ج47: قصة الإسراء والمعراج - هل الجنة موجودة على الأرض الآن وما علاقة ذلك بالروضة الشريفة ومنبر النبي - اللهم اسقنا من يد النبي شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا.- معنى حديث النبي (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة .. ومنبري على حوضي).

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل السابع والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل السابع والأربعون :: عن رحلة المعراج – مناقشة مسألة وجود الجنة في السماء أم في الأرض وعلاقة ذلك بالروضة الشريفة ومنبر النبي - فتوى فيها مخالفة للشريعة تقول: لا يصح الدعاء بقولك: اللهم اسقنا من يد النبي شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ::

1- س114: هل الجنة موجودة الآن على الأرض بدلالة حديث (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ .. وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي) ؟  

#- أولا: ما ذهب إليه البعض من كون الجنة الآن على الأرض هو كلام غير دقيق.

#- ثانيا: ما معنى قول النبي (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) ؟

#- رابعا: التعريف بحوض النبي ومتى يصل المؤمنين إليه ليشربوا منه .

#- خامسا: حديث لم يصح لفظا ويصح معنى (بين قبري ومنبري روضة) ..

#- سادسا: إشارات وتذوقات (خالد صاحب الرسالة) في فهم المقصد من حديث النبي الخاص بالروضة وحوضه بين بيته ومنبره.

#- سادبعا: أحوال بعض الناس في الروضة وأحاسيسهم.

#- ثامنا: معتقدات خاطئة وأوهام تحرر منها عند ذهابك للروضة.

 

2- س115: هل سنشرب من يد النبي شربة لا نظمأ بعدها أبدا يوم القيامة من نهر الكوثر عند حوض النبي ؟ (الرد على فتوى منتشرة على الإنترنت مخالفة للشريعة)

#- أولا: النبي يسقي أمته من الحوض بنص حديث صحيح البخاري.

#- ثانيا: الإمام أحمد بن حنبل طلب من الله السقاية من كأس النبي مشربا رويا لا يظمأ بعده أبدا.

#- ثالثا: الرد على الاستنكار العقلي في أن يسقي النبي أمته وأن هذا لا يليق بمقام النبوة ..!!

******************

:: الفصل السابع والأربعون ::

*******************

..:: س114: هل الجنة موجودة الآن على الأرض بدلالة حديث (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ .. وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي) ؟ ::..

 

#- يوجد رأي في كتب أهل العلم يقول: بأن الجنة على الأرض الآن .. ولكن ما دليل الرأي القائل بان الجنة على الأرض الآن ؟!

 

#- ودليلهم في أن الجنة على الأرض الآن هو الآتي:

- جاء في (حديث صحيح) .. عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ .. وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي) صحيح البخاري.

 

- ومقصد استدلالهم بالحديث: هو أنه لو لم تكن الجنة الآن على الأرض الآن .. ما كان قال النبي أن ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة وأن منبره على حوضه الذي هو الكوثر أو موصول بنهر الكوثر .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: ما ذهب إليه البعض من كون الجنة الآن على الأرض هو كلام غير دقيق ..

- وإن كان ظاهر لفظ الحديث النبوي يقول بذلك .. إلا أنه ليس المقصود هو ظاهر لفظه .. ليه ؟

 

1- لأنها لو كانت الروضة الشريفة هي من جنة الآخرة .. فكيف ذلك إذا كانت الجنة لا يدخلها أحد إلا يوم القيامة ؟!! وإذا دخلها لا يخرج منها لأن الله يقول: (خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) الكهف:107 .. ومعنى (لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) أي لا يتحولون عنها لشدة تعلقهم بها حينئذ .. فلا ينصرفون عنها أبدا.

- ولكن الروضة الشريفة وهي المساحة التي بين بيت النبي "قبره حاليا" وبين منبره .. المؤمنون يدخلونها ويرحلون منها .. ولا يجدون فيها طعاما ولا شرابا ولا نعيم الجنة .. فكيف يقال حينئذ أنها قطعة من جنة الله في الأرض وهي لا تنطبق عليها مواصفات الجنة ؟!!

 

2- وكيف يقال: أن منبر النبي على حوضه في حين أن حوض النبي لو افترضنا أنه نهر الكوثر فيكون في جنة المأوى التي هي عند سدرة المنتهى فوق السماء السابعة .. ولو افترضنا أن الحوض يقصد به مكان موصول بحوض الكوثر وسيكون في مكان ما قبل دخول الجنة أو قبل المرور على الصراط (آراء مختلفة للعلماء) .. ففي كل الأحوال هذه أمور أخروية وليست أمور دنيوية .. إذ قد تتبدل الأرض والسموات .. ولكن الآن لا نظن أن يكون حوض النبي الموصول بالكوثر تحت منبره .. لأنه لا يوجد أحد يشرب من تحت منبر النبي .. ولو كان يمكن حدوث ذلك لأحد لكان من باب أولى حدث لخواص أصحابه صلى الله عليه وسلم ومنهم سيدنا أبي بكر وعمر وعلي وغيرهم .. ولكن هذا لم يبلغنا عنهم.

 

@- إذن مما سبق يظهر أن مسألة وجود الجنة في الأرض الآن هو ظن خطأ ..

 

#- ثانيا: ما معنى قول النبي (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) ؟

- قال الإمام أبو الحسن بن بطال رحمه الله (المتوفى: 449هـ) في شرح حديث (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة):

- الروضة فى كلام العرب: المكان المطمئن من الأرض فيه النبت والعشب.

- وإنما عَنَى (صلى الله عليه وسلم): أن ذلك الموضع للمصلى فيه .. والذاكر الله عنده والعامل بطاعته كالعامل فى روضة من رياض الجنة .. وأن ذلك يقود إلى الجنة .. وكذلك ما كان يُسمع فيه من النبى صلى الله عليه وسلم .. من الإيمان والدين يقود إليها أيضًا .. كما قال صلى الله عليه وسلم: (ارتعوا فى رياض الجنة) .. قيل: ما رياض الجنة ؟ قال: (مجالس الذكر)) ..، فجعل مجالس الذكر فى شرفها وفضلها بمنزلة رياض الجنة .. وجعل ذاكر الله فيها كالراتع فى رياض الجنة..، وكما قال (صلى الله عليه وسلم) : (الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ) يعنى أنه عمل يوصل به إلى الجنة، وكما قال: (الأم باب من أبواب الجنة) ، يريد أن يره بها ودعاءها له يوصله إلى الجنة .. وهذا معلوم فى لسان العرب .. تسمية الشىئ بما يئول إليه ويتولد عنه. (شرح صحيح البخاري لابن بطال ج3 ص184).

 

#- ملاحظات على الأحاديث الواردة في كلام الإمام بن بطال رحمه الله:

أ- حديث: (إذا رأيتُم رياضَ الجنةِ فارتَعُوا قيل وما رياضُ الجنةِ قال حلقُ الذَّكَرِ) رواه أحمد والترمذي .. وقال الترمذي حسن غريب .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف.. وأشار الألباني لتحسينه لشهواهده في الصحيحة برقم (2562).

ب- حديث: (الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ) صحيح البخاري.

ج- حديث: (الأم باب من أبواب الجنة) .. لم أجده بهذا اللفظ .. ولكن يوجد ما يشير لهذا المعنى وهو قول النبي (الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا) رواه النسائي وأشار لتحسينه الشيخ الألباني .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على كلام الإمام بن بطال رحمه الله:

- وأظن أن الإستدلال بحديث مجالس الذكر لا يصح .. لأنه يشير إلى فضيلة أفعال .. ولكن حديث النبي يشير إلى فضيلة مكان مخصوص وليس فضيلة أفعال في مكان .. وأشبه ما يكون في الاستدلالات السابقة هو حديث (الجنة تحت رجليها) وكأن المكان الذي تطأه الأم هو محلا للجنة والمقصد هو رعاية الأم أينما ذهبت .. كما هو حال المكان في الروضة الشريفة كلما جلت فيه فأنت تجلس في الجنة ..

 

- ولكن الحديث يشير إلى فضيلة مكان وليس فضيلة أفعال في المكان .. إذ أن الحديث ذكر الروضة الشريفة وكأنها خبر أراد النبي أن يعرفنا به بوجود خصوصية فضل مرتبطة بهذا المكان .. إذ لا نتصور أن العبادة في الروضة الشريفة تجعلك كأنك في الجنة .. وحتى لو افترضنا ذلك .. فكيف سيتم تفسير أن حوض الكوثر يمر من تحت منبر النبي ؟!!

 

#- إذن: كان مقصد النبي هو إظهار فضيلة المكان وليس العبادة في المكان ..

 

@- ولكن كيف نفهم حينئذ الحديث .. وقد قلنا سابقا أن الجنة ليست على الأرض واعترضنا على ذلك ؟!!

1- قال بعض العلماء: أن المقصد أن هذا الجزء من الروضة الشريفة هو قطعة حقيقية من الجنة .. كما أن الحجر الأسود عند الكعبة هو حجر من الجنة كما جاء في الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: (نَزَلَ الحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الجَنَّةِ .. وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ .. فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ) رواه النسائي وأحمد .. ورواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح .. قال الإمام الضياء الأعظمي رحمه الله: قلت: وفيه عطاء بن السائب ممن اختلط، وجرير ممن رواه عنه بعد الاختلاط، ولكن رواه النسائيّ (2935)، والإمام أحمد (2795) كلاهما من حديث حماد، عن عطاء بن السائب، بإسناده، مثله..، إلا أنّ النسائي ذكره مختصرًا، وحماد هو ابن سلمة وهو ممن سمع من عطاء قبل اختلاطه؛ وبهذا يكون الإسناد صحيحا فإن عطاء بن السائب ثقة، وثَّقه الأئمة. (الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل ج9 ص229-230).

 

2- وقال بعض العلماء: لعل المقصود أن هذا الجزء وهو الروضة الشريفة سيقتطع ويكون في الجنة يوم القيامة ..

أ- قال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله  656 هـ):

- قال القاضي عياض: أجمع المسلمون على أن موضع قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل بقاع الأرض كلها .. وقد حمل كثير من العلماء هذا الحديث على ظاهره فقال: ينقل ذلك الموضع بعينه إلى الجنة..

- وقال بعضهم: يحتمل أن يريد به أن العمل الصالح في ذلك الموضع يؤدي بصاحبه إلى الجنة. (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج3 ص503).

 

ب- وقال الإمام القسطلاني رحمه الله (المتوفى: 923هـ):

- (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة): أي تقتطع منها أو تنقل إليها فتكون من رياضها .. (شرح البخاري للقسطلاني ج9 ص342).

 

#- ثالثا: ما معنى قول النبي (ومنبري على حوضي) ..؟!!

 

أ- قال الإمام أبو الحسن بن بطال رحمه الله (المتوفى: 449هـ):

- وقوله: (ومنبرى على حوضى): يحتمل أن يكون الله تعالى يعيد المنبر بعينه .. ويرفعه فيكون على حوضه .. كأنه قال عليه السلام: ولى أيضًا منبر على حوضى أدعو الناس إلى الحوض عليه. (شرح صحيح البخاري لابن بطال ج3 ص184).

ب- قال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله  656 هـ):

#- وقوله (ومنبري على حوضي) .. حمله أكثرُهم على ظاهره فقال: يكون منبره ذلك بعينه على حوضه .. وقيل: إن له على حوضه منبرًا آخر غير ذلك أعظم وأشرف منه.

- وقيل: معناه إن ملازمة منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - لسماع الذكر والوعظ والتعلم يُفضي بصاحبه إلى الورود على الحوض.

- وللباطنية في هذا الحديث من الغلوّ والتحريف ما لا ينبغي أن يلتفت إليه ..

- والأَوْلَى التمسُّك بالظاهر .. فقد جاء في الصحيح أن هنالك - أعني في أرض المحشر - أقوامًا على منابر تشريفًا لهم وتعظيمًا .. كما قال: إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة .. وإذا كان ذلك في أئمة العدل فأحرى الأنبياء (أي الأولى في ذلك الأنبياء) .. وإذا كان ذلك للأنبياء فأحرى وأولى بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم، فيكون منبره بعينه .. ويزاد فيه ويعظم ويرفع وينوَّر على قدر منزلته صلى الله عليه وسلم .. حتى لا يكون لأحدٍ في ذلك اليوم منبر أرفع منه .. إذ ليس في القيامة أفضل منه صلى الله عليه وسلم. (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج3 ص503-504).

 

ج- وقال الإمام القسطلاني رحمه الله (المتوفى: 923هـ):

- (ومنبري): الذي في الدنيا يوضع بعينه يوم القيامة.

- (على حوضي): أو أن المراد أن له عليه الصلاة والسلام في القيامة منبرًا على حوضه يدعو الناس عليه إلى الحوض. (شرح البخاري للقسطلاني ج9 ص342).

 

#- رابعا: التعريف بحوض النبي ومتى يصل المؤمنين إليه ليشربوا منه .

- قال الإمام القاضي ابن أبي العز الحنفي (المتوفى: 792هـ) – في التعريف بالحوض ومتى يكون الوصول إليه:

أ- والذي يتلخص من الأحاديث الواردة في صفة الحوض: أنه حوض عظيم، ومورد كريم، يمد من شراب الجنة، من نهر الكوثر، الذي هو أشد بياضا من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحا من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر. وفي بعض الأحاديث: أنه كلما شرب منه وهو في زيادة واتساع، وأنه ينبت في حال من المسك والرضراض من اللؤلؤ قضبان الذهب، ويثمر ألوان الجواهر، فسبحان الخالق الذي لا يعجزه شيء. وقد ورد في أحاديث: إن لكل نبي حوضا، وإن حوض نبينا صلى الله عليه وسلم أعظمها وأحلاها وأكثرها واردا. جعلنا الله منهم بفضله وكرمه.

 

ب- قال العلامة أبو عبد الله القرطبي رحمه الله تعالى (المتوفى:671 هـ) .. في ((التذكرة)): واختلف في الميزان والحوض: أيهما يكون قبل الآخر؟ فقيل: الميزان، وقيل: الحوض.

- قال أبو الحسن القابسي (المتوفى:403 هـ): والصحيح أن الحوض قبل.. قال القرطبي: والمعنى يقتضيه .. فإن الناس يخرجون عطاشا من قبورهم .. كما تقدم فيقدم قبل الميزان والصراط.

 

ج- قال أبو حامد الغزالي رحمه الله (المتوفى:505 هـ) في كتاب ((كشف علم الآخرة)): حكى بعض السلف من أهل التصنيف، أن الحوض يورد بعد الصراط، وهو غلط من قائله. قال القرطبي: هو كما قال، ثم قال القرطبي: ولا يخطر ببالك أنه في هذه الأرض، بل في الأرض المبدلة، أرض بيضاء كالفضة، لم يسفك فيها دم، ولم يظلم على ظهرها أحد قط، تظهر لنزول الجبار جل جلاله لفصل القضاء. انتهى. (شرح العقيدة الطحاوية ج1 ص282)

- ملحوظة: تاريخ الوفيات قمت بإضافتها للتعريف بأزمنة من نقل عنهم شارح العقيدة.

 

#- خامسا: حديث لم يصح لفظا ويصح معنى (بين قبري ومنبري روضة) ..

- في بعض الكتب ستجد حديث يقال وهو: (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة) .. والحديث بهذا اللفظ غير صحيح .. وإن كان هو صحيح المعنى لأن منزل النبي هو ما أصبح قبره .. ولكن لفظ الحديث الصحيح هو (ما بين بيتي ومنبري) وليس (ما بين قبري ومنبري) .. هذا للإفادة .

 

#- سادسا: إشارات وتذوقات خاصة بصاحب الرسالة في فهم المقصد من حديث النبي الخاص بالروضة وحوضه بين بيته ومنبره ..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

- ما تذوقته في فهم هذا الحديث يتمثل في ثلاث اعتبارات ..

- الإعتبار الأول: فيما يتعلق بجزئية (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة):

- القول بأن الجزء من الجنة مقتطع كالحجر الأسود .. هو محتمل .. ومحتمل أيضا أن يتم نقله إلى الجنة ويكون جزء منها .. فتكون مثل مكان نوراني يشهده المؤمنين في الجنة ..

 

- ولكن (لي رأي خاص في فهم هذه الجزيئة من الحديث):

1- وهو أن هذا المكان الذي هو الروضة الشريفة ما بين قبر النبي ومنبره .. في روضة من رياض الجنة لأن الله يتجلى في ذلك المكان بالسلام الداخلي والطمأنينة في قلبه .. كما يتجلى الله على أهل الجنة بالسلام والطمأنينة يوم القيامة .. أي أن الإحساس النفسي الذي تشعر به في ذلك المكان مشابه لنفس الإحساس النفسي الذي تشعر به وأنت في روضة من الجنة .. وكأنك تسمع قوله تعالى: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) يس:58.

 

2- أو يكون المعنى: هي روضة من رياض الجنة لأن الله يتجلى فيها رحمة خاصة لمن يأنس بالله في هذا المكان وقد يسمع من كلام الله في قلبه ما يؤانسه به من رضاه عليه أو حبه له .. كما يتجلى الله برحمة خاصة لأهل الجنة يوم القيامة فيكلمهم ويؤانسهم بما يطمأنهم به من رضاه عليهم فلا يسخط عليهم أبدا ..

 

3- أو يكون المعنى: هي روضة من رياض الجنة إذ ينكشف فيها لمن طهر قلبه وآنس بربه أنه جالس فعلا في روضة من رياض الجنة .. ولعل ذلك لانعكس الجنة في قلب المؤمن حينئذ فيدرك أنه في روضة من رياض الجنة ..

- وكأن الحديث يقول: هي روضة من رياض الجنة وكذلك منبري على حوضي .. ولا يدرك ذلك إلا أهل محبتي فيكاشفهم الله بذلك ..

 

#- واعلم أخي الجبيب .. أن كل ما سبق من السماع والمكاشفة يندرج تحت باب الحديث القدسي الذي جاء فيه: (وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ .. فإذا أحْبَبْتُهُ .. كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به .. وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به ....إلى آخر الحديث) صحيح البخاري.

- والله أعلم .

 

#- الإعتبار الثاني: فيما يتعلق بجزئية (منبري على حوضي):

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

1- لعل الإشارة في قوله (منبري على حوضي) .. أي يُسقى منه من كان مخلصا في محبتي .. لمن أراد الله له ذلك .. وتأدب في السلام حين زيارتي ..

 

2- وقد تكون الإشارة: هي أن منبري على حوضي هو حقا لأهل محبتي يوم القيامة فأنادي عليهم إلى حوضي .. وأسقيهم بيدي شربة لا يظمأون بعدها أبدا .. والله أعلم.

#- الإعتبار الثالث: الإشارة العامة المجملة من الحديث ..

@- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

1- لعل الإشارة والمقصد في هذا الحديث كله .. هو أن من تحقق بمحبة الله وتبدلت أوصافه بأوصاف من يتجلى الله عليه ويحبه كما ذكرنا ذلك في الحديث القدسي السابق .. فهو حينما يجلس في الروضة فهو يدرك أنه في روضة من رياض الجنة ويرى حوضي عند منبري .. فيزداد إيمانا وتحقيقا ..

 

2- ولعل النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك الحديث .. حتى إذا رفع الحجاب عن القلب وكاشف ما أخبرنا به النبي .. فلا يظن أن ما رآه باطلا بل هو حق .. وقد يتذوق قلبك ويسقيك ربك من بديع معرفته في ذلك المكان .. فاعلم أن ذلك من رياض جنته الذي أنت جالس فيه .. ومن كوثر فضله الموصول بتلك الروضة .. والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم .. والله أعلم والله أعلم.

 

#- سابعا: أحوال بعض الناس في الروضة وأحاسيسهم ..

1- ليس بالضرورة لكل شخص أن يستشعر بأحاسيس روحية وهو في الروضة الشريفة خاصة في زماننا هذا .. وذلك بسبب كثرة الزحام .. أو المعاملات والسلوكيات الغير طيبة من بعض من يأتون للصلاة في الروضة الشريفة.

 

- ولكن الأهم من الإحاسيس الروحية هو أن تؤمن وتصدق بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا المكان روضة من رياض الجنة وأن منبره يمر تحته الحوض .. وهذا تصديقا لنبيك ..

 

2- أما عن التذوق بإحساس تجليات الرحمة والسلام .. إن حدثت للبعض فهي على منازل القلب .. أي تحدث لك على قدر حالك مع الله ..

- فمن الناس من يتنسم ذلك .. أي يستشعر بإحساس بسيط أن هذا المكان هو روضة ..

 

- ومن الناس من يتذوق ذلك .. أي يصل إليه إحساس قوي أن هذا المكان هو روضة ..

 

- ومن الناس من يُخاطر بذلك الإحساس .. أي يأتيه خاطر قوي بأنه جالس على روضة من رياض الجنة ..

 

- ومن الناس من لا حظ له في الإحساس الروحي بهذا المكان .. إلا أنه مصدق ومؤمن بكلام النبي كعقيدة مؤكدة في نفسه دون شك .. فهذا دخله نور الصدق لتصديقه كلام النبي .. وإن لم يشعر بروضة المكان ..  فيكفيه كرامة تصديقه بما قاله النبي وقلبه مطمئن بذلك دون شك ..

 

- ومن الناس من حرمه الله من الإيمان بذلك وجحده .. وبالتالي لا تذوق ولا تنسم ولا خاطر يشعره بذلك ولا نور صدق سكن فيه لتصديقه للنبي .. لأنه جحد أن يصدق كلام النبي صلى الله عليه وسلم فحرمه الله من ذلك لجحوده ..

 

3- (هذا الحال يحدث في الروضة وغير الروضة إلا أنه يقوى هناك) ..

- فمن الناس من يجلس في الروضة فيدرك أن الروضة هي روضة من الجنة لأنه يأنس فيها بحدوث رابطة روحية مع صاحب الروضة حينما يسلم عليه فيسمع رد السلام عليه .. فيدرك حينئذ أنها روضة وصال .. بسيد أهل الكمال صلى الله عليه وسلم .. ويعلم أن الجنة حينئذ هي قربه القوي من النبي الأمي ..

#- رزقنا الله وإياكم رابطة روحية صادقة بوصال سيد أهل الكمال صلى الله عليه وسلم ..

 

#- ثامنا: معتقدات خاطئة وأوهام تحرر منها عند ذهابك للروضة ..

- لا تعتقد أن مجرد وجودك في الروضة يزيدك قرب من النبي .. لا أنت فهمت غلط .. بل بقدر حبك للنبي فأبشر بأنك حقا في روضة النبي ..

 

- فهناك روضة الأحباب .. وهناك روضة الأجساد .. وكلاهما له أجر .. ولكن لكلا منهما مقام خلاف الآخر ..

 

#- واعلم بقدر الوداد يكن الإمداد .. أي بقدر الوداد في السير يكن لك الإمداد في الخير .. يعني بقدر اتباعك للنبي في سيرك إلى الله .. بقدر إمدادك بالخير من الله ..

- والله أعلم .

  ****************************

 ..:: س115: هل سنشرب من يد النبي شربة لا نظمأ بعدها أبدا يوم القيامة من نهر الكوثر عند حوض النبي ؟ ::..

(الرد على فتوى منتشرة على الإنترنت مخالفة للشريعة)

 

#- بخصوص مسألة حوض النبي ونهر الكوثر .. فقد وجدت على الإنترنت فتوى غير صحيحة .. وملخص هذه الفتوى هو: أن معتقد الشرب من يد النبي على الحوض هو اعتقاد خطأ .. ولا يصح الدعاء بأن تقول: اللهم اسقنا من يد نبيك شربة لا نظمأ بعدها أبدا ..!!

 

#- وصاحب الفتوى في فتواه صنع ثلاثة أمور لا يصح لصاحب فتوى أن يفعلها:

- الأول: الجزم بيقين أنه لا يوجد أي نص في جميع أحاديث الحوض .. يقول بأن النبي سيقوم بتشرب المؤمنين من حوضه .. إذ قال في فتواه: (عدم ثبوت ذلك في جميع روايات أحاديث الحوض).

 

- الثاني: الاستعلاء على بعض علماء المسلمين الذي أباحوا هذا الدعاء .. إذ قال في فتواه: (كما يزعم بعضهم فيدعو: " اللهم اسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً") ..

- وكأن العلماء الذين قالوا بذلك جماعة من الجهلاء الذين لا يعرفون دينهم .!!

 

- الثالث: استنكاره عقلا أن يسقي النبي أمته بيده إذ قال: (ومن جهة النظر : فكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو وحده وبيده الشريفة يَسقي هَؤُلاءِ الناس ، وبهذا العدد الكبير وعلى هذه السعة العظيمة ، ثُمَّ إن ذلك لا يتناسب مع مقام النبوة ، فكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هو سقَّاء يسقيهم الماء).

#- وفي آخر فتواه: يفتي المؤمنين بمنعهم من الدعاء بأن يرزقهم الله بالشرب من يد النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .. لأن حضرة المفتي يرى أنه لا يوجد أي نص يقول بذلك .. بل والعقل يستنكره (طبعا يقصد عقله هو وقبيلته) ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- نرد على هذه الفتوى الغير صحيحة والمخالفة للنص النبوي .. والمخالفة للعقل الإيماني .. بما يلي:

#- أولا: النبي يسقي أمته من الحوض بنص حديث صحيح البخاري ..

1- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا فَرَطُكُمْ (أي سابقكم لاستقبالكم) عَلَى الحَوْضِ .. لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ (أي أرى في مرمي بصري رجال كانوا يصاحبوني منكم فأظن أنكم آتون لحوضي) .. حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ (أي أسقيهم بيدي فأعطيهم كأسا من الحوض) .. اخْتُلِجُوا دُونِي (أي أجدهم قد تم إبعادهم عني) .. فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي (أي يا ربي هؤلاء أصحابي فلماذا أبعدتهم) .. يَقُولُ: لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ (أي فعلوا بعدك من ظلم لأنفسهم ولغيرهم فعصوا تعاليم الدين)) صحيح البخاري.

 

#- قال الإمام القاضي عياض رحمه الله (المتوفى: 544هـ):

- المناولة: مدك يدك بالشَّيْء إِلَى غَيْرك وَكَأَنَّهُ من النول وَهُوَ الْإِعْطَاء.

- وَقَوله (أهويت لأناولهم) أَي أسقيهم بيَدي. (مشارق الأنوار ج2 ص32).

 

2- وجاء في (حديث صحيح) .. عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ .. مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ .. وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا .. لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي .. ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ) صحيح البخاري.

 

- وقوله (من مر عليَّ): ولم يقل من مرَّ على الحوض .. ولم يقل من مَّر عليه .. فلماذا قال: (مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ) .. إلا لو كان المقصد (شرب من يدي) ؟!! والحديث السابق له يشهد بذلك .

 

- ولعل البعض يشرب من يد النبي والبعض يشرب بنفسه .. حسب مكانته وحبه لنبيه في الدنيا .. والله أعلم .

 

#- ثانيا: الإمام أحمد بن حنبل طلب من الله السقاية من كأس النبي مشربا رويا لا يظمأ بعده أبدا ..

- فقد ذكر الشيخ ابن تيميه رحمه الله وصية الإمام أحمد لتلميذه المروذي رحمهما الله .. ومما جاء في وصيته له: "ثم ائت الروضة، وهي بين القبر والمنبر، فصلّ فيها وادع بما شئت .. ثم ائت قبر النبيّ صلى الله عليه وسلّم فقل: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا محمد بن عبد الله .. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله .. وأشهد أنك بلّغت رسالة ربك ونصحت لأمتك .. وجاهدت في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة .. وعبدت الله حتى أتاك اليقين .. فجزاك الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته .. ورفع درجتك العليا .. وتقبّل شفاعتك الكبرى .. وأعطاك سؤلك في الآخرة والأولى كما تقبّل من إبراهيم ..

- اللهم احشرنا في زمرته .. وتوفّنا على سنته .. وأوردنا حوضه .. واسقنا بكأسه مشربا رويا لا نظمأ بعدها أبدا". (راجع الإخنائية ص119) .

 

#- فهل الإمام أحمد بن حنبل كان جاهلا بما أرشد به تلميذه ؟!! أكيد .. لا ..، وهل ابن تيميه كان جاهلا لأنه احتج بوصية الإمام أحمد ؟!! أكيد .. لا .

 

#- ثالثا: الرد على الاستنكار العقلي في أن يسقي النبي أمته وأن هذا لا يليق بمقام النبوة ..!!

- فنقول له: بغض النظر عن التصور الساذج التي تصوره صاحب الفتوى .. وكأنه تصور أن النبي سيضع الماء على يده لكل واحد من أمته يمر على الحوض حتى يشرب من يده ..!!

 

- ولكن فقط نقول لصاحب الفتوى: إذا كان سقيا النبي لأمته شيء غير معقول وتنكر عليه أنه يسقي أمته من يده وتصفه بأنه كالساقي لأمته وهو شيء أنت تراه مشين لمقام النبي .. حسنا طالما هذا عقلك أو بمعنى ادق طبيعة نفسيتك في وصف أفعال النبي ..

- ولكن نسألك: بنفس منطقك .. لماذا لم تنكر على النبي وتعترض عليه وتسخر من فعله مع المسلمين في حال حياته وتصفه بأنه كان سَقَا للمسلمين .. حينما سقى النبي جماعة المسلمين في الحديبية من بين أصابع يده .. وسقى جيش المسلمين بأكمله بالماء الذي تفجر من بين أصابع يديه في أحد سفرياته وكانت في غزوة خيبر .. ؟!!

 

#- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ (أي إناء صغير من الجلد) فَتَوَضَّأَ، فَجَهِشَ (أي أسرع) النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟ .. قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ .. فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ .. فَجَعَلَ المَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ .. كَأَمْثَالِ العُيُونِ .. فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا ..

- قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ .. قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا .. كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً) صحيح البخاري.

 

#- وفي (حديث صحيح) .. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ .. فَقَلَّ المَاءُ، فَقَالَ: اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ .. فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ .. فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ .. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ .. وَالبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ .. فَلَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ) صحيح البخاري.

 

#- وقيل أن هذا السفر كان في غزوة خيبر .. كما أشار لذلك الحافظ بن حجر لرواية موجودة عند أبو نعيم في الدلائل قد صرحت بذلك.. والله أعلم .

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- الفتوى التي أنكرت أن النبي سيسقي أمته من الحوض بيده الشريفة .. هي فتوى غير صحيحة ولا تليق بصاحب علم .. لمخالفتها النص النبوي كما في صحيح البخاري.

 

2- الزعم بأن العقل ينكر أن يسقي النبي أمته .. ثم القيام بتشبيهه بالسقا لو فعل ذلك وأن هذا لا يليق بمقام النبي .. فهذا كلام مردود على عقل قائله إذ لا معقولية فيه .. لأن مثل هذا الأمر حدث في حال حياة النبي حينما سقى الجيش من بين اصابع يده .. فهل هكذا يتم وصف النبي بأنه كان السقا للمؤمنين ؟!!

- فأي رجل دين يقول بهذا التصورات المغلوطة ؟!!

 

3- عجبا أن نجد النبي صلى الله عليه وسلم يروي من بين أصابع يده أكثر من ألف إنسان .. وتعدد هذا الموقف مرارا تكرارا .. بل وأحيانا في مواقف أخرى كان النبي يضع يده في الطعام فيكثر لمئات الناس الحاضرين معه ..

- أفيكون الذي أعطى النبي القدرة على تشريب هذه الأعداد الهائلة وتكثير الطعام لهم بوضع يده فيه .. عاجز عن أن يمنحه وسيلة يوم القيامة يجعل أمته تشرب بها من يده من خلال وضع النبي يده فيه أيضا فيكون كمن شرب من يده الشريفة ؟!!

- ألا يوجد عقل يقيس هذا على ذاك ..؟!! فإذا كان هذا حال الدنيا مع النبي في أمته فكيف بحال الآخرة ؟!!

- فهل زاغت القلوب أم على القلوب أقفال ؟!!

 

#- وحينما قال النبي (أنا فرطُكم على الحوض) أي سابقككم وإلى الحوض وأهيئه لكم .. فماذا نفهم من ذلك إلا أنه قد يذهب لحوضه ويدعو ربه أن يملأه من نهر الكوثر ويضع النبي يده فيه فيزيد ويزيد استعدادا لمن يأتي من أمته عليه ليشرب من هذا الحوض قبل المرور على الصراط أو لعل ذلك عند الخروج من القبر ..

- وأحب أن أقول لصاحب الفتوى أن قول النبي (أنا فرطُكم على الحوض) .. بكل تأكيد ليس معناه أنه سيسبقنا النبي على الحوض حتى يتجهز لمن سيأتونه من المؤمنين ليتصور معهم صورة سيلفي ؟!!

- مش كده ولا إيه ؟! ولا عقلك بيقولك حاجة تانية ولا مؤاخذة ؟!!

- فقبل أن تضع فتوى يا صاحب الفتوى .. تأدب .. لعل الله يرزقك فتحا من عنده ويجعلك تفهم ما لم تفهمه أو ينبهك إلى ما كنت غافلا عنه ..

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .