ج66: قصة الإسراء والمعراج - ما التذوق القلبي في فرضية الصلوات الخمس مع مصاحبة تسليم النبي ورضاه بهذه الخمسة - كيف عرف موسى ومحمد عليهما السلام بإمكانية مراجعة الله في تخفيف حكم عدد الصلوات المفروضة - هل مراجعة النبي لله في أن يخفف عدد الصلوات الخمسين فيه عدم رضا بما قسمه الله للنبي وأمته - هل النبي شاور جبريل في الرجوع إلى الله بعد كلام موسى معه - هل كان جبريل مع النبي حاضرا في مقام الخصوصية حينما تكلم الله مع النبي.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل السادس والستون)

#- فهرس:

:: الفصل السادس والستون :: عن رحلة المعراج  - الجزء الرابع/ المعراج لمقام الخصوصية الذي قال فيه النبي (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى) وفيه تم فرض الصلوات الخمس ::

1- س153: هل مراجعة النبي لله في أن يخفف عدد الصلوات الخمسين فيه عدم رضا بما قسمه الله للنبي وأمته ؟

2- س154: كيف عرفا موسى ومحمد عليهما السلام بإمكانية مراجعة الله بتخفيف حكم عدد الصلوات والأصل هو تنفيذ الحكم دون مراجعة ؟!! وهل تمت مشاورة جبريل في مراجعة الله لتخفيف الحكم ؟

#- أولا: كيف عرف موسى ومحمد عليهما السلام بإمكانية مراجعة الله في تخفيف حكم عدد الصلوات المفروضة ؟

#- ثانيا: هل النبي استشار جبريل في الرجوع إلى الله بعد سماعه لكلام موسى عليه السلام ؟

3- س155: ما التذوق القلبي الذي نلحظة في فرضية الصلوات الخمس مع مصاحبة تسليم النبي ورضاه بهذه الخمسة ؟

4- س156: هل كان جبريل مع النبي حاضرا في مقام الخصوصية حينما تكلم الله مع النبي ؟

#- أولا: الدليل من النصوص الشرعية أن خلوة النبي بربه في مقام الخصوصية حينما أوحى إليه ما أوحاه.

#- ثانيا: كلام بعض العلماء في خلوة النبي بربه ليلة المعراج دون جبريل.

*******************

:: الفصل السادس والستون ::

*******************

..:: س153: هل مراجعة النبي لله في أن يخفف عدد الصلوات الخمسين فيه عدم رضا بما قسمه الله للنبي وأمته ؟ ::..

 

#- قال الإمام نور الدين الهروي القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ):

- ولا يخفى أن المراجعة غير نافية للرضا والتسليم .. وإلا لما رضي بها موسى ونبينا عليهما أفضل الصلاة وأكمل التسليم ..

- وتوضيحه: أن سؤال العافية ودفع البلاء وطلب الرزق ودعاء النصر على الأعداء .. وأمثال ذلك كما صدر من الأنبياء والأولياء .. لا ينافي الرضا بالقضاء أبدا .. ولا التسليم لما في الأزل أبدا. (مرقاة المفاتيح ج9 ص3764).

 

#- إذن: يتبين لك أخي الحبيب .. من تكرار مراجعة النبي وسؤاله من ربه .. ليس فيه اعتراض على قدر الله .. ولا إساءة أدب في العلاقة مع الله .. ولا حرج بأي حال من الأحوال في أن تطلب من الله ما تريد .. طالما أنت ترجوه في مقام الدعاء راجيا فيه بلسان الأدب ودون يأس ولا اعتراض على ما يدبره لك سواء قضى لك حاجتك أم لم يقضيها ..

- والله أعلم .

 

***********************

 ..:: س154: كيف عرفا موسى ومحمد عليهما السلام بإمكانية مراجعة الله بتخفيف حكم عدد الصلوات والأصل هو تنفيذ الحكم دون مراجعة ؟!! وهل تمت مشاورة جبريل في مراجعة الله لتخفيف الحكم ؟ ::..

 

- يظهر معنا سؤال يقول:  كيف عرفا موسى ومحمد عليهما السلام من أول الأمر بجواز مراجعة الله في تخفيف حكمه ؟!!

- وهل قام النبي بمشاورة جبريل في مراجعة الله لتخفيف حكم عدد الصلوات ؟

 

#- أولا: كيف عرف موسى ومحمد عليهما السلام بإمكانية مراجعة الله في تخفيف حكم عدد الصلوات المفروضة ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

1- لعل موسى عليه السلام عرف ذلك بعزيمة يقين في قلبه أن يمكن ذلك أن ألهمه الله بذلك .. وهي عزيمة ربانية ظهرت في نفسه بمساعدة النبي صلى الله عليه وسلم بالعودة ليشفع لأمته في تخفيف عدد الصلوات ..

- وعرف النبي محمد عليه الصلاة والسلام إمكانية الرجوع إلى الله لتخفيف الحكم من خلال إيقاف موسى له وإلحاحه عليه في العودة إلى الله .. إذ لا يمكن أن يقول موسى هذا إلا بإلهام من الله ..، وكذلك لم يجد من جبريل أي اعتراض ولو بالتلميح.

 

- ولما كانت الرسل لا تتحرك إلا بالله وتتكلم بالله وتسمع بالله .. فقد علما كلاهما أن هذا مراد الله بإمكانية الرجوع ولا حرج في ذلك .. إذ لم يلهما بما فيه مخالفة لذلك .. فعلما أن الأمر مسموح به.. بل وتبين صحة ما اطمئن له النبيان من إمكانية مراجعة تخفيف حكم عدد الصلاة .. بدلالة قبول الله مراجعة نبيه له خمسة مرات (لو كان التخفيف عشر مرات في كل مرة ما عدا آخر مرة كانت خمسة) .. أو تسعة مرات (لو كان التخفيف في كل مرة خمسة فخمسة) ..

 

- إلا أنهما اختلفا في آخر مرة .. حينما طلب موسى من النبي الرجوع لتخفيف الخمس صلوات .. وكان من الممكن للنبي الرجوع لطلب التخفيف .. ولكن النبي امتنع آخر مرة حياء عن فعل ذلك .. إذ وجد أن الرقم خمسة من العيب الكلام فيه إذ كان الله يخفض له خمسة فخمسة .. فعلم أنه ربما لو طلب التخفيف فيكون في ذلك حينئذ مخالفة لما أراده الله .. ولذلك استحى النبي صلى الله عليه وسلم من الرجوع إلى الله .. 

 

2- وقد يكون معرفة موسى عليه السلام بجواز مراجعة الله في تخفيف حكم أعداد الصلاة .. لأن هذا الحكم في علم الغيب السماوي ولم ينزل للناس على الأرض أي لم يدخل حيز التنفيذ كالحكم الذي ينزل به جبريل ولم يكن يعرفه الناس إلا حين النزول به لأهل الأرض .. وبالتالي يمكن مراجعة هذا الحكم طالما لم يظهر لأهل الأرض .. ودليل صحة ذلك هو قبول الله لرجوع نبيه إليه .. بل وقبول شفاعته في تخفيف الحكم له في عدد الصلوات .. فكان النبيان موسى ومحمد عليهما السلام على حق في إمكانية المراجعة في طلب الشفاعة لتخفيف حكم عدد الصلوات ..

 

3- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى:852 هـ):

- ودلت مراجعته صلى الله عليه وسلم لربه في طلب التخفيف تلك المرات كلها .. أنه علم أن الأمر في كل مرة لم يكن على سبيل الإلزام .. بخلاف المرة الأخيرة ففيها ما يشعر بذلك لقوله سبحانه وتعالى (لا يبدل القول لدى). (راجع فتح الباري ج1 ص463).

 

#- يقصد بن حجر بقوله: (لقوله سبحانه وتعالى "لا يبدل القول لدي"): هو ما جاء في رواية الحديث بهذا اللفظ: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ، ثُمَّ نُقِصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا، ثُمَّ نُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ .. إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ .. وَإِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الخَمْسِ خَمْسِينَ) رواه الترمذي وغيره .. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.

 

 - وفي رواية بلفظ: (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ (أي في العدد) ، وَهِيَ خَمْسُونَ (أي في الأجر) .. لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ) صحيح البخاري.

 

4- قال الإمام نور الدين الهروي القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ):

- قال الخطابي: مراجعة الله في باب الصلاة إنما جازت من رسولنا محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام .. لأنهما عرفا أن الأمر الأول غير واجب قطعا وإلا ما صدرت منهما المراجعة .. فصدور المراجعة .. دليل على أن ذلك غير واجب قطعا .. لأن ما كان واجبا قطعا لا يقبل التخفيف .. ذكره الطيبي. (مرقاة المفاتيح ج9 ص3764).

  

- كلام الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله (المتوفى:388 هـ) هو كلام صحيح .. ولكنه لم يبين كيف عرفا النبيان من أول الأمر أن الحكم غير واجب قطعا ..!!

 

#- ملحوظة: قال بعض العلماء معترضا على كلام الخطابي فقال: الأمر بالصلاة خمسين ركعة كان فرضا واجب النفاذ .. وليس كما قال الخطابي أنه غير واجب قطعا..

 

@- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا الإعتراض غريب وفيه نظر .. لأن الإمام الخطابي يتكلم عن وجوب هذا الفرض بأعداده وهذا واضح جدا من كلامه .. ولم يتكلم عن وجوب الفرض بذاته لأنه يعلم أنه واجب حدوثه .. ولو كان العدد هو فرضا واجب التنفيذ ما كان سمح الله بمراجعة نبيه فيه .. !!

 

#- ثانيا: هل النبي استشار جبريل في الرجوع إلى الله بعد سماعه لكلام موسى عليه السلام ؟

- أما عن جزئية استشارة جبريل في الرجوع إلى الله وطلب تخفيف عدد الصلاة .. فقد جاء في رواية في صحيح البخاري .. أن النبي نظر إلى جبريل فاستشاره في كلام موسى فوافقه جبريل .. وقد تكون الاستشارة في اقتراح موسى وفي إمكانية الرجوع .. والله أعلم ..

- ودليل هذه الاستشارة .. إذ جاء في الرواية: عن شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ .. ومما جاء في الحديث: (ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى .. فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ.

- فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ .. فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ: أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ .. فَعَلاَ بِهِ إِلَى الجَبَّارِ .. فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ (أي المكان الذي يكلم فيه الله): يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ هَذَا .. فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ .. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى .. فَاحْتَبَسَهُ .. فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ......) صحيح البخاري.

 

#- وهذه الرواية بالرغم من أنها في صحيح البخاري .. إلا أن الرواية قد جرحها العلماء ورفضوا منها ما فيه مخالفة لباقي روايات الصحيح .. وجزئية مشورة النبي لجبريل عليه السلام لم تأتي في أي رواية من روايات الصحيح .. فهي إن لم تكن شاذة .. فمحتمل حدوث هذا المشهد في الإشارة لرأي جبريل .. والله أعلم.

 

- ملحوظة: يمكنك مراجعة كلام العلماء على هذه الرواية في هذه الرسالة عند الفصل الحادي والأربعون من السؤال (102- وحتى السؤال – 104)..، وكذلك في الفصل الثالث عشر عند السؤال رقم (34).

 

- والله أعلم.

 

***********************

 

..:: س155: ما التذوق القلبي الذي نلحظة في فرضية الصلوات الخمس مع مصاحبة تسليم النبي ورضاه بهذه الخمسة ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من المشاهد الذوقية التي أراها في جزئية تخفيض عدد الصلوات إلى خمس صلوات واعتماد فرضيتها من الله بهذا العدد بعد رضى النبي وتسليمه .. هو الآتي:

 

- أن فرضية الخمس صلوات لم تنزل وجوبا وتحقيقا لازما لأهل الأرض أن يفعلوها كطاعة لله .. إلا بعد أن رضي النبي وسلم تسليما لما أراده الله .. وفي ذلك إشارة قوية جدا لحب الله لنبيه.

 

#- وكأن الحق جل شأنه أراد أن يظهر للعالمين .. أنه لم يثبت الحكم النهائي للصلوات الخمسة إلزاما بها .. إلا بعد أن وجد نبيه راضيا .. فكأن الله كانت إرادته هي رضا حبيبه بما يرضيه .. فلما وجده راضيا بالخمس .. فأرضاه بمزيد من الفضل .. فجعلهم خمسين في الفضل والثواب .. وما سبق حتى يشهد العالمين أنه لم يفرض فريضته على نبيه وأمته .. إلا بعد أن وجد نبيه راضيا عما فرضه عليه .. فثبت الحكم بما ارتضاه حبيبه .. بل وزاده من فضله بأن جعل الصلاة بعشر صلوات .

- والله أعلم.

 

************************

 

..:: س156: هل كان جبريل مع النبي حاضرا في مقام الخصوصية حينما تكلم الله مع النبي ؟ ::..

 

- لم يكن جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم في مقام الخصوصية حينما أوحى الله إليه ما أوحاه ..

 

#- أولا: الدليل من النصوص الشرعية أن خلوة النبي بربه في مقام الخصوصية حينما أوحى إليه ما أوحاه .. فمن ذلك:

1- ما جاء في (حديث صحيح) .. عن ابْنُ حَزْمٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا حَبَّةَ الْأَنْصَارِيَّ .. يَقُولَانِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ) صحيح البخاري ومسلم.

 

#- سبق وقلنا: أن قوله (حتى ظهرت) دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمفرده كما قال ابن هبيرة رحمه الله .

 

2- جاء في الحديث الصحيح قول النبي: (فأوحى الله إليَّ ما أوحى) صحيح مسلم ..، فقوله (إليَّ) دليل قاطع على أنه لم يكن يوجد غير النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام .. ولم يقل النبي أن الله أوحى إليه بحضور جبريل أو من خلال جبريل .. وما علاقة جبريل بتلقين النبي من ربه ؟!! فهل صعد به الله للعلا ليوحي إليه من خلال جبريل ؟!! فما هي الكرامة حينئذ إذ كان يمكن أن يوحي إليه من خلال جبريل وهو في الأرض ؟!! 

 

3- جاء في الأحاديث الصحيحة عند رجوع النبي من عند موسى فيقول: (فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي .. فَقُلْتُ: يَا رَبِّ .. خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي – إلى أن قالت الرواية: حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً .....) صحيح مسلم..

 

- قوله (فرجعت) .. واضحة تمام الوضوح أنه كان في رجوعه لوحده في مكان بينه وبين ربه له فيه مناجاة خاصة ..

 

- قوله (يارب – يا محمد) .. ألفاظ تدل جميعها على مقام خصوصية بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ربه .. ولا علاقة لحضور جبريل في هذا المشهد ..!!

 

4- جاء في الحديث الصحيح أن موسى قال للنبي: (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ) صحيح مسلم .. وقول موسى (ارجع إلى ربك) أي إلى المكان الذي تكلمت فيه مع الله .. وهذا يدل على أنه كان مقام خصوصية .. وإلا كان موسى طلب من جبريل أن يسأل الله مع نبيه التخفيف ..

 

5- وجاء في الحديث الصحيح أن النبي قال: (فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعْ بَيْنَ رَبِّى تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى) صحيح مسلم .. وهذا من أوضح البيان في ظهور أن النبي كان يكلم ربه في مقام خصوصية ولم يكن في ذلك المكان أحد غيرهما ..

 

#- ثانيا: كلام بعض العلماء في خلوة النبي بربه ليلة المعراج دون جبريل ..

1- الإمام بن القيم رحمه الله (المتوفى:751 هـ) حينما ذكر مراتب الوحي التي كانت تحدث للنبي .. قد ذكر منها آخر ثلاث مراتب وهم السادسة والسابع والثامنة .. فقال:

- السادسة: ما أوحاه الله .. وهو فوق السماوات ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها.

- السابعة: كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك .. كما كلم الله موسى بن عمران .. وهذه المرتبة هي ثابتة لموسى قطعا بنص القرآن .. وثبوتها لنبينا صلى الله عليه وسلم هو في حديث الإسراء.

- الثامنة: وقد زاد بعضهم مرتبة ثامنة .. وهي تكليم الله له كفاحا من غير حجاب، وهذا على مذهب من يقول: إنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه تبارك وتعالى، وهي مسألة خلاف بين السلف والخلف. (زاد المعاد ج1 ص79).

 

2- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى:852 هـ) بعد أن شرح حديث المعراج:

- هذا من أقوى ما استُدِلَّ به .. على أن الله سبحانه وتعالى كلم نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بغير واسطة . (فتح الباري ج7 ص216).

3- عند قوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ) البقرة:253.

- وستجد علماء التفسير يذكرون أن هناك ثلاثة تلكموا مع الله وهؤلاء هم موسى وآدم والنبي محمد عليهم الصلاة والسلام.  

 

#- خلاصة القول:

- أن مسألة وجود جبريل مع النبي في مقام الخصوصية .. إنما هو محض كلام لا دليل عليه .. بل الدليل ضده .. وهذا المقام هو الذي كلم الله فيه نبيه بوحي خاص.

 

@- وراجع ما ذكرناه في الفصل التاسع والخمسون .. تحت عنوان: (س138: ما الدليل على أن جبريل لم يتقدم مع النبي لمستوى صريف الأقلام ؟) ..

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .