ج40: قصة الإسراء والمعراج - هل يوجد دليل من القرآن يشير لحادثة المعراج ؟

                بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل الأربعون :: عن رحلة المعراج – والدليل من القرآن عن المعراج ::

1- س101: هل يوجد دليل من القرآن يشير لحادثة المعراج ؟

#- قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء:1.

#- قوله تعالى: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) الدخان:43-46.

#- قوله تعالى:  (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:7-18. 

#- قوله تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) الإنشقاق:19.

******************

:: الفصل الأربعون ::

*******************

 

..:: س101: هل يوجد دليل من القرآن يشير لحادثة المعراج ؟  ::..

 

#- من الطبيعي بعد الإنتهاء من ذكر حادثة الإسراء .. هو الإنتقال للكلام على أحداث رحلة المعراج .. ومن ذلك أن نذكر الأدلة التي تشير إلى ذلك .. ونبدأ بالأدلة القرآنية .. ثم الأدلة الحديثية ..

 

#- الأدلة من القرآن الكريم على المعراج ..

 - أولا: قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء:1.

 

1- والآن قد تقول: ما علاقة هذه الآية بالمعراج ؟

- تأمل معي بهدوء ما سأذكره لك .. وهو من اجتهادي ورأيي الخاص .. فتأمل معي ما أريدك أن تستوعبه من خلال السؤال التالي:

أ- لماذا تم كتابة لفظ (الأقصا) بالألف الممدودة ولم يتم كتابتها بالألف المقصورة هكذا (الأقصى) وذلك وفق الرسم اللغوي ؟!!

- الذي أراه – والله أعلم – أنه قد يكون حرف الألف الممدودة إشارة إلى أن إسراء النبي لن يتوقف فقط عند المسجد الأقصى الأرضي ليريه من آياته الأرضية فقط .. وإنما سيرتقي به الله إلى المسجد الأقصا السماوي وهو أقصى مسجد في السموات وهو البيت المعمور وذلك ليريه من آياته الكبرى السماوية أيضا .. ثم بعده انتقل إلى حيث لا حيث ولا جهة ولا مكان .

 

- فيكون رسم لفظ (الأقصا) في حد ذاته .. هو لفظ قد جمع الإسراء والمعراج في لفظ واحد .. وهذا من عجيب جمال وإعجاز القرآني .. أن يتم الرسم بالألف للدلالة على البعد الأرضي والعلو السماوي .

 

- ويوجد إشارة أخرى في رسم لفظ الأقصا بالألف الممدودة .. وأذكرها إن شاء الله في سؤال منفرد إن شاء الله .

 

ب- بناء على ما سبق .. يكن لفظ (أسرى) المقصود منه أن الله ذكره باعتبار أصل بداية الرحلة .. ولفظ (الأقصا) باعتبار ختام الرحلة الذي كان في المسجد الأقصا السماوي .. ولو كان المقصود به المسجد الأقصا هو الأرضي الذي بفلسطين فقط .. لكان تم كتابته في القرآن (الأقصى) وليس (الأقصا) ..

 

ج- ولما كان لفظ (الأقصى أو الأقصا) يحمل معنى (الأبعد) .. فكانت الرحلة حينئذ هي لأقصى مسجد في الأرض آنذاك .. وأقصا مسجد في السماء ينتهي إليه حدود عبادة الملائكة.  

- وكأن الله أراد أن يقول لنا .. تنزه الخالق عن كل نقص وعيب الذي له كمال القدرة .. إذ أسرى بنبيه من المسجد الحرام بمكة حتى بلغ المسجد الأقصا الأرضي والسماوي لتشريفه وتكريمة برؤية آياتنا الكبرى .. إن الله هو السميع البصير المتجلي على نبيه بهذين الإسمين ليكتسب من نورهما ما يؤهله لسماع عالم الأرواح ورؤيتهم ثم الوصول لمقام الخصوصية فيسمع ما سأوحي به إليه .. ويرى من بديع تجلياتي عليه ..

- وبتفسير آخر لآخر آية الإسراء (هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ): إن محمد صلى الله عليه وسلم هو السميع بربه والبصير بربه .. لأن الحق تجلى عليه فكان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به .. (وقد سبق شرح تلك الآيات وتفاسير العلماء فيها – راجع الفصل التاسع تحت عنوان: (س29: هل السميع البصير هو الله أم النبي في قوله تعالى (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ؟).

 

د- قوله (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) .. لم يحدد لنا الله أين كانت هذه الآيات .. في الأرض أم السماء .. فالأولى أن يقال أنها تشمل الآيات الأرضية والعلوية .. إذ أن الحكمة من هذا الإسراء هو أن يريه الله من بديع آياته .. والآيات إنما كانت في الأرض وفي السماء .. ففي الأرض حدث له من شق الصدر ورؤية البراق وانتقاله لبيت المقدس في أقل فترة زمنية كدقائق .. فهذه مشاهد رآها النبي .. وهي من آيات الله العجيبة .. إلا أن الآيات العلوية هي الآيات الكبرى .. والتي كان منها رؤية الأنبياء والملائكة في السماوات حتى بلغ السماء السابعة التي عندها البيت المعمور وهو أقصا مسجد في السماء .. ثم الوصول لمقام الخصوصية حيث أوحى الله إليه ما أوحاه ..

 

#- وأكيد رب العالمين .. لم يشق صدر النبي ويغسله جبريل بقبضته النورانية ويرسل النبي للمسجد الأقصا الأرضي بفلسطين للسياحة الدينية وليريه بعض الآثار هناك ثم يعود به لمكة ..!! وإنما بالتأكيد لمهمة أخرى وهي أن من هذا المكان يوجد معراج للسماء .. وفيه رؤية الآيات الكبرى . 

 

هـ- وقال تعالى: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا): ولم يقل تعالى "آياتنا الكبرى" لأنه أراد أن تستوعب كلمة (آياتنا) كل الآيات الأرضية والسماوية .. ولو كان قال: "لنريه من آياتنا الكبرى" لكنا فهمنا أن المقصد بها هو الآيات السماوية فقط .. ولكنه جل شأنه قال (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) لتستوعب كلمة (آيَاتِنَا) كل ما هو أرضي وسماوي .. فنعلم أنه حدث له آيات أرضية وآيات سماوية وإنما الآيات الكبرى هي التي كانت فوق السماء السابعة ..

- هذا رأيي والله أعلم .

 

#- إذن خلاصة ما سبق:

- كلمة الإسراء في الآية .. هي باعتبار بداية الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام الأرضي مرورا بالمسجد الأقصا الأرضي .. وحتى المسجد الأقصا السماوي عند السماء السابعة .. وهو البيت المعمور الذي تصلي فيه عالم الأرواح النورانية وهم الملائكة السماوية.. وما بعده لرؤية الآيات الكبري ..

 

- وما سبق هو اجتهاد مني وما خطر ببالي وأميل إليه وأطمئن له .. والله أعلم.

 

2- بعد كتابتي لما سبق .. وجدت أحد العلماء رحمه الله .. كان أشار أيضا إلى أن آية الإسراء على أنها تدل على المعراج أيضا .. ولكن بطريقة أخرى خلاف ما ذكرته سابقا .. وأذكر لكم كلامه ..

 

#- قال الإمام عبد الله سراج الدين الحسيني رحمه الله (المتوفى:2002 م):

أ- قوله (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا): أي عجائب قدرتنا وآياتنا الخاصة .. وليست تلك العجائب محصورة في جبال بيت المقدس وصخرة بيت المقدس .. إذ يراها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وغيره.

- ولقد بين الله تعالى تلك الآيات في سورة النجم: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:18 ..، وأين كانت تلك الآيات ؟

- قال تعالى: (عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى . إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) النجم 14-15 .

- فهذه الآية: (سبحان الذي أسرى بعبده) .. تدل على أن الإسراء ثابت بالقرآن والمعراج كذلك ثابت بالقرآن ..

- فقوله سبحانه: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) تفسيره: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) .. وأين كانت رؤية تلك الآيات الكبرى ؟

- قال تعالى: (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) وجنة المأوى وهي فوق السماء السابعة .. فهذا يدل على أن المعراج كان عقب الإسراء وأن ليلة الإسراء هي ليلة المعراج وأن كليهما ثابت بالقرآن الكريم.

 

- وقد افتتح سبحانه السورة التي ذكر فيها آيات المعراج بقوله: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى . مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) .. فلقد أقسم تعالى بالنجم إذا هوى .. ولم يقسم بغير ذلك من الآيات الكبرى .. ليتعقل الإنسان ويتفكر ويتدبر مناسبة الآيات مع بعضها .. وذلك ليبين الله تعالى أن الذي قدر على تسيير النجم .. "والمراد جنس النجوم السيارة" .. بالسرعة الزائدة مع ضخامة جسمها وعدم تفتتها .. قادر على أن يسرى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم .. وبقطع به هذه الأجواء إلى أن انتهى به إلى سدرة المنتهى فما فوقها مع المحافظة على جسمه الشريف من التفتت وغير ذلك . (محاضرات في الإسراء والمعراج ص20-21).

 

ب- فقوله جل وعلا: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) يعني: الآيات الجامعة المتنوعة التي هي في عالم السماوات وعالم السدرة وعالم الجنة والعوالم العلوية الأخرى . (محاضرات في الإسراء والمعراج ص24).

 

ج- قوله (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا): وليست هي الأحجار والجبال والوديان والجدران .. بل هي الآيات الكبرى التي لا يستطيع أحد أن يراها بقوة بصره أو يسمعها بقوة سمعه .. بل إن الله هو السميع البصير .. سمَّع سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وأراه من تلك الآيات ما شاء له سبحانه .. فالأمر بقوة من الله تعالى.

- ومن هذا ما قاله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ) "صحيح البخاري ومسلم" .. أي أسمع فهم واطلاع ودراية وتلذذ. (محاضرات في الإسراء والمعراج ص57-58).

 

#- ثانيا: من الآيات التي تدل على المعراج قوله تعالى: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) الدخان:43-46.

 

- وقد تسأل فتقول: ما علاقة هذه الآيات بمعراج النبي صلى الله عليه وسلم ؟

- أقول لك: أن شجرة الزقوم من المشاهد التي رآها النبي في ليلة المعراج ..

1- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ .. ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبِعِيرِهِمْ .. قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ: نَحْنُ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا .. فَارْتَدُّوا كُفَّارًا .. فَضَرَبَ اللَّهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ ..

- قَالَ: وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ .. هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا تَزَقَّمُوا (أي املئوا به أفواهكم وبطونكم)) رواه رواه أبو يعلى في مسنده والطبري في تهذيب الآثار وأحمد والحارث في مسندهما .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح ..

 

- فلو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم .. قد حكى شيئا من المعراج وخاصة شجرة الزقوم التي رآها في النار .. ما كان أبو جهل أنكر على النبي ذلك وما كان قال له: (يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ) ..

 

- فرواية ابن عباس تثبت لنا .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر الكفار عن بعض أحداث النار وشجرة الزقوم التي رآها ليلة المعراج .. ولما تم الإستهزاء بكلام النبي فقد نزل قوله تعالى: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) الدخان:43-46.

 

- فدلت الآيات السابقة .. على أنها تأكيدا لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج وحذر منه الكفار .

 

2- جاء في (أثر صحيح) .. عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) الإسراء:60 ..، قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ .. قَالَ: (وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ) الإسراء:60 ..، قَالَ: هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) صحيح البخاري والطبري في تفسيره  ورواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

 

#- وفي روايه بلفظ: (هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ رَآهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر صحيح.

 

- إذن: هناك آيات نزلت تأكيدا لما حدث ليلة المعراج .. بما لا مجال للشك في ذلك ..

 

#- تنبيه مهم: سبق ومر في الرسالة معانا الكلام حول قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) الإسراء:60 .

 

- وكان مما ذكرناه من كلام العلماء:

أ- قال ابن الأنباري رحمه الله: المختار في هذه الرؤية أن تكون يقظة .. ولا فرق بين أن يقول القائل: رأيت فلاناً رؤية ورأيته رؤيا .. إِلا أن الرؤية يقلُّ استعمالها في المنام .. والرؤيا يكثر استعمالها في المنام .. ويجوز كل واحد منهما في المعنيين.

 

ب- وقال الإمام السيوطي رحمه الله: رؤيا المنام لا يفتتن بها أحد ولا يكذب.

 

- وللمزيد من تحقيق هذه الآية .. راجع الفصل الثالث عشر تحت عنوان (س34: ما هي الأدلة التي استند إليها من قالوا أن الإسراء والمعراج كانا رؤيا منامية ؟)..

 

#- ثالثا: من الآيات الدالة على المعراج في القرآن .. قوله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:1-18. 

 

#- والشاهد مما سبق .. هو قوله (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) وهو السماوات العلا ..، وقوله (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) وهو ما كان حدث بعد السماء السابعة ..

- وهذا لا يكون إلا في معراج سماوي قد حدث بكل تأكيد .. وقوله (أفتمارونه) لا يكون على رؤيا منامية لأنه لا مجادلة فيما يراه النائم وإنما المجادلة تكون لمن يقر حقيقة وجودية حدثت ويتم الإعتراض عليها .

 

- وهذه الآيات لها تفصيل نذكره في فصل مستقل إن شاء الله ..

 

#- رابعا: آية في سورة الإنشقاق .. وهي قوله تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) الإنشقاق:19 ..

أ- بعض العلماء أشار في قوله: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) الإنشقاق:19 .. إلى أنه المقصد هو لتركبن يا محمد سماء بعد سماء .. وهذا قول منسوب لابن مسعود الصحابي وإلى مسروق والشعبي من التابعين .. وهو أحد الآراء التي ذكرها الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية .. (راجع تفسير الطبري ج24 ص324).

 

- ولعل هذا التفسير أتى لوجود قراءة أتت بلفظ (لتركَبَنَ) بفتح الباء .. والله أعلم .

 

ب- وبعض العلماء على أن معناها أن الإنسان سيتقلب في الأحوال من حال إلى حال .. والمقصد هو الإنتقال من حال الدنيا إلى حال الآخرة .. فيكون المعنى – والله أعلم- أي لتركبن بمعنى تنتقلون إلى دار الآخرة راحلين عن دار الدنيا ..

 

#- وفي تفسير آية (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) آراء متعددة تصل إلى ستة آراء .. وما سبق من تفسير هو الانتقال من حال الدنيا لحال الآخرة .. هو ما أظنه مقبولا في فهم الآية .. والله أعلم .

 

#- خلاصة القول:

- أن المعراج ثابت بالقرآن يقينا لا شبهة فيه .. وأقوى الآيات من وجهة نظري هي آية الإسراء نفسها التي جمعت بين الإسراء والمعراج وكان لفظ الإسراء باعتبار بداية الرحلة .. ولفظ الأقصا باعتبار ختام الآيات الكبرى ..

- والله أعلم .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .