ج32: قصة الإسراء والمعراج - كيف صلى النبي في المسجد الأقصى وكان مزبلة للنصارى - أين كانت قبلة النبي وقت أن صلى في المسجد الأقصى .

         بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الثاني والثلاثون)

#- فهرس:

:: الفصل الثاني والثلاثون :: ج12/ مسائل عامة تتعلق برحلة الإسراء عن  مسألة كيف صلى النبي في المسجد الأقصى وكان مزبلة وفيه نفايات يلقيها النصارى – وأين كان قبلة النبي وقت صلاته بالمسجد الأقصى ؟ ::

1- س88: كيف صلى النبي في المسجد الأقصى وكان مزبلة للنصارى ؟

3- س89: أين كانت قبلة النبي وقت أن صلى في المسجد الأقصى ؟

******************

:: الفصل الثاني والثلاثون ::

*******************

..:: س88: كيف صلى النبي في المسجد الأقصى الذي كان مزبلة للنصارى في ذلك الوقت ؟ ::..

- من المسائل المذكورة على الإنترنت .. هو قول بعضهم: كيف صلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى وكان حينئذ مزبلة للنصارى ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من المهم أن نعرف أمرين ..

- الأول: أن المسجد الأقصى لم يكن بأكمله مزبلة للنصارى .. وإنما المكان المخصص بالصخرة وبعض المداخل المؤدية لساحة المسجد الاقصى .

 

- الثاني: أن مسألة تراكم الزبالة حول الصخرة .. كانت إهانة من النصارى في سنة 627م لعقيدة اليهود لأنهم كانوا يقدسون الصخرة التي هي قبلتهم في غالب الظن ..

- فمسألة تحويل النصارى .. لجزء من المسجد الأقصى أو بيت المقدس إلى مزبلة إنما تم بعد زمن رحلة الإسراء أي قبل سنة 627 ميلاديا ..

 

#- وأذكر لك اخي الحبيب ملخصا مختصرا لما ذكره الدكتور عبد الله معروف في كتابه المدخل إلى دراسة المسجد الأقصى:

- أنه في عام 614 احتل الفرس مدينة القدس بمعاونة اليهود، وذلك بعد حرب طويلة ضد البيزنطيين الروم .. وقد وقع ذلك في الفترة التي بُعث فيها النبي محمد في مكة، إذ يذكر القرآن قصة الحروب في سورة الروم: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ الروم:2-3  ..، وما لبث أن عاد البيزنطيون الروم إلى الحكم عام 627، وتم طرد اليهود نهائيا من القدس .. وفي تلك الفترة أصبحت أرض المسجد الأقصى مكبًا للنّفايات وخاصة عند الصخرة المشرفة ، وذلك انتقامًا من اليهود الذين كانت الصخرة المُشرفة قبلتهم. (ملخصا مختصرا من كتاب المدخل إلى دراسة المسجد الأقصى المُبارك – ص82-83 – طبعة دار العلم للملايين).

 

#- ثم قال الدكتور عبد الله معروف بعد ما سبق:

- نعلم ان النبي عليه الصلاة والسلام عندما زار المسجد الأقصى المبارك وصلى فيه .. كان المكان فارغا من البناء بعد هدم الرومان للأقصى المبارك عام 70م ..

- وهنا قد يتسائل: كيف يصلى في مسجد هو عبارة عن مكب نفايات ؟

- والجواب بسيط: فالمسجد الأقصى المبارك في تلك الفترة لم يكن مكبا للنفايات .. لأنه لم يكن أصلا تحت الحكم البيزنطي .. وغنما كان تحت الحكم الفارسي المتحالف مع اليهود في بدايته .. ولم يذكر التاريخ ان الفرس الذين اضطهدوا اليهود بعد ذلك .. هاجموا المسجد الأقصى المبارك أو لوثوها. (من كتاب المدخل إلى دراسة المسجد الأقصى المُبارك – ص85).

 

 #- وخلاصة القول:

1- أن ساحة المسجد الأقصى حينما أسرى إليها النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن مكبا للنفايات .. أي لم تكن مزبلة حينئذ للنصارى كما يظن البعض .

 

- لما فتح عمر بن الخطاب القدس أزال النفايات التي كانت موجودة عند الصخرة وما حولها (وهذه النفايات حدثت بعد زمن الإسراء) .. ولم تكن هذه النفايات في محيط المسجد الأقصى بالكامل ..!! فافهم ..

 

2- ونحن كمؤمنين نقول: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي في مكان فيه نفايات بل في مكان طاهر خالي من النفايات .. وهذا لا يحتاج إلى عقل ليفهم ذلك ..!! .. وأيضا ما كان الله ليرسله إلى مكان فيه نفايات قبل عروجه منه للسماوات ..!! فهذا مما لا يمكن قبوله عقلا ..

- ولسنا مطالبين بالبحث تاريخيا حول متى تحول المسجد الأقصى لنفايات .. لأن الإيمان يقول بأن الله أسرى بنبيه للمسجد الأقصى ليريه من آياته .. وأكيد ليس من آياته رؤية النفايات .. فوجود النفايات حينئذ أمر لا وجود له .. ومنيقول بذلك فعقله فيه شيء مش تمام .. أو أن نواياه تهدف لشيء آخر .. 

- والله أعلم.

************************

 

..:: س89: أين كانت قبلة النبي وقت أن صلى في المسجد الأقصى ؟ ::..

 

- من المسائل التي قد تخطر ببالك فتقول: حينما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى .. فإلى أي اتجاه كان يصلي ؟

- فمثلا لو كنا داخل الحرم المكي فنحن نتوجه إلى الكعبة .. فهل في المسجد الأقصى حينما صلى النبي بالأنبياء كان في اتجاه الصخرة كما كانت قبلة اليهود .. أم صلى ناحية المسجد الحرام ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- الحقيقة لا نستطيع الإجابة بصورة جازمة على اتجاه قبلة النبي صلى الله عليه وسلم حينما صلى في بيت المقدس ..

- ولكن نظن أن اتجاه النبي للقبلة وهو في مكة إنما كان إلى بيت المقدس .. فكان يجمع القبلتين معا فيصلي إلى الكعبة من المكان المتجهة إلى بيت المقدس ..

#- فقد جاء في (حديث موقوف صحيح) .. عن ابن عباس قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ بِمَكَّةَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالْكَعْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبَعْدَ مَا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

 

- وأن بعد رحلة الإسراء والمعراج كانت قبلة المسلمين إلى بيت المقدس .. واستمرت لمدة ستة عشر شهرا بعد الهجرة للمدينة .. ثم بعد ذلك تم تحويل القبلة للكعبة.

 

- فقد جاء في (حديث موقوف صحيح) .. عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: (صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صُرِفْنَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ) صحيح مسلم.

 

#- وفي لفظ صحيح .. عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ .. نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، وَأَخْوَالِهِ، مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ، شَهْرًا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

 

#- وجاء في (حديث موقوف صحيح) .. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا .. ثُمَّ صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ بَعْدُ) رواه أحمد .. وقل محققو المسند: إسناده صحيح.

#- قال الإمام النووي رحمه الله (المتوفى: 676 هـ):

- وكان - صلى الله عليه وسلم - مأمورا بالصلاة إلى بيت المقدس مدة مقامه بمكة وبعد الهجرة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر .. ثم أمره الله تعالى باستقبال الكعبة. (روضة الطالبين ج10 ص206). 

2- ويغلب على ظني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى إلى الكعبة حينما صلى في بيت المقدس ..

- فقد جاء في (أثر مختلف عليه بين التحسين والضعف) .. عَنْ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ، قَالَ: (سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِكَعْبٍ: أَيْنَ تُرَى أَنْ أُصَلِّيَ (ولعل عمر كان يختبر كعب في ذلك لأن كعب كان يهوديا قبل اسلامه) ؟ فَقَالَ "كعب": إِنْ أَخَذْتَ عَنِّي صَلَّيْتَ خَلْفَ الصَّخْرَةِ .. فَكَانَتِ الْقُدْسُ كُلُّهَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ عُمَرُ: ضَاهَيْتَ الْيَهُودِيَّةَ (أي اخترت اختيار اليهود) ، لَا .. وَلَكِنْ أُصَلِّي حَيْثُ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَقَدَّمَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَصَلَّى (وهذا يثبت أن عمر كان يختبر فراسة كعب لأن عمر كان يعرف أين سيصلي من البداية) .. ثُمَّ جَاءَ فَبَسَطَ رِدَاءَهُ فَكَنَسَ الْكُنَاسَةَ فِي رِدَائِهِ .. وَكَنَسَ النَّاسُ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف لضعف أبي سنان: وهو عيسى بن سنان الحنفي القسملي...، وأورده ابن كثير في " مسند عمر " 1 / 160 عن أحمد وقال: هذا حديث حسن الإسناد، واختاره الحافظ الضياء في كتابه. (انتهى النقل).

 

- وطالما عمر ابن الخطاب صلى حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فيغلب على ظني أن صلاة النبي كانت باتجاه المسجد الحرام .. والله أعلم .. "راجع الآراء في ذلك تفسير الطبري عند قوله (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) البقرة:115.

 

#- خلاصة القول:

1- لا يوجد نص يقول بأي اتجاه قبلة كان صلى النبي صلى الله عليه وسلم داخل المسجد الأقصى .. وبعض الصحابة كابن عباس قال: (يُصَلِّي وَهُوَ بِمَكَّةَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالْكَعْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ) أي أن النبي كان يصلي وهو في مكة وهو يجمع بين القبلتين - الكعبة وبيت المقدس ..  

 

2- وحينما هاجر النبي للمدينة كان اتجاه القبلة لبيت المقدس .. كما قال بعض الصحابة مثل البراء بن عازب وابن عباس وظل الأمر هكذا لمدة ستة عشر شهرا .. أي لمدة سنة ونصف بعد الهجرة للمدينة ..

- والله أعلم .

 

#- ملحوظة هامة: هذا السؤال الذي ناقشته هنا وهو مكان اتجاه القبلة .. فهو من المسائل الفرعية للقصة ولا يفيدنا منها إلى أي اتجاه أو قبلة كان قد صلى النبي في المسجد الأقصى .. وإنما هو سؤال قد يخطر على البال فذكرته لك إذ ربما قد يخطر ببالك .. ولكنه في الحقيقة هو علم لا ينفع وجهل لا يضر في معرفتك بقصة الإسراء والمعراج ..

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .