ج39: قصة الإسراء والمعراج - ملخص رحلة الإسراء من مكة إلى بيت المقدس - إشكالية رؤية موسى وعيسى وإبراهيم يصلون - وإشكالية صلاة النبي بالأنبياء.

               بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل التاسع والثلاثون)

#- فهرس:

:: الفصل التاسع والثلاثون :: عن مسألة ختامية عن مقابلة الأنبياء والصلاة بهم  ومخلص رحلة الإسراء من مكة وحتى بيت المقدس وقبل بداية المعراج ::

1- س99: كيف نفهم حديث أبي هريرة الذي جاء فيه (فحانت الصلاة فأممتهم) طالما لم يقابل النبي الأنبياء وقت وصوله بيت المقدس ولم يصل بهم ؟

2- س100: ما هو ملخص رحلة الإسراء من مكة إلى بيت المقدس وقبل المعراج ؟

#- رؤيتي الخاصة (خالد صاحب الرسالة) لرحلة الإسراء كيف كانت ..

******************

:: الفصل التاسع والثلاثون ::

*******************

..:: س99: كيف نفهم حديث أبي هريرة الذي جاء فيه (فحانت الصلاة فأممتهم) طالما لم يقابل النبي الأنبياء وقت وصوله بيت المقدس ولم يصل بهم ؟ ::..

 

- قد يخطر ببالك سؤال مهم بعد قرائتك الفصل السابق للأحاديث الضعيفة فتقول: إذا كان لم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقابل الأنبياء وقت وصوله بيت المقدس ولم يصل بهم في المسجد الأقصا عند وصوله بيت المقدس وقبل المعراج للسماء .. فكيف نفهم الحديث التالي:

 

- إذ جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِى عَنْ مَسْرَاىَ، فَسَأَلَتْنِى عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبتْهَا (أي لم أكن منتبها لها وقت زيارتي) .. فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ (أي أصابني كرب أي ضيق لعجزي عن تذكر ما طلبوه مني)". قَالَ: فَرَفَعَهُ اللهُ لِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ .. مَا يَسْأَلُونِى عَنْ شَىءِ إِلَّا أَنْبَأتُهُمْ بِهِ ..

- وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ .. فَإِذَا مُوسَى قَائمٌ يُصَلى .. فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ شَنُوءَةَ .. وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهاً عُرْوَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِىُّ .. وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِى نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ .. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ .. قَالَ قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلَامِ) صحيح مسلم.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: حديث الإمام مسلم الذي جاء فيه (حانت الصلاة فأممتهم) .. هذا الحديث على وجه الخصوص له بحث خاص في فصل خاص في ختام رسالة الإسراء والمعراج إن شاء الله .. وسيكون تحت عنوان (هل صلى النبي بالأنبياء في بيت المقدس ليلة الإسراء سواء قبل المعراج أو حتى بعد المعراج ؟) .

 

#- خاصة وأن رواية مسلم حسب بحثي هي الوحيدة التي وجدتها صحيحة .. وقد ذكرت رؤية النبي للأنبياء يصلون ثم صلاته بالأنبياء .. وهي من الروايات التي تسببت في حدوث إشكالية عند العلماء .. ومن ذلك:

1- كانت سبب في خلاف بين العلماء .. لأنه طرا سؤال بسبب تلك الرواية وهو: هل صلى النبي بالأنبياء في بيت المقدس أم لم يصلي ..؟!!

- لأن في قصة الإسراء والمعراج الكاملة عند الإمام مسلم .. وهي المذكورة عن ثابت البناني عن أنس ابن مالك لم يذكر فيها إلا أنه صلى ركعتين فقط ثم عرج للسماء مع جبريل .. ولم يذكر أي رؤية للأنبياء ولا صلاة مع الأنبياء ..!!

 

2- وإشكالية أخرى هي .. أنه لو قيل أنه صلى بالأنبياء في الأرض .. فهذا لا يمكن إلا أن يكون في إسراء منفرد دون المعراج .. لأنه لا يعقل أن يكون صلى بهم في الأرض وتعرف عليهم .. ثم صعد للسماء وسأل عنهم وقال لجبريل من هؤلاء يا جبريل ؟!!

 

#- ثانيا: أما عن كيفية فهم حديث مسلم الذي جاء فيه رؤية الأنبياء يصلون وصلى بهم النبي .. فإليك بيان ذلك:

1- محتمل أن تفهم هذا الحديث على أنه كان قبل المعراج في إسراء منفرد .. إذ لا يمكن إلا أن تقول أنه كان في إسراء خاص .. وكان بعد المعراج .. لأنك لو قلت أن هذه الرؤيا للأنبياء والصلاة بهم كانت قبل صعوده للمعراج .. فهذا شيء لا يعقل .. لأنه طالما تعرف عليهم في الأرض ورآهم وهم يصلون بل وصلى بهم .. فلماذا سأل عنهم حينما صعد للسماء ؟!!

 

#- ولكن يقال اعتراضا على هذا الرأي: أنه لو كان إسراء منفرد بخلاف ليلة الإسراء والمعراج .. فلا يمكن أن يكون ظهر مناقشته مع الكفار .. لأن المناقشة مع الكفار إنما حدثت مع ليلة الإسراء والمعارج المخصوصة.

 

#- إلا لو قيل أن جزئية (وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ) منفصلة عن جزئها الأول .. الذي هو (لَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى الْحِجْرِ) .. وهذا ما أظنه .. أن هذه الرواية مركبة من روايتين .. وليست واحدة .. وحينئذ يمكن أن يقال أن جزئية (وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ) حدثت في إسراء منفرد وتم خلطها بليلة الإسراء والمعراج .. والله أعلم .

 

2- ومحتمل أن تقول أن هذه الرؤيا للأنبياء والصلاة بهم كانت لما نزل من السماء ونزلوا معه .. فجمعهم الله له ليستفتح بهم الصلاة التي أخذها عن رب العالمين .. فيكونوا أول من صلى بهم للدلالة على انتقال العبادات وتوحيدها إلى ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم .. فأقول أن هذا محتمل .

#- ولكن يقال اعتراضا على ذلك الرأي: أن ألفاظ الرواية لا تشير لذلك .. لأن الرواية تقول أن النبي رأى فلان يصلي وفلان يصلي حينما رآهم .. وهذا وصف يدل على أنه أتى في مكان ووجد هذا حال الأنبياء فيه .. وليس حال جماعة انتقلوا معه لمكان آخر ليصلوا معه فيه .. والله أعلم .

 

3- ومحتمل عندي (وأظن ذلك) .. لو قيل أن رواية مسلم تشير إلى أنه رآهم في السماء وتعرف عليهم في السماء وكان كل نبي في مقامه السماوي يصلي منفردا .. ولما كان ينتهي من صلاته فكان النبي يسأل من هذا يا جبريل .. فكان جبريل يعرفه به .. ثم صلى النبي بالأنبياء في السماء في البيت المعمور الذي تصلي فيه الملائكة ..

 

- وقد يقال اعتراضا على هذا الرأي: بأن الأنبياء لا تصلي في السماء ؟

- ولهذا جواب وهو: إذا كانت الملائكة وهي أرواح تصلي في السماء .. فما المانع أن يصلي عامة الأنبياء في السماء وهم أروح أيضا ماعدا عيسى وهو بجسده وروحه ؟!!

 

- ويكون قوله في رواية مسلم: (وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ ..) يقصد بها رأيتني في السماء في جماعة من الأنبياء ولم يصرح بلفظ السماء لأن الكفار كانوا سيعترضون حينئذ لأنهم لا يؤمنون بالملائكة ولا بوحي السماء .. فاكتفي بالتعريف بأنه رأى الأنبياء ..

 

#- ثالثا: ويؤكد لك أن توصيف هيئة الأنبياء إنما تم من خلال رؤيتهم في السماء وليس في الأرض .. هو ما جاء في الرواية التالية ..

1- ما جاء عن ابن عباس في (حديث صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَجُلٌ آدَمُ (أي أسمر) طُوَالٌ (أي طويلا) جَعْدٌ (أي شعره ليس منبسطا فيه تجعيد) .. كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ (أي شبيه لرجال قبيلة من اليمن يغلب عليها الطول وسمرة البشرة) ..، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ الْخَلْقِ (أي معتدل القوام مائلا) إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ .. سَبْطَ الرَّأْسِ (أي منبسط شعر الرأس) .. وَأُرِيَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ .. وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللهُ إِيَّاهُ) صحيح مسلم.

 

- وفي ألفاظ رواية البخاري .. اختلفت في لفظين: ("لَيْلَةَ أُسْرِيَ...." .. ثم في آخر الرواية .. "وَرَأَيْتُ مَالِكًا ..." ...) صحيح البخاري.

 

- وهذا المرور على الأنبياء .. لا يصح عقلا إلا أن يكون في السماء وهو الظاهر من الروايات .. وبالتالي رؤيتهم وتوصيفهم كان بناء على ما رآه منهم في السماء .. وليس في الأرض .. بل وصاحب ذلك رؤية مالك خازن النار وهذا يتفق أكثر أنه كان في السماء .. والله أعلم .

 

2- بل توجد رواية عند الإمام أحمد .. من طريق (عمر بن أبي سلمة) عن أبيه وهو (أبي سلمة) عن أبي هريرة .. وجاء فيها عن النبي أنه قال: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي وَضَعْتُ قَدَمَيَّ حَيْثُ تُوضَعُ أَقْدَامُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ .. فَعُرِضَ عَلَيَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. قَالَ: فَإِذَا أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعُرِضَ عَلَيَّ مُوسَى، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ إِبْرَاهِيمُ. قَالَ: فَإِذَا أَقْرَبُ النَّاسِ شَبَهًا بِصَاحِبِكُمْ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عمر بن أبي سلمة حسن الحديث إذا توبع، وقد تابعه عبد الله بن الفضل الهاشمي عند مسلم وغيره .

 

- لو انتبهت للرواية: ستجد فيها ما يدل على ما ذهب إليه ظني وهو أنه قابلهم في السماء .. ليه ؟

 

 أ- لأن قوله (وضعت قدمي حيث توضع أقدام الأنبياء) دليل على بداية المعراج الذي كان يعرج منه الأنبياء .. وأنه كان من نقطة معينة ..، ثم قوله (فَعُرِضَ عَلَيَّ) موسى وعيسى وإبراهيم .. فهذا العرض لم يتم إلا في السماء وليس في الأرض .. لأنه كان يتم عرضهم على النبي في معراجه وكان النبي يسأل عنهم .. إذ أن السماء كلها كانت معروضة على النبي بمن فيها.

- ورواية مسلم تؤكد ذلك (مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي ...) وقد ذ      كرتها منذ قليل .

 

ب- بل والذي يؤكد لك ظني أكثر وأكثر .. هو أن رواية (عمر بن أبي سلمة)  ذكرت أنه تم عرض عيسى ثم موسى ثم إبراهيم على النبي .. وهو نفس الترتيب الذي رآه النبي للأنبياء في السماء إذ رأى عيسى في السماء الرابعة وموسى في السادسة وإبراهيم في السابعة .. والله أعلم . 

 

ج- والتعرف على مالك خازن النار كان في السماء .. لأن النبي قد دخل الجنة والنار ورأى فيهما مشاهد .. وبالتالي رأى مالك خازن النار بلا أدنى شك ..

 

- وطالما قابل مالك خازن النار في السماء .. وأكيد ألقى السلام على النبي .. فما المانع أن يكون رواية صحيح مسلم السابقة عن رؤية الأنبياء بأوصافهم هي حكاية عما رآه في السماء .. والصلاة أيضا كانت في السماء .. ؟!!

 

- فأظن بناء على ما سبق .. أن الصلاة بالأنبياء كانت في السماء .. وتوصيفهم إنما أتى من رؤيتهم في السماء وليس في الأرض .. والله أعلم ..

- ولست أول من قال بهذا الظن وإنما قاله بعض العلماء من قبل منهم أن القاضي عياض أشار إليه واختاره الإمام محمد بن خليفة الأبي .. وقد سبق وذكرت أقوالهم .. في الفصل الثلاثون تحت عنوان: (س86: هل صلاة النبي ليلة الإسراء بالأنبياء كانت قبل المعراج أم بعد نزوله من المعراج أم في السماء ؟).

 

#- أما عن مسألة مقابلة الأنبياء في بيت المقدس وصلاته بهم .. فأظن لا يوجد دليل قوي واضح وظاهر من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد ذلك بصورة قطعية .. والروايات التي محتمل أن تقول بذلك لا يمكن قبولها أنها قيلت ليلة الإسراء والمعراج .. لأنه كيف يعرفهم في الأرض ولا يعرفهم في السماء ؟!!

- ولا مانع أن يقال مقابلة الأنبياء والرسل في المسجد الأقصى .. ولكن في إسراء آخر .. وهذا غير ممتنع وما ذلك على الله بعزيز ..

 

#- وخلاصة القول:

1- أن رواية الإمام مسلم التي جاء فيها أن النبي قد صلى بالأنبياء ليلة الإسراء .. هي رواية محتملة لعدة آراء وفيها إشكالية .. ولا يمكن قبولها بسهولة .. إلا لو افترضنا أن هذا كان إسراء منفردا .. وكان بعد المعراج .. وفي وقت آخر .. وافترضنا أن هذه الرواية هما حديثين مجتمعين في رواية واحدة يتكلمان على إسرائين مختلفين .. وحدث خلط من أحد الرواة ..، أو يقال يمكن قبول الرواية لو افترضنا أن صلاته بالأنبياء ورؤيتهم يصلون أنها كانت بالسماء ..

- والله أعلم.

 

#- ملحوظة هامة: تم مناقشة مسألة صلاة النبي بالأنبياء في فصول مختلفة بصورة مختلفة .. وذلك في الفصل الثالث والعشرون .. وفي الفصل الثلاثون .. فارجع لهذين الفصلين لو أردت .. خاصة عند السؤال: (س86: هل صلاة النبي ليلة الإسراء بالأنبياء كانت قبل المعراج أم بعد نزوله من المعراج أم في السماء ؟).

 

*************************

 

..:: س100: ما هو ملخص رحلة الإسراء من مكة إلى بيت المقدس وقبل المعراج ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بعد كل ما تكلمنا عنه خلال مائة سؤال .. كيف أرى (خالد صاحب الرسالة) رحلة الإسراء حتى الوصول لبيت المقدس ؟

 

#- أولا: الذي أحسبه وأظنه وقد بلغنا بخبر صحيح .. هو ما جاء في بعض الروايات التي سبق ذكرها في أول الرسالة .. وأذكر لك حديثين فقط منهما للتذكره ..

#- (حديث صحيح) ..  عن قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ: " بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ، - وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الحِجْرِ – مُضْطَجِعًا .. إِذْ أَتَانِي آتٍ .. فَقَدَّ (أي فشقَّ)..، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ (التابعي الذي يروي عن أنس): وَهُوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي بِهِ ؟ قَالَ: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ - فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ البَغْلِ، وَفَوْقَ الحِمَارِ - أَبْيَضَ، - فَقَالَ لَهُ الجَارُودُ (التابعي الذي يروي عن أنس): هُوَ البُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ (وهي كُنية أنس بن مالك) ؟ قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ - يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ .. فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ .. فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ .. فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ ....) صحيح البخاري.

 

#- (حديث صحيح) .. عن ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ. يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ " قَالَ: " فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْت الْمَقْدِسِ ".

- قَالَ: " فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِى يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ ".

- قَالَ: " ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ .. ثُمَّ خَرَجْتُ، فَجَاءَنِى جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ .. فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ ..

- فَقَالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْتَرْتَ الْفَطْرَةَ.

- ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ ..

إلى آخر الرواية التي جمعت معها حديث المعراج كاملا) صحيح مسلم.

 

- واكتفي بهذين الحديثين .. وللمزيد من الروايات فارجع للفصل العاشر تحت عنوان (س31: من أين بدأت رحلة الإسراء والمعراج حسب القرآن ونصوص الحديث ؟) .

 

#- ثانيا: ملخص ما سبق في الرسالة وصح من قصة الإسراء:

أ- أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الخروج لساحة المسجد الحرام عند الكعبة أو الحطيم .. ثم طلب منه أن يضطجع على ظهره .. فأحدث له شق الصدر وغسل باطنه الشريف بماء ممزوج بنور ملائكي حتى يكون مؤهلا لرحلة الإسراء والمعراج التي ستحدث معه .

 

ب- ثم ركبا البراق وانطلقا به في رحلة لم تستغرق إلا وقت قليل .. حتى وصلا لبيت المقدس .. ونزل النبي من على البراق وأظهر جبريل الحلقة التي يتم فيها ربط دواب الأنبياء حتى أظهرها وكشف للنبي عنها .. ثم شد فيها النبي البراق ليربطه .. وكان ذلك خارج المسجد الأقصى.

 

ج- ثم دخل النبي وجبريل للمسجد الأقصى من أحد أبوابه .. وصلى النبي بالداخل ركعتين بجوار ما يسمى بمحراب داود .. ثم لما انتهى من صلاته قدم إليه جبريل ضيافة من الشراب فشرب اللبن .. ثم أخذ جبريل النبي من يده وضمه وصعد به للسماء .. وبدأت قصة المعراج ..

- والله أعلم .

 

#- ثالثا: ملاحظات على ما سبق:

1- لم أذكر أنه قد يكون شاهد موسى يصلي في قبره في وقت الذهاب لبيت المقدس .. لأنه محتمل انه يكون حدث ذلك وقت رجوعه من المعراج ..

- إذ أن الروايات الصحيحة الجامعة للإسراء والمعراج .. لم تقل أنه رأي شيئا في وقت ذهابه لبيت المقدس .. والله أعلم .

 

2- وأظن أيضا رؤية الدجال أيضا كانت وقت عودته من المعراج .. أو في السماء عند رجوعه من المعراج .. أو أثناء رجوعه لمكة .. وإن كان يغلب على ظني أكثر أن رؤية الدجال لم تكن ليلة الإسراء .. وإن كان ظهر ذلك من بعض الروايات .. ولكن هذه الروايات تحتاج لتحقيق متنها .. بالرغم من كون بعضها في البخاري ومسلم .. إلا أن من قال بمعلومة رؤية الدجال ليلة الإسراء هو ما جاء عن ابن عباس فقط .. ولذلك سأجعل لهذا تفصيل سأذكره إن شاء الله في فصل منفرد تحت عنوان (هل النبي رأى الدجال ليلة الإسراء ؟) .. وسيكون في الأسئلة الختامية لهذه الرسالة التي لها أبحاث خاصة في فصول خاصة بإذن الله ..

 

3- وأظن أن ضيافة اللبن إنما كانت في السماء والأرض .. ومحتمل أن تكون في السماء فقط .. والله أعلم .. راجع الفصل الثالث والثلاثون تحت عنوان: (س90: هل شرب النبي ضيافة اللبن من جبريل في ليلة الإسراء والمعراج في المسجد الأقصا أم بعد السماء السابعة أم بعد النزول من السماء ؟).

 

4- الذي يتبين لي من أن البخاري لم يذكر في صحيحه أي تفاصيل خاصة بالإسراء من أول ركوب البراق إلى بيت المقدس .. لأنه لم يثبت عنده أي تفاصيل قيلت بطريق صحيح .. ولذلك اكتفى بالإشارة فقط في بعض الروايات أن بداية الإسراء حدث قصة شق الصدر وركوب البراق ثم انتقل مباشرة للمعراج .. لأنه لم يكن يوجد تفاصيل تستحق أن يتم ذكرها إذ لم تثبت له بطريق صحيح .. بل وبعض الروايات الأخرى عن مواصفات الأنبياء الذين رآهم النبي فقد اكتفى بذكرها في أحاديث خاصة كما بلغته ..

- وهذا يظهر مدى دقة البخاري في اختيار الأحاديث وقوة المشايخ الذين روى عنهم .. فلم يكن رحمه الله مجرد شخص يكتب أحاديث .. وإنما فقيه وله بصيرة تميز بها عن غيره في تمييز المقبول والغير مقبول .. والله أعلم .  

 

#- وبهذا يكون ختام الجزء الأول من رسالة الإسراء والمعراج .. والذي استغرق تقريبا ثلاثة أشهر .. وقد تكلمنا في هذا الجزء عن كل ما يتعلق بالإسراء من بداية نزول جبريل عليه السلام إلى النبي وطلبه للخروج عند الكعبة .. ثم ركوب البراق ثم الوصول لبيت المقدس .. وذكرنا كل ما أثير من شبهات ومسائل حول هذه الرحلة من بدايتها وحتى الوصول لبيت المقدس ..

- وتبقى لنا إن شاء الله الجزء الثاني من الرسالة وهو الكلام على المعراج من بيت المقدس إلى السماوات .. وما يحمله من مسائل وشبهات .

- ثم الجزء الثالث من الرسالة وهو العودة من السماوات إلى مكة ومواجهة كفار قريش .. وما يحمله من مسائل وشبهات ..

 

- ونبدأ بإذن الله من الفصل القادم .. رحلة المعراج بما يفتح الله به من فضله .. ويوفقني إليه .. والله ولي التوفيق ..

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .