ج60: قصة الإسراء والمعراج - هل صعد موسى أو أحد من الأنبياء لمستوى صريف الأقلام - كيف يقال أن النبي كان يسمع صريف أقلام القدر في رحلة المعراج لأن هذا يعارض معنى حديث آخر: رفعت الأقلام وجفت الصحف بما قدره الله ؟

      بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الستون)

#- فهرس:

:: الفصل الستون :: عن رحلة المعراج – الجزء الرابع / عن مسائل عن مستوى صريف الأقلام الذي وصل إليه النبي ليلة المعراج ::

1- س140: هل صعد موسى أو أحد من الأنبياء لمستوى صريف الأقلام ؟

#- أولا: الروايات التفسيرية المروية عن الصحابة..

#- الأثر الأول .. عن الصحابي علي بن أبي طالب.

#- الأثر الثاني .. عن الصحابي عبد الله بن سلام.

#- الأثر الثالث .. عن الصحابي غبد الله بن عباس.

@- انتبه يا مسلم وأحذر من الكذب على الصحابي ابن عباس.

#- ثانيا: من آثار التابعين في التفسير ..

#- الأثر الأول .. عن مجاهد بن جبر التابعي.

#- الأثر الثاني .. عن سعيد بن جبير التابعي.

#- الأثر الثالث .. عن رفيع أبي العالية الرياحي.

#- الأثر الرابع .. عن "ميسرة أبو صالح الكوفي" أو "ميسرة بن يعقوب".

2- س141: كيف يقال أن النبي كان يسمع صريف أقلام القدر في رحلة المعراج لأن هذا يعارض معنى حديث آخر: رفعت الأقلام وجفت الصحف بما قدره الله ؟ 

******************

:: الفصل الستون ::

*******************

  ..:: س140: هل صعد موسى أو أحد من الأنبياء لمستوى صريف الأقلام ؟ ::..

 

- من الأمور التي ستجد بعض الطوائف يرددها حين الحديث على المعراج .. وهي طائفة غريبة جدا .. تتعمد تشويه كل ما تجد فيه مدح وجمال وفيه خصوصية وعلو مكانة للنبي صلى الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء.

 

- وتقريبا هم ينتمون لنفس الطائفة .. التي تريد أن تثبت أن المسجد الأقصى ليس هو بيت المقدس بفلسطين .. وسبق وتكلمنا على شبهاتهم سابقا.

 

- المهم وجدت نفس هذه النوعية من الناس .. يجتهدون في اثبات أن موسى عليه السلام بلغ مقام صريف الأقلام .. وأتوا بنصوص من الكتب التراثية الدينية .. والهدف من وراء ذلك .. حتى يجعلوك تظن أنه لا ميزة للنبي صلى الله عليه وسلم على موسى عليه السلام ..!!

 

- نعم .. أخي الحبيب .. لا تتعجب .. فقد صادفني في كتابة قصة الإسراء والمعراج العديد من النفوس التي لم أكن أتصور تواجدها في الحياة وتحمل غل وحسد وحقد على النبي صلى الله عليه وسلم .. بلا حدود .. ويعملون تحت قناع المؤمنين التنويريين ..!!

- شيء غريب .

 

- المهم: من أين أتوا بمعلومة .. أن موسى صعد لصريف الأقلام مثلما صعد النبي لصريف الأقلام ..؟!!

 

#- ولكن انتبه: لا يوجد أي حديث نبوي منسوب للنبي فيما سنذكره .. وإنما هي مجرد آراء تفسيرية أو آثار عن بعض الصحابة في تفسر آيات من القرآن ..

- إليك بيان بعض ما عثروا عليه ونشروه .. وأضيف إليه أيضا ما لم يحصلوا عليه حتى نطفيء شعلة هذا الغل والحقد في نفوسهم:

================

 

#- أولا: الروايات التفسيرية المروية عن الصحابة..

 

#- الأثر الأول .. عن الصحابي علي بن أبي طالب:

- جاء في (أثر تفسيري لصحابي - موضوع " مكذوب") .. عن الْحَارِثُ "بن محمد بن أبي أسامة"، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ "بن أبان الأموي"، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ "بن يونس"، عَنِ السُّدِّيِّ "إسماعيل بن عبد الرحمن"، عَنْ أَبِي عُمَارَةَ "عبد خير بن يزيد الهمداني"، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: (كَتَبَ اللَّهُ الْأَلْوَاحَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ يَسْمَعُ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ فِي الْأَلْوَاحِ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر موضوع .. فيه (عبد العزيز بن أبان الأموي) يروي أحاديث موضوعة وهو مجملا متروك الحديث ومتهم بالكذب  (راجع تهذيب التهذيب ج6 ص331) ..، وفيه (إسماعيل بت عبد الرحمن السدي) وهو ضعيف والبعض حسنه والبعض اتهمه بالكذب .. وقال أبو حاتم والطبري لا يحتج به .. (راجع تهذيب التهذيب ج1 ص314).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على أثر علي بن أبي طالب ..

1- بالرغم من أن سند الأثر لم يصح عن علي ابن أبي طالب .. إلا أن هذا الأثر يشير لسماع صريف الأقلام في الألواح التي تم كتابة التوراة عليها .. ولا علاقة له بمستوى صريف الأقلام فزق سدرة المنتهى ..!! فانتبه .

 

- فمن استدل بهذه الرواية .. لم يكلف نفسه باستخدام شيئا من عقله ليفهم الفرق بين كتابة التوراة على ألواح موسى في جبل الطور فسمع صريف الأقلام التي كانت تكتبها دون أن يراها .. وبين مستوى صريف الأقلام الذي ارتقى له النبي محمد فوق السموات السبع بل فوق سدرة المنتهى ..!! 

 

2- فما علاقة كتابة التوراة في ألواح موسى .. بعروج النبي لمستوى صريف أقلام القدر ؟!! فهذا شيء أرضي حدث لموسى في خلوته في جبل الطور .. وذاك شيء حدث للنبي محمد فوق السماوات السبع وفوق سدرة المنتهى  ؟!! 

 

#- الأثر الثاني .. عن الصحابي عبد الله بن سلام:

- جاء في (أثر تفسيري لصحابي عن حكاية - والمتن منكر جدا) .. عن جَعْفَرٌ الصَّنْدَلِيُّ قَالَ: نا زُهَيْرٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى , عَنْ إِسْرَائِيلَ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ , عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحَرِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ فَانْقَبَضَ مِنِّي .. حَتَّى انْتَسَبْتُ لَهُ (أي عرفته بنفسي) فَعَرَفَنِي فَقَالَ: (وَاللَّهِ لَا أُحَدِّثُ بشَيْءٍ إِلَّا وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ دَنَا مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ .. فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ هَلْ يَنَامُ رَبُّكَ ؟ قَالَ جِبْرِيلُ: يَا رَبِّ يَسْأَلُكَ هَلْ تَنَامُ ؟ فَقَالَ يَا جِبْرِيلُ أَعْطِهِ قَارُورَتَيْنِ فَلْيُمْسِكْهُمَا اللَّيْلَةَ وَلَايَنَامُ .. فَأَعْطَاهُ فَنَامَ .. فَاصْطَفَقَتِ الْقَارُورَتَانِ (أي خبط كلاهما في بعض) فَانْكَسَرَتَا فَقَالَ يَا رَبِّ قَدِ انْكَسَرَتِ الْقَارُورَتَانِ فَقَالَ يَا جِبْرِيلُ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَنَامَ .. وَلَوْ نِمْتُ لَزَالَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) رواه الآجري في الشريعة برقم764 .. (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا مجرد أثر وليس حديث نبوي .. والمتن فيه نكارة ولا يمكن أن يصح هذا المتن أبدا ولا يتم قبوله في حق موسى عليه السلام ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على أثر عبد الله بن سلام ..

أ- إذا الأثر صحيح السند إلى (عبد الله بن سلام) وهو صحابي كان من أحبار اليهود وكبيرهم فأسلم وحسن إسلامه وكان صادقا أمينا ..

 

- ولكن هذا المتن فيه نكارة لا يمكن أن تصدق .. إذ أن سؤال موسى غير معقول لأنه من بديهيات العقل أن الله لا يمكن أن ينام وهو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم .. فكيف نصدق أن موسى يسأل هذا السؤال .. وهو سؤال لا يسأله من هو في مقامه ومكانته ..؟!! إذ أن من هو أقل مقاما من موسى يعلم ذلك ببديهيات العقل ؟!!

 

ب- ومن نكارة المتن أيضا .. لو كان موسى اقترب حتى سمع صريف الأقلام .. فلماذا اعترض ليلة المعراج وظن أن لا أحد يتخطى مقامه ؟!!

 

ج- وهذا المتن أظنه من مناكير (عبيد الله بن موسى) بالرغم من كونه ثقة إلا أن أحمد بن حنبل قال أن له مناكير وترك حديثه ..

 

د- وقول عبد الله بن سلام: بأن موسى دنا من ربه حتى سمع صريف القلم .. لو تجاهلنا نكارة المتن وظننا بصحة هذا الأثر .. فكلام عبد الله بن سلام هذا يكون المقصد منه أنه من حال وجود موسى في الأرض أن الله أسمعه صريف الأقلام وهي تكتب التوراة .. كما سمع كلام الله وهو في الأرض .. فالذي أسمعه هذا قد أسمعه ذاك .. ولكن لم يقل عبد الله بن سلام أنه عرج بموسى لمستوى صريف الأقلام التي تكتب القدر .. فافهم وانتبه .

 

هـ- نحن لا نأخذ ديننا من تفسير صحابي أخذ علمه من كتب سابقة تم التحريف فيها .. حتى ولو كان الكلام المنسوب إليه هو صحيح وقد قاله فعلا .. ولكن لا قيمة له طالما لا دليل لهذا التفسير في كلام الله ولا فيما صح من كلام رسوله ثم لا يتفق مع العقل الإيماني ... وهذا يقال في كل الآثار الآتي ذكرها ..

 

#- الأثر الثالث .. عن الصحابي عبد الله بن عباس:

- جاء في (أثر تفسيري لصحابي - صحيح) .. عن أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَفِيدُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ اللَّبَّادُ، أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ({وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] قَالَ: سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ حِينَ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ) رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي وقال: صحيح ..، (قلت خالد صاحب الرسالة) الأثر صحيح .. وسفيان الثوري ممن سمع من عطاء بن السائب قبل الإختلاط ..

 

@- واللوح هنا: يقصد به الحجر أو الجلد أو الورق الذي تم كتابة التوراة عليه .. وذلك حين خلوته بالجبل لميقات ربه ثلاثون يوما .. وليس المقصود منها صريف أقلام القدر فوق سبع سموات .. فانتبه .

 

#- وجاء في (أثر تفسيري صحيح) للرواية السابقة بلفظ آخر مختصر .. عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ({وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ) رواه ابن أبي شيبه في مصنفه.. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر صحيح.

 

#- وجاء في (أثر تفسيري صحيح) للرواية السابقة بلفظ آخر .. عن ابْنُ بَشَّارٍ "العبدي" ، قَالَ: ثنا يَحْيَى "بن سعيد الفطان"، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ({وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] - قَالَ: أُدْنِيَ حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر صحيح.

 

#- ملحوظة هامة: ولو لاحظت ستجد جملة (حِينَ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ) قد سقطت في رواية بن أبي شيبة ورواية الطبري.. ولكنها ظهرت في رواية الحاكم .. فانتبه لأن الروايات تكمل بعضها.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على أثر بن عباس في تفسير قوله (وقربناه نجيا):

- هذا التفسير المنسوب لابن عباس .. أظنه تفسير لا يصح أبدا بهذا المفهوم المذكور فيه في قوله تعالى (وقربناه نجيا) .. بالرغم من أنه يقصد به سماع صوت الفلم الذي يكتب التوراة على ألواح وهو جالس في خلوته .. ولكن هذا التفسير لا يصح قبوله .. ليه ؟

 

1- لأنه لا يوجد علاقة بين قوله تعالى (وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) .. وبين ان الله جعله يسمع صريف الأقلام ؟!! فأين هذا في كلام الله وكلام رسول الله ؟!!

 

- لا يوجد هذا الكلام مطلقا .. ولا دليل ولا شاهد واحد عليه .. بل الدليل والشاهد أن هذا التقريب والمناجاة كان في الأرض بظاهر نص القرآن .. إذ قال تعالى: (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) مريم:52 .. وهذا يشرحه قوله تعالى: (سَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) القصص:29-30.

 

- فالله ناداه وقربه بالمناجاة بدون وحي ..

 

- والسؤال الآن: ما علاقة القرب بالمناجاة .. بصريف أو صوت القلم ..؟

- ولماذا يسمعه صوت القلم طالما يناجيه ؟!! فكيف يُعقل ذلك ؟!!

- فما بالك إذا كان التقريب بالمناجاة .. تم ذكرهم في آيات الحضور عند الشجرة المباركة .. يعني على الأرض في منطقة الطور .. فما علاقة ذلك بصرير أو صوت القلم ؟!!

- بقى ده كلام يُعقل يا ناس ؟!!

 

- والقرب هنا: هو قرب مكانة ومنزلة وليس مكان ومنزل .. قال الجمهور من المفسرين هو تقريب التشريف بالكلام والنبوءة .. وليس دنو عروج للسماء فهذا لم يقل به أي مفسر ..

 

2- تفسير ابن عباس المنسوب له .. لم يتم ذكره في الصحيحين (البخاري ومسلم) .. وهو الخاص بتفسير قرب موسى بالمناجاة على أنه أسمعه صريف أو صوت القلم على الألواح .. فلا دليل عليه لظاهر النص القرآن وبعيد عنه جدا .. إذ أن الآية لم تقل (قربناه) وسكتت .. لا .. بل قالت (نجيا) فلا يمكن أن يكون وقت المناجاة هناك سماع صريف القلم مع مناجاة الله .. فافهم يا مؤمن وانتبه ..!!

 

- ولو صح هذا الأثر .. فابن عباس يكون سمعها أي معلومة صرير القلم من أهل الكتاب اليهود الذين أسلموا مثل عبد الله بن سلام وغيره .. فابن عباس كان يروي اسرائليات عن أهل الكتاب  بالرغم من إنكاره على من يفعل ذلك ..!!

 

3- بل أن الغريب عند بعض المفسرين يذكرون أحد رأيان لابن عباس ويحجبون الآخر .. ففي تفسير ابن عباس قد ذُكر فيه تفسيرين لآية (وقربناه نجيا) .. ولا أعلم لماذا العلماء تجاهلوا الرأي الثاني ..

- إذ جاء في تفسير بن عباس (المروي عنه - وليس هو من كتبه): عند قوله: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً} أَي قربناه حَتَّى سمع صرير الْقَلَم .. وَيُقَال كلمناه من قريب. (تفسير بن عباس ص257).

- إذن يوجد تفسير آخر منسوبه لابن عباس عن آية (وقربناه نجيا) وهو (كلمناه من قريب) .. فلماذا تم حذف هذا التفسير من تفسير بن عباس ؟!!

 

4- أما عن الألواح التي سمع موسى عليها صريف القلم (لو افترضنا صحة ذلك) .. فهذه ألواح التوراة التي أخذها في خلوته بجبل الطور وقبل أن ينزل منه إلى قومه .. ويشهد لذلك قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) الاعراف:143-145.

 

@- إذن: لو صح مقولة ابن عباس بأن موسى سمع صريف الاقلام على الألواح أي ألواح تم كتابة التوراة عليها .. فالمقصد هو سماع موسى صريف القلم وهو يكتب على الألواح أمامه ولا يرى شيئا سوى الكلام الذي يظهر له ... فلما شاهد ذلك من حال مكاشفة فقد طمع في رؤية ربه .. وحدث ما حدث كما قالت الآيات ..

 

5- انتبه يا مسلم وأحذر من الكذب على الصحابي ابن عباس:

- ستجد مقولة متداولة في بعض كتب التفسير التراثية (القديمة) .. ويتم نسبة هذه المقولة بالباطل لابن عباس .. وهي ما ذكره بعض المفسرين في كتبهم فقالوا: (وقال ابن عباس : أدنى موسى من الملكوت ورفعت له الحجب حتى سمع صريف الأقلام).

 

- في حين أن ابن عباس: لم يقل أن الله أدنى موسى من الملكوت .. ولم يقل رفع له الحجب ..!! فهذا كلام باطل ومنحرف جدا على ابن عباس .. بل الذي قيل عنه أنه قال ذلك هو التابعي مجاهد بن جبر وسأذكر هذه الرواية بعد قليل .. وهي رواية مكذوبة عليه .. أي لم يقل بها في الغالب لأن الذين رووا عنه ذلك كان منهم من هو متهم بالكذب ..

 

- ملحوظة: هذه المقولة المنسوبة بالباطل لابن عباس أو حتى مجاهد بن جبر تلميذه .. يتم تداولها في كتب التفسير القديمة من باب رأي وجده المفسر عند من سبقه فنقله .. والمفسرين قديما لا يهتمون بصحة الأسانيد ومن التحقيق للأقوال المنسوبة لأصحابها.. فيكتبوها بحسن الظن عن سابقيهم دون تحقيق إلا من انتبه لذلك ..!!

 

- ولكن أنت كمؤمن: بعد أن عرفت أن هذه المقولة منسوبة بالباطل لابن عباس .. فلا يصح لك نشرها إلا لبيان فسادها .. وإلا تكون قد كذبت عليه بعد معرفتك بالحقيقة .

 

==============

#- ثانيا: من آثار التابعين في التفسير ..

 

#- الأثر الأول – عن مجاهد بن جبر التابعي:

أ- (أثر تفسيري لتابعي - ضعيف جدا وفيه نكارة شديدة لمخالفة القرآن) .. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ({وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} مريم:52 ..، قَالَ: بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ: حِجَابُ نُورٍ، وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ، وَحِجَابُ نُورٍ، وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ، فَمَا زَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرُبُ حَتَّى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ .. فَلَمَّا رَأَى مَكَانَهُ وَسَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ "، قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكِ} الأعراف:143) رواه ابن أبي الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات .. (قلت خالد صاحب الرسالة): في السند (عبد الله ابن أبي نجيح) وهو لم يسمع من مجاهد تفسيره للقرآن ..، قال يحيى بن سعيد : لم يسمع ابن أبى نجيح " التفسير " من مجاهد ..، قال ابن حبان : ابن أبى نجيح نظير ابن جريج فى كتاب القاسم بن أبى بزة عن مجاهد فى " التفسير " - رويا عن مجاهد من غير سماع. (راجع تهذيب التهذيب ج6 ص54) ..

 

ب- (أثر تفسيري لتابعي - ضعيف جدا وفيه نكارة شديدة لمخالفة القرآن.. عن مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورِ الطُّوسِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: أُرَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ: (فِي قَوْلِهِ: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] قَالَ: بَيْنَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، أَوْ قَالَ: السَّابِعَةِ، وَبَيْنَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ: حِجَابُ نُورٍ، وَحِجَابٌ ظُلْمَةٍ، وَحِجَابُ نُورٍ، وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ، فَمَا زَالَ يُقَرَّبُ مُوسَى حَتَّى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ، وَسَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): في السند (عبد الله ابن أبي نجيح) وهو لم يسمع من مجاهد تفسيره للقرآن ..، بل وفي هذه الرواية يظهر منه أنه لم يتحقق أن ما سيذكره هو من تفسير مجاهد أو من غيره .. إذ قال (أراه عن مجاهد) ..!!..،  هذا بالإضافة إلى أن ابن أبي نجيح لم يسمع التفسير من مجاهد .. فهو يدلس عليه ..

 

#- ملحوظة هامة:

1- هذا مجرد رأي تفسيري بكلام لا دليل عليه من مجاهد بن جبر التابعي .. ولا نعرف من أي مصدر أتى بهذه الغيبيات .. سوى أنه كان محب للنقل من أهل الكتاب (الإسرائليات) .. طبعا هذا على افتراض أن هذا فعلا قول مجاهد بن جبر .. لأنه غالبا تم تزوير ونسبة هذا الرأي له .. وهذا يظهر بوضوح في الرواية الثانية التي رواها الطبري عن ابن أبي نجيح وأظهر فيها تشككه من أن هذا قول مجاهد أم لا ..!! وهذا يؤكد تلفيق هذا التفسير للتابعي مجاهد بن جبر .. فضلا عن عدم سماعه للتفسير من مجاهد أصلا .. فكل هذا يدفعنا للقول بأن هذه الرواية بهذه الصيغة ليست من كلام مجاهد بن جبر .. والله أعلم .

 

2- وبغض النظر عن تلف سند هذا الأثر .. إلا أن هذا التفسير السابق لا يصح أبدا .. لأن الله قال: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا) الأعراف:143 ..

- فهذا حينئذ حدث أرضي وليس سماوي .. فكيف يقال سمع صريف القلم وهو في السماء إذا كان لقاءه بالله على الأرض ؟!!

- وكيف يصح هذا التفسير .. والذي غالبا لم يقل به مجاهد ؟!!

- فانتبه لدينك يا مؤمن .

 

#- الأثر الثاني - عن سعيد بن جبير التابعي:

أ- جاء في (أثر تفسيري لتابعي - موضوع " مكذوب") .. عن إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: (أَدْنَاهُ حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وهو بنفس بداية الإسناد السابق للأثر السابق (عن الحارث عن عبد العزيز عن إسرائيل ....) .. وهو أثر موضوع .. فيه (عبد العزيز بن أبان) وهو متهم بالكذب ويضع الأحاديث .. والأثر مقطوع على كلام التابعي سعيد بن جبير ولم يخبرنا من أين أتى بهذه المعلومة الغيبية في التفسير .. وهذا طبعا لأن الأثر أصلا مكذوب عليه ولم يقل به ..!!

 

ب- وجاء في (أثر تفسيري لتابعي - ضعيف جدا) .. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ "الرازي"، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ "بن سلم"، عَنْ أَبِي الْجُنَيْدِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، قَالَ: (سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الْأَلْوَاحِ .. مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَتْ ؟ قَالَ: كَانَتْ مِنْ يَاقُوتَةٍ .. كِتَابَةُ الذَّهَبِ .. كَتَبَهَا الرَّحْمَنُ بِيَدِهِ .. فَسَمِعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ صَرِيفَ الْقَلَمِ وَهُوَ يَكْتُبُهَا) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر ضعيف جدا .. فيه (محمد بن حميد الرازي) وهو ضعيف الحديث والبعض ترك حديثه والبعض كذبه ..، والأثر مقطوع على كلام التابعي سعيد بن جبير ولا نعلم من أين أتى بهذه المعلومة الغيبية ..!

 

#- قال الإمام محمد صديق خان القِنَّوجي رحمه الله (المتوفى: 1307هـ):

- أقول: رحم الله سعيداً ما كان أغناه عن هذا الذي قاله من جهة نفسه .. فمثله لا يقال بالرأي ولا بالحدس .. والذي يغلب به الظن: أن كثيراً من السلف رحمهم الله كانوا يسألون اليهود عن هذه الأمور فلهذا اختلفت واضطربت الأقوال فيها .. فهذا يقول من خشب .. وهذا يقول من ياقوت .. وهذا يقول من زمرد .. وهذا يقول من زبرجد .. وهذا يقول من برد .. وهذا يقول من حجر. (فتحُ البيان في مقاصد القرآن د5 ص16)

 

#- الأثر الثالث .. عن رفيع أبي العالية الرياحي:

أ- جاء في (أثر تفسيري لتابعي - ضعيف) .. حدثني به المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قوله: (({وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البقرة: 51] قَالَ: يَعْنِي ذَا الْقَعْدَةِ وَعَشْرًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَذَلِكَ حِينَ خَلَفَ مُوسَى أَصْحَابَهُ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ هَارُونَ، فَمَكَثَ عَلَى الطُّورِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فِي الْأَلْوَاحِ، وَكَانَتِ الْأَلْوَاحُ مِنْ زَبَرْجَدٍ. فَقَرَّبَهُ الرَّبُّ إِلَيْهِ نَجِيًّا، وَكَلَّمَهُ، وَسَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ. وَبَلَغَنَا أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثُ حَدَثًا (أي لم يفقد طهوريته ولم يحتلم ولم يخرج منه ريح ولا بول ولا غائظ) فِي الْأَرْبَعِينَ لَيْلَةً حَتَّى هَبَطَ مِنَ الطُّورِ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): أثر ضعيف .. وفيه (المثنى بن إبراهيم الآملي) وهو مجهول الحال .. وفي السند (أبو جعفر الرازي) فيه سوء حفظ .. وقال ابن حبان عنه: كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير ، لا يعجبنى الاحتجاج بحديثه إلا فيما وافق الثقات (راجع تهذيب التهذيب ج12 ص57)..، وقد روى الطبرى هذا الأثر بسند آخر عن شيخه (عمار بن الحسن) بدلا من (المثنى بن إبراهيم) وباقي السند كما هو وفيه (أبو جعفر الرازي .. وهو فيه ضعف كما تبين لك .. والله أعلم.

 

#- علما بأن هذا مجرد رأي تفسيري .. لا دليل عليه من التابعي (رفيع أبي العالية الرياحي) .. ولا نعرف من أي مصدر أتى به لهذه المعلومات الغيبية سواء "لمواعيد شهور الميقات – أو نوعية خامة الألواح – أو سمعه صريف الأقلام – أو كون موسى لم يحدث أربعين ليلة" .. هذا على افتراض نسبة هذا القول إلى التابعي أصلا ..!!

- فكل هذه المعلومات الغيبية مجرد كلام  دليل عليه سوى القيل والقال ..!!

 

ب- (أثر تفسيري – فيه ضعف) .. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ، قَالَ: (قَرَّبَهُ مِنْهُ حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر فيه ضعف .. لأن (أبو جعفر الرازي) هو ضعيف الحديث لسوء حفظ فيه ..

- ولا دليل على ما ذكره أبو العالية .. من أن الله قرب موسى حتى سمع صريف القلم .. سوى شاهد من رواية بن عباس .. والتي أيضا لا دليل عليها فيما ذكره ابن عباس ..وقد سبق مناقشة ذلك منذ قليل .

 

ج- (أثر تفسيري – فيه ضعف) .. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ "بن أنس": (فِي قَوْلِهِ: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] قَالَ: حدثني مَنْ لَقِيَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَّبَهُ الرَّبُّ حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ .. فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْهِ: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} [الأعراف: 143]) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر فيه ضعف .. فيه (المثنى بن إبراهيم الآملي) وهو مجهول الحال ..، وفيه (عبد الله بن جعفر – وأبيه أبو جعفر الرازي) كلاهما فيه ضعف لسوء حفظهما ..

- والذي أخبر الربيع بن أنس وحدثه بهذا الحديث .. هو أبو العالية الرياحي السابق ذكره في الروايتين السابقتين .. أو لعله غيره .. ولكن ابو العالية هو من يحدث عن الربيع بن أنس .. والله أعلم .

 

#- الأثر الرابع .. عن "ميسرة أبو صالح الكوفي" أو "ميسرة بن يعقوب":

- (أثر تفسيري – فيه ضعف) .. عن ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ: ({وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] قَالَ: أُدْنِيَ حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ فِي اللَّوْحِ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر ضعيف .. فيه (محمد بن حميد الرازي) وهو ضعيف الحديث والبعض ترك حديثه والبعض كذبه والبعض قبله ..، والأثر مقطوع على كلام التابعي ميسرة سواء (أبو صالح) أو (بن يعقوب) وكلاهما مقبول .. ولا نعلم من أين أتى ميسرة بهذه المعلومة الغيبية في تفسير الآية شأنه شأن كل ما سبق ..!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. خلاصة القول:

- ما نلاحظة في الآثار السابقة عن الصحابة والتابعين هو الآتي:

1- لا تنسى أخي الحبيب .. أنه لا يوجد حديث نبوي أو آية في القرآن قد أشارت إلى أن موسى عليه السلام صعد إلى السماء بنفسه (جسدا وروحا) ووصل لمستوى صريف الأقلام .. أو حتى أي مستوى سماوي .. إلا ما ظهر لنا من وجوده في السماء السادسة ليلة المعراج وهذا بعد موته وانتقاله لجوار ربه .

 

2- أنهم لم يرووها عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما هي محض تصور خاص بهم .. وأخذوا هذا التفسير من علماء بني إسرائل الذين آمنوا .. فهذا تفسير إسرائيلي وليس تفسير قرآني .. أي تفسير القرآن بحكايات يرويها بعض اليهود الذين أسلموا .. وهذا كثير جدا في كتب التفاسير حين الكلام على أي نبي من أنبياء بني إسرائيل .. ولعل الفضول في المعرفة هو الذي دفع الصحابة لذلك ..!!

 

3- ولم يقل أحد أن موسى عليه السلام قد عرج بجسده للسماء حال حياته .. وإنما ظاهر كلامهم أنه حدث في جبل الطور .. حينما تم كتابة التوراة له على الألواح.. والأثر الوحيد الذي روي عن مجاهد ابن جبر وفيها أن موسى علا للسماوات وسمع صريف الأقلام .. هو أثر ضعيف جدا وغالبا مكذوب على التابعي مجاهد بن جبر .

 

4- الذين احتجوا ببعض الروايات السابقة انتصارا لموسى .. وخاصة رواية مجاهد بن جبر التابعي للدلالة على موسى صعد للسموات وسمع صريف الأقلام .. فليموتوا بغيظهم .. وكان أولى بهم يأتون بما قاله الله وما صح عن رسول الله وليس بأثر تابعي أو صحابي ولا دليل عليه .. بل وأغلبهم إما مكذوب عليهم أو ضعيف نشك أن هذا قولهم أصلا .. بل ولا حجة في قول تابعي أو صحابي في تفسير آية بدون دليل أو اجتماع صحابة على ذلك ..

 

5- والذين يزعمون أن موسى سمع صريف الأقلام في السموات .. فهذا كلام باطل وكذب .. لأن الألواح المذكورة في الروايات فهي ألواح التوراة .. والأقلام أو القلم يقصد به ما تم به كتابة الألواح .. وأن هذا كان في خلوة موسى عليه السلام بجبل الطور وهو في الأرض .. وليس في السماء ..

- والألواح هنا: يقصد بها التوراة حين كتابتها على الألواح الحجرية أو الورقية أو أيا ما كان نوعها .. وليس المقصود منها صريف أقلام القدر .. فانتبه .

 

6- ودليل أن موسى لم يسمع صريف أقلام القدر في السموات .. هو أنه كان جاهلا بالقدر .. وبالتالي لم يسمع صريف الأقلام القدرية في السموات - هو جَهِلَه بما كان يفعله الخضر عليه السلام .. بل وحتى مات كان جاهلا بالقدر فلم يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم سيكون أعلى مكانة منه ..!!

 

7- أما القول المنسوب لابن عباس وهو ما يتم تداوله في بعض كتب التفسير فيكتبون: (وقال ابن عباس : أدنى موسى من الملكوت ورفعت له الحجب حتى سمع صريف الأقلام)... فهذا القول باطل ومنقول بالباطل على بن عباس بل هو عن رواية تم نسبتها بالباطل للتابعي مجاهد بن جبر .

 

8- وختام الكلام أيها الأحباب .. الدين لا يؤخذ من القيل والقال .. وإنما من وحي القرآن وما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم .

- والله أعلم .

 

*********************

..:: س141: كيف يقال أن النبي كان يسمع صريف أقلام القدر في رحلة المعراج لأن هذا يعارض معنى حديث آخر: رفعت الأقلام وجفت الصحف بما قدره الله ؟  ::..

 

- وجدت سؤال للبعض يسأله .. وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لابن عباس: (يَا غُلامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ .. احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ .. وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللهَ .. وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ .. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ .. لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ .. وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ .. لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ .. رُفِعَتِ الْأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده قوي.

 

- فرفع الأقلام وجفاف الصحف .. دليل على انتهاء كتابة القدر ولم يعد هناك ما يتم كتابته ..

 

- فكيف يقال في رحلة المعراج .. أن النبي سمع صريف الأقلام وهي تكتب القدر إذا كانت الأقلام رفعت أي لم تعد تكتب شيء .. والصحف جفت أي تم انتهاء القدر المكتوب ولا زيادة عليه ولا نقصان ؟

 

#- من كلام العلماء في تفسير المقصد من صريف الأقلام والإشارة في ذلك

#- قال الإمام القسطلاني رحمه الله (المتوفى: 923هـ):

- وصريف الأقلام - بفتح الصاد المهملة-: تصويتها حالة الكتابة.

- والمراد: ما تكتبه الملائكة من أقضية الله تعالى.

- والقدر المكتوب قديم، وإنما الكتابة حادثة .. وظاهر الأخبار أن اللوح المحفوظ فرغ من كتابته .. وجف القلم بما فيه قبل خلق السماوات والأرض .. وإنما هذه الكتابة فى صحف الملائكة كالفروع المنتسخة من الأصل .. وفيها الإثبات والمحو على ما ذكر فى الآية. (المواهب اللدنية بالمنح المحمدية ج2 ص479-480).

 

#- يقصد بقوله (وفيها الإثبات والمحو على ما ذكر فى الآية) .. هو ما جاء في قوله تعالى: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد:39.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هناك فرق بين القلم الأدنى والقلم الأعلى .. فمستوى صريف الأقلام هو مستوى القلم الأدنى .. ومستوى العرش هو مستوى القلم الأعلى الذي فيه اللوح المحفوظ.. وإليك تفصيل ذلك ..

 

- القلم الأدنى: يشار به لما يتم نسخه من اللوح المحفوظ .. لفترة زمنية يتم تحقيقها في الوجود .. مثلا مائة عام .. ويتم نسخه وتوزيعه على الملائكة المدبرة لتنفيذه .. فهو إذن قدر مرتبط بفترة زمنية.. ومكان القلم الأدنى هو مستوى صريف الأقلام.

 

- القلم الأعلى: هو ما تم كتابته في اللوح المحفوظ عن التبديل والتغيير .. وهو عند مستوى عرش الرحمن .. وهو يشمل كل أحداث الحياة .. أي القدر الكامل المحيط .. وهو المشار إليه بأن الأقلام رفعت عن الكتابة فيه وجفت الصحف .

 

@- إذن: لا يوجد تعارض بين هذا وذاك .. فلكل منهما مهمته في الوجود ..

- والله أعلم .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .