ج59: قصة الإسراء والمعراج - هل النبي رأى جبريل كالحلس البالي ليلة المعراج عند سدرة المنتهى وصعد مع النبي لمستوى صريف الأقلام - الدليل على أن جبريل لم يتقدم مع النبي لمستوى صريف الأقلام - هل من العلماء من أشار إلى أن مستوى صريف الأقلام هو المعراج التاسع في رحلة المعراج.

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل التاسع والخمسون)

#- فهرس:

:: الفصل التاسع والخمسون :: عن رحلة المعراج – الجزء الثالث / عن مسائل عن مستوى صريف الأقلام الذي وصل إليه النبي ليلة المعراج ::

1- س137: هل النبي رأى جبريل كالحلس البالي ليلة المعراج عند سدرة المنتهى وصعد مع النبي لمستوى صريف الأقلام ؟

#- أولا: تحقيق رواية الحديث سندا ومتنا ..

#- ثانيا: هل رأى النبي جبريل في مستوى صريف الأقلام كالحلس البالي ؟

#- ثالثا: من أين أتت رواية الحلس البالي السابق ذكرها .. وخرافة صعود جبريل مع النبي في كل مستويات المعراج حتى بعد سدرة المنتهى ؟

#- رابعا: لماذا البعض يرغب بقوة في إظهار جبريل مع النبي حتى في مقام الخصوصية ؟

#- خامسا: كيف استغل بعض المرجفين بتكذيب المعراج من خلال استغلال حديث مرور النبي على جبريل كالحلس البالي ..

2- س138: ما الدليل على أن جبريل لم يتقدم مع النبي لمستوى صريف الأقلام ؟

3- س139: هل من العلماء من أشار إلى أن مستوى صريف الأقلام هو المعراج التاسع في رحلة المعراج ؟

******************

:: الفصل التاسع والخمسون ::

*******************

 ..:: س137: هل النبي رأى جبريل كالحلس البالي ليلة المعراج عند سدرة المنتهى وصعد مع النبي لمستوى صريف الأقلام ؟ ::..

 

- من المسائل التي قد تصادفك ويستغلها البعض في التشكيك والتتسويق لبطلان قصة المعراج .. هي مسألة أن جبريل كان كالحلس البالي ليلة المعراج .. أي كالبساط الممزق الذي يتم الجلوس عليه .. وهذا كناية عن شدة خشوعة وإنكساره لله .

 

- ولكن هل هذا الكلام صحيح ؟ وكيف يتم التشكيك بهذا الحديث لإبطال قصة المعراج ؟!!

 

#- تعال معي نتعرف على الحديث المشار إليه .. ثم نحققه .. ثم أكشف لك كيف يتم استخدامه من طائفة معينة في إثبات بطلان قصة المعراج ..

#- جاء في (حديث ضعيف – ومتن منكر) .. عن عمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى .. وَجِبْرِيلُ كَالْحِلْسِ (أي كبساط الجلوس) الْبَالِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه الطبراني في الأوسط .. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح .. وصححه السيوطي في الدر المنثور .. وحسنه الشيخ الألباني بمجموع طرقه الضعيفة ..!!

 

- وفي (حديث ضعيف ومتن منكر) .. بسند آخر عن عُرْوَةُ بْنُ مَرْوَانَ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ عن النبي :( لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ عَلَى جِبْرِيلَ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى كَالْحِلْسِ الْبَالِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) ورواه ابن أبي عاصم في السنة..

 

- وفي (حديث بسند لا أعلمه ولكن المتن منكر جدا) .. قال فيه السيوطي: وَفِي لفظ لِابْنِ مرْدَوَيْه (مَرَرْت على جِبْرِيل فِي السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ حلْس بَال من خشيَة الله) ذكره السيوطي في الدر المنثور وصححه ..!!

 

- وفي (حديث ضعيف ومتن فيه نكارة) .. عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي، رَأَيْتُ جِبْرِيلَ كالْحِلْسِ الْبَالِي مُلْقًى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) رواه ابن أبي الدنيا في الرقة والبكاء ..

@- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: تحقيق رواية الحديث سندا ومتنا ..

1- هذه رواية ضعيفة وفيها نكارة .. فلا تغتر بتصحيح الهيثمي والسيوطي .. فقول الهيثمي أن رجاله رجال الصحيح لأن هذا كلام غير صحيح .. ولا تغتر بتصحيح السيوطي فهو متساهل .. ولا تغتر بتحسين الشيخ الألباني لأنه حسَّن الرواية بمجموع طرقه الضعيف .. وهذا كلام لا يليق تحسينه في معتقد غيبي ولا يمكن قبوله .. إنما قد يليق في فضائل أعمال مع التعريف بكون أصله ضعيف ..!!

 

2- رواية الطبراني فيها (عمرو بن عثمان بن سيار الكلابى) وقال فيه ابن أبي حاتم: يتكلمون فيه، كان شيخا أعمى بالرقة يحدث الناس من حفظه بأحاديث منكره لا يصيبونه في كتابه، أدركته ولم أسمع منه، ورأيت من أصحابنا من أهل العلم من قد كتب عامة كتبه لا يرضاه، وليس عندهم بذاك..،  وقد جرحه النسائي والأزدي وقالا متروك الحديث .. وذكره العقيلي في الضعفاء .. وقال بن عدي أنه ممن يكتب حديث،  ووثقه بن حبان (راجع تهذيب الكمال ترجمة رقم 4409) .. وقول بن عدي "يكتب حديث" أي في حال المتابعات فقط" .. وتوثيق بن حبان لا قيمة له إذ لا حجة له في ذلك ..

 

3- ورواية ابن أبي عاصم .. فيها (عروة بن مروان) وهو ضعيف في الحديث .. قال الدارقطني: كان أميا ليس بالقوي في الحديث. (راجع ميزان الاعتدال ترجمة رقم 5610) ..

 

4- ورواية ابن مردوية .. حتى وإن لم نعرف سندها .. فمتنها منكر وفيه اضطراب واضح عن باقي الروايات التي رواها الطبري وابن أبي عاصم ..

 

5- ورواية ابن أبي الدنيا .. فيها (محمد بن عبد المجيد التميمي المفلوج) وهو ضعيف الحديث وله مناكير (راجع ميزان الإعتدال للذهبي ترجمة رقم 7887).

 

6- أما عن نكارة المتن وفساده وبطلانه وعدم معقوليته .. فإليك بيان ذلك:

أ- يظهر بوضوح فساد متن حديث بن مردوية وبن أبي عاصم .. وذلك من أول لفظ فيه لمن انتبه وليس لمن اكتفى بالنقل ..!!

 

- فأول لفظ في الحديث .. يدل على بطلانه وأظنه موضوع على النبي .. فلو تأملنا أول قول المتن وهو قوله: (مررت على جبريل) .. إذ كيف يمر النبي على جبريل .. وجبريل كان يصاحبه من أول لحظة في الإسراء حتى أخذ بيد وعرج به حتى سدرة المنتهى ؟!!

- ثم أي سماء رابعة هذه التي مر فيها النبي على جبريل .. في حين كان جبريل معه طوال رحلته ما عدا بعد سدرة المنتهى ؟!!

 

- بل وهذا الظاهر أيضا ويدل على بطلان رواية الطبري .. لأن الرواية قالت (مررت) ولم تقل (عُرج بي – أو - عرج بي جبريل) كما في الصحيحين .. وكأن النبي كان يمر لوحده .. ثم أثناء مروره رأى جبريل كالحلس البالي أي كالبساط الذي يتم الجلوس عليه ..!!

- إذ لا يعقل أن يقال أن جبريل كان مع النبي ومر عليه النبي ..؟!!

 

ب- لماذا لم يظهر لنا أن هذا حال جبريل في الروايات الصحيحة عند البخاري ومسلم وغيرهما ؟!!

- بل أن الروايات الصحيحة .. تكشف أن حال جبريل عليه السلام كان طبيعيا إذ كان يعرف النبي على الأنبياء وملائكة الله ويريه من مشاهد وآيات الملكوت الاعلى بصورة طبيعية جدا ..!!

 

ج- أيعقل أن يقال أن جبريل ظهرت عليه حالة الخشية في الملأ الاعلى فقط .. ؟!!

- لأن الخشية حال جسدي بإلتزام الجسد بالأدب .. وحال قلبي بالتزام الخوف من الله .. وهذين حالان يلازمان اهل الخشية في أي مكان ..!! فكيف يقال أنه رآه في السماء في حالة خشية ؟!!

 

#- ثانيا: هل رأى النبي جبريل في مستوى صريف الأقلام كالحلس البالي ؟

1- من أغرب ما يتم كتابته على الإنترنت .. أن هذه الرواية قيلت في صعود جبريل مع النبي لمستوى صريف الأقلام وما بعد ذلك .. أي كان جبريل يلازم النبي في كل مكان في المعراج .. حتى بعد مستوى شجرة المنتهى .. فصعد معه مستوى صريف الأقلام ووصل معه عند العرش ..!!

 

#- وأقل ما يقال على هذا الكلام هو خرافة ويرتقي لما بعد الخرافة بقليل .. إذ أن من العجب الإتيان برواية مضطربة المتن بل ومنكرة اللفظ وضعيفة السند .. وتجعل منها حقيقة غيبية للمؤمنين عليهم أن يؤمنوا بها ..!!

- أهذا كلام يعقل يا ناس ؟!! أم هي جرأة بالباطل في دين الله ؟!!

- ويكفي المؤمن العاقل .. ما ذكرته سابقا عن فساد السند ونكارة المتن التى تشير بقوة لإنكار أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قال بهذا الحديث أصلا ..

 

2- فلو قيل أن هذه الرواية تتكلم عن منام أو رؤيا حكاها النبي لصحابته .. لقلنا محتمل حدوث هذا ونحمله على أنه إسراء روحي في المنام .. ولا مشكل في المتن حينئذ .. وإن كان ستظل المشكلة في ضعف أسانيد الروايات ..

 

- ولكن أن يأتي البعض بمنتهى الاستخفاف وعدم تحري الدقة .. ويفرض هذا الحديث .. ويجعله معتقد غيبي ومن أحاديث ليلة الإسراء والمعراج يقظة وبجسده الشريف .. بل ويخصصه بمقام الخصوصية بين النبي وربه .. فهذا كلام باطل بصورة قطعية بل ويثير الريبة لمن يزعم أن ذلك حدث في مستوى صريف الأقلام وأن جبريل كان يلازم النبي طوال المعراج حتى وصوله للعرش ..!!

 

#- ثالثا: من أين أتت رواية الحلس البالي السابق ذكرها .. وخرافة صعود جبريل مع النبي في كل مستويات المعراج حتى بعد سدرة المنتهى .. ؟!!

#- دعني أخبرك من أين أتوا بذلك المفهوم وهو أن جبريل كان كالحلس البالي وأنه صعد مع النبي إلى مستوى العرش .. وهو الجزء الذي لم تظهره رواية (الحلس البالي) وهي الرواية القصيرة التي صححها البعض .. ولكن من قالوا أن جبريل صاحب النبي حتى العرش من خلال الحديث السابق .. لم يذكروا الرواية المشيرة لذلك لأنها رواية منكرة جدا ولا يمكن أن يصدقها أحد ..

 

@- وإليك حقيقة وصف (الحلس البالي) أين تم قوله .. وحقيقة صعود جبريل مع النبي وملازمته للنبي حتى أوحي له الله..، وذلك من خلال الرواية التالية التي لا يذكرها البعض لعلمه بانها رواية باطلة .. وهذا نصها:

 

#- جاء في (حديث ضعيف ومتن منكر جدا) .. حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ إِذْ جَاءَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا كَوَكْرَيِ (أي فيها مثل عش من عشوش) الطَّيْرِ .. فَقَعَدَ فِي أَحَدِهِمَا، وَقَعَدْتُ فِي الآخَرِ، فَسَمَتْ وَارْتَفَعَتْ حَتَّى سَدَّتِ الْخَافِقَيْنِ ..  وَأَنَا أُقَلِّبُ طَرْفِي (أي أنظر بعيني) .. وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَمَسَّ السَّمَاءَ لَمَسَسْتُ .. فَالْتَفَتُّ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ حِلْسٌ لاطِئٌ (أي بساط ملتصق بالأرض – والمقصد هو تواضع وانكسار جبريل في تلك اللحظة) ، فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ عَلَيَّ .. وَفُتِحَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ .. وَرَأَيْتُ النُّورَ الأَعْظَمَ .. وَإِذَا دُونَ الْحِجَابِ رَفْرَفَةُ (أي يتساقط مثل) الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ .. فَأُوحِيَ إِلَيَّ مَا شَاءَ أَنْ يُوحَى) رواه البزار في كشف الأستار والطبراني في الأوسط من طريق (الحارث بن عبيد) ..، وقال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح ..، وقال الذهبي: إسناده جيد حسن، والحارث من رجال مسلم. (تاريخ الإسلام ج2 ص161) ..!!

 

- (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف وفيه نكارة .. فيه (الحارث بن عبيد – أبو قدامة) وهو ضعيف يروي المنكرات وأكثر أهل العلم على تضعيفه .. حتى ولو كان من رجال مسلم .. ومما قيل فيه من كلام العلماء: قال أحمد بن حنبل: مضطرب الحديث ..، وقال عنه أبو حاتم: ليس بالقوى ، يكتب حديثه و لا يحتج به ..، ابن حبان: كان ممن كثر وهمه حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفردوا ..، وقال النسائي: ليس بذاك القوي. (راجع تهذيب الكمال ترجمو 1029 - وتهذيب التهيب ج2 ص150) ..

 

@- وقال الإمام بن كثير رحمه الله تعقيبا على هذا الحديث: "الحارث بن عبيد" .. هذا هو أبو قدامة الإيادي أخرج له مسلم في صحيحه إلا أن ابن معين ضعفه، وقال: ليس هو بشيء، وقال الإمام أحمد: مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان: كثر وهمه فلا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، فهذا الحديث من غرائب رواياته، فإن فيه نكارة وغرابة ألفاظ وسياقا عجيبا ولعله منام، والله أعلم. (تفسير ابن كثير ج7 ص413).

 

- وجاء الرواية السابقة من طريق آخر مرسل بلفظ: (وَهَبَطَ النُّورُ، فَوَقَعَ جِبْرِيلُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ كَأَنَّهُ حِلْسٌ .. فَعَرَفْتُ فَضْلَ خَشْيَتِهِ عَلَى خَشْيَتِي) رواه البيهقي في دلائل النبوة وابن المبارك في الزهد.. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف .. وهو حديث مرسل ضعيف ..، ورواه أبو الشيخ في العظمة أيضا بسند ضعيف أيضا .. وسياتي تحقيق هذه الروايات في فصل منفرد إن شاء الله .

 

 #- ووجه نكارة المتن في الآتي:

أ- هو جلوس النبي وجبريل على أمثال عش الطير على شجرة وعرج به للسماء .. وهذا ما لم تقل به أي رواية أو حديث بل أقصى ما قيل أنه ارتفع مع جبريل إما من خلال جبريل أو من خلال البراق .. وليس على عش طير ..

 

ب- فضلا عن أن بداية الإنتقال للسماء كانت من المسجد الحرام وليس من عند شجرة !!

 

ج- أما عن قول الرواية: (فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ عَلَيَّ) .. فهذا يدل على أن النبي كان جاهلا بالله وحاشاه صلى الله عليه وسلم .. فهذا كلام كذب على النبي ولا يصح قوله .. إذ كيف يعرج به الله في مرتبة فوق الأنبياء والملائكة وهو أقل علما ومعرفة بالله منهم ؟!! كيف يعقل ذلك ؟!!

 

#- رابعا: لماذا البعض يرغب بقوة في إظهار جبريل مع النبي حتى في مقام الخصوصية ؟!!

- هذا أمر يثير الريبة في النفس لمن يزعم ذلك .. وأخشى أن يكون من قالوا بذلك في زماننا .. أن يكونوا من الطائفة التي تريد محو انفراد النبي بمولاه ليلة المعراج في مقام الخصوصية حسدا على النبي .. فأرادوا إدخال جبريل معه .. فلم يجدوا غير هذه الرواية الباطلة ليدخلوها جبرا وقهرا للمؤمنين ليعتقدوها ..!! 

 

- فلو كان هذا صحيحا .. فنحن حينئذ لا نتكلم عن نصوص شرعية ولا دين .. وإنما عن نفوس غير سوية .. قد ملأها الغل والحسد وسكن فيها الحقد على النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

- إذ ما علاقة الحديث الذي نتكلم عنه بصعود جبريل مع النبي لمستوى صريف الأقلام ؟!! بل وكيف يعقل ذلك وقد جاء في بعض طرق الحديث أنه رآه في السماء الرابعة ؟!! وبغض النظر عن ضعف الحديث من أساسه سندا ونكارته متنا .. فأين في رواية الحديث ما يشير أن جبريل وصل لمستوى صريف الأقلام مع النبي أو في أي رواية أصلا ؟!!

 

- يا هذا: إلى متى ستظل جاحد لخصوصيات النبي .. ومتى ستتوقف عن الكذب في العلم الديني وتزويره للمؤمنين لخدمة أهواء طائفتك ؟!!

 

#- خامسا: كيف استغل بعض المرجفين بتكذيب المعراج من خلال استغلال حديث مرور النبي على جبريل كالحلس البالي ..

- نجد من ناحية أخرى .. هناك من يستغل هذا الحديث وتصحيح بعض العلماء لهذا الحديث .. وطالما هي صحيحة .. فيقولون: كيف يمر النبي على جبريل في حين هو كان معه أصلا حسب روايات أخرى ... إذن: فروايات المعراج مضطربة وباطلة ولا يوجد شيء اسمه معراج ولا حديث نبوي ..!!

 

- وهذا قد يكون كلام صحيح في حالة كنت شخص أمين في مراجعة أصول العلم .. وتحقيق الروايات حتى يتبين لك الصواب من الخطأ .. إذ قد يخطيء العالم في تصحيح حديث .. ولكن المصيبة فيمن يستبيح عمدا إبطال رحلة المعراج .. ليهتك حرمة الدين بإبطال فريضة الله (الصلاة) .. وإنكار خصوصية النبي حقدا عليه وحسدا له .. ويستبيح إرجاف المؤمنين في دينهم .. فهذا حينئذ ليس منهجية علمية . وإنما يوصف بأنه منهجية إرجافية لإرجاف لنفوس المؤمنين .. ورغبة طافحة في نفسك لإطفاء نور الله في نفوس المؤمنين.

 

- فليست المسألة هنا مع هذه الطائفة .. هي مسألة صحة حديث نبوي سواء صحيح أو ضعيف .. وإنما نحن في مواجهة نفوس مرجفة قد اتخذت من الإرجاف منهجا لها للوصول لغرض خاص لهم .. وهو استباحة حرمة الدين وجحود الحديث النبوي الصحيح .

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- ليس كل ما تقرأه أو تسمعه تصدقه مباشرة خاصة لو تحرك فيك الشك .. ولكن تحقق منه واسأل كثير أهل العلم وأعد السؤال على أكثر من عالم .. واعلم أن العلماء قد يصيبون وقد يخطئون وليسوا أنبياء .

 

2- لا تتخذ من الإرجاف مذهبا لك في حياتك لتفسد حياة المؤمنين .. حتى لا تحمل وزر تضليلهم .. والأنفاس قليلة ويوم القيامة قريب .

 

3- لا تعيش بنفسية جاحدة للنبي صلى الله عليه وسلم .. وفيك من الغل له والحسد عليه ما يحجبك عن تذوق الإيمان ورؤية الحقائق .. واعلم أن ما تحمله في نفسيتك يدل على حقيقة جوهرك .. واعلم أنك محاسب عليه إن لم تصلحه ..

- والله أعلم .

***********************

..:: س138: ما الدليل على أن جبريل لم يتقدم مع النبي لمستوى صريف الأقلام ؟ ::..

 

- قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ) صحيح البخاري ومسلم .

 

#- قال الإمام يحيى بن هُبَيْرَة الذهلي رحمه الله (المتوفى: 560هـ):

- لما تجاوز مقامات الأنبياء لم يقل: وعرج جبريل بي .. بل قال: (فعرج بي) بإضمار الفاعل (حتى ظهرت) يعني وحدي .. ولم يقل فظهرنا.

 

- فكأنه يشير إلى: أنه انتهى إلى مقام لم يرق إليه راق سواه (لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام).

- ومعلوم أن سمع الآدمي لا يبلغ صريف القلم إلا عن مكان قد تناهى في القرب. (الإفصاح عن معاني الصحاح ج2 ص157-158).

 

#- وقال الإمام نور الدين الهروي القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ)  ..في معنى صعود النبي لمستوى صريف الأقلام:

- والمعنى أني أقمت مقاما بلغت فيه من رفعة المحل إلى حيث اطلعت على الكوائن .. وظهر لي ما يراد من أمر الله وتدبيره في خلقه .. وهذا والله هو المنتهى الذي لا تقدم فيه لأحد عليه .. كذا حققه بعض الشارحين من علمائنا. (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج9 ص3770).

 

#- قال محمَّدُ بنُ عزِّ الدِّينِ الكَرمانيّ، الحنفيُّ، المشهور بـ ابن المَلَك (المتوفى: 854 هـ):

- (أسمع فيه صريفَ الأقلام): أي صوتها عند الكتابة في جريانها على اللوح .. وقيل: المعنى: بلغت في الارتقاء إلى رتبة من العلياء حتى اطلعتُ على تصاريفِ الأحوال وجري المقادير .. من غير توسط جبريل وغيره من الملائكة عليهم السلام. (شرح مصابيح السنة ج6 ص286).

 

- إذن: لفظ الحديث يظهر منه أن العروج كان خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم بدلالة قوله (ظهرت) ولم يقل (ظهرنا) وهذه لطيفة ذكرها الإمام ابن هبيرة رحمه الله .. وفعلا ستلاحظ في روايات المعراج .. عند كل معراج كان يقول النبي (عرج بي أو عرج بنا) ولكن عند مستوى صريف الأقلام قال النبي (ظهرت) أي لوحدي ..

 

#- وقد اكتفيت بنقل كلام الإمام بن هبيرة والقاري والكرماني رحمهم الله .. وإلا فكلام العلماء الذين تكلموا في شرح الحديث يدل على ذلك .. ويمكن الرجوع إليه في الفصل السادس والخمسون تحت عنوان: (س130: ما هو معراج صريف الأقلام الذي صعد إليه النبي ليلة المعراج ؟).

 

- وأجد من الدلائل الأخرى التي تؤكد صعود النبي صلى الله عليه وسلم لوحده إلى مستوى صريف الأقلام وما بعده .. هو أن نهاية مقام جبريل عليه السلام عند سدرة المنتهى التي ينتهي عندها عالم الأرواح النورانية من أصحاب السموات السيع ونهاية معرفة من وقف عند سدرة المنتهى .. ومنهم جبريل عليه السلام .. إذ لو كان معه جبريل .. لكان صعد به ودخل معه .. ولكن هذا لم يحدث لأن النبي قال في تلك المرحلة وما بعدها .. (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى) .. إلا أن بعض العلماء يفصلون مرحلة صريف الأقلام عن مرحلة الوحي بالحديث الخاص بين النبي وربه ويسمونه المعراج العاشر .

- والله أعلم.

 ****************************

 ..:: س139: هل من العلماء من أشار إلى أن مستوى صريف الأقلام هو المعراج التاسع في رحلة المعراج ؟ ::..

 

- من العلماء .. من أشار إلى أن مستوى صريف الأقلام هو المستوى التاسع من معراج النبي صلى الله عليه وسلم .. حيث سبق ذلك عروج السبع سماوات .. ثم المستوى الثامن للجنة وسدرة المنتهى .. ثم المستوى التاسع وهو صريف الأقلام .. ثم المستوى العاشر وهو مقام خصوصية الخصوصية عند العرش وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى) صحيح مسلم.

 

1- قال الإمام السيوطي رحمه الله (المتوفى: 911 هـ):

- ذكر ابن المنيِّر (المتوفى:683 هـ) .. المعراج .. فقسَّمه الى عشرة معاريج بعدد سني الهجرة ..

 

- فذكر السبعة الى السبع سموات .. وذكر مناسبته للسبع الأول من الهجرة.

 

- قال والثامن: المعراج الى سدرة المنتهى التي ينتهي اليها ما يعرج من الأرض وما ينزل من السماء.

- قال ومناسبته للثامنة من الهجرة: أنها اشتملت على فتح مكة وهي أم القرى واليها المنتهى .. وقد غشيها أي السدرة الجراد وهو جند من جنود الله كما في الحديث .. كما غشي مكة جند الله وحزبه.

 

- والتاسع: المعراج الى المستوى الذي سمع فيه صريف الأقلام أي صريرها في الصحف .. وهذه الكتابة انتساخ من الأصل القديم المقرر الذي جف القلم منه بما هو كائن ..

- ومناسبته للسنة التاسعة: أن فيها غزوة تبوك فخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ثلاثين ألفا .. وأعلم الناس بها ليتأهبوا .. ومع هذا الاستعداد .. لم يلق فيها حربا ولا فتح بلدا .. فانتسخ العزم .. بالقَدَر وجفاف القلم.

 

- والعاشر: المعراج الى الرفرف وحينئذ لقي الله وسمع الخطاب .. وحضر حضرة الأنس ..

- ومناسبته للعام العاشر: أمر بين واضح لأن فيه لقاء البيت وإكمال الدين .. وإتمام النعمة على المسلمين .. وعقبه لقاء رب البيت والانتقال الى دار البقاء والعروج بالروح الكريمة الى المقعد الصادق والوعد الحق. (الآية الكبرى في شرح قصة الأسراء للسيوطي ص30-31 - مختصرا).

 

- يقصد بقوله (فانتسخ العزم بالقدر) .. أي كانت إرادة النبي وعزمه بأمر من الله الذهاب إلى الحرب والمقاتلة .. ولكن أراد الله اختبار النفوس وكشف المنافقين وإظهار المؤمنين .. ثم تمت العودة من تبوك بدون حرب مع الرومان .. فكان العزم للذهاب للحرب هو من قدر الله .. والعودة من تبوك بلا حرب هو أيضا من قدر الله.

 

#- لكن فيما ذكره الإمام ابن المنير نظر .. لأن المناسبات تعددت في العام الثامن أو التاسع أو العاشر من الهجرة .. بل وليس من الضرورة أن يكون معراج النبي لحكمة ما كان سيلاقيه فيما بعد .. فهذا أراه أبعد ما يكون من مطابقة المعراج على أحداث حياة النبي صلى الله عليه وسلم .. وإن كانت الإشارة الأخيرة للمعراج العاشر هي متوافقه مع ما أشار إليه .. لأنها نهاية كل مؤمن .. والله أعلم .

 

2- قال الإمام الألوسي رحمه الله (المتوفى: 1270هـ):

- وقد كان له عشر مراقي .. سبعة إلى السموات .. والثامن إلى السدرة .. والتاسع إلى المستوي الذي سمع فيه صريف الأقلام .. والعاشر إلى العرش .. والله تعالى أعلم. (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ج8 ص11).

 

3- قال الإمام  محمد الأمين الهَرَري الشافعي رحمه الله (المتوفى:1441هـ):

- رفع إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام وهو المعراج التاسع. .(الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم ج4 ص176).

 

#- أخي الحبيب:

- أحببت أن أذكر لك من كلام العلماء .. ما يشير إلى أن مستوى صريف الأقلام .. يصفه البعض بأنه المعراج التاسع للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج.

- والله أعلم .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .