ج65: قصة الإسراء والمعراج - الحكمة من تخفيف الصلوات من خمسون إلى خمسة في رحلة المعراج - لماذا لم يسأل النبي ربه في تخفيف الخمس صلوات - تذوقات ولطائف.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الخامس والستون)

#- فهرس:

:: الفصل الخامس والستون :: عن رحلة المعراج  - الجزء الثالث/ المعراج لمقام الخصوصية الذي قال فيه النبي (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى) وفيه تم فرض الصلوات الخمس :: (تذوقات ولطائف) .

1- س149: ما الجمال في قوله (فأوحى الله إليَّ ما أوحى) عند العلماء – والغريب في تفسير (ما أوحى) والذي جاء في أحاديث غير صحيحة ؟

- (هل جاء حديث يحكي ما حدث من حوار بين النبي وربه في مقام الخصوصية ؟).

2- س150: ما الجمال والرحمة الربانية والحب الخاص للنبي ولأمته في حكمة تخفيف الصلوات من خمسين صلاة إلى خمس صلوات ؟ (تذوقات)

#- أولا: الإشارة في جزئية تخفيف الصلاة يجعلنا ننتبه ..

#- ثانيا: الإشارة في جزئية الخمس بخمسون ..

#- سرحان وغفلان وتائه في الصلاة وعندك إحباط وعدم رضا عن صلاتك .. إذن تعالى أبسطك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

3- س151: لماذا النبي استحى من سؤال الله في تخفيف الخمس صلوات ؟ (لطيفة)

4- س152: ما الجمال الإلهي الذي ترتب على قول النبي (اسْتَحْيَيْتُ وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ) ؟ (تذوق)

#- خاطرة: اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي الأمين .. رسول الملك الحق المبين .. وعلى آله وسلم.

******************

:: الفصل الخامس والستون ::

*******************

 ..:: س149: ما الجمال في قوله (فأوحى الله إليَّ ما أوحى) عند العلماء – والغريب في تفسير (ما أوحى) والذي جاء في أحاديث غير صحيحة ؟ ::..

 - (هل جاء حديث يحكي ما حدث من حوار بين النبي وربه في مقام الخصوصية ؟)

#- جاء في الحديث الصحيح: (فَأَوْحَى اللهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى .. فَفَرَضَ عَلَىَّ خَمْسِينَ صَلاةٌ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ..) صحيح مسلم.

 

1- قال الإمام  محمد الأمين الهَرَري الشافعي رحمه الله (المتوفى:1441هـ):

(وقوله (فأوحى الي) أي أعلم إلي وأظهر لي .. (ما أوحى) به أي ما أعلم من الأوامر والنواهي ومن أسرار معلوماته ..

- وقوله (ما أوحى): أبهم ذلك .. إشارة إلى عظم ما أوحى به إليه وعدم إحاطة علم الخلائق به). (الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم ج4 ص176 - مختصرا).

 

- إذن الجمال في جملة (ما أوحاه) .. هو التعظيم من شأن ما أوحى الله به لنبيه من المعارف والأسرار والعلم .. بما لم يحظى به غيره وغير مصرح به ليظهره النبي للناس إلا بقدر ما أذن به الله كفرض الصلوات الخمس.

  

2- من ناحية أخرى .. قد تجد في كتب بعض أهل العلم .. يحاول تحديد ماهية ما أوحاه الله إلى نبيه في مقام الخصوصية .. وهذا شيء غريب .. لأن النبي قد أبهم ما أوحاه إليه الله .. فلماذا البحث فيه إذا كان النبي لم يقل به أصلا إلا ما أخبرنا به ؟!!

 

- فأقصى ما يقال أنه كان من جملة ما أوحي به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم هو فرض الصلوات الخمس .. وعطاء كرامة ما أنزل في أواخر سورة البقرة بعد ذلك في صورة آيات .. كما سبق أوضحنا ذلك في الفصل الرابع والخمسون سؤال رقم (127) .. وما عدا ذلك مما تقرأه في كتب الشروحات فلا دليل عليه ولا أصل له إلا محض ظن لا دليل عليه ..

 

#- وإليك نماذج من الحوارات التي قيلت بين النبي وربه .. وكلها حوارات غير صحيحة وباطلة ..

 

1- (حديث ضعيف ومتن منكر) .. عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ({سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] " قَالَ: " أُتِيَ بِفَرَسٍ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ..

 

- (إلى أن قال في الرواية): ثُمَّ انْتَهَى إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَقِيلَ لِي: هَذِهِ السِّدْرَةُ إِلَيْهَا مُنْتَهَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِكَ، وَيَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى. قَالَ: وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي أَصْلِهَا عَامًا لَا يَقْطَعُهَا، وَإِنَّ الْوَرَقَةَ مِنْهَا مُغَطِّيَةُ الْخَلْقِ.

- قَالَ: فَغَشِيَهَا نُورُ الْخَالِقِ، وَغَشِيَهَا الْمَلَائِكَةُ.

-فَكَلَّمَهُ رَبُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ: سَلْ (أي اطلب) ..

- قَالَ: إِنَّكَ اتَّخَذْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَأَعْطَيْتَهُ مُلْكًا عَظِيمًا.

- وَكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيمًا.

- وَأَعْطَيْتَ دَاوُدَ مُلْكًا عَظِيمًا، وَأَلَنْتَ لَهُ الْحَدِيدَ وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِبَالَ.

- وَأَعْطَيْتَ سُلَيْمَانَ مُلْكًا عَظِيمًا وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِبَالَ وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَسَخَّرْتَ لَهُ الشَّيَاطِينَ وَالرِّيَاحَ وَأَعْطَيْتَهُ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ.

- وَعَلَّمْتَ عِيسَى التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَجَعَلْتَهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِكَ وَأَعَذْتَهُ وَأُمَّهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمَا سَبِيلٌ.

- فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: قَدِ اتَّخَذْتُكَ خَلِيلًا قَالَ: وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، وَأَرْسَلْتُكَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَشَرَحْتُ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ، وَرَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ، فَلَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِي، يَعْنِي بِذَلِكَ الْأَذَانَ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ أُمَّةً وَسَطًا، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ هُمُ الْأَوَّلُونَ وَهُمُ الْآخِرُونَ، وَجَعَلْتُ مِنْ أُمَّتِكَ أَقْوَامًا قُلُوبُهُمْ أَنَاجِيلُهُمْ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ لَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ خُطْبَةٌ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّكَ عَبْدِي وَرَسُولِي، وَجَعَلْتُكَ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ خَلْقًا وَآخِرَهُمْ مَبْعَثًا، وَآتَيْتُكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي لَمْ أُعْطِهَا نَبِيًّا قَبْلَكَ، وَأَعْطَيْتُكَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ أُعْطِهَا نَبِيًّا قَبْلَكَ وَجَعَلْتُكَ فَاتِحًا وَخَاتَمًا) رواه البيهقي في دلائل النبوة ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): سبق تخريج هذه الرواية من قبل وأنها ضعيفة ولم تصح .. راجع الفصل الرابع والثلاثون .. تحت عنوان (س93: ما هي الأحداث الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء فقط من بداية القصة وحتى ركوب النبي للبراق ؟ ).

 

2- وجاء في (رواية مكذوبة على الصحابي ابن عباس) .. ومما جاء فيها:

- (فقلت إلهي وسيدي ومولاي إني أسالك شيئا ..

- قال الله تعالى وعزتي وجلالي لقد آليت على نفسى من قبل أن أخلق آدم بألفي عام أن لا تسألني شيئا إلا وأعطيتك ..

- فقلت إلهي وسيدى ومولاي خلقت آدم بيدك ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك .. واتخذت إبراهيم خليلا وكلمت موسى تكليما .. ورفعت إدريس مكانا عليا .. وأعطيت داود زبورا وغفرت له ذنبا عظيما .. وأعطيت سليمان ملكا عظيما وسخرت له الأنس والجن والطير والوحش والريح .. وخلقت عيسى من كلمتك ..، فبم فضلتني كما فضلت هؤلاء ؟.

- قال الله تعالى: يا أحمد إن كنت خلقت آدم بيدي فقد خلقته من طين وخلقتك من نور وجهى .. وإن كنت اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا والحبيب أفضل من الخليل .. وإن كنت كلمت موسى تكليما فقد كلمته من وراء حجاب ..على سور سيناء وكلمتك على بساط القرب بغير حجاب .. وإن كنت رفعت إدريس مكانا عليا فإنما رفعته إلى السماء الرابعة .. ورفعتك إلى مكان لا يصل إليه أحد غيرك .. وإن كنت أعطيت سليمان ملكا عظيما .. فقد جعلت لك الأرض مسجدا والتراب طهورا .. وإن كنت أعطيت داود زبورا .. فقد أعطيتك سبعا من الثاني والقرآن العظيم .. وفيه سورة الفاتحة وسورة آل عمران ما قرأها أحد من أمتك إلا غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل ..، وإن كنت خلقت عيسى بكلمتي .. فقد شققت لك إسما من أسمائي وجعلت إسمك مع أسمي لا يقول عبد لا إله ألا الله ألا يقول محمد رسول الله.

- ومن لم يقر برسالتك فلا أقبل منه عمله .. وهو في الآخرة من الخاسرين .. وأعطيتك الكوثر وهو نهر حصباؤه الدر والجوهر وماؤه أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل .. وترابه من المسك الأذفر .. ونباته الزعفران .. وعرضه سبعون ألف ميل .. وأعطيتك الحوض والمورود .. والشفاعة الكبرى .. والدرجة الرفيعة .. وصيام رمضان وفيه أنول القرآن عليك .. وأحللت لك الغنائم ولم أحلها لأحد من قبلك.

- قلت يا رب: هذا لي فما أعطيت لأمتي ؟

- قال يا محمد: قد غفرت لسبعين ألف من أمتك قد وجبت لهم النار.

- قلت يا رب زدني .. قال: إذا تاب العاصي قبل موته بسنة تبنا عليه.

- قلت يا رب زدني فالسنة كثيرة .. قال: إذا تاب قبل موته بشهر تبنا عليه .

- قلت يا رب زدني فالشهر كثير .. قال: إذا تاب قبل موته بجمعة تبنا عليه قلت يا رب زدني فالجمعة كثير ..

- قال إذا تاب قبل موته بيوم تبنا عليه .. قلت: يا رب زدني فاليوم كثير.

- قال إذا تاب قبل موته بساعة تبنا عليه .. قلت يا رب زدني فالساعة كثير.

- قال إذا تاب قبل الغرغرة جدنا عليه وقبلنا توبته .. قلت: يا رب زدني

- قال قد اعتقنا من أمتك كل ليلة جمعة مائة ألفا من النار

- قلت يا رب زدني قال إذا كان آخر ليلة في رمضان أعتقنا بعدد ما أعتقناه أول الشهر إلى أخره.

- فقلت يا رب زدني فحسا لي ثلاث حسيات

- وقال لي خذ وخذ وخذ

- قلت يا رب وما تفسيرها

- قال عفوي وحلمي ورحمتي

- فقلت الحمد لله والشكر والإكرام والعظمة والإحسان

- ثم هممت بالنزول .. فناداني ربى عز وجل على رَسْلِك يا محمد .. إني مفترض عليك وعلى أمتك فريضة من وفَّى بها دخل الجنة .. ومن قصر عنها فإن شئت غفرت له وإن شئت عذبته .. فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة في كل يوم وليلة.

- فقلت سمعنا وأطعنا .

- ثم نزلت وهو يصلى ويسلم علي .. فلم أزل أسير حتى أتيت أخي موسى ابن عمران عليه السلام .... إلى آخر الرواية التي تزيد عن خمسن صفحة) نقلا من كتاب الإسراء والمعراج لابن عباس من ص29- 33 .. طبعة المكتبة الثقافية بيروت.. (قلت خالد صاحب الرسالة): وهذا الحوار كله مكذوب على ابن عباس وهو بريء منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب .. وإنما هي رواية جمعها أحد الأشخاص من هنا وهناك .. وقام بتلفيقها لابن عباس حتى يشتريها الناس .. ولا علاقة لهذه الرواية بابن عباس .. بل هو كذب صريح على ابن عباس ..!!

 

3- جاء في رواية مجموعة من عدة روايات كثيرة فيها الصحيح والضعيف والمكذوب .. وقد جمعها الإمام الثعالبي في تفسيره .. ومما جاء في الرواية وليس صحيحا: (ثم قال لي: سل تعط.                                 

- فقلت: يَا رب، إنك اتخذت إبراهيم خليلًا وكلمت موسى تكليمًا، ورفعت إدريس مكانًا عليًا، وآتيت سليمان ملكًا عظيمًا، وآتيت داود زبورا، فما لي يَا رب ؟

- فقال ربي عز وجل: يَا محمَّد، اتخذتك حبيبًا كما اتخذت إبراهيم خليلا، وكلمتك كما كلمت موسى تكليمًا، وأعطيتك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، وكانا من كنوز عرشي .. ولم أعطهما نبيًا قبلك .. وأرسلتك إِلَى أهل الأرض جميعًا أبيضهم وأسودهم وإنسهم وجنهم .. ولم أرسل إِلَى جماعتهم نبيًّا قبلك .. وجعلت الأرض كلها برها وبحرها طهورًا ومسجدًا لك ولأمتك .. وأطعمت أمتك الفيء ولم أطعمه أمة قبلهم .. ونصرتك بالرعب على عدوك مسيرة شهر .. وأنزلت عليك سيد الكتب كلها ومهيمنًا عليها قرآنًا فرقناه .. ورفعت لك ذكرك حتَّى تذكر كما ذكرت من شرائع ديني، وأعطيتك مكان التوراة المثاني، ومكان الإنجيل المئين، ومكان الزبور الحواميم (أي السور القرآنية السبة التي تبدأ بحرفي"حم")، وفضلتك بالمُفصَّل (أي ما يبدأ من سورة ق إلى آخر القرآن) ، وشرحت لك صدرك، ووضعت عنك وزرك، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للنَّاس، وجعلتهم أمة وسطا ليكونوا شهداء على النَّاس وجعلتهم الأولين وهم الآخرون، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ..

- ثم أفضى إِلَي بعدها أمورًا لم يؤذن لي أن أخبركم بها .. 

- ثم فرضت علي وعلى أمتي فِي كل يوم وليلة خمسون صلاة، فلما عهد إِلَي بعهده وتركني عنده ما شاء الله .. قال لي: ارجع إِلَى قومك فبلغهم عني) ذكره الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان ج16 ص221 .. وهو رحمه الله قد جمعه من روايات عديدة وقد ذكر ذلك في بداية تجميعه للقصة .. إلا أن ما ذكره في كثير مما جمعه لا وجود له في الروايات الصحيحة .. وأغلبها منقول من روايات ضعيفة أو مكذوبة .. وفيها أيضا من الصحيح .. ولكن الحوار الذي بين النبي وربه وأنه سأل ربه أن الانبياء كان لهم كرامة كذا وكذا وأن الله أعطاه كذا وكذا .. إنما هو جزء منقول من أحاديث غير صحيحة ..

- والله أعلم .

**********************

 

..:: س150: ما الجمال والرحمة الربانية والحب الخاص للنبي ولأمته في حكمة تخفيف الصلوات من خمسين صلاة إلى خمس صلوات ؟ ::..

 

#- جاء في الحديث الصحيح: (قالَ "أي النبي": فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعْ بَيْنَ رَبِّى تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ - حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَات كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلْهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً .

- قَالَ: فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ.

- فَقَالَ "أي موسى": ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ.

- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّى حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ) صحيح مسلم.

 

#- وفي رواية جاء فيها: (فَقَالَ "اي موسى": ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ.

- فَرَاجَعْتُهُ (أي رجعت إلى الله) فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ .. وَهِيَ خَمْسُونَ .. لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ.

- فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ.

- فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي ..) صحيح البخاري.

 

#- وفي رواية بلفظ: ( قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ .. وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ ..

- قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي) صحيح البخاري

 

#- وفي رواية بلفظ: (فَقَالَ الجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ .. كَمَا فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الكِتَابِ .. قَالَ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ) صحيح البخاري.

 

@- قال الإمام  محمد الأمين الهَرَري الشافعي رحمه الله (المتوفى:1441هـ):

- أي فلم أزل أكرر المراجعة .. حتى قال الرب لي جل جلاله في آخر المرات (يا محمد إنهن) أي إن الصلوات المفروضة عليك وعلى أمتك (خمس صلوات) عددًا (كل يوم وليلة) من أعماركم .. ولكن (لكل صلاة) من تلك الصلوات الخمس (عشر) أي يكتب ثواب عشر صلوات .

- (فذلك) المفروض عليكم من الخمس (خمسون صلاة) من حيث الثواب والمضاعفة .. فقد تفضل سبحانه وتعالى بتكثير الثواب على تلك الخدمة القليلة. (الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم ج4 ص178).

 

- إذن: قد علمنا من الحديث النبوي .. أن الصلوات تم تخفيفها من خمسين إلى خمس صلوات .. وهن خمسون في الأجر والثواب .. فالصلاة تعادل عشر صلوات لقوله (لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ) ..، ولكن البعض قد يمر على هذا الجزء بدون أن ينتبه لشيء مهم جدا .. وهو: لجزئية تخفيف الصلاة .. وجزئية أن الخمسة عند الله هم خمسين .. وهذه المقطع يستوقف الإنتباه.

 

#- أولا: الإشارة في جزئية تخفيف الصلاة يجعلنا ننتبه للآتي:

1- خصوصية حب الله لنبيه ومصطفاه .. إذ كلما رجا النبي من الله رجاء .. فالله يجيبه إلى ما رجاه منه .. وهذا دليل الحب الخاص للنبي صلى الله عليه وسلم .. إذ رجاه عدة مرات .. ولم يرده ولا مرة .. وهذا المشهد يجعلك تنتبه إلى أنه المجبور شفاعته بالموافقه عند الله .. 

 

2- أن الله جعل التكليف مصحوب بالتشريف .. إذ جعل الخمس صلوات خمسون في الأجر حبا في رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أجابه إلى رجاءه كلما رجاه .

 

3- مدى سعة رحمة الله بخلقه .. وأنه مجيب الدعاء لمن دعاه راجيا ..

 

4- التردد على باب الله مرارا وتكرارا لنفس المسألة لا حرج فيه .. بل في كل مرة قد تزيد كرامة كلما دعوت ودعوت ..

 

#- ثانيا: الإشارة في جزئية الخمس بخمسون ..

1- قال الإمام أبو القاسم السهيلي رحمه الله (المتوفى: 581هـ):

- فإن قيل: فما معنى نقصها عشرا بعد عشر ؟

- قلنا: ليس كل الخلق يحضر قلبه في الصلاة من أولها إلى آخرها .. وقد جاء في الحديث أنه يكتب له منها ما حضر قلبه فيها .. وأن العبد يصلي الصلاة فيكتب له نصفها ربعها حتى انتهى إلى عشرها .. ووقف .

- فهي خمس في حق من كتب له عُشْرُها .. وعَشْرُ في حق من كتب له أكثر من ذلك .. وخمسون في حق من كملت صلاته وأداها بما يلزمه من تمام خشوعها وكمال سجودها وركوعها. (الروض الأنف ج3 ص281).

 

#- يشير الإمام السهيلي .. إلى هذا الحديث الصحيح الذي جاء فيه: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا) رواه أحمد وغيره .. وقال محققو المسند: حديث صحيح.

 

- الحديث بدأ من الدرجة الأقل وهي العُشر .. إلى الأعلى وهي النصف ..

 

2- حديث المعراج أعطانا جزئية أن الحسنة بعشرة أمثالها ... والنبي أعطانا أن أقل ما يكتب للعبد من صلاته عشرها .. وهنا لازم تفهم أمر مهم جدا ..

 

- لازم تفهم أن الصلاة درجات بين العباد .. والرسول قد ذكر ذلك .. وهو يعلم أن من العباد من ستصل صلاته إلى عشر ما يعقله منها بسبب الغفلة والوسواس .. ومع ذلك لم يبطل بذلك النبي الصلاة .. وإنما أشار إلى نقصانها .. فافهم .. !!

 

@- سؤال مهم:

- إذا كان تبقى للإنسان 10% من صلاته .. فهو بهذا يصبح مديون ب 90% .. فهذا أمر يسبب ألما في النفس و يصيب بالإحباط وقد يدفع الإنسان باليأس من الصلاة ؟

 

#- وإليك الجواب الجميل على ما يرتفع به الإحباط عنك .. فاستمتع بفهم كلام النبي:

- أنت نظرت لأدنى نسبة .. وهي لو صلاتك نقصت إلى 10% .. !!

- لكن لو تفكرت قليلا .. ستجد شيء جميل جدا من وراء كلام النبي الأمي الرؤوف الرحيم .. ما هو؟

- أن الحد الأقصى للنقصان هو 10% ..

- ولو افترضنا أن صلاتك وصلت فقط إلى 10% ..

- والحسنة بعشر أمثالها .. فيعود هذه 10% إلى 100% بفضل الله .. وتصبح الخمس صلوات كاملة بمحض الفضل الإلهي .. وكأن الله حينما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الخمس صلوات فقد أعطاها له بمزيد من فضله .. ليجبر النقص فيها بمحض فضله جل شأنه.

 

* فكأن آخر درجات النقص 10% لأنه لم يأت بعدها بشيء .. ولكن يجبرها الفضل الإلهي بأن الحسنة بعشرة أضعاف وذلك بضربها إلى عشر أمثالها فتصل إلى 100% .. والله يحب المؤمنين .. !!

 

#- ولعلك قد تسأل فتقول: ما هو مقدار هذا العُشر المقبول بإذن الله ؟

- قلت لك: ولعل هذا العُشر المقبول من الصلاة يقصد به نية المؤمن في الصلاة إلى الله مع تكبيرة الصلاة الأولى .. فهذا هو غالبا ما يكون فيه عموم المصلين قلوبهم حاضرة .. وبعد ذلك يحدث لهم قلة تركيز وسرحان .. والله أعلم .

 

***************************

 ..:: س151: لماذا النبي استحى النبي من سؤال الله في تخفيف الخمس صلوات ؟ ::..

 

#- أولا: نقل الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى:852 هـ) كلام عن الإمام ابن المنيِّر السكندري رحمه الله (المتوفى:683 هـ) .. فقال:

- أبدى ابن المُنَيِّر هنا نكتةً لطيفةً .. في قوله - صلى الله عليه وسلم - لموسى عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمّا أمره أن يرجع بعد أن صارت خمسًا فقال: (استحييت من ربي) ..، قال ابن المنيّر: فقال: (استحييت من ربي): قال ابن المنيّر: يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - تفرّس من كون التخفيف وقع خمسًا خمسًا .. أنه لو سأل التخفيف بعد أن صارت خمسًا .. لكان سائلًا في رفعها .. فلذلك استحيا. انتهى. (راجع فتح الباري ج1 ص463).

 

#- ثانيا: وتوجد رواية في صحيح البخاري .. ولكن بعض العلماء يعترضون عليها ..

- وهي ما رواه شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ .. ومما جاء في الحديث: (حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى .. وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ العِزَّةِ .. فَتَدَلَّى .. حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى .. فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ: خَمْسِينَ صَلاَةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.

- ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى .. فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ.

- فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ .. فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ: أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ .. فَعَلاَ بِهِ إِلَى الجَبَّارِ .. فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ (أي المكان الذي يكلم فيه الله): يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ هَذَا .. فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ .. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى .. فَاحْتَبَسَهُ .. فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ..

- ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الخَمْسِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْمِي عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ .. فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الخَامِسَةِ .. فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا ..

- فَقَالَ الجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ .. كَمَا فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الكِتَابِ .. قَالَ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا .. فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ ..

- فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: خَفَّفَ عَنَّا، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا .. قَالَ مُوسَى: قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا ..

- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُوسَى .. قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ .. قَالَ: فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ قَالَ: وَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ) صحيح البخاري.

 

#- وهذه الرواية .. نجد أن النبي قد رجع فعلا في محاولة للتخفيف في مسألة الخمس صلوات .. إلا أن الله هو من أخبر النبي بأن هذا الحد المسموح به في الشفاعة .. وجبر بخاطر نبيه فجعل الخمس صلوات بأجر خمسين صلاة .. ولذلك استحى النبي من العودة وطلب التخفيف .

 

#- ولكن انتبه: هذه الرواية فيها مشكلة عند العلماء وهي أن كثير من أجزائها مخالف لما جاء في الروايات الصحيحة الأخرى .. بل وهذا الجزء السابق يجعل العقل يمتنع عن قبولها .. إذ كيف يقول الله (لا يبدل القول لدي) .. ثم يطلب موسى من النبي العودة للتخفيف ..؟!! ..

- فهذا كلام لا يستقيم لمقام نبي .. والله أعلم .

- ملحوظة: سبق وناقشنا رواية البخاري السابقة عن (شريك بن عبد الله) في هذه الرسالة .. فارجع للفصل الحادي والأربعون من السؤال (102- وحتى السؤال – 104)..، وكذلك في الفصل الثالث عشر عند السؤال رقم (34). 

#- ثالثا: جاء في رواية أن الله قذف في قلب نبيه لا يرجع يشفع بعد التخفيف لخمس صلوات ..

- (حديث ضعيف) .. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ .. ومما جاء في الحديث: (.....، ثُمَّ مَرَّ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ، كَذَلِكَ حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا .. فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَقَالَ: لَسْتُ بِرَاجِعٍ غَيْرَ عَاصِيكَ (أي لا أتعمد عصيان نصيحتك لي يا موسى) .. وَقُذِفَ فِي قَلْبِهِ أَنْ لَا يَرْجِعَ .. فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لَا يُبَدَّلُ كَلَامِي، وَلَا يُرَدُّ قَضَائِي) رواه الطبراني في تهذيب الآثار .. (قلت خالد صاحب الرسالة): في السند (محمد ابن حميد الرازي): وهو ضعيف الحديث ..، وكذلك (ميمون بن سياه) ضعيف الحديث ويقبل في المتابعات ولا متابعة له هنا.

#- رابعا: جاء في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فهم من حوار الله معه أن الأمر محسوم على خمس صلوات ..

- ففهم أن الخمس صلوات هو إرادة الله حتما لا محالة .. وذلك يظهر من الرواية التالية .. إذ قد جاء في (حديث فيه نكارة) .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ حَدَّثَنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. وجاء في آخر الرواية:

- (فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَسَأَلْتُهُ التَّخْفِيفَ فَقَالَ: إِنِّي يَوْمَ خَلَقْتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَرَضْتُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً فَخَمْسٌ بِخَمْسِينَ .. فَقُمْ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ.

- فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى صِرَّى (أي حتمي وواجب وفرض والمقصد أن الله ألهمه في نفسه بأن هذا أمر تام ونهائي وحتمي ولا مراجعة مرة أخرى) ..، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: ارْجِعْ .. فَعَرَفْتُ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ صِرَّى - أَيْ: حَتْمٌ - فَلَمْ أَرْجِعْ) رواه النسائي في سننه .. وقال ابن كثير عن هذه الرواية: فيها غرابة ونكارة جدا. (تفسير بن كثير ج5 ص9 طبعة دار الكتب العلمية)..، (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث صحيح السند .. ولكن متنه غريب جدا .. وقد انفرد به (يزيد بن أبي مالك .. وهو ممن لا يحتمل تفرده دون متابعه .. وسبق مناقشة هذه الرواية بالتفصيل في الفصل الخامس والثلاثون .. تحت سؤال بعنوان: (س94: ما هي الأحداث الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء من بداية ركوب البراق وحتي قبل الوصول لبيت المقدس ؟) .. تحت بند بعنوان: (#- ثالثا: مشاهد قيلت في طريق الإسراء قبل الوصول لبيت المقدس.. ( نزول النبي من البراق للصلاة في ثلاثة أماكن وهي: المدينة (يثرب - طيبة) و (منطقة مدين) و (بيت لحم) و (طور سيناء) .. ).. فارجع لما سبق بيانه لتتحقق من سبب إنكار هذه الرواية .. وسبب غرابتها .. وإن كان لهذه الرواية وجه من الصحة في أجزاء منها.

 

@- خلاصة القول: 

- أظن أن كلام الإمام ابن المنير رحمه الله .. الذي ذكرته أولا .. الخاص بأن النبي امتنع من الرجوع للتخفيف في الخمس صلوات .. لأنه تفرس أن هذا التخفيف يقف عند هذا الحد المسموح به من الشفاعة .. وأظنه أخذه من رواية يزيد بن أبي مالك السابق ذكرها .. والله أعلم .

 

**************************

..:: س152: ما الجمال الإلهي الذي ترتب على قول النبي (اسْتَحْيَيْتُ وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ) ؟ ::..

 

1- جاء في حديث صحيح: (قَالَ "أي النبي": سَأَلْتُ "أي طلبت من" رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ "أي حدث في نفسي حياء من كثرة سؤال الله" .. وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ ..

- قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ (أي تخطيت موسى) .. نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي .. وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي) صحيح البخاري.

 

@- قال محمَّدُ بنُ عزِّ الدِّينِ الكَرمانيّ، الحنفيُّ، المشهور بـ ابن المَلَك (المتوفى: 854 هـ):

- (ولكني أرضى): بما قضى الله.

- (وأسلِّم): أمري وأمرَهم إلى الله.

- (قال: فلما جاوزت نادى منادٍ: أمضيتُ): أي أنفذت (فريضتي وخففت عن عبادي) فهي خمس فرائض في التخفيف وخمسون فريضة في التضعيف .. لقوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) الأنعام:160 .. (شرح مصابيح السنة لابن الملك ج6 ص179-282).

 

2- وجاء في رواية بلفظ: (فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعْ بَيْنَ رَبِّى تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ - حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ .. إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَات كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ .. لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ .. فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلاةً .. وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً .. فَإِنْ عَمِلْهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا .. وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا .. فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً) صحيح مسلم.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) عن الجمال الإلهي فيما ترتب على رضى النبي وتسليمه:

- أنه لما فطن النبي أو تفرَّس كما قال الإمام ابن المنير .. إلى أن الله يسقط عنه الفرض خمسا فخمسا .. حتى تبقى فقط خمس صلوات .. فانتبه إلى أن هذا أقصى ما يمكن طلبه من الله في التخفيف .. فرضي وسلم لما قضى الله به من عدد الصلوات.

 

- فلما رضي وسلَّم .. فأدهشه الله بعطاءه بما لم يخطر بباله في الخمس الباقية كرامة لأدبه وحياءه ورضاه وتسليمه بما قضاه الله .. إذ جعل له الحسنة بعشر أمثالها في الأجر والثواب .. رغبة في جبر خاطر نبيه حينما كان يرجو التحفيف عن أمته خوفا من عدم قدرتهم على أداء ذلك .. فأبقى الله له الخمس ولكن زاده بالفضل خمسون .. ليجبر النقص والضعف الصادر عن أمته بمحض فضله وعفوه ورحمته.

 

- وكأن الله يقول له: بحق خلقك العظيم ورضاك بقضائي .. فلأرضينك ولأجبرن بخاطرك في أمتك .. وامنحهم من فضل عطائي بما لم يحظى به نبيا ولا رسولا من قبلك .. وأجعل لك من الخمس صلوات خمسون صلاة .. فكل صلاة تعادل عشر صلوات..  

- والله أعلم .

********************

خاطرة:

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي الأمين .. رسول الملك الحق المبين .. وعلى آله وسلم.

********************

****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .