ج37: قصة الإسراء والمعراج - الأحداث والمشاهد الغير صحيحة في قصة الإسراء عند وصول النبي لبيت المقدس - الإشكاليات التي يمكن أن تقال في مسألة ربط البراق بالحلقة حين وصول النبي لبيت المقدس.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل السابع والثلاثون)

#- فهرس:

:: الفصل السابع والثلاثون :: عن الأحداث والمشاهد الغير صحيحة التي تتعلق بوصول النبي لبيت المقدس ::

1- س96: ما هي الأحداث والمشاهد الغير صحيحة في قصة الإسراء التي تتعلق بلحظة وصول النبي لبيت المقدس ؟

#- مشاهد لم تصح في إسراء النبي صلى الله عليه وسلم عند وصوله لبيت المقدس:

أ- مشهد: الوصول لبيت المقدس ثم العروج مباشرة من هناك دون الدخول للصلاة في المسجد الأقصى.

ب- مشهد: تحديد المكان الذي دخل منه النبي إلى مدينة القدس وهو الباب اليماني .. وتحديد الباب الذي دخل منه المسجد الأقصى وهو باب تميل فيه الشمس والقمر.

ج- مشهد: دخول النبي للمسجد من باب يقال له باب محمد صلى الله عليه وسلم.

د- مشهد: ربط البراق عند الوصول لبيت المقدس .

 

2- س97: ما هي الإشكاليات التي يمكن أن تقال في مسألة ربط البراق بالحلقة حين وصول النبي لبيت المقدس ؟

#- المسألة الأولى: كيف كانت هذه الحلقة موجودة ويربط بها الأنبياء البراق من قبله ومع ذلك لم ينتبه لها أحد من اليهود من  قبل في تاريخهم مع الأنبياء ؟

#- المسألة الثانية: كيف يقال في الرواية أنه تم ربط البراق في الحلقة التي يربط بها الأنبياء من قبله ولم يكن يوجد سور في زمن أغلب الأنبياء مثل آدم وإبراهيم وموسى وغيرهم .. ؟!!

#- المسألة الثالثة: هل البراق كان سيهرب أو سيخطفه أحد لو لم يكن ربطه النبي ؟

#- المسألة الرابعة: لو كان البراق مربوطا عند المسجد الأقصا فلماذا لم يراه أحد ؟

******************

:: الفصل السابع والثلاثون ::

*******************

 ..:: س96: ما هي الأحداث والمشاهد الغير صحيحة في قصة الإسراء التي تتعلق بلحظة وصول النبي لبيت المقدس ؟ ::..

 

- نستكمل هنا باقي الأحاديث الضعيفة التي تكلمت عن قصة الإسراء .. والتي قيلت أن النبي رآها في إسراءه .. ولكن عند وصوله لبيت المقدس ..

 

#- أولا: مشاهد قيلت في قصة الإسراء عند وصول النبي لبيت المقدس .. (قيل لم يدخل للصلاة في بيت المقدس وعرج مباشرة) ..

 

#- من الروايات الصحيحة التي حوت مشاهد لم تصح عند علماء المسلمين في قصة الإسراء عند وصول النبي لبيت المقدس..

 

- مشهد: الوصول لبيت المقدس ثم العروج مباشرة من هناك دون الدخول للصلاة في المسجد الأقصى.

 

- من المشاهد التي اعترض عليها كثير من علماء المسلمين .. هو أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد وصل لبيت المقدس ثم عرج مباشرة من هناك .. دون أن يدخل المسجد الأقصى ليصلي فيه (سواء صلى لوحده أو بالأنبياء) .. وصاحب هذا الرأي هو الصحابي حذيفه بن اليمان .. أي أن كلامه جاء من خلال حديث موقوف على كلام الصحابي .. أي أن حديثه كان عن اجتهاد وظن خاص به .. وليس رواية يحكيها سماعا عن النبي صلى الله عليه وسلم .. أي لم يقل أن النبي قد أخبره بذلك .. لا .. وإنما الحديث على أنه هو الذي يحكي ذلك ..

 

#- ومن هذه الروايات التي قالها حذيفة بن اليمان عن قصة الإسراء:

1- في (حديث موقوف حسن) .. جاء فيه: (إِنَّهُ (أي النبي) أُتِيَ بِدَابَّةٍ ...، قَالَ: فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ أَحَدُهُمَا رَدِيفُ صَاحِبِهِ .. فَانْطَلَقَ مَعَهُ مِنْ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ .. فَأُرِيَ (أي من خلال معراجه من بيت المقدس) مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ .. ثُمَّ رَجَعَا عَوْدَهُمَا عَلَى بَدْئِهِمَا فَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ (أي بعد المعراج نزلا النبي وجبريل لبيت المقدس ثم عادا لمكه) .. وَلَوْ صلى (أي في بيت المقدس) لكانت سُنَّة) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط في تخريج بن حبان: إسناده حسن ..، وكذك حسنه الألباني في الصحيحة.

- قوله: (رَدِيفُ صَاحِبِهِ): أي يركب أحدهما خلف الآخر .. والراوي لم يعرف تحديدا من كان خلف الآخر.

 

2- (حديث موقوف حسن) .. عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: (أَتَيْتُ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: فَانْطَلَقْتُ ـ أَوْ انْطَلَقْنَا ـ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمْ يَدْخُلَاهُ ...) رواه أحمد والترمذي .. وقال محققو المسند: إسناده حسن من أجل عاصم - وهو ابن بهدلة- وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.

 

#- وفي رأي غالب العلماء أن رأي الصحابي حذيفة هو رأي خطأ .. إذ لم يبلغه ما بلغ باقي الصحابة من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد دخل بيت المقدس وصلى فيه هناك .. وللمزيد راجع الفصل التاسع والعشرون تحت عنوان: (س84: هل صعد النبي للسماء من بيت المقدس دون أن يصلي فيه كما قال الصحابي حذيفة بن اليمان ؟).

 

- وخلاصة الكلام: أن مشهد صعود النبي مباشرة من بيت المقدس دون الصلاة فيه .. هو غير صحيح على رأي غالب علماء المسلمين .. الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد الأقصا وصلى فيه ركعتين .. والله أعلم.

 

===================

 #- ثانيا: مشاهد قيلت في قصة الإسراء عند وصول النبي لبيت المقدس .. (المكان الذي دخل منه النبي إلى مدينة القدس والمسجد في بيت المقدس)

 

#- من الروايات الضعيفة التي حوت مشاهد لم تصح عند علماء المسلمين في قصة الإسراء عند وصول النبي لبيت المقدس..

 

- مشهد: تحديد المكان الذي دخل منه النبي إلى مدينة القدس والباب الذي دخل منه المسجد الأقصا.

- مشهد: دخول النبي للمسجد من باب يقال له باب محمد صلى الله عليه وسلم.

 

1- جاء في (حديث ضعيف) .. عن شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ قَالَ: (قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ أُسْرِيَ بِكَ؟ قَالَ صَلَّيْتُ لِأَصْحَابِي صَلَاةَ الْعَتَمَةِ بِمَكَّةَ مُعْتَمًّا .. وَأَتَانِي جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِدَابَّةٍ بَيْضَاءَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ ..

#- إلى أن قالت الرواية:

- ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ (أي مدينة القدس) مِنْ بَابِهَا الْيَمَانِيِّ .. فَأَتَى قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ فَرَبَطَ بِهِ دَابَّتَهُ .. وَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ مِنْ بَابٍ فِيهِ تَمِيلُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ .. فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شَاءَ اللهُ ..) رواه البيهقي في دلائل النبوة ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): راجع تخريج هذه الروايات في الفصل الخامس والثلاثون  تحت عنوان (س94: ما هي الأحداث والمشاهد الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء من بداية ركوب البراق وحتي قبل الوصول لبيت المقدس ؟).

 

2- وفي (حديث ضعيف جدا) .. عن هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، حَمَلَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهَا يَنْتَهِي خُفُّهَا حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهَا .. فَلَمَّا بَلَغَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَبَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. أَتَى إِلَى الْحَجَرِ الَّذِي ثَمَّةَ (أي هناك) ، فَغَمَزَهُ (أي نَقَرَه) جِبْرِيلُ بِأُصْبُعِهِ فَثَقَبَهُ .. ثُمَّ رَبَطَهَا .. إلى آخر الرواية) قال ابن كثير قد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره .. ثم قال:هذا سياق فيه غرائب عجيبة .. وقال الشيخ الألباني: " آفته خالد بن يزيد فإنه ضعيف مع كونه فقيها وقد اتهمه ابن معين كما في "التقريب"" (راجع الاسراء والمعراج للألباني ص48).

 

#- ملحوظة:

- هذه الروايات غير صحيحة كأحاديث نبوية في تحديد مكان دخول النبي للمسجد الأقصا .. ولكن الصحابة كانوا يعلمون مكان الدخول ومنهم عمر بن الخطاب يوم فتح بيت المقدس .. وقد سبق وناقشنا ذلك .. راجع الفصل السادس والعشرون تحت عنوان: (س78: هل وجود المسجد الأقصى بفلسطين هو خرافة صنعها الأمويين سنة 72 هجرية على يد عبد الملك بن مروان لأغراض سياسية في حين أنه لم يكن له وجود أصلا في فلسطين وقت إسراء النبي ؟) – تحت البند (ثالثا: عمر بن الخطاب أول من عرف المسجد الأقصى بعلاماته التي أخبره بها النبي ) .

 

=======================

 #- ثالثا: مشاهد قيلت في قصة الإسراء عند وصول النبي لبيت المقدس .. (ربط البراق في الصخرة وقت الوصول لبيت المقدس)

 

#- من الروايات الضعيفة التي حوت مشاهد لم تصح عند علماء المسلمين في قصة الإسراء عند وصول النبي لبيت المقدس..

 

- مشهد: ربط البراق عند الوصول لبيت المقدس .

 

1- جاء في (حديث موضوع – أي مكذوب) .. عن أبي بكر محمد ابن أحمد الخطيب، حدثنا عمر ابن الفضل، حدثنا أبي حدثنا الوليد ابن حماد، حدثنا عبد الرحمن ابن محمد ابن منصور ابن ثابت، حدثنا أبي عن أبي طاهر أحمد ابن محمد، عن كعب الأحبار: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به .. أوقف البراق في الموقف الذي كان يقف فيه الأنبياء قبل .. قال: ثم دخل جبريل أمامه، فأذَّن جبريل .. ونزلت الملائكة من السماء، وحشر الله له المرسلين .. ثم أقام الصلاة .. وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالملائكة والمرسلين .. ثم تقدم فوضع له مرقاة من ذهب، ومرقاة من فضة .. وهو المعراج) رواه بن الجوزي في فضائل القدس ص119..، ورواه أبو المعالي المشرف بن المرجى في فضائل بيت المقدس ص160 .. وكلا الطريقين فيه رواه مجاهيل مثل (محمد بن أحمد بن الخطيب الواسطي) و (عمر بن الفضل بن المهاجر بن جعشم) و(أبيه) .. فضلا عن (الوليد بن حماد بن جابر الرملي) وهو ضعيف الحديث .. و (عبد الرحمن ابن محمد ابن منصور ابن ثابت ) لا وجود له ..، وجهالة (أبو الطاهر) الذي روى عن كعب الأحبار لم يقابل كعب ولم يراه أصلا بل وليس في تلامذته شخص بهذا الإسم ..!! وكعب الأحبار لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ..!! فالرواية كلها مكذوبة على كعب الأحبار .. قبل أن تكون منقطعة بين كعب والنبي .. والله أعلم .

 

2- (حديث ضعيف) .. عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ({سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] .. قَالَ: أُتِيَ بِفَرَسٍ فَحُمِلَ عَلَيْهِ .. قَالَ: كُلُّ خُطْوَةٍ مُنْتَهَى أَقْصَى بَصَرِهِ، فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ   ...

- (إلى أن قال في الرواية):

- ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَ فَرَبَطَ فَرَسَهُ إِلَى صَخْرَةٍ ..) رواه أبو جعفر الطبري في تفسيره وأبو حاتم وذكره الهيثمي في زوائد البزار .. (قلت حالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذه الرواية من قبل وأنها ضعيفة ولم تصح .. راجع الفصل الرابع والثلاثون .. تحت عنوان (س93: ما هي الأحداث الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء فقط من بداية القصة وحتى ركوب النبي للبراق ؟ ).

3- (حديث ضعيف جدا) .. عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، قال: أخبرنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري .. وجاء في الرواية: (- ثُمَّ أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ .. أوْ قالَ المَسْجِدَ الأقْصَى، فَنزلْتُ عَنِ الدَّابَّةِ .. فَأوْثقْتُها بالحَلْقَة التي كانَت الأنْبِياءُ تُوثِقُ بِها .. ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ) رواه الطبري في تفسيره.. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (هارون العبدي) وهو متروك الحديث والبعض اتهمه بالكذب .

 

#- وهذه الرواية ضعيفة .. ولكن جزئية ربط البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها .. تتفق تماما مع رواية صحيح مسلم .. ولكني ذكرتها لك لتعرف أن سند هذه الرواية لم يصح .. ولكن ليس أنها لا تصح فيكون كل شيء فيها غير صحيح .. لأنه كما قلنا أن الروايات الضعيفة فيها أجزاء موجودة في الأحاديث الصحيحة .. 

 

4- (حديث ضعيف ومتن منكر) .. روي عن ابن مسعود .. وفيه غرابة .. ومما جاء في الرواية: (انْدَفَعْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَنَزَلْتُ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ في الحلقة الَّتِي فِي بَابِ الْمَسْجِدِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْبِطُ بِهَا ..) رواه الحسن بن عرفه في جزءه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذا الحديث بالتفصيل في الفصل الخامس والثلانون تحت عنوان (س94: ما هي الأحداث الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء من بداية ركوب البراق وحتي قبل الوصول لبيت المقدس ؟).

 

5- وفي (حديث ضعيف) .. عن هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، حَمَلَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهَا يَنْتَهِي خُفُّهَا حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهَا .. فَلَمَّا بَلَغَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَبَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. أَتَى إِلَى الْحَجَرِ الَّذِي ثَمَّةَ (أي هناك) .. فَغَمَزَهُ (أي نَقَرَه) جِبْرِيلُ بِأُصْبُعِهِ فَثَقَبَهُ .. ثُمَّ رَبَطَهَا .. إلى آخر الرواية) قال ابن كثير قد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره .. ثم قال:هذا سياق فيه غرائب عجيبة .. وقال الشيخ الألباني: " آفته خالد بن يزيد فإنه ضعيف مع كونه فقيها وقد اتهمه ابن معين كما في "التقريب"" (راجع الاسراء والمعراج للألباني ص48).

 

6- (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف) .. عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ جُنَادَةَ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ .. قَالَ (أي أشار) جِبْرِيلُ بِإِصْبَعِهِ .. فَخَرَقَ بِهِ الحَجَرَ .. وَشَدَّ بِهِ البُرَاقَ) رواه الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .. وقد أشار لضعف الحديث الشيخ عبد القادر الأرنؤوط في تحقيق كتاب جامع الأصول عند الحديث رقم 8871 ..، وأشار الألباني إلى أن هذا الحديث صحيح الإسناد ..!!

 

#- وفي رواية بنفس الإسناد ولكن بلفظ: (لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي انْتَهَيْتُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ .. فَخَرَقَ جِبْرِيلُ الصَّخْرَةَ بإصبعه .. وشد بها البراق) رواه ابن حبان .. والذي يظهر من كلام الأرنؤوط في تخريج صحيح ابن حبان عند الحديث رقم 47 أنه يراه حسنا .. وكذلك الشيخ الألباني يعتبره صحيحا كما ذكر ذلك في الصحيحة حديث رقم 3487 ..

 

 #- قلت (خالد صاحب الرسالة):

أ- أن مسألة خرق جبريل بأصبعه في صخرة لربط البراق .. بالرغم من صحة السند عند الترمذي .. إلا أن هذا الحديث متنه مخالف لما جاء في الحديث الصحيح.

 

- إذا جاء فيه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ. يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ .. قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْت الْمَقْدِسِ ... قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِى يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ .. قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ........) صحيح مسلم.

 

- فتبين من الرواية الصحيحة .. أن الذي ربط البراق هو النبي وليس جبريل .. وقد ربطها في حلقة موجودة بالفعل آنذاك أو في محل مهيأ لربط الدواب كان يعرفه الأنبياء ..

 

ب- ومن ناحية أخرى يمكن النظر للروايات بصورة أخرى لو افترضنا صحة جميع الروايات .. فيمكن القول حينئذ:

- أن جبريل حينما أتى بالبراق بيت المقدس .. فخرق حجرا أو صخرة كانت تخفي ورائها أو خلفها هذه الحلقة التي يتم ربط البراق بها .. ثم جذب جبريل البراق وأتى به للنبي ليشده ويربطه إلى هذه الحلقة ..

- ولكن على هذا التصور .. فيجب أن يتم تأويل رواية الترمذي وغيره والتي أتت بلفظ (وَشَدَّ بِهِ البُرَاقَ) أي وشد النبي بها البراق .. وذلك باعتبار حذف لفظ النبي .. "وهذا تكلف في التأويل" إلا أنه يمكن أن يقال أن هذا التأويل يتفق مع رواية مسلم ..

 

#- ويمكن أن يقال أن لفظ (فربطته بالحلقة) في صحيح مسلم .. أصلها (فربطه بالحلقة) وحرف التاء زائد في لفظ (فربطته) فيكون وهما من بعض الرواة أو خطأ كتابي من الناسخ لصحيح مسلم .. ولكن أصله (فربطه) أي جبريل .. وهذا ما أميل إليه إذ أنه هو من كان يقود البراق ويسري به كالسايس لهذا البراق .. فمن الأوجه أن يكون هو المتولى شئون البراق كليا حتى في مسألة ربطه .. وفي نفس الوقت لا يوجد ما يعيب أن يقوم النبي بربط البراق بنفسه .. والله أعلم .

 

#- وخلاصة القول:

- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يربط البراق على سور المسجد ولا داخل المسجد .. ولا نعلم أين تحديدا قام بربط البراق .. إلا أنه كان خارج المسجد الأقصى .. وهذا أقصى علمنا في ذلك الموضوع .

 

************************

 ..:: س97: ما هي الإشكاليات التي يمكن أن تقال في مسألة ربط البراق بالحلقة حين وصول النبي لبيت المقدس ؟ ::..

 

#- من المسائل التي قد تصادفها وخاصة بمسألة ربط البراق بالحلقة عند وصول النبي لبيت المقدس .. هم أربعة مسائل .. أحببت أن أذكرها لكم .. حتى لا تكون شبهة ينشرها أصحاب الشبهات فيما بعد .. وهي مسائل تتعلق بالحلقة التي تم ربط البراق بها ..

 

#- وعموما هذه هي الأربعة مسائل ..

#- المسألة الأولى: كيف كانت هذه الحلقة موجودة ويربط بها الأنبياء البراق من قبله ومع ذلك لم ينتبه لها أحد من اليهود من  قبل في تاريخهم مع الأنبياء ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أنت لم تنتبه لجزئية مهمة .. وهي أن هذه الحلقة لم تكن ظاهرة .. فأظهرها جبريل عليه السلام .. وبهذا يتبين لك أن هذه الحلقة .. ما كان يراها أحد سوى الأنبياء ويكشفها لهم أحد الملائكة .. وبالتالي فلا اليهود ولا غيرهم يمكن أن يراها .. فضلا أن أن الله قادر على أن يخفيها فلا يراها أحد إلا في وقتها ..

 

- ومن ناحية أخرى .. البراق تم ربطه خارج المسجد ..، بدلالة قول الإمام مسلم (فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِى يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ .. قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ) .. فإذن كان البراق مربوط خارج المسجد .. ولكن لا نعلم في أي مكان على وجه التحديد ..

 

#- ولعلك تظن أن البراق تم ربطه بسور المسجد .. ولعل هذا الظن ظهر عندك لسببين:

أ- الأول: قد أتى في رواية عن ابن مسعود قد جاء فيها: (فَنَزَلْتُ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ في الحلقة الَّتِي فِي بَابِ الْمَسْجِدِ) وهي رواية ضعيفة وفيها غرائب .. رواها الحسن بن عرفه في جزءه .. وقد سبق تخريج هذا الحديث بالتفصيل في الفصل الخامس والثلانون تحت عنوان (س94: ما هي الأحداث الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء من بداية ركوب البراق وحتي قبل الوصول لبيت المقدس ؟).

 

ب- الثاني: وقد يكون سبب الخلط عليك هو لأنك ترى صور على الإنترنت أو في بعض الكتب .. صورة لحلقة معدنية مربوطة عند سور المسجد الأقصى ومكتوب بجوارها أن هذه الحلقة التي تم ربط فيها البراق .. ولكن هذا كلام غير صحيح .. فلا أحد يعلم بمكان هذه الحلقة .. ولم يأت ذكر لمعرفة مكانها .. وإلا ما كان جبريل أظهرها للنبي وكشفها له .. فهي حينئذ مستورة عن الأعين .. بل ولعل جبريل نزعها من مكانها بعد الإنتهاء من رحلة المعراج وقبل العودة لمكة لانتهاء مهمتها التي كانت موجودة بسببها .. إذ لا براق بعد النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم .. لأنه لا نبي بعده .. فلا مهمة للبراق بعد ذلك وانتهت مهمته .

 

#- المسألة الثانية: كيف يقال في الرواية أنه تم ربط البراق في الحلقة التي يربط بها الأنبياء من قبله ولم يكن يوجد سور في زمن أغلب الأنبياء مثل آدم وإبراهيم وموسى وغيرهم .. ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

أ- ومن قال لك أخي الحبيب: أن الحلقة التي كان يربط بها الأنبياء موجودة على سور إذا كان الصحابة أنفسهم لا يعرفون أين مكان هذه الحلقة ؟!! فضلا عن أن تحديد مكان الحلقة التي تم البراق بها مجهول مكانها ولم يذكر في الروايات أين هي ؟!!

- ولا يمكن أن يكون تم ربط البراق على سور المسجد الأقصى .. بل مستحيل .. لأن الرواية الصحيحة قالت: أنه تم ربط البراق في المكان الذي يربط به الأنبياء .. ولم تحدد لنا الرواية أين هذا المكان تحديدا ..!!

- فضلا عن أنه في زمن آدم وإبراهيم وموسى .. لم يكن يوجد سور أصلا للمسجد الأقصى ..!!

- إذن فمكان ربط دواب الأنبياء هو مكان غير معلوم المكان .. وحين وصول النبي لبيت المقدس فالذي أظهر مكان ربط البراق هو جبريل عليه السلام .. فانتبه .

 

ب- أما عن مسألة سور المسجد الأقصى .. وبالرغم من أن ربط البراق فيه هو كلام غير صحيح لأنه لا دليل عليه إلا رواية ضعيفة جدا ولا قيمة لها .. إلا أنني أحب أن اوضح لك أمر مهم وهو أنه قد تم بناء سور للمسجد الأقصى في عهد الدولة الرومانية بعد رفع المسيح سنة 135 من الميلاد .. ليعزلوه عن مدينة القدس .. فقد جاء في كتاب المدخل لدراسة المسجد الأقصى: "سور المسجد الذي كان الرومان قد بنوه ليفصلوا المسجد عن المدينة عندما بنوا مدينة إيليا كابيتولينا عام 135م" . (من كتاب المدخل إلى دراسة المسجد الأقصى المُبارك – الدكتور عبد الله معروف عمر – ص86).

 

#- وهذا السور .. كان موجود وقت إسراء النبي .. ولكن لم يربط فيه البراق بكل تأكيد .. لأن الرواية قالت أنه تم ربط البراق في حلقة كان يربط بها الأنبياء وهي خارج حدود المسجد .. وبكل تأكيد هذه الحلقة لم تكن على سور المسجد .. لأن هذا السور الأخير بناءه تم بناؤه بعد رفع عيسى للسماء بأكثر من مائة سنة كما سبق وأوضحنا .. فلا يمكن أن تكون الحلقة على هذا السور وإنما في مكان آخر كان يعلمه جبريل وحده ..، وظل هذا السور مستمرا إلى زمن فتح المسلمين بيت المقدس في عهد عمر ابن الخطاب .. ولكن تم تطوير المسجد الأقصى والبناء عليه وتوسيع حجم السور في زمن الخليفة عبد الملك بن مروان .

 

#- المسألة الثالثة: هل البراق كان سيهرب أو سيخطفه أحد لو لم يكن ربطه النبي ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هذا سؤال تم الإجابة عليه مسبقا وكان في سياق الإجابة على سؤال آخر .. وقلنا أن التوكل على الله لا ينافي الأخذ بالأسباب .. وإلا فلنترك اموالنا ونقول أنها لا يسرقها احد لأنها مال حلال .. وهذا كلام لا يعقل قوله ..

 

- ويمكنك مراجعة الفصل التاسع عشر تحت عنوان (س60: لماذا ربط النبي البراق في حلقة ببيت المقدس حينما وصل للمسجد الأقصى ؟).

 

#- المسألة الرابعة: لو كان البراق مربوطا عند المسجد الأقصا فلماذا لم يراه أحد ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هذا سؤال تم الإجابة عليه مسبقا وكان في سياق الإجابة على سؤال آخر .. وقلنا كيف يراه أحد والدنيا مظلمة وعتمة تماما .. ولا يوجد حول المسجد الأقصا حينئذ أي حياة محيطة به لكونه مكان مهجورا آنذاك .. فضلا عن أن هذه خصوصية نبوية لها حجاب الستر حتى يكون الإيمان بالغيب وليس بالمعاينة .. فلا يمنع أن البراق كان عليه حجاب الستر فلا يراه أحد ..

- وقد سبق الكلام عن ذلك .. راجع الفصل الحادي والثلاثون تحت عنوان (س87: هل كان إسراء النبي للمسجد الأقصى ومقابلته للأنبياء هناك كان من خلال طريق برزخي غيبي أو عالم موازي لنا ؟) .

#- أخي الحبيب:

- نتوقف هنا عند هذا القدر من الروايات .. ونكمل في الفصل القادم إن شاء الله ما حدث داخل المسجد الأقصى مما ذكرته بعض الروايات الضعيفة ..

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .