بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة
#- فهرس:
:: الفصل الثاني والأربعون :: عن رحلة المعراج – والمشاهد الصحيحة التي
رآها النبي في المعراج حتى الوصول للسماء السابعة ::
1- س105: ما هي المشاهد
الصحيحة التي رآها النبي ليلة المعراج من لحظة عروجه من بيت المقدس وحتى الوصول
إلى السماء السابعة ؟
#- أولا: المرائي التي رآها النبي من لحظة العروج حتى السماء السابعة.
أ-
المشهد الأول: صعود جبريل النبي من خلال إمساك يد النبي.
ب-
المشهد الثاني: رؤيته أن للسماء أبواب وعلى كل باب حارس من
الملائكة يحرسه.
ج-
المشهد الثالث: ترحيب الملائكة بالنبي في كل سماء وصل إليها.
د-
المشهد الرابع: رؤيته لآدم في السماء الأولى وهو يرى ذريته
من أهل الجنة وأهل النار.
هـ-
المشهد الخامس: مقابلته لبعض الأنبياء في كل سماء من السموات
السبع ووصف هيئتهم ..
و-
المشهد السادس: سيدنا إبراهيم يبلغنا السلام مع النبي صلى
الله عليه وسلم ..
@-
(إشارة لطيفة في حديث إبراهيم عليه
السلام مع النبي).
ك-
المشهد السابع: رؤية البيت المعمور في السماء السابعة ..
@-
ما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة عن البيت المعمور.
@-
ملحوظة مهمة جدا في الروايات الصحيحة التي ذكرت البيت المعمور.
@-
من أسماء البيت المعمور.
@-
من الأحاديث الضعيفة التي قيلت في البيت المعمور.
ل-
المشهد الثامن: رؤية مالك خازن النار.
2- س106: هل يمكن الظن بأن النبي قد صلى في البيت المعمور بالأنبياء والرسل والملائكة ؟
******************
:: الفصل الثاني والأربعون ::
*******************
..:: س105: ما هي المشاهد الصحيحة التي
رآها النبي ليلة المعراج من لحظة عروجه من بيت المقدس وحتى الوصول إلى السماء
السابعة ؟ ::..
- جاءت عدة أحاديث
تدل على ما حدث في رحلة المعراج من مشاهد ومرائي .. ولكن نذكر هنا ما صح من المشاهدات في تلك
الرحلة .. وفي فصل متأخر سنذكر إن شاء الله الأحاديث الضعيفة المشهورة التي قيلت
في قصة المعراج كما فعلنا في قصة الإسراء.
=====================
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- أولا: المشاهد
التي رآها النبي من لحظة العروج حتى السماء السابعة.
1- المشهد
الأول: صعود
جبريل النبي من خلال إمساك يد النبي ..
-
جاء في (حديث
صحيح) .. عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ، يُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: (فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ
زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا
فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ .. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ
.. فَلَمَّا جِئْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا
جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .... إلى أن قال في
الرواية "ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى
أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ" .....)
صحيح البخاري ومسلم.
#- فأول حدث مع النبي في المعراج بعد
وصوله لبيت المقدس والصلاة في المسجد الأقصا الأرضي .. هو الوقوف في مكان ما بالمسجد الأقصا ثم
أخذ جبريل بيد النبي صلى الله عليه وسلم وعرج أي صعد به إلى السماء .. والألفاظ
صريحة جدا أن جبريل هو من عرج بالنبي بعد أن أمسك يده .. في قوله: (ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ)
..، وقوله: (ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى
السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ) ..
======================
2- المشهد الثاني: رؤيته
أن للسماء أبواب وعلى كل باب خازن أو حارس من الملائكة يحرسه .
#-
جاء في (حديث
صحيح) .. عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو ذَرٍّ، يُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: (فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا
بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ
صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ
مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ..
ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي
فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ .. فَلَمَّا جِئْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا
.. قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟
قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعِيَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .... إلى أن قال
في الرواية "ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ
حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ"
.....) صحيح البخاري ومسلم.
#-
وجاء في (حديث
صحيح) .. بلفظ آخر: (ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى
السَّمَاءِ .. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ،
قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: َ
قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ .. فَفُتِحَ لَنَا ..) صحيح مسلم.
======================
#- ثالثا: المشهد الثالث: ترحيب الملائكة بالنبي في كل سماء وصل إليها ..
1-
جا في (حديث صحيح) .. قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ نَبِيَّ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ
... ومما حدثهم به هو أنه قال: (فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى
السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ،
قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ:
نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا
بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ .. فَفَتَحَ ..) صحيح البخاري.
2-
وجاء في (حديث صحيح – فيه
نكارة) .. عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ ... ومما جاء
بالرواية: (ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا،
فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ جِبْرِيلُ: قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مَعِيَ مُحَمَّدٌ، قَالَ:
وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا .. فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ
السَّمَاءِ ..) صحيح البخاري.
======================
#- رابعا: المشهد الرابع: رؤيته لآدم
في السماء الأولى وهو يرى ذريته من أهل الجنة وأهل النار.
#-
وجاء في (حديث صحيح – فيه
نكارة) .. عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ عنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم ... ومما جاء بالرواية: (فَلَمَّا فَتَحَ
عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ
(أي أشخاص والمقصد أرواحهم) وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ
.. إِذَا نَظَرَ قِبَلَ (أي ناحية) يَمِينِهِ ضَحِكَ (أي أن
علامة من يعلم صلاحه حينما يراه من جهة يمينه) ..
وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى .. فَقَالَ (أي آدم حينما رأى النبي):
مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ .. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ:
مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ .. وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ
وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ (أي أرواحهم) .. فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ ..
وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ .. فَإِذَا نَظَرَ عَنْ
يَمِينِهِ ضَحِكَ .. وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى) صحيح البخاري.
======================
#- خامسا: المشهد الخامس: مقابلته لبعض الأنبياء في كل سماء من السموات السبع ووصف هيئتهم وترحيبهم
به ..
1- عن مقابلة الأنبياء في كل سماء ..
أ-
جاء في (حديث
صحيح) .. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .. وجاء في
الرواية عن النبي أنه قال عند العروج: (فَانْطَلَقَ
بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ
هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ
أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ
جَاءَ .. فَفَتَحَ .. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ .. فَقَالَ: هَذَا
أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ .. فَرَدَّ السَّلاَمَ،
ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
-
ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ .. فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ: مَنْ
هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ
أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ
جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا
الخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ
فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
-
ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ .. فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ
هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ
أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ
جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ
عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ
الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
-
ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ .. فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ
هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ:
أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ
المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ، قَالَ: هَذَا
إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ:
مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
-
ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ .. فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ
هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ
أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ
جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ
عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ
الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
-
ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ .. فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ
هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ
أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ
جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ،
وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ .. فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا
يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ
مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي ..
-
ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ .. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ،
قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ،
قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ
المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ
فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ:
مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ) صحيح البخاري.
ب- قال الإمام السيوطي رحمه الله (المتوفى: 911 هـ):
-
الأضبط في الروايات في محل الأنبياء:
-
أن آدم: في السماء الأولى.
-
ويحيى وعيسى: في الثانية.
-
ويوسف: في الثالثة.
-
وإدريس: في الرابعة.
-
وهارون: في الخامسة.
-
وموسى: في السادسة.
-
وإبراهيم: في السابعة. (الآية الكبرى في شرح قصة الأسراء للسيوطي ص28).
2- توصيف شكل الأنبياء من رؤيته لهم في السماء..
أ-
حينما كان رسول الله يصعد إلى كل سماء .. فيجد نبيا فيها ويسأل جبريل عنه من هذا
فيخبره جبريل بأنه فلان ويسلم عليه .. وهذا معناه رؤيتهم والتحقق منهم .. كما سبق
وذكرنا ذلك في حديث الصحابي مالك بن صعصعة ..
ب-
جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ،
حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ
عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ
عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَجُلٌ آدَمُ (أي أسمر) طُوَالٌ (أي طويلا) جَعْدٌ (أي شعره ليس منبسطا فيه تجعيد) .. كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ
شَنُوءَةَ (أي شبيه لرجال قبيلة من اليمن يغلب عليها الطول وسمرة
البشرة) ..، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ
الْخَلْقِ (أي معتدل القوام مائلا) إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ
.. سَبْطَ الرَّأْسِ (أي منبسط شعر الرأس) .. وَأُرِيَ مَالِكًا خَازِنَ
النَّارِ .. وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللهُ إِيَّاهُ) صحيح مسلم.
- فتأمل اللفظ في الرواية (مررت) .. وهذا قد يكون معناه أنه كان في معراجه لأنه
كان يمر على الأنبياء واحد تلو الآخر من سماء إلى سماء ..
ج-
وفي ألفاظ رواية البخاري .. اختلفت في لفظين: ("لَيْلَةَ أُسْرِيَ...." ..
ثم في آخر الرواية .. "وَرَأَيْتُ مَالِكًا
..." ...) صحيح البخاري.
د- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِى
عَنْ مَسْرَاىَ، فَسَأَلَتْنِى عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ
أُثْبتْهَا (أي لم أكن منتبها لها وقت زيارتي) .. فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ (أي أصابني كرب أي ضيق لعجزي عن تذكر ما طلبوه مني)". قَالَ: فَرَفَعَهُ اللهُ لِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ ..
مَا يَسْأَلُونِى عَنْ شَىءِ إِلَّا أَنْبَأتُهُمْ بِهِ ..
- وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ
الأَنْبِيَاءِ .. فَإِذَا مُوسَى قَائمٌ يُصَلى .. فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ
كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ شَنُوءَةَ .. وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهاً عُرْوَةُ ابْنُ
مَسْعُودٍ الثَّقَفِىُّ .. وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ
يُصَلِّى، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِى نَفْسَهُ - فَحَانَتِ
الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ .. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ .. قَالَ
قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ..
فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلَامِ) صحيح مسلم ورواه النسائي في السنن الكبرى.
#- هذه الرواية السابقة في رؤية الأنبياء
والصلاة بهم .. تحتمل أن تكون في السماء وتحتمل أن تكون في الأرض بعد عودة النبي من
المعراج .. وإنما أظن أنها كانت في السماء .. ليه
؟
- لأن النبي قد دخل الجنة والنار ورأى فيهما
مشاهد .. وبالتالي رأى مالك خازن النار بلا أدنى شك ..
-
وطالما أغلب الظن أنه قد يكون قابل مالك خازن النار في السماء .. وأكيد ألقى السلام على النبي .. فما المانع
أن يكون رواية صحيح مسلم السابقة عن رؤية الأنبياء بأوصافهم هي حكاية عما رآه في
السماء ..
هـ- وعموما قد سبق وتم مناقشة رؤية هيئة الأنبياء .. وذلك في الفصل الثلاثون تحت عنوان: (س86: هل
صلاة النبي ليلة الإسراء بالأنبياء كانت قبل المعراج أم بعد نزوله من المعراج أم
في السماء ؟) ... وكذلك يمكنك مراجعة الفصل التاسع والثلاثون .. تحت عنوان: (س99:
كيف نفهم حديث أبي هريرة الذي جاء فيه (فحانت الصلاة فأممتهم) طالما لم يقابل
النبي الأنبياء وقت وصوله بيت المقدس ولم يصل بهم ؟).
======================
#- سادسا: المشهد السادس: سيدنا
إبراهيم يبلغنا السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم ..
(وإشارة لطيفة في
حديث إبراهيم عليه السلام مع النبي)
#- أولا: جاء في (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف) .. جاء في حديث عن أَبُو أَيُّوبَ
الْأَنْصَارِيُّ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ:
" مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، فَقَالَ لَهُ
إِبْرَاهِيمُ: مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ .. فَإِنَّ
تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ .. وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ .. قَالَ: وَمَا غِرَاسُ
الْجَنَّةِ ؟ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) رواه أحمد وابن
حبان .. وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب وكذلك حسنه الحافظ بن حجر في نتائج
الأفكار .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف ..(عبد الله بن عبد الرحمن) مجهول
الحال معروف النسب.
#-
وجاء بلفظ آخر في (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف) .. عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقيتُ
إبراهيمَ ليلةَ أُسْريَ بي فقالَ : يا محمَّدُ ، أقرئ أمَّتَكَ منِّي السَّلامَ ..
وأخبِرْهُم أنَّ الجنَّةَ طيِّبةُ التُّربةِ عذبةُ الماءِ .. وأنَّها قيعانٌ (أي تربة الجنة مستوية التربة) .. وأنَّ غِراسَها (أي زرعها –
والمقصد من أراد أن يكثر من عطاء الله له فيما قسمه له من نعيم الجنة فهذا يكون من
خلال ذكر الله) سُبحانَ اللَّهِ والحمدُ للَّهِ
ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكْبرُ) رواه الترمذي وغيره .. وقال
الترمذي حسن غريب .. وأشار لصحته السيوطي في الجامع الصغير .. وذكره الألباني في
صحيح الترمذي وصحيح الجامع والسلسلة الصحيحة وهو حسنه لشواهده ..، وضعفه محققو
المسند وقالوا: فيه "عبد الرحمن بن إسحاق أبا شيبة الواسطي" - وهو ضعيف.
#- انتبه أخي
الحبيب:
1- الحديثان السابقان فيهما ضعف في
السند .. والحديث الأول عن أبي أيوب مقبول أكثر من الآخر المروي عن ابن مسعود .. والحق
فيمن أشار لوجود ضعف فيهما .. وإنما ذكرتهما لوجود اختلاف بين العلماء فيهما ..
وفيهما فضل عمل بذكر الله .. حتى أن من حسنهما فهو تحسين للشواهد وليس لكون الحديث
نفسه صحيح ..
2-
لو افترضنا صحة حديث بن مسعود .. فليس معنى كونها قيعان أي مستوية الأرض بلا
شجر ولا أبنية .. هو أن الجنة جرداء لا شيء فيها ..!!! أكيد هذا فهم خطأ
..!!
-
وإنما المقصد هو أنك حينما تدخل الجنة بفضل الله ورحمته .. فلك مكان مخصص لك فيها من فضل الله عليك وذلك
بسبب إيمانك الذي طلبه الله منك .. وهذا نفهمه من قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ
لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا
مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ
مُتَشَابِهًا) البقرة:25 ..، وكذلك قوله: (وَلَكُمْ
فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) فصلت:31 ..، وكذلك في أدنى درجات الجنة نجد قوله
تعالى: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) الرحمن:68.
-
إذن الجنة مجهزة بالكامل لأهل الإيمان حتى على أقل درجات فيهم .. وإنما في الجنة مساحات شاسعة
خالية مجهزة لمزيد فضل من الله لك .. وذلك لمن يعمل مع الله بالإحسان .. فله مزيد
فضل وإحسان وكرامة .. فتزيد مساحة جنتك بما لا نهاية له .. وكلما زدت فعند الله
المزيد .. ومن الأعمال التي تزيد من مساحة جنتك الخاصة بما لا يحيط به العقل ولا
يتصوره .. هو أن تذكر الله بالباقيات الصالحات الذي هو (سبحان
الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله) وهي من أبسط الأعمال .. فما
بالك بمساعدة إنسان وفك كرب وإطعام فقير ونشر علم وغير ذلك ..
-
فمقصد سيدنا إبراهيم – والله أعلم - هو أن يبلغنا أن مساحة الجنة ممتدة بلا حدود
.. فاغتنم منها يا مؤمن قدر استطاعتك واجعل فيها لك من مزيد فضل الله كلما
أحسنت إلى الله في معاملتك معه ومع خلقه .. وأبسط ما يكون سبب من مزيد فضل الله لك
.. هو أن تكثر من ذكر الباقيات الصالحات ..
- هذا فهمي
الخاص للحديث .. والله أعلم .
#- ثانيا: ومن
لطائف الإشارات في حديث إبراهيم عليه السلام ..
#- قال الإمام عبد الله سراج الدين الحسيني رحمه الله (المتوفى:2002 م):
-
وجاء في سنن الترمذي أن إبراهيم عليه السلام قال: (يا محمد أقريء أمتك مني السلام ..
وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة .. عذبة الماء .. وأنها قيعان .. وأن غراسها: سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) .
-
ونحن نجيب السلام فنقول: (على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله
وسلم وعلى سيدنا إبراهيم أفضل الصلاة والسلام) ..
-
لأنه يجب إشراك من أوصل إلينا السلام بالسلام .. وهو سيدنا محمد صلى الله عليه
وآله وسلم الذي بلغنا سلام إبراهيم عليه السلام ..
-
ولولا أن الخليل يُحبنا .. لما أرسل لنا هذا البشارة مع
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(محاضرات في
الإسراء والمعراج ص65).
======================
#- سابعا: المشهد السابع: رؤية البيت المعمور في السماء السابعة ..
- أولا: ما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة عن البيت المعمور ..
- إذا كان
البيت المعمور أتى ذكره في القرآن كما قال تعالى: (وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ) الطور:4 .. فقد أتى ذكره في الأحاديث النبوية الصحيحة أيضا .
-
وهو بمثابة بيت الله في السماء أو المسجد الذي يذهب إلى الملائكة مرة واحدة في عمرهم
للتعبد فيه ولعل فيه طوافا خاصا بهم .. فيكون مثل مراسم الحج ولكن للملائكة في
السماء إلا أنه مرة واحدة في عمرهم .. لهم ثم يعودن لأداء مهامهم التي طلبها منهم
الله .
#- ومن الأحاديث
الصحيحة التي أتى فيها وصف البيت المعمور ..
1- (حديث صحيح) .. جاء في الحديث عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عن رسول الله .. وجاء
في الحديث: (ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ
السَابِعَةِ .. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل، فَقِيلَ:
مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، قَالَ: قَدْ بُعِثَ
إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.. مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى
الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ
كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إِلَيْهِ ..) صحيح
مسلم.
2-
وجاء في (حديث
صحيح) .. بلفظ آخر عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فِي
السَّمَاءِ السَّابِعَةِ .. يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ،
ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله
ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.
3-
وجاء في (حديث
صحيح) .. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لِي
خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ
قَالاَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ
صَعْصَعَةَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ .. ومما جاء في الرواية: (فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنِ ابْنٍ وَنَبِيٍّ.
-
فَرُفِعَ لِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ .. فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ:
هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ
مَلَكٍ .. إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ.
-
وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا (أي ثمرها) كَأَنَّهُ قِلاَلُ (أي وعاء يوضع فيه الماء) هَجَرٍ (اسم قبيلة كانت تصنع هذه
القلال) ..، وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ (يقصد بحجم أُذَن حيوان الفيل).. فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ
أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ
فَقَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ
وَالْفُرَاتُ.
-
ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَىَّ خَمْسُونَ صَلاَةً، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى
فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ ؟ قُلْتُ: فُرِضَتْ عَلَىَّ خَمْسُونَ صَلاَةً.... إلى آخر
الرواية) صحيح البخاري.
4- وجاء في (حديث صحيح) .. عن سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ .. وجاء في الحديث عن النبي أنه قال: (ثُمَّ عَرَجَ بِيَ
الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟،
قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالَ: وَمَنْ مَعَكَ؟، قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَقَدْ
بُعِثَ؟، قَالَ: نَعَمْ، فَفَتَحَ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ،
فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ وَلَدٍ وَمَرْحَبًا بِكَ مِنْ رَسُولٍ .. قَالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَى
بِنَاءٍ فَقُلْتُ لِلْمَلَكِ: مَا هَذَا؟، قَالَ: بِنَاءٌ بَنَاهَا اللَّهُ
لِلْمَلَائِكَةِ يُدْخِلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يُقَدِّسُونَ
اللَّهَ وَيُسَبِّحُونَهُ لَا يَعُودُونَ فِيهِ) رواه بن مَنْدَه في الإيمان .. (قلت خالد
صاحب الرسالة): الحديث صحيح الإسناد.. ولم يأتى في هذا الحديث باسم
البيت المعمور..، علما بأنه يوجد رواية أخرى ذكرها الطبري في تفسيره بنفس المتن
ولكن الحديث ضعيف لوجود (محمد بن سنان القزاز) في سند
رواية الطبري وهو ضعيف الحديث..
#- ثانيا: ملحوظة مهمة جدا في الروايات الصحيحة التي ذكرت البيت المعمور..
1-
يوجد روايتان عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عند
البخاري .. واحدة أتت توضح بأن رؤية البيت المعمور أولا ثم سدرة المنتهى ثانيا كما في
الرواية رقم3207 ..، والثانية أتت بأن السدرة كانت أولا ثم البيت المعمور بعد ذلك
في الرواية رقم 3887 .. وهذا الترتيب في الرواية الثانية لا يصح .. لأن رواية ثابت
البناني عن أنس بن مالك تثبت أن البيت المعمور تم رؤيته أولا عند المرور من السماء
السابعة ..
2-
وأظن أن الروايات التي حدث فيها اختلاف في تريتب مرائي مرور النبي عند السماء
السابعة بعد المرور على سيدنا إبراهيم .. وهذه الروايات المختلفة هي المروية
جميعها عن (قتادة عن أنس ابن مالك) ونفس الرواة رووها بالاختلافين عن قتادة ..
فأظن أن قتادة بن دعامة قد رواها مرة بترتيب الأحداث .. ومرة رواها كسرد أحداث دون
ترتيب .. وربما يكون (قتادة) قد وهم واختلط عليه الأمر فمرة رواها هكذا ومرة رواها
هكذا .. وتلامذته نقلوا عنه الروايتين بالمخالفة في ترتيب الأحداث في جزئية
المرائي عند مرور النبي بالسماء السابعة .. والله أعلم .
-
ولمعرفة هذه الروايات .. المختلف فيها ترتيب مرائي ما حدث عند السماء
السابعة المروية عن قتادة عن أنس ابن مالك عن مالك بن صعصعة .. فيمكنك الرجوع إلى
الفصل الحادي والأربعون تحت عنوان: س102: هل يوجد من الحديث النبوي الصحيح ما يشير
لرحلة المعراج ؟).
#- ثالثا: من أسماء البيت المعمور ..
-
من أسماء البيت المعمور اسم (الضُّراح) بضم الضاد .. وأظن أن سبب التسمية من قولهم (ضَرَحَت
الدابة) أي رمحت أو أسرعت .. فيكون المقصد بالضُراح هو المكان الذي يستجاب فيه
الدعاء سريعا .. والله أعلم .
#- ومن
الأحاديث التي قيلت في ذلك ثبوت هذا الإسم:
1-
(حديث
فيه ضعف) .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ
عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْبَيْتُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ يُقَالُ
لَهُ الضُّرَاحُ .. وَهُوَ مِثْلُ بِنَاءِ هَذَا الْبَيْتِ الْحَرَامِ .. وَلَوْ
سَقَطَ لَسَقَطَ عَلَيْهِ .. يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ،
لَا يَعُودُونَ فِيهِ أَبَدًا) رواه الأزرقي في أخبار مكه .. وقال الإمام الضياء الأعظمي رحمه الله في
الجامع الكامل: أنه حديث حسن .. (راجع الكامل الشامل ج21 ص274)..، (قلت خالد صاحب الرسالة):
هذا التحسين الذي ذكره الأعظمي فيه نظر .. لأنه في السند يوجد تدليس عبد الملك بن
جريج إذ لم يصرح بالتحديث عن صفوان بن سليم .. والله أعلم .
-
ولكن يشهد لحديث ابن عباس عن النبي السابق ذكره .. هو ما جاء عن علي بن أبي طالب في الحديث
التالي ..
2- في (حديث موقوف حسن) .. حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ
قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ:
(أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ؟ قَالَ: «بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ
الضُّرَاحُ .. وَهُوَ بِحِيَالِ (أي تجاه) الْكَعْبَةِ .. مِنْ فَوْقِهَا
حُرْمَتُهُ فِي السَّمَاءِ كَحُرْمَةِ الْبَيْتِ فِي الْأَرْضِ .. يُصَلِّي فِيهِ
كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَلَا يَعُودُونَ فِيهِ
أَبَدًا) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث حسن لأنه فيه (سماك بن حرب) وهو سيء الحفظ ولكنه
صدوق مقبول الحديث .. والرواية عن علي ابن أبي طالب لها حكم المرفوع للنبي إذ لا
يقال مثل هذه المعلومة بالرأي .. والله أعلم .
#- وجاء الحديث السابق بسند آخر
حسن .. عن ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
جَعْفَرٍ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ
خَالِدَ بْنَ عَرْعَرَةَ، قَالَ: (سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، وَخَرَجَ إِلَى الرَّحْبَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَوْ
غَيْرُهُ: مَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ؟ قَالَ: «بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ
السَّادِسَةِ يُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ
مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ فِيهِ أَبَدًا) رواه الطبري في تفسيره.. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث صحيح السند كسابقه ..
و(سماك بن حرب) صدوق مقبول الحديث.
3-
وفي (أثر
ضعيف) .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
سَاجٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: (أَنَّهُ وَجَدَ فِي التَّوْرَاةِ
بَيْتًا فِي السَّمَاءِ بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ فَوْقَ قُبَّتِهَا .. اسْمُهُ الضُّرَاحُ
.. وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، يَرِدُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ
مَلَكٍ، لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا) رواه الأزرقي في أخبار مكه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (عثمان بن ساج) وهو
ضعيف الحديث وقال أبو حاتم لا يحتج به .. (راجع تهذيب التهذيب ج7 ص145).
#- ملحوظة هامة
أخي الحبيب:
-
كلمة ضُراح غير كلمة ضَريح .. فالضراح هو المسجد السماوي وسبب تسميته كما أظن هو لأن
الدعاء مجاب فيه سريعا .. ولكن الضريح هو القبر المحفور في الأرض من لفظ (ضَرَح)
أي حفر .. ويقال نور الله ضريحه أي قبره .. والله أعلم .
#- رابعا: من الأحاديث الضعيفة التي قيلت في البيت المعمور ..
-
لم يصح أحاديث عن البيت المعمور إلا ما جاء في رحلة الإسراء والمعراج .. وجاء فيه أنه عند السماء السابعة ويدخله كل
يوم من الملائكة سبعون ألف ملك ويخرجون منه ولا يعودون فيه .. ولو افترضنا صحة حديث
أن البيت المعمور يسمى الضُراح فيكون الصحيح حول ما قيل عن البيت المعمور هو ما
جاء في حديث المعراج وحديث الضُراح .. والله أعلم.
#- وإليك بعض
الأحاديث الضعيفة التي قيلت في البيت المعمور ..
1-
(حديث
ضعيف) .. حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ
قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: ({وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ}
[الطور: 4] ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ» قَالُوا:
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «فَإِنَّهُ مَسْجِدٌ فِي السَّمَاءِ تَحْتَهُ
الْكَعْبَةُ لَوْ خَرَّ لَخَرَّ عَلَيْهَا» ، أَوْ «عَلَيْهِ، يُصَلِّي فِيهِ
كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ
مَا عَلَيْهِمْ) رواه الطبري في تفسيره.. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف لجهالة من ذكروا
هذا الحديث لقتادة عن النبي ..
2-
(أثر
ضعيف جدا) .. قَالَ: حَدَّثنَا أَبُو الْوَلِيدِ
قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ،
قَالَ: (كُنْتُ مَعَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ
الْحُسَيْنِ بِمَكَّةَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَأَنَا وَرَاءَهُ
إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ شَرْجَعٌ (طويل القامة جدا) مِنَ الرِّجَالِ، يَقُولُ: طَوِيلٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى
ظَهْرِ أَبِي، فَالْتَفَتَ أَبِي إِلَيْهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: السَّلَامُ
عَلَيْكَ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ.....
-
فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي، فَقَالَ لَهُ أَبِي: «عَمَّا تَسْأَلُ؟» قَالَ:
أَسْأَلُكَ عَنْ بَدْءِ هَذَا الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَيْتِ لِمَ كَانَ ..
وَأَنَّى كَانَ .. وَحَيْثُ كَانَ .. وَكَيْفَ كَانَ؟
-
فَقَالَ لَهُ أَبِي: «نَعَمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟» قَالَ: مِنْ
أَهْلِ الشَّامِ.
-
قَالَ أَبِي: يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ .. احْفَظْ وَلَا تَرْوِيَنَّ
عَنِّي إِلَّا حَقًّا.
-
أَمَّا بَدْءُ هَذَا الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَيْتِ .. فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}
[البقرة: 30] فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: أَيْ رَبِّ أَخَلِيفَةٌ مِنْ غَيْرِنَا،
مِمَّنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَيَتَحَاسَدُونَ،
وَيَتَبَاغَضُونَ، وَيَتَبَاغَوْنَ؟ أَيْ رَبِّ اجْعَلْ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ
مِنَّا، فَنَحْنُ لَا نُفْسِدُ فِيهَا، وَلَا نَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَلَا
نَتَبَاغَضُ، وَلَا نَتَحَاسَدُ، وَلَا نَتَبَاغَى، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ
بِحَمْدِكَ، وَنُقَدِّسُ لَكَ، وَنُطِيعُكَ، وَلَا نَعْصِيكَ.
-
فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
[البقرة: 30] .
-
قَالَ: فَظَنَّتِ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ مَا قَالُوا رَدًّا
عَلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ .. وَأَنَّهُ قَدْ غَضِبَ مِنْ قَوْلِهِمْ
فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ .. وَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ .. وَأَشَارُوا بِالْأَصَابِعِ
يَتَضَرَّعُونَ .. وَيَبْكُونَ إِشْفَاقًا لِغَضَبِهِ .. وَطَافُوا بِالْعَرْشِ
ثَلَاثَ سَاعَاتٍ ..
-
فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ فَنَزَلَتِ الرَّحْمَةُ عَلَيْهِمْ .. فَوَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَ
الْعَرْشِ بَيْتًا عَلَى أَرْبَعِ أَسَاطِينَ مِنْ زَبَرْجَدٍ .. وَغَشَاهُنَّ
بِيَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ..
-
وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْبَيْتُ الضُّرَاحَ .. ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
لِلْمَلَائِكَةَ: طُوفُوا بِهَذَا الْبَيْتِ، وَدَعُوا (أي واتركوا العبادة حول) الْعَرْشَ ..
-
قَالَ (أي علي زين العابدين): فَطَافَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالْبَيْتِ ..
وَتَرَكُوا الْعَرْشَ .. وَصَارَ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَرْشِ .. وَهُوَ
الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَدْخُلُهُ فِي
كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ فِيهِ أَبَدًا ..
-
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَعَثَ الْمَلَائِكَةَ فَقَالَ
لَهُمْ: ابْنُوا لِي بَيْتًا فِي الْأَرْضِ بِمِثَالِهِ
وَقَدْرِهِ .. فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنْ خَلْقِهِ
أَنْ يَطُوفُوا بِهَذَا الْبَيْتِ .. كَمَا يَطُوفُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ.
-
فَقَالَ الرَّجُلُ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا كَانَ) رواه الأزرقي في تاريخ مكه.. (قلت خالد صاحب
الرسالة): هذا الحديث ضعيف جدا .. وقد اختصرت في الرواية لتحقيق المطلوب
منها .. وهذه القصة تم روايتها عن علي سيدي جعفر الباقر عن أبيه سيدي علي زين
العابدين موقوفا عليه أي من كلامه واجتهاده .. وفي السند (علي بن هارون بن مسلم
الجعلي) مجهول لم أجده في كتب التراجم وكأنه لا وجود له ..!!، وفي السند (القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري) وهو
ضعيف جدا في الحديث وأحاديثه فيها نكارة وهذا منها.
3-
(حديث
موضوع) .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ، عَنْ مُقَاتِلٍ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ: (أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
قَالَ: أَيْ رَبِّ إِنِّي أَعْرِفُ شِقْوَتِي، إِنِّي لَا أَرَى شَيْئًا مِنْ
نُورِكَ يُعْبَدُ .. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الْبَيْتَ
الْمَعْمُورَ .. عَلَى عَرْضِ هَذَا الْبَيْتِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ يَاقُوتَةٍ
حَمْرَاءَ، وَلَكِنَّ طُولُهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ـ وَأَمَرَهُ
أَنْ يَطُوفَ بِهِ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الْغَمَّ الَّذِي كَانَ يَجِدُهُ
قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رُفِعَ عَلَى عَهْدِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ) رواه الأزرقي في
أخبار مكه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (عثمان بن ساج) وهو
ضعيف الحديث ..، وفيه (أبو سعيد) وهو مجهول ..، وفيه (مقاتل بن سليمان) وهو متروك
الحديث ..، والحديث منقطع بين مقاتل بن سليمان وبين النبي صلى الله عليه وسلم .
4-
(حديث
موضوع أي مكذوب) .. رَوْحُ بْنُ جَنَاحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ
عَن سعيد بن الْمسيب عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بَيْتٌ يُقَالُ
لَهُ المعمور بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ .. وَفِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ نَهْرٌ
يُقَالُ لَهُ الْحَيَوَانُ .. يَدْخُلُ فِيهِ جِبْرِيلُ كُلَّ يَوْمٍ فَيَنْغَمِسُ
فِيهِ انغماسة ثمَّ يخرج فينتفض انْتِفَاضَةً فَيَخْرُجُ عَنْهُ سَبْعُونَ أَلْفَ
قَطْرَةٍ فَيَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكًا .. ثُمَّ يُؤْمَرُونَ
أَنْ يَأْتُوا الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَيُصَلُّونَ فِيهِ .. ثُمَّ يَخْرُجُونَ
فَلا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا .. فَيُوَلِّي عَلَيْهِمْ أَحَدُهُمْ .. ثُمَّ
يُؤْمَرُ أَنْ يَقَفَ بِهِمْ فِي السَّمَاءِ مَوْقِفًا يُسَبِّحُونَ اللَّهَ فِيهِ
إِلَى أَن تقوم السَّاعَة).
#-
وبنفس السند السابق في لفظ آخر جاء فيه: (يُؤْمَرُ جِبْرِيلُ فِي كُلِّ
غَدَاةٍ فَيَدْخُلُ بَحْرَ النُّورِ فَيَنْغَمِسُ فِيهِ انْغِمَاسَةً .. ثُمَّ
يَخْرُجُ فَيَنْتَفِضُ انْتِفَاضَةً فَتَسْقُطُ مِنْهُ سَبْعُونَ أَلْفَ قَطْرَةٍ
يَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكًا .. فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى
الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فَيُصَلُّونَ فِيهِ .. ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى حَيْثُ
مَا شَاءَ اللَّهُ يُسَبِّحُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) ذكر الروايتين ابن الجوزي في كتاب الموضوعات
ج1 ص140-141 .. وقال: هذا حديث لايتهم به إلا روح بن جناح فإنه
يعرف به ولم يتابعه عليه أحد..، قال ابن حبان: يروي عن الثقة ما إذا سمعه من ليس
بمتبحر في هذه الصناعة شهد بالوضع..، وقال عبد الغنى الحافظ: هذا حديث منكر بهذا
الإسناد ليس له أصل عن الزهري، ولا عن سعيد ولا عن أبي هريرة ولا يصح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم من هذه الطريق ولا من غيرها.(انتهى النقل)..، وابن كثير في تفسيره ج7 ص398
قال: هذا حديث غريب جدا ، تفرد به روح بن جناح هذا ، وهو القرشي الأموي مولاهم أبو
سعد الدمشقي ، وقد أنكر هذا الحديث عليه جماعة من الحفاظ منهم : الجوزجاني ،
والعقيلي ، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، وغيرهم ..، قال الحاكم : لا أصل له من حديث أبي
هريرة ، ولا سعيد ، ولا الزهري. (انتهى النقل).
5-
وجاء في (أثر
ضعيف جدا) .. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
ثَنِي أَبِي قَالَ: ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
(قَوْلَهُ: (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قَالَ: «هُوَ
بَيْتٌ حِذَاءَ (أي مقابل أو بجوار) الْعَرْشِ تَعْمُرُهُ
الْمَلَائِكَةُ .. يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ
الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وهذا السند ضعيف جدا وفيه (عطيه العوفي) وابنه (الحسن بن عطية العوفي)
و (محمد بن الحسن بن عطية) و (الحسين بن الحسن بن عطية العوفي) وهو عم سعد بن محمد
العوفي .. جميعهم ضعفاء .. وهذا يسمى بسند العوفيين .. ومنتشر بكثرة في التفاسير
.. فإذا رأيت هذا السند فاعرف مباشرة أنه سند ضعيف جدا..، وقال الإمام أحمد شاكر
رحمه الله في تخريج تفسير الطبري: (هذا الإسناد
من أكثر الأسانيد دورانا في تفسير الطبري، وهو إسناد مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة،
إن صح هذا التعبير! وهو معروف عند العلماء بـ "تفسير العوفي"). اهـ
6-
(أثر
ضعيف جدا عن رأي تفسيري) .. حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ "بن الفرج" قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ "الفضل بن
خالد الباهلي"، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ "بن سليمان الباهلي"
قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ: (فِي قَوْلِهِ: {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} [الطور: 4] -
يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَرُوحُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مِنْ
قَبِيلَةِ إِبْلِيسَ .. يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ)
رواه الطبري في تفسيره..، (قلت خالد صاحب الرسالة): والأثر ضعيف جدا فهو منقطع في
أوله ..، وفيه (الحسين بن الفرج) وهو متروك الحديث.. قال عنه الذهبي في تاريخ
الإسلام ترجمة رقم 200 ج5 ص319: كان ضعيفا..، قال ابن أبي حاتم: كتب أبي عنه ثم
تركه. (انتهى النقل).
#-
وكأن التابعي (الضحاك بن مزاحم) قد بلغه من أن البعض يقول: أن الذي يذهب للبيت المعمور هم
قبيلة من الملائكة اسمها الجن .. وأنها هي التي كان إبليس يتبع لها .. فمن أين أتى
القائلون بأن الذي يذهب للصلاة هذا النوع من الملائكة فقط دون غيرهم ؟!!
7-
(رأي
تفسيري لا دليل عليه) .. عَن الضَّحَّاك: (فِي قَوْله {وَالْبَيْت الْمَعْمُور}
قَالَ: أنزل من الْجنَّة .. فَكَانَ يعمر بِمَكَّة .. فَلَمَّا كَانَ الْغَرق
رَفعه الله .. فَهُوَ فِي السَّمَاء السَّادِسَة يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف
ملك من قَبيلَة إِبْلِيس .. ثمَّ لَا يرجع إِلَيْهِ أحد يَوْمًا وَاحِدًا أبدا) ذكره السيوطي في الدر المنثور مشيرا
إلى أن الطبري وبن المنذر قد أخرجاه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): لم أجد هذا التفسير "للضحاك"
بهذا اللفظ في تفسير ابن جرير الطبري ولا بن المنذر الذي أشار إليهما السيوطي ..
إلا لو كان المقصد الرواية السابقة التي حكيناها عن الضحاك وهي في تفسير الطبري ..
ولكنها بلفظ مخالف لما في هذه الرواية ..!!
#- أخي الحبيب:
-
نكمل باقي المشاهدات من عند السماء السابعة إلى سدرة المنتهى .. في الفصل القادم إن شاء الله تعالى .. ولكن
بعد الإجابة على السؤال التالي إذ خطر على بالي وهو يتعلق بإمكانية صلاة النبي في
البيت المعمور.
========================
#-
ثامنا:
المشهد الثامن .. مشهد رؤية مالك خازن النار.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- في ظن بعض العلماء: أن النبي قد قابل مالك خازن النار في الأرض
..
- وفي ظن بعض العلماء: أنه قابله في السماء الأولى ..
- وفي ظني الخاص: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قابل مالك
خازن النار في السماء السابعة عند البيت المعمور .. ثم ذهب به مالك ليريه النار
وما فيها من قدرات الله وكان من ذلك رؤيته شجرة الزقوم التي هي طعام الأثيم ..
#- وحسب
ظني فهذا محتمل أمرين:
- الأول: فهو قابل مالك خازن النار عند البيت المعمور
بعد أن قابل سيدنا إبراهيم عليه السلام هناك .. وقد يكون دخل النبي البيت المعمور
يصلي وقابله مالك خازن النار هناك واتى ليسلم على النبي ثم ذهب مع النبي وجبريل
ليري النار للنبي كآية من آيات الله .. ثم ذهب النبي للجنة ورأى ما رأى فيها .. ثم
ما حدث له من التجلي الاعظم عند أصل سدرة المنتهى .. (وهذا الترتيب هو الأقرب لعقلي)
.. والله أعلم .
- الثاني: أو يكون قابل مالك خازن النار حين عودته من
سدرة المنتهى ودخوله البيت المعمور في
السماء السابعة للصلاة فيه .. وكانت أول صلاة مفروضه عليه يصليها بالأنبياء وبحضور
الملائكة .. ثم مقابلة مالك خازن النار بعد الإنتهاء من الصلاة .. إذ أتاه مالك
خازن النار ليسلم عليه .. ثم أخذ النبي ليريه النار وما فيها من عجائب الله كشجرة
الزقوم .. في مكان ما بعد السماء السابعة وقبل سدرة المنتهى كما شرحت من قبل .. ثم
نزل النبي بعد ذلك وعاد إلى بيت المقدس ومنه إلى مكة .
- ولكن غالب ظني يميل للتصور الأول .. لأنه لا آية كبرى يمكن أن يراها النبي بعدما
تجلى عليه الله عند سدرة المنتهى وأوحى إليه ما أوحى .. والله أعلم .
#-
ولعل ما سبق من تصور لظني الخاص قد يشير إليه الآتي:
1- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَة؛ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِى
عَنْ مَسْرَاىَ، فَسَأَلَتْنِى عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ
أُثْبتْهَا (أي لم أكن منتبها لها وقت زيارتي) .. فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ (أي أصابني كرب أي ضيق لعجزي عن تذكر ما طلبوه مني)". قَالَ: فَرَفَعَهُ اللهُ لِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ .. مَا يَسْأَلُونِى عَنْ
شَىءِ إِلَّا أَنْبَأتُهُمْ بِهِ .. وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ .. فَإِذَا
مُوسَى قَائمٌ يُصَلى .. فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ (أي
خفيف اللحم) جَعْدٌ (أي شعره ليس منبسطا)
كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ شَنُوءَةَ (أي يشبه
قبيلة من قبائل اليمن) ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ
شَبَهاً عُرْوَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِىُّ ..، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ -
عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ -
يَعْنِى نَفْسَهُ - فَحَانَتِ
الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ .. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ
قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا
"مَالِكٌ" صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَالْتَفَتُّ
إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلَامِ) صحيح مسلم.
#- وسبق وناقشت الرواية السابقة تفصيليا
.. ومجمل القول هي أقرب لكونها حدث سماوي عنها من أن تكون حدث
أرضي .. ويمكنك الرجوع مناقشة هذه الرواية في الفصل التاسع والثلاثون تحت عنوان: (س99: كيف نفهم حديث أبي
هريرة الذي جاء فيه (فحانت الصلاة فأممتهم) طالما لم يقابل النبي الأنبياء وقت وصوله بيت المقدس ولم
يصل بهم ؟) .. والله أعلم .
2- جاء في (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف) .. عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. دَخَلَ
الْجَنَّةَ .. فَسَمِعَ مِنْ جَانِبِهَا وَجْسًا ( أي صوت خفي) ..، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا
هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بِلالٌ الْمُؤَذِّنُ "، فَقَالَ نَبِيُّ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ: قَدْ أَفْلَحَ
بِلَالٌ، رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ...
-
قَالَ: فَلَقِيَهُ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِهِ،
وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، فَقَالَ: وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ
طَوِيلٌ، سَبْطٌ شَعَرُهُ مَعَ أُذُنَيْهِ، أَوْ فَوْقَهُمَا فَقَالَ: مَنْ هَذَا
يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ..
-
قَالَ: فَمَضَى فَلَقِيَهُ عِيسَى، فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا
جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى ..
-
قَالَ: فَمَضَى فَلَقِيَهُ شَيْخٌ جَلِيلٌ مَهِيبٌ فَرَحَّبَ بِهِ وَسَلَّمَ
عَلَيْهِ وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ .. قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟
قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ.
-
قَالَ (أي ابن عباس): فَنَظَرَ (أي النبي نظر) فِي
النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ
يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ (لحوما مُنتَّنة) ، قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ..، وَرَأَى رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ (لعل المقصود أحمر العينين أزرق الوجه والجسد من شدة
الإختناق) جَعْدًا (أي كثير تجاعيد الوجه أو شعره مجعد خشن) شَعِثًا إِذَا رَأَيْتَهُ (أي
شعره متفرق أي منكوش الشعر) .. قَالَ: مَنْ هَذَا
يَا جِبْرِيلُ؟ .. قَالَ: هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ (أي قاتل ناقة النبي صالح).
-
قَالَ (أي ابن عباس): فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى
قَامَ يُصَلِّي ..
-
ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ
يُصَلُّونَ مَعَهُ ..
- فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ .. أَحَدُهُمَا عَنِ الْيَمِينِ،
وَالْآخَرُ عَنِ الشِّمَالِ .. فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ ..
فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَقَالَ: الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ
أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ) رواه أحمد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذا الحديث بالتفصيل
.. راجع الفصل الثالث والثلاثون - تحت عنوان (س90: هل شرب النبي ضيافة اللبن من
جبريل في ليلة الإسراء والمعراج في المسجد الأقصا أم بعد السماء السابعة أم بعد
النزول من السماء ؟).
#- فقول بن عباس: (فَنَظَرَ (أي النبي نظر) فِي النَّارِ) بعد مقابلة إبراهيم عليه السلام فيها مؤشر
على أن رؤية مالك خازن النار كانت عند السماء السابعة .. ثم ذهب به مالك لرؤية
النار في مكان ما بعد السماء السابعة .. والله أعلم .
- ولكن يعيب هذه
الرواية أن الضعف أقرب إليها من التحسين .. فضلا عن هشاشة متنها الغير مرتب ..
3- وعقلا أغلب الظن أن يكون النبي قابل مالك خازن النار في السماء .. ثم ذهب به ليريه النار في مكان ما فوق السماوات ليكون ذلك من جملة
الآيات الكبرى التي رآها النبي ليلة المعراج .. والله أعلم .
#-
من الملاحظات في مسألة رؤية مالك خازن النار ليلة الإسراء والمعراج:
أ- أن الروايات الصحيحة عند البخاري ومسلم التي جمعت الإسراء
والمعراج .. لم تذكر مقابلة النبي لمالك خازن النار ..!!
ب- والروايات التي انفردت بالمعراج فقط لم تذكر مقابلة
النبي لمالك خازن النار .
ج- والروايات التي ذكرت رؤية النبي لمالك خازن النار إنما
هي روايات قصيرة وكلها مروية عن ابن عباس .. ولا يظهر منها أين كانت هذه الرؤية تحديدا
.. إلا أنها كانت ليلة الإسراء والمعراج ..!!
- والله
أعلم.
*************************
..:: س106: هل يمكن الظن بأن النبي قد صلى في البيت المعمور بالأنبياء والرسل والملائكة ؟ ::..
-
من الأمور التي كانت أتت بظني .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يكون صلى بالبيت المعمور
وهو مسجد أقصى السماء .. إذ لا يوجد بعده محلا للعبادة في السماء .. ولا أظن أن
النبي صلى الله عليه وسلم يمر بهذا المكان دون أن يدخله ويصلي فيه لله .. وهذا
مجرد ظن .. وإن كانت توجد روايات تشير إليه إلا أنها روايات ضعيفة.
-
بل أحسبه من المعقول جدا أن يقال أن هذا هو المكان الذي صلى فيه بالملائكة وأرواح
الأنبياء جميعهم .. ويكون قد قابلة هناك مالك خازن النار في هذا المكان
السماوي .. وهذا هو المنطقي والمعقول بالنسبة لي .. لأن هذا المكان السماوي هو محل
الأرواح النورانية العلوية ..
#-
وإذا كان ما سبق هو مجرد ظني الخاص .. إلا أنني وجدت روايات تشير لظني هذا في أن
النبي صلى الله عليه وسلم قد يكون صلى في البيت المعمور .. ومن ذلك رواية في
الصحيح .. وروايات في الضعيف .
#-
فمن الصحيح .. الذي أظن أنه
يشير للصلاة في البيت المعمور ..
1- (حديث صحيح) .. جاء عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى
جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ .. فَإِذَا مُوسَى قَائمٌ يُصَلى .. فَإِذَا رَجُلٌ
ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ شَنُوءَةَ .. وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
- عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهاً
عُرْوَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِىُّ .. وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِى
نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ .. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ
الصَّلَاةِ .. قَالَ قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ
فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلَامِ)
صحيح مسلم ورواه النسائي في السنن الكبرى.
#-
هذه الرواية السابقة في رؤية الأنبياء والصلاة بهم .. تحتمل أن تكون في السماء وتحتمل أن تكون في
الأرض بعد عودة النبي من المعراج .. وإنما أظن أنها كانت في السماء .. ويغلب الظن
في ذلك مع سلام مالك وهو الملاك المسئول عن النار .. والتي رأى النبي بعض مشاهد
أهل النار في معراجه ..
2- (حديث مختلف على صحته وضعفه) .. عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. دَخَلَ
الْجَنَّةَ .. فَسَمِعَ مِنْ جَانِبِهَا وَجْسًا (أي صوت خفي) ..، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا
هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بِلالٌ الْمُؤَذِّنُ "، فَقَالَ نَبِيُّ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ: قَدْ أَفْلَحَ
بِلَالٌ، رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ... قَالَ: " فَلَقِيَهُ مُوسَى
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ
الْأُمِّيِّ، فَقَالَ: وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ، سَبْطٌ شَعَرُهُ مَعَ
أُذُنَيْهِ، أَوْ فَوْقَهُمَا فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ .. قَالَ: فَمَضَى فَلَقِيَهُ عِيسَى، فَرَحَّبَ بِهِ،
وَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى .. قَالَ: فَمَضَى
فَلَقِيَهُ شَيْخٌ جَلِيلٌ مَهِيبٌ فَرَحَّبَ بِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَكُلُّهُمْ
يُسَلِّمُ عَلَيْهِ .. قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ
إِبْرَاهِيمُ.
-
قَالَ: فَنَظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ
الْجِيَفَ، قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ ..، وَرَأَى رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ جَعْدًا
شَعِثًا إِذَا رَأَيْتَهُ قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ " قَالَ: هَذَا
عَاقِرُ النَّاقَةِ.
- قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي .. ثُمَّ
الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ .. فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ
بِقَدَحَيْنِ .. أَحَدُهُمَا عَنِ الْيَمِينِ، وَالْآخَرُ عَنِ الشِّمَالِ .. فِي
أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ .. فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ
مِنْهُ، فَقَالَ: الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ) رواه أحمد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذا الحديث بالتفصيل
.. راجع الفصل الثالث والثلاثون - تحت عنوان (س90: هل شرب النبي ضيافة اللبن من جبريل
في ليلة الإسراء والمعراج في المسجد الأقصا أم بعد السماء السابعة أم بعد النزول من
السماء ؟)
#- ولو انتبهت
أخي الحبيب في الحديث السابق (على افتراض صحته) .. ستجد الآتي:
1-
شراب العسل لم يظهر إلا روايات المعراج وليس في الإسراء..
فقد جاء في حديث البخاري: ((ثُمَّ رُفِعَ لي البَيْتُ المَعْمُورُ،
ثُمَّ أُتِيتُ بإنَاءٍ مِن خَمْرٍ،
وإنَاءٍ مِن لَبَنٍ، وإنَاءٍ مِن عَسَلٍ، فأخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: هي الفِطْرَةُ
الَّتي أنْتَ عَلَيْهَا وأُمَّتُكَ .. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ
خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ) صحيح البخاري .
2-
وقد يكون المقصود حينئذ بالمسجد الأقصى هو المسجد الأقصى
السماوي.. لأن صلاة الأنبياء أجمعون لا يتفق حدوثها إلا في السماء
حتى يجمع له عالم الأرواح النورانية من رسل وأنبياء إلا في السماء وقد يكون كذلك
الأرواح الملائكية .. بل ولفظ الرواية (ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ
أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ) يجعلني أظن ذلك .. إذ أن ما وجه جمعهم له في الأرض
ليصلون معه .. في حين هو في السماء كان حاضرا بينهم ؟!!
#-
ولو احتملنا مفهوم الصلاة بعد النزول للأرض والصلاة بالمسجد الأقصى الأرضي .. ولو افترضنا مثلا أن صلاته في تلك
اللحظة كانت على سبيل صلاة ركعتي شكر لله على ما أكرمه به من رحلة المعراج
"وإن كان هذا لا يظهر من الروايات" .. ثم وجد الأنبياء حوله يصلون .. فما
فائدة ذلك إذا كانوا معه في السماء أصلا قبل أن ينزل ؟!!
#- وما سبق هو مجرد تفكر في الأحاديث .. لا أكثر .
#- ومن الروايات
الضعيفة .. التي أشارت
لصلاة النبي في السماء .. وإليك بيانها للمعرفة بها:
1-
جاء في (حديث
ضعيف جدا) .. عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري .. ومما جاء في
الحديث: (ثُمَّ مَضَيْنَا
إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ وَهُوَ جَالِسٌ
مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ .. فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَقَالَ:
مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْوَلَدِ الصَّالِحِ، فَقِيلَ: هَذَا
مَكَانُكَ وَمَكَانُ أُمَّتِكَ، ثُمَّ تَلَا: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ
بِإِبْرَاهِيمَ لِلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68]..
-
ثُمَّ دَخَلْتُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ،
وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .. ) رواه أبو جعفر الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (أبو هارون العبدي) وهو متروك
الحديث ومتهم بالكذب.
#- وفي لفظ آخر لنفس السند الضعيف
السابق .. وجاء فيه: (ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ
السَّابِعَةِ: فَإِذَا أَنَا بِأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ،
سَانِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ؛ قُلْتُ:
يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ
الرَّحْمَنِ، هُوَ وَنَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَيَّ.
-
وَإِذَا بِأُمَّتِي شَطْرَيْنِ: شَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ كَأَنَّهَا
الْقَرَاطِيسُ، وَشَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ.
- قَالَ: فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ
الْمَعْمُورَ، وَدَخَلَ مَعِيَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْبِيضُ
وَحُجِبَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ، وَهُمْ عَلَى حَرٍّ ..
فَصَلَّيْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِي فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ..
-
ثُمَّ خَرَجْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِيَ
-
قَالَ: وَالْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ
مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
-
قَالَ: ثُمَّ رُفِعَتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى ..) رواه البيهقي في دلائل النبوة .. .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (أبو هارون العبدي) وهو متروك
الحديث ومتهم بالكذب.
-
والله أعلم.
2-
وجاء في (حديث
موضوع أي مكذوب) .. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ
مَخْلَدٍ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ زِيَادِ بْنِ
الْمُنْذِرِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ ،
عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: (لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَلِّمَ رَسُولَهُ الأَذَانَ
أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا بِدَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا :
الْبُرَاقُ ، فَذَهَبَ يَرْكَبُهَا فَاسْتَصْعَبَتْ ، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ : اسْكُنِي فَوَاللَّهِ مَا
رَكِبَكِ عَبْدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ..
-
قَالَ : فَرَكِبَهَا حَتَّى
انْتَهَى إِلَى الْحِجَابِ الَّذِي يَلِي الرَّحْمَنَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَ مَلَكٌ مِنَ الْحِجَابِ .. فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : وَالَّذِي
بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نبيًا إِنِّي لأَقْرَبُ الْخَلْقِ مَكَانًا وَإِنَّ هَذَا
الْمَلَكُ مَا رَأَيْتُهُ مُنْذُ خُلِقْتُ قَبْلَ سَاعَتِي هَذِهِ ..
-
فَقَالَ الْمَلَكُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، قَالَ : فَقِيلَ لَهُ
مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ : صَدَقَ عَبْدِي أَنَا أَكْبَرُ أَنَا أَكْبَرُ ، ثُمَّ
قَالَ الْمَلَكُ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، قَالَ : فَقِيلَ
لَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: صَدَقَ عَبْدِي أَنَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا ،
قَالَ : فَقَالَ الْمَلَكُ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ،
-
قَالَ: فَقِيلَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ : صَدَقَ عَبْدِي أَنَا أَرْسَلْتُ
مُحَمَّدًا ..
-
قَالَ الْمَلَكُ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ
، ثُمَّ قَالَ الْمَلَكُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، قَالَ : فَقِيلَ
مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: صَدَقَ عَبْدِي أَنَا أَكْبَرُ أَنَا أَكْبَرُ، ثُمَّ
قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ..
-
قَالَ: فَقِيلَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: صَدَقَ عَبْدِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا ..
-
قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ الْمَلَكُ بِيَدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَقَدَّمَهُ فَأمَّ أَهْلُ السَّمَاءِ ..
فِيهِمْ آدَمُ ، وَنُوحٌ .. وقال: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ
يَوْمَئِذٍ: أَكْمَلَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الشَّرَفَ عَلَى
أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) رواه أبو بكر البزار في مسنده .. وقال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى
بهذا اللفظ عن علي إلا بهذا الإسناد وزياد بن المنذر فيه شيعية ، وقد روى عنه
مروان بن معاوية وغيره...، وقال الهيثمي في المجمع: وفيه زياد بن المنذر وهو مجمع
على ضعفه ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث فيه (زياد بن المنذر)
.. قال ابن عبد البر : اتفقوا على أنه ضعيف الحديث منكره ، و نسبه بعضهم إلى الكذب
.. وقال بن معين: كذاب عدو الله ليس يسوى فلسا .. وقال النسائي: متروك .. وقال بن
حبان: كان رافضيا يضع الحديث..، هذا بخلاف أن المتن منكر جدا لأن بداية الأذن
كان في المدينة وليس بمكة.
#- ملحوظة: الأذان ظهر في الإسلام في العام
الأول من الهجرة للمدينة .. أي بعد ثلاثة عشر عاما من البعثة النبوية تقريبا .. ولم
يكن في مكة أي أذان .. والله أعلم.
3- وجاء
في بعض كتب الشيعة (حديث موضوع على ابن عباس وعلى النبي) وجاء فيه:
- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: (لما عرج بي إلى السماء ..
- فلما وصلت إلى السماء الدنيا قال لي جبرئيل عليه
السلام: يا محمد صل بملائكة السماء الدنيا فقد امرت بذلك .. فصليت بهم ...، وكذلك
في السماء الثانية والثالثة.
- فلما صرت في السماء الرابعة رأيت بها مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف
نبي، فقال جبرئيل عليه السلام .. تقدم وصل بهم، فقلت: يا أخي جبرئيل كيف أتقدم بهم
وفيهم أبي آدم وأبي إبراهيم ؟ فقال: إن الله تعالى قد أمرك أن تصلي بهم .. فإذا
صليت بهم فاسألهم بأي شئ بعثوا في وقتهم وفي زمانهم ؟ ولم نشرتم قبل أن ينفخ في
الصور ؟ فقال: سمعا وطاعة لله ..
- ثم صلى بالانبياء عليهم السلام فلما فرغوا من
صلاتهم ..
- قال لهم جبرئيل: بم بعثتم ولم نشرتم الآن يا
أنبياء الله ؟
- قالوا: بلسان واحد: بعثنا ونشرنا لنقر لك يا محمد
بالنبوة ولعلي بن أبي طالب عليه
السلام بالامامة) ذكره المجلسي في بحار الأنوار ج40 ص42.. ، (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث موضوع على النبي
وعلى ابن عباس .. مروي بدون أي سند .. والمتن ظاهر فيه صناعة الوضع والكذب من أجل
الإنتصار للمذهب الشيعي لإظهار إمامة الإمام علي بن أبي طالب ..!!
- وسبب كتابتي لهذه الرواية عند الشيعة .. إذ وجدت فيها الصلاة بالأنبياء والملائكة في السموات فيظن أنها تتفق مع الرأي القائل بصلاة النبي في السموات ... ولعل البعض قد يرى هذه الرواية فيظن أنها رواية صحيحة .. فذكرتها للتنبيه عليها أنها موضوعة ومجهولة السند .. والله أعلم .
4- جاء
في كتيب منشور ويباع على الأرصفة تحت مسمى (الإسراء والمعراج لابن عباس) .. ومما جاء في هذا
الكتيب: (ثم اصطفت الملائكة صفوفا فقدمنى جبريل فصليت بهم ركعتين على ملة إبراهيم الخليل ثم صعدنا إلى السماء الثانية فى أسرع من طرفة عين
وبينها وبين سماء الدنيا خمسمائة عام) ..، وذكر
الكتيب تكرار هذا الفعل بصلاة النبي بالملائكة في كل سماء كان يذهب إليها ..
- وهذا ليست حديث وإنما مجموع ملفق من روايات كثيرة جدا ..
قد جمعها أحد
الناس ونسبها لابن عباس .. وإما هو من وضعها تلفيقا بالكذب حين نسبها لابن عباس أو
لعل من كتبها قد جمعها باجتهاد منه ثم ان من قام بنشرها هو من نسب هذا المجموع
لابن عباس ليستطيع بيع هذا الكتيب .. والله أعلم بالحقيقة .. وفي كل الأحوال هذا
الكتيب المسمى (الإسراء والمعراج لابن عباس) هو كتيب باطل ومنسوب بالكذب لابن عباس
.. وهذا للتنبيه .
جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد وابلغه منا السلام وابلغ سيدنا ابراهيم الخليل والانبياء والمرسلين من بعده 🤍
طيب
ردحذفمجد عارف وعالم وداري إن حضرتك منزعج من الحيص بيص الذي في الأحاديث المروية.
لكن
السؤال بتاعي ألا ترى حضرتك أن هناك أيدي خطيرة وخفية وذكية بالشر = لعبت بالأحاديث؟
صحيح يا مجد أنا منزعج من كثرة المرويات في قصة الإسراء والمعراج .. وبعض التفاصيل التي يتم تقديمها في بعض الروايات وتأخيرها في بعض الروايات .. ولنفس الراوي .. خصوصا في قصة المعراج ما بعد السماء السابعة ..
حذف- حتى أنني تأخرت لمدة أربعة أيام أبحث عن (سدرة المنتهى) لماذا يقال عن (السدرة) انها شجرة ؟!! وحتى أصل إلى أحاديث صحيحة تشير لذلك .. فهذا استغرق مني وقت كثير جدا .. بالرغم من أن الأحاديث الضعيفة لفظ الشجرة واضح فيها جدا ..!!
- والذي يؤخرني في الرسالة هو تحقيق متون الروايات سواء في الصحيح أو الضعيف .. ومطابقة النصوص ببعضها وما الزائد وما الناقص .. وماذا أفترض أن يكون ماذا قبل ماذا أو هذا بعد هذا .. فالأمانة العلمية تقتضي ذلك دون هروب من مواجهات هذه النصوص علشان البعض عاوز يكبر دماغه ولا يحب البحث .. ولذلك وصلنا لما وصلنا إليه من تخبط وشبهات ومسائل كثيرة ..!!!
#- لكن صدقني الأكثر انزعاجا ليس الأحاديث .. وإنما الذين يشرحون الأحاديث ولا يجمعون بينهم إلا في أجزاء معينة .. ويتجاهلون باقي الأجزاء ..!!
#- أما عن الذي يغيظ الحجر ويجعله ينفلق .. أن تجد بعض من يتكلم في الإسراء والمعراج ويقول لك لا يوجد تعارض بين الروايات ..!! فلا ادري هل هذا جهل أم قلة علم أم حافظ مش فاهم أم ماذا ؟!!
#- أما بخضوض سؤالك .. دائما كانت هناك أيادي خفية لعبت بالأحاديث .. وإلا ما كانت هناك أحاديث موضوعة أي مكذوبة .. والاحاديث الصحيحة ما هي إلا طوق نجاة للبيان لما جاء في القرآن .. أما عما جاء في الأحاديث من تقديم وتأخير في الاسراء والمعراج فهو بحسب ما حفظ كل راوي ..
- ودعني أخبرك أمرا .. ليست المشكلة في الأحاديث أو القرىن .. لن القرىن فيه مبهمات ولذلك حكمة .. وظغنما المشكلة في النفوس يا مجد التي تحارب الدين .. فليست المشكلة في قصة أو حديث أو آية .. وإنما المشكلة هو رغبة البعض في التحرر من المسئولية الدينية .. وكأن الدين ما هو إلا صنم كبير صنعه الناس .. كما قالت (النظرية الإلحادية القديمة) .
=============================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
ربنا يبارك فيك ياأستاذ خالد
حذفربنا يمدك بمدده ويحفظك
القَلبُ جَوهرةٌ مُظلمةٌ مَغمُورةٌ بِتُرابِ الغَفلةِ، جَلاؤُها الفِكرُ، وَنُورُها الذِّكرُ، وَصندوقُها الصَّبرُ.
ردحذفسَيِّدي أحمد الرِّفاعي رضيَ اللّه عنه ♥️✨
اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم🌹
جزاك الله افضل الجزاء استاذنا خالد 🤲🏻🤍