ج30: قصة الإسراء والمعراج - هل صلاة النبي ليلة الإسراء بالأنبياء كانت قبل المعراج أم بعد نزوله من المعراج - وهل صلى النبي بالأنبياء والملائكة في السماء ليلة المعراج .

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الثلاثون)

#- فهرس:

:: الفصل الثلاثون :: ج10/ مسائل عامة تتعلق برحلة الإسراء عن اختلاف العلماء في تحديد مكان صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء قبل المعراج أم في السماء أم بعد النزول من السماء ؟ ::

1- س86: هل صلاة النبي ليلة الإسراء بالأنبياء كانت قبل المعراج أم بعد نزوله من المعراج أم في السماء ؟

#- أولا: عن سبب الاختلاف بين العلماء في مسألة صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء أين كانت ؟!.

#- ثانيا: أقوال العلماء في تحديد مكان صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء .

#- ثالثا: ماذا نرجح من كلام العلماء في مسألة تحديد مكان صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج ؟!

******************

:: الفصل الثلاثون ::

*******************

..:: س86: هل صلاة النبي ليلة الإسراء بالأنبياء كانت قبل المعراج أم بعد نزوله من المعراج أم في السماء ؟ ::..

 

- من المسائل التي تجدها في كتب العلماء .. هي مسألة صلاة النبي بالأنبياء في المسجد الأقصى ببيت المقدس .. هل كانت قبل المعراج أم بعد المعراج أم في السماء ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- سبق وذكرنا أن الرأي القائل بأن النبي لم يصل ببيت المقدس هو رأي غير دقيق .. كما سبق وأوضحنا في السؤال السابق الخاص برأي الصحابي حذيفة بن اليمان ..، إذ لا يتصور أن يذهب النبي لبيت المقدس ولا يصلي فيه ركعتين لله .. بغض النظر عن كونه صلى لوحده أو معه أحد من الأنبياء.

 

- والعلماء حينما تكلموا في مسألة صلاة النبي في بيت المقدس أو المسجد الأقصى .. فاتفقوا على أن النبي صلى ببيت المقدس ركعتين .. إلا أنهم اختلفوا في جزئية حدوث الصلاة بالأنبياء .. ولو صلى بهم في بيت المقدس فكيف لم يعرفهم لما عرج للسماء ؟!! وإذا كان لم يصلي بهم في بيت المقدس فأين صلى بهم .. هل في السماء أم بعد الرجوع من السماء ووصله لبيت المقدس قبل ركوب البراق والعودة به ؟!!

@- وسيتم مناقشة هذا الفصل في ثلاث نقاط:

#- أولا: عن سبب الاختلاف بين العلماء في مسألة صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء أين كانت ؟!.

#- ثانيا: أقوال العلماء في تحديد مكان صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء.

#- ثالثا: ماذا نرجح من كلام العلماء في مسألة تحديد مكان صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج ؟!

@- وإليك تفصيل ما سبق .. 

=============

 #- أولا: عن سبب الاختلاف بين العلماء في مسألة صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء أين كانت ؟!!.

 

- وهذا الإختلاف كان له سبب قوي .. وهو أن بعض الروايات جاء فيها .. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل في المعراج عن الأنبياء الذين يسلم عليهم وكان جبريل يخبره أنه فلان .. كما جاء في الرواية التالية:

 

- عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي .. ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ .. ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ .. مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا .. فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي .. ثُمَّ أَطْبَقَهُ .. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ ..

- فَلَمَّا جَاءَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ .. قَالَ: مَنْ هَذَا ؟ قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ .. قَالَ: مَعَكَ أَحَدٌ .. قَالَ: مَعِي مُحَمَّدٌ .. قَالَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ .. قَالَ: نَعَمْ فَافْتَحْ ..

- فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ (أي جماعة كثيرة من الناس) .. وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ .. فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ .. وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى .. فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ .. قُلْتُ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ (أي أرواح أبناءه) .. فَأَهْلُ اليَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الجَنَّةِ .. وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ .. فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ .. وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى ..

- ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ .. فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ .. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ .. فَفَتَحَ ..، قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ إِدْرِيسَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يُثْبِتْ لِي كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ ..، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ: أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ ..

- وَقَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ .. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا .. قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ ..

- ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ .. قُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى ..

- ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ .. قُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ .. قَالَ: عِيسَى ..

- ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ مَنْ هَذَا، قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ) صحيح البخاري.

 

#- وفي رواية أخرى .. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ .. وجاء في الرواية: ( ... فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ ..

- فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ .. ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ..

- ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ .. فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ..

- ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ..

- ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ، قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ..

- ثُمَّ صَعِدَ بِي، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ..

- ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ .. قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ .. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ..

- فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي ..

- ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ .. قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ .. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ .. قَالَ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ..

- ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى ....) صحيح البخاري.

 

#- من الروايتين السابقتين يتبين لك أخي الحبيب .. أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف الأنبياء إلا في السماء .. كما يظهر من سؤاله لجبريل: (قُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟) .. وكما يظهر من كلام جبريل للنبي في الرواية الثانية: (هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ) .. فالتعرف على الأنبياء في السماء يدل على أنه أول مرة يراهم فيها النبي صلى الله عليه وسلم..

 

- ومن أجل ما سبق قال بعض العلماء أن رؤية الأنبياء كانت في السماء أولا .. ثم بعد ذلك عاد لبيت المقدس وجمع له الله الأنبياء فصلى بهم .. إذ لا يعقل أن يكون رآهم في المسجد الأقصى وصلى بهم وتكلم معهم .. ثم صعد للسماء وسأل عنهم وقال من فلان هذا ..!!

 

- وأيضا بناء على تلك الروايات السابقة .. أظن هو ما جعل بعض العلماء يميل إلى أن المعراج كان في ليلة .. والإسراء في ليلة أخرى .. لأنه كيف يقابلهم في الأرض ولا يعرفهم في السماء ؟!!

 

#- وعموما إليك بعض الأراء التي تكلم عنها العلماء في تحديد مكان صلاة النبي ليلة الإسراء .. حتى تعرف أنهم اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال ..

- بعضهم قال: الصلاة كانت في بيت المقدس قبل المعراج ..

- والبعض قال:  كانت في السماء ..

- والبعض قال: كانت بعد النزول من المعراج وكانت ببيت المقدس ..

 

@- وأذكر لك أخي الحبيب في البند التالي .. بعض ما قاله العلماء لتكون بصيرا به .. وذلك بهدف أن تعرف أن الإختلاف بين العلماء كان موجود في بعض تفاصيل الإسراء والمعراج .. وإن كانوا جميعهم اتفقوا على حدوث الإسراء والمعراج .. من الصحابة والتابعين وحتى يومنا هذا ..

 

====================

 

#- ثانيا: أقوال العلماء في تحديد مكان صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء .

 

1- قال القاضي عياض رحمه الله (المتوفى: 544هـ):

#- فإن قيل: فكيف رأى موسى في قبره يصلى، وكيف صلى بالأنبياء فى حديث الإسراء ببيت المقدس على ما جاء في الحديث، وقد جاء في الحديث نفسه أنه وجدهم على مراتبهم في السماوات عليه ورحبوا به؟

- قيل يحتمل: أن رؤيته لموسى في قبره وعند الكثيب الأحمر كانت قبل صعوده إلى السماء وفى طريقه إلى بيت المقدس ثم وجد موسى قد سبقه إلى السماء.

- ويحتمل: أنه رأى الأنبياء وصلى بهم على تلك الحال لأول ما رآهم ثم سألوه ورحَّبوا به.

- أو يكون: اجتماعه بهم وصلاتُه .. ورؤيته موسى بعد انصرافه ورجوعه عن سدرة المنتهى .. فلا تتناقض الأحاديث وتستمر على الصواب. (إكمال المعلم بفوائد مسلم ج1 ص525).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تلخيصا لكلام الإمام القاضي عياض:

أ- أنه محتمل أن يكون النبي صلى بالأنبياء في بيت المقدس ..

ب- أو صلى بهم في السماء حينما قابلوه ..

ج- ومحتمل أنه صلى بهم لما أنهى المعراج ونزل للأرض ..

 

2- قال الإمام أبي يعلى ابن الفرَّاء الحنبلي (المتوفى: 526 هـ) – في كتابه الإعتقاد:

- وله صلى الله عليه الآية العظمى التي ظهرت له في الأرض والسماء .. التي لم يشركه فيها بشر .. ولم يبلغ الذي بلغه أحد من النُذُر .. التي إذا تدبرها ذو فهم وعقل وبصيرة علم أن الله قد جمع له فيها شرف المنازل والرتب .. ما فضله بها على الأولين والآخرين ..  وهو أنه ركب البراق .. وأتى بيت المقدس من ليلته .. ثم عرج به إلى السموات .. فسلم على الملائكة والأنبياء .. وصلى بهم .. ودخل الجنة، ورأى النار .. وافترض عليه في تلك الليلة الصلوات ورأى ربه .. وأدناه، وقربه، وكلمه، وشرّفه، وشاهد الكرامات والدلالات .. حتى دنا من ربه فتدلى .. فكان قاب قوسين أو أدنى. (الإعتقاد لأبي يعلى الموصلي ص40).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الإمام القاضي أبو يعلى ابن الفراء:

- معنى كلامه أنه يظن أن الصلاة بالأنبياء .. إنما كانت في السماء وليس في الأرض .. وذلك يظهر حسب ترتيب كلامه رحمه الله .. وأن رؤية النار ودخول النار طان في السماء.

 

3- قال الإمام أبو القاسم السهيلي رحمه الله (المتوفى: 581هـ) عن شق صدر النبي:

- كان هذا التقديس وهذا التطهير مرتين.

- الأولى: في حال الطفولية لينقى قلبه من مغمز الشيطان .. وليطهر ويقدس من كل خلق ذميم .. حتى لا يتلبس بشيء مما يعاب على الرجال .. وحتى لا يكون في قلبه شيء إلا التوحيد .. ولذلك قال (فولَّيَا عني) .. يعني: الملكين .. وكأني أعاين الأمر معاينة.

 

- والثانية: في حال اكتهال وبعدما نبئ وعندما أراد الله أن يرفعه إلى الحضرة المقدسة التي لا يصعد إليها إلا مقدس .. وعرج به هنالك لتفرض عليه الصلاة وليصلي بملائكة السموات .. ومن شأن الصلاة الطهور فقدس ظاهرا وباطنا .. وغسل بماء زمزم.

 

- وفي المرة الأولى: بالثلج لما يشعر الثلج من ثلج اليقين وبرده على الفؤاد .. وكذلك هناك حصل له اليقين بالأمر الذي يراد به وبوحدانية ربه.

 

- وأما في الثانية: فقد كان موقنا منبئا .. فإنما طهر لمعنى آخر وهو ما ذكرناه من دخول حضرة القدس والصلاة فيها .. ولقاء الملك القدوس .. فغسله روح القدس بماء زمزم .. (الروض الأنف ج2 ص111-112).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الإمام السهيلي:

- معنى كلامه أنه يظن أن الصلاة بالأنبياء .. إنما كانت في السماء بدلالة قوله "وعرج به هنالك لتفرض عليه الصلاة وليصلي بملائكة السموات ".

 

4- قال الإمام محمد بن خليفة بن عمر الأبّي رحمه الله (المتوفى:827 هـ):

#- قال عياض: فإن قيل: رؤيته لموسى يصلي في قبره وصلاته بهم في بيت المقدس يعارض ما تقدم من أنه وجدهم في السماء ؟

- (قيل) يحتمل أنه مر بموسى وهو يصلي في قبره ثم سبقه موسى إلى السماء، وأما صلاته بالأنبياء عليهم السلام فيحتمل أنها لأول ما رأوه ثم سألوه ورحبوا به .. أو تكون رؤيته لموسى وصلاته بالأنبياء عليهم السلام بعد رجوعه من سدرة المنتهى).

 

#- قلت (أي الإمام الأبي): السؤال إنما هو على أنه أَمَّ بِهم ببيت المقدس .. ولم يرد أنه رجع بعد نزوله إلى بيت المقدس .. فلا يصح الجواب بأنه أَمَّهم بعد رجوعه عن السدرة ..!!

- وإنما يصح الجواب بذلك إذا كانت صلاته بهم في السماء حين لقيهم أولًا على منازلهم تلك فرحبوا به .. ثم لما رجع عن السدرة أَمَّهم .. ويشهد لذلك سلام صاحب النار عليه فإن الظاهر أنه إنما سلم عليه في السماء. (إكمال إكمال المعلم ج1 ص325).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تلخيصا لكلام الإمام الأبِّي:

أ- لم يرد نص يقول .. بأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول بأنه قد رجع إلى بيت المقدس بعد المعراج .. بل الظاهر أنه بعد المعراج عاد للمسجد الحرام ..

 

ب- أن النبي قد يكون صلى بالأنبياء في السماء حين رجع من سدرة المنتهى أي بعد أن كلم ربه وعند رجوعه أمَّ بالأنبياء في البيت المعمور أو مكان آخر .. ويؤكد كلامه ذلك أن مالك خازن النار سلم عليه .. وكأنه يشير إلى أن الترحيب الملائكي عموما هو في السماء ولم يكن في الأرض .. وطالما مالك من الملائكة فيكون ترحيبه بالنبي السلام عليه يكون في السماء ..

 

- ولعل يساعده في ذلك ما جاء (حديث ضعيف) .. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (تَلَقَّتْنِي الْمَلَائِكَةُ حِينَ دَخَلْتُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا .. فَلَمْ يَلْقَنِي مَلَكٌ إلَّا ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا .. يَقُولُ خَيْرًا وَيَدْعُو بِهِ حَتَّى لَقِيَنِي مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ .. فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالُوا، وَدَعَا بِمِثْلِ مَا دَعَوْا بِهِ .. إلَّا أنه لم يضحك، ولم أر منه الْبِشْرِ مِثْلَ مَا رَأَيْتُ مِنْ غَيْرِهِ.

- فَقُلْتُ لِجِبْرِيلَ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا الْمَلَكُ الَّذِي قَالَ لِي كَمَا قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ وَلَمْ يَضْحَكْ، وَلَمْ أَرَ مِنْهُ مِنْ الْبِشْرِ مِثْلَ الَّذِي رأيت من غيره؟

- قَالَ: فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ: أَمَا إنَّهُ لَوْ ضَحِكَ إلَى أَحَدٍ كَانَ قَبْلَكَ .. أَوْ كَانَ ضَاحِكًا إلَى أَحَدٍ بَعْدَكَ .. لَضَحِكَ إلَيْكَ .. وَلَكِنَّهُ لا يضحك .. هذا مالك صاحب النار) رواه ابن هشام في سيرته عن ابن اسحاق .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث فيه جهالة (بعض اهل العلم) الذي أخبر ابن اسحاق بهذا الخبر .. وجهالة من أخبر هذا الخبر عن النبي لبعض أهل العلم الذي أخذ عنه ابن اسحاق هذه الرواية ...!!

 

- ولكن لا مانع أن يكون قابل مالك خازن النار في السماء .. في جملة الملائكة الذين قابلوه حتى ولو كان قابله مرة في الأرض ومرة في السماء .. والله أعلم .

 

5- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى: 852 هـ):

- والأظهر: أن صلاته بهم ببيت المقدس كان قبل العروج .. والله أعلم. (فتح الباري ج7 ص209).

 

6- قال الإمام علاء الدين المعروف بالخازن رحمه الله (المتوفى: 741هـ):

- أما صلاته صلّى الله عليه وسلّم بالأنبياء في بيت المقدس يحتمل أن الله سبحانه وتعالى .. جمعهم له ليصلي بهم ويعرفوا فضله وتقدمه عليهم .. ثم إن الله سبحانه وتعالى ..، أراه إياهم في السموات على مراتبهم ليعرف هو مراتبهم .

- وأما مروره بموسى .. وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر، فيحتمل أنه كان بعد رجوعه من المعراج. (تفسير الخازن ج3 ص117).

 

7- قال الإمام بن كثير رحمه الله (المتوفى:776 هـ):

- وجدت لابن كثير رأيان ..

- الرأي الأول وقال فيه: ولما كانت ليلة الإسراء رفع من سماء إلى سماء حتى سلم على إدريس عليه السلام، وهو في السماء الرابعة، ثم جاوزه إلى الخامسة ثم إلى السادسة فسلم على موسى بها، ثم جاوزه إلى السابعة فسلم على إبراهيم الخليل عند البيت المعمور .. ثم جاوز ذلك المقام .. فرفع لمستوى سمع فيه صريف الأقلام .. وجاء سدرة المنتهى ورأى الجنة والنار وغير ذلك من الآيات الكبرى .. وصلى بالأنبياء وشيعه من كل مقربوها وسلم عليه رضوان خازن الجنان، ومالك خازن النار .. فهذا هو الشرف، وهذه هي الرفعة، وهذا هو التكريم والتنويه والإشهار والتقديم والعلو والعظمة، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر أنبياء الله أجمعين. (البداية والنهاية ج6 ص317)

 

- الرأي الثاني وقال فيه: والحق أنه عليه السلام أسري به يقظة لا مناما من مكة إلى بيت المقدس راكبا البراق .. فلما انتهى إلى باب المسجد، ربط الدابة عند الباب ودخله، فصلى في قبلته تحية المسجد ركعتين.

- ثم أتى بالمعراج وهو كالسلم ذو درج يرقى فيها، فصعد فيه إلى السماء الدنيا .. ثم إلى بقية السموات السبع .. فتلقاه من كل سماء مقربوها .. وسلم على الأنبياء الذين في السموات بحسب منازلهم ودرجاتهم .. حتى مر بموسى الكليم في السادسة .. وإبراهيم الخليل في السابعة .. ثم جاوز منزلتيهما صلى الله عليه وسلم وعليهما وعلى سائر الأنبياء .. حتى انتهى إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام .. أي أقلام القدر بما هو كائن .. ورأى سدرة المنتهى وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة من فراش من ذهب وألوان متعددة وغشيتها الملائكة ورأى هناك جبريل على صورته وله ستمائة جناح ورأى رفرفا أخضر قد سد الأفق .. ورأى البيت المعمور .. وإبراهيم الخليل باني الكعبة الأرضية مسند ظهره إليه .. لأنه الكعبة السماوية يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة يتعبدون فيه ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة...، ورأى الجنة والنار فرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين ثم خففها إلى خمس رحمة منه ولطفا بعباده، وفي هذا اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها.

- ثم هبط إلى بيت المقدس وهبط معه الأنبياء .. فصلى بهم فيه لما حانت الصلاة، ويحتمل أنها الصبح من يومئذ ..، ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء ..، والذي تظاهرت به الروايات أنه ببيت المقدس ..، ولكن في بعضها أنه كان أول دخوله إليه.

- والظاهر أنه بعد رجوعه إليه لأنه لما مر بهم في منازلهم جعل يسأل عنهم جبريل واحدا واحدا .. وهو يخبره بهم .. وهذا هو اللائق .. لأنه كان أولا مطلوبا إلى الجناب العلوي ليفرض عليه وعلى أمته ما يشاء الله تعالى.

- ثم لما فرغ من الذي أريد به .. اجتمع به هو وإخوانه من النبيين ثم أظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة .. وذلك عن إشارة جبريل عليه السلام له في ذلك.

- ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد إلى مكة بِغَلَسٍ .. والله سبحانه وتعالى أعلم.

- وأما عرض الآنية عليه من اللبن والعسل أو اللبن والخمر .. أو اللبن والماء أو الجميع فقد ورد أنه في بيت المقدس وجاء أنه في السماء. ويحتمل أن يكون هاهنا وهاهنا، لأنه كالضيافة للقادم .. والله أعلم. (تفسير ابن كثير ج5 ص40).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تلخيصا لكلام الإمام بن كثير:

أ- رأي قال فيه: أن النبي قد صلى بالأنبياء وشيَّعه من كل مقربوها وسلم عليه رضوان خازن الجنان ومالك خازن النار .. ويظهر من معنى كلام ابن كثير أنه يشير إلى صلاة النبي بالأنبياء كانت في السماء ..

 

- ورأي قال فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم .. قد صلى في بيت المقدس ركعتين أدبا لبيت الله وهما تحية المسجد .. وكانت صلاته منفردة وذلك في بداية ذهابه لبيت المقدس ..

- ملحوظة: في الرأي الثاني لابن كثير قال: (ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء) .. في حين أن في الرأي الأول له يظهر من سياق ترتيب كلامه أن النبي أمهم في السماء ..!!

 

ب- أن النبي صلى الله عليه وسلم .. قد صلى بالأنبياء بعد عودته من المعراج .. إذ نزل ومعه الأنبياء .. وصلى بهم إمام في بيت المقدس .. ثم عاد للمسجد الحرام ..

- وما ذكره الإمام ابن كثير هو أحد الآراء .. التي كان ذكرها الإمام القاضي عياض ورجحها .. وراجع كلام القاضي عياض قبل عدة سطور ..

 

#- ملحوظة: ولعل بعد صلاة النبي بالأنبياء وقبل عودته للمسجد الحرام .. قد جلسوا يتكلمون يأنسون ببعضهم البعض وتكلموا في مسائل ..

- إذ جاء في (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف – وهو فعلا ضعيف) .. عَنْ مُؤْثِرِ بْنِ عَفَازَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((لَقِيتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى " .. قَالَ: " فَتَذَاكَرُوا أَمْرَ السَّاعَةِ ..

- فَرَدُّوا أَمْرَهُمْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ .. فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَا.

- فَرَدُّوا الْأَمْرَ إِلَى مُوسَى .. فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَا.

- فَرَدُّوا الْأَمْرَ إِلَى عِيسَى .. فَقَالَ: أَمَّا وَجْبَتُهَا (أي تحديد وقتها) .. فَلَا يَعْلَمُهَا أَحَدٌ إِلَّا اللهُ .. ذَلِكَ وَفِيمَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الدَّجَّالَ خَارِجٌ .. قَالَ: وَمَعِي قَضِيبَينِ (أي سيفين) ، فَإِذَا رَآنِي .. ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ .. قَالَ: فَيُهْلِكُهُ اللهُ، حَتَّى إِنَّ الْحَجَرَ، وَالشَّجَرَ لَيَقُولُ: يَا مُسْلِمُ، إِنَّ تَحْتِي كَافِرًا، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ .. قَالَ: فَيُهْلِكُهُمُ اللهُ.

- ثُمَّ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلَادِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ .. قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُ يَأْجُوجُ، وَمَأْجُوجُ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ (أي مرتفع) يَنْسِلُونَ (أي ينحدرون مسرعين)، فَيَطَئُونَ بِلَادَهُمْ، لَا يَأْتُونَ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا أَهْلَكُوهُ .. وَلَا يَمُرُّونَ عَلَى مَاءٍ إِلَّا شَرِبُوهُ .. ثُمَّ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَيَّ فَيَشْكُونَهُمْ .. فَأَدْعُو اللهَ عَلَيْهِمْ .. فَيُهْلِكُهُمُ اللهُ وَيُمِيتُهُمْ .. حَتَّى تَجْوَى الْأَرْضُ (أي يصبها رائحة نتنة تملأ الأرض) مِنْ نَتْنِ رِيحِهِمْ .. قَالَ: فَيُنْزِلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَطَرَ، فَتَجْرُفُ أَجْسَادَهُمْ حَتَّى يَقْذِفَهُمْ فِي الْبَحْرِ .. فَأَدْعُوا اللَّهَ فَيُرْسِلُ السَّمَاءَ بِالْمَاءِ فَيَحْمِلُ أَجْسَامَهُمْ فَيَقْذِفُهَا فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَنْسِفُ الْجِبَالَ، وَتُمَدُّ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ (أي تكون الأرض كلها منبسطة ولا يكون فيها أي مرتفعات أو منخفضات) .. فَعَهِدَ اللَّهُ إِلَيَّ (أي أخبرني) إِذَا كَانَ ذَلِكَ .. فَإِنَّ السَّاعَةَ (أي وقت قيام الساعة أو يوم القيامة) مِنَ النَّاسِ كَالْحَامِلِ الْمُتِمِّ (أي التي بلغت الشهر التاسع واكتمل حملها) .. لَا يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجَأُهُمْ بِوِلَادَتِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا) رواه أحمد والطبري والحاكم .. وقال الحاكم في الحديث رقم3448: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» .. فأما مؤثر فليس بمجهول " قد روي عن عبد الله بن مسعود والبراء بن عازب وروى عنه جماعة من التابعين. (انتهى النقل) .. ووافقه الذهبي على هذا التصحيح..، وقال محققو المسند: إسناده ضعيف، مؤثر بن عَفَازَة لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي، فهو في عداد المجاهيل، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. هشيم: هو ابن بشير، والعوام: هو ابن حوشب. (انتهى النقل) ..، وقال شعيب الأرنؤوط في تخريج ابن ماجه حديث رقم 4081: إسناده ضعيف لجهالة مُؤثر بن عَفَازة .. ثم ذكر رأي الحاكم والذهبي والبوصيري متعجبا من تصحيحهم .. (راجع تخريج سنن ابن ماجة حديث رقم 4081) ..، وقال الشيخ الألباني في الضعيفة عند الحديث رقم 4318: وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، ثم البوصيري" .. قلت: وفيه نظر؛ لأن مؤثر بن عفازة؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ولذلك قال الحافظ: "مقبول". يعني عند المتابعة، ولم أجد له متابعاً، فالحديث ضعيف غير مقبول بهذا السياق، وبعضه في "مسلم". (راجع الضعيفة حديث رقم 4318)..، (قلت خالد صاحب الرسالة): والحق أنه ضعيف لأنه لم يروي عن (مؤثر بن عفازة) غير شخص واحد وهو (جبلة بن سحيم) .. وبالتالي فهو مجهول إذ تبدأ الجهالة تقل بالرواية عن الشخص لو باثنين .. أما قول الحاكم أنه روي عن (مؤثر) جماعة من التابعين .. فهذا مجرد قول لا دليل عليه ولعله وهم في ذلك رحمه الله .. والله أعلم .

 

- ملحوظة: ولعل هذا الحديث السابق قيل في إسراء آخر .. والله أعلم .. ولكن في العموم هو حديث ضعيف.

 

@- والرأي الذي أشار إليه القاضي عياض واختاره ابن كثير نجد البعض قد اعترض عليه فقال:

 

#- لا يمكن أن يكون صلى بهم وقت نزوله من المعراج لأن الروايات لم تقل بهذا ..

 

@-  فهذا قد يقال له ردا عليه:

أ- أن عدم ورود نص برجوع النبي لبيت المقدس .. ليس فيه دليل على عدم الرجوع ..!!

 

ب- وجود البراق مربوط في مكانه ببيت المقدس .. وهذا الربط دليل على عودة النبي مرة أخرى وإلا ما فائدة ربط البراق حينئذ ؟!!

 

ج- وهذا الرأي يؤيده نص في رواية جاءت عن ابن عباس .. مختلف على صحتها وضعفها .. ويظهر منها أن الصلاة بالأنبياء كانت بعد النزول من المعراج .. وهي كالآتي:

#- جاء في (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف – وهو ضعيف فعلا) .. عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ الْجَنَّةَ .. فَسَمِعَ مِنْ جَانِبِهَا وَجْسًا ( أي صوت خفي) ..، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بِلالٌ الْمُؤَذِّنُ "، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ: قَدْ أَفْلَحَ بِلَالٌ .. رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا.

- قَالَ: فَلَقِيَهُ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، فَقَالَ: وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ، سَبْطٌ شَعَرُهُ مَعَ أُذُنَيْهِ، أَوْ فَوْقَهُمَا فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ..، قَالَ: فَمَضَى فَلَقِيَهُ عِيسَى، فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى ..، قَالَ: فَمَضَى فَلَقِيَهُ شَيْخٌ جَلِيلٌ مَهِيبٌ فَرَحَّبَ بِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ .. قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ.

- قَالَ: فَنَظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ، قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ ..، وَرَأَى رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ جَعْدًا شَعِثًا إِذَا رَأَيْتَهُ قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ " قَالَ: هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ.

- قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي .. ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ .. فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ .. أَحَدُهُمَا عَنِ الْيَمِينِ، وَالْآخَرُ عَنِ الشِّمَالِ .. فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ .. فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَقَالَ: الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ) رواه أحمد .. وقال ابن كثير: إسناده صحيح (تفسير ابن كثير ج5 ص25) ..، وذكره الضياء المقدسي على أنه صحيح في (الأحاديث المختارة ج9 ص551) ..، وقال الهيثمي في المجمع: وفيه قابوس وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ج8 ص92) ..، وذكر السيوطي تصحيحه (في الدر المنثور ج5 ص214) ..، وقال أحمد شاكر في تحقيق مسند أحمد: إسناده صحيح (راجع تحقيقه على المسند: ج3 ص64 حديث رقم2324) ..، وقال الضياء الأعظمي في الجامع الكامل: وإسناده حسن من أجل قابوس وهو ابن أبي ظبيان مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف أو لم يأتي بالمناكير، ولفقرات حديثه هذا شواهد كثيرة. (الجامع الكامل ج14 ص450)..، وقال الألباني تعقيبا على من صحح الحديث: وهو تساهل واضح فإن قابوس - وهو ابن أبي ظبيان - فيه لين كما قال في "التقريب". (الإسراء والمعراج ص74)..، وقال محققو المسند: إسناده ضعيف، قابوس مختلف فيه (مسند أحمد بتحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرون ج4 ص167).

 

#- فقول بن عباس: (فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي) .. بعد أن ذكر مشاهد الجنة والنار .. فهذا فيه دليل على أن الصلاة حدثت بعد المعراج ..

- وقوله (فلقيه موسى) .. فهذا ليس في الجنة وإنما في سعيه وصعوده في السموات كما جاء في الروايات .. وإنما ابن عباس ذكر مشهد واحد في الجنة عن بلال وهو ما تذكره .. ثم انتقل للكلام عن صعود النبي للسموات .. ومقابلته للأنبياء .. مع وجود نكارة في ترتيب مقابلة الأنبياء إذ من المفترض أنه قابل عيسى أو لا ثم موسى وليس العكس ..

- وقوله (فنظر في النار) .. أي وكان من المشاهد التي رآها في النار هي كذا ..

 

1- لي تعليق على رواية قابوس السابق ذكرها:

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): الرواية من وجهة نظري لا تصح سندا لضعف قابوس ..، وفي المتن انفرادات عن باقي الروايات .. منها:

أ- جاء فيها وجود الشرب من الأناء بعد نزوله من السماء وهذا مخالف لما في الصحيح.

ب- وفيها توصيف لرؤية الأنبياء وأشكالهم وهو في السماء .. ولكن ظاهر الروايات أن هذا التوصيف باعتبار تواجده في بيت المقدس.

ج- وفيها أن النبي يظهر منها بوضوح أنه صلاته بالأنبياء في بيت المقدس بعد نزوله من السماء وليس قبل صعوده للسماء.

د- وفيها أنه قابل موسى ثم عيسى ثم إبراهيم .. ويظهر من لفظ الرواية وكأنه قابلهم في الجنة .. وهذا خطأ .. لأنه قابل الأنبياء في السموات .. وقابل عيسى أولا ثم هارون ثم موسى ثم إبراهيم ..

- إلا لو افترضنا (وهو افتراض محتمل): أن تكون هذه الرواية قيلت على سبيل الحكاية عما حدث في الرحلة دون اهتمام بتسلسل الأحداث .. (وهذا هو الظاهر منها) .. وذلك كما نحكي ونقول أن النبي حدث معه كذا وكذا وشاف كذا وكذا .. من باب معرفتنا بما بلغنا من أخبار .. ولا نقصد ترتيب الأحداث بعينها وإنما نقصد أن هذا مما حدث .. والله أعلم .

 

#- ولو صحت رواية قابوس (من طرق أخرى خلاف ما سبق) ..

1- فلعل المقصد بالصلاة فيها .. أن تكون حدثت في السماء في المسجد الأقصا هناك والمقصود به هو البيت المعمور .. ليتفق سياق الحديث مع بعضه إذ أن حكايته كانت عما حدث السماء .. ويكون قوله (فلما انصرف) أي انصرف عائدا لبيت المقدس .. وليس انصرف من صلاته .. إذ لا يتصور أن يكرر الملك عليه (أصبت الفطرة) مرة في الأرض ومرة في السماء .. لمعلومية حدوث ذلك مسبقا ... فما فائدة تكرار ذلك ..؟!! فتأمل .

- ولكن خروجا من القيل والقال .. فالرواية أصلا ضعيفة سندا ومنكرة متنا .. فاتركها.

 

====================

 

#- ثالثا: ماذا نرجح من كلام العلماء في مسألة تحديد مكان صلاة النبي بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج ؟!

 

- من الصعب الترجيح بين الإحتمالات الثلاثة المطروحة أمامنا وغيرها مما ذكره العلماء .. إذ أنها محتملة جميعا من حيث الظن .. إذ أنه يمكن أن تكون الصلاة قبل المعراج .. أو في السماء .. أو بعد النزول من المعراج .. بل والبعض قال محتمل تكون صلى بالأنبياء قبل المعراج وفي السماء وبعده ..

- ولذلك الترجيح سيكون من خلال تحقيق المسألة بصورة عقلية تحليلية .. ومنها يمكن الوصول إلى نتيجة مطمئنة .. والله ولي التوفيق.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- سأحاول تحقيق الآراء السابقة فيما يتعلق بها اعتراض أو اتفاق قدر المستطاع .. وأذكر لك ما أميل إليه .. فأقول وبالله التوفيق:

1- تحقيق الرأي الأول: عن الظن بصلاة النبي بالأنبياء قبل الصعود في السماء ..

أ- وهنا إشكالية على هذا الرأي تكمن في سؤال واحد وهو: إذا كان الإسراء والمعراج وفي ليلة واحدة .. والنبي صلى بالأنبياء في المسجد الأقصى أو بيت المقدس قبل العروج به للسماء .. فلماذا كان النبي يسأل جبريل عن الأنبياء الذين كان يقابلهم في السماء .. طالما كان صلى بهم في بيت المقدس وتعرَّف عليهم في الأرض قبل صعوده للسماء ؟

- ولماذا كان الأنبياء يرحبون بالنبي وكأنهم أول مرة يقابلوه ؟!!

 

#- الجواب عن ذلك:

1- (عن رأي خاص بي): لو افترضنا مقابلة النبي للأنبياء في بيت المقدس أولا .. فهذا باعتبار هيئتهم المادية حيث أحياهم الله ليقابلهم النبي .. ولكن رؤيتهم في السماء فهذا باعتبار حقيقة أرواحهم ونورها حتى غلبتهم على مظهرهم الشكلي فغيرته بكل تأكيد كما تغيرت صورة جبريل لهيئة ملائكية .. وهذا ما لم يعرفه النبي في السماء لكسوتهم من نور الجمال الإلهي فكساهم شيئا من هذا النور كلا بقدر مقامه ... فرأهم النبي بحقيقة أنوارهم وليس بحقيقة أجسادهم ..

 

- إذن: القول بإمكانية مقابلة النبي محمد للأنبياء في بيت المقدس والصلاة بهم قبل العروج للسماء .. فهذا يقال: باعتبار أن مقابلتة للأنبياء في الأرض كان بهيئة مخالفة للهيئة التي رآهم بها في السموات.

 

#- ومثال ذلك: أن سيدنا جبريل لما نزل على الأرض كان في هيئة بشرية في صورة دحية بن خليفة الكلبي كما جاء في أحد الروايات في صحيح مسلم ومستخرج أبي عوانه إذ جاء في حديث صحيح عن جابر بن عبد الله أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (عُرِضَ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ فَإِذَا مُوسَى ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ، وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ شَبَهًا صَاحِبُكُمْ - يَعْنِي نَفْسَهُ - وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ) مستخرج بن أبي عوانة.

 

.. فكان جبريل ظاهرا بصورة أو بهيئة آدمية في الأرض .. ولكن حقيقته الروحانية لها هيئة أخرى .. وهو أنه بستمائة جناح وهذا ما رآه النبي في السماء عند سدرة المنتهى لما تحولت هيئة جبريل إلى صورته الحقيقية الملائكية ..

 

- يعني باختصار: أن النبي محمد قد رأى الأنبياء على الأرض بصورتهم البشرية أي أجسادا قد أحياهم الله له .. ولكن حينما صعد للسماء فيكون رآهم بصورة روحانية فيها نورانية تخالف هيئتهم البشرية .. ولذلك لم يعرفهم فسأل عنهم جبريل ..

 

@- ولكن يعاب على ما سبق ويُعترض عليه فيقال: أن عيسى عليه السلام لم يكن روحا وإنما جسدا وروحا .. ولم يكن روحا في السماء لأنه لم يمت حتى الآن .. ومع ذلك لما صعد النبي للسماء سأل عنه ولم يعرفه بالرغم من المفترض أنه قابله في الأرض بهيئة بشرية أيضا.. وطالما الطبيعة البشرية كانت واحدة في الأرض والسماء .. أي لما قابله في الأرض فكان بجسده ولو قابله في السماء فأيضا بجسده .. ففي الحالتين هيئته ثابته .. فلماذا لم يعرفه في السماء حينئذ ؟!

#- وبالتالي .. يظهر ما سبق من بيان هو يفسد التصور المذكور في الرأي السابق المخصوص باختلاف الهيئات.

 

#- ولكن يقال تعقيبا على هذا الإعتراض: لعل عيسى كان مكتسبا من أنوار الملكوت الأعلى بما غطى على ظاهر هيئته البشرية .. ولذلك لم يعرفه النبي أول ما قابله.

 

@- ويقال ردا على هذا التعقيب السابق: تظل باقي الإشكالية موجودة وهو رد الأنبياء على النبي محمد وهو قولهم: (مرحبا بالنبي الصالح) وهذا قول فيه دلالة على أنهم أول مرة يقابلونه ويرونه فعلا .. فما علاقة هذا باختلاف الهيئات سواء كان روحا أو جسدا ؟!!

 

2- وهناك رأى آخر قد ذكره بعض العلماء .. في حل إشكالية عدم معرفة النبي للأنبياء في السماء (لو كان قابلهم على الأرض) .. وهذا الحل هو:

- أنه قد تصح المقابلة مع الأنبياء في بيت المقدس وعدم معرفة النبي لهم في المعراج .. فهذا على اعتبار أن الإسراء كان في يوم آخر غير يوم المعراج .. أي يوجد زمنين مختلفين تم فيهما الإسراء منفصلا والمعراج منفصلا ..

 

@- ولكني أجد ما يعيب هذا الرأي ..

- وهو أنه لو افترضنا أن الإسراء كان منفصلا عن المعراج في زمنين مختلفين .. فهنا يظهر أمامنا عدة احتمالات ..

أ- لو قلنا أن الإسراء كان أولا: فهذا معناه أنه تعرف على الأنبياء .. فلماذا لما صعد للسماء سأل عنهم طالما تعرف عليهم مسبقا ؟

 

ب- ولو قلنا أن العروج تم أولا: فهذا معناه أنه تعرف عليهم حين عروجه للسماوات .. وقد تعرف عليهم النبي في السماء وقتئذ .. ثم تم الإسراء في وقت متأخر عن المعراج .. ولذلك لم يظهر أنه سأل عنهم في الروايات المنفردة القصيرة الدالة على الإسراء ..

- ولكن يقال تعقيبا على هذا الرأي: الروايات القصيرة ليس فيها دلالة على مقابلة الأنبياء في بيت المقدس وقت الإسراء .. وإنما هذا مجرد احتمال ..، ثم يقال لماذا قال الصحابة أن الصلاة فرضت قبل الهجرة بعام ونصف أو عامين .. وفرض الصلوات لم يحدث إلا وقت العروج ؟!! وبالتالي يكون الإسراء قد حدث مع العروج ..، ثم يقال أن هذا بخلاف وجود روايات صحيحة جمعت بين الإسراء والمعراج في وقت واحد ..

 

- وبعد ما سبق ظلت الإشكالية على ما هي عليه .. في مسألة مقابلة الأنبياء ببيت المقدس أولا قبل العروج للسماء ..

 

#- ولذلك أجد الرأي الذي ذكرته أولا وهو اختلاف الهيئات.. هو أقرب للصواب لمن يأخذ برأي أن النبي قابل الأنبياء قبل صعوده للسماء ..

- والله أعلم.

================

 

2- تحقيق الرأي الثاني: عن القول القائل أن النبي صلى الله عليه وسلم محتمل أنه صلى بالأنبياء في السماء ..

- سيتم مناقشته من خلال ثلاثة روايات صحيحة مع الإشارة لبعض الروايات الأخرى التي فيها ضعف:

- أولا: الرواية الأولى: جاء في (حديث صحيح) .. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ .. فَإِذَا مُوسَى قَائمٌ يُصَلى .. فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ شَنُوءَةَ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهاً عُرْوَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِى نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ .. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ .. قَالَ قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا "مَالِكٌ" صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ) صحيح مسلم. 

 

- وهذا الحديث .. لا دليل منه مؤكد يشير إلى أن النبي قابل الأنبياء في بيت المقدس .. حتى وإن كان هذا الحديث كان يسبقه حوار النبي مع قريش في مجادلتهم له في مسألة الإسراء .. لأنه معنى أن يقال أن النبي قابل الأنبياء فعلا في بيت المقدس فيعاد إلى أصحاب الرأي الأول وما فيه من إشكالية على أصحاب هذا الرأي .. وسبق وتكلمنا عن ذلك.

 

- ولكن غالب الظن من الرواية السابقة (ولها تحقيق خاص في فصل آخر عند السؤال رقم99) .. أن هذه الرواية تتكلم عن مقابلة الأنبياء في السماء .. وكذلك مقابلة مالك خازن النار في السماء ..

 

- ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم (وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ) فذلك باعتبار رؤيتهم في السماء وليس في الأرض .. ورؤيتهم يصلون .. فهذا باعتبار حالهم في كل سماء كانوا يسكنون فيها .. ولكل واحد منهم صلاة كما الملائكة تصلي في السماء .. ولعل الله أعلن بصلاة جامعة في السماء بعد عودة النبي من لقاء ربه .. وجُعل النبي صلى الله عليه وسلم هو إماما لهم ولكل نبي ورسول وملك موجود في السماء حينئذ.

 

- فيكون المعنى المقصود هو الآتي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اجتمع بهم بعد عودته من لقاء ربه عند العرش .. وحين عودته من سدرة المنتهى مع جبريل .. مروا على البيت المعمور وهو آخر السماء السابعة وأول منطقة المنتهى .. وقد جمع الله له الأنبياء والملائكة .. وصلى بهم جميعا .. ورأى مالك خازن النار وسلم عليه .. إذ ربما لم يكن قابله عند مروره على رؤية النار ورؤية بعض ما فيها إذ كان راكبا للبراق .. فأكرم الله مالك بالصعود للسماء للسلام على نبيه في جملة الملائكة والأنبياء .. ثم بعد الصلاة بالجميع وانصرف النبي من الصلاة .. قابله موسى وسأله عما فرض عليه ربه .. من باب النصيحة للنبي لما كان له من سابق حال مع قومه .. وحدث الحوار المعروف بين موسى والنبي في طلب تخفيف الصلاة من الله ليستطيع المؤمنين فعلها. 

 

أ- وقد يقال اعتراضا على هذا الرأي: بأن الأنبياء لا تصلي في السماء ؟

- ولهذا جواب وهو: إذا كانت الملائكة وهي أرواح تصلي في السماء .. فما المانع أن يصلي عامة الأنبياء في السماء وهم أرواح أيضا ماعدا عيسى وهو بجسده وروحه ؟!!

 

ب- وقد يقال اعتراضا على هذا الرأي: لماذا لم يقل النبي أنه رآهم في السماء ؟

- ولهذا جواب: وهو لو افترضنا أن اللفظ كما هو: (وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ ..) فهذا يقصد منه رؤيته في السماء في جماعة من الأنبياء .. ولم يصرح بلفظ السماء لأن الكفار كانوا سيعترضون حينئذ لأنهم لا يؤمنون بالملائكة ولا بوحي السماء .. فاكتفي بالتعريف بأنه رأى الأنبياء دون تحديد المكان. والله أعلم.

 

ج- وقد يقال اعتراضا على هذا الرأي: ألم يقابل النبي مالك خازن النار في الأرض ؟

- ولهذا جواب: وما المانع أيضا أن يكون قابله في السماء ؟!!

 

د- وقد يقال اعتراضا على هذا الرأي: ولو كان مالك صاحب النار قابل النبي في السماء .. فقد يقال: ما الخصوصية في تخصيص سلام مالك على النبي وقد سلم عليه جميع الملائكة في السموات .. ؟

- ولهذا جواب: أن هذا ليس اعتراض على الرأي وإنما بحثا عن الحكمة في تسليم مالك على النبي .. والحكمة هي أن الله أراد إكرام نبيه برؤية مالك بهيئته الملائكية في السموات .. أو لعله عند مروره على النار ورؤية أحوال المعذبين .. لم يتسع المقام للسلام على مالك خازن النار .. ولذلك (لعل مالك خازن النار طلب من الله الصعود للسموات للسلام على نبيه) أو (لعل الله قد أمر مالك خازن النار بالصعود للسموات ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم) .. للصلاة مع النبي والسلام عليه.

 

#- وتخصيص سلام مالك خازن النار على النبي .. لأنه رئيسا من رؤساء الملائكة من باب التشريف للنبي ولتحقيق النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن .. إذ جاء اسم مالك في القرآن صراحة .. ولتكون هذه آية من آيات الغيب الكبرى التي أراها الله لنبيه.

 

#- وسلام مالك خازن النار على النبي قد يكون فيه إشارة .. وهو أن تسليم مالك على النبي كأن فيه إشارة للنبي من ربه: أن السلام عليك وعلى من اتبعك من أمتك من النار بخصوصية عناية ورحمة من الله .. فأبشر بخير يا نبي الله .. والله أعلم.

 

#- ثانيا: الرواية الثانية: والتي قد يستدل من يقول بأن مقابلة الأنبياء والصلاة بهم كانت في السماء من خلال الآتي:

#- وهي رواية الصحابي عبد الله بن عباس تحمل معنى الرؤية في القبور وفي السماء .. هو ما جاء في الرواية التالية ..

1- ما جاء عن ابن عباس في (حديث صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَجُلٌ آدَمُ (أي أسمر) طُوَالٌ (أي طويلا) جَعْدٌ (أي شعره ليس منبسطا فيه تجعيد) .. كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ (أي شبيه لرجال قبيلة من اليمن يغلب عليها الطول وسمرة البشرة) ..، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ الْخَلْقِ (أي معتدل القوام مائلا) إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ .. سَبْطَ الرَّأْسِ (أي منبسط شعر الرأس) .. وَأُرِيَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ .. وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللهُ إِيَّاهُ) صحيح مسلم.

 

- وفي ألفاظ رواية البخاري .. اختلفت في لفظين: ("لَيْلَةَ أُسْرِيَ...." .. ثم في آخر الرواية .. "وَرَأَيْتُ مَالِكًا ..." ...) صحيح البخاري.

 

- وهذا المرور على الأنبياء .. قد يشير إلى:

1- يشير لرؤية الأنبياء في قبورهم كما رأى موسى يصلي في قبره .. ولو تذكرت الحديث الخاص بموسى فستجده يقول: (مررت عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ) صحيح مسلم.

- ولذلك احتمال كبير جدا .. أن يكون المرور على الأنبياء كان عليهم في قبورهم وهم يصلون .. وليس عند بيت المقدس .. أما عن اللقاء والتعرف عليهم فكان في السماء.

 

2- ومحتمل أن يكون المرور في السماء .. وبالتالي رؤيتهم وتوصيفهم كان بناء على ما رآه منهم في السماء .. وليس في الأرض .. بل وصاحب ذلك رؤية مالك خازن النار حيث أنه من جملة الملائكة التي رآها النبي في السماء .. وهذا يتفق أكثر أنه كان في السماء .. والله أعلم.

 

#- الرواية الثالثة: والتي قد يستدل من يقول بأن مقابلة الأنبياء والصلاة بهم كانت في السماء من خلال الآتي:

- رواية الصحابي أبي هريرة وهي تحتمل معنى المقابلة في السماء ..

- جاء في (حديث حسن) .. من طريق (عمر بن أبي سلمة) عن أبيه وهو (أبي سلمة) عن أبي هريرة .. وجاء فيها عن النبي أنه قال: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي وَضَعْتُ قَدَمَيَّ حَيْثُ تُوضَعُ أَقْدَامُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ .. فَعُرِضَ عَلَيَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. قَالَ: فَإِذَا أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعُرِضَ عَلَيَّ مُوسَى، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ إِبْرَاهِيمُ. قَالَ: فَإِذَا أَقْرَبُ النَّاسِ شَبَهًا بِصَاحِبِكُمْ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عمر بن أبي سلمة حسن الحديث إذا توبع، وقد تابعه عبد الله بن الفضل الهاشمي عند مسلم وغيره .

 

- لو انتبهت للرواية: ستجد فيها ما يدل على ما ذهب إليه ظني وهو أن هذه الرواية تشير للمقابلة في السماء .. ليه ؟

 

 أ- لأن قوله (وضعت قدمي حيث توضع أقدام الأنبياء) دليل على بداية المعراج الذي كان يعرج منه الأنبياء .. وأنه كان من نقطة معينة .. وإلا فما فائدة تخصيص هذه الجملة في الرواية ..، ثم قوله (فَعُرِضَ عَلَيَّ) موسى وعيسى وإبراهيم .. فهذا العرض لم يتم إلا في السماء وليس في الأرض .. لأنه كان يتم عرضهم على النبي في معراجه وكان النبي يسأل عنهم .. إذ أن السماء كلها كانت معروضة على النبي بمن فيها.. فكان يمر عليهم وهم يعرضون عليه ليتعرف عليهم ..  

 

ب- بل والذي يؤكد لك ظني أكثر وأكثر .. هو أن رواية (أبي هريرة)  ذكرت أنه تم عرض عيسى ثم موسى ثم إبراهيم على النبي .. وهو نفس الترتيب الذي رآه النبي للأنبياء في السماء إذ رأى عيسى في السماء الرابعة وموسى في السادسة وإبراهيم في السابعة .. والله أعلم . 

 

ج- وهذه الرواية لم تذكر رؤية مالك خازن النار .. لأنها اهتمت بذكر مقابلة الأنبياء دون غيرهم ..

 

- فأظن بناء على ما سبق .. أن الصلاة بالأنبياء كانت في السماء .. أما عن توصيف النبي لهيئة هؤلاء الأنبياء .. إما من خلال رؤيتهم وهو يصلون في قبورهم أو من خلال مقابلتهم في السماء .. ورؤيتهم في قبورهم يصلون لم تؤهله لمعرفه تفاصيلهم .. وإنما لعله رأهم كأنوار وأخبره جبريل بأن هذا فلان وذاك فلان ..، ولكن لما صعد للسماء وقابلهم فقد عرف أوصافهم .. والله أعلم.

 

@- ملحوظة: هذا الرأي هو ما أميل إليه ولا إشكالية فيه .. والرأي باحتمال صلاة النبي بالأنبياء ومقابلتهم في السماء .. لست أول من قال بهذا الظن المحتمل .. وإنما قاله بعض العلماء من قبل منهم أن القاضي عياض أشار إليه واختاره الإمام محمد بن خليفة الأبي وكذلك الإمام أبو يعلى ابن الفراء الحنبلي والسهيلي وفي أحد رأيان لابن كثير وغيرهم .. وقد سبق وذكرت أقوالهم  في بداية تحقيق المسألة .. فارجع إلى كلامهم..

 

#- الرواية الرابعة: جاءت في حديث ضعيف .. وأذكرها كشاهد لكلامي .. والتي قد يستدل من يقول بأن مقابلة الأنبياء والصلاة بهم كانت في السماء من خلال الآتي:

أ- جاء في (حديث ضعيف جدا) .. عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري .. ومما جاء في الحديث: (ثُمَّ مَضَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ وَهُوَ جَالِسٌ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ .. فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْوَلَدِ الصَّالِحِ، فَقِيلَ: هَذَا مَكَانُكَ وَمَكَانُ أُمَّتِكَ، ثُمَّ تَلَا: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لِلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68]..

- ثُمَّ دَخَلْتُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .. ) رواه أبو جعفر الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (أبو هارون العبدي) وهو متروك الحديث.

 

ب- وفي لفظ آخر لنفس السند الضعيف السابق .. وجاء فيه: (ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ: فَإِذَا أَنَا بِأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، سَانِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ؛ قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، هُوَ وَنَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ.

- وَإِذَا بِأُمَّتِي شَطْرَيْنِ: شَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ كَأَنَّهَا الْقَرَاطِيسُ، وَشَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ.

- قَالَ: فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ، وَدَخَلَ مَعِيَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْبِيضُ وَحُجِبَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ، وَهُمْ عَلَى حَرٍّ .. فَصَلَّيْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِي فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ..، ثُمَّ خَرَجْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِيَ.

- قَالَ: وَالْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ..، قَالَ: ثُمَّ رُفِعَتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى ..) رواه البيهقي في دلائل النبوة .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (أبو هارون العبدي) وهو متروك الحديث.

 

#- ملحوظة هامة: جاء في بعض كتب الشيعة حديث فيه دلالة على صلاة النبي بالأنبياء في السماء .. وهو (حديث موضوع على ابن عباس وعلى النبي) وجاء فيه:

- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: (لما عرج بي إلى السماء فلما وصلت إلى السماء الدنيا قال [لي] جبرئيل عليه السلام: يا محمد صل بملائكة السماء الدنيا فقد امرت بذلك، فصليت بهم. وكذلك في السماء الثانية والثالثة.

- فلما صرت في السماء الرابعة رأيت بها مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي، فقال جبرئيل عليه السلام، تقدم وصل بهم، فقلت: يا أخي جبرئيل كيف أتقدم بهم وفيهم أبي آدم وأبي إبراهيم ؟ فقال: إن الله تعالى قد أمرك أن تصلي بهم .. فإذا صليت بهم فاسألهم بأي شيء بعثوا في وقتهم وفي زمانهم ؟ ولم نشرتم قبل أن ينفخ في الصور ؟ فقال: سمعا وطاعة لله ..

- ثم صلى بالأنبياء عليهم السلام فلما فرغوا من صلاتهم .. قال لهم جبرئيل: بم بعثتم ولم نشرتم الآن يا أنبياء الله ؟ قالوا: بلسان واحد: بعثنا ونشرنا لنقر لك يا محمد بالنبوة ولعلي بن أبي طالب عليه السلام بالأمامة) ذكره المجلسي في بحار الأنوار ج40 ص42.. ، (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث موضوع على النبي وعلى ابن عباس .. مروي بدون أي سند .. والمتن ظاهر فيه صناعة الوضع والكذب من أجل الإنتصار للمذهب الشيعي لإظهار إمامة الإمام علي بن أبي طالب ..!!

 

#- وسبب كتابتي لهذه الرواية عند الشيعة .. إذ وجدت فيها الصلاة بالأنبياء والملائكة في السموات فيظن أنها تتفق مع الرأي القائل بصلاة النبي في السموات ... ولعل البعض قد يرى هذه الرواية فيظن أنها رواية صحيحة .. فذكرتها للتنبيه عليها أنها موضوعة على النبي ومجهولة السند .. والله أعلم .

 

==================

3- تحقيق الرأي الثالث: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالأنبياء بعد نزوله من المعراج وقبل عودته لمكة ..

- وهذا الرأي قد يكون منطقي ومناسب مع أحداث الإسراء والمعراج حال كونهما في ليلة واحدة .. وهذا الرأي أشار إليه القاضي عياض .. وهو الذي اعتمده الإمام ابن كثير ووافق عليه أيضا.

 

- وأصحاب هذا الرأي .. قد تجنبوا إشكالية مقابلة النبي للأنبياء عند وصوله لبيت المقدس .. وأنهوا مسألة ازدواجية التعرف على الأنبياء مرة في الأرض ومرة في السماء وهو ما قابل إشكالية أصحاب الرأي الأول .. وبالتالي يكون رؤية النبي لموسى وهو يصلي في قبره كانت عند رجوعه من بيت المقدس .. لأن النبي يكون قد تعرف على موسى وحينما رآه في القبر فقد عرفه.  

 

#- وأصحاب هذا الرأي يعتمدون على رواية مسلم والتي جاء فيها: (وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ .. مُوسَى قَائمٌ يُصَلى .. عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَائِمٌ يُصَلِّى .. وإِبْرَاهِيمُ قَائِمٌ يُصَلِّى .. فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ .. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ .. قَالَ قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ .. هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلَامِ ...).

 

- وروايات أخرى ولكن لا تخلو من ضعف مثل رواية قابوس التي أتى فيها جزئية: (قَالَ: فَنَظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ، قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ ..، وَرَأَى رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ جَعْدًا شَعِثًا إِذَا رَأَيْتَهُ قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ " قَالَ: هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ.

 - قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي .. ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ .. فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ .. أَحَدُهُمَا عَنِ الْيَمِينِ، وَالْآخَرُ عَنِ الشِّمَالِ .. فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ .. فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَقَالَ: الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ) رواه أحمد .. وسبق تحقيق هذه الرواية كثيرا وهي أقرب للضعف منها للصحة بخصوص السند أما المتن ففيه كلام كثير يجعل من المتن منكر ..!! وسبق تحقيق هذه الرواية في هذا الفصل منذ قليل ..

 

- وعموما .. هاتين الروايتين هما أكثر ما يستدل به أصحاب هذا الرأي ..

 

- وهذا الرأي بالرغم من وجاهته .. ولكن في الحقيقة قد وجدت عدة إشكاليات تصاحب هذا الرأي .. منها:

1- يعاب هذا الرأي فيقال لهم: لم يأت في أي رواية صحيحة سندا ومتنا .. أن النبي رجع لبيت المقدس وجلس فيه مع أنبياء أو صلى بهم .. !!

- نعم .. الظن يقول أن النبي رجع مع جبريل لبيت المقدس ليركبا البراق للعودة به لمكة .. ولكن دون مقابلة أحد هناك ..

- إذن: هذا الرأي مجرد ضرب من الظنون .. وظن فيه نظر .. ولا يسهل قبوله ..!!

 

2- يعاب على هذا الرأي فيقال لهم:

#- أن ألفاظ رواية مسلم .. التي جاء فيها قوله (مُوسَى قَائمٌ يُصَلى) وكذلك عيسى وإبراهيم .. حتى قال: (فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ).. لا تشير بأن الصلاة بهم كانت بعد المعراج .. لأن الرواية تقول أن النبي رأى فلان يصلي وفلان يصلي حينما رآهم .. وهذا وصف يدل على أنه أتى في مكان ووجد هذا حال الأنبياء فيه .. وليس حال جماعة انتقلوا معه لمكان آخر ليصلوا معه فيه .. والله أعلم .

 

3- قد يعاب على هذا الرأي شيء مهم لم ينتبه له أصحاب هذا الرأي:

- وهو أن مقابلة الأنبياء حسب الروايات ترتب بعدها حدوث ضيافة للنبي .. وهذه الضيافة لم تحدث إلا مرة قبل عروج النبي .. ومرة في السماء .. ولم تقل أي رواية بأنه حدثت ضيافة للنبي بعد الرجوع من المعراج للمسجد الأقصى لركوب البراق ثم العودة لمكة .. وبالتالي فإن من يقول بمقابلة الأنبياء في المسجد الأقصى بعد النزول من العروج .. هو رأي غير منضبط .. لأن ضيافة النبي كانت بعد مقابلة الأنبياء .. وهذه الضيافة كانت إما قبل العروج أو في السماء أو تكررت في كلاهما .. وبالتالي سيكون النبي قابل الأنبياء إما قبل العروج وإما في السماء .. ولكن بعد العروج لم تحدث أي ضيافة .. وبالتالي لا يمكن حدوث المقابلة والصلاة بالأنبياء بعد العروج للسماء ..!! والله أعلم .

 

4- وأخيرا يقال: لماذا ينزل الأنبياء مع النبي في الأرض ويصلي بهم وهم كانوا معه في السماء ؟!!

 

==================

 

4- الرأي الرابع: قال بعض العلماء لعل الصلاة بالأنبياء كانت قبل المعراج وبعد المعراج وفي السماء ..

- هذا الرأي شاذ جدا ولم يأت به خبر صحيح أو ضعيف .. وبالتالي فهو مجرد ظن قد ظنه البعض ..، إضافة لملاحقة الإشكاليات التي ستلاحقه لو بالصلاة مع الأنبياء عند وصوله لبيت المقدس أو بعد رجوعه من العروج ..!!

 

#- خلاصة القول:

1- تحديد مكان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ليلة الإسراء هو محل خلاف بين العلماء .. منهم من قال أنه صلى بالأنبياء قبل المعراج .. ومنهم من قال صلى بهم في السماء .. ومنهم من قال أنه صلى بهم بعد رجوعه من المعراج .. بل ومنهم من قال لعل الصلاة كانت قبل المعراج وبعد المعراج .. وعلى هذا القياس فيقال لعل الصلاة بالأنبياء كانت قبل المعراج وفي السماء وبعد المعراج ..!!

 

- وليست المشكلة في تكرار الصلاة بالأنبياء .. وإنما المشكلة في أي مكان قابلهم أولا ؟!! وعليه يترتب مسألة الصلاة ثانيا .. إذ كيف يقال أنه قابلهم وصلى بهم على الأرض .. ثم صعد للسماء ولم يعرفهم وسأل عنهم جبريل من هؤلاء ؟!!

 

- ولو قيل: قابلهم في السماء ونزل بهم الأرض فصلى بهم فلا مشكلة في ذلك .. لأنه بالفعل يكون تعرف عليهم في السماء ونزل الأرض وهو يعرفهم .. فالكلام حينئذ مستقيم الفهم .. ولكن ستظل فيه إشكاليات على هذا الرأي قد سبق وذكرتها لمن يقول بالصلاة كانت بعد الرجوع من العروج للسماء.

 

2- الذي أحسبه وأظنه ومنطقي .. هو إما أن يقال: أن النبي قابل الأنبياء عند وصوله لبيت المقدس ثم قابلهم في السماء بهيئات أخرى ولذلك لم يعرفهم في السماء ..، وإما أن يقال: أن مقابلة الأنبياء كانت في السماء وكذلك الصلاة بهم .. وهذا ما أميل إليه .. لأنه يتفق مع الروايات كلها دون أي تعارض ولا إشكالية فيه ..

- والله أعلم .

 

#- ملحوظة .. يمكنك مراجعة المواضيع التالية لمزيد من المعرفة ببعض المسائل:

- إذ قد سبق الكلام على جزئية عدد الأنبياء الذين صلى معهم النبي .. راجع الفصل الثالث والعشرون .. تحت عنوان: (س71: كيف نعقل صلاة مائة وأربعة وعشرون ألف نبي خلف النبي في ساحة المسجد الأقصى الذي لا يتسع لأكثر من خمسة آلاف مصلي ؟!! – البند رابعا: الثابت من عدد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام).

 

ب- ولو كانت الصلاة التي صلاها بالأنبياء بعد نزوله من السماء .. فهي إما صلاة الفجر أو ركعتي قيام ليل .. وقد سبق الكلام على هذه الجزئية .. راجع الفصل الثالث والعشرون .. تحت عنوان: (س74: ما هي الصلاة التي صلاها النبي بالأنبياء ليلة الإسراء وما هي هيئتها وهل كان لها وضوء وما هيئته ؟).

 

ج- والصلاة كانت بإحياء الأنبياء له ليصلون معه جسدا وروحا في بيت المقدس .. وراجع هذه الجزئية في الفصل الحادي والعشرون .. تحت عنوان: (س65: هل صلاة الأنبياء والرسل مع النبي في بيت المقدس كانت بالروح أم بإحيائهم له ؟) ..

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .