بحث في المدونة من خلال جوجل

الأربعاء، 16 أكتوبر 2024

Textual description of firstImageUrl

ج79: قصة الإسراء والمعراج - ما هي آراء العلماء في تفسير الآيات الأولى من سورة النجم (دنا فتدلى) - (قاب قوسين أو أدنى) (ما زاغ البصر وما طغى) .

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل التاسع والسبعون)

ما هي آراء العلماء في تفسير الآيات الأولى من سورة النجم  - دنا فتدلى - قاب قوسين أو أدنى - ما زاغ البصر وما طغى

#- فهرس:

:: الفصل التاسع والسبعون :: عن رحلة المعراج - الجزء السابع عشر/ عن المعراج لمقام الخصوصية الذي قال فيه النبي (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى) وفيه تم فرض الصلوات الخمس ::

1- س193: ما هي بعض آراء العلماء المختلفة في تفسير الآيات الأولى سورة النجم ؟

#- أولا: بعض الآراء التفسيرية حتى القرن الخامس الهجري ..

#- ثانيا: بعض الآراء التفسيرية من بعد القرن الخامس الهجري ..

*******************

:: الفصل التاسع والسبعون ::

*******************

 ..:: س193: ما هي بعض آراء العلماء في تفسير الآيات الأولى من سورة النجم ؟ ::..

 

#- قال تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:1-18. 

 

- ما سأذكره هنا من كلام العلماء .. إنما هو من حيث آيات سورة النجم وليس من حيث الأحاديث النبوية كما في الفصل السابق .. حتى ولو ربطها البعض بأحاديث المعراج فهذا لأن المفسر رأى حسب اجتهاده أن الرؤيتين الموجدتين في سورة النجم مرتبطين بقصة المعراج.

 

- وقد حاولت أن أجمع لك آراء من كبار المفسرين المحققين .. ولكن بعضها ذكرته مختصرا تاركا أدلته باعتبار ما ذكرناه في الفصل السابق من سرد كل الأدلة المعتمد عليها في التفسير .. وبعضها نقلته كما هو .. وبعضه نقلته للتعقيب عليه لوجود معتقد فاسد يجب أن تنتبه منه كما ستجد ذلك في تفسير الإمام بن كثير .. والله ولي التوفيق.

 

#- ملحوظة هامة جدا: هذا الفصل يعتمد كليا على الفصل السابق الذي تم ذكر الأدلة فيه تفصيليا .. فارجع إليه سريعا لتتذكر الأدلة التي ذكرها الصحابة.

 

#- أولا: بعض الآراء التفسيرية حتى القرن الخامس الهجري ..

1- قال أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي البلخى رحمه الله (المتوفى: 150هـ):

- (ثُمَّ دَنا) الرب- تعالى- من محمد (فَتَدَلَّى) .. وذلك ليلة أسري بالنبي- صلى الله عليه وسلم- إلى السماء السابعة .. فَكانَ منه (قابَ قَوْسَيْنِ) يعني قدر ما بين طرفي القوس .. (أَوْ أَدْنى) يعنى بل أدنى أو أقرب من ذلك.

- حدثنا عبد الله قال: سمعت أبا العباس يقول: (قَابَ قَوْسَيْنِ) يعني قدر طول قوسين من قسي العرب.

- (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ): محمد- صلى الله عليه وسلم- (مَا أَوْحى).

- (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى): يعني ما كذب قلب محمد- صلى الله عليه وسلم- ما رأى بصره من أمر ربه تلك الليلة.

- (أَفَتُمارُونَهُ عَلى مَا يَرى) - (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) يقول رأى محمد- صلى الله عليه وسلم- ربه بقلبه مرة أخرى .. رآه (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) أغصانها اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وهي شجرة عن يمين العرش فوق السماء السابعة العليا (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) تأوى إليها أرواح الشهداء أحياء يرزقون .. وإنما سميت المنتهى لأنها ينتهي إليها علم كل ملك مخلوق، ولا يعلم ما وراءها أحد إلا الله- عز وجل-. (تفسير أبو الحسن مقاتل بن سليمان ج4 ص160 – مع بعض الإختصار في ألفاظه).

 

2- قال الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله  (المتوفى: 310هـ):

- القول في تأويل قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) ..

 

- الأول: القول في تأويل قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) ..

أ- يقول تعالى ذكره: ثم دنا جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى إليه. (تفسير الطبري ج22 ص501).

 

ب- وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم دنا الربّ من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى. (تفسير الطبري ج22 ص502).

 

- الثاني: القول في تأويل قوله تعالى: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) ..

- وقوله (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) يقول: فكان جبرائيل من محمد صلى الله عليه وسلم على قدر قوسين، أو أدنى من ذلك، يعني: أو أقرب منه . (تفسير الطبري ج22 ص502).

 

- واختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى):

أ- فقال بعضهم: في ذلك بنحو الذي قلنا فيه. (تفسير الطبري ج22 ص503).

ب- وقال آخرون: بل الذي دنا فكان قاب قوسين أو أدنى: جبريل من ربه. (تفسير الطبري ج22 ص503).

ج- وقال آخرون: بل كان الذي كان قاب قوسين أو أدنى: محمد من ربه. (تفسير الطبري ج22 ص503).

 

- الثالث: القول في تأويل قوله تعالى: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) ..

- وقوله (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك:

أ- فقال بعضهم: معناه: فأوحى الله إلى عبده محمد وحيه .. وجعلوا قوله: (مَا أَوْحَى) بمعنى المصدر. (تفسير الطبري ج22 ص503).

- ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثنا أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) قال: عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى إليه ربه.

ب- وقد يتوجه على هذا التأويل "مَا" للوجهين: أحدهما: أن تكون بمعنى "الذي"، فيكون معنى الكلام فأوحى إلى عبده الذي أوحاه إليه ربه. والآخر: أن يكون بمعنى المصدر.

- ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) قال: أوحى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أوحى الله إليه.

 

#- وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فأوحى جبريل إلى عبده "محمد صلى الله عليه وسلم" ما أوحى إليه ربه .. لأن افتتاح الكلام جرى في أوّل السورة بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن جبريل عليه السلام، وقوله (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) في سياق ذلك ولم يأت ما يدلّ على انصراف الخبر عنهما، فيوجه ذلك إلى ما صرف إليه.

 

- الرابع: القول في تأويل قوله تعالى: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) ..

- وقوله (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) يقول تعالى ذكره: ما كذب فؤاد محمد محمدا الذي رأى، ولكنه صدّقه.

 

#- واختلف أهل التأويل في الذي رآه فؤاده فلم يكذبه ..

أ- فقال بعضهم: الذي رآه فؤاده رب العالمين .. وقالوا جعل بصره في فؤاده .. فرآه بفؤاده، ولم يره بعينه. (تفسير الطبري ج22 ص507).

ب- وقال آخرون: بل الذي رآه فؤاده فلم يكذبه .. جبريل عليه السلام. (تفسير الطبري ج22 ص508).

 

- الخامس: القول في تأويل قوله تعالى: (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) ..

- واختلف أهل التأويل في الذي يغشى السدرة:

- فقال بعضهم: غَشيَها فرَاش الذهب. (تفسير الطبري ج22 ص518).

- وقال آخرون: الذي غشيها ربّ العزّة وملائكته. (تفسير الطبري ج22 ص519).


- السادس: القول في تأويل قوله تعالى: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى)..

- يقول تعالى ذكره: ما مال بصر محمد يَعْدِل يمينا وشمالا عما رأى، أي ولا جاوز ما أمر به قطعا .. يقول: فارتفع عن الحدّ الذي حُدّ له. (تفسير الطبري ج22 ص520)

 

- السابع: قوله (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) ..

- يقول تعالى ذكره: لقد رأى محمد هنالك من أعلام ربه وأدلته الأعلام والأدلة الكبرى...، واختلف أهل التأويل في تلك الآيات الكبرى.

أ- فقال بعضهم: رأى رَفْرفا أخضر قد سدّ الأفق.

ب- وقال آخرون: رأى جبريل في صورته. (تفسير الطبري ج22 ص521)

 

#- ملحوظة: ذكرت أقوال الإمام الطبري مختصرة دون ذكر ما كان يستدل به من آثار للدلالة على كل قول ذكره .. وقمت بترتيب الأقوال في الآيات وفصلها وترقيمها .. للتسهيل على القاريء..


3- قال الإمام أبو عوانة يعقوب ابن إسحاق الشافعي رحمه الله (المتوفى: 316هـ) عن بعض معتقدات أهل السنة والجماعة ردا على طائفة الجهمية .. وقبل ذكره للأحاديث الدالة على المعتقدات التالية والتي جاء فيها:

- بيان أن الجنة مخلوقة .. وأن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها .. وأنها فوق السموات .. وأن السدرة المنتهى فوقها .. وأن الله فوقها .. وأن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إليها .. وأنه دنا من رب العزة .. ورب العزة دنا منه قاب قوسين أو أدنى .. وأن ما غشي السدرة من الألوان كان من نوره تبارك وتعالى .. وأن الكوثر الذي أعطي محمد صلى الله عليه وسلم هو: مخلوق وموجود وهو نهر من ماء ترابه المسك، وصفة الحوض ومائه .. وأن من بدل ما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أمته لم يرد حوضه .. وأن النيل والفرات أصلهما في السماء وإثبات صريف الأقلام فوق السموات السبع .. وأن موسى رفع فوق الأنبياء بكلامه تبارك وتعالى. (مستخرج أبو عوانة ج1 ص118). 


4- قال الإمام  أبو الليث السمرقندي رحمه الله (المتوفى: 373هـ):

- (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) يعني: من قبل مطلع الشمس جبريل .. فرآه على صورته .. وله جناحان .. أحدهما بالمشرق .. والآخر بالمغرب.

- (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى): إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فكل ما دنا منه .. انتقص حتى إذا قرب منه مقدار قوسين .. رآه كما في سائر الأوقات .. حتى لا يشك جبريل ..

- (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ) يعني: في القرب مقدار قوسين.

- وقال بعضهم: ليلة المعراج دنا من العرش مقدار قوسين ..

- وإنما ذكر القوسين: لأن القرآن نزل بلغة العرب، والعرب تجعل مسافة الأشياء بالقوس. (تفسير المرقندي – بحر العلوم ج3 ص359).

 

5- قال الإمام أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله (المتوفى: 412هـ):

- قال الواسطي رحمة الله عليه: (دنى) محمد صلى الله عليه وسلم (فتدلى) الحجاب حتى جاء إلى  غيره من الحجاب .. فما زال الحجب تدلى عن محمد صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى ما أشار إليه من  قوله : كان (قاب قوسين) التدلي التكشف . (تفسير السلمي ج2 ص284).

 

6- قال الإمام القشيري رحمه الله (المتوفى:465 هـ):

أ- (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى).

- دنا جبريل من محمد عليه السلام .. فتدلّى جبريل: أي نزل من العلوّ إلى محمد.

- وقيل: (فَتَدَلَّى) تفيد الزيادة في القرب .. وأنّ محمدا عليه السلام هو الذي دنا من ربّه دنوّ كرامة، وأنّ التدلّى هنا معناها السجود.

- ويقال: دنا محمد من ربّه بما أودع من لطائف المعرفة وزوائدها، فتدلّى بسكون قلبه إلى ما أدناه.

- (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى): فكان جبريل- وهو في صورته التي هو عليها- من محمد صلى الله عليه وسلم بحيث كان بينهما قدر قوسين أو أدنى.

- ويقال: كان بينه- صلى الله عليه وسلم- وبين الله قدر قوسين: أراد به دنوّ كرامة لا دنوّ مسافة.

ب- (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) .. أي أوحى الله إلى محمد ما أوحى. (تفسير القشيري ج3 ص481- 482 - مختصرا).

 

7- قال الإمام الواحدي رحمه الله (المتوفى: 468 هـ):

- (علمه شديد القوى) أَيْ: جبريل عليه السَّلام.

- (ذو مرَّة) قوَّةٍ شديدةٍ (فاستوى): جبريل عليه السَّلام في صورته التي خلقه الله عز وجل عليها.

- (وهو بالأفق الأعلى): وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يريه نفسه على صورته فواعده ذلك بحراء فطلع له جبريل عليه السلام من الشرق فسدَّ الأفق إلى المغرب.

- (ثم دنا فتدلى) هذا من المقلوب أَيْ: ثمَّ تدلى أَيْ: نزل من السَّماء فدنا من محمَّد عليه السَّلام.

- (فكان) منه في القرب على قدر (قوسين أو أدنى) والمعنى: أنَّه بعد ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظمه وهاله ذلك ردَّه الله تعالى إلى صورة آدميٍّ حتى قرب من النبي صلى الله عليه وسلم للوحي وذلك قوله:

- (فأوحى إلى عبده): محمد صلى الله عليه وسلم {ما أوحى} الله عزَّ وجل إلى جبريل عليه السَّلام

- (ما كذب الفؤاد ما رأى) أَيْ: لم يكذب قلب محمَّد عليه السَّلام فيما رأى ليلة المعراج وذلك أنَّ الله جعل بصره في فؤاده حتى رآه وحقَّق الله تعالى تلك الرُّؤية وقال: إنها كانت رؤية حقيقة ولم تكن كذباً.

- (أفتمارونه على ما يرى): أفتجادلونه في أنه رأى الله عز وجل.

- (ولقد رآه) ربَّه .. وقيل: رأى جبريل على صورته التي خلق عليها (نزلة أخرى) مرَّة أخرى.

- (عند سدرة المنتهى) وهي شجرةٌ إليها ينتهي علم الخلق وما وراءها غيبٌ لا يعلمه إلاَّ الله عز وجل. (الوجيز للواحدي ص1039).


#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الواحدي رحمه الله:

- عند قوله في شرح الأفق الأعلى .. على أن النبي سأل جبريل "أن يريه نفسه على صورته .. فواعده ذلك بحراء " .. فهذا حديث ضعيف ولم يصح وقد رواه اسحاق بن راهويه وبن حميد في مسنديهما .. وقد سبق تحقيق هذه الرواية في الفصل السابق عند جزئية "خلاصة القول" في آخر الإجابة على السؤال الذي بعنوان (س191: ما هي آراء الصحابة التفسيرية لبعض آيات سورة النجم عند قوله تعالى (ثم دنا فتدلى) وقوله (ما كذب الفؤاد ما رأى) وقوله (ولقد رآه نزلة اخرى) ؟) .. فارجع إليها إن أردت. 


#- وقال الواحدي في تفسيره الوسيط:

- قوله: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) النجم:11 .. يقال: كذبه .. إذا قال له الكذب ولم يصدقه.

- قال المبرد: معنى الآية أنه رأى شيئًا فصدق فيه.

- وقال أبو الهيثم: (ما رأى) بمعنى: الرؤية .. تقول: ما أوهمه الفؤاد أنه رأى ولم ير، بل صدقه الفؤاد رؤيته.

- و (ما رأى): مصدر في موضوع النصب، لأنه مفعول كذب .. وهذا إخبار عن رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المعراج ربه ..

- قال ابن عباس: رأى محمد ربه بفؤاده، ولم يره بعينه.

- ويكون ذلك على أن الله تعالى جعل بصره في فؤاده .. أو خلق لفؤاده بصرًا، حتى رأى ربه رؤية غير كاذبة .. كما ترى بالعين ..

- ومذهب جماعة من المفسرين: أنه رآه بعينه..، وهو قول أنس، وعكرمة، والحسن، وكان يحلف بالله: لقد رأى محمد ربه.

- فكل هؤلاء أثبتوا رؤية صحيحة: إما بالعين، وإما بالفؤاد.

- ومذهب عبد الله بن مسعود، وعائشة رضي الله عنهما في هذه الآية: أنه رأى جبريل في صورته التي خلق عليها.


@- إلى أن قال الإمام الواحدي بعد سرد أدلة القائلين برؤية النبي لربه:

- والأكثرون: على أنه رأى جبريل في صورته التي خلق عليها نازلا من السماء نزلة أخرى، وذلك أنه رآه في صورته التي خلق عليها مرتين مرة بالأفق الأعلى، ومرة أخرى رآه منهبطا من السماء إلى الأرض سادا خلقه ما بينهما. (التفسير الوسيط للواحدي ج4 ص195-196).


8- قال الإمام القاضي عياض رحمه الله (المتوفى: 476 هـ):

- وأما ما ورد في حديث الإسراء .. وظاهر الآية من الدُّنُوِّ وَالْقُرْبِ من قوله: (دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى).

- فأكثر المفسرين: منقسم ما بين محمد وجبريل عليهما السلام .. أو مختص بأحدهما من الآخر.. أو من سدرة الْمُنْتَهَى.

- قَالَ "الفخر" الرَّازِيُّ .. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ محمد دنا فتدلى من ربه.

- قيل: معنى (دنا) قرب و (تدلّى) زَادَ فِي الْقُرْبِ.

- وَقِيلَ: هما بمعنى واحد أي قرب.

- وَحَكَى مَكِّيٌّ وَالْمَاوَرْدِيُّ .. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الرَّبُّ دَنَا مِنْ مُحَمَّدٍ فَتَدَلَّى إِلَيْهِ .. أَيْ أَمَرَهُ وَحَكَمَهُ..

- وَحَكَى النَّقَّاشُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: (دَنَا) من عبده محمد صلى الله عليه وسلم «فَتَدَلَّى» فقرب منه، فأراه ما شاء أن يريه من قدرته وعظمته..، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ .. تَدَلَّى الرَّفْرَفُ لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج فجلس عليه ثم رفع فدنا من ربه..، قَالَ: (فَارَقَنِي جِبْرِيلُ، وَانْقَطَعَتْ عَنِّي الأصوات وسمعت كلام ربي عز وجل) .

- وعن أنس في الصحيح: (عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَيْهِ بِمَا شَاءَ.. وَأَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً) .. وذكر حديث الإسراء..

- وعن محمد بن كعب: هو محمد دنا من ربه فكان قاب قوسين.

- وقال جعفر بن محمد: أدناه ربه منه حتى كان منه كقاب قوسين..، وقال جعفر بن محمد: والدنو من الله لا حد له، ومن العباد بالحدود..، وقال أيضا: انقطعت الكيفية عن الدنو.. ألا ترى كيف حجب جبريل عن دنوه، ودنا محمد إلى ما أودع قلبه من المعرفة والإيمان، فتدلى بسكون قلبه إلى ما أدناه، وزال عن قلبه الشك والارتياب.

 

#- قال القاضي أبو الفضل وفقه الله (أي القاضي عياض): اعلم أن ما وقع من إضافة الدنو والقرب هنا من الله، أو إلى الله، فليس بدنو مكان، ولا قرب مدى.. بل كما ذكرنا عن جعفر بن محمد الصادق ليس بدنو حد.. وإنما دنو النبي صلى الله عليه وسلم من ربه، وقربه منه، إبانة عظيم منزلته، وشريف رتبته، وإشراق أنوار معرفته، ومشاهدة أسرار غيبه وقدرته.. ومن الله تعالى له مبرة وتأنيس وبسط وإكرام.

- يتأول فيه ما يتأول في قوله: (يَنْزِلُ رَبُّنَا إلى سماء الدُّنْيَا) على أحد الوجوه نزول إفضال وإجمال ، وقبول وإحسان.

- قال الواسطي: من توهم أنه بنفسه دنا، جعل ثم مسافة بل كل ما دنا بنفسه من الحق تدلى بعدا، يعني عن درك حقيقته..، إذ لا دنو للحق ولا بعد.

- وقوله (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) .. فمن جعل الضمير عائدا إلى الله تعالى لا إلى جبريل .. على هذا كان عبارة عن نهاية القرب .. ولطف المحل ..، وإيضاح المعرفة ..، والإشراف على الحقيقة من محمد صلى الله عليه وسلم..، وعبارة عن إجابة الرغبة، وقضاء المطالب وإظهار التحفي (أي التكريم)..، وإنافة (أي علو) المنزلة والرتبة من الله له.

- ويتأول فيه ما يتأول في قوله: (مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً) .. قرب بالإجابة والقبول..، وإتيان بالإحسان وتعجيل المأمول. (الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياش ج1 ص393-397).

 

#- ثانيا: بعض الآراء التفسيرية من بعد القرن الخامس الهجري لتفسير بعض الآيات الأولى من سورة النجم..

1- قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى: 606 هـ) – مختصرا في كلامه:

- قوله: (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى) .. وفيه وجوه مشهورة:

أ- أن جبريل دنا من النبي صلى الله عليه وسلم .. أي بعد ما مد جناحه وهو بالأفق عاد إلى الصورة التي كان يعتاد النزول عليها وقرب من النبي صلى الله عليه وسلم ..، وعلى هذا ففي (فتدلى) ثلاثة وجوه:

- أحدها: فيه تقديم وتأخير تقديره ثم تدلى من الأفق الأعلى فدنا من النبي صلى الله عليه وسلم.

- الثاني: الدنو والتدلي بمعنى واحد كأنه قال دنا فقرب.

- الثالث: دنا أي قصد القرب من محمد صلى الله عليه وسلم وتحرك عن المكان الذي كان فيه فتدلى فنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ب- وهو ضعيف سخيف .. وهو أن المراد منه هو ربه تعالى وهو مذهب القائلين بالجهة والمكان .. !!

- اللهم إلا أن يريد القرب بالمنزلة .. وعلى هذا يكون فيه ما في قوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن ربه تعالى (مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَمَنْ مَشَى إِلَيَّ أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)...، إشارة إلى المعنى المجازي ..

- وهاهنا .. لما بين أن النبي صلى الله عليه وسلم استوى وعلا في المنزلة العقلية لا في المكان الحسي قال: وَقَرُبَ الله منه تحقيقا .. لما في قوله (مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا) . (التفسير الكبير ج28 ص239).

 

#- قوله (مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأى) .. وأكتفى بنقل مسألتين فقط ذكرهما قد ذكرها الإمام الرازي مع الإختصار فيهما:

- المسألة الثالثة: الرائي في قوله (ما رأى) هو الفؤاد أو البصر أو غيرهما؟

- نقول فيه وجوه:

- الأول: الفؤاد كأنه تعالى قال: ما كذب الفؤاد ما رآه الفؤاد .. أي لم يقل إنه جني أو شيطان بل تيقن أن ما رآه بفؤاده صدق صحيح.

- الثاني: البصر: أي ما كذب الفؤاد ما رآه البصر .. ولم يقل إن ما رآه البصر خيال. - الثالث: ما كذب الفؤاد ما رأى محمد عليه الصلاة والسلام .. وهذا على قولنا الفؤاد للجنس ظاهر .. أي القلوب تشهد بصحة ما رآه محمد صلى الله عليه وسلم [من الرؤيا] وإن كانت الأوهام لا تعترف بها.

 

- المسألة الرابعة: ما المرئي في قوله ما رأى؟

- يحتمل الكلام وجوه ثلاثة:

- الأول: الرب تعالى.

- والثاني: جبريل عليه السلام.

- والثالث: الآيات العجيبة الإلهية. (التفسير الكبير ج28 ص242 – مختصرا جدا في كلامه).

 

#- ملحوظة: اقتصرت فقط في النقل من كلام الإمام الرازي على بعض المسائل ولذلك ستجد (المسألة الثالثة والرابعة) دون الأولى والثانية .. واختصرت في نقلهما أيضا .. لأن المقصد هو ما يخدم بحثنا فقط .. وليس نقل كل ما هو خارج بحثنا هنا..


#- ثم قال الرازي عند قوله (إذ يغشى السدرة ما يغشى):

- ما الذي غشى السدرة ؟

- نقول فيه وجوه الأول: فراش أو جراد من ذهب وهو ضعيف .. لأن ذلك لا يثبت إلا بدليل سمعي، فإن صح فيه خبر فلا يبعد من جواز التأويل .. وإن لم يصح فلا وجه له.

 

- الثاني: الذي يغشى السدرة ملائكة يغشونها كأنهم طيور، وهو قريب، لأن المكان مكان لا يتعداه الملك، فهم يرتقون إليه متشرفين به متبركين زائرين، كما يزور الناس الكعبة فيجتمعون عليها.

 

- الثالث: أنوار الله تعالى، وهو ظاهر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إليها تجلى ربه لها، كما تجلى للجبل، وظهرت الأنوار، لكن السدرة كانت أقوى من الجبل وأثبت، فجعل الجبل دكا، ولم تتحرك الشجرة، وخر موسى صعقا، ولم يتزلزل محمد.

 

- الرابع: هو مبهم للتعظيم، يقول القائل: رأيت ما رأيت عند الملك، يشير إلى الإظهار من وجه، وإلى الإخفاء من وجه.

 

#- المسألة الرابعة: يغشى يستر، ومنه الغواشي أو من معنى الإتيان، يقال فلا يغشاني كل وقت، أي يأتيني، والوجهان محتملان، وعلى قول من يقول: الله يأتي ويذهب، فالإتيان أقرب. (التفسير الكبير ج28 ص244).

 

#- وذكر الرازي في أحد وجهي معنى البصر في قوله (ما زاغ البصر):

-  اللام في البصر يحتمل وجهين:

- أحدهما: المعروف وهو بصر محمد صلى الله عليه وسلم .. أي ما زاغ بصر محمد، وعلى هذا فعدم الزيغ على وجوه:

- إن قلنا الغاشي للسدرة .. هو الجراد والفراش، فمعناه لم يتلفت إليه ولم يشتغل به .. ولم يقطع نظره عن المقصود .. وعلى هذا فغشيان الجراد والفراش يكون ابتلاء، وامتحانا لمحمد صلى الله عليه وسلم.

- وإن قلنا أنوار الله .. ففيه وجهان:

- أحدهما: لم يلتفت يمنة ويسرة، واشتغل بمطالعتها..

- وثانيهما: (ما زاغ البصر) بصعقة بخلاف موسى عليه السلام .. فإنه قطع النظر وغشي عليه .. وفي الأول: بيان أدب محمد صلى الله عليه وسلم، وفي الثاني: بيان قوته.. (التفسير الكبير ج28 ص245).

 

2- قال الإمام شرف الدين الطيبي (المتوفى: 743 هـ):

- مجرى الكلام إلى قوله: (وهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى)، من أمر الوحي، وتلقيه من المَلَك، ودفع شُبَه الخصوم.

- ومن قوله: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) إلى قوله: (مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى) على أمر العروج إلى الجناب الأقدس، والضمير في: (أَوْحَى) لله تعالى، و (عَبْدِهِ) من إقامة المظهر موضع المضمر، لتصحيح نسبة القرب، وتحقيق معنى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا) [الإسراء: 1].

- ولا يخفى على كل ذي لب .. إباء مقام (مَا أَوْحَى) الحمل على أن جبريل أوحى إلى عبد الله ما أوحى، إذ لا يذوق منه أرباب القلوب إلا معنى المناغاة بين المتسارين، وما ينطوي عنده بساط الوهم، ولا يطيقه نطاق الفهم كله، وكلمة (ثُمَّ) على هذا منزلة على التراخي بين المرتبتين، والفرق بين الوحيين؛ وحي بواسطة وتعليم، وآخر بغير واسطة لجهة التكريم، فيحصل عنده الترقي من مقام (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) [الصافات: 164] إلى مخدع (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى).

- وروى السلمي .. عن جعفر بن محمد: أدناه منه حتى كان منه كقاب قوسين، والدنو من الله لا حد له، والدنو من العبد بالحدود، (فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) قال: بلا واسطة فيما بينه وبينه، سرًا إلى قلبه لا يعلم به أحد سواه، بلا واسطة إلا في العقبى حتى يعطيه الشفاعة لأمته...، (فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) أي كان ما كان وجرى ما جرى. (فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) ج15 ص86).

 

3- قال الإمام ابن كثير رحمه الله (المتوفى:707) .. عن أن المرئي في المرتين المذكورتان في سورة النجم هو جبريل عليه السلام .. فقال عند قوله (وهو بالأفق الأعلى):

- هذه الرؤية لجبريل لم تكن ليلة الإسراء .. بل قبلها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض، فهبط عليه جبريل، عليه السلام، وتدلى إليه، فاقترب منه وهو على الصورة التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح.

 

- ثم رآه بعد ذلك نزلة أخرى عند سدرة المنتهى .. يعني ليلة الإسراء، وكانت هذه الرؤية الأولى في أوائل البعثة بعد ما جاءه جبريل، عليه السلام، أول مرة .. فأوحى الله إليه صدر سورة (اقرأ) .. ثم فتر الوحي فترة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم فيها مرارا ليتردى من رؤوس الجبال .. فكلما همَّ بذلك ناداه جبريل من الهواء: (يا محمد، أنت رسول الله حقا، وأنا جبريل) .. فيسكن لذلك جأشه، وتقر عينه، وكلما طال عليه الأمر عاد لمثلها، حتى تبدى له جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأبطح في صورته التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح قد سد عظم خلقه الأفق، فاقترب منه وأوحى إليه عن الله. (تفسير بن كثير ج7 ص444).

 

#- وقال الإمام بن كثير في عند قوله (ثم دنى فتدلى):

- هذا المقترب الداني الذي صار بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم .. إنما هو جبريل، عليه السلام .. هو قول أم المؤمنين عائشة، وابن مسعود، وأبي ذر، وأبي هريرة، كما سنورد أحاديثهم قريبا إن شاء الله. وروى مسلم في صحيحه، عن ابن عباس أنه قال: (رأى محمد ربه بفؤاده مرتين) .. فجعل هذه إحداهما.

- وجاء في حديث شريك بن أبي نمر عن أنس في حديث الإسراء: (ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى) .. ولهذا تكلم كثير من الناس في متن هذه الرواية، وذكروا أشياء فيها من الغرابة .. فإن صح فهو محمول على وقت آخر وقصة أخرى .. لا أنها تفسير لهذه الآية .. فإن هذه كانت ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض .. لا ليلة الإسراء .. ولهذا قال بعده: (ولقد رآه نزلة أخرى. عند سدرة المنتهى) ، فهذه هي ليلة الإسراء .. والأولى كانت في الأرض. (تفسير بن كثير ج7 ص447).

 

#- وقوله: (ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى) .. هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جبريل على صورته التي خلقه الله عليها، وكانت ليلة الإسراء. وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الإسراء بطرقها وألفاظها في أول سورة (سبحان) بما أغنى عن إعادته هاهنا .. وتقدم أن ابن عباس رضي الله عنهما .. كان يثبت الرؤية ليلة الإسراء .. ويستشهد بهذه الآية .. وتابعه جماعة من السلف والخلف .. وقد خالفه جماعات من الصحابة .. رضي الله عنهم .. والتابعين وغيرهم. (تفسير بن كثير ج7 ص451).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الإمام بن كثير:

- هذا الذي ذكره الإمام بن كثير كلام جيد .. وهو أحد التفاسير لبيان حقيقة المرئي وهو الخلاف المشهور بين أن المرئي هو جبريل أم الله .. وهذا ليس محل تعقيب .. إذ ناقشنا هذه المسألة سابقا ..

- إلا أن ما يهمنا هنا في تعقيبي على الإمام بن كثير في جزئيتين:

أ- الجزئية الأولى: وهو ميله إلى الرأي القائل أن النبي لم يرى ربه ليلة المعراج وأن الذي رآه هو جبريل عليه السلام اتباعا لكلام بعض الصحابة مثل السيدة عائشة وبن مسعود.

 

#- في حين نراه رحمه الله في المقارنات بين الأنبياء وإظهار علو مقام النبي فقد مال للأخذ للرأي الثاني وهو رؤية الله .. في كتابه البداية والنهاية .. إذ قال:

- فإن الله تعالى كلم موسى وهو بطور سيناء .. وسأل الرؤية فمنعها .. وكلم محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وهو بالملأ الأعلى حين رفع لمستوى سمع فيه صريف الأقلام .. وحصلت له الرؤية .. في قول طائفة كبيرة من علماء السلف والخلف.. والله أعلم. (البداية والنهاية ج6 ص309).

 

- وهذا معناه أن الأخذ بالرأيين لا حرج فيه عند المفسرين طالما الآراء قوية في تفسير الآيات .. وفيها اختلاف يصعب معه إنكار الرأي الآخر ..!!

 

ب- الجزئية الثانية: أحببت ان أشير إلى أن الرواية التي ذكرها الإمام بن كثير وغيره من العلماء .. والتي أتى فيها أن النبي قد حزن لانقطاع الوحي عنه .. ثم ترتب على هذا الحزن أنه كان يذهب لرؤوس الجبال لينتحر .. !!

- فهذه خرافة مذكورة في أثر ذكره البخاري .. (وليس حديث نبوي ولا حديث صحابي) وإنما أثر تابعي .. وقد ذكر هذا الأثر الإمام البخاري في كتابه الصحيح .. وسأذكر لك بيان فساد هذا الأثر وأنه باطل سندا ومتنا .. في السؤال التالي وقد جعلته في سؤال منفرد للإهتمام به ..

 

4- قال ابن القيم رحمه الله (المتوفى: 751هـ):

- قوله تعالى في سورة النجم: (ثم دنا فتدلى) النجم: 8 .. فهو غير الدنو والتدلي في قصة الإسراء.

- فإن الذي في (سورة النجم) هو دنو جبريل وتدليه، كما قالت عائشة وابن مسعود، والسياق يدل عليه فإنه قال: (علمه شديد القوى) النجم:5 .. وهو جبريل: (ذو مرة فاستوى - وهو بالأفق الأعلى - ثم دنا فتدلى) النجم:6-8 .. فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى .. وهو ذو المرة، أي: القوة، وهو الذي استوى بالأفق الأعلى .. وهو الذي دنا فتدلى .. فكان من محمد صلى الله عليه وسلم قدر قوسين أو أدنى ..

- فأما الدنو والتدلي الذي في حديث الإسراء .. فذلك صريح في أنه دنو الرب تبارك وتدليه، ولا تعرض في (سورة النجم) لذلك، بل فيها أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى .. وهذا هو جبريل .. رآه محمد صلى الله عليه وسلم على صورته مرتين .. مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، والله أعلم. (زاد المعاد ج3 ص34-35).

 

#- وابن القيم رحمه الله توسع في شرح سبب اختياره للرأي القائل أن الرؤيتين لجبريل في سورة النجم .. فقال رحمه الله:

- فالصحيح: أن ذلك هو جبريل عليه الصلاة والسلام، فهو الموصوف بما ذكره من أول السورة إلى قوله: (ولقد رآه نزلة أخرى - عند سدرة المنتهى) النجم:13-14 .. هكذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، قالت عائشة رضي الله عنها: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية؟ فقال: جبريل، لم أره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين).

 

#- ولفظ القرآن لا يدل على غير ذلك من وجوه:

- أحدها: أنه قال (علمه شديد القوى) النجم:5 .. وهذا جبريل الذي وصفه الله بالقوة في سورة التكوير، فقال: {إنه لقول رسول كريم - ذي قوة عند ذي العرش مكين} التكوير:19-20.

 

- الثاني: أنه قال: (ذو مرة) النجم:6 .. أي: حسن الخلق، وهو الكريم المذكور في التكوير.

 

- الثالث: أنه قال: (فاستوى - وهو بالأفق الأعلى) النجم:6-7 .. وهو ناحية السماء العليا، وهذا استواء جبريل بالأفق الأعلى، وأما استواء الرب جل جلاله فعلى عرشه.

 

- الرابع: أنه قال: (ثم دنا فتدلى - فكان قاب قوسين أو أدنى) النجم:8-9 .. فهذا دنو جبريل وتدليه إلى الأرض، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الدنو والتدلي في حديث المعراج، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان فوق السماوات. فهناك دنا الجبار جل جلاله منه وتدلى.

- فالدنو والتدلي في الحديث غير الدنو والتدلي في الآية .. وإن اتفقا في اللفظ.

 

- الخامس: أنه قال: (ولقد رآه نزلة أخرى - عند سدرة المنتهى) النجم:13-14 ..، والمرئي عند السدرة: هو جبريل قطعا، وبهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لعائشة (ذاك جبريل) .

 

- السادس: أن مفسر الضمير في قوله: (ولقد رآه) النجم:13 ..، وفي قوله: (ثم دنا فتدلى) النجم:8 ..، وفي قوله: (فاستوى) ، وفي قوله: (وهو بالأفق الأعلى) النجم:7 ..، واحد، فلا يجوز أن يخالف بين المفسر والمفسر من غير دليل.

 

- السابع: أنه سبحانه ذكر في هذه السورة الرسولين الكريمين: الملكي، والبشري، ونزه البشري عن الضلال والغواية ..، ونزه الملكي عن أن يكون شيطانا قبيحا ضعيفا ..، بل هو قوي كريم حسن الخلق ..، وهذا نظير الوصف المذكور في سورة التكوير سواء.

 

- الثامن: أنه أخبر هناك أنه رآه بالأفق المبين ..، وهاهنا أخبر أنه رآه بالأفق الأعلى وهو واحد ..، وصف بصفتين .. فهو مبين وهو أعلى .. فإن الشيء كلما علا بان وظهر.

 

- التاسع: أنه قال: (ذو مِرَّة) النجم:6 ..، والمرة الخلق الحسن المحكم ..، فأخبر عن حسن خلق الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ساق الخبر كله عنه نسقا واحدا.

 

- العاشر: أنه لو كان خبرا عن الرب تعالى لكان القرآن قد دل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه سبحانه مرتين: مرة بالأفق، ومرة عند السدرة ..، ومعلوم أن الأمر لو كان كذلك لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر وقد سأله: (هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنى أراه؟) ...، فكيف يخبر القرآن أنه رآه مرتين، ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنَّى أراه؟) .. وهذا أبلغ من قوله: لم أره .. لأنه مع النفي يقتضي الإخبار عن عدم الرؤية فقط .. وهذا يتضمن النفي .. وطرفا من الإنكار على السائل .. كما إذا قال لرجل: هل كان كيت وكيت ؟ فيقول: كيف يكون ذلك ؟

 

- الحادي عشر: أنه لم يتقدم للرب جل جلاله ذكر يعود الضمير عليه في قوله: (ثم دنا فتدلى) النجم:8 .. والذي يعود الضمير عليه لا يصلح له، وإنما هو لعبده.

 

- الثاني عشر: أنه كيف يعود الضمير إلى ما لم يذكر، ويترك عوده إلى المذكور مع كونه أولى به ؟

 

- الثالث عشر: أنه قد تقدم ذكر (صاحبكم) وأعاد عليه الضمائر التي تليق به ..، ثم ذكر بعده (شديد القوى ذو مرة) .. وأعاد عليه الضمائر التي تليق به، والخبر كله عن هذين المفسرين، وهما الرسول الملكي، والرسول البشري.

 

- الرابع عشر: أنه سبحانه أخبر أن هذا الذي دنا فتدلى كان بالأفق الأعلى وهو أفق السماء .. بل هو تحتها قد دنا من رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم .. ودنو الرب تعالى وتدليه على ما في حديث شريك كان من فوق العرش لا إلى الأرض.

 

- الخامس عشر: أنهم لم يماروه صلوات الله وسلامه عليه على رؤية ربه، ولا أخبرهم بها، لتقع مماراتهم له عليها، وإنما ماروه على رؤية ما أخبرهم من الآيات التي أراه الله إياها، ولو أخبرهم الرب تعالى لكانت مماراتهم له عليها أعظم من مماراتهم على رؤية المخلوقات.

 

- السادس عشر: أنه سبحانه قرر صحة ما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم .. وأن مماراتهم له على ذلك باطلة بقوله: (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) ..، فلو كان المرئي هو الرب سبحانه وتعالى ..، والمماراة على ذلك منهم، لكان تقرير تلك الرؤية أولى، والمقام إليها أحوج .. والله أعلم. (مدارج السالكين بين إياك نعبد وإياك نستعين ج3 ص300-301).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما ذكره بن القيم رحمه الله:

- من أجمل ما يمكن أن تقرأه من تحقيق جميل ومنهج عقلي سليم .. هو ما قاله الإمام بن القيم رحمه الله وذكره في خمسة عشر سببا يؤيد بهم الرأي القائل أن رؤية جبريل كانت المقصوده من آيات سورة النجم.

 

@- ولكن تعقيب بسيط هنا:

1- حديث السيدة عائشة الذي أشار إليه الإمام بن القيم وقد رواه مسلم .. فهذا الحديث في أصله يفسر النزلة الأخرى في سورة النجم ويفسر رؤية الأفق المبين في سورة التكوير .. ولا يفسر الدنو والتدلي في سورة النجم .. وسبق وذكرنا ذلك في الفصل السابق من هذه الرسالة في الأحاديث الخاصة بالسيدة عائشة.

 

- ولكن أيضا لم ينكر النبي .. أنه رأى ربه "سواء بالعين أو بالقلب" .. ولم ينكر أن رؤيته لربه لم يكن ليلة المعراج .. ولم ينفي رؤيته لربه ليلة المعراج .. وإنما المنفي هو رؤيته للعين كما في غالب كلام العلماء وكما نفى ذلك الصحابي أبا ذر الغفاري ..!!

 

2- لا يمكن أن يكون بن عباس وأنس بن مالك وأبي ذر الغفاري .. ذكروا رؤية النبي لربه بالفؤاد في تفسير آيات سورة النجم من خلال من بنات أفكار عقولهم وظنون أنفسهم .. فإن هذا مما لا يقال بالعقل ولا بالظن ..!!

 

- فضلا عن أن البخاري لم يرفع كلام السيدة عائشة للنبي .. ولعله أنكر أصل القصة التي فيها اتهام  للصحابي بن عباس والتابعي كعب الأحبار بتكذيبهما .. وقد فطن البخاري لذلك ولم يصدق أن يكون تكذيب السيدة عائشة للصحابيان .. وبالتالي أوقف التفسير على كلام السيدة عائشة .. وسبق بيان ذلك في الفصل السابق ..!!

 

3- وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى جبريل ليلة المعراج .. فهذا ليس معناه أنه لم يرى غيره .. وإلا كان قوله تعالى (رأى من آيات ربه الكبرى) كان معناه أن رؤية جبريل فقط هو كل آيات ربه الكبرى التي رآها .. ولم يقل بهذا أحد من المفسرين.

- فضلا عن أنه لا يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم .. قد عرج به ربه للسماء ليريه جبريل بصورة ملائكية لها أجنحة .. وإلا فقد كان فعل هذا في الأرض كما فعل أول مرة على الأرض .. وانتهت المسألة ..

- مش كده ولا إيه ؟!!

 

4- أما عن غالب أسباب الإمام بن القيم التي ذكرها .. فهي متعلقة بالرأي التفسيري نفسه الذي بدأه بأن ألفاظ الآيات تشير إلى جبريل عليه السلام .. في حين أن أصحاب الرأي الآخر يقولون أن ألفاظ الآيات تشير إلى ما ذكره بن عباس وقالوا بأن المقصود بالمعلم شديد القوى وذو مرة هو الله جل شانه .. والبعض يشير إلى أن رؤية جبريل تنتهي عند قوله تعالى (وهو بالأفق الأعلى) .. ولكن رؤية الله تبدأ من قوله (ثم دنا فتدلى) ..

- وبالتالي فكل مفسر يأخذ ما يميل إليه حسب بداية تفسيره لسياق الآيات وتسلسلها وفهمه لها حسب الادلة المتاحة إليه ..

 

5- أما عن استدلال الإمام بحديث أبا ذر الغفاري (نور أني أراه) .. فلماذ لم يذكر الحديث الآخر لأبا ذر الغفاري الذي سأل فيه النبي فأجابه: (رأيت نورا) .. بل ولماذا لم يذكر تفسير أبا ذر الغفاري في آية سورة النجم .. وهو ما جاء عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ التيمي، عَنْ أَبِي ذَرٍّ: (فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه بن خزيمة في التوحيد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر صحيح.

 

- ولذلك قال بعض العلماء أن المنفي في حديث أبا ذر هو الرؤية العينية .. والمثبت في حديث أبا ذر هو الرؤية القلبية .. وقد أشار لذلك الإمام بن حجر .. وقد ذكرنا رأيه في فصل قريب .

 

6- ولو كان الأفق المبين هو الأفق الأعلى كما ذكر الإمام .. فهذا باعتبار تفسير رأي الإمام بأن الرؤية الأولى في سورة النجم كانت تتعلق بجبريل .. وهذا رأي غير مُسلَّم به عند أصحاب الرأي الآخر الذين يقولون أن هذه رؤية سماوية وليس أرضية ..!

 

7- أما عن مسألة أن الدنو والتدلي في سورة النجم بين النبي وجبريل وكان ذلك في الأرض .. ورواية شريك تقول أن الدنو والتدلي كان في السماء ... فهذه قصة وتلك قصة أخرى ..!!

- فهذا لأن الإمام افترض أن الدنو والتدلي في سورة النجم هو بين جبريل والنبي .. وهذا تفسير لم يطمئن له البعض الآخر من أصحاب الرأي التفسيري الآخر .. فلا حجة للإمام فيما قاله حينئذ .. لأنه ينتصر لتفسيره ..!!

 

8- أما عن مسألة أن مجادلة أو مماراة الكفار لم تكن عن رؤية النبي لله وإنما بسبب رؤيته للآيات التي أخبرهم بها .. ولو كانت المجادلة في رؤية الله لكانت المجادلة منهم أعظم وأشد .. ولكان الله ذكر ذلك وبل وكان تقريره أولى بالذكر من أي آية أخرى .. !!

 

@- فهذا كلام صحيح من الإمام بن القيم رحمه الله .. ولكن:

أ- من قال أن المجادلة لم تكن في رؤية الله وآياته ؟!! إذ أنه محتمل أن يكون حكى لهم النبي أنه رأى ربه بقلبه فأنكروا جحودا .. ليه محتمل ذلك ؟

- لأن حكاية رؤية النبي لجبريل ليست جديدة عليهم ليسمعوا أن جبريل هو رسول الوحي .. فقد كانوا يسمعون حكاية رسول الوحي جبريل وأنه من ينزل على النبي منذ عشرة سنوات منذ بعثته .. فما الجديد ليعترضوا عليه إذا قال لهم أنه رأى جبريل ؟!!

- فأكيد المماراة وهي شدة المجادلة لها سبب آخر ..

ب- بل ويؤكد ذلك اعتراض الله على آلهتهم بعد ذلك .. بإنكار آلهة اللات والعزى ومناة.

- والله أعلم.

 

@- ملحوظة: ما سبق فقط كان تعقيب بصورة مجملة على ما ذكره الإمام بن القيم .. باعتبار لو كنت من أصحاب الرأي الآخر فماذا أتصور ردهم .. إلا أن تعقيبي عليه لا يقلل من أن كلامه رحمه الله كان رائع .. وأعجبني جدا ..

- ونواصل بعض آراء العلماء حول آيات سورة النجم.

 

4- قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى: 852 هـ):

- وقال بن حجر: وكلام أكثر المفسرين من السلف يدل على أن الذي أوحى هو الله .. أوحى إلى عبده محمد ..، ومنهم من قال إلى جبريل. (فتح الباري ج8 ص611).

 

5- ذكر الإمام أبو العباس القسطلاني رحمه الله (المتوفى:923هـ) رأيا عن بعض العلماء:

- قد قال بعض العلماء: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:18 .. أنه صلى الله عليه وسلم رأى صورة ذاته المباركة في الملكوت فإذا هو عروس المملكة. (المواهب اللدنية بالمنح المحمدية ج8 ص128).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على كلام القسطلاني رحمه الله:

- يقصد بقوله (صورة ذاته) أي حقيقة علو مقام ومكانة النبي عند ربه في الملأ الأعلى حينما عرج به إلى مقام الخصوصية .. وكان في عروجه السماوي له كل التشريف مثل العروس الذي يكون محل انتباه لجميع الحاضرين .. فكان جميع عوالم الملكوت الأعلى يسلمون عليه ويحيونه من ملائكة وأنبياء ورسل .. فهو صاحب المقام الأعلى في الملكوت الأعلى.

- وكلمة (العروس) تقال للرجل والمرأة .. وليس للمرأة .. كما يظن العوام ..!!

 

6- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى : 1393هـ) .. عند تفسير جنة المأوى وما يغشى السدرة وشرح ما زاغ البصر - وبعد أن ذكر أن الرؤية الأولى والثانية هي لجبريل عليه السلام .. قال:

- وجنة المأوى: الجنة المعروفة بأنها مأوى المتقين فإن الجنة منتهى مراتب ارتقاء الأرواح الزكية.

- وفي حديث الإسراء بعد ذكر سدرة المنتهى (ثم أدخلت الجنة)

#- وقوله: (إذ يغشى السدرة ما يغشى) .. ظرف مستقر في موضع الحال من سدرة المنتهى أريد به التنويه بما حف بهذا المكان المسمى سدرة المنتهى من الجلال والجمال.

- وفي حديث الإسراء: (حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى وغشيها ألوان لا أدري ما هي).

- وفي رواية: (غشيها نور من الله ما يستطيع أحد أن ينظر إليها).

- وما حصل فيه للنبي صلى الله عليه وسلم من التشريف .. بتلقي الوحي مباشرة من الله دون واسطة الملك.

- ففي حديث الإسراء: (حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام ففرض الله على أمتي خمسين صلاة) الحديث.

#- وجملة (ما زاغ البصر وما طغى) معترضة .. وهي في معنى جملة ولقد رآه نزلة أخرى إلى آخرها، أي رأى جبريل رؤية لا خطأ فيها ولا زيادة على ما وصف، أي لا مبالغة.

- والزيغ: الميل عن القصد، أي ما مال بصره إلى مرئي آخر غير ما ذكر ..

- والطغيان: تجاوز الحد.

#- وجملة لقد رأى من آيات ربه الكبرى .. تذييل .. أي رأى آيات غير سدرة المنتهى، وجنة المأوى، وما غشي السدرة من البهجة والجلال .. رأى من آيات الله الكبرى.

والآيات: دلائل عظمة الله تعالى التي تزيد الرسول ارتفاعا. (التحرير والتنوير ج27 ص101-102).

 

#- وإلى هنا اكتفي بكلام العلماء .. وأذكر لك ملخص كلامهم رضي الله عنهم .. وخلاصة القول في هذا السؤال ..

 

==================

 

@- خلاصة القول أخي الحبيب لكلام العلماء حول تفسير أو آيات سورة النجم:

 

#- هناك انقسام في آراء العلماء على رأيين .. في تفسير مفهوم الرؤيتين اللتين في سورة النجم وذلك حسب الآراء التي بلغتهم عن الصحابة والتي ذكرناها في الفصل السابق المرتبط بهذا الفصل بصورة قوية .. وأذكر لك مختصرا للآراء التفسيرية السابق ذكرها :

 

#- أولا: العلماء اختلفوا في تحديد المرئي في المرتين والذي دنا فتدلى على أنه إما جبريل عليه السلام أو أن النبي رأى ربه..

1- فالبعض نظر إلى آيات سورة النجم .. على أنها تتعلق برؤية جبريل عليه السلام في المعراج .. وهذا كلام غالب أهل التفسير..

- وانقسم أصحاب هذا الرأي على اتجاهين بخصوص ربط آيات سورة النجم بأحاديث المعراج:

 

أ- بعضهم قال: لها علاقة بأحاديث المعراج ولكن هي تتكلم عن جبريل عليه السلام.

 

ب- وبعضهم قال: أنه لا علاقة لهذه الآيات بمعراج النبي المذكور في أحاديث الإسراء والمعراج .. وإنما معراج آخر غير ليلة الإسراء.. (ولكن يقرون بحدوث معراج) ..، وهؤلاء من قالوا بحدوث كذا معراج ومنهم من قال كان معراج منامي ، ومنهم من قال معراج روحي في اليقظة .. وغير ذلك من أمور وسبق وناقشناها تفصيليا في الجزء الأول من هذه الرسالة في جزء الإسراء .

 

2- والبعض نظر إلى آيات سورة النجم .. على أنها تتعلق برؤية النبي لربه في المعراج وأن الدنو والتدلي كان بين النبي وربه .. وهذا رأي أيضا يميل إليه أيضا كثير من علماء التفسير (وليسوا في الكثرة كأصحاب الرأي الأول)..

 

أ- وهؤلاء ربطوا آيات سورة النجم بأحاديث المعراج.

- وجعلوا الضمائر في ألفاظ الآيات مثل (دنا) (فتدلى) (فكان قاب) (فأوحى) (رآه نزلة) .. جعلوا ضمائر هذه الكلمات تعود إلى الله .. والبعض جعل (دنا فتدلى) تعود للنبي .. والبعض جعل (دنا) للنبي و (فتدلى) للرب ولكن بمعنى القرب .

 

ب- وقالوا أن رؤية النبي لربه .. إنما كانت بفؤاده وظاهره بعينه كان نورا .. إذ لا يتصور رؤية الذات الأحدية أي مخلوق مهما كان لا ملائكة ولا أنبياء ولا رسل .. وإنما أقصى ما يمكن لهم ذلك إنما هو تجلي بنوره لهم ليكشف لهم ما يريد أن يكشفه لهم من خلال هذا التجلي النوراني .. وكلا بقدر مقامه وقربه من ربه.

- ورحم الله الإمام بن عجيبة (المتوفى:1224 هـ) إذ قال عن النبي: أنه رأى ذات الحق متجلية بنور من نور جبروته .. إذ لا يمكن أن ترى الذات إلا بواسطة التجليات. (البحر المديد ج5 ص502).

 

ج- وقالوا في مفهوم القرب والدنو .. أنه ليس قرب بالذات لأن ذلك مستحيل عقلا حدوثه لأن الله لا يحيط به مكان وكان النبي في مكان ..

- وإنما المقصد من كلامهم هو ما ذكره الإمام نور الدين الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ): أنه قرب مكانه لا قرب مسافة .. وقرب إنعام لا قرب أقدام .. وقرب عناية لا قرب غاية .. (شرح الشفا – نور الدين القاري -  ج1 ص44).

 

#- ثانيا: اتفق أهل السنة والجماعة على أن آيات سورة النجم تشير إلى معراج قد حدث للنبي صلى الله عليه وسلم ..

أ- لأن رؤيته سدرة المنتهى ورؤيته جنة المأوى .. هي أمور سماوية وليست أرضية .. فلابد أن يكون قد حدث معراج وبجسده أيضا .. وإلا فلماذا اعترض عليه الكفار .. إذ لا يعترض أحد على منام كما تصور البعض أن هذا معراج منامي ؟!!

 

#- ورحم الله الإمام إسماعيل الأصبهاني "قوام السنة" (المتوفى: 535هـ) إذ قال في تفسير آيات سورة النجم: وأجمع العلماء على أنّ النبي صلى الله عليه .. عُرج به. (إعراب القرآن لإسماعيل الأصبهاني "قوَّام السنة" ص408).

 

ب- المهم عندنا أن العلماء قالوا بحدوث معراج للنبي في سورة النجم يقينا وتحقيقا لا خلاف فيه .. وذلك من أول قوله تعالى (ولقد رآه نزلة أخرى) في اتفاق الجميع .. وفي رأيى آخر من أول (ثم دنا فتدلى) .. وذلك طبعا بغض النظر عن كيفية حدوث هذا المعراج سواء مناما أم جسدا .. وبغض النظر عن كونه هو المشار إليه في أحاديث المعراج أم معراج آخر .. وهذه أمور فرعية أذكرها في البند التالي سريعا لأنه سبق مناقشتها بتوسع في أكثر من ثلاثة فصول في جزء الإسراء.

 

#- ثالثا: اختلفوا في كيفية حدوث هذا المعراج ..

1- عموما وغالب العلماء قالوا عن معراج سورة النجم: كان المعراج يقظة وبالجسد والروح.

 

2- البعض نظر إلى آيات سورة النجم .. بأنها تشير إلى معراج منامي ثم معراج في اليقظة .. أو معراج منامي فقط .. أو معراج يقظة بصورة روحانية .. وسبق شرح كل ذلك في أوائل فصول هذه الرسالة ..

 

#- والقول على المعراج بالمنام هو كلام غير معقول ولا يساعد أصحاب هذا الرأي ألفاظ آيات سورة النجم .. فقوله (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) هو لتحديد مسافة القرب وهذا لا يكون للأرواح .. وقوله (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) محال أن يكون للروح .. وقوله (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى) لا يجادله الكفار في منام رآه أو حالة روحانية حدثت له .. بل ولا ينكر الله عليهم عدم تصديقهم لرؤيا ..!! فهذا من المنكر عقلا تصديقه سواء مجادلة الكفار في رؤيا أو الظن أن الله يستنكر اعتراض الكفار على رؤيا ..، بل وقوله (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) لا يعقل أبدا القول أن المنامات من الآيات الكبرى .. وإلا كان ملك مصر الذي رأى الرؤيا التي فسرها له يوسف فهو حينئذ يقال عنه أنه ممن رأوا الآيات الكبرى بل وكان كافرا حينئذ ..!!

 

#- عموما أدلة القائلين بان المعراج كان مناما .. إنما هي أدلة لم يصح منها شيئا وكلها باطلة .. ويمكنك الرجوع للتوسع إلى الفصل الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر من السؤال رقم (33- إلى -38) ..، وكذلك الرجوع للفصل الحادي والثلاثون سؤال رقم (87).

 

@- وفي الفصل القادم إن شاء الله .. قد أذكر لكم رأيي الخاص في المسألة إلى أي رأي تفسيري أميل إليه ولماذا اخترت هذا الرأي .. وأرجو من الله التوفيق ..

- وقد أذكر بعض مسائل بسيطة في بعض الآيات .. وقد أذكر لكم رأي تفسيري كامل لتتصور كيف تفسير من قال برأي الصحابي بن عباس في رؤية ربه من خلال آيات المعراج ..

 

#- وإنما هذا أوان الرد على خرافة قصة ذهاب النبي لأعالي الجبال لينتحر وقد كرر هذا مرارا .. وهي القصة التي أشار إليها الإمام بن كثير في تفسيره .. وأبدأ بها الفصل القادم إن شاء الله. 

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 9 تعليقات:

  1. جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بالمزيد
    مما راق لي في الموضوع:
    وقالوا في مفهوم القرب والدنو .. أنه ليس قرب بالذات لأن ذلك مستحيل عقلا حدوثه لأن الله لا يحيط به مكان وكان النبي في مكان ..

    - وإنما المقصد من كلامهم هو ما ذكره الإمام نور الدين الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ): أنه قرب مكانه لا قرب مسافة .. وقرب إنعام لا قرب أقدام .. وقرب عناية لا قرب غاية .. (شرح الشفا – نور الدين القاري - ج1 ص44).

    ردحذف
  2. ما شاء الله استاذي
    زادكم الله قوة في العلم وصبرا ، وحكمة في إثبات الحق.

    دائما أفضل المفسرين هو ما يضع الاختلافات بحياديه .
    بخلاف من يضع الاختلافات ثم ينتظر لما يراه صحيحا بدليل من الأحاديث ويترك باقي الأدلة.

    فالحمد لله الذي جعلك لنا نورا نرى به أنوار الحق ، وتزول به عن شوائب الشك .

    منتظرين الفصل الجاي بفارغ الصبر استاذنا .
    دا هيبقى الtop بالنسبة لسورة النجم ❤️❤️❤️

    ردحذف
  3. طيب
    لحد الان مافيش حاجة واضحة تدل على المعراج من القرأن !!

    الجواب
    {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 33 - 35].

    مادخل هذه الأية يامجد بالمعراج ؟ هههههههههههه أنتم ضعفاء هههههههههههه
    الجواب
    الرب قال للانس والجن إذا أستطعتم النفوذ من أقطار = فأنفذوا بسلطان

    ماهو هذا السلطان ؟

    هل هو العلم هل هو الأرادة الإلهية ؟

    جوابي بما يخص موضوعنا ومش عاوز أتوسع = السلطان = الملائكة = بأمر الرب للملائكة بالسماح.

    قصدي
    لمن النبي أُعرج به إلى السماء = كان برفقة الملائكة ورئيسهم جبريل.
    أي
    سلطان النبي بالعروج كان جبريل رئيس الملائكة.

    أي أن جواز سفر النبي passport النبي كان الروح جبريل عليه السلام = سلطان النبي كان جبريل بأمر الله العظيم

    ردحذف
  4. {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 33 - 35].

    +
    ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ﴿٥٣ فصلت﴾

    +

    كلمات العروج بالقرأن

    يات ورد فيها "المعارج"

    مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴿٣ المعارج﴾
    وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴿٣٣ الزخرف﴾

    +
    تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴿٤ المعارج﴾
    وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴿١٤ الحجر﴾
    يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴿٥ السجدة﴾
    يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ﴿٢ سبإ﴾
    هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿٤ الحديد﴾

    +
    ( وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا) (93).الإسراء.

    مجد يقول : هذه الأية واضحة وضوح الشمس بالمعراج = قصدي لمن قالوا : ولن نؤمن لرقيك = قصدي إيش معنى لمن قالوا أو ترقى في لسماء ولن نؤمن لرقيك ؟
    وبقية التحديات لم يقولوا ولن نؤمن ؟

    قصدي
    الرسول جاوبهم وقال لهم : قد رقيت السماء عرجت إلى السماء صعدت إلى السماء = فردوا عليه ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه !!

    هل أفتهملك قصدي ياأستاذ خالد ؟

    ردحذف
  5. (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ...)
     [آل عمران:37].

    يُخْبِرُ رَبُّنَا أَنَّهُ تَقَبَّلَهَا مِنْ أُمِّهَا نَذِيرَةً، وَأَنَّهُ أَنْبَتَها نَباتًا حَسَنًا،
    أَيْ: جَعَلَهَا شَكْلًا مَلِيحًا، وَمَنْظَرًا بَهِيجًا، وَيَسَّرَ لَهَا أَسْبَابَ الْقَبُولِ، وَقَرَنَهَا بِالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ تَتَعَلَّمُ مِنْهُمُ العلمَ والخيرَ والدِّين...

    يارب تقبلنا قبولا حسنا...

    ☆❤️☆❤️☆

    اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...

    ردحذف
  6. جزاك الله كل خير يا أستاذ خالد..
    ربنا يكتب لحضرتك كل الخير والتوفيق ويعينك على إكمال المسير يارب العالمين..
    وجمعة مباركة على حضرتك وعلى أهل بيتك أجمعين اللهم آمين يارب العالمين.
    * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.

    ردحذف
  7. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺄﻟﻚ ﺃﺣﺪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻚ ﻭﺗﺮﺩ
    " ﺍﻟﺤﻤﺪﻟﻠّﻪ "
    ﻻ ﺗﺮﺩ ﺑﺈﻧﻜﺴﺎﺭ وﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﺤﻤﺪﻟﻠﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﺃﻟﻢ .
    ﺍﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻠّﻪ ﻭﺍﻓﻬﻢ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻤﺪ
    ((ﻗﻞ ﺍﻟﺤﻤﺪﻟﻠّﻪ )) ﻭَﺃﻧﺖ ﻣﺒﺘﺴﻢ ﻭﺃﻧﺖ ﻣﺘﻴﻘﻦ ﺑﻬﺎ .

    في كيفيه الحمد والعقل عاجز أن يدرك قدرته أو يحصي نعمه يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي 

    {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين}
    الله محمود لذاته،
    الله محمود لصفاته،
    الله محمود لنعمه،
    الله محمود لرحمته،
    الله ومحمود لمنهجه،
    الله محمود لقضائه،
    الله محمود قبل ان يخلق من يحمده.

    ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل الشكر له في كلمتين اثنتين هما.     ( الحمد لله. )

    ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه علمنا صيغة الحمد.
    فلو أنه تركها دون أن يحددها بكلمتين.. لكان من الصعب على البشر أن يجدوا الصيغة المناسبة ليحمدوا الله على هذا الكمال الالهي.

    ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أعطانا صورة العجز البشري عن حمد كمال الالوهية لله، فقال:
    «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك»

    وكلمتا الحمد لله، ساوى الله بهما بين البشر جميعا، فلو أنه ترك الحمد بلا تحديد، لتفاوتت درجات الحمد بين الناس بتفاوت قدراتهم على التعبير.

    فهذا أمي لا يقرأ ولا يكتب لا يستطيع أن يجد الكلمات التي يحمد بها الله.

    وهذا عالم له قدرة على التعبير يستطيع ان يأتي بصيغة الحمد بما أوتي من علم وبلاغة. وهكذا تتفاوت درجات البشر في الحمد..طبقا لقدرتهم في منازل الدنيا.

    ولكن الحق تبارك وتعالى شاء عدله أن يسوي بين عباده جميعا في صيغة الحمد له..فيعلمنا في أول كلماته في القرآن الكريم.. أن نقول {الحمد للَّهِ}

    ولذلك فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى على أنه علمنا كيف نحمده وليظل العبد دائما حامدا.. ويظل الله دائما محمودا.

    إن كل شيء في هذا الكون يقتضي الحمد، ومع ذلك فإن الانسان يمتدح الوجود وينسى الموجود!!

    فأنت حين ترى زهرة جميلة مثلا.
    فتقول: ما أجمل هذه الزهرة أو هذه الجوهرة أو هذا المخلوق..ولكن المخلوق الذي امتدحته، لم يعط صفة الجمال لنفسه..فالزهرة لا دخل لها أن تكون جميلة أو غير جميلة، والجوهرة لا دخل لها في عظمة خلقها.
    وكل شيء في هذا الكون لم يضع الجمال لنفسه وانما الذي وضع الجمال فيه هو الله سبحانه وتعالى، فلا نخلط ونمدح المخلوق وننسى الخالق.

    تفسير الشعراوي.

    ردحذف
  8. رساله لقلبك..

    ليس كل وجع شقاء وهم..
    وكثيراً ما نحتاج أن نمتن لأوجاعنا ونتأملها ونستفيد منها..

    كثيراً ما نحتاج أن نفهم ونتعلم من دروس الحياة القاسية لباقي حياتنا..
    هناك وجع يبنيك..
    وجع يحييك..
    وجع ينبت الأمل والصبر في قلبك..
    وجع يعلمك التعلق بذات الله واليقين بقدرته وضعفك وحاجتك إليه..

    هناك وجع يفتح عيونك لتبصر حقائق الحياة..
    ووجع يعلمك الرضا والحمد ويعلمك أن ما يختاره الله لك أفضل مما تختاره لنفسك..

    هناك وجع يصقل نفسك لتفرح بكل شئ مهما كان بسيطاً ،
    لأنك تخاف أن تفقده كما فقدت غيره..

    هناك وجع يعلمك الإمتنان لكل نعمة في حياتك ، والفرح الغامر بها لأنك ذقت طعم الحرمان وعرفت معنى عدم الأمان
    وعلمت أنه لا يجب أن تتعامل  مع النعم علي أنها أمور مفروغ منها ..

    وجع يعلمك أن تمتن لأبسط الأشياء التي يقدمها لك غيرك ، لأنك جربت تخلي الآخرين وإهمالهم في أوقات كانت أبسط الأشياء سترضيك لكنها ثقلت عليهم ، وأدركت  أن تقديم اليد بالعون والإحسان ليس حقاً علي الآخرين نحوك بل هو فضل وإحسان..

    هناك وجع يعلمك أن تكون حنوناً ومحباً ومهتماً ، تسارع بالخير ولا تستصغر شيئاَ تصنعه ، فقد يكون هو ما يحتاجه إنسان ليتمسك بالحياة..

    إمتن لأوجاعك وتعلم منها ، فأنت إن لم تستوعب دروس الحياة من المرة الأولى ، فسوف تعيد الحياة دروسها عليك ثانية مرات ومرات حتى تتعلم..

    ردحذف
  9. جزاك الله كل خير وامدك بالقوة والصحة
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف