ج80: قصة الإسراء والمعراج - هل النبي حاول الإنتحار مرارا وكان يذهب إلى أعلي الجبال ليلقى نفسه وذلك حينما انقطع عنه الوحي في أول بعثته - تحقيق أكذوبة وخرافة قصة حزن النبي ومحاولة انتحاره حينما انقطع عنه الوحي لعدة أيام - افهم قبل أن تتهم الإمام البخاري.

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الثمانون)

#- فهرس:

:: الفصل الثمانون :: عن رحلة المعراج - الجزء الثامن عشر/ عن المعراج لمقام الخصوصية الذي قال فيه النبي (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى) وفيه تم فرض الصلوات الخمس ::

1- س194: هل حاول النبي الإنتحار مرار وكان يذهب إلى أعالي الجبال محاولا الإنتحار بإلقاء نفسه من فوقها وذلك حينما أنقطع عنه الوحي في بداية بعثته ؟

@- تحقيق أكذوبة وخرافة قصة حزن النبي عند انقطاع الوحي وذهابه إلى رؤوس الجبال محاولا الإنتحار.

#- ملحوظة هامة جدا عن ذكر قصة الإنتحار في صحيح البخاري.

#- افهم قبل أن تتهم الإمام البخاري.

*******************

:: الفصل الثمانون ::

*******************

 ..:: س194: هل حاول النبي الإنتحار مرار وكان يذهب إلى أعالي الجبال محاولا الإنتحار بإلقاء نفسه من فوقها وذلك حينما أنقطع عنه الوحي في بداية بعثته ؟ ::..

@- تحقيق أكذوبة وخرافة محاولة انتحار النبي مرارا من فوق رؤوس الجبال عندما انقطع  عنه الوحي في أول بعثته.

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أصحاب الرأي الأول من المفسرين القائلين بأن ما رآه النبي في سورة المعراج هو جبريل .. نجد بعضهم يستدل برواية لم ينتبه لما فيها وقد اختلط عليه الحديث الموقوف وهو كلام السيدة عائشة .. بالأثر المنقول عن الإمام الزهري التابعي الذي ذكره تعقيبا على حديث السيدة عائشة .. وهذا الأثر هو المذكور في الرواية التالية:

 

أ- هذه الرواية أتت في صحيح البخاري بلفظ: قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : (أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ .. فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ "أي يتعبد" فِيهِ .. وَهُوَ التَّعَبُّدُ .. اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ "أي ليالي متعددة مدتها ثلاث أيام أو أكثر" .. وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ "أي يأخذ الطعام والشراب الذي يكفيه طول إقامته في الغار".. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ "أي كلما انتهى طعامه وشرابه" فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا .. حَتَّى فَجِئَهُ "أي ظهر له فجأة" الحَقُّ "أي نزول الوحي" وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ .. فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ .. فَقَالَ: اقْرَأْ .. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي "أي ضمني لنفسه وهو يحتضني بقوة" حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ "أي أصابني إرهاق من شدة الضم"، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ .. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ .. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ .. ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]- حَتَّى بَلَغَ - {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5] ....

 

#- "ثم حكت السيدة عائشة في الرواية السابقة بعد ذلك قصة رجوع النبي إلى السيدة خديجة وقال لها "زملوني زملوني" "أي غطوني".. ثم ذهابهما لورقة بن نوفل" .. إلى أن قالت: (وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً "أي انقطع تواصل جبريل لعدة أيام").

 

#- ثم قالت الرواية: (حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا .. حُزْنًا .. غَدَا مِنْهُ مِرَارًا (أي ذهب بسبب هذا الحزن عدة مرات) كَيْ يَتَرَدَّى (يسقط أو يلقي نفسه) مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ (أي أعالي) الجِبَالِ .. فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ (أي أعلى قمة في) جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ (أي يظهر له) جِبْرِيلُ .. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ (أي يسكن اضطراب نفسه) ، وَتَقِرُّ (أي تطمئن) نَفْسُهُ .. فَيَرْجِعُ .. فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ (أي لما تأخر عليه الوحي ذهب مكررا محاولة الإنتحار مرة أخرى) .. فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ .. تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ) رواه البخاري في صحيحه.

 

ب- ولكن هذه الرواية في جزئها الأخير من أول (حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا .... إلى آخر الرواية) هو جزء باطل ومكذوب على النبي وليس ضعيف فحسب كما أشار بعض العلماء .. لأن الجزء الأول هو من كلام السيدة عائشة حتى لفظ (وفتر عنه الوحي) .. وانتهى كلامها.

 

- أما ما بعد ذلك من ذكر قصة الحزن ثم محاولة الإنتحار مرار .. إنما هو تعقيب على كلام السيدة عائشة من كلام التابعي (ابن شهاب الزهري) وليس من كلام السيدة عائشة .. فانتبه .. لأنه جاء في الرواية (فيما بلغنا) وهذا بلاغات الزهري .. يعني الحديث لم يسمعه من صحابي أو حتى تابعي .. وإنما من مصدر مجهول بل ومعلول وإلا كان ذكر اسمه ابن شهاب .. وهذا المجهول ذكر كلام فيه كذب على النبي فيما نقله عنه الزهري ..

- وإنما قلت كذب .. فذلك لفساد ما تم ذكره وبطلانه .. ليه ؟

 

1- لأن السند تالف وباطل .. - فالرواية توقفت عند (فتر الوحي عني فترة) .. وهذا هو ما قاله النبي بنفسه .. ولم يقل حزن ولم يقل أنه ذهب لينتحر .. أما ما جاء في الرواية التي نعترض عليها فالذي قال بجزئية حزن النبي وخرافة انتحار النبي هو الإمام الزهري فيما نقله عن مجهول الهوية .. وكأنه رحمه الله نقل القصة عن كائن فضائي .. !!

 

2- أما عن المتن فقصة الحزن المصحوب بالإنتحار .. تخالف ما جاء في (حديث صحيح) .. عن جابر بن عبد الله الذي قال أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الوَحْيُ فَتْرَةً، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُئِثْتُ مِنْهُ (أي فزعت من هول هذا المشهد)، حَتَّى هَوَيْتُ (أي سقطت) إِلَى الأَرْضِ (أي ثم نهضت ورجعت) ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي (أي غطوني بسبب ما أصابي من شدة الفزع والخوف مما رأيته) .. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2] إِلَى قَوْلِهِ {وَالرُّجْزَ} [المدثر: 5] فَاهْجُرْ) "انتهى الحديث النبوي هنا" ....، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ (أي أحد رواة الحديث): وَالرِّجْزُ: الأَوْثَانُ) صحيح البخاري.

 

#- وفي (حديث صحيح) آخر عن جابر بلفظ مختصر عن النبي قال فيه: (ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الوَحْيُ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) صحيح البخاري.

 

3- والذي يؤكد أن المتن الخاص في الرواية بقصة الإنتحار هو خرافة بكل يقين ... هو لو افترضنا القول بأن النبي حزن حتى ذهب لينتحر .. فهذا معناه اتهام للنبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أمور خطيرة جدا وفيها إسقاط لمقام النبوة:

- الأول: أنه غلبه اليأس والرجاء من الله (وحاشاه) .. فأصابه انهيار نفسي حتى فقد عقله وذهب لينتحر ؟!! وطالما فقد عقله كيف يكون نبي ؟!! وحاشاه صلى الله عليه وسلم .. بل الذي يقول عن النبي ذلك هو الذي في عقله شيء ..!!

 

- الثاني: أن الشيطان استغل حزنه وضعفه ويأسه حتى وسوس له وتمكن منه (وحاشاه) .. حتى بلغ به الأمر إلى أن ذهب لأعلى جبل ليسقط منه فيقتل نفسه ؟!! وحاشاه صلى الله عليه وسلم .. بل الذي يقول ذلك في النبي هو الذي مسه شيطانه فوسوس صحة قصة انتحار النبي في نفسه وزينها له .. ليظن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

- الثالث: أن النبي لم يصدق أنه رسول الله .. فكان يذهب مرار للإنتحار ليتأكد من ذلك من خلال محاولته للإنتحار .. لأنه لو فعل ذلك فالله سينجيه وسيمنعه من هذا الفعل ؟!!

- وكأننا نتهم رسول الله (وحاشاه) .. بأن الشيطان وسوس إليه ليجرب الله أي يختبر الله لأنه شك في كونه نبيا رسولا ؟!! إذ قال له الشيطان: لو كنت نبيا اذهب للجبل حتى تلقي بنفسك فإن كنت نبيا رسولا سينجيك الله حقا .. فصدق النبي كلام الشيطان واتبعه وذهب ليفعل ذلك ..!! وحاشاه صلى الله عليه وسلم ..

 

#- فيا لهذه القصة وما تحمله من أكاذيب في حق النبي صلى الله عليه وسلم .. وهو بريء منها صلى الله عليه وسلم .

 

4- بل والمتن الخاص بقصة الإنتحار هو أكذوبة ومخالف للقرآن تماما .. لأن الجزء الاخير الذي قال بقصة انتحار النبي .. جاء فيه بالكذب على النبي عن المجهول الذي نقل عنه الإمام الزهري .. أن النبي حزن حتى ذهب مرارا محاولا الإنتحار .. وفي كل مرة كان يتجلى أي يظهر له جبريل فيطمئنه .. وهذا كلام كذب ومعارض للقرآن ... ليه ؟

 

- لأن الله يقول في حق نبيه: (ما كذب الفؤاد ما رأى) وكان جبريل عليه السلام هو المقصود بذلك (في أحد رأيي التفسير) وكان ذلك عند بداية نزول الوحي وخروج النبي من عار حراء ورؤيته لجبريل على هيئته الملائكية .. ورب العزة ذكر هذه الآية في محاجاة الكفار والرد عليهم لتبرئة النبي أن فؤاده لم يكذب في رؤيته لجبريل ولا شك أبدا أنه رسول رب العالمين ..

- أبعد هذا نقول: أن النبي أصابه اليأس والإحباط وذهب لينتحر ؟!!

- فهل غابت العقول أم على القلوب أقفال ؟!!

 

5- لا أدري كيف نصدق أو نعقل في حق النبي صلى الله عليه وسلم .. بعد أن أصبح نبي فعلا ونزل عليه الوحي في غار حراء وضمه جبريل وتلا عليه قرآن .. ثم يقال بعد ذلك أنه حزن لانقطاع الوحي حتى ذهب لينتحر ؟!!

- طيب ليه ينتحر أصلا .. إذا كان قبل نزول الوحي لم ينتحر ؟!! أبعد نزول الوحي يذهب للإنتحار ؟!!

- أهذا كلام يقبله القلب أو العقل ؟!! أكيد .. لا .. فكل نبي مؤيدا في قلبه بالله ..

 

6- وعجبا لمن يصدق قصة محاولة انتحار النبي حينما فتر عنه الوحي .. فهو بذلك يقر: بأن إيمان أم موسى أرقى من إيمان النبي .. لأن الله قد وقر في قلبها بأن لا تخاف ولا تحزن فصدقت ..، ولكن لما أتى النبي الوحي وأخبره أنه رسول الله فلم يوقر ذلك في صدره بأنه نبي ورسول الله وذهب لينتحر كذا مرة ؟!!

- وحاشاه صلى الله عليه وسلم.

 

#- بل هذه قصة محاولة النبي للإنتحار إنما هي قصة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم .. ولم يذكرها أي صحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما هي قصة قد ذكرها الإمام الزهري وهو من التابعين وقد بلغته عن شخص مجهول الهوية ولم يذكره لنا وكأنه ينقل القصة عن كائن فضائي .. وذكر عن هذا الكائن الفضائي قصة انتحار النبي المكذوبة على النبي بكل تأكيد دون أدنى شك .

 

7- بل ومن وقاحة قصة الإنتحار .. أنها تقول بتكرار حدوث محاولة النبي للإنتحار مرار أي تكرر فعل النبي في محاولة الإنتحار .. وفي كل مرة كان يرى جبريل فيطمئنه ..!!

- نحن لا نتكلم عن نبي حينئذ .. وإنما نتكلم شخص مضطرب نفسيا بلغ به الإكتئاب مبلغا حتى تمكن اليأس من قلبه .. وذهب لينتحر .. وكيف ذلك وهو سيد العقلاء والحكماء وسيد الأنبياء والمرسلين .. وسيد ولد آدم أجمعين ؟!!

- يا ناس .. كيف تتقبلون مثل هذه الروايات دون انتباه ؟!!

 

8- وأقصى ما يقال لو أن افترضنا أن النبي أصابه حزن في فترة انقطاع الوحي (وإن كان هذا لم يأتي ذكره في الروايات) .. فهذا حينئذ يوصف بكونه حزن المحبين الراجين .. وليس حزن اليائسين القانطين .. وحزن المحب إنما هو لشدة اشتياقه لربه وحبا في مجالسته ومؤانسته إلا أنه قد يشعر بأنه لم يوفي الله حقه .. فهذا حزن المحب الراجي .. وما زاد على حزن المحبين الراجين في حق النبي .. فهو كلام خرافة وباطل ولا يقبله مؤمن ولا يتصوره العقل في حق نبي من أنبياء الله..!!

 

#- وكما قلنا أن مسألة حزن النبي في فترة انقطاع الوحي لم تأتي في حديث صحيح ..!! وطبعا جزئية الإنتحار هي جزء مكذوب على النبي بلا شك ..!!

 

9- لا أدري لماذا البعض يحلو له ذكر هذه الرواية دون الطعن فيها بكل قوة .. وهي رواية أصلا فيها من كل الطعن مباح سواء إسنادا أو متنا ..!!

 

- فلا الراوي لهذا الجزء الخاص بالإنتحار كان هو عائشة كما يتوهم البعض .. ولا الحديث صحيح كما يتوهم البعض .. ولا المتن يمكن أن يصح إلا لو شخص ظن في النبي أنه كانت تنتابه حالات يفقد فيها عقله (وحاشا) ..!!

 

@- ملحوظة هامة جدا عن ذكر قصة الإنتحار في صحيح البخاري:

- افهم أولا قبل أن تتهم الإمام البخاري.

- ليس معنى وجود قصة الإنتحار في صحيح البخاري .. أن هذا معناه بأن هذه القصة صحيحة .. لا .. لأن هذا ليس على شرط البخاري أصلا .. وإنما ذكر البخاري هذا الجزء من القصة كتعقيب على رواية السيدة عائشة .. كجزء بلغه فيه حكاية عن الزهري.

 

- ولكن هذا الأثر الذي في ختام رواية السيدة عائشة والذي قاله الإمام الزهري نقلا عن مجهول .. ليس يعتبر من أحاديث صحيح البخاري ولا من شرطه .. لأن ما يعتبر من صحيح البخاري هو ما يكون مسندا للنبي صلى الله عليه وسلم .. أي قاله النبي أو فعله أو أقره .. فانتبه ..

 

#- خلاصة القول:

1- أن قصة انتحار النبي عند فترة انقطاع الوحي .. هو خرافة وأكذوبة .. وباطلة جدا...، فلا النبي حزن ولا النبي ذهب لينتحر ..!!

- علما بأن فترة انقطاع الوحي لم تتجاوز عدة أيام .. وفي ذلك تفصيل لا داعي لذكره ولسنا في حاجة له.

 

2- ليس معنى وجود قصة أو رواية في البخاري .. فهي تكون من شرط البخاري الذي اشترطه في ذكر أحاديثه .. أي ليست من صحيح ما التزم في نقله عن النبي .. لأن الصحيح مرتبط في صحيح البخاري فقط فيما تم روايته عن قول النبي أو فعله أو تقريره .. أما عن القصص الموجودة في صحيح البخاري عن بعض التابعين أو أقوالهم أو أفعالهم أو حتى قصص بعض الصحابة .. فهذا لا علاقة له في الأصل بلفظ صحيح البخاري .. وإن كان البخاري ذكرها في صحيحه فهي مجرد متابعات أو ملحقات كأنها مثل شواهد يكتبها تحت أحاديث صحيحه من باب أنها بلغته فذكرها وليس لأنها صحيحة أو ضعيفة وإن كان يتحرى فيها صحة السند أيضا ..

 

- بل يوجد في كتاب صحيح البخاري أحاديث نبوية ضعيفة لأنها ليس لها إسناد وتسمى بالمعلقات .. ولا يقبلها العلماء إلا لو وجدوا لها سند متصل عند أحد رواة الحديث .. وما عدا ذلك فيبقى الحديث ضعيف طالما بدون سند ... وهذه أمور معلومة للدارسين .. بل والبخاري نفسه يعلمها ..!!

                          

- بل وهناك أحاديث صحيحة السند ومنسوبة للنبي وأنكر بعض العلماء متنها .. كحديث المعراج الذي ذكره شريك بن عبد الله بن نمر عن أنس بن مالك .. وقد سبق وتكلمنا كثيرا عن هذه الرواية في رسالتنا هنا.

 

- فالبخاري ليس معصوم من الخطأ .. ولكن من الكذب أن تشهد على البخاري شهادة زور وتزعم أنه كتب أحاديث ليست من أحاديث النبي .. فأنت حينئذ شخص كذاب وشاهد زور .. وموعدك الله وليس الدنيا .. وإن كان حقوق العباد تحيطك كطوق في حياتك لا ينجو منه أحد إلا من صدق بتوبته إلى الله .

 

- وسيأتي معنا شبهة لبعض من شهد على البخاري شهادة زور .. وقال عنه أنه أول من نقل أحاديث المعراج وأول من اختلق وجودها ..، وستجد ردا صادما في وجه هؤلاء من شهدوا زورا على البخاري .. فصبر جميل .. حتى يأتي موعد الرد على شبهاتهم.

 

#- وأكتفي في هذا الفصل فقط .. بالرد على خرافة محاولة النبي للإنتحار بسبب انقطاع الوحي عنه لعدة أيام .. وهي قصة أحيانا يذكرها بعض المفسرين وأصحاب السيرة في رؤية النبي لجبريل كذا مرة في بداية البعثة .. والبعض يذكرها وكأنها حقيقة قد حدثت فعلا ..!! وهذا غريب ..!!

 

@- والفصل القادم إن شاء الله نستكمل حديثنا عن آيات سورة المعراج .. وأرجو من الله أن يكون فيه تذوق جيد لأصحاب الرأي الثاني الذين اختاروا كلام الصحابي بن عباس في تفسير آيات سورة النجم في الرؤيتين على أنهما كانتا ليلة المعراج وكان المقصود منهما رؤية النبي لربه وليس لجبريل .. والله ولي التوفيق ..   

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .