ج49: قصة الإسراء والمعراج - ضيافة النبي في منطقة سدرة المنتهى بكأس من لبن وعسل وخمر - خواطر وتذوقات حول مسألة ضيافة النبي في السماء .. وما خطر ببالي عن اختيار النبي مرة أخرى لشراب اللبن .. وما خطر ببالي عن سبب قول جبريل للنبي للمرة الثانية (أصبت الفطرة) في ضيافة السماء ..

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل التاسع والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل التاسع والأربعون :: عن رحلة المعراج – مسائل حول ضيافة النبي في السماء قبل الإنتقال لسدرة المنتهى ::

1- س121: هل تم ضيافة النبي في منطقة سدرة المنتهى بكأس من لبن وعسل وخمر قبل الوصول لشجرة سدرة المنتهى ؟

@- مشهد ضيافة النبي فوق السماوات السبع .. عند جنة المأوى. 

#- أولا: روايات تكلمت عن مشهد ضيافة النبي في السماء ..    

#- ثانيا: سبب كتابة مسألة ضيافة النبي في السماء ..

#- ثالثا: خواطر وتذوقات حول مسألة ضيافة النبي في السماء .. وما خطر ببالي عن اختيار النبي مرة أخرى لشراب اللبن .. وما خطر ببالي عن سبب قول جبريل للنبي للمرة الثانية (أصبت الفطرة) في ضيافة السماء ..

******************

:: الفصل التاسع والأربعون ::

*******************

 ..:: س121: هل تم ضيافة النبي في منطقة سدرة المنتهى بكأس من لبن وعسل وخمر قبل الوصول لشجرة سدرة المنتهى ؟ ::..

- عند انتقال النبي من جنة المأوى .. وقبل الوصول إلى نقطة أصل شجرة السدرة في منطقة المنتهى والتي سيتجلى الله فيها على النبي بنوره .. فنجد مشهد يظهر في بعض أحاديث المعراج .. وهو:

- مشهد ضيافة النبي فوق السماوات السبع .. عند جنة المأوى. 

- وإليك بين ذلك ..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

@- أولا: روايات تكلمت عن مشهد ضيافة النبي في السماء ..

1- عن مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رُفِعَتْ لِيَ السِّدْرَةُ، فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ، فَالنِّيلُ، وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ، فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ .. وَأُتِيتُ بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ: قَدَحِ لَبَنٍ، وَقَدَحٍ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٍ فِيهِ خَمْرٌ .. فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ) رواه أبي عوانة في مستخرجه موصولا واللفظ له .. ورواه البخاري معلقا .. وقال البخاري: "قال هشام، وسعيد، وهمام: عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في الأنهار نحوه. ولم يذكروا: (ثَلاَثَةَ أَقْدَاحٍ)" (انتهى النقل).

 

#- وفي هذه الرواية ظهر أن الضيافة كانت في منطقة سدرة المنتهى.. ولكن لم يظهر منها بعد دخول الجنة أم قبلها ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الإمام البخاري:

- إشارة الإمام البخاري إلى أن (شعبة عن قتادة) هو فقط من روى حكاية الثلاثة أقداح .. وأن ثلاثة خالفوا شعبة عن قتادة وهم (هشام وسعيد وهمام) .. فهذا أظنه وهم (أي سهو) من الإمام البخاري .. لأن الإمام البخاري نفسه قد روى عن هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عن قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ومما جاء في الرواية: (ثُمَّ رُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ ...) صحيح البخاري.!!!

- إذن فليس شعبة فقط من روى عن قتادة حكاية الثلاثة أقداح .. وإنما أيضا همام بن يحيى أيضا .. ولكن همام بن يحيى ذكرها بلفظ (إناء) ..!!

 

#- ولعلي مخطيء في فهم كلام الإمام البخاري .. فكان يقصد أن الذي لم يذكروه (همام وسعيد وهشام) هو لفظ (ثلاثة أقداح) على وجه الخصوص .. أي يقصد نفي هذا الجزء اللفظي (ثلاثة أقداح) ولا يقصد نفي أن بعضهم ذكر الأقداح بلفظ (إناء) ..!!.. والله أعلم .

 

2- جاء في (حديث صحيح) .. حَدَّثَنَا عن هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .. عن النبي .. ومما جاء في الرواية: (....ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ .. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.

- ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى .. فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ .. وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ .. قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى .. وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ .. وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ.

- ثُمَّ رُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ .. ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ: هِيَ الفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ.

- ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ....) صحيح البخاري .

 

#- في هذه الرواية يظهر رؤية سدرة المنتهى والأنهار الأربعة أولا .. ثم رؤية البيت المعمور ثانيا .. ثم الضيافة ثالثا .. ثم الكلام  مع الله رابعا ..

 

#- وأظن أن سبب بعض الرواة أنهم جعلوا سدرة المنتهى أولا ثم البيت المعمور ثانيا .. هو ظنهم أن سدرة المنتهى تظهر بدايتها في السماء السادسة حسب ما جاء في بعض ألفاظ حديث عبد الله بن مسعود .. ولذلك وضعوا هذا الترتيب .. إذ جعلوا بداية ظهور أطراف شجرة السدرة من السماء السادسة .. ويمر على السماء السابعة حيث البيت المعمور .. ثم بعد ذلك الوصول لأصل السدرة وهي الشجرة نفسها في منطقة المنتهى والتي عندها جنة المأوى .. وعندها أصل الشجرة التي قد تجلى الله عندها بأنواره على نبيه .. والله أعلم . 

 

3- وجاء في (حديث صحيح) .. عن رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: أنبا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عن النَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. ومما جاء في الرواية: (... حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ لَنَا، فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.

-  ثُمَّ رُفِعَ لَنَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ.

- ثُمَّ رُفِعَتْ لَنَا السِّدْرَةُ الْمُنْتَهَى - فَحَدَّثَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ وَرَقَهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، وَأَنَّ نَبْقَهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ ..،- وَحَدَّثَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجْنَ مِنْ أَصْلِهَا: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ..، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ؟ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ: فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا النَّهْرَانِ الظَّاهِرَانِ: فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ.

- قَالَ: ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَائَيْنِ .. أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ خَمْرٌ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ وَأُمَّتُكَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَفُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةٍ .....) رواه أبو عوانة في مستخرجه... ورواه مسلم (عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عن مالك بن صعصعة) مختصرا في بعض أجزاءه .. ولكنه خالف في ترتيب الأحداث فأتى برؤية سدرة المنتهى والأنهار الأربعة أولا .. ثم رؤية البيت المعمور ثانيا .. ثم الضيافة ثالثا .. ثم فرض الصلوات رابعا) ..

 

- في رواية أبي عوانة تم ترتيب الأحداث بصورة طبيعية (وهو الأرجح من وجهة نظري) .. حيث أتي برؤية البيت المعمور أولا ..، ثم سدرة المنتهى ورؤية الأنهار الأربعة ثانيا ..، ثم الضيافة ثالثا ..، ثم الكلام مع الله وفرض الصلوات رابعا .

 

#- ولكن في هذه الرواية تم تقديم انائين أو كأسين وليس ثلاثة كؤوس للشراب .

 

#- إذن: الملاحظ مما سبق أن الروايات التي تم روايتها عن مالك بن صعصعة فيها اختلافات .. وذلك بسبب حفظ الذين رووا عن (قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة) ..

 

#- ملحوظة على الرواية السابقة:

- وجدت بعض العلماء عند الحديث السابق .. لم يطمئن قلبه لمسألة الضيافة في السموات .. ولكنه لم يكشف لنا عن سبب عدم اطمئنانه .. إلا مجرد أنه إحساس .. والذي قال بذلك هو الشيخ المباركفوري رحمه الله ..

 

- قال الشيخ المباركفوري رحمه الله (المتوفى: 1427 هـ):

- عرض الإنائين: وقع في بيت المقدس .. وهنا أنه وقع في السماء السابعة .. والأغلب أن أحدهما وهم من الراوي.

- ثم الأغلب .. أن الوهم وقع في هذا الحديث في ذكر هذا العرض في السماء السابعة.

- وقد جمع بأن العرض وقع مرتين .. والقلب لا يطمئن إلى هذا الجمع .. والله أعلم. (منة المنعم في شرح صحيح مسلم ج1 ص147).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الشيخ المباركفوري رحمه الله:

1- لو كان هناك وهم (أي خطأ) من أحد الرواة في مسألة تحديد مكان ضيافة النبي .. فلماذا لم يكن هذا الوهم (أي الخطأ) من الرواة الذين قالوا أن ضيافة النبي كانت على الأرض ..؟ أي لماذا قال الشيخ المباركفوري أن الأغلب في الوهم هو للرواة الذين قالوا بأن ضيافة النبي كانت في السماء ؟!!

 

2- ولم يذكر لنا الشيخ ما وجه عدم اطمئنان قلبه في الجمع بين الروايات بتكرار الضيافة .. إلا أن الظاهر أن هذا مجرد إحساس يميل إليه .. والله أعلم .

 

#- ثانيا: سبب كتابة مسألة ضيافة النبي في السماء ..

1- قد ذكرت هذا الجزء من الضيافة في هذا الفصل .. باعتبار أنه من المحتمل أن يكون قد تم ضيافة النبي في منطقة سدرة المنتهى عند دخوله الجنة أو عند خروجه منها وقبل الوصول لأصل السدرة .. حيث الكلام مع الله هناك .. والله أعلم .

 

#- ثالثا: خواطر وتذوقات حول مسألة ضيافة النبي في السماء .. وما خطر ببالي عن اختيار النبي مرة أخرى لشراب اللبن .. وما خطر ببالي عن سبب قول جبريل للنبي للمرة الثانية (أصبت الفطرة) في السماء ..

 

1-  خاطر: حول اختيار اللبن وقول جبريل لثاني مرة للنبي (أصبت الفطرة) أي وفقت إليها ..

أ- ما كانت جملة جبريل للنبي (أصبت الفطرة) مكررها له في السماء .. إلا لونا من الإنبهار باختيار النبي بالرغم من كل ما رآه وشاهده ولامسه .. وجملته (أصبت الفطرة) إنما هي تأكيدا على أن النبي بالرغم من كل ما رآه من جليل وجميل أمر الله في ملكه إلا أنه ما زاغ قلبه إلى ملذات الآخرة ولا افتتن بها .. وارتضى باللبن إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن سلامة المؤمن في عدم انشغاله عن الله مهما أراه من كرامات حتى ولو كانت ممنوحة من الله إليه ليتذوقها .. والله أعلم .

 

ب- وفي نفس الوقت كأن جبريل يريد أن يقول للنبي والكلام إلينا: وكذلك من اتبعك يا نبي الله فقد شرب من مشربك وطهر باطنه بفعلك فقد أصاب الفطرة .. وحق له العروج بروحه ليأنس بملاقاة مولاه ويشهد من نوره في قلبه فيدهشه بعطاياه .. والله أعلم.

 

#- واعلم أخي الحبيب .. أن الولي لا يكون ولي إلا باتباع النبي .. وأنه بقدر اتباع النبي يكن مدد الولي من الله الولي ..

 

2- خاطر حول ضيافة جبريل للنبي في السماء .. خلاف ضيافته في الأرض ..

- اختيار النبي لشراب اللبن في المرتين سواء في الأرض أو في السماء .. إنما هو للدلالة على أن استقامة الطريق إلى الله إنما تظهر في كفايتك من عطاءه بما يرويك ويشبعك  وليس بما قد يفتنك ويبعدك ..  

 

- فكان اختيار النبي لنوع الشراب هو اختيار للأصوب .. فأخذ ما ظاهره اطمئنان للنفس وباطنه رحمة للجسد .. فكان تشبيه جبريل لشرب اللبن بأنه هداية للفطرة .. لأن اللبن كان وسيلة شراب واطعام في نفس الوقت دون فتنة تلذذ من وراء شربه .. كالطفل حسب فطرته يأنس بلبن أمه مكتفيا به عن غيره لنقاوته وطهارته وغذاءه .

 

- وكذلك هذا هو الأختيار الأصوب .. لكل ذي فطرة سليمة حتى يأمن المؤمن من الفتنة في نفسه ولمن حوله .. أن يكون اختياره لما هو طيب تطمئن له النفس ويرتاح به الجسد في غير فتنة .. حتى يظل في حال ارتقاء دون خمول ولا كسل ولا حجاب .. والله أعلم .

 

3- خاطر: وكأني أرى إشارة هذا اللبن إلى صفة الرضا ..

- وكأن النبي أظهر رضاه في الإسراء والمعراج بما قسمه الله له في بيته .. وكأنه يقول: أحببت اختيار ما قسمته لي في بيتي إذ كان غالب رزقي لبنا في بيتي .. فعلمت أن هذا خيرك لي .. فكان اختياري إنما هو عما اخترته لي في سابق حالي .. وإذا أريتني من واسع فضلك فإن حالي لا يتبدل بتبدل أحوالي .. لأني بك لا بنفسي ..

 

#- فأصاب النبي الفطرة مرتين بشرب اللبن .. مرة في الأرض ومرة في السماء .. إذ لم يلتفت إلى ما كاشفه به الله .. ولم يُفتتن بنفسه .. بل كان مطمئنا وكان اختياراته بربه وليس بنفسه .. فكان اختياره لبنا طلبا لمزيد من رضا الله عليه حتى يبلغه به المقام المحمود ..

 

4- خاطر: أبسط عطايا الله فيها ارتقاء لك إن رضيت – وقد يكون اختبارك في أبسط عطاء يقدم إليك ..

- وإذا كان الله قد أسرى بنبيه إلى بيت المقدس في عجيبة من العجائب ثم عرج به إلى سماءه .. إلا أنه كانت ضيافته لبنا .. ولم تكن لحما ولا أكياس من ذهب .. بل ولم يعطى ملبسا فاخرا .. لا .. حتى تعلم أن أبسط عطايا الله فيها جمال من الله لك إن رضيت بما قسمه لك وتأدبت فيما منحه لك .. إذ لولا هذا اللبن ما كان صعد النبي للسماء .. وما كان دخل مقام الخصوصية .. فمهما أعطاك الله من فضله .. فأسرى بك بعزيمة الإيمان ووفقك إليها .. وارتقى بروحك حتى كاشفك بما لا يخطر ببالك .. فكن مؤدبا حتى لا تطغى وتعتقد في نفسك أنك لا مثيل لك .. فتهلك كما هلك إبليس من قبلك ..

 

#- واعلم أخي الحبيب:

- أن من أحسن الأدب في ضيافة الله .. فهو على موعد للقاء الله .

- ونقصد بضيافة الله له .. هو ما قسمه الله له في الدنيا ..

 

#- والله أعلم في كل ما سبق مما جال بخاطري..

 

#- خلاصة القول:

1- محتمل يكون تمت ضيافة النبي مرة في الأرض ومرة في السماء .. من باب تكريم النبي .. ولكن بعض الرواة ذكر المشهد الذي في الأرض .. والبعض الآخر ذكر المشهد الذي في السماء ..

2- وقد يكون .. تم تقديم ثلاثة كؤوس في السماء ومحتمل يكون كأسين ..

3- هذه مسألة فرعية في القصة .. وإنما أحببت ذكرها لتكون محيطا بكل معلومة قيلت في القصة قدر المستطاع .. إن شاء الله .

 

#- ملحوظة هامة جدا: سبق وناقشنا مسألة ضيافة النبي بتوسع أكبر ومسائل أكثر في الفصل الثالث والثلاثون تحت عنوان: (س90: هل شرب النبي ضيافة اللبن من جبريل في ليلة الإسراء والمعراج في المسجد الأقصا أم بعد السماء السابعة أم بعد النزول من السماء ؟) .. فارجع إليه لو أردت ..

- وفي هذا الفصل أضفت بعض الملاحظات الدقيقة حول بعض الأحاديث التي ذكرتها هنا .. وهذه الملاحظات لم أذكرها هناك في الفصل الثالث والثلاثون .. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .