ج45: قصة الإسراء والمعراج - مشاهد صحيحة لمن رآهم النبي يعذبون في ليلة المعراج - مشهد تعذيب الذين يغتابون الناس في أعراضهم - مشهد تعذيب الخطباء الذي يقولون ما لا يفعلون ويقرأون القرآن ولا يعملون به - الحكمة من رؤية النبي للمعذبين ليلة الإسراء والمعراج.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الخامس والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل الخامس والأربعون :: عن رحلة المعراج – ما هي المشاهد الصحيحة التي رآها النبي ليلة الإسراء والمعراج عن أحوال المعذبين في الآخرة ::

1- س110: ما هي المشاهد الصحيحة التي رآها النبي ليلة الإسراء والمعراج عن أحوال المعذبين في الآخرة ؟

أ- مشهد تعذيب الذين يغتابون الناس في أعراضهم.

ب- مشهد تعذيب الخطباء الذي يقولون ما لا يفعلون ويقرأون القرآن ولا يعملون به.

#- مشهد رؤية عاقر الناقة .. مشهد غريب منكر في الحديث.

2- س111: ما الحكمة من رؤية النبي للمعذبين ليلة الإسراء والمعراج ؟

******************

:: الفصل الخامس والأربعون ::

*******************

..:: س110: ما هي المشاهد الصحيحة التي رآها النبي ليلة الإسراء والمعراج عن أحوال المعذبين في الآخرة ؟ ::..

#- جاءت أحاديث تقول: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى مشاهد لبعض من يتم تعذيبهم بسبب خطاياهم .. وهذه المشاهد تم رؤيتها في ليلة الإسراء والمعراج .. ومن هذه المشاهد التي وجدتها بسند صحيح .. هما حديثين .. والثالث محتمل صحة بعضه ..

 

1- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي .. مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ، يَخْمُشُونَ (أي يخدشون فيجرحون) وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ .. فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ .. وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم.

 

- وقوله (لما عُرِج بي ربي) .. أي وقت أن صعد بي جبريل للسماء.

 

- وقد لا يكون المقصود به مكان العروج بل قد يكون المقصود به زمن العروج .. أي أن ما رأيته قد حدث في الليلة التي تم العروج بي فيها للسماء .. أي يقصد به الحكاية أن هذه الرؤية تمت في ليلة العروج به .. وكأنه يقول أنه مما حدث في تلك الليلة هو كذا .. ولذلك تحتمل أن يكون رآها في إسراءه قبل الوصول لبيت المقدس .. وتحتمل أيضا أن يكون أثناء عروجه رأى هذا المشهد قبل أن يصل للسماء .. ومحتمل أن يكون رآها لما وصل بالفعل للسماء الأولى .. وقد يكون بعد السماوات السبع في مكان ما قبل سدرة المنتهى .. والله أعلم .

 

2- في (حديث صحيح) .. عن محَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، خَتَنُ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا .. فَإِذَا فِيهَا رِجَالٌ تُقْرَضُ (أي تقص) أَلْسِنَتُهُمْ وشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ (أي بأداة للقطع مثل المقص) مِنْ نَارٍ .. فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ) رواه الطبراني في الأوسط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث صحيح.

 

#- وقوله (ليلة أسري بي على سماء الدنيا) .. ظاهرها يقول أنه رأى هذا المشهد من فوق السماء الدنيا لأنه قال (على السماء) .. وقد يقصد بها حكاية رؤية هذا المشهد إنما كانت في ليلة الإسراء التي كان معها المعراج أيضا .. وكأنه يقول: ومما كان حدث في تلك الليلة هو كذا .. فلا نعلم يقينا هل رأى هذه المشاهد في الإسراء قبل الوصول لبيت المقدس أم في المعراج حين الصعود للسماء .. الله أعلم.

 

#- وفي (حديث صحيح) .. جاءت الرواية السابقة بلفظ: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي .. رَأَيْتُ قَوْمًا تُقْرَضُ أَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِضَ مِنْ نَارٍ .. أَوْ قَالَ: مِنْ حَدِيدٍ .. قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ) رواه أبو يعلى في مسنده .. وقال محققه حسين أسد: رجاله رجال الصحيح.. وأشار محققو المسند إلى كونه صحيح في تخريج مسند أحمد عند كلامهم على الحديث رقم 12211 ج19 ص244 طبعة الرسالة.

 

#- وفي (حديث صحيح) بلفظ .. عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقَطَّعُ أَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ .. فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِمَا لَا يَفْعَلُونَ) رواه الطبراني في الأوسط.. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث صحيح الإسناد.

 

 

#- وفي (حديث صحيح) بلفظ: (أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِيَ .. عَلَى قَوْمٍ تُقْرَصُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نارٍ فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ .. وَيَقْرَؤُنَ كِتَابَ اللهِ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ) رواه البيهقي في الشعب وأبو نعيم في الحلية .. وأشار محققو المسند إلى كونه صحيح في تخريج مسند أحمد عند كلامهم على الحديث رقم 12211 ج19 ص244 طبعة الرسالة.

 

3- جاء في (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف) .. عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ .. فَسَمِعَ مِنْ جَانِبِهَا وَجْسًا ( أي صوت خفي) ..، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بِلالٌ الْمُؤَذِّنُ "، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ: قَدْ أَفْلَحَ بِلَالٌ، رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ...

- قَالَ: فَلَقِيَهُ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، فَقَالَ: وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ، سَبْطٌ شَعَرُهُ مَعَ أُذُنَيْهِ، أَوْ فَوْقَهُمَا فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ..

- قَالَ: فَمَضَى فَلَقِيَهُ عِيسَى، فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى ..

- قَالَ: فَمَضَى فَلَقِيَهُ شَيْخٌ جَلِيلٌ مَهِيبٌ فَرَحَّبَ بِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ .. قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ.

 

- قَالَ (أي ابن عباس):  فَنَظَرَ (أي النبي نظر) فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ (لحوما مُنتَّنة) ، قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ..، وَرَأَى رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ (لعل المقصود أحمر العينين أزرق الوجه والجسد من شدة الإختناق) جَعْدًا (أي كثير تجاعيد الوجه أو شعره مجعد خشن) شَعِثًا إِذَا رَأَيْتَهُ (أي شعره متفرق أي منكوش الشعر) .. قَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ .. قَالَ: هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ (أي قاتل ناقة النبي صالح).

 

- قَالَ (أي ابن عباس): فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي ..

- ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ ..

- فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ .. أَحَدُهُمَا عَنِ الْيَمِينِ، وَالْآخَرُ عَنِ الشِّمَالِ .. فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ، وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ .. فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ مِنْهُ، فَقَالَ: الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ) رواه أحمد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذا الحديث بالتفصيل .. راجع الفصل الثالث والثلاثون - تحت عنوان (س90: هل شرب النبي ضيافة اللبن من جبريل في ليلة الإسراء والمعراج في المسجد الأقصا أم بعد السماء السابعة أم بعد النزول من السماء ؟)

 

#- وعموما كما قلنا سابقا أن الرواية أظنها هي للضعف أقرب منها للتحسين .. وأظن أن مشهد رؤية عاقر الناقة هو زيادة شاذة ومنكرة في الرواية .. وإنما ذكرتها للإختلاف في تخريج حكمها عند أهل العلم .. حتى تكون على بينة .. والله أعلم .

 

@- تنبيهات على ما سبق مهمة جدا ..

#- أولا: بخصوص ما صح من مشاهد في رؤية أحوال المعذبين ..

1- مشهد الذين يغتابون أعراض الناس .. ومشهد خطباء الأمة .. هما فقط مشهدين قد صح فيهما أحاديث صحيحة السند .. ولم أجد غير ذلك من المشاهد قد جاء بسند صحيح .. ولكن جاء في أحاديث ضعيفة بعض مشاهد العذاب التي قد رآها النبي .. وقد سبق وأوضحت ذلك كما في حديث أبي العالية عن أبي هريرة ..

2- سبب ذكر هذه المشاهد في رحلة المعراج .. لأن الروايات تشير لذلك .. بسبب ألفاظها فرواية أتت بلفظ: (لما عُرج بي) .. ورواية أتت بلفظ: (ليلة أُسري بي على السماء الدنيا) .. ورواية تكلمت عن الجنة ثم عن النار مباشرة وكأنهما قريبتان من بعضهما .. فهذه الألفاظ توهم أو توحي بأن الرؤية كان في المعراج .. وقد تكون في السماء الأولى .. وقد تكون بعد ذلك كما ظننت في مكان قريب من سدرة المنتهى بعد السموات السبع .. كما سبق وأضحت في الفصل السابق .. الله أعلم .

 

#- وهنا ملحوظة هامة: رؤية مشاهد المعذبين إنما هي رؤية مثالية وليس رؤيا واقعية .. يعني مجرد مَشاهد لأحكام ستحدث مع بعض الناس على سبيل التمثال التصويري أمام عينه ليحكي لنا ما هو حكم هؤلاء وما سيحدث لهم .. وسبق شرح ذلك بأمثلة في الفصل السابق .. ولما كان المقصد برؤية مشهد المعذبين بالرؤية المثالية فبالتالي لا وجه لمن ينكر أن النبي رأى هذه المشاهد في السماء أو فوق السموات .. ويحتج بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) الأعراف:40.

 

- وبغض النظر عن الآية تتكلم عن الكافرين .. وبعيدا عن أي مناقشات لا قيمة لها الآن .. ولكننا نحب أن نذكر هؤلاء الطيبين الذين يستدلون بهذه الآية أنها لا علاقة لها بما رآه النبي لأن المعذبين الذين رآهم النبي هم العصاة من أمته وليسوا من الكافرين حتى يحتج أحد بهذه الآية ويقول لا يمكن للنبي أن يكون رأى المعذبين في السماء ..!!

- ليه يا عم الحاج ؟!!

- هو كان رأى عذاب الكافرين في السماء حتى تحتج بهذه الآية ؟!!

- أكيد .. لا يظهر هذا من الروايات الصحيحة التي لا يختلف عليها أحد في صحتها.

- والحمد لله هذه جزئية أظن لم ينتبه لها أحد من قبل ..!! - والله أعلم .

 

- وعلى افتراض يا عم الحاج .. أنه رأى مشاهد للمعذبين الكافرين في السماء .. هو احنا قلنا أنها رؤية أجساد فعلية معذبة كما سيحدث يوم القيامة أو حتى قلنا أنها رؤية لأرواح معذبة ؟!!

- لا .. ما قلناش كده .. بل قلنا رؤية كشفية كمثال لبعض العقوبات وأحوال بعض الناس .. فما علاقة الآية التي استدللت بها وعلاقتها بما نتكلم عنه حينئذ يا عم الحاج .. الله يهديلك نفسك ؟!!

 

- ولكن دفعا لهذه المناقشات الآن .. فهذه الآية لا يصح الإعتراض بها عموما .. لأننا هنا نتكلم عن مرائي مثالية وليست مرائي واقعية كانت تحدث بالفعل وقت رؤية النبي لها .. فهي مجرد صور مثالية لأحكام ستنزل ببعض العصاة وكيفية تنفيذ هذه الأحكام ..

- ولكن حينما تكلمت عن رؤية النبي للجنة والنار (كحقيقة مادية أدركها بحسه) .. فمقصدي أنه رآهما فعلا وحقا ويقينا كحقيقة وجودية فعلا .. فافهم كلامي جيدا .

 

#- خلاصة القول مع ملاحظات هامة:

1- محتمل .. أن يكون مشاهد المعذبين قد رآها النبي أثناء إسراءه .. وقبل أن يصل لبيت المقدس ..

- ومحتمل أيضا .. أن يكون رأى هذه المشاهد في السماء الأولى ..

- ومحتمل أيضا .. كما قلنا سابقا أن يكون رأها في سدرة المنتهى على افتراض أن النار قبل الوصول لسدرة المنتهى أو عند سدرة المنتهى .. كما أن الجنة عند سدرة المنتهى .. ولعل هذا التواجد في منطقة واحدة مع اختلاف المقامات وبعد المسافات .. فالقصد كان هو رؤية آيات الله الكبرى ..

 

- ورؤية مشاهد المعذبين: سواء في الأرض أو في السماء أو فوق السماء .. فهي رؤية كشفية مثالية لما سيحدث لهم وليس بمعنى أنه كان يحدث لهم ذلك وقت رؤيتهم .. والله أعلم.

 

2- حاول التمييز والتفرقة بين حالتين في كلامي .. حالة رؤية مشاهد المعذبين كمثال لما سيحدث لهم .. وبين حالة رؤية النار كحقيقة وجودية فعلا مهيأة لاستقبال العصاة والكافرين .. وهي التي رأى فيها النبي شجرة الزقوم .. وسبق الكلام عن هذا في الفصل السابق .. لأننا في الفصل السابق تكلمنا عن رؤية الجنة والنار .. وفي هذا الفصل تكلمنا عن رؤية مشاهد المعذبين .. وليست رؤية النار كحقيقة وجودية .

 

3- جاء عقابين للذين يغتابون الناس في أعراضهم .. مرة يخدشون وجوههم وصدورهم في الرواية الصحيحة .. ومرة يأكلون لحوما نتنة كما في الرواية التي يغلب عليها الضعف والبعض صححها .

 

- وعلى افتراض صحة الروايات .. فيكون الذين يتكلمون في أعراض الناس ويتهمونهم باتهامات هم بريئون منها (كالذين يتهمون فلانه في شرفها أو يتهمون فلانا بأنه يفعل أسحارا لهم .. وهكذا – ثم لم يتوبوا عن ذلك) .. فأمثال هؤلاء مرة يحدث لهم عقاب بتشويه وجوههم وصدورهم بقطعها بالأظافر النحاسية جزاء لهم كما شوهوا في الدنيا سمعة الناس باتهامات باطلة ومزقزا صدورهم ألما باتهاماتهم الباطلة فكان عاقبهم بمثل ما فعلوا .. ومرة أخرى يكون عقابهم أنهم يأكلون لحوم منتنة كما كانوا يأكلون في أعراض الناس بالباطل في الدنيا .. والله أعلم .

 

4- رواية ابن عباس على ما فيها من ضعف .. قد أقبل منها بعض المشاهد لوجود أدلة منها في أحاديث اخرى صحيحة .. ولكن مشهد رؤية عاقر الناقة غريب في الرواية .. وهي زيادة منكرة في الرواية ولا شاهد لها في الأحاديث الصحيحة ولا الضعيفة .. وهذه الزيادة انفرد بها "قابوس" وهو ممن لا يحتمل تفرده لما فيه من ضعف..

- ولذلك أميل بقوة لضعف هذه الرواية ليس سندا فقط وأنما لنكارة بعض متنها أيضا .. هذا رأيي والله أعلم.

 

5- رؤية بعض مشاهد المعذبين .. ستلاحظ فيها شيء وهو أنها لا يوجد فيها تعذيب بالنار إلا في الأداة التي تستخدم في قص ألسنة وشفايف الدعاة الذين يرشدون الناس للفضائل والحقوق .. ويظهرون أمام الناس بكونهم أتقياء وأفاضل .. وحقيقتهم تخالف ذلك ..

- وكأن أحوال الآخرة ليست فقط عذاب بالنار .. وإنما منها ما يكون بالنار ومنها ما يكون بوسائل أخرى مؤلمة كالذين يتكلمون في أعراض الناس فتكون لهم أدوات يجرحون بها وجوههم ومرة أخرى يأكلون لحوم منتنة ..

 

****************************

 

..:: س111: ما الحكمة من رؤية النبي للمعذبين ليلة الإسراء والمعراج ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

@- الحكمة من رؤية النبي للمعذبين ليلة الإسراء والمعراج:

- أرى أن ذلك لحكمتين حسب ما أظن:

- الأولى: الرحمة بأمة النبي من خلال تنبيهها بهذا العذاب حتى يفيق الغافلون وينتبهوا لما يفعلوه.

- الثانية: أن يعلم النبي أن في أمته من يكون هذا حاله فاجمع عزيمتك وهمتك في الشفاعة لهم يا صاحب المقام المحمود.

- والله أعلم .

 

#- وننتقل بعد ذلك إن شاء الله .. لمناقشة المشاهد الصحيحة التي قيلت في الجنة التي هي عند سدرة المنتهى .. ومناقشتها في فصل ساخن جدا قد يكون بعض محتواه غريب ولطيف وممتع .. لأنه مرتبط بالروضة النبوية والكوثر والجنة ومنبر النبي مع مناقشة الذين قالوا أن الجنة ستكون على الأرض واستدلوا بقوله (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ) الزمر:74 .. وكأنهم أرادوا القول بأنه لو كانت الجنة في مكان غير الأرض لكان قال تعالى: "أورثنا الجنة نتبوأ من أرضها حيث نشاء" ..!!

- تعالوا نشوف مع بعض إيه الحكاية دي .. في الفصل القادم إن شاء الله .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .