ج46: قصة الإسراء والمعراج - رؤية نهر الكوثر وطيور البُخت - من المشاهد الصحيحة التي رآها النبي عند دخوله الجنة ليلة الإسراء والمعراج - لماذا لم يذكر النبي لنا تفاصيل الجنة مما رآه ليلة المعراج

                      بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل السادس والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل السادس والأربعون :: عن رحلة المعراج – ما هي المشاهد الصحيحة التي رآها النبي ليلة الإسراء والمعراج في الجنة ::

1- س112: ما هي المشاهد الصحيحة التي رآها النبي عند دخوله الجنة ليلة الإسراء والمعراج ؟

@- رؤية نهر الكوثر .. وطيور البُخت.

2- س113: هل دخل النبي الجنة ليرى فقط نهر الكوثر وطيور البُخت ؟ أو (لماذا لم يذكر النبي لنا تفاصيل الجنة مما رآه ليلة المعراج ؟)

@- المقصد بالرؤية هو النبي وليس نحن.

@- لم يأذن له الله بذكر تفاصيل مما رآه.

******************

:: الفصل السادس والأربعون ::

*******************

 ..:: س112: ما هي المشاهد الصحيحة التي رآها النبي عند دخوله الجنة ليلة الإسراء والمعراج ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- جاء في (حديث صحيح) .. حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حدثنا وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، قَالاَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. ومما جاء في الحديث: (فَرُفِعَ لِي (أي أخذ بيدي جبريل وانتقلت إلى) البَيْتُ المَعْمُورُ .. فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ . فَقَالَ: هَذَا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ .. إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ ..

- وَرُفِعَتْ لِي (أي أخذ بيدي جبريل وانتقلت إلى) سِدْرَةُ المُنْتَهَى .. فَإِذَا نَبِقُهَا (أي ثمرها) كَأَنَّهُ قِلاَلُ (أي وعاء يوضع فيه الماء) هَجَرَ (اسم قبيلة كانت تصنع هذه القِلال) .. وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الفُيُولِ (أي الفيلة جمع فيل وهو الحيوان الضخم الحجم) .. فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ .. وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ .. فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ: فَفِي الجَنَّةِ (أي نهري الكوثر والسلسبيل في رأي بعض العلماء) .. وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ (أي نهر النيل في مصر) وَالفُرَاتُ (أي نهر الفرات في بغداد) .. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاَةً ...) صحيح البخاري.

2- (حديث صحيح) .. عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا .. فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ) صحيح البخاري.

 

#- وفي (حديث صحيح) .. بلفظ آخر .. عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ .. إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ .. الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ .. فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ (أي شديد الرائحة الطيبة)) صحيح البخاري.

 

#- وفي (حديث صحيح) .. بلفظ آخر .. عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: (فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ: هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ ..، (ثم حكى أنس أن النبي كان أخبرهم انه رأه بعينه) ... قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: رَأَيْتُ نَهْرًا فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ فَقُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

#- وفي (حديث صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ .. إِذْ عُرِضَ لِي نَهْرٌ .. حَافَّتَاهُ (أي على جوانبه) قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ (أي جواهر من اللؤلؤ تملأ جانبه) ، قُلْتُ لِلْمَلَكِ: مَا هَذَا ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ (ومعناه الكثير الخير) الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ .. قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى طِينَةٍ (أي من قعر هذا النهر) فَاسْتَخْرَجَ مِسْكًا .. ثُمَّ رُفِعَتْ لِي (أي رأيت) سِدْرَةُ المُنْتَهَى (أي فذهبت إليها) فَرَأَيْتُ عِنْدَهَا نُورًا عَظِيمًا) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

 

3- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْكَوْثَرِ، فَقَالَ: نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَفِيهِ طَيْرٌ كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ (أي طويلة العنق وسمينة كعنق الجمل) .. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ تِلْكَ لَطَيْرٌ نَاعِمَةٌ (أي متمتعة بكون لحمها سمين ولها أوصاف مميزة تتمتع العين بالنظر إليها) .. فَقَالَ: أَكَلَتُهَا (أي طعمها وتذوقها) أَنْعَمُ مِنْهَا (أي أطيب من مجرد رؤيتها) يَا عُمَرُ) رواه أحمد والترمذي .. وقال الترمذي: حديث حسن ..، وقال محققو المسند: إسناده صحيح ورجاله ثقات.

 

#- وجاءت مشاهد رآها النبي في الجنة ولكن أتت بسند ضعيف وفي بعضها ما جاء في الحديث الصحيح السابق .. ومن ذلك:

- وجاء في (حديث ضعيف جدا) .. عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ .. ومما جاء في الحديث: (قَالَ: ثُمَّ رُفِعَتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَإِذَا كُلُّ وَرَقَةٍ مِنْهَا تَكَادُ أَنْ تُغَطِّيَ هَذِهِ الْأُمَّةَ .. وَإِذَا فِيهَا عَيْنٌ تَجْرِي يُقَالُ: لَهَا سَلْسَبِيلٌ، فَيَنْشَقُّ مِنْهَا نَهْرَانِ أَحَدُهُمَا: الْكَوْثَرُ وَالْآخَرُ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الرَّحْمَةِ .. فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ، فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ .

- ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى الْجَنَّةِ .. فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَارِيَةٌ فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ يَا جَارِيَةُ؟ قَالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.

- وَإِذَا أَنَا بِأَنْهَارٍ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٍ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَأَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وَإِذَا رُمَّانُهَا كَأَنَّهُ الدِّلَاءُ عِظَمًا (أي كبيرة الحجم مثل الدلو) .. وَإِذَا أَنَا بِطَيْرٍ كَالْبَخَاتِي هَذِهِ (أي جمال طوال الأعناق) ..

- فَقَالَ عِنْدَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ..

- قَالَ: ثُمَّ عَرَضْتُهُ عَلَى النَّارِ فَإِذَا فِيهَا غَضَبُ اللهِ وَرِجْزُهُ وَنِقْمَتُهُ .. لَوْ طُرِحَ فِيهَا الْحِجَارَةُ وَالْحَدِيدُ لَأَكَلَتْهَا .. ثُمَّ أُغْلِقَتْ دُونِي.

- ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. فَتَغَشَّى لِي .. وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) رواه البيهقي في الدلائل .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف جدا .. لأن في السند (أبو هارون العبدي) وهو متروك الحديث .

 

#- وفي (حديث ضعيف جدا) .. بلفظ آخر عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري .. وجاء فيها: (ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَجَرَةُ إِنْ كَانَتِ الْوَرَقَةُ مِنْهَا لَمُغَطِّيَةٌ هَذِهِ الْأُمَّةَ، فَإِذَا فِي أَصْلِهَا عَيْنٌ تَجْرِي قَدْ تَشَعَّبَتْ شُعْبَتَيْنٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جَبْرَائِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا هَذَا: فَهُوَ نَهْرُ الرَّحْمَةِ، وَأَمَّا هَذَا: فَهُوَ الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ، فَاغْتَسَلْتُ فِي نَهْرِ الرَّحْمَةِ فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ.

- ثُمَّ أُخِذْتُ عَلَى الْكَوْثَرِ حَتَّى دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بِشْرٍ .. وَإِذَا فِيهَا رُمَّانٌ كَأَنَّهُ جُلُودُ الْإِبِلِ الْمُقَتَّبَةِ (أي تشبه ظهر الجمل المقوس عاليا – أي كبيرة الحجم) .. وَإِذَا فِيهَا طَيْرٌ كَأَنَّهَا الْبُخْتُ (أي الجمال الطويلة العنق)" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ تِلْكَ الطَّيْرَ لَنَاعِمَةٌ، قَالَ: " أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا أَبَا بَكْرٍ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَأْكُلَ مِنْهَا.

- وَرَأَيْتُ فِيهَا جَارِيَةً فَسَأَلْتُهَا: لِمَنْ أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ .. فَبَشَّرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا.

- قَالَ: ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرِهِ، وَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً) رواه أبو جعفر الطبري في تفسيره .. والحديث أيضا ضعيف جدا لأن فيه (أبي هارون العبدي) ..

 

4- جاء في (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف) .. عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ .. فَسَمِعَ مِنْ جَانِبِهَا وَجْسًا ( أي صوت خفي) ..، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بِلالٌ الْمُؤَذِّنُ .. فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ: قَدْ أَفْلَحَ بِلَالٌ، رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا ...) رواه أحمد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذا الحديث بالتفصيل وهو يغلب عليه الضعف .. راجع الفصل الثالث والثلاثون - تحت عنوان (س90: هل شرب النبي ضيافة اللبن من جبريل في ليلة الإسراء والمعراج في المسجد الأقصا أم بعد السماء السابعة أم بعد النزول من السماء ؟)

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

أ- جزئية بلال المذكورة في الرواية السابقة أظنها من منكرات الرواية .. لأن هذه الجزئية الخاصة ببلال هي أشبه أن تكون رؤيا منامية أو كشفية في اليقظة .. وذلك من خلال معراج روحي من المعارج الروحية التي حدثت للنبي صلى الله عليه وسلم وسنتكلم عنها في فصول قادمة إن شاء الله .. ولكن ليس لها علاقة بالإسراء والمعراج.

 

ب- وهذا يكشفه ما رواه الإمام مسلم .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ: عِنْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ (أي بعد صلاة الفجر) .. يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ .. عِنْدَكَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْفَعَةً .. فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ (أي صوت) بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ .. قَالَ بِلَالٌ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا فِي الْإِسْلَامِ أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَةً .. مِنْ أَنِّي لَا أَتَطَهَّرُ طُهُورًا تَامًّا (أي لا أتوضأ وضوءا) فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ .. إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ .. مَا كَتَبَ اللهُ لِي (أي ما قُدِّر لي) أَنْ أُصَلِّيَ) صحيح مسلم والبخاري .. ولكن عند البخاري لا يوجد كلمة (الليلة) .

 

ج- إذن: فالحديث أشبه ما يكون رؤيا رآها النبي مناما أو رؤيا كشفية رآها يقظة .. ولكن بكل تأكيد ليس ليلة الإسراء .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانا بعد صلاة الفجر يسأل أصحابه من رأى منكم رؤيا فيحكيها علينا ليفسرها النبي لهم .. وإن لم يرى أحد شيئا فهو صلى الله عليه وسلم يحكي لهم ما رآه.

 

د- وقول النبي (الليلة) .. ثم ذكره لهذه الحكاية بعد صلاة الفجر .. فهذا معناه أنها كانت رؤيا منامية أو كشفية "أي يقظة".

 

#- ولذلك قال الإمام التوربشتي رحمه الله (المتوفى: 661 هـ): وهذا شيء كوشف به من عالم الغيب في نومه أو يقظته. (الميسر في شرح المصابيح ج1 ص325).

- والله أعلم.

 

#- خلاصة القول:

1- أن من جملة المشاهد الصحيحة هو رؤية نهر الكوثر .. وتوصيف ما جاء فيها من تربتها ومائها وجوانبها وطيورها ..

 

2- ومن جملة المشاهد الغير صحيحة هو رؤية فتاة جميلة ستكون زوجة أو جارية لزيد بن حارثة في الجنة .. وكذلك لم يثبت صحة سماع النبي لصوت نعال بلال في الجنة في وقت المعراج وإنما حدث ذلك في رؤية منامية ..

- والله أعلم .

 ************************

..:: س113: هل دخل النبي الجنة ليرى فقط نهر الكوثر وطيور البُخت ؟ ::..

 - أو يقال: (لماذا لم يذكر النبي لنا تفاصيل الجنة مما رآه ؟)

- من المسائل التي قد تخطر ببالك أخي الحبيب فتقول: هل النبي دخل الجنة ليرى فقط نهر الكوثر وطيور البُخت ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لعلك أخى الحبيب لو انتبهت للروايات ستجد أن المشهور مما حكاه النبي هو رؤيته وتوصيفه لنهر الكوثر على وجه الخصوص .. أما رؤية طيور البخت فهذه أتت حكاية مع عمر بن الخطاب لما سأله النبي عن نهر الكوثر .. فأضاف له معلومة أن حوله طيور أعناقها كأعناق الجمال الطويلة والسمينة .. والجميلة الرؤية والطعم للمؤمنين الذين يرزقهم الله هذا الرزق .. اللهم اجعلنا منهم يارب.

 

- إذن هناك مشاهد أخرى .. ولكن كان النبي يذكرها في مواقف مختلفة .. وفي العموم سنجد أن أشهر شيء ذكره النبي هو توصيف نهر الكوثر من حيث ماءه وتربته وجوانبه والطيور التي تطير حوله .. ولكن لماذا اكتفى النبي بذكر هذا المشهد .. والجنة فيها من خيرات الله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ؟

 

#- أجيبك فأقول:

- أولا: انتبه إلى شيء مهم جدا:

- انتبه إلى أن المقصد من الإسراء والمعراج هو أن يرى النبي من آيات ربه الكبرى وليس ليقص علينا من آيات ربه الكبرى .. فهو يذكر لنا بعض مما رآه دون تفاصيل لأن المقصد بالرحلة والرؤية هو النبي صلى الله عليه وسلم .. فإن كان ذكر لنا شيئا فهذا مما أذن به الله له أن يذكره لنا .. وإلا فآيات القرآن في الجنة والنار وفيرة في التعرف عليهما .. فتأمل الكلام وأبصر يرحمك الله.

 

- ثانيا: النبي تكلم فيما هو مأذون بالكلام عنه ..

- لعل النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بذلك لأن هذا مما أذن الله له به أن ينطق به ويعرفهم عليه .. ولعل التعريف بنهر الكوثر كان للدلالة أيضا على ما فضله الله به .. كخصوصية نبوية له ولأمته .. ولتفسير معنى الكوثر في القرآن ..

 

#- ملحوظة مهمة: هناك أوصاف للجنة ذكرها النبي وتم ذكرها في أحاديث مختلفة .. ولكن لم يأتي ذكر الإسراء والمعراج فيها .. ولذلك هذه الأوصاف قد تكون محتمل رؤيتها في الجنة ليلة المعراج .. ومحتمل تكون مما رآه في أحد معارجه الروحية .. ومحتمل تكون من جملة ما أخبره به الوحي .. ولذلك لم أذكر هذه الأحاديث هنا لعدم اليقين بمكان رؤيتها .. والله أعلم .

 

#- ولكنك ستجد هذه التفاصيل لو بحثت عنها في الإنترنت أو في الكتب تحت جملة (صفات الجنة) .. فستجد آيات كثيرة وأحاديث صحيحة تصف بعض مما في الجنة ولم نذكره هنا .. علما بأن ما ستجده عن مواصفات الجنة سواء في القرآن أو في الأحاديث فهي مواصفات عامة مثل وجود أنهار وفواكه ومتع كثيرة وراحة ولك كل ما تتمنى وتشتهي .. ولكن دون تفاصيل لهذه الأمور .. لأنها مما لا توصيف لها لأنها لا تخطر على قلب بشر وليس لها إذاك عقلي لتتصور كيف سيكون ..!! فافهم.

 

@- وقبل أن ننتقل لمشهد الوصول عند نقطة سدرة المنتهى بعد دخول الجنة .. فهنا مسائل يجب مناقشتها ..  

- الأولى: هل الجنة في الأرض وليست في السماء كما ظن بعض العلماء ؟

- الثانية: لو كانت الجنة في الأرض فهل من أجل ذلك موجودة جزء منها في المسجد النبوي ونهر الكوثر يمر بمنبر النبي ..؟

- الثالثة: ما هو ترتيب مرور النبي الصحيح لدخول الجنة .. فهل دخل النبي الجنة أولا ثم رجع لنقطة سدرة المنتهى لأن الجنة وسدرة المنتهى قريبتان لبعضهما .. أم أن النبي وصل لمنتهى سدرة المنتهى وكلم الله ورجع لموسى وحاوره وبعد ذلك رجع ودخل الجنة ؟!!  

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .