ج55: قصة الإسراء والمعراج - كيف نزلت خواتيم سورة البقرة على النبي ليلة المعراج وجاء في حديث آخر أن خواتيم سورة البقرة نزل بهم ملك غير جبريل - هل غفران المقحمات الذي أعطاه الله لنبيه ليلة المعراج مخالف لعدل الله وأصول القرآن.

   بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الخامس والخمسون)

#- فهرس:

:: الفصل الخامس والخمسون :: عن رحلة المعراج – عن إشكالية نزول الملك بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة ولم ينزل بهما جبريل – هل غفران المقحمات مخالف للعدل الإلهي وأصول القرآن ::

1- س128: كيف أنزلت خواتيم سورة البقرة على النبي ليلة المعراج وقد جاء في حديث آخر أن سورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة نزل بهما ملك غير جبريل على النبي يبشره بهما ؟

#- أولا: توضيح تخاريف صاحب الشبهة وكيف يتلاعب بالألفاظ لينتصر لباطله.

#- ثانيا: عن سند ومتن الحديث الخاص ببشارة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة.

#- ثالثا: ما هو المقصد من خواتيم سورة البقرة.

#- رابعا: هل المقصد بقوله (لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ) هو النبي فقط ؟  

#- خامسا: معرفة ولطائف تتعلق بحديث بن عباس عن سبب توصيف إعطاء النبي بالنورين.

2- س129: هل غفران المقحمات الذي أعطاه الله لنبيه ليلة المعراج مخالف لعدل الله وأصول القرآن ؟

#- أولا: ما المقصود من لفظ غفران المقحمات ؟

#- ثانيا: عطاء الله لنبيه ليلة المعراج بغفران المقحمات ليس مخالف للعدل الإلهي ولا لأصول القرآن .. ليه ؟

******************

:: الفصل الخامس والخمسون ::

*******************

..:: س128: كيف أنزلت خواتيم سورة البقرة على النبي ليلة المعراج وقد جاء في حديث آخر أن سورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة نزل بهما ملك غير جبريل على النبي يبشره بهما ؟ ::..

 

- من المسائل التي يطرحها البعض نشرا للفتنة على الإنترنت متعلقا بحديث عبد الله بن مسعود بأن الله أعطى نبيه خواتيم سورة البقرة ليلة الإسراء .. فيقول البعض ما معناه:

- كيف أنزلت خواتيم سورة البقرة على النبي ليلة المعراج .. في حين جاء أن ملك نزل بهم على النبي مع سورة الفاتحة وبشره بأن الفاتحة وخواتيم البقرة نورين .

- إذ جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا (أي صوت كباب انفتح) مِنْ فَوْقِهِ (أي من السماء) .. فَرَفَعَ (أي جبريل) رَأْسَهُ، فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ .. فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ .. فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ .. فَسَلَّمَ (أي فألقى السلام على الموجودين) .. وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ) صحيح مسلم.

 

#- فكيف حينئذ يقال أن خواتيم سورة البقرة أنزلت على النبي ليلة المعراج .. والحديث السابق يخبرنا خلاف ذلك ؟!! أليس هذا تناقض واضح بين الأحاديث ؟!! ويدل على أسطورة المعراج ..!!

 

- بل وكيف ملك ينزل بقرآن غير جبريل عليه السلام .. وهو أمين الوحي إذ قال تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) الشعراء: 192-194.

 

#- قلت (خالد  صاحب الرسالة):

- أولا: توضيح تخاريف صاحب الشبهة وكيف يتلاعب بالألفاظ لينتصر لباطله.

1- لا يوجد حديث قال بأن خواتيم سورة البقرة أنزلت على النبي ليلة المعراج .. وبالتالي فإن مسألة نزول خواتيم سورة البقرة ليلة المعراج على النبي هي من خيالك أنت الخاص .. وإنما الذي في الأحاديث هو إعطاء خواتيم سورة البقرة .. وهذا العطاء قد يكون دعاء بما جاء في خواتيم سورة البقرة كما سبق وأوضحنا في الفصل السابق مباشرة .

 

2- لا يوجد حديث قال بأن هناك ملك قد نزل بآيات سورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة .. لأن الذي ينزل بالوحي على النبي هو جبريل عليه السلام .. وإنما الرواية التي استدللت بها فيها تبشير بعطاء سيعطيه الله لنبيه ولأمته من خلال قراءة سورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة .. ولو كان هذا الملك نزل بسورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة لكان استغرب النبي وجبريل وتسائلوا ما هي خواتيم سورة البقرة وما هي الفاتحة ..!!

 

#- يبقى من العيب جدا أن البعض يكذب ويزور في ألفاظ الروايات .. بل ويستدل بآيات الله على الباطل الذي هو تصوره في عقله .. حتى يوهم الناس أن الأحاديث تخالف كلام الله .. ويقول بما لم يأت ذكره في الأحاديث .. لينتصر لشيطانه وهواه ..!!

#- ثانيا: عن سند ومتن الحديث الخاص ببشارة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة ..

1- أن ابن عباس لم يقل أخبرني النبي بكذا .. وذلك لدلالة العقل عليه .. أن النبي هو من أخبره بذلك .. وإلا فالرواية مرسلة .. ومرسل الصحابي مقبول عند بعض العلماء .. والله أعلم .

 

#- معلومة بسيطة: كان عبد الله بن عباس مكاشفا للروحانيات العلوية .. ودليل ذلك .. ما جاء في (حديث صحيح) .. عن بن عباس قال: (كنتُ مع أبي عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعندَه رجُلٌ يُناجيه، فكان كالمُعرِضِ عن أبي، فخرَجْنا من عندِه، فقال لي أبي: أيْ بُنَيَّ، ألم ترَ إلى ابنِ عمِّكَ كالمُعرِضِ عني؟ فقلتُ: يا أبَتِ، إنَّه كان عندَه رجُلٌ يُناجيه.. قال: فرجَعْنا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال أبي: يا رسولَ اللهِ، قلتُ لعبدِ اللهِ: كذا وكذا، فأخبَرَني أنَّه كان عندَك رجُلٌ يُناجيكَ .. فهل كان عندَكَ أحدٌ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وهل رأيتَه يا عبدَ اللهِ؟، قال: قلتُ: نعَمْ. قال: فإنَّ ذاكَ جِبْريلُ، وهو الذي شغَلَني عنكَ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: اسناده على شرط مسلم.

 

- فمجلس مثل ما جاء في هذا الحديث السابق .. هو نفسه الذي حضره بن عباس مع النبي حين نزول الملك بالبشارة له بنورين من سورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة .. بل ولعله كان هذا المجلس نفسه الذي سمع فيه ابن عباس هذا الكلام ..

 

2- وبخصوص سورة الفاتحة فغالب كلام العلماء أنها مكية .. ومن المفترض أنها نزلت قبل العام الرابع من البعثة لحسب من فسر قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) الحِجر:87 .. بأن المقصود بها سورة الفاتحة .. فلو صح ذلك فسورة الحجر يقال أنها نزلت في العام الرابع للبعثة .. فيكون الفاتحة نزلت قبلها حتى قيل أنها من أوائل نزول السور القرآنية .. والبعض قال أنها أنزلت مع فرض الصلاة ليلة المعراج .. وعموما هي سورة مكية بإجماع العلماء.

 

#- ثالثا: ما هو المقصد من خواتيم سورة البقرة ..

- المقصد من خواتيم سورة البقرة: هو كما قال غالب العلماء من بداية قوله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ..... إلى آخر السورة) البقرة 285-286 ..

- والبعض قال من بداية (لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ .... إلى آخر السورة) البقرة: 284-285-286 .. لأنه افترض أن خواتيم تعني الكثرة .. والكثرة تبدأ من ثلاثة آيات ..ولكن هذا ظن خطأ لأن لفظ خواتيم قد يقصد به الألفاظ المودعة في آخر آيتين من سورة البقرة وليس الآيات .. وهناك أحاديث تشير لكون الخواتيم هما آخر آيتين .. والله أعلم .

 

#- رابعا: هل المقصد بقوله (لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ) هو النبي فقط ؟  

- قوله (لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ): هذا عطاء ليس خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فقط .. بل هو له ولأمته .. لأن كل القرآن هو عطاء له ولأمته إلا ما خصه به القرآن بذلك وصرح به كخصوصية نبوية .. وما عدا ذلك فالقرآن كله له ولأمته .. وإنما لفظ الحديث (اعطيته) لأنه المخاطب بذلك الكلام .. ولكنه ليس خصوصية عطاء للنبي فقط .. لا .. لأنه عطاء قرآن ولم يتم تخصيصه بالنبي .. وبالتالي أمته شاركته في هذا الفضل والعطاء والخصوصية القرآنية . والله أعلم.

 

#- خامسا: معرفة ولطائف تتعلق بحديث بن عباس عن سبب توصيف إعطاء النبي بالنورين .

1- وصف خواتيم سورة البقرة والفاتحة بالنورين .. فذلك لأحد معنيين حسب ما أرى.

 

- الأول: لو افترضت كما قال بعض العلماء أن المقصد بالحرف هو كل جملة لها معنى في الفاتحة وخواتيم سورة البقرة .. فيكون المقصد حينئذ إجابة هذه الدعوات الموجودة فيهما فتكون بذلك أنوار كرامة للعبد بإجابة ما فيهما.

 

 - ويكون قوله (لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ): بمعنى لو قرأت جملة فيها دعاء أو ذكر لله في الفاتحة أو خواتيم سورة البقرة كقوله (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، وكقوله: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا) .. فالله يعطيك إجابة هذه الدعوات .. وما ليس فيه دعاء فالله يعطيك ثوابه ..

 

#- ولكن هذا الرأي الذي يتم تكراره في شروح علماء الحديث .. وبالرغم من جودته .. إلا أن التفسير الذي ذكروه من الثواب وعطاء الحوائج .. يقال في كل أدعية القرآن وليس في خواتيم سورة البقرة والفاتحة فقط .. وإلا فما فائدة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة حينئذ وتخصيصهما بالنورين ؟!!

 

- الثاني: (رأيي الخاص) .. لو افترضت أن الحرف بمعناه الأصلي وهو الحرف من كل كلمة .. فيكون المعنى .. أن كل حرف من حروف سورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة له خصوصية الإمداد بالنور حينما تقرأه .. وكلما كثرت قرائتك لهما كلما انعكس من أنوار هذه الحروف في نفسك وقلبك وتبددت الظلمات منها ويطهر القلب تدريجيا مما أصابه من غفلة وحسد وغل .. فكثرة قرائتها تزيدك نورا في نفسك فيطرد الوسواس ونورا في قلبك فيصبح مهيأ لقبول نور الإيمان والرضا والمحبة واليقين وما شابه ذلك .. ويكون هذه خصوصية عطاء بالذات للفاتحة وخواتيم سورة البقرة ..

 

- ويكون قوله (لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ): تأكيدا لعطاء هذا الحرف في النفس وانعكاس أنوار كل حرف منهما في القلب .. على وجه اليقين والتحقيق .. ولكن يظهر ذلك أثر هذا النور حسب حال العبد مع ربه وومداومته على قرائتهما ويقينه في قرآن ربه . والله أعلم .

 

- ففائدة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة حينئذ وتخصيصهما بالنورين لأن هذا يحدث منهما بصورة مؤثرة في النفس والقلب كخصوصية فيهما بالذات وليست في سائر القرآن ..

- وهذا الرأي الثاني هو رأيي الخاص وما أرتضيه .. والله أعلم .

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

- لا يوجد شبهة تعارض .. بين الأحاديث المروية في فضيلة خواتيم سورة البقرة مع حديث عبد الله بن مسعود الذي قال فيه ان خواتيم سورة البقرة أعطاهما النبي ليلة المعراج ... وإنما التعارض هو في عقل صاحب الشبهة الذي ارتضى أن يكون عدو لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

******************************

 ..:: س129: هل غفران المقحمات الذي أعطاه الله لنبيه ليلة المعراج مخالف لعدل الله وأصول القرآن ؟ ::..

 

- جاء في (أثر صحيح) .. عن عبد الله بن مسعود أنه قال أن الله اعطى نبيه ليلة الإسراء عطايا فمنها: (فَأَعْطَاهُ اللَّهُ عِنْدَهَا ثَلاَثًا لَمْ يُعْطِهِنَّ نَبِيًّا كَانَ قَبْلَهُ .. فُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ خَمْسًا، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ البَقَرَةِ وَغُفِرَ لأُمَّتِهِ الْمُقْحِمَاتُ مَا لَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

 

- من الشبهات الوقحة على أثر عبد الله بن مسعود .. أن تجد البعض يتجرأ على الله فيسلبه عطاء فضله .. لأنه يرى أن العدل الإلهي لا يكون هكذا ..!!

 

- فيقول بما معناه: إذا كان من العدل الإلهي محاسبة المسيء والغفران لمن تاب وأصلح .. فكيف يغفر لمن يأتي بالكبائر التي تقحمه في النار ولم يتب منها ويخرجه من عذاب النار .. وكأنه لم يفعل شيئا .. في حين غيره قد فعل مثل فعله من الخطيئة ويدخله النار .. فأين العدل في ذلك ؟

- إلا لو قلنا أن قصة المعراج ما هي إلا أوهام .. وحديث بن مسعود لا يمكن أن يصح لمخالفته أصول القرآن التي تقول بأن المخطيء يحاسبه الله والمحسن يكافئه الله.

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: ما المقصود من لفظ غفران المقحمات ..

1- قال الإمام فضل الله التوربيشتي رحمه الله (المتوفى: 661 هـ):

- وفيه: (وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته شيئا) يريد بالمقحمات: الذنوب التي يستحق بها صاحبها دخول النار: (الميسر في شرح المصابيح ج4 ص1277).

 

2- قال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله (المتوفى: 656هـ):

- وقوله: (وغفر لمن لم يشرك بالله شيئًا المُقحَماتِ) أي: الذنوب العظام التي تقحِمُهم في النار .. أي: تُدخِلهم فيها بمشقّةٍ وكُرهٍ وشِدَّةٍ .. يقال: اقتحم يقتحم؛ أي: دخل في أمر شاقّ، وأقحَمتُه أنا: أدخلتُهُ فيه. (المفهم لما اشكل من تلخيص كتاب مسلم ج1 ص395).

 

3- قال الإمام المظهري رحمه الله (المتوفى: 727 هـ):

- والمراد ها هنا بالمقحمات: الذنوب الكبائر التي تُدخِلُ صاحبَها النار .. يعني: أعطى الله نبيَّه الشفاعةَ لأهل الكبائر. (المفاتيح في شرح المصابيح ج3 ص77).

 

@- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- غفران المقحمات .. سيتم غفرانها بشفاعة النبي له في الآخرة فيقبلها الله في حقه .. وأولى الناس بها يوم القيامة بشفاعة النبي هم أكثرهم اتباعا له وصلاة عليه ..

 

- وهذا بخلاف احتمالية غفران المقحمات في الدنيا .. لمن عمل في حياته بالتوبة عنها وطلب الغفران عما فعله من هذه المقحمات .. وذلك ليستحق كرامة غفران المقحمات له ..

 

- وقال العلماء .. لا مانع على فضل الله أن يغفر الله لمن يشاء كل ذنوبه وفق إرادته ومشيئته ولحكمة هو يعلمها في بعض الناس ونجهلها نحن .. فالأمر أمره والحكم حكمه وهو يفعل ما يشاء .. مصداقا لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النساء:48 ..

 

- وقال بعض العلماء .. لا مانع أن يكون غفر المقحمات بعد دخول النار ولكن يخرجون منها ببركة شفاعة النبي .. فالبعض بالشفاعة محجوبون عن النار .. والبعض الآخر تصيبهم الشفاعة بعد فترة فيخرجون ولولا ذلك لظلوا موجودين في العذاب ليستوفوا نصيبهم من عذاب الله الذي لا يعلمه إلا الله .

 

#- ثانيا: عطاء الله لنبيه ليلة المعراج بغفران المقحمات ليس مخالف للعدل الإلهي ولا لأصول القرآن .. ليه ؟

1- هل الفضل الإلهي مخالف لأصول القرآن ؟

- أكيد .. لا ..

- يبقى ليه الكذب في العلم القرآني ؟!!

- فإذا كان العدل الإلهي من أصول القرآن .. فالفضل الإلهي أيضا من أصول القرآن.

- فلماذا تكلمت عن العدل الإلهي - وتجاهلت الفضل الإلهي ؟!!

 

2- يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النساء:48 ..

- وطالما قال تعالى في فضله: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) .. فمن الذي أعطاك الحق في أن تحكم على فضل الله بأنه مرتبط بعدله إذا كان فضله يمنحه بعد عدله .. أجاهل أنت يا صاحب الشبهة بالصفات الإلهية ؟!!

 

3- أليس من أصول القرآن قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) آل عمران 73:-74.

- فالله يؤتي فضله لمن يشاء ويختص برحمته من يريد .. ولا علاقة للمسألة بالعدل الإلهي .. لأنها مسألة تأتي بعد العدل الإلهي ..

 

4- كل صاحب شبهة ينكر الأحاديث النبوية .. لا أشك أنه يحمل في نفسه غلا وحسدا للنبي صلى الله عليه وسلم .. فهذا معهود من أمثالهم .. ولو وجدوا كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم جحدوها .. إذ قال الله تعالى في أمثالهم من قديم الزمن: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا) النساء:54.

 

5- أما عن العدل الإلهي الذي يتغنى به صاحب الشبهة وأشباهه .. وكأنه يدافع عن الله .. ويكتسب من وراءه تصفيق الجهلاء والحمقى له على اليوتيوب وما شابه ذلك .. فحينما يطبق الله العدل الإلهي على أحد فمعناه أنه لا يظلمه بما له وبما عليه .. فهذا هو العدل .. المستمد من صفة الرحمانية .

 

- أما عطاء الفضل والإحسان فهو أن يرتقي بعبده من جليل عدله إلى جميل فضله .. فهذا هو العطاء المستمد من صفة الرحيمية .. لأن ذي الجلال والإكرام قد وجد له خيرا فجعله سببا يرتقي به إلى ميادين الرحمة .. ومن هذا الخير نور شفاعة النبي .. إذ تأتي هذه الشفاعة لترتقي به من سطوة جلال الله إلى رحمة جمال الله .. وهذا ببركة شفاعة دعاء النبي الذي هو نور جمال في حضرة الجلال .. لأنه الأحمد ولا غيره يوم القيامة يا جاهل بالقرآن .. وجاهل بعظيم مقام النبي الأمي صلى الله عليه وسلم.

 

#- خلاصة القول:

- إذا وجدت أخي الحبيب أحد يطعن في أي حديث نبوي أو أثر يتكلم عن النبي وفيه فضيلة له .. فاعلم أن هذا الشخص قد امتلأ حوفه غلا وحسدا للنبي صلى الله عليه وسلم .. فليست المسألة مسألة أنهم ينكرون الروايات الصحيحة .. وإنما المسألة هي حقد وغل كامن في نفوسهم على النبي صلى الله عليه وسلم .. ويختبئون دائما خلف قناع "المدافعين عن الله ورسوله ولا يرجون إلا نشر الحق" .. ولعل الله يشهد عليهم يوم القيامة إنهم لكاذبون .. قال تعالى: (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) التوبة:108.... فأبصر يا مؤمن ..

- والله أعلم .

#- ملحوظة أخي الحبيب:

- بهذا نكون قد تم الإجابة على مسائل وشبهات حول أثر الصحابي عبد الله بن مسعود عن عطايا الله لنبيه  ليلة المعراج .. والتي حاول البعض أن يسقطها .. ويظهر أنه لم تكن من الله عطايا للنبي ليلة المعراج .. ليثبت أنه لم تكن هناك ليلة معراج أصلا حسب كذبهم .. والله من ورائهم محيط بما يفعلون ..

- وننقل بعد ذلك لمعراج جديد في قصة المعراج .. وهو معراج صريف الأقلام .. والله المستعان .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .