ج75: قصة الإسراء والمعراج - هل رأى النبي ربه ليلة المعراج فوق سبع سموات عند العرش - هل أنكرت السيدة عائشة وأنكر الصحابي بن مسعود وأبي هريرة وأبي ذر الغفاري رؤية النبي لربه - هل اتهمت السيدة عائشة الصحابي عبد الله بن عباس والتابعي كعب الأحبار بأنهما كذابا وقد أعظما على الله الفرية لأنهما قالا برؤية النبي لربه ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الخامس والسبعون)

#- فهرس:

:: الفصل الخامس والسبعون :: عن رحلة المعراج - الجزء الثالث عشر/ عن المعراج لمقام الخصوصية الذي قال فيه النبي (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى) وفيه تم فرض الصلوات الخمس ::

1- س177: هل رأى النبي ربه ليلة المعراج فوق سبع سموات عند العرش ؟  

#- أولا: الروايات التي قالت أن النبي رأى ربه ليلة المعراج ..

@- حديث الصحابي أبي ذر الغفاري.

@- حديث الصحابي عبد الله بن عباس.

#- ثانيا: حديث لابن عباس لا علاقة له برؤية الله ليلة المعراج ..

#- ثالثا: آثار ضعيفة وضعيفة جدا قيلت عن رؤية الله ليلة المعراج ..

2- س178: هل أنكرت السيدة عائشة وأنكر الصحابي بن مسعود وأبي هريرة وأبي ذر الغفاري رؤية النبي لربه ليلة المعراج ؟

#- أولا: هل أنكر الصحابي عبد الله بن مسعود رؤية النبي لربه ؟

#- ثانيا: هل أنكر الصحابي أبو هريرة والصحابي أبا ذر الغفاري رؤية النبي لربه ؟

#- ثالثا: هل أنكرت السيدة عائشة رؤية النبي ليلة المعراج ؟

3- س179: هل اتهمت السيدة عائشة الصحابي عبد الله بن عباس والتابعي كعب الأحبار بأنهما كذابا وقد أعظما على الله الفرية لأنهما قالا برؤية النبي لربه ؟

*******************

:: الفصل الخامس والسبعون ::

*******************

 ..::  س177: هل رأى النبي ربه ليلة المعراج فوق سبع سموات عند العرش ؟ ::..

 

- هذا السؤال هو ما تجده كثيرا في كتب العلماء .. خاصة حينما يتكلمون عن ليلة المعراج ووصول النبي لمستوى صريف الأقلام وتجلي الله عليه بالنور الأعظم ..

 

- والإجابة ليست بسيطة كما تتصور .. لأن البعض ربط رؤية المعراج بآيات قيلت في سورة النجم .. وسبب هذا الربط هو ما قال الصحابي عبد الله بن عباس إذ فسر بعض آيات سورة النجم برؤية النبي لربه ..

 

- وقبل الكلام عن آيات سورة النجم .. سنتكلم أولا عما قالته الروايات عن رؤية النبي لربه ليلة المعراج .. وقد يصاحب ذلك شيئا من آيات سورة النجم ولكن دون الدخول في تفاصيل ذلك .. لأن ذلك مكانه فصل آخر يتعلق بشرح آيات سورة النجم وما قاله العلماء في ذلك .. إن شاء الله ..

===================

 #- أولا: الروايات التي قالت أن النبي رأى ربه ليلة المعراج ..

@- الحديث الأول: حديث أبي ذر الغفاري ..

1- (حديث صحيح) ..َعنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ) صحيح مسلم.

 

- قوله (نور أنى أراه): أي هو نور كيف أراه ؟!!

 

2- ملحوظة: جاء في رواية بلفظ آخر .. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: (قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهُ. قَالَ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ؟ قُلْتُ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتُهُ، فَقَالَ: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ" - يَعْنِي عَلَى طَرِيقِ الْإِيجَابِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: في (م) و (ظ5) و (ق): نور أنى أراه، وضبطت في (ظ5) بفتح الهمزة الأولى وتشديد النون المفتوحة. ولم تضبط في (ق) ..، وأما نسخة (ر) فقد ضبطت فيها "نُورانيّ" بضم النون الأولى وكسر النون الثانية وياء مشددة، نسبة إلى النور.

- وقوله في آخر الحديث: (يعني على طريق الإيجاب) يظهر أنه من كلام عبد الله بن أحمد، أو من كلام الإمام أحمد، وحينئذ تقرأ الكلمة نورانيّ أراه.

- قال القاضي عياض كما في "شرح مسلم" للنووي 3/12: لم تقع إلينا ولا رأيتها في شيء من الأصول. وقال ابن تيمية عنها: إنها تصحيف.

- قلنا: والصواب أنهما كلمتان "نور- أنى". (راجع تحقيق محققو المسند عند الحديث رقم 21392 ج35 ص311-312).

 

#- قال الإمام شرف الدين الطيبي رحمه الله (المتوفى: 743هـ):

- قوله: (نور أنى أراه؟) .. قال الإمام أحمد: "يعني على طريق الإيجاب".

- أي أراد أن الاستفهام ليس للإنكار المستلزم للنفي .. بل للتقرير المستلزم للإيجاب، أي نور حيث أراه. (شرح المشكاة للطيبي ج11 ص3758)

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

- أن المقصد هو: أنه في أحد نسخ مسند الإمام أحمد جاءت الرواية بلفظ (نوراني) على وزن "روحاني" بدلا من لفظ (نور – أنَّي).

 

- ونلاحظ في ختام الحديث .. جاء ما يدل على أنها محتمل فعلا يكون اللفظ (نوراني) وإلا ما كان الإمام أحمد بعد روايته للحديث قال: (يعني على طريق الإيجاب) أي فهم من نص الرواية أن النبي يقصد أثبات (إيجاب) رؤية الله.

 

- ولو كانت الرواية أتت فعلا بلفظ (نوراني أراه) فيكون المعنى: أي رأيت الله نورا .. وليس المقصود رؤية الذات الأحدية .. وإنما تجلى له الله في صورة نورانية .. ولكن الإدراك بالقلب.. والله أعلم.

 

- وقد تكون الرواية تنطق هكذا: (نور – أنِّي – أراه) أي "نور أنِّي أراه هكذا نور" .. فلفظ (أنِّي - بكسر النون) فيكون لفظ تأكيد لما شاهده ورآه أنه رأى الله متجليا في صورة نورانية .. وهذا يتفق أيضا مع رواية (نوراني) .. والله أعلم.

 

- وأظن أن رواية (نوراني) .. قد يؤكدها الرواية التالية .. إذ ليس فيها نفي للرؤية.

    

3- وفي (حديث صحيح) أتت الرواية بلفظ: عن عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتَ لِأَبِي ذرٍّ: (لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: عَنْ أيِّ شيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ نُورًا)  صحيح مسلم.

 

- قوله (رأيت نورا) أي المكان الذي كلمني فيه ربي كان نورا .. وهذا ما رأيته ..، ومقصد النبي أنه لم يرى ذات الله بعينه .. وإنما الذي رآه بعينه هو نورا عظيما محيطا به من كل مكان فأوحى إليه في هذا التجلي ما أوحاه.

 

- ولكن هذا لا ينفي رؤية القلب .. لأن النور محله العين الظاهرة .. ولكن بعض الصحابة أثبتوا رؤية النبي القلبية لربه كأبي ذر الغفاري وابن عباس ... فانتبه.

 

4- جاء في (أثر صحيح) .. عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكِ بْنِ الرِّشْكِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: (رَآهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَرَهُ بِعَيْنيه) رواه ابن خزيمة في التوحيد واللفظ له ..، وكذلك النسائي في السنن الكبرى إلا أنه ذكره بلفظ: (ولم يره ببصره) .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر صحيح عند بن خزيمة والنسائي.

 

5- عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ التيمي، عَنْ أَبِي ذَرٍّ: (فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه بن خزيمة في التوحيد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر صحيح.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على روايات أبي ذر الغفاري

1- ما جاء عن لأبي ذر مرة برؤية النبي لربه بالفؤاد ومرة قوله أنه لم يرى سوى النور .. أنه من حيث العين فلم يرى سوى النور .. ولكن من حيث القلب فقد رآه بقلبه .. وقد سبق وذكرت كلام الإمام بن حجر في الفصل السابق بما يشير لما ذكرته هنا .. والله أعلم .

 

2- والملاحظ في إجابة النبي صلى الله عليه وسلم .. كان من المتوقع أن يقول إما رأيته أو لم أراه .. ولكن النبي أثبت رؤيته للنور وفي نفس الوقت لم ينفي رؤية الله .. فلم يقل: لم أراه .. وإنما قال (أنَّى أراه) أي كيف أراه .. يعني النبي صلى الله عليه وسلم منع الكيفية البصرية أو العينية .. لأن السؤال كان عن الرؤية العينية (هل رأيت ربك) .. فكانت الإجابة على قدر السؤال .. ((وما سبق من كلامي على افتراض أن الرواية جاءت بلفظ (نور أني أراه) وليس (نوراني)) ..

 

- وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول بلفظ (نور – أنَّى – أراه): إن كنت تسأل يا أبا ذر عن الرؤية العينية فما رأيته فهو نور لا أدرك بعيني شيء غير هذا النور في ذلك المشهد.

 

#- ولكن من الواضح أن الصحابي أبا ذر الغفاري .. قد فهم أن النبي كان له رؤية بقلبه وهذا هو ما ذكره في رواية أخرى كما سبق وذكرنا هذه الرواية منذ قليل بلفظ (رَآهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَرَهُ بِعَيْنيه) .. أو لعل النبي أخبره بذلك إذ أن هذه المسائل الغيبية لا تقال بالعقل ولا بالظن .. 

 

@- الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عباس ..

1- (حديث صحيح) .. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رَأَيْتُ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى) رواه أحمد .. وقال أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح .. ثم قال: "وهو في مجمع الزوائد 1:78 .. وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".. (انتهى النقل) ..، وخالفه محققو المسند وقالوا: صحيح موقوفا .. ثم قالوا: وإنما صححنا وقف هذا الحديث الذي أورده المؤلف لاختلافهم في رفعه ووقفه، ولأنه ثبت عن ابن عباس من قوله من غير طريق: (أن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ربه عز وجل)..، (قلت خالد صاحب الرسالة) هذا التوقيف من محققي المسند فيه نظر لأنه قد يكون الحديث مرويا موقوفا وموصولا .. والله أعلم..

 

- وفي رواية عن النبي بلفظ: (رَأَيْتُ رَبِّي عَزَّ وجل) رواه ابن أبي عاصم في السنة (المتوفى: 287هـ) .. وقال الشيخ الألباني رحمه الله: حديث صحيح ورجاله ثقات رجال الصحيح. (انتهى النقل).

 

- والرؤية في الحديث السابق يشار بها إلى: أن هذه الرؤيا حدثت ليلة المعراج ..

 

2- (أثر صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (أَتَعْجَبُونَ أَنْ تَكُونَ الْخُلَّةُ لإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَالْكَلامُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَالرُّؤْيَةُ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم) رواه ابن أبي عاصم في السنة .. وقال الشيخ الألباني رحمه الله: إسناده صحيح على شرط البخاري.. (انتهى النقل).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): الحديث الأول والأثر الثاني عن ابن عباس .. عن أن النبي قد رأى ربه .. فوسيلة الرؤية مبهمة .. ولم يظهر هل كانت بالعين أم بالفؤاد ؟!.

- وهذا يشرحه بن عباس في الأثر التالي ..

 

3- (أثر صحيح) .. عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (رَآهُ بِقَلْبِهِ) صحيح مسلم.

 

4- وفي (أثر صحيح) .. عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ({مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} النجم:11 ..، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} النجم:13 ..، قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ) صحيح مسلم .. وذكره الدارقطني في رؤية الله.

 

- أظن – والله أعلم - بالمرتين .. هو ما جاء في سورة النجم في قوله (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) وقوله (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) وهذا هو الظاهر بالمرتين في الرواية .. أو يكون المقصد هو الرؤية بالعين وبالقلب .. أو الرؤيا يقظة ومناما .. والله أعلم بمقصد بن عباس بالمرتين ..

 

5- وفي (أثر حسن) .. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (فِي قَوْلِ اللهِ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن.

 

#- وفي رواية بلفظ: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 14] قَالَ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى . فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَدْ رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه البيهقي في الأسماء والصفات .. بنفس السند السابق عند الترمذي .. والإسناد حسن.

 

#- وفي رواية بلفظ: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (قَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ) رواه ابن حبان في صحيحه .. وقال: معنى قول ابن عباس: قد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه .. أراد به بقلبه .. في الموضع الذي لم يصعده أحد من البشر ارتفاعا في الشرف. (انتهى النقل) ..،  وقد أشار لصحة هذا الأثر الشيخ شعيب الأرنؤوط و الألباني.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على روايات الصحابي عبد الله بن عباس:

- الظاهر من الروايات السابقة أمرين:

- الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أثبت الرؤية لنفسه بدون تحديد وسيلة الرؤية بالعين أم بالفؤاد.

 

- الثاني: أن الصحابي بن عباس .. قد أشار إلى أن رؤية النبي لربه كانت بقلبه ..

 

==================

 

#- ثانيا: حديث لابن عباس لا علاقة له برؤية النبي لربه ليلة المعراج ..

 

1- (أثر صحيح) .. عن عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ({وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ} الإسراء:60 ..، قَالَ: رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ) رواه بن خزيمة في التوحيد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر صحيح ورجاله ثقات.

 

2- وفي (أثر صحيح) .. عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما : ({وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قَالَ: هِي رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ .. قَالَ: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} قَالَ: هي شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) صحيح البخاري.

 

- إذن يتبين من هذا الحديث .. أن مقصد بن عباس هنا إثبات أن الإسراء كان بالجسد وليس مناما .. بدليل قوله (لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ) .. وليس له علاقة بمشهد المعراج في رؤية الله .

 

=====================

#- ثالثا: آثار ضعيفة وضعيفة جدا قيلت عن رؤية النبي لربه ليلة المعراج ..

 1- (أثر ضعيف) .. عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَقُولُ: (إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى رَبَّهُ مَرَّتَيْنِ: مُرَّةً بِبَصَرِهِ، وَمَرَّةً بِفُؤَادِهِ) رواه الطبراني في الأوسط و الكبير.. (قلت خالد صاحب الرسالة): والأثر ففيه ضعف لأن (مجالد بن سعيد) هو ضعيف الحديث وغالب العلماء على ذلك ..(راجع أقول العلماء فيه في تهذيب التهذيب ج10 ص41).

 

2- (أثر ضعيف) .. عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (نَظَرَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ عِكْرِمَةُ: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: نَظَرَ مُحَمَّدٌ إِلَى رَبِّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ .. جَعَلَ الْكَلَامَ لِمُوسَى، وَالْخُلَّةَ لِإِبْرَاهِيمَ، وَالنَّظَرَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه الطبراني في الأوسط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر ضعيف .. فيه (حفص بن عمر العدني) والعلماء على تضعيفه . (راجع تهذيب التهذيب ج2 ص410).

 

- خد بالك أخي الحبيب .. هذا الأثر ضعيف لسنده وفيه نكارة في لفظة .. وهي لفظة (نظر) .. لأن لفظ (نظر) لم يأت في الرواية الصحيحة وإنما الصحيح بلفظ (رؤية) .. وهي الرواية التي ذكرناها منذ قليل في الآثار الصحيح عن بن عباس برقم (2) ... والفارق بين الرؤية والنظر .. أن لفظ (الرؤية) مبهم فيه وسيلة الرؤية إذ لا تحديد بالقلب أم بالعين .. بخلاف لفظ (النظر) الذي يدل على الرؤية بالعين .. فانتبه لهذه الأمور .

 

3- (أثر ضعيف) .. ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ بَعْضِ، أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قُلْنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: «لَمْ أَرَهُ بِعَيْنَيَّ، وَرَأَيْتُهُ بِفُؤَادِي مَرَّتَيْنِ» ، ثُمَّ تَلَا {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8]) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والأثر ضعيف .. فيه شيخ الطبري وهو (محمد بن حميد الرازي) وهو ضعيف الحديث والبعض وثقه ولكن الأصلح تركه .. وفيه (موسى بن عبيدة "وليس بن عبيد" – وهو بن نشيط الربذي) وهو منكر الحديث وضعيف جدا وإن كان صدوق في نفسه. (راجع أقوال العلماء فيه في جامعة الرجال والعلل ج7 ص1988 ترجمة رقم 6937).

 

4- (أثر ضعيف) .. عن عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ "تابعي": (عَنْ قَوْلِهِ: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] قَالَ: «أَتُرِيدُ أَنْ أَقُولَ لَكَ قَدْ رَآهُ، نَعَمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ قَدْ رَآهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ النَّفَسُ) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر فيه (عباد بن منصور) وهو ضعيف الحديث .. (راجع تهذيب التهذيب ج5 ص105).

 

5- (أثر ضعيف جدا) .. عَبْدُ اللهِ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ ضَمْرَةَ، قَالَ: قَرَأْنَا عَلَى مُطَرِّفِ بْنِ مَازِنٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: (لَمْ يَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ إِنَّمَا رَآهُ بِقَلْبِهِ) رواه الطبراني في الكبير .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر ضعيف .. وفيه (عبد الله بن الصباح بن حمزة "وليس بن ضمرة" وهو الصنعاني) مجهول الحال ..، وفيه (مطرَّف بن مازن وهو ليس بالقوي واتهمه بن معين بالكذب واسقطه بن حبان .. (راجع تاريخ الإسلام ترجمة 309 ج4 ص1208).

  

6- (أثر باطل – سند ضعيف جدا – ومتن منكر جدا) .. عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ " رَأَى كَأَنَّ قَدَمَيْهِ عَلَى خَضِرَةٍ دُونَهُ سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ .. فَقُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103] قَالَ: يَا لَا أُمَّ لَكَ، ذَاكَ نُورُهُ، وَهُوَ نُورُهُ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَا يُدْرِكُهُ شَيْءٌ) رواه البيهقي في الأسماء والصفات وقال البيهقي: (الحكم بن أبان) ضعيف في الرواية، ضعفه يحيى بن معين وغيره..، ورواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد .. وتعقبه الذهبي وقال: بل إبراهيم متروك .. (قلت خالد صاحب الرسالة): (إبراهيم بن الحكم) وأبيه (الحكم بن ابان) كلاهما ضعيف ولكن إبراهيم أشد ضعفا من أبيه .

 

7- وفي (أثر باطل "سنده ضعيف – ومتن منكر جدا") بلفظ آخر .. وقال الخلال في المنتخب من العلل 178 – قَالَ: (وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَكَمِ .. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُونَهُ سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ) رواه الخلال في العلل .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر ضعيف .. وفيه (إبراهيم بن الحكم) وهو ضعيف الحديث عند العلماء. (راجع تهذيب التهذيب ج1 ص116)..، ويقال في المتن ما قيل في سابقه.

 

8- وفي (أثر باطل – "سنده ضعيف جدا – ومتن منكر جدا") بلفظ آخر .. عن زَيْدُ بْنُ السَّكَنِ الْجَنَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: (سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَآهُ فِي صُورَةِ شَابٍّ بَيْنَ شَعَرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ .. كَأَنَّ قَدَمَيْهِ فِي خُضْرَةٍ) رواه الطبراني في الأوسط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): اأثر باطل .. فيه (زيد بن السكن الجندي) وهو منكر الحديث كما قال الأزدي .. وقد ذكره أبي حاتم في الجرح والتعديل دون جرحه أو تعديله ..، وفيه (عبد الله بن عمرو بن مسلم) وهو مجهول الحال ..، وأبيه (عمرو بن مسلم) ضعيف الحديث..، والمتن فيه نكارة شديدة ويستحيل أن يكون قاله بن عباس أبدا .. لأن الرواية تظهر تجسيد الله .. وهذا كذب على الله.. إلا لو كانت الرواية تتكلم عن منام .. ولكن يتبقى سند الرواية عن ابن عباس ضعيف جدا ..

 

9- (أثر باطل – "سند فيه ضعف – ومتن منكر جدا") .. عن يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: (بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ: هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَبَعَثَ إِلَيْهِ: أَنْ نَعَمْ , قَدْ رَآهُ فَرَدَّ رَسُولَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: فَكَيْفَ رَآهُ؟ قَالَ: رَآهُ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ، تَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: مَلَكٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَوْرٍ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةٍ نَسْرٍ .. فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ دُونَهُ فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ) رواه الآجري في الشريعة ..و رواه البيهقي في الأسماء والصفات برقم 943 .. وقال البيهقي تعقيبا على هذا الحديث: قلت فهذا حديث تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار، وقد مضى الكلام في ضعف ما يرويه إذا لم يبين سماعه فيه .. وفي هذه الرواية انقطاع بين ابن عباس رضي الله عنهما وبين الراوي عنه، وليس شيء من هذه الألفاظ في الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما. (انتهى النقل).

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر باطل سندا ومتنا .. وبخلاف الانقطاع الذي أشار إليه البيهقي وضعف بن اسحاق لأنه لم يصرح بالتحديث .. إلا أن المتن نفسه فيه نكارة ولا يمكن قبوله أبدا .. إذ ان تجسيد الله في كرسي من ذهب ويحمل هذا الكرسي أربعة من الملائكة في هيئة حيوانات وهيئة واحدة بشرية .. فهذا ما لا يمكن للعقل تصوره أو قبوله في حق الله .. بل هو كلام باطل وأثر باطل لا يمكن أن يصح عن ابن عباس قوله بتجسيد الله على كرسي ووصف الملائكة بصورة لا تليق بهم وهم الملائكة الكرام .. !!

**********************

 

..:: س178: هل أنكرت السيدة عائشة وأنكر الصحابي بن مسعود وأبي هريرة وأبي ذر الغفاري رؤية النبي لربه ليلة المعراج ؟ ::..

 

#- أولا: هل أنكر الصحابي عبد الله بن مسعود رؤية النبي لربه ؟

أ- جاء في (حديث صحيح) .. عن أَبُي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ: (عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ) صحيح البخاري.

 

- والحديث السابق: لم ينفي الصحابي بن مسعود أن النبي رأى ربه ..!!

- فمن أين أتى بعض العلماء بأن الصحابي بن مسعود أنكر رؤية النبي لربه ؟!!

- سواء كان آيات سورة النجم تشير للمعراج أم تشير لمعراج آخر كما قال بعض العلماء .. فأين دليل إنكار بن مسعود لرؤية النبي لربه ؟!!

 

ب- فكل ما جاء عن ابن مسعود .. إنما هو إثبات رؤية النبي جبريل عند سدرة المنتهى على هيئته الملائكية .. فظن بعض العلماء أن في ذلك إنكار من بن مسعود لرؤية النبي لربه .. وهذا كلام باطل جدا ولا يليق لعالم بقوله .. إذا أين دليل النفي أو الإنكار وهذا مجرد رأي تفسيري لبعض آيات في سورة النجم ؟!!

 

ج- المهم الذي أريدك أن تنتبه له أخي الحبيب .. أن الصحابي عبد الله بن مسعود لم ينفي ولم ينكر رؤية النبي صلى الله عليه وسلم .. لا من قريب ولا من بعيد ..!!

 

د- والأغرب من كل ما سبق .. أن البعض يحتج بأن بن مسعود أنكر ونفى رؤية النبي لربه ليلة المعراج ..!! فكيف يحتج بشيء لا وجود له أصلا في أي أثر عن بن مسعود ..!!

 

هـ- بل والأعجب مما سبق .. نفس هؤلاء المنكرون لرؤية النبي بكلام بن مسعود الذي لا وجود له ولم أجد له أي أثر حتى الآن .. يقولون أن سورة النجم أنزلت سنة خمسة من البعثة .. في حين نسوا أن المعراج حدث في السنة العاشرة من البعثة .. يبقى إزاي ابن مسعود أنكر ونفى رؤية النبي لربه ليلة الإسراء والمعراج ؟!! إزاي ؟!

و- بعد أن كتبت كل ما سبق .. وأثناء مراجعتي لكتب أهل العلم .. وجدت قولا للإمام الذهبي يؤكد ما ذهبت إليه إذ قال رحمه الله (المتوفى: 748هـ):

- قلت "أي الإمام الذهبي": قد اختلف الصحابة في رؤية محمد صلى الله عليه وسلم ربه .. فأنكرتها عائشة .. وأما الروايات عن ابن مسعود .. فإنما فيها تفسير ما في النجم .. وليس في قوله ما يدل على نفي الرؤية لله. (تاريخ الإسلام ج1 ص166).

#- ثانيا: هل أنكر الصحابي أبو هريرة والصحابي أبا ذر الغفاري رؤية النبي لربه ؟

- ما قلنا سابقا عن الصحابي بن مسعود .. يقال عن أبي هريرة وأبا ذر الغفاري..

أ- إذ جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) النجم:13 ..قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ) صحيح مسلم.

- فأبا هريرة لم ينفي أو ينكر رؤية النبي .. وإنما فسر الآية بأنها رؤية جبريل عليه السلام ..

 

ب- وأبا ذر الغفاري .. لم ينفي ولم ينكر بل أثبت أن النبي رأى ربه بقلبه .. وإنما كلام النبي له عن كونه رأى نورا فهذا باعتبار العين وليس باعتبار الفؤاد وقد سبق بيان ذلك .

 

#- ثالثا: هل أنكرت السيدة عائشة رؤية النبي لربه بحديث نبوي ؟

- لم تنكر السيدة عائشة رؤية النبي لربه بحديث نبوي قاله لها النبي .. وإنما أقصى ما قالته السيدة عائشة هو تفسير لآية سمعتها من النبي .. وهو ما جاء في الحديث التالي:

 

- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: (كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ .. قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي، وَلَا تُعْجِلِينِي، أَلَمْ يَقُلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13]؟ فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ..

- فَقَالَتْ: أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103]، أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51]؟، قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]، قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ} [النمل: 65]) صحيح مسلم.

 

#- وجاء في (حديث صحيح) .. عن مسروق قال: قلت لعائشة: (فأين قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [سورة النجم: 8 - 9] قالت: ذاك جبريل، كان يأتيه في صورة الرّجل، وإنّه أتاه هذه المرّة في صورته التي هي صورته، فسدّ الأفق).

 

#- والآن نقول:

1- قد انفردت السيدة عائشة بإنكار رؤية النبي لربه .. بإنكار مطلق دون تخصيص يقظة أو منام – دنيا أو آخرة وإن كان الغالب مقصدها بالدنيا طبعا لأنها قالت: (رأى ربه) بصيغة الماضي .. فيكون هذا الإنكار إطلاقه في الدنيا سواء يقظة أو منام ..

 

- وهذا الإنكار المطلق .. يظهر من كلامها أنها نفت رؤية النبي لربه مطلقا سواء يقظة أو مناما .. دون تخصيص لمكان دون مكان أو زمن دون زمن .. كما قال الأثر المروي عنها: (مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ) صحيح مسلم.

 

- وهذا الإنكار المطلق على اليقظة والمنام .. لم يقل به أحد غيرها من أزاوج النبي ولا من الصحابة.

 

2- أن السيدة عائشة لم تأت بدليل واحد من كلام النبي ينفي فيه النبي رؤيته لربه .. وإنما أتت السيدة عائشة بتفسير آية قد سمعته من النبي .. عن بعض آيات في سورة النجم .

- ولذلك يقول العلماء دائما .. أن السيدة عائشة لم تأتي بدليل نفي مرفوع للنبي أي قاله النبي .. بأنه لم يرى ربه.. ومع ذلك عممت نفي رؤية النبي لربه في مخالفة صريحة لما عليه عموم الصحابة والتابعين وجمهور الأمة فيما بعد ..!!

 

- وهذا هو سبب رد العلماء وجمهور الأمة .. على اعتراض السيدة عائشة في نفي رؤية النبي لربه بصورة مطلقة .. إذ أنه معارض لكلام النبي نفسه ومعارض لمن هو أوثق منها في العلم وهو ابن عباس وأبا ذر الغفاري .. ولم يشاركها أحد في إنكارها لرؤية النبي لربه بصورة مطلقة أحد من الصحابة ..!!

 

3- والاستدلال بقوله تعالى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) الأنعام:103 .. الذي ذكرته السيدة عائشة .. فهو استدلال بعيد عما أشارت إليه .. وليس دليل على إنكار أو نفي رؤية النبي لربه.. حتى ولو قيل نفى الرؤية بالعين فقط .. لأن الله قدير على فعل ما يريد .. وهناك أحكام خاصة يميز الله بها بين العباد .. كما قيل عن المؤمنين: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) القيامة:22-23..، في حين قال عن الكافرين: (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) المطففين:15.

 

4- وحتى الإستدلال بقوله (لا تدركه الأبصار) .. ليس حجة في إنكار رؤية النبي لربه ببصره أو بعينه .. ليه ؟

 

- لأن ذلك يكن فيه إنكار للقدرة الإلهية .. فالذي جعل موسى يسمع الله .. هو الذي جعل محمد يرى الله .. فالذي ينكر هذا فعليه أن ينكر ذاك ..!!

- مش كده ولا إيه ؟!!

- والله يختص برحمته من يشاء ويتفضل بكرمه على من يريد .

- ولا مزيد من الكلام بعد ذلك .. والله أعلم بالحقائق .

 

5- وإن كان اجتهادها مبني على الإنكار مطلقا لرؤية النبي لربه .. فهذا اجتهاد غير موفق ولا يصح ومخالف لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال عن نفسه أنه رأى ربه كما في رواية الإمام أحمد ..

- فضلا عن أن إنكار رؤية النبي لربه على إطلاقها فهذا معناه عدم رؤية المؤمنين ولا الأنبياء لربهم حتى يوم القيامة .. وهذا كلام باطل بنص القرآن ..!!

 

6- من ناحية أخرى: بعض العلماء ظن أن السيدة عائشة أظهرت اعتراضها على رؤية النبي لربه بحديث نبوي .. من خلال الحديث الذي قالت فيه أنها سألت النبي عن قوله تعالى {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] .. وقال لها النبي أنه رأى جبريل.

 

- ولكن .. هذا ليس دليل على إثبات أن النبي أنكر رؤية الله أو نفاها ..!!

- فأين ذلك في كلام النبي ؟!! لا يوجد ..

- وإنما هو أوضح أنه رأى جبريل عليه السلام .. وأيضا لم ينفي رؤية ما عدا جبريل عليه السلام.

 

- إذن: ما قاله بعض العلماء .. أن السيدة عائشة أتت بحديث نبوي ينفي رؤية الله لربه .. هو كلام باطل ولا وجود له في الحديث.. إذ أنه وهم في تأويل الكلام على غير ما تحمله الرواية من كلام النبي.

 

#- وإنما أقصى ما نقوله: هو أن السيدة عائشة كان اعتراضها على رؤية النبي لربه في اليقظة بالعين .. لأنها استدلت بآية (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) ..

 

7- وللمعلومية: فإن السيدة عائشة أشارت لتفسير النبي عند قوله: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) النجم:13 .. ولم يأت خلاف هذه الآية تفسير للنبي عن السيدة عائشة ..

- بل هي رضي الله عنها قد فسرت بنفسها قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) النجم:9 .. فقالت السيدة عائشة: (إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرِّجَالِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ) صحيح مسلم ..

- وهذا التفسير عن رأيها هي .. ولم ترفعه للنبي صلى الله عليه وسلم أي لم تقل أن النبي هو من أخبرها بذلك .. لأن ما أخبرت به عن النبي أنه رأى جبريل مرتين إنما كانت المرة الأولى عند قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13]؟ فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ) صحيح مسلم.

 

#- فالذي يظهر أن تفسير النبي لآيات سورة النجم إنما هو على قوله تعالى (ولقدر آه نزلة أخرى) .. فقط .. والآية الأخرى هي قوله تعالى(ولقد رآه بالأفق المبين) في سورة التكوير .

- ويشهد لذلك ما جاء في (حديث صحيح) .. عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: (ثَلَاثٌ مَنْ قَالَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا ....... إلى أن جاء في آخر الرواية: (قَالَ مَسْرُوقٌ: فَاسْتَوَيْتُ جَالِسًا فَقُلْتُ لَهَا: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] . فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ مُنْهَبِطًا قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ) رواه اسحق بن راهويه في مسنده .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث صحيح.

 

- إذن: من يقل أن النبي فسر قوله تعالى: (دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ) .. فليأت بالدليل القطعي الدلالة والثبوت على ذلك .. 

 

- بل لو انتبهت لأثر بن مسعود .. فهو لم يرفع تفسير آية الدنو والتدلي إلى النبي من قوله تعالى (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) النجم:9  .. إذ ما الذي يمنعهم من أن يقولوا أخبرنا النبي أن المقصد به جبريل عليه السلام ؟!! لأنه تفسيره للآيات .. وليس أكثر من ذلك .. وإلا فلماذا اختلف العلماء لو كان لديهم يقين بأن هذه تفسيرات النبي .. ؟!!

 

- فانتبه يا مؤمن .. وافهم أن تفسير آيات سورة النجم مسألة خلافية في التفسير .. والبعض جعل آيات سورة النجم من المعراج والبعض جعله معراج آخر وهذا سنتكلم فيه فيما بعد إن شاء الله .. فتعلم أن تقبل الرأي والرأي الآخر دون أن تسمح لأحد بفرض رأيه عليك أو أنت تفرض رأيك عليه .. بل كن إنسان محترم ومؤدب وليس بلطجي وقليل الأدب وتعيش بنفسية تحقيريه للآخر الذي يخالفك .. وقد يكون معه من الحجة ما هو أعلم به منك ..!!

@- وما سبق في التعقيب على حديث السيدة عائشة .. إنما هو لتعرف كيف لبعض الطوائف يجحدون رؤية النبي لربه برأي السيدة عائشة ويجعلون منه شريعة ودين ويتهمون المؤمنين بتكذيبهم لو آمنوا بأن النبي رأى ربه .. في حين هم الكاذبون على المؤمنين إذ أخفوا عليهم حقيقة أن المسألة الخلافية .. ثم حقيقة ما عليه جمهور علماء الصحابة والتابعين وتابعيهم وأمة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا برؤية النبي لربه ..!!

 

- والله من ورائهم محيط .. وإذا لم يكن لهم من الجريمة إلا خيانتهم للأمانة العلمية فتكفيهم.

 

- والمشكلة عندي ليست في أن تخطيء أو تنسى معلومة أو تغفل عن دليل .. طالما أنت إنسان مؤدب ومحترم وتتكلم بلغة أهل العلم وتلتمس الأعذار للآخرين .. ولكن المشكلة في أن تكذب وأنت تعلم الحقيقة .. ثم تستعلى بكذبك على الناس .. بل وتجعل من كذبك حقيقة علمية ..

- يا وقاحتك يا أخي ..!!.

 

*************************

 ..:: س179: هل اتهمت السيدة عائشة الصحابي عبد الله بن عباس والتابعي كعب الأحبار بأنهما كذابا وقد أعظما على الله الفرية لأنهما قالا برؤية النبي لربه ؟ ::..

 

#- جاء في (أثر ضعيف) .. عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: (لَقِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا (وهو كعب بن مانع المعروف بكعب الأحبار) .. بِعَرَفَةَ (أي لقيه بمنطقة عرفة) .. فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَكَبَّرَ حَتَّى جَاوَبَتْهُ الْجِبَالُ .. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا بَنُو هَاشِمِ (أي نحن لدينا العلم والمعرفة بذلك – أو بمعنى: نزعم أو نقول: إن محمدًا قد رأى ربه مرتين).. فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ رُؤْيَتَهُ وَكَلَامَهُ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى، فَكَلَّمَ مُوسَى مَرَّتَيْنِ، وَرَآهُ مُحَمَّدٌ مَرَّتَيْنِ.

- قَالَ مَسْرُوقٌ "بن الأجدع" - وهو تابعي" (ولعله سمع الحوار بين ابن عباس وكعب وذهب ليسأل عائشة).

- فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: هَل رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ؟

- فَقَالَتْ: لَقَدْ تَكَلَّمْتَ بِشَيْءٍ قَفَّ لَهُ شَعْرِيْ (أي وقف شعري فزعا مما ذكرته).

- قُلْتُ: رُويدًا، ثُمَّ قَرَأْتُ: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:18، فَقَالَتْ: أَيْنَ تَذْهَبُ بِكَ؟ إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ. مَنْ أَخْبَرَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ، أَوْ كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أُمِرَ بِهِ، أَوْ يَعْلَمُ الْخَمْسَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) لقمان:34، فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ .. وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ .. لَمْ يَرَهُ فِي صُورَتِهِ إِلَّا مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى .. وَمَرَّةً فِي أَجْيَادٍ (مكان بمكة) .. لَهُ سِتُّ مِئَةِ جَنَاحٍ قَدْ سَدَّ الأُفُقَ) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث بهذا السياق ضعيف .. لأن فيه (مجالد بن سعيد) وهو ضعيف الحديث وغالب العلماء على ذلك ..(راجع أقول العلماء فيه في تهذيب التهذيب ج10 ص41)..، وقد أشار الألباني لضعف الحديث في ضعيف الترمذي.

 

#- ولكن وجدت في حديث آخر بسند صحيح .. جاء فيه:

- عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ رُؤْيَتَهُ وَكَلَامَهُ بَيْنَ مُوسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَكَلَّمَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّتَيْنِ، وَرَآهُ مُحَمَّدُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ.

- قَالَ مَسْرُوقٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ لَهَا: هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ؟

- فَقَالَتْ ثَلَاثًا: مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103] وَقَالَ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَتَمَ عِلْمًا فَقَدْ كَذَبَ قَالَ اللَّهٌ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] الْآيَةَ) رواه اسحق بن راهويه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): السند صحيح ..

 

#- والبعض قد يظن أن السيدة عائشة اتهمت بن عباس وكعب الأحبار بالكذب .. من خلال ما سبق من الرواية .. ولكن إليك بيان الأمر ..

#- أولا: الأثر عن الترمذي هو أثر ضعيف وقد انفرد بالقصة الأولى في الرواية (مجالد بن سعيد) وهو ضعيف عند العلماء ..

 

#- ثانيا: أما عن صحة القصة من طريق عبد الله بن الحارث عن كعب الأحبار والتي لم يذكر فيها مقابلة بن عباس لكعب الأحبار .. ثم على افتراض أن مسروق التابعي سمع بن عباس يكلم كعب الأحبار أو سمع كعب الأحبار فقط وهي يحكي ذلك .. فيكون هنا لدينا أمرين:

- الأمر الأول: أن التابعي كعب الأحبار يقول بقول بن عباس وأن النبي رأى ربه ليلة المعراج.

 

- الأمر الثاني: أن الظن بأن مسروق التابعي قد أخبر السيدة عائشة بأن ما سمعه من رأي في رؤية النبي لربه إنما هو رأى بن عباس وكعب الأحبار .. ثم بعد علم السيدة عائشة بان أصحاب هذا الرأي هما الصحابي عبد الله بن عباس والتابعي كعب الأحبار وتتهمهما بهذا الإتهام الخطير بأنهما كاذبين .. من خلال الإشارة إلى أن من يقول برؤية الله أنه كذاب وفي ذلك إشارة لهما .. فهذا كلام لم يأت في الرواية أصلا ولم يحدث عن مسروق أنه أخبر السيدة عائشة بأن أصحاب هذا الرأي هما الصحابيان عبد الله بن مسعود وكعب الأحبار ..

- فلا مسروق أخبر السيدة عائشة بمن صاحب هذا الرأي .. ولا السيدة عائشة اتهمت بن عباس وكعب الأحبار بالكذب لأنها لم تعرف من أصحاب هذا الرأي ..

- فمسروق لم يخبر السيدة عائشة بقائل هذه التفسير .. بل ناقشها على أنها مجرد معلومة قد علمها .. وأراد التحقيق منها وطلب رأيها في ذلك.

 

- فانتبه من الذين يريدون الوقيعة بين الصحابة.

 

#- ثالثا: من ناحية أخرى .. فالإمام بن خزيمة لم يحتمل قول السيدة عائشة بإطلاق الكذب على من يقول بأن النبي رأى ربه .. وقد رد على انفعال السيدة عائشة في غضبها وانفعالها باتهام من يقول برؤية النبي لربه لأنه قول لا يصح قوله ولا اتهام الناس به دون دليل يقيني .. وما هي ذكرته فهي دلائل احتمالية لا أكثر من ذلك .. فكيف يتم اتهام المؤمنين بالكذب فيما فيه احتمال ..؟!!

 

@- وقد ذكرنا ما قاله الإمام بن خزيمة في الفصل السابق.

- وعن نفسي أجد أن اتهام السيدة عائشة لمن يقر برؤية النبي لربه أنه كذاب أو أعظم على الله الفرية وهو الكذب .. فهذا اتهام ثقيل جدا وخطير وغير مقبول .. خاصة وأن صحابة قالوا به بل وعموم الأمة ..!!

- والله أعلم بالحقائق.

 

#- أخي الحبيب:

- قبل الانتقال لجزئية أخرى .. فلازال في نفسي شيئا للكلام عمن أنكر رؤية النبي بالعين .. ليس لأنني أقول بذلك .. لا .. ولكن حتى تعرف أن البعض أعتقد في عقله حتى ظن أن الحق يسكن فيه .. وأنكر على من أقر رؤية النبي بالعين بأسلوب غير طيب بل ومخالف لمنطقية العقل التي اتفق عليها القرآن .. والغريب أنهم يذهبون ليأتون بكلام من طائفة المعتزلة ثم لا يعقلون ما يكتبون عنهم ..!!

 

- أوكيه .. هنشوف في الفصل القادم إن شاء الله .. إزاي النبي ممكن يشوف ربنا بعينيه .. وأن من وجهة نظري جائز عقلا وشرعا .. علما بأني أقر بان الرؤية بالقلب .. ولا فارق عندي بين من يقول بالعين أو بالقلب .. فكلاهما واحد .. وستعرف لماذا لا فارق عندي في الفصل القادم إن شاء الله ..  

- فتابع معي .. والله ولي التوفيق .

 

- اللهم علمنا الأدب ومكِّنا فيه ومكِّنه منا .. وأحطنا به ظاهرا وباطنا .. حتى يكون لنا نورا أنت تحبه في ظاهرنا وباطننا .. ويوم أن نلقاك .. ولا تجعل عقولنا وقلوبنا خاضعة لأهوائنا وما نرغب .. وإنما اجعلها خاضعة لما أنت تحبه وترضاه .. فنكون بك لا بأنفسنا .. آمين يا رب. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .