَعْدَ الرَّأْسِ، حَدِيدَ الْبَصَرِ، مُبَطَّنَ الْخَلْقِ (ضامر البطن) ..

- وَرَأَيْتُ مُوسَى أَسْحَمَ آدَمَ (أي أسمر اللون)، كَثِيرَ الشَّعْرِ - قَالَ حَسَنٌ (أحد رواة الحديث): الشَّعَرَةِ - شَدِيدَ الْخَلْقِ.

- وَنَظَرْتُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَلَا أَنْظُرُ إِلَى إِرْبٍ (أي عضوا) مِنْ آرَابِهِ (أي من أعضاء جسمه) ، إِلَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ مِنِّي، كَأَنَّهُ صَاحِبُكُمْ ..

- فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلِّمْ عَلَى "أبيك"، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) رواه رواه أبو يعلى في مسنده والطبري في تهذيب الآثار وأحمد والحارث في مسندهما .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على الرواية السابقة:

أ- سقط من متن رواية مسند أحمد وتهذيب الآثار للطبري .. كلمة (لا) .. عند قوله: (نَحْنُ "لا" نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا بِمَا يَقُولُ) ولذلك وضعت كلمة (لا) من رواية الإمام النسائي وأبو يعلى والحارث .. إذ جاء في الرواية - عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبِعِيرِهِمْ، فَقَالَ نَاسٌ: نَحْنُ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا، فَارْتَدُّوا كُفَّارًا، فَضَرَبَ اللهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ) رواه النسائي في الكبرى واللفظ له ورواه أبو يعلى والحارث في مسندهما .

 

ب- وسقط من رواية أبي يعلى لفظ (موسى) .. إذ أتت الرواية بهذا اللفظ (وَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَإِبْرَاهِيمَ).. ولكن (موسى وعيسى وإبراهيم) كانوا مثبتين عند الطبري وأحمد والحارث .

 

ج- وعند أحمد والحارث في مسندهما .. جاء في آخر الرواية (فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلِّمْ عَلَى "مالك"، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) .. ولكن في رواية الطبري وأبو يعلى جاءت هكذا: (فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلِّمْ عَلَى "أبيك".. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) .. وهذا الجزء فيه اضطراب ظاهر .. ولا يصح ترجيح لفظ على آخر وننسبه للنبي إلا لو قيل على سبيل الظن الأقرب للصواب .. ولكن الأصح والأفضل أن يقال بنكارة هذا الجزء الأخير من الرواية لاضطرابه .. أي جزئية (وقال جبريل سلم على فلان) .. والله أعلم.

 

6- في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَة؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَاي، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبتْهَا (أي لم أكن منتبها لها وقت زيارتي) .. فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ (أي أصابني كرب أي ضيق لعجزي عن تذكر ما طلبوه مني)". قَالَ: فَرَفَعَهُ اللهُ لِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ .. مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيءِ إِلَّا أَنْبَأتُهُمْ بِهِ ..

- وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ .. فَإِذَا مُوسَى قَائمٌ يُصَلى .. فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ (أي خفيف اللحم) جَعْدٌ (أي شعره ليس منبسطا) كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ شَنُوءَةَ (أي يشبه قبيلة من قبائل اليمن) ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهاً عُرْوَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِي ..، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِى نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ .. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا "مَالِكٌ" صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلَامِ) صحيح مسلم.

 

#- ملحوظة: مسألة الصلاة بالأنبياء عند وصول النبي لبيت المقدس هي مسألة مختلف عليها .. لأن الحديث السابق لم يحدد أين كان ذلك .. فالبعض ظن أنه عند وصول النبي لبيت المقدس .. والبعض ظن أنه حينما عرج به للسماء .. والبعض ظن أنه حين عودته من المعراج ..، وإنما ذكرت هذا المشهد هنا لما يميل إليه غالب العلماء .. وإن كان هذا الرأي عليه اعتراضات سنناقها في مسائل قادمة إن شاء الله ..

 

7- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي .. مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمُشُونَ (أي يخدشون فيجرحون) وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ .. فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ .. وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم.

 

- وقوله (لما عُرِج بي ربي) .. أي في نفس الليلة التي عرج بي ربي للسماء مع جبريل.

 

8- في (حديث صحيح) .. عن محَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، خَتَنُ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا .. فَإِذَا فِيهَا رِجَالٌ تُقْرَضُ (أي تقص) أَلْسِنَتُهُمْ وشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ (أي بأداة للقطع مثل المقص) مِنْ نَارٍ .. فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ (أي الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم فلا يفعلوه)) رواه الطبراني في الأوسط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث صحيح.

 

- وفي رواية بلفظ: (رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقَطَّعُ أَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ .... إلى آخر الرواية) رواه الطبراني في الأوسط بسند صحيح.

 

#- ثانيا: مناقشة حول رؤية النبي للمعذبين قبل الوصول لبيت المقدس .

- الأحاديث التي ظهر منها رؤية المعذبين .. لو انتبهت إليها .. ستجد جاء فيها لفظ: (لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي .. مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ ...) ..، والرواية الاخرى تقول: (أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا .. فَإِذَا فِيهَا رِجَالٌ تُقْرَضُ (أي تقص) أَلْسِنَتُهُمْ وشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ ...)

 

- وقد تظن أن لفظ (عرج) ولفظ (على سماء الدنيا) .. يدلان أن الرؤية كانت في مكان ما في السماوات .. وهذا فهم غير صحيح .. لأن المقصد من رواية "ليلة عرج بي" هو أن النبي يقصد الحكاية أن هذه الرؤية تمت في ليلة العروج به .. وكأنه يقول أنه مما حدث في نفس تلك الليلة ... هو أنه رأى مشهد هؤلاء المعذبين .. أي من جملة المشاهد التي رآها في نفس الليلة التي تم العروج به للسماوات.

 

- وكذلك الحال يقال في الرواية الأخرى أنه في ليلة الإسراء به إلى السماء .. فيقصد بها حكاية رؤية هذا المشهد إنما كانت في ليلة الإسراء التي كان معها المعراج أيضا .. وكأنه يقول: ومما كان حدث في تلك الليلة هو كذا ..، وهذا توضحه الرواية الأخرى التي أتت بلفظ (رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقَطَّعُ أَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ) رواه الطبراني في الأوسط بسند صحيح.

 

@- ليه قلنا أن رؤية المعذبين كانت في الأرض .. ؟

- لأن النار محلها الأرض .. وليس السماء .. وفي ذلك أدلة أذكر بعضها في الأدلة التالية:

1- قوله تعالى: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ) الشعراء:90-91 .. الإزلاف هو تقريب الصورة في عين المرئي للإستبشار .. ولكن البروز هو إظهار الشيء الذي كان مخفي أمام العين .. فدل لفظ (البروز) على وجود الجحيم ولكنه مخفي عن أعيينا ولكن سيظهر وينكشف عند رفع الحجاب بعد الموت .. ولذلك يقول تعالى: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ق:22..، والآيتان دليلا على وجود الجنة والنار الآن .. والله أعلم.

 

2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً (أي سقوط شيء ثقيل) .. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ ..

- قَالَ: قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

- قَالَ: هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا .. فَهُوَ يَهْوِي (أي يسقط) فِي النَّارِ الْآنَ .. حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا (أي وقع إلى منتهى أسفل مكان فيها)) صحيح مسلم.

 

- وهذا الذي سمعه النبي وصحابته .. كان سقوط حجر في باطن الأرض .. فدل ذلك على وجود النار في الأرض في برزخا لا نراه ..

 

#- ورحم الله الإمام أبو العباس القرطبي (المتوفى: 656 هـ) إذ قال:

- قوله: (أتدرون ما هذا ؟) دليل على أنهم حين سمعوا الوجبة خرق الله لهم العادة .. فسمعوا ما مُنِعه غيرهم .. وإلا فالعادة تقتضي مشاركة غيرهم في سماع هذا الأمر العظيم .. ففيه دليل على أن النار قد خُلقت وأعد فيها ما شاء الله مما يعذب به من يشاء، وهو مذهب أهل السنة خلافا للمبتدعة.(المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج7 ص187).

 

3- جاء في (حديث صحيح) .. عن البراء بن عازب قال: (خَرَجْنا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، في جِنازةِ رَجُلٍ مِن الأنصارِ، فانتهَيْنا إلى القَبرِ، ولمَّا يُلحَدْ، فجَلَسَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وجَلَسْنا حَوله، كأنَّ على رُؤوسِنا الطَّيرُ، وفي يدِه عُودٌ يَنكُتُ في الأرضِ، فرَفَعَ رأسَه، فقال: استَعيذوا باللهِ مِن عَذابِ القَبرِ، مَرَّتَينِ، أو ثَلاثًا.

- ثُمَّ قال: إنَّ العبدَ المؤمنَ إذا كان في انقِطاعٍ مِن الدُّنْيا، وإقْبالٍ مِن الآخِرةِ .. نَزَلَ إليه ملائكةٌ مِن السَّماءِ بِيضُ الوُجوهِ .. كأنَّ وُجوهَهم الشَّمسُ، معهم كَفنٌ مِن أكفانِ الجنَّةِ، وحَنوطٌ مِن حَنوطِ الجنَّةِ .. حتى يَجلِسوا منه مَدَّ البَصرِ .. ثُمَّ يَجيءُ ملَكُ المَوتِ عليه السَّلامُ .. حتى يَجلِسَ عندَ رأسِه .. فيَقولُ: أيَّتُها النَّفْسُ الطَّيِّبةُ، اخْرُجي إلى مَغفرةٍ مِن اللهِ ورِضوانٍ .......

 

- إلى أن تقول الرواية: حتى يَنتَهوا بها إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فيَستَفتِحون له، فيُفتَحُ لهم فيُشيِّعُه مِن كلِّ سماءٍ مُقرَّبوها إلى السَّماءِ التي تَليها، حتى يُنتَهى به إلى السَّماءِ السَّابعةِ .. فيَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اكْتُبوا كِتابَ عبدي في عِلِّيِّينَ .. وأعيدوه إلى الأرضِ؛ فإنِّي منها خَلَقتُهم .. وفيها أُعيدُهم، ومنها أُخرِجُهم تارةً أُخرى.....

 

- إلى أن تقول الرواية: فيُنادي مُنادٍ في السَّماءِ: أنْ صَدَقَ عبدي! فأفْرِشوه مِن الجنَّةِ، وألْبِسوه مِن الجنَّةِ، وافْتَحوا له بابًا إلى الجنَّةِ، قال: فيَأتيه مِن رَوْحِها، وطِيبِها، ويُفسَحُ له في قَبرِه مَدَّ بَصرِه .....

 

- إلى أن تقول الرواية: وإنَّ العَبدَ الكافرَ إذا كان في انقِطاعٍ مِن الدُّنْيا، وإقْبالٍ مِن الآخِرةِ، نَزَلَ إليه مِن السَّماءِ ملائكةٌ سُودُ الوُجوهِ، معهم المُسوحُ (أي الكفن) ، فيَجلِسونَ منه مَدَّ البَصرِ، ثُمَّ يَجيءُ ملَكُ المَوتِ، حتى يَجلِسَ عندَ رأسِه، فيَقولُ: أيَّتُها النَّفْسُ الخبيثة ، اخْرُجي إلى سَخطٍ مِن اللهِ وغَضبٍ ......

 

- إلى أن تقول الرواية: حتى يُنتَهى به إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فيُستفتَحُ له؛ فلا يُفتَحُ له، ثُمَّ قَرَأَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ( الأعراف:40 ..، فيَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اكْتُبوا كِتابَه في سِجِّينٍ في الأرضِ السُّفلى، فتُطرَحُ رُوحُه طَرحًا .. ثُمَّ قَرَأَ: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) الحج:31 ..، فتُعادُ رُوحُه في جَسدِه .....

 

- إلى أن تقول الرواية: فافْرِشوا له مِن النَّارِ، وافْتَحوا له بابًا إلى النَّارِ، فيَأتيه مِن حَرِّها، وسَمومِها، ويُضيَّقُ عليه قَبرُه حتى تَختلِفَ فيه أضْلاعُه ....) رواه أحمد وغيره .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح..، (قلت خالد صاحب الرسالة): قد اختصرت في الرواية لطولها وأضفت جزئية "إلى أن تقول الرواية:" لتعرف أنني أختصر في الرواية.

 

#- فألفاظ رواية البراء بن عازب .. تشير إلى أن سجين في الأرض السفلى .. وفرش النار وفتح باب النار مع وجودهم في قبورهم في بطن الأرض .. فذلك دليل على أن النار محلها الأرض وليس السماء كما هو حال الجنة.

 

4- في (أثر موقوف صحيح) .. عَنْ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: (كَانَ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. وَإِنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ .. وَإِنَّ النَّارَ فِي الْأَرْضِ) رواه أسد بن موسى في الزهد واللفظ له (وهو أقدم إسناد متصل لهذه الرواية وجدته) .. ورواه ابن المبارك في الزهد (وفيه انقطاع عند ابن المبارك) .. ورواه البيهقي في البعض والنشور وشعب الإيمان، وبن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو نعيم في صفة الجنة، والحارث في مسنده، والطبراني في الكبير، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ..، (الجميع رووه حديثا موقوفا عن عبد الله بن سلام) ..، ورواه الدولابي في الأسماء والكنى مرفوعا للنبي .. وهذا وهم من أحد رواته بالرغم من صحة سنده لأن أصل الرواية موقوفا وليس مرفوعا .. والله أعلم .

 

5- وجاء في (حديث أصله موقوف – والرفع للنبي فيه خطأ) .. عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْجَنَّةُ فِي السَّمَاءِ وَالنَّارُ فِي الْأَرْضِ) رواه الدولابي في الأسماء والكنى.. مرفوعا للنبي .. (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث لا يروى مرفوعا وإنما موقوفا .. فهذا إسناد مضطرب .. فمرة يروى مرفوعا ومرة موقوفا .. والوقف أصح .. وعامة الحفاظ على روايته بالوقف .. ولعل من رفعه لظنه وهما أن قول عبد الله بن سلام الذي هو: (وكان أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .. فقد وهم وسمعه بالخطأ هكذا: (وقال أكرم خليقة الله على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم) .. وهذا هو سبب الإضطراب في السند والتوهم برفع الحديث للنبي ولكنه حقيقة هو موقوف على كلام الصحابي .. والله أعلم.

 

6- وجاء في (أثر موقوف ضعيف جدا) .. عن مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: (الْجَنَّةُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَيَجْعَلُهَا حَيْثُ شَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَجَهَنَّمُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ) رواه أبو نعيم في صفة الجنة وذكره عنه ابن رجب في كتابه التخويف من النار .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والأثر ضعيف جدا .. فيه (محمد بن عبيد الله العزرمي) وهو متروك الحديث ..، وفي السند (عطية بن سعد العوفي ) وهو ضعيف الحديث.

 

#- ملحوظة: وجدت آثار كثيرة تشبه الرواية السابقة ولم أجد منها ما يصح إلا حديث واحد وفقط وهو حديث عبد الله بن سلام السابق ذكره .. وإنما ذكرت حديث بن عباس هنا للمعرفة بحاله.. ويوجد أثر أخر لابن عباس أحسن حالا من السابق وهو:

- جاء في (أثر فيه ضعف) .. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ: (قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْنَ الْجَنَّةُ ؟ قَالَ: فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ .. قُلْتُ: فَأَيْنَ النَّارُ؟ قَالَ: تَحْتَ سَبْعِ أَبْحُرٍ مُطْبَقَةٍ) رواه أبو نعيم في صفة الجنة .. (قلت خالد صاحب الرسالة) الأثر فيه ضعف .. وفيه (أبو يحيى القتات) وهو مختلف عليه بين التوثيق والضعف .. فوثقه يحيى بن معين وضعفه النسائي.

 

7- جاءت عدة روايات عن الصحابي عبادة بن الصامت .. أنه يخبر عن النبي أن جهنم قريبة من باب المقدس أو المسجد الأقصى .. (لم يصح من هذه الروايات شيئا) .. ومن ذلك:

أ- جاء في (حديث ضعيف) .. عن سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ: (أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَامَ عَلَى سُوَرِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الشَّرْقِيِّ فَبَكَى, فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يبكيك يا أبا الوليد؟ قال: من ها هنا أَخْبَرَنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رأى جهنم) رواه ابن حبان .. وضعفه الشيخ شعيب الأرنؤوط وقال: إسناده ضعيف، سعيد بن عبد العزيز قد أختلط قبل موته ..  وزياد بن أبي سودة قال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 3/534: لا أراه سمع من عبادة بن الصامت.

 

ب- (حديث ضعيف) .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ، قَالَ: (رَأَيْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ شَرْقِيَّ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ، مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: كَيْفَ لا أَبْكِي؟ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم يَقُولُ: هَذَا وَادِي جَهَنَّمَ) رواه الطبراني في مسند الشاميين .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف وفيه (سعيد بن عبد العزيز التنوخي) وهو فيه ضعف بسبب اختلاطه ..، وفيه (أبو العوام خادم ومؤذن بيت المقدس) مجهول الحال.

 

ج- (حديث ضعيف) .. عن سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ: (أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَامَ عَلَى شَرَفِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الشَّرْقِيِّ .. فَبَكَى .. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ، مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: مِنْ هَهُنَا أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم أَنَّهُ رَأَى جَهَنَّمَ) رواه الطبراني في مسند الشاميين .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف وفيه (سعيد بن عبد العزيز التنوخي) وهو فيه ضعف بسبب اختلاطه ..، و (عثمان بن أبي سودة) أردك معاذا ولكن لم يثبت له سماعا عند أهل العلم وما ذكره ابن حبات في الثقات من أن عثمان سمع من عبادة بن الصامت فهذا وهم منه رحمه الله .. بل كان عثمان يروي عن شخص مثل روايته عن "نافع بن محمود" عن عبادة بن الصامت كما عند الدارقطني في السنن ..، ولكن ما ثبت عن عثمان سماعا مباشرا من معاذ.. والله أعلم

- والرواية التي فيها ثبوت سماع عثمان من عبادة .. هي رواية ضعيفة .. وهي ما جاء في الرواية التالية:

د- (حديث ضعيف) .. عن عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ عَنْ أَخِيهِ "عثمان" ابْنِ أَبِي سَوْدَةَ قَالَ: (رَأَيْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَهُوَ عَلَى الْحَائِطِ .. حَائِطِ الْمَسْجِدِ الْمُشْرِفِ عَلَى وَادِي جَهَنَّمَ وَاضِعًا صَدْرَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْكِي .. فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ مَا يُبْكِيكَ ؟ فَقَالَ: هَذَا الْمَكَانُ الَّذِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَأَى فِيهِ جَهَنَّمَ) رواه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف .. وفيه (عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي) وهو ضعيف الحديث.

 

هـ- (حديث ضعيف) .. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: (رُئِيَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَلَى سُوَرِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الشَّرْقِيِّ يَبْكِي .. فَقِيلَ لَهُ (أي ما يبكيك) .. فَقَالَ: مِنْ هَا هُنَا نَبَّأَ (أي أخبر) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم أَنَّهُ رَأَى مَالِكًا يُقَلِّبُ جَمْرًا كَالْقُطْفِ (أي كالثمر المقطوف)) رواه بن حبان .. وضعفه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج صحيح بن حبان (ج16 ص506) فقال: إسناده ضعيف، الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعن .. وأبو سلمة لم يدرك عبادة. (انتهى النقل)..، (قلت خالد صاحب الرسالة): هذه الرواية ضعيفة .. وهذه الرواية الوحيدة عن عبادة بن الصامت التي أتى فيها اسم مالك خازن النار .. والله أعلم.

 

و- (حديث منكر باطل) .. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ بِلالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: (رَأَيْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مُسْتَقْبِلَ الشَّرْقَ أَوِ السُّوَرَ - أَنَا أَشُكُّ - وَهُوَ يَبْكِي وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} .. ثُمَّ قَالَ: هَهُنَا أُرَانَا (أي جعلنا نرى) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جَهَنَّمَ) رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد .. وتعقبه الإمام الذهبي وقال: بل منكر وآخره باطل ..، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيق صحيح ابن حبان (ج16 ص506): ما اجتمع عبادة برسول الله صلى الله عليه وسلم هناك، ثم من هو ابن ميمون وشيخه. (انتهى النقل)..، (قلت خالد صاحب الرسالة): من العجيب تصحيح الحاكم لأن معاذا لم يذهب مع النبي ولا أحد من الصحابة لبيت المقدس حتى يقال أنه أُريهم جهنم هناك ..!!

 

#- وخلاصة أحاديث عبادة بن الصامت .. أن كلها ضعيفة ..

 

#- ولو صح وجود جهنم قريبة من بيت المقدس (هذا لو ظننا أن تعدد طرق الرواية يحمل الظن باحتمالية صدق الرواية) .. فبالتالي يكون أحد أسباب انتقال النبي لبيت المقدس حينئذ هو رؤية أحوال هؤلاء المعذبين هناك في برزخهم .. ولو صح البحث في هذه المسألة سيكون الكلام أكثر بيانا ووضوح لقوله (لنريه من آياتنا) .. إذ أن رؤية أحوال أهل البرزخ من آيات الله بلا شك ..

- والله أعلم.

 

#- خلاصة القول:

1- أن هناك أحداث صحيحة قد حدثت مع النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء .. من بداية رؤية النبي لجبريل عليه السلام ثم ركوب البراق وحتى الوصول لبيت المقدس ودخول المسجد الأقصى .. وأن ما ذكرته لك من أحداث فإنما هو حسب ما صح من الروايات وفق ما وجدته صحيحا.

#- ملحوظة هامة: يوجد أحداث ومشاهد كثيرة قيلت في بعض الروايات أنها حدثت أثناء إسراء النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن هذه الروايات لم يصح منها شيئا .. وسيأتي ذكر بعضا من هذه الروايات في سؤال منفرد لتكون على علم بها .. في فصل قادم إن شاء الله .

 

2- ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم للمعذبين .. يجعلنا نفهم أن هذا حدث من خلال انتقال النبي لبرزخ غيبي لا يراه إلا الأموات .. والله أعلم.

#- وستأتي مسائل أخرى سنناقشها في فصول قادمة تتعلق بالمعذبين .. وستجدها في الفصل الرابع والأربعون والفصل الخامس والأربعون عند المسائل (س108 – س109 – س110)..، وكذلك في الفصل السادس والتسعون عند السؤال رقم (237) .. والله ولي التوفيق.

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .