ج50: قصة الإسراء والمعراج - تجلي الله على شجرة سدرة المنتهى وإحاطتها بالنور والملائكة - هل رأى النبي جبريل على صورته الحقيقية وله ستمائة جناح - ما هو الرفرف الأخضر.

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الخمسون)

#- فهرس:

:: الفصل الخمسون :: عن رحلة المعراج – ماذا حدث لشجرة سدرة المنتهى حينما وصل النبي إليها - هل رأى النبي جبريل على صورته الحقيقية وله ستمائة جناح ::

1- س122: ماذا حدث لشجرة سدرة المنتهى حينما وصل النبي إليها ؟ 

#- مشهد: انتقال جبريل بالنبي إلى شجرة السدرة في آخر منطقة المنتهى والتحقق من كونها شجرة ..

#- مشهد: تجلي الله على شجرة سدرة المنتهى وإحاطتها بالنور والملائكة ..

2- س123: هل رأى النبي جبريل على صورته الحقيقية وله ستمائة جناح في ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى ؟ وهل جبريل هو الرفرف الأخضر؟

#- مشهد: رؤية النبي لجبريل عند سدرة المنتهى وله ستمائة جناح يتساقط منهم الياقوت واللؤلوء.

#- أولا: التفرقة بين الحديث النبوي وما قاله بن مسعود عن اجتهاده.

- ثانيا: لم أجد في أحاديث الإسراء والمعراج .. ما يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بأنه رأى جبريل على صورته بستمائة جناح .. ولكن قال النبي بذلك من خلال تفسير آية في سورة النجم .

- ثالثا: عن مفهوم الرفرف الأخضر عند العلماء وهو الذي جاء في كلام الصحابي عبد الله بن مسعود.

#- رابعا: هل قال بن مسعود أن الرفرف الأخضر المقصود به جبريل عليه السلام ؟

#- خامسا: هل الرفرف الأخضر هو مثل بساط صعد عليه النبي للقاء الله ؟

#- سادسا: هل قال الصحابي بن مسعود أن جبريل ظهر للنبي هو مرتدي مثل عباءة أو ثياب ؟

#- سابعا: هل يوجد تفسير عن النبي في تفسير الرؤية الأولى من سورة النجم عند قوله (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) وقد ذكر هذه الرواية الصحابي بن مسعود ؟

******************

:: الفصل الخمسون ::

*******************

 ..:: س122: ماذا حدث لشجرة سدرة المنتهى حينما وصل النبي إليها ؟ ::..

 

- تظهر لنا روايات المعراج .. أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله من جنة المأوى ومشاهدته لها ثم ضيافة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم .. فيظهر لنا مشهدين جديدين وهما:

#- مشهد: انتقال جبريل بالنبي إلى شجرة السدرة في آخر منطقة المنتهى والتحقق من كونها شجرة ..

#- مشهد: تجلي الله على شجرة سدرة المنتهى وإحاطتها بالنور والملائكة ..

- وشجرة سدرة المنتهى هي النقطة الاخيرة التي ينتهي عندها مسافة صعود الملائكة التي تسكن السموات وعندها ينتهي علومهم ومعارفهم ..، وعندها أيضا انتهت معرفة الأنبياء والمرسلين من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

- وإليك أخي الحبيب .. دليل المشهد السابق المشار إليه ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: مشهد الإنتقال من الجنة إلى أصل شجرة السدرة في آخر منطقة المنتهى.

1- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ .. إِذْ عُرِضَ لِي نَهْرٌ .. حَافَّتَاهُ (أي على جوانبه) قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ (أي جواهر من اللؤلؤ تملأ جانبه) ، قُلْتُ لِلْمَلَكِ: مَا هَذَا ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ (ومعناه الكثير الخير) الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ .. قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى طِينَةٍ (أي من قعر هذا النهر) فَاسْتَخْرَجَ مِسْكًا .. ثُمَّ رُفِعَتْ لِي (أي رأيت) سِدْرَةُ المُنْتَهَى (أي فذهبت إليها) فَرَأَيْتُ عِنْدَهَا نُورًا عَظِيمًا) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

 

2- (حديث حسن) .. عن أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا كَثِيرُ بْنُ حُبَيْشٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. ومما جاء في الرواية: (.... فَعَرَجَ بِي حَتَّى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفَتَحَ، فَأَدْخَلْتُ الْجَنَّةَ فَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، وَهُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، شَاطِئُهُ يَاقُوتٌ مُجَوَّفٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ ..

- ثُمَّ عَرَجَ بِي حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى .. فَدَنَا إِلَى رَبِّهِ فَتَدَلَّى .. {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] .. فَفَرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى .....) رواه ابن خزيمة في التوحيد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث حسن .. و (محمد بن عمرو) صدوق الحديث وله أوهام (راجع تهذيب الكمال ترجمة رقم 5513) .. و (كثير بن خنيس أو حبيش) صدوق الحديث (راجع الجرح والتعديل لأبي حاتم ج7 ص150) ..

 

#- ملحوظة: عند قوله (فدنا إلى ربه فتدلى): أحسب أن هذا من كلام أنس بن مالك في فهم الآية .. وليس من كلام النبي .. لأن سياق الجملة انتقل من كلام النبي إلى كلام غيره .. ثم انتقل إلى كلام النبي .. وهذا يجعلنا نقول أن قوله (فدنا إلى ربه فتدلى) .. هو اجتهاد من أنس بن مالك في الفهم .. وليس من كلام النبي .. والله أعلم .

 

3- (حديث ضعيف) .. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ .. ومما جاء في الحديث: (.....ثُمَّ أَتَى بِهِ السَّمَاءَ السَّابِعَةَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟» قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ .. ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ .. بِجَنْبَتَيْهِ قِبَابُ الدُّرِّ .. فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟» ، فَقَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، وَهَذِهِ مَسَاكِنُكَ، قَالَ: «وَأَخَذَ جِبْرِيلُ بِيَدِهِ مِنْ تُرْبَتِهِ، فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ» .. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. وَهِيَ سِدْرَةُ نَبَقٍ أَعْظَمُهَا أَمْثَالُ الْجِرَارِ، وَأَصْغَرُهَا أَمْثَالُ الْبَيْضِ .. فَدَنَا رَبُّكَ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَجَعَلَ يَتَغَشَّى السِّدْرَةَ مِنْ دُنُوِّ رَبِّهَا أَمْثَالُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ أَلْوَانٌ، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ وَفَهَّمَهُ وَعَلَّمَهُ .. وَفَرَضَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَمَرَّ عَلَى مُوسَى .....) رواه الطبراني في تهذيب الآثار .. (قلت خالد صاحب الرسالة): في السند (محمد ابن حميد الرازي): وهو ضعيف الحديث .. ، وكذلك (ميمون بن سياه) ضعيف الحديث ويقبل في المتابعات .. ويشهد له الحديث السابق عن (كثير بن حُبَيْشٍ عن أنس بن مالك) ..

 

#- ثانيا: الوصول للسدرة والتعرف على أنها شجرة  ..

1- وفي (حديث صحيح) .. عن سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عن النبي .. وجاء في الرواية: (ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. وَأَنَا أَعْرِفُ أَنَّهَا سِدْرَةً .. أَعْرِفُ وَرَقَهَا وَثِمَارَهَا .. قَالَ: فَلَمَّا غَشِيَهَا مَا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَغَيَّرَتْ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَنْعَتَهَا .. قَالَ: وَفَرَضَ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً ...) رواه بن مَنْدَه في الإيمان والطبري في تفسيره ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث صحيح السند عند ابن منده ..، ولكن عند الطبري السند ضعيف لوجود انقطاع عند سند الطبري بين (سليمان بن المغيرة) وبين (أنس بن مالك).

2- (حديث ضعيف) .. حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ يَصِفُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى قَالَ: «يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي الْفَنَنِ (أي غصن الشجرة وجمعها أفنان) مِنْهَا مِائَةَ سَنَةٍ يَسْتَظِلُّ بِالْفَنَنِ مِنْهَا مِائَةُ رَاكِبٍ فِيهَا فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ) رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي..، (قلت خالد صاحب الرسالة): تصحيح الحاكم والذهبي فيه نظر .. لأن الحديث ضعيف .. إذ فيه (أحمد بن عبد الجبار العطاردي) وهو ضعيف الحديث ..، وفيه (محمد بن اسحاق) قد دلس في الرواية . 

 

#- ثالثا: وصف ما حدث عند شجرة سدرة المنتهى عند الوصول إليها ..

1- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (...... ثُمَّ رُفِعَتْ لِي (أي رأيت) سِدْرَةُ المُنْتَهَى (أي فذهبت إليها) فَرَأَيْتُ عِنْدَهَا نُورًا عَظِيمًا) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

2- (حديث صحيح) .. جاء في الحديث عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. ومما جاء في الحديثَ: (.... ثُمَّ ذَهَبَ بِى إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. وإِذَا وَرَقُهَا كَآذانِ الفِيلَةِ .. وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلالِ ...

- قَالَ "أي النبي":  فَلَمَّا غَشِيَهَا (أي أحاطها) مِنْ أَمْرِ اللهِ (أي من نور الله) مَا غَشِى .. تَغَيَّرَتْ (أي تغيرت أوصافها بخلاف ما كانت عليه) .. فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا .. فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى .. فَفَرَضَ عَلَىَّ خَمْسِينَ صَلاةٌ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ .....) صحيح مسلم.

 

- قوله (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى): في دلالة واضحة إلى أنه الوحي كان للنبي مباشرة وليس من خلال جبريل عليه السلام .. والكلام كان مع النبي مباشرة في مسألة الصلوات ..

 

#- وفي (حديث صحيح) بلفظ آخر .. عن حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابن سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ بما جاء في الرواية: (.... ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ .. قَالَ: فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ .. فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا، قَالَ: فَدَنَا فَتَدَلَّى .. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) رواه البيهقي في دلائل النبوة .. بسند صحيح.

 

- وجزئية (فدنا فتدلى – ...) ليست موجودة عند صحيح مسلم.

 

3- في (حديث صحيح) .. عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ومما جاء في الحديث ..: (حَتَّى أَتَى بِي السِّدْرَةَ المُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِي مَا هِيَ) صحيح البخاري.

 

4- وجاء في (حديث صحيح) .. عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْتَهَيْتُ إِلَى السِّدْرَةِ (أي سدرة المنتهى) ، فَإِذَا نَبْقُهَا (أي ثمرها) مِثْلُ الْجِرَارِ (أي مثل البلاَّص أو القلة الكبيرة من الفخار التي يتم حمل الماء فيها) .. وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ .. فَلَمَّا غَشِيَهَا (أي تجلى عليها) مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَهَا (من نوره جل شأنه) .. تَحَوَّلَتْ يَاقُوتًا .. أَوْ زُمُرُّدًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

 

5- وجاء في (حديث ضعيف) .. عن ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ .. ومما جاء في الرواية: (فَدَنَا رَبُّكَ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَجَعَلَ يَتَغَشَّى السِّدْرَةَ مِنْ دُنُوِّ رَبِّهَا أَمْثَالُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ أَلْوَانٌ .. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ وَفَهَّمَهُ وَعَلَّمَهُ وَفَرَضَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً ....) رواه الطبراني في تهذيب الآثار .. (قلت خالد صاحب الرسالة): في السند (محمد ابن حميد الرازي): وهو ضعيف الحديث .. ، وكذلك (ميمون بن سياه) ضعيف الحديث ويقبل في المتابعات ولا متابعة له هنا ..، وسبب ذكر لهذه الرواية هنا بالرغم من ضعفها هو أن ما سبق يشهد لها .. والله أعلم .

 

6- (حديث ضعيف جدا) .. عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. ومما جاء في الحديث: (....... ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى (أي ارتقيت حتى وصلت إلى أصل شجرة) السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. فَتَغَشَّى لِي .. وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى قَالَ: وَنَزَلَ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ: وَقَالَ: فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً) رواه البيهقي في الدلائل..، (قلت خالد صاحب الرسالة): في السند (أبو هارون العبدي) وهو ضعيف الحديث جدا وتركوا حديثه ..

 

7- (حديث ضعيف) .. عن حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مَاهَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ثُمَّ انْتَهَى إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَقِيلَ لِي: هَذِهِ السِّدْرَةُ إِلَيْهَا مُنْتَهَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِكَ، وَيَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى.

- قَالَ: وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي أَصْلِهَا عَامًا لَا يَقْطَعُهَا، وَإِنَّ الْوَرَقَةَ مِنْهَا مُغَطِّيَةُ الْخَلْقِ قَالَ: فَغَشِيَهَا نُورُ الْخَالِقِ، وَغَشِيَهَا الْمَلَائِكَةُ.

- فَكَلَّمَهُ رَبُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ ...) رواه البيهقي في الدلائل..، (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذه الرواية من قبل وأنها ضعيفة ولم تصح .. راجع الفصل الرابع والثلاثون .. تحت عنوان (س93: ما هي الأحداث الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء فقط من بداية القصة وحتى ركوب النبي للبراق ؟ ).

 

#- وفي (حديث ضعيف) بلفظ آخر .. عن أبي العالية عن أبي هريرة واختلفت ألفاظها في جزئية وهي: (وَأَمَّا الْأَنْهَارُ: فَأَوَّلُهَا رَحْمَةُ اللَّهِ، وَثَانِيهَا: نِعْمَةُ اللَّهِ، وَالثَّالِثُ: سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا.

- قَالَ: ثُمَّ انْتَهَى إِلَى السِّدْرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ السِّدْرَةُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ خَلَا مِنْ أُمَّتِكَ عَلَى سُنَّتِكَ .. فَإِذَا هِيَ شَجَرَةٌ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى .. وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ عَامًا لَا يَقْطَعُهَا .. وَالْوَرَقَةُ مِنْهَا مُغَطِّيَةٌ لِلْأُمَّةِ كُلِّهَا.

- قَالَ: فَغَشِيَهَا نُورُ الْخَلَّاقِ عَزَّ وَجَلَّ، وَغَشِيَتْهَا الْمَلَائِكَةُ أَمْثَالُ الْغِرْبَانِ حِينَ يَقَعْنَ عَلَى الشَّجَرَةِ .. قَالَ: فَكَلَّمَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: سَلْ ... إلى آخر الحديث السابق ذكره) رواه أبو جعفر الطبري في تفسيره..، (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذه الرواية من قبل وأنها ضعيفة ولم تصح .. راجع الفصل الرابع والثلاثون .. تحت عنوان (س93: ما هي الأحداث الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء فقط من بداية القصة وحتى ركوب النبي للبراق ؟ ).

 

#- وخلاصة ما سبق:

- أن النبي عند وصوله إلى شجرة سدرة المنتهى .. حدثت تغيرات كثيرة حينما رأى الله يتجلى بنوره عليها .. وظهرت أمور لم يستطيع النبي وصفها بأكثر من كونها أنوار يصاحبها ألوان مختلفة بشبه الزمرد والياقوت .. أو أن ثمارها تحولت لما يشبه الياقوت أو الزمرد في اللون أو تحوت لذلك فعلا ..

 

#- ولكن انتبه أخي الحبيب:

- إذ أن عند هذا المشهد وهو التجلي على شجرة السدر .. يظهر ثلاثة مسائل .. وهم:

أ- هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية عند حدوث هذا التجلي الإلهي بالنور ؟

ب- هل رأى النبي فراش من ذهب ؟

ج- هل رأى ألوان لا يدري ما هي ؟ 

*************************

 ..:: س123: هل رأى النبي جبريل على صورته الحقيقية وله ستمائة جناح في ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى ؟ وهل جبريل هو الرفرف الأخضر ؟ ::..

 

#- بعض العلماء قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى جبريل عليه السلام في صورته الحقيقية في ليلة الإسراء والمعراج وله ستمائة جناح .. وهذا مشهد يحتاج لمناقشة .. وقد استدلوا على ذلك بالآتي:

 

1- (حديث حسن) .. عَنْ زِرٍّ "بن حبيش"، عَنْ عَبْدِ اللهِ "بن مسعود": (فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] .. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. عَلَيْهِ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، يَنْفُضُ (أي يتساقط) مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلُ (أي عجائب الجواهر الملونة التي تصيب بحيرة ودهشة وتعجب لشدة جمالها ومن ذلك): الدُّرُّ (أي اللؤلوء) وَالْيَاقُوتُ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وبقية رجاله ثقات..، (قلت خالد صاحب الرسالة): وكذلك رواه الشاشي في مسنده برقم 662 بسند صحيح .. وجاء في آخرها لفظ: (يَنْتَثِرُ مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ) .. ورواه ابن خزيمة في التوحيد بسند صحيح وجاء في آخرها بلفظ: (تَنْهَالُ مِنْهَا تَهَاوِيلُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ) .

 

2- وفي (أثر صحيح) .. عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، سَمِعَ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:: ({لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} النجم:18 .. قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ) صحيح مسلم.

 

3- وفي (أثر صحيح) .. عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ "بن مسعود" رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ({لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} [النجم: 18]، قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ) صحيح البخاري.

- (رفرفا): إما بمعنى فرشا كالبساط أو ثيابا .. ولونها أخضر .. . (أفق السماء) جهة السماء من أعلى.

 

#- وفي (أثر صحيح) .. عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ،: ({لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] ، قَالَ: «رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ) رواه بن مَنْدَه العبدي في الايمان .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر صحيح.. وبنفس السند السابق وزاد فيه لفظ (من الجنة) .

 

4- وفي (أثر صحيح) .. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ: (فِي قَوْلِهِ: عَزَّ وَجَلَّ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] .. قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفْرَفًا أَخْضَرَ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ) رواه أحمد وبن مَنْدَه العبدي في الايمان .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.. (قلت خالد صاحب الرسالة): والسند عند "بن منده" صحيح أيضا.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على الأحاديث السابقة:

====================

 

#- أولا: التفرقة بين الحديث النبوي وما قاله بن مسعود عن اجتهاده ..

 

1- الروايات السابق ذكرها ليست أحاديث نبوية إلا الحديث الأول فقط الذي أتي فيه لفظ الدر والياقوت يتساقط من أجنحة جبريل .. وباقي الروايات هي عن اجتهاد صحابي .. قد يكون فهمه من كلام النبي .. وقد يكون ظنا قد ظنه من اجتهاده .. لأنه لم يقل أن النبي قال ذلك أو أنه سمعه من النبي ..

 

2- يظهر لنا أن الآية (13) من سورة النجم وهي الرؤية الثانية في سورة النجم .. هي من تفسير النبي صلى الله عليه وسلم .. وليست من اجتهاد الصحابي عبد الله بن مسعود .. وإذا كان جبريل له ستمائة جناح .. فهذا ليس معناه أن النبي كان يعد جناحات جبريل .. وإنما أخبره بذلك جبريل ..

 

3- علما بأن الصحابي ابن عباس له رأي آخر في التفسير .. وهو أن الرؤية تتعلق برؤية الله .. وهذا تفصيل نذكره في فصل خاص إن شاء الله .. ولكننا هنا نتكلم عن مسألة رؤية جبريل بهيئته الملائكية الأصلية .. وما قيل في ذلك .

 

4- وعن رأيي الخاص (وبافتراض ان هذا معراج سورة النجم هو معراج الإسراء) .. فلا أرى مانع أن يكون الرؤية تحتمل هذا وذاك .. أي رؤية جبريل بهيئته التي ذكرها الصحابي ابن مسعود .. ورؤية الله كما ذكر الصحابي ابن عباس .. وذلك يكون من خلال تجلي إلهي خاص للنبي جعله يراه نورا وكلمه من وراء هذا التجلي .. كما حدث لموسى تجلي إلهي خاص جعله يسمعه ... وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله .

 

- وسبب قولي السابق .. هو أن الله لم يصعد بالنبي لسدرة المنتهى ليريه جبريل فقط ..!! فضلا عن أن بن مسعود ذكر شيئا واحدا من الآيات الكبرى .. إذ أن رؤية جبريل ليست هي كل الآيات الكبرى التي رآها النبي ..!! فأبصر وتأمل .

 

==================

 

- ثانيا: لم أجد في أحاديث الإسراء والمعراج .. ما يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بأنه رأى جبريل على صورته بستمائة جناح .. ولكن قال النبي بذلك من خلال تفسير آية في سورة النجم .

 

1- لم يصادفني في أحاديث الإسراء والمعراج .. ما يشير إلى أن النبي قال بأنه رأى جبريل عليه السلام ليلة الإسراء والمعراج بهيئة الستمائة جناح.. إلا ما جاء عن عَبْدِ اللهِ "بن مسعود": (فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] .. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. عَلَيْهِ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ) رواه أحمد بسند حسن كما ذكرنا منذ قليل ..

 

- فلو افترضنا أن قوله تعالى (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) في سورة النجم تدل على المعراج كما هو الظاهر من كلام بن مسعود .. فهذا معناه أن النبي قد رأى جبريل فعلا بهيئة الستمائة جناح ليلة المعراج .. وربط آيات سورة النجم بالمعراج النبوي هو ظاهر جدا في آيات سورة النجم من أول قوله (ولقد رآه نزلة أخرى) حتى قوله (عند سدرة المنتهى) .. فكلها دلالات لفظية واضحة على تطابقها مع روايات المعراج ..

 

2- وبعض العلماء قالوا: أن رؤية النبي لجبريل بهيئة الستمائة جناح عند سدرة المنتهى .. لم تكن ليلة الإسراء والمعراج وإنما في معراج آخر ..!!

- ولو كان هذا الرأي صحيحا .. فهذا معناه أن ذلك مشهد رؤية جبريل بستمائة جناح لم يشهده النبي ليلة الإسراء والمعراج .. !!

 

@- وهذا رأي فيه غرابة بالنسبة لي .. ليه ؟

أ- لأنه  ما المانع أن يكون هو معراج ليلة الإسراء ؟

- وقد يقول البعض هذا لا يصح .. لأن نزول سورة النجم كانت سنة خمسة من البعثة – فكيف يكون ليلة المعراج وهي حدثت سنة عشرة من البعثة ؟

- ولكن هذا كلام غير منضبط وغير دقيق .. وله تفصيل في الرد نجيب عليه في فصل آخر إن شاء الله.

 

ب- ولماذا لم يرد عن أحد من الصحابة أن النبي تعددت معارجه الذاتية للسموات ؟!!

 

ج- ولماذا تفاجأ النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث المعراج وأندهش وكأنه لأول مرة يذهب إلى السموات وسدرة المنتهى ؟!!

 

د- والذين يفسرون آيات سورة النجم على أنها معراج آخر حدث للنبي بخلاف معراج الإسراء .. كيف يجمعوا بين هذا المعراج وما حدث فيه .. وبين معراج النبي ليلة الإسراء وكان الظاهر من النبي أنه يحكيها وهو لأول مرة يرى هذه الأمور كالسموات والجنة والسدرة ؟!!

 

#- إلا لو قيل أن قوله (أفتمارونه على ما يرى) إلى قوله (سدرة المنتهى) كان مناما .. وهذا غير معقول من ظاهر لفظ الآيات لأن المِراء أو الجدال من الكفار لا يكون على منام (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى) النجم:12  .. والبصر لا يقال إلا لما هو منظور بالعين (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) النجم:17 .. فكيف يكون منام ؟!!

 

3- ولكن الملفت للنظر: أن آيات سورة النجم تكلمت عن معراج يقيني وحقيقي قد حدث بالفعل .. إذ أن النبي لا يصل لسدرة المنتهى إلا بمعراج للسموات .. وحدث في ذلك المعراج للنبي رؤية بصرية بالفعل وهذا يدل على بشريته وذاته الشريفة كانت حاضرة .. ولم ينكر قلبه ما رآه بصره .. وأنه مر على جنة المأوى بالفعل .. ويوجد سدرة المنتهى بالفعل .. وحدثت تجليات بالفعل ..

 

- إذن: يوجد معراج قد حدث فعلا لذات النبي لدلالة ألفاظ القرآن في سورة النجم .. وهذا لم يختلف عليه عموم العلماء ..

- وإنما اختلفوا هل كان هو معراج ليلة الإسراء أم غيره ؟!!

 

====================

 

- ثالثا: عن مفهوم الرفرف الأخضر عند العلماء وهو الذي جاء في كلام الصحابي عبد الله بن مسعود.

 

1- بعض العلماء: ظن من حديث الصحابي بن مسعود .. أن الرفرف الأخضر هو ما كان يجلس عليه جبريل عند سدرة المنتهى أو يضعه جبريل على نفسه كرداء مثل العباية .. وهذا التفسير فهموه لأن كلمة (رفرف) معناها بساط أو تحتمل معنى ثياب ..

 

2- ولكن بعض العلماء: وهو الإمام الخطابي على وجه التحديد قال ما هو لفظه: "وقد يحتمل أن يكون أراد بالرفرف أجنحته .. وأنه بسطها كما تبسط الثياب . (راجع اعلام الحديث ج2 ص1491).

 

#- وعن نفسي: لو ظننت صحة رأي مما سبق .. فأميل لقول الإمام الخطابي رحمه الله .. فهو أشبه بالصواب .. فقد جاء في رواية أحمد السابق ذكرها: (رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عَلَيْهِ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ) .. فالمقصد هو ظهور الجناحات وليس ارتداءه ثياب ليخفي أجنحته ..!!

 

3- وعموما أخي الحبيب:

أ- ولو افترضنا بأن المقصود بالرفرف الأخضر هو جناحات جبريل عليه السلام .. ويكون المعنى كالتالي كما أظن:

- إذا كان من معاني الرفرف: هو التواجد بعلو أي في جهة عليا .. كما نقول رفرف الطير بأعلى .. أي ضرب بأجنحته في السماء .. فيكون الرفرف الأعلى هو علو جبريل مرفرفا بأجنحته وكان لونها أخضر .. لأن الرفرف ما يتم الإتكاء عليه .. ورؤية جبريل على صورته أي وهو له أجنحة وهذه الأجنحة هي التي يتكأ عليها في علوه وارتفاعه ولونها يغلب عليه الخضار ..

- وهذا الرأي ما أميل إليه ..

 

ب- ولو افترضنا أن المقصود بالرفرف هو البساط على حسب الرأي الأول: فلم أجد في كلام العلماء سوى تفسير لفظي لكلمة الرفرف دون توضيح علاقته بجبريل سوى أن البعض قال بساط والبعض قال ثياب ..!! فلماذا يرتدي جبريل ثياب أو يضع عليه مثل البساط  . وهو يكشف عن حقيقته للنبي وأن له ستمائة جناح ؟!!

 

- حتى لو أطلقنا الخيال في عقلنا وقلنا مثلا: هو أن جبريل كان يجلس على كرسي له مساند كبيرة خضراء يستند عليها بيديه .. كالسلطان الجالس على كرسيه .. كما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ثاني مرة بعد نزوله من غار حراء .. كما جاء في الحديث عن النبي أنه قال: (بَيْنَا أَنَا أَمْشِى، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِي بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي (أي غطوني لتذهب عني رعشة الهيبة من رؤية ما رأيت)) صحيح البخاري.

 

- فهذا الخيال والتصور السابق هو خطأ حدوثه ليلة المعراج .. لأن النبي رأى جبريل على هيئة ستمائة جناح في ليلة المعراج وليس جالس على كرسي .. ورؤيته وهو بأجنحته مع سد الأفق فهذا معناه أنه كان محلقا ناشرا أجنحته وليس جالسا ..!!  

 

4- أخي الحبيب توجد روايات ساعدت على أن يكون مفهوم الرفرف هو وجود ثياب من سندس:

- إذ توجد روايات .. قيلت عن بعض الصحابة أن النبي رأى جبريل وكان يرتدي مثل عباء من سندس .. ومن ذلك:

 

أ- جاء في (أثر ضعيف جدا) .. عن عَلِيُّ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثنا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ ثِيَابُ سُنْدُسٍ (أي مثل عباية فاخرة) .. قَدْ نَشَرَ سِتَّمِائَةِ جَنَاحٍ .. يَتَسَاقَطُ مِنْ أَجْنِحَتِهِ التَّهَاوِيلُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ) رواه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث ضعيف .. فيه (علي بن بشر) و (عون بن عمارة) وكلاهما ضعيف الحديث .

 

ب- (أثر ضعيف) .. عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُهْبِطًا، قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ، عَلَيْهِ ثِيَابُ سُنْدُسٍ، مُعَلَّقٌ بِهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ) رواه أبو الشيخ في العظمة .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف .. لأن (حماد بن سلمة) ممن سمعوا من (عطاء بن السائب) بعد الإختلاط .. فكان حديثه عنه ضعيف.

 

ج- (أثر ضعيف) .. أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا ابْنُ رَجَاءٍ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: (فِي قَوْلِهِ {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فِي حُلَّةٍ مِنْ سُنْدُسٍ قَدْ سَدَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) رواه بن مَنْدَه العبدي في الايمان .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر ضعيف .. وفيه (أحمد بن إبراهيم بن نافع) مجهول الحال ..، وفيه أن (اسرائيل بن يونس) سمع من (أبي إسحاق السبيعي ) بعد الإختلاط كما أشار لذلك العراقي  (راجع التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح ص445)... وإذا كانت رواية اسرائيل بن يونس عن السبيعي تقبل في الصحيحين لشواهد صحة روايتهما في غير الصحيحين إلا أنه لا أقبلها في غيرهما كحال من يرى أن اسرائيل سمع من السبيعي بعد الإختلاط وسيأتي بيان ذلك في الأثر التالي .. فضلا عن أن أبي إسحاق السبيعي قد دلس في الرواية .. والله أعلم .

 

د- (أثر صححه البعض وأرى فيه ضعف) .. عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] قَالَ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) رواه الحاكم والترمذي .. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ..، وقال الترمذي: حسن صحيح ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا التصحيح فيه نظر .. والأثر فيه ضعف .. لأن (أبي إسحاق السبيعي دلس في الرواية ولم يصرح بالتحديث .. و (إسرائيل بن يونس) سمع من (أبي إسحاق) بعد الإختلاط .. فكيف تصح الرواية ؟!!

- وإذا كانت رواية (اسرائيل بن يونس) عن (السبيعي) تقبل في الصحيحين لشواهد صحة روايتهما في غير الصحيحين .. إلا أنه لا أقبلها في غيرهما كحال من يرى أن اسرائي سمع من السبيعي بعد الإختلاط .. إذ قال أبو الفضل العراقي في تعليقه على كلام ابن الصلاح: " المصنف لم يذكر أحدا قيل عنه أن سماعه منه بعد الاختلاط إلا ابن عيينه وقد ذكر ذلك عن إسرائيل بن يونس وزكريا بن أبى زائدة وزهير بن معاوية وكذلك تكلم في رواية زائدة بن قدامة عنه أما إسرائيل فقال صالح بن أحمد ابن حنبل عن أبيه إسرائيل عن أبى إسحاق فيه لين سمع منه بآخرة وقال محمد بن موسى بن مشيش سئل أحمد بن حنبل أيما أحب إليك شريك أو إسرائيل فقال إسرائيل هو أصح حديثا من شريك إلا في أبى إسحاق فإن شريكا اضبط عن أبى إسحق قال وما روى يحيى عن إسرائيل شيئا فقيل لم فقال لا أدري أخبرك إلا أنهم يقولون من قبل أبى إسحق لأنه خلط وروى عياش الدوري عن يحيى بن معين قال زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبى إسحق قريب من السواء إنما أصحاب أبى إسحق سفيان وشعبة قلت قد خالفهما في ذلك عبد الرحمن بن مهدي وأبو حاتم فقال ابن مهدي إسرائيل في أبى إسحق أثبت من شعبة والثوري ..، وروى عبد الرحمن بن مهدي عن عيسى بن يونس قال: قال لي إسرائيل كنت أحفظ حديث أبى إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن وقال أبو حاتم الرازي إسرائيل من أتقن أصحاب أبى إسحق وروايته عن جده في الصحيحين" (راجع التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح ص445).

 

5- ملحوظة هامة اخي الحبيب:

- وإن كنت أميل لرأي الإمام الخطابي عن مفهوم الرفرف الأخضر .. إلا أني أجد رأي آخر في مسألة الرفرف الأخضر وهو أنه قد لا يكون له أي علاقة بجبريل عليه السلام .. ليه ؟

- هذا ما أذكره في البند التالي ..

 

======================

 

#- رابعا: هل قال بن مسعود أن الرفرف الأخضر المقصود به جبريل عليه السلام ؟

 

@- جاء في (أثر ضعيف جدا أو موضوع) .. عن إبراهيم بن أبي الليث، ثنا عبيد الله الأشجعي، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود: ({لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] - قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ فِي رَفْرَفٍ أَخْضَرَ قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) رواه بن مَنْدَه العبدي في الايمان .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف جدا .. وفيه (إبراهيم بن أبي الليث) وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب. (راجع لسان الميزان ج1 ص337 ترجمة249). 

 

- هذه هي الرواية الوحيدة التي وجدتها لابن مسعود .. وجمعت بين جبريل والرفرف الأخضر .. وهي رواية ضعيفة جدا أو موضوعة .. كما ظهر لك.

 

#- والآن أقول لك أخي الحبيب الآتي:

1- لا يظهر من كلام الصحابي بن مسعود بصورة صريحة في حديث صحيح .. أن الرفرف الأخضر هو جبريل عليه السلام .. أو أن جبريل ارتدي رفرفا أخضر أو كانت أجنحته رفرفا أخضر أو أنه جلس على رفرفا أخضر .. فكل هذا لا وجود له في لفظ صحيح من كلام بن مسعود رحمه الله مهما صحح البعض أي أثر لابن مسعود .. ولا يوجد ذلك في صحيح كلام النبي صلى الله عليه وسلم.. بل كلام النبي واضح جدا فيما رواه عنه ابن مسعود أن النبي قال: (رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، عَلَيْهِ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ، يُنْتَثَرُ مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلُ: الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ) كما في رواية أحمد وهي حسنة السند ..

- إذن: انتهى التفكير فيما وراء ذلك .. ولا داعي لقبول روايات معلولة تقول أن لجبريل عباءة أو ثياب كان يرتديها .. في حين لا يصح أي أثر يقول بذلك ..!!

 

#- ولو افترضنا صحة أن جبريل كان له حلة من رفرف .. فهذا لا علاقة له باللون الاخضر .. والرفرف في حق جبريل عليه السلام .. هو ما كان معلق على أجنحة جبريل من أنواع الجواهر كالياقوت واللؤلوء .. هو ما تم تشبيهه بالحلة أي كالحلي الذي يتحلى به على أجنحته لبيان مكانته على غيره .. وليس بمعنى ثياب يرتديها ..!!

 

- فمهوم حلة من رفرف بالنسبة لجبريل عليه السلام .. هو ما أشير به إلى ما ينتثر من أجنحته .. فيكون المراد منه بسط أجنحته فصارت شبه الرفرف .. إذ يقال رفرف الطائر إذا بسط جناحيه .. وعموما المقصد هو أنه بسط أجنحته حتى كانت كالحلة التي تكسو جبريل بهذه الأنواع الجواهر واللآليء .. والله أعلم.

- وليس بمعنى كان عليه عباءة أو ثياب ... فهذا أحسبه خرافة لا تصح ..!!

 

2- إنما من مجموع الروايات الصحيحة التي أتى فيها لفظ (رفرف) مع سيدنا جبريل ..، وروايات أتى فيها لفظ (رفرفا أخضر) دون ذكر سيدنا جبريل ..، فجمع بعض العلماء بين هذا وذاك وظنوا هذا الظن .. وجاء في رواية أن من الآيات الكبرى رؤية جبريل عليه ستمائة جناح .. ورواية أخرى قالت أن من الآيات الكبرى رؤية رفرف (دون ذكر جبريل) .. فهذا قد يكون سبب ذهاب البعض أيضا للجمع بين التفسيرين لنفس الآية لنفس الصحابي .. فيقال أن الرفرف الأخضر له علاقة بجبريل حينئذ طالما الراوي واحد وهو الصحابي بن مسعود.

 

3- ولي تعقيب هنا: وهو لماذا أبهم بن مسعود الرفرف الأخضر ولم يقل أنه جبريل عليه السلام ؟!! إلا لو كان هذا الرفرف الأخضر مقصود به شيئا آخر .. خاصة لو انتبهنا للفظ بن مسعود في أحد الروايات السابقة والتي جاء فيها: (رَفْرَفًا أَخْضَرَ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ) .. وجبريل ليس من الجنة ..!!

 

- فلعل الرفرف الأخضر الذي رآه النبي .. مقصود به شيئا آخر .. وهو الذي ذكره الإمام القرطبي في تفسيره عن ابن عباس .. وهو ما نذكره في البند التالي .

 

===================

 

#- خامسا: هل الرفرف الأخضر هو مثل بساط صعد عليه النبي للقاء الله ؟

 

- بعض العلماء قال: أن الرفرف الأخضر ليس المقصود به جبريل عليه السلام سواء مرتديا عليه ثيابا أو المقصود به جناحاته .. وإنما هذا الرفرف الأخضر الذي هو من الجنة (رَفْرَفًا أَخْضَرَ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ) .. هو قد يكون بساطا أنزله الله إلى نبيه ليدينه به لمقام الخصوصية .. وممن أشار لذلك القول:

 

1- قال الإمام القرطبي رحمه الله (المتوفى: 671هـ) عند قوله تعالى (ثم دنا فتدلى) فكان من جملة الآراء التي ذكرها:

أ- وقال ابن عباس: "تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج .. فجلس عليه .. ثم رفع .. فدنا من ربه". (تفسير القرطبي ج17 ص89).

 

ب- وقال القرطبي في موضع آخر من تفسيره: روي عن ابن عباس في قوله تعالى: (دنا فتدلى) أنه على التقديم والتأخير .. أي تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج فجلس عليه ثم رفع فدنا من ربه. قال: (فارقني جبريل وانقطعت عني الأصوات وسمعت كلام ربي) ... فعلى هذا الرفرف ما يقعد ويجلس عليه كالبساط وغيره. (تفسير القرطبي ج17 ص98).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام القرطبي:

أ- الأثر الأول عن ابن عباس .. فلم يتبين لي حكمه إذا لم أعرف سنده ..

 

ب- أما عن الأثر الثاني الذي ذكره الإمام القرطبي عن ابن عباس .. والذي جاء فيه (فارقني جبريل) .. هو أثر ضعيف بدليل ذكر القرطبي له بصيغة التضعيف (رُوي) .. والله أعلم.

 

2- وذكر الإمام الحكيم الترمذي رحمه الله (285 هـ) .. عند تفسير قوله تعالى: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) الرحمن:76 .. رواية عن المعراج فقال:

أ- ورُوي لنا في حديث المعراج: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ سدرة المنتهى، جاءه الرفرف .. فتناوله من جبريل .. فطار به إلى سند العرش .. فذكر أنه طار بي .. يخفضني ويرفعني .. حتى وقف بي على ربي .. ثم لما حان الانصراف .. تناوله .. فطار به خفضاً ورفعاً يهوي به .. حتى أداه إلى جبريل - صلى الله عليهما- .. وجبريل يبكي .. ويرفع صوته بالتمجيد).

 

- ثم قال الحكيم الترمذي: فالرفرف: خادم من الخدم بين يدي الله .. له خواص الأمور في محل الدنو والقربة .. كما أن البراق دابة يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضه. (نوادر الأصول ج3 ص36).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الحكيم الترمذي .. والذي نقله عنه الإمام القرطبي في تفسيره عند سورة الرحمن في قوله تعالى: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) الرحمن:76 ..

أ- الرواية التي ذكرها الحكيم الترمذي عن المعراج .. هي غير صحيحة لأنه رواها بصيغة التمريض أي التضعيف .. وهو يقر بذلك إذ قال (رُوي) .. فهو يعلم أن الرواية ضعيفة .. وأيضا لم يذكر سندها أو مصدرها .. وهو ذكرها على سبيل الحكاية إذ قد يكون لها سند صحيح في مصدر آخر لا يعرفه .

 

ب- وفي (حديث ضعيف) آخر ذكره الحكيم الترمذي فقال: رُوِيَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصَّة الْمِعْرَاج أَنه قَالَ: (لما انْتَهَيْت إِلَى قرب الْعَرْش تدلى رَفْرَف فأخذني من جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام تناولا إِلَى سَنَد الْعَرْش فَجعل يهوي بِي يخفضني مرّة ويرفعني مرّة) رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف وأشار لذلك الحكيم الترمذي لأنه رواه بصيغة التضعيف (رُوي) .. فهو يعلم انه حديث ضعيف .. ولا اعلم من أي مصدر نقله الحكيم الترمذي ولم يرويه بسند .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- لو لاحظنا شيء .. أنه بالرغم من الروايات التي ذكرها الحكيم الترمذي وكانت ضعيفة .. ولكن نجد كلام ابن عباس الذي أشار إليه القرطبي أيضا يشير إلى أن القرب والتدني والتدلي كان حركة ركوب النبي على الرفرف وانتقاله عليه ..

 

- وأحسب أن هذا كلام مقبول إلى حد ما .. ولكن ليس هذا كل كلام العلماء في مسألة الدنو والتدلي .. وإنما هنا فقط ذكرت ماذا لو كان المقصد بالرفرف الأخضر هو بساط قد اعتلى عليه النبي إلى معارج أخرى كمستوى صريف الأقلام .. وهذا معراج سنذكره منفردا إن شاء الله.

 

2- بل وأجد ما يؤيد أن الرفرف الأخضر هو بساط انتقل إليه النبي .. هو ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود إذ قال: (رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفْرَفًا أَخْضَرَ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ) رواه أحمد وبن مَنْدَه العبدي في الايمان .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين..

- ولو كان الرفرف الأخضر هو جبريل .. فإن جبريل ليس من الجنة .. فعلمنا ان المقصد بالرفرف الأخضر شيئا آخر خلاف جبريل عليه السلام ..

 

3- فضلا عن أن الرفرف الأخضر هو مثل بساط مفروش أو وسائد ناعمة للجلوس عليها مرتفعة عن الأرض ويجلس عليه المؤمن في الجنة .. وليس جناح ملائكي .. إذ يقول تعالى: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) الرحمن:76 ..

- وما سبق هو ما أميل إليه من الرأي .. والله أعلم .

 

4- وكذلك انتبهت إلى أن الإمام ابن كثير رحمه الله (المتوفى: 774هـ) .. كان يرى أن الرفرف الأخضر ليس هو جبريل عليه السلام .. إذ ذكر رحمه الله في تفسيره عن رحلة الإسراء والمعراج ملخصا .. وكان من جملة ما ذكره عن مرائي النبي أنه قال: "ورأى سدرة المنتهى وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة من فراش من ذهب وألوان متعددة وغشيتها الملائكة ..، ورأى هناك جبريل على صورته وله ستمائة جناح ..، ورأى رفرفا أخضر قد سد الأفق ..، ورأى البيت المعمور ...."  (تفسير ابن كثير ج5 ص40).

- إذن: الإمام ابن كثير رحمه الله كان يرى أيضا أن الرفرف الأخضر ليس هو جبريل عليه السلام .. وإلا ما كان فرق بينهما في كلامه ..

 

#- وخلاصة القول أخي الحبيب:

- بعيدا عن كلام العلماء .. فقد ذكرت لك أخي الحبيب الدوافع التي تجعلني أرفض أن يكون الرفرف الأخضر هو جبريل .. لعدم وجود النص الصحيح بذلك .. فضلا عن الرفرف الأخضر في النص الصحيح يظهر لنا أنه من الجنة وجبريل ليس من الجنة .. وليس الرفرف الأخضر هو جناح جبريل وإلا كان قال النبي ذلك .. فضلا عن أن القرآن يشير للرفرف الأخضر بكونه من فرش الجنة التي يجلس عليها المؤمن ..

- هذا والله أعلم .  

=====================

 

#- سادسا: هل قال الصحابي بن مسعود أن جبريل ظهر للنبي هو مرتدي مثل عباءة أو ثياب ؟

 

- جاء في روايات عن الصحابي بن مسعود .. أن النبي رأى جبريل عليه السلام وهو فِي حُلَّةٍ مِنْ رَفْرَفٍ .. ودليل ذلك :

 

1- جاء في (أثر صححه البعض وأرى فيه ضعف) .. عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: (فِي قَوْلِهِ: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] .. قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيل فِي حُلَّةٍ مِنْ رَفْرَفٍ .. قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) رواه أحمد والحاكم .. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ..، وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.. (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق وذكرت اعتراضي منذ قليل على هذا التصحيح في البند ثالثا من هذا الفصل تحت عنوان : (عن مفهوم الرفرف الأخضر عند العلماء وهو الذي جاء في كلام الصحابي عبد الله بن مسعود).. فارجع إلى آخر حديث فيه ..

 

- ومعنى (حلة من رفرف): أي رآه في هيئته بأجنحته الملائكية .. فهذه هي حلته أي ما يتحلى بها في هيئته وهي من رفرف لأنها أجنحة يرفرف بها أي يتحرك بها حين معراجه للسماء .. والله أعلم .

 

#- وفي (أثر حسن باعتبار له متابعه – يعني هو أصله ضعيف) .. عن بن مسعود بلفظ: (رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فِي حُلَّةٍ مِنْ يَاقُوتٍ .. قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) صحيح ابن حبان.. وقال الأرنؤوط: السند حسن باعتبار أن له متابعة ..

 

#- ولكن لو انتبهنا لهذه الرواية سنجدها تتكلم عن حدث بين السماء والأرض .. وليس في الملكوت الأعلى .. ولعل هذا هو المشار به إلى ما قاله النبي: (بَيْنَا أَنَا أَمْشِى، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِى، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِي بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِى زَمِّلُونِي (أي غطوني لتذهب عني رعشة الهيبة من رؤية ما رأيت)) صحيح البخاري.

 

- فيكون تفسير بن مسعود لآية سورة النجم رقم (10-11) .. هو لرؤية النبي لجبريل حينما كان على كرسي بين السماء والأرض ..

 

- وبعض العلماء أخذ هذه الرواية السابقة .. وجعلها دليل على أن معنى الرفرف الأخضر هو مثل عباءة أو ثياب كانت على جبريل لأنه جاء في الرواية (فِي حُلَّةٍ مِنْ رَفْرَفٍ) .. وهذا تفسير أحسبه خطأ .. لأن الحلة المقصد بها أجنحته وليس عباءة ..!! ولأن هذه الرواية تتكلم عن حدث أرضي .. وليس ملكوتي كما في الآيات رقم (17-18) من سورة النجم ..

- فسورة النجم تتكلم عن رؤيتان وليس رؤية واحدة .. وبعض العلماء يخلط في الاستدلال بين هذا وذاك في نقل تفسير بن مسعود ..!!

 

2- وجاء في (حديث صحيح) .. عن أَبُي عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: (سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم:9- 10] قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ «رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ) صحيح البخاري ومسلم.

 

- إذن مما سبق يتبين لنا أن الصحابي عبد الله بن مسعود: يرى أن تلك الآيات (9-10) من سورة النجم .. تتكلم عن نزول جبريل من السماء على النبي في بداية الدعوة.

 

@- ولكن انتبه أخي الحبيب:

- أجد هنا إشكالية صادفتني .. وهي إشكالية في كلام الصحابي بن مسعود .. إذ أنه تم الرواية عن بن مسعود مسبقا في الآية رقم (18) من سورة النجم أن النبي رأى جبريل وعليه ستمائة جناح .. وهذه هي الرواية:

 

1- عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، سَمِعَ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:: ({لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} النجم:18 .. قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ) صحيح مسلم.

 

2- وفي الرواية الأسبق عن أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: (سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم:9- 10] قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ «رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ) صحيح البخاري ومسلم.

 

- فجزئية رؤية جبريل وله ستمائة جناح .. ظهرت مرتين .. والرواي أيضا لتفسير بن مسعود هو زر بن حبيش .. والسائل هو أبي اسحاق الشيباني ..!!

 

3- إذن: هذا معناه أنه رأى جبريل مرتين بهيئة الستمائة جناح .. مرة بين السماء والأرض .. ومرة في الملكوت الأعلى عند سدرة المنتهى .. وهذا كلام لا أظنه صحيح .. ليه ؟

 

- لأنه لم يصادفني أي حديث يقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى جبريل بهيئة الستمائة جناح إلا في الملكوت الأعلى عند سدرة المنتهى .. بل وظهوره بين السماء والأرض لم يظهر بهيئته الملائكية بستمائة جناح حينما كان جالسا على كرسي بين السماء والأرض وكان ظهوره بهيئته التي كان ظهر بها للنبي أول مرة في غار حراء .. وأكيد لم يكن بستمائة جناح وإلا كان ذكر لنا هذا .. بل وما كان في رؤيته في السماء ليلة المعراج أي تكريم إضافي للنبي برؤيته الستمائة جناح وعليهم اللؤلوء والياقوت ..!!

 

4- وعن نفسي أظن .. أن هناك خطأ عمن نقل عن (زر بن حبيش) أو الخطأ من (زر بن حبيش) نفسه .. في نقله التفسير عن بن مسعود خاصة في تفسير الآيات (9-10) من سورة النجم .. إذ أنه التفسير غير مطابق مع تفسير الآيات المذكورة .. فالآيات تتكلم عن حالة قرب شديد .. في حين تفسير بن مسعود يتكلم عن رؤية جبريل وله ستمائة جناح ..!! فما علاقة هذا بذاك ؟!!

- ولذلك أقول أن من نقل التفسير عن ابن مسعود .. قد اختلط عليه التفسير بين تفسير الآية (18) والآية (10) من سورة النجم .. فجعلهما تفسير متكرر في آيتين عن نسيان أو خلط ..  ولكن الحقيقة هي آية واحدة التي قد ظهر منها جبريل أن له ستمائة جناح وهو ما قاله النبي بنفسه وكان عند سدرة المنتهى .. وهذا ما أرجحه .. والله أعلم.

 

#- ثم وجدت ما يؤيد إمكانية حدوث هذا الاختلاط نقل تفسير بن مسعود كما في الرواية التالية:

- جاء في  (أثر صحيح) .. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عنِ أبي اسحاق الشَّيْبَانِيِّ، عنْ زِرٍّ، عنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود: ({لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}، أَوْ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قَالَ: جِبْرِيلُ فِي صُورَتِهِ لَهُ سِتُّ مِئَةِ جَنَاحٍ) رواه ابن خزيمة في التوحيد.

 

- وهذا الأثر السابق يدل على أن هناك نسيان حدث من الراوي في تحقيق تفسير عبد الله بن مسعود .. بالرغم من أن سياق الآيتين السابقتين في الرواية هما عن موقف واحد .. ولكن الغرض من الأثر السابق هو أنه لا مانع من حدوث خلط في التفسير المنقول عن ابن مسعود نتيجة نسيان من روى عنه .. والله أعلم .

 

===================

 

#- سابعا: هل يوجد تفسير عن النبي في تفسير الرؤية الأولى من سورة النجم عند قوله (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) وقد ذكر هذه الرواية الصحابي بن مسعود ؟

 

- الذي أعلمه .. أن الرؤية الأولى في سورة النجم لا أظن أن فيها حديث عن بن مسعود قد رواه عن النبي .. وإنما رواية بن مسعود في الرؤية الأولى لسورة النجم هي رواية موقوفة عليه حسب مبلغي من العلم .. إلا ما ذكرته عن رؤية النبي لجبريل عند سدرة المنتهى وله ستمائة جناح .. وأجنحته كان يتساقط منها أمثال الياقوت فهذا حديث نبوي ..

- ولكن وجدت رواية عن ابن مسعود مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن لم تصح.. وبيان ذلك:

 

#- توجد رواية عن عبد الله بن مسعود يظهر فيها أنه سمع هذا التفسير من النبي .. وإليك بيان ذلك:

1- جاء في (حديث ضعيف) .. عن زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أبان قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَرَّانِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: (أَتَيْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ وَعَلَيَّ دُرَّتَانِ أَوْ فِي أُذُنِي دُرَّتَانِ فَأُلْقِيَتْ عَلَيَّ مِنْهُ مَحَبَّةٌ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ لِي: سَلْهُ سَلْهُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ .. أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِئَةِ جَنَاحٍ) رواه ابن خزيمة في التوحيد حديث رقم 407 طبعة دار المغني بالرياض .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف .. لأن (زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أبان) مجهول الحال .. وجاء في بعض نسخ كتاب التوحيد (زكريا بن يحيى بن أياس) وهذا خطأ .. لأن الذي يروي عن عمرو بن خالد هو (زكريا بن أبان - وليس ابن أياس) .. والله أعلم ..، فضلا عن أن كون هذه الرواية مرفوعة للنبي هو وهم لأن الأصل أنها موقوفة .. ويظهر ذلك من رواية الشاشي التالية ..

 

#- جاء في (أثر حسن) .. عن أَبي بَكْرِ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، نا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، نا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: (أَتَيْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ فَأُلْقِيَتْ عَلَيَّ مَحَبَّةٌ فِيهِ .. وَعِنْدَهُ شَبَابٌ فَقَالُوا لِي: سَلْهُ، عَنْ قَوْلِ {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ) رواه أبو سعيد الشاشي في مسنده .. (قلت خالد صاحب الرسالة) السند حسن .. لأن أبي بكر ابن أبي العوام هو صدوق (راجع سير أعلام النبلاء للذهبي ج13 ص7).

 

#- إذن هذا ليس حديث مرفوع للنبي .. وإنما حديث موقوف على كلام الصحابي بن مسعود .. فيما يتعلق بالكلام على الرؤيا الأولى في سورة النجم .

 

#- وخلاصة البحث في مسألة رؤية النبي لجبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح:

1- لم أجد رواية تقول بأن النبي رأي جدبريل في هيئته ذات الستمائة جناح ليلة الإسراء والمعراج .. وإنما هذا مجرد ظن من عدة روايات أخرى ..

 

2- أن مشهد رؤية جبريل عليه السلام ليلة الإسراء والمعراج في هيئة ستمائة جناح .. إنما هذا يقول به من يظن أن الرؤية الثانية المذكورة في سورة النجم المذكورة في قوله (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) تتعلق بجبريل عليه السلام .. وأن هذا حدث ليلة المعراج ..

- وهذا الرأي هو ما أميل إليه ..

 

3- وبعض العلماء يقول بأن آيات سورة النجم لا علاقة لها بحديث الإسراء والمعراج .. فهم يثبتون رؤية النبي لجبريل عليه السلام في هيئة ستمائة جناح ولكن من خلال معراج آخر مذكور في سورة النجم ..

 

4- وهناك من يقول أن الرفرف الأخضر هو مثل عباءة ارتداها جبريل وقت ظهوره للنبي بهيئته .. وهناك من قال بأن أجنحة جبريل هي الرفرف الأخضر .. وهناك ظن ظننته وهو أن هذا الرفرف الأخضر هو مثل بساط ارتقى به النبي إلى ما شاء الله حيث كلمه الله .

 

5- وانتبه أخي الحبيب إلى أن الرواية عن عبد الله بن مسعود .. منها ما يتكلم عن الرؤية الأولى المذكورة في سورة النجم .. ومنها ما هو يتكلم عن الرؤية الثانية في سورة النجم ..

 

6- من غرائب ما تجده في كتب بعض العلماء .. أن يعترض بشدة أن آيات سورة النجم لا تشير لحديث ليلة المعراج .. وهذا اختياره في التفسير .. ولكن في نفس الوقت حينما يتكلم عن ليلة المعراج فيقول أن النبي رأى جبريل بهيئة ستمائة جناح ..!!

 

- فمن أين أتى بذلك في أحاديث الإسراء والمعراج ..؟ إذا كان النبي أثبت رؤيته لجبريل وله ستمائة جناح .. في تفسير آية سورة النجم عند الرؤية الثانية من عند هذه الآية (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) ؟!!

- فهل أصحاب هذا الرأي يقولون بأن آيات سورة النجم تشير لليلة المعراج .. أم لا ؟!!

- شيء غريب ..!!

- هذا والله أعلم .

***************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .