بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة
#- فهرس:
:: الفصل الحادي والثمانون :: عن رحلة المعراج - الجزء
التاسع عشر/ عن المعراج لمقام الخصوصية الذي
قال فيه النبي (فَأَوْحَى اللهُ إِلَىَّ مَا
أَوْحَى) وفيه تم فرض الصلوات الخمس ::
1- س195: ما الذي أتفق واختلف فيه مع الرأي الأول والثاني في تفسير آيات الرؤية الأولى
من سورة النجم ؟
#- أولا: ما أراه في تفسير قوله تعالى: (عَلَّمَهُ
شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى).
أ-
على افتراض أن المرئي هو الله .. وذلك في رؤيا منامية.
#- هل هناك تعارض بين حديث (فيما
يختصم الملأ الأعلى) وقوله تعالى (مَا كَانَ لِيَ
مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) ص:69 ؟
ب-
رأي آخر أميل إليه ولكن لي تعليق عليه: هو أني أتفق مع
أصحاب الرأي الأول وعموما أصحاب الرأي الثاني في قوله (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6)
وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) .. هو جبريل
عليه السلام ..
#- ثانيا: ما أراه في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ
أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)).
أ-
لماذا أميل لمفهوم أن الدنو والتدلي هو بين النبي وربه ؟
ب-
عن مفهوم قوله تعالى (دنا فتدلى) ..
ج-
عن مفهوم بعض ألفاظ (قاب قوسين أو أدنى) (فأوحى إلى عبده ما أوحى).
#- ثالثا: ما أراه في تفسير قوله تعالى: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)).
أ- لو فسرنا الآية على أنها رؤيا منامية بالقلب ..
ب- الذي يثبت أيضا أن قوله (ما كذب الفؤاد ما رأى) أنه رؤية منام وليس معراج اليقظة
بجسده الشريف الذي أتى بأحاديث الإسراء والمعراج ..
ج-
لماذا ينفي الله التهمة عن قلب النبي لو كان المقصود هو رؤية النبي لجبريل
؟!!
د-
لماذا قال الله (ما كذب الفؤاد) ولم يقل
"ما كذب القلب" ؟
هـ- هل يمكن القول في قوله (ما كذب الفؤاد ما رأى)
أنها تتعلق برؤية النبي لربه وهو في الأرض ؟
@- الفرق
بين القلب والفؤاد .
#- ختاما لهذا الفصل: أريد أن أُذكِّرك أخي الحبيب بأن رؤية النبي بقلبه كرؤيته بعينه كما قال بذلك العلماء..
*******************
:: الفصل الحادي والثمانون ::
*******************
..:: س195: ما الذي أتفق واختلف فيه مع الرأي الأول والثاني في تفسير آيات الرؤية الأولى من سورة النجم ؟ ::..
#- قلت
(خالد صاحب الرسالة):
- في
الفصول السابقة كنت تكلمت عن رؤية الله واختلاف الصحابة والعلماء في ذلك .. ثم تكلمنا عن تفسير الصحابة واختلافهم في الآيات الأولى
من سورة النجم .. ثم تكلمنا عن تفسير العلماء في نفس الآيات واختلافاتهم كنتيجة
متوقعة لاختلاف الصحابة في ذلك .. ومن هذا وذاك أحببت أن أذكر ما أميل إليه في
اختلاف الآراء كنتيجة لهذا البحث السابق في الفصول السابقة .. والله ولي التوفيق.
@- وللتذكرة بالمقصود بأصحاب الرأي الأول والثاني:
أ- فإن أصحاب الرأي الأول: هم الذين قالوا بأن النبي لم يرى الله في ضوء
آيات سورة النجم وإنما الآيات تتكلم عن رؤية النبي لجبريل عليه السلام مرتين..
#- ملحوظة: أصحاب هذا الرأي يجيزون رؤية النبي لله في
معراج آخر جاء في الأحاديث – وكذلك يجيزون رؤية النبي لربه في المنام.
ب- أما أصحاب الرأي الثاني: فهم الذين يقولون أن النبي رأى ربه في ضوء
آيات سورة النجم وليس المقصود بالرؤية في الآيات هو جبريل ..
#- ملحوظة: أصحاب هذا الرأي يعتبرون أحاديث المعراج هو
ما أشارت إليه سورة النجم – وأيضا يقولون بجواز رؤية النبي لربه في المنام ..
@- وعموما
عقيدة أهل السنة والجماعة .. تجيز
رؤية النبي لربه في الدنيا والآخرة .. ورؤيته في الدنيا ليس عن رؤية للذات الأحدية
وإنما من خلال تجلي نوراني عليه فيكاشف قلب النبي برؤيته وكلامه وذلك حسب ما أراد
الله له في ذلك أن يكاشفه في قلبه.
- يقول تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا
ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ
إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى
(6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا
كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ
رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ
الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ
وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:1-18.
=======================
#- أولا: ما أراه في تفسير قوله تعالى: (عَلَّمَهُ
شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى)
..
- في هذه الآيات أتفق مع أصحاب الرأي الثاني على رؤية الله ولكن مناما وليس يقظة .. وكذلك اتفق أيضا مع أصحاب الرأي الأول على رؤية جبريل عليه السلام لو افترضنا ذلك .. ولا تستغرب من ذلك .. ولكن لماذا أميل لهذا وذاك ؟
- لأن هذه الآيات الثلاثة
أراها يمكن تفسيرها منفصلة عما سيأتي بعد ذلك .. في أن المقصود بذلك جبريل عليه
السلام .. وأن الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم هو جبريل عليه السلام وهو شديد
القوة لقوله تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ
كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) التكوير19-20. أي هو
صاحب قوة ظاهرة تؤهله لردع وقهر أمور في الدنيا حسب مراد الله وله قوة باطنة من
الأمانة والحفظ وحب الله تؤهله لأداء الرسالات للبشر .. وهو مكين أي صاحب مكانة
ومنزلة رفيعة عند الله .. وهو المتلقي الأوامر من عند صاحب العرش جل شأنه ليقوم
بتنفيذها.
@-
ملحوظة: في اعتقاد بعض
أصحاب الرأي الثاني .. أن المقصود بشديد القوى هو الله .. ولعلهم
في ذلك قد اجد لهم ما يؤيد تفسيرهم في قوله تعالى: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا
فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ
يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ
الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا
يَجْحَدُونَ) فصلت:15.
#- علما بأن أصحاب الرأي الثاني
غالبهم يميلون إلى أن تفسير الآيات: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)
ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) .. يقصد بها جبريل عليه السلام
كما هو أصحاب الرأي الأول.
@-
إلا أن قليل من أصحاب الرأي الثاني يقول: بأن المقصد بالمُعلِّم هنا هو
الله .. وجعلوا من وصف (ذو مِرة) هو لله بمعنى الموصوف بالجمال والجلال .. وجعلوا
كلمة (فاستوى) هي للنبي .. والمعنى أن الله تجلى على نبيه بجماله وجلاله حتى استوى
في قلبه كمال العبودية لله .. ثم (هو) من كمال عبوديته لله قد تمكن من الوصول إلى
الله (بالأفق الأعلى).
-
وهذا التفسير الأخير شاذ جدا ولا يتفق مع سياق كلام القرآن .. وتشعر منه وكأنه تطويع للكلام
ليتناسب مع صاحب الرأي ..!!
-
وكان من الأفضل أن يقال لمن يظن ان المرئي بالأفق الاعلى هو الله فيقول مثلا: "أن معلم النبي الذي أوحى
إليه هو الله الشديد القوى صاحب الجلال والجمال .. (فاستوى) أي فاستقام له برؤيته
في أحسن صورة تمثل بها إليه حين كان النبي حاضرا بالأفق الأعلى .. ثم دنا اله من
نبيه وازداد قربا بتدليه عليه بهذه الصورة .. وأن هذه الصورة التي رآها ما كذبها
فؤاد النبي أنه رأى الله .. إلى آخر
الآيات .." والله أعلم.
#-
ولكن ما أميل
إليه هو تفسيران وأذكرهما لك:
- الأول: على
افتراض أن المرئي بالأفق الأعلى هو الله .. وذلك يكون في رؤيا منامية:
-
وهذا التفسير السابق الذي أميل إليه .. معناه أني أقول بتفسير الرؤيا
الأولى من سورة المعراج على أنها رؤيا منامية .. وسيأتي تفصيل ذلك بعد قليل عند
قوله (ما كذب الفؤاد ما رأى).
-
ووصف (ذو مرة): قد ذكره الله لنفسه (لو افترضنا
ذلك) .. لأنه اختص به وصف نفسه بصورة معينة أتى بها النبي في منامه .. فيكون معنى
(مِرَّة) هنا يقصد بها إتيانه للنبي بصورة حسنة .. فوصف (المِرَّة) هنا إنما هو
للصورة التي أتى بها للنبي فرآه بها .. وليس وصف للذات الإلهية كما ظن البعض .. فانتبه .. (وهذا ما أرضاه في
التفسير لو افترضت أن الرؤيا لله في تلك الآيات) . والله أعلم .
-
فيكون معنى الآيات: أن الله هو من علم النبي .. إذ
هو شديد القوى .. من أوصافه الجميل الحكيم .. (فاستوى) أي فاستقام للنبي برؤيته في
أحسن صورة تمثل بها إليه حين كان النبي حاضرا بالأفق الأعلى .. ثم دنا إلى من نبيه
وازداد قربا بتدليه عليه بهذه الصورة الحسنة التي رآه بها .. وأوحى إليه من حكمته
ما أوحى .. وأن هذه الصورة التي رآها ما كذبها فؤاد النبي أنه رأى الله .. إلى آخر الآيات ..". والله أعلم.
#- الثاني: رأي آخر أميل إليه ولكن لي تعليق
عليه:
- هو أني أتفق مع أصحاب الرأي الأول وغالب أصحاب الرأي الثاني في قوله (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6)
وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) .. هو جبريل
عليه السلام ..
- فهو المعلم
للنبي بأمر الله .. وهو شديد القوى وهو ذو مِرَّة أي صاحب أمانة باطنة وقوة ظاهرة
ومكانة علوية وهيئة جمالية وجلالية خاصة .. فاستوى بها أي استقام بهذه الهيئة
للنبي وهو بالأفق الأعلى بالنسبة لأبعد جهة لبصر الإنسان للسماء يمكن إدراكها .. وعلى
هذا يتم تفسير قوله (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ
الْمُبِينِ) أنه الأفق الواضح المعالم لنظر
الإنسان .. فيكون الأعلى المبين .. أي أعلى نقطة واضحة يمكن أن يراها الإنسان
ببصره من تفاصيل .. والله أعلم .
#-
ومعنى (شَدِيدُ الْقُوَى . ذُو مِرَّةٍ): وقد وصف الله جبريل في آية أخرى بقوله (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) التكوير:20 .. وهو
مكين أي صاحب مكانة ومنزلة رفيعة عند الله .. وهو المتلقي الأوامر من عند صاحب
العرش جل شأنه ليقوم بتنفيذها.
- فيكون معنى (شَدِيدُ
الْقُوَى . ذُو مِرَّةٍ): أي هو صاحب قوة
ظاهرة تؤهله لردع وقهر أمور في الدنيا حسب مراد الله وله قوة باطنة من الأمانة
والحفظ والحكمة الخاصة ما يؤهله لأداء الرسالات للبشر .. وهو صاحب صورة وهيئة
ملائكية بديعة قد خلقه الله عليها.
-
وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم .. في صورته الملائكية مرة في في أفق
السماء من وجود النبي على الأرض ، ومرة فوق سبع سموات عند سدرة المنتهى ..
@-
تعقيب على الرأي
القائل بأن المرئي هو جبريل:
#- لم اجد
رواية صحيحة تقول: بأن جبريل قد استوى في السماء بهيئته الملائكية في
الأفق الأعلى من جهة السماء ثم ظل يدنو ويتدلى إلى أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من
النبي ؟!!
-
اللهم إلا إن كان هذا مجرد رأي تفسيري مستنبط من لفظ الآيات .. وليس عن أحاديث صحيحة قالت بذلك .. فيبقى
الرأي مجرد رأي محتمل ..!!
- والله أعلم
.
#- ملحوظة هامة
عن معنى الأفق الأعلى:
-
الأفق: هو لفظ يقال عن خط عنده ينتهي امتداد البصر وانت واقف
على الأرض وتنظر أمامك .. ولو كنت واقف أمام البحر فنهاية الأفق هو الخط الذي تراه
بعينك يجمع بين السماء والبحر وكأنهما متصلتين ببعض.. وهذا يسمى بالأفق الأرضي ..
-
أما الأفق الأعلى: فهو أقصى ما يمكن أن تنظر إليه العين من
ناحية السماء بصورة علوية وليس أرضية .. مثلما تنظر لشروق الشمس وبداية ظهورها
كاملة فهذا هو الأفق الأعلى .. أما الأفق الأدنى فهو أقصى ما تراه عينك كرؤيتك
سفينة من بعيد في عرض البحر أو كرؤيتك مدينة من بعيد جدا وبدأ يظهر لك أطراف
مبانيها .. والله أعلم .
=====================
#- ثانيا: ما أراه في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)).
-
(ثم) حرف عطف يفيد الترتيب مع
التراخي الزمني وليس الترتيب الفوري كفاء التعقيب .. كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا
أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا﴾
الزمر:21.
-
فأنت تلاحظ الترتيب ولكن مع تراخي الفترة الزمنية بين كل مرحلة .. فينزل الماء ثم يسكن الأرض ثم يخرج الزرع بعد
فترة زمنية ثم بعد فترة تزدهر ثماره وأزهاره ثم بعد فترة يتحول إلى مرحلة الجفاف
والإصفرار ثم بعد فترة يصبح هشيما مفتتا تطيح به الرياح في الهواء لضعفه وعدم
فائدته ..
-
إذن: حرف (ثم) يأتي على
الترتيب مع التراخي الزمني ..
-
ولذلك عند أصحاب الرأي الثاني القائلين برؤية الله ولكن فسروا ما قبلها من الآيات
برؤية جبريل بالأفق الأعلى اتفاقا مع أصحاب الرأي الأول .. فتكون (ثم) في الآية
عندهم في تفسيرهم تتكلم عن التراخي الزمني البعيد .. أي بعد أن رأى النبي جبريل
ونزل عليه الوحي .. ثم بعد فترة حدث للنبي معراج للنبي وفيه دنا من ربه وتدلى إليه
ربه بمزيد من القرب حتى كان قاب قوسين أو أدنى وأوحى إليه ما أوحى – (على اختلاف
في تفسير نسبة الدنو والتدلي لمن تكون .. أهما للنبي .. أم لله .. أم أحدهما للنبي
والآخر لله .. أو العكس) .
@-
والذي أميل إليه في تفسير هذه الآيات (ثم دنا فتدلى ....) .. هو أن الدنو والتدلي كان بين النبي وربه ..،
ويكون المعنى أن النبي دنا من ربه بالأفق الأعلى وتدلى له ربه بأحسن صورة في ذلك
الأفق .. ثم لم يكتفي بجعله يرى ذلك إلا أنه دنا لنبيه بهذه الصورة بل وتدلى إليه
أي ازداد قربا إليه بهذه الصورة الحسنة التي أتاه بها مناما وأوحى إليه ما أوحى ..
(هذا على تفسيري أن هذه الآيات
تتكلم عن رؤيا منامية – فلا تنسى ذلك).. ويمكن أن تقول: دنا بنبيه إليه
بجذبة روحية إليه حتى تدلى عليه بهذه الصورة الحسنة فرآه بهذه الصورة من مسافة
بقدر قاب قوسين أو أدنى .. وأوحى إليه ما أوحى.
@- ولا
أميل إلى الرأي التفسيري الأول القائل بأن جبريل هو من دنا فتدلى إلى النبي .. ليه ؟
- سأذكر لك
أسبابي في الإختيار .. ثم أذكر لك بعد ذلك بعض التعريفات في ألفاظ الآيات.
#- أولا: لماذا أميل لمفهوم أن الدنو والتدلي هو بين النبي وربه ؟
1-
كيف يكون المقصد من الدنو والتدلي هو جبريل من قوله (دنا فتدلى . فكان قاب قوسين أو
أدنى) .. إذا كان أول لقاء بين النبي وجبريل في غار حراء وهو
مكان لا يتسع إلا لفردين فقط .. فضلا عن أن جبريل عليه السلام احتضن النبي ثلاث
مرات ؟!!
-
فنحن حينئذ لا نتكلم عن مسافة بقرب قوسين وإنما عن تلامس مادي جسدي تخطى حدود
المقابلة عن مسافة ..!!
-
فاللقاء الأول بين جبريل والنبي ضم جبريل النبي إليه محتضنا له وضمه إليه في غار
حراء .. ثم لما خرج النبي من الغار خائفا من هول ما تم مفاجئته به .. وأثناء رجوعه
ظهر جبريل جالسا على كرسيه بين السماء والأرض عند رجوع النبي مسرعا للسيدة خديجة
.. ولم يظهر لنا في الروايات أنه كان جالسا بهيئته الملائكية على الكرسي .. ولو
كان ظاهرا بهيئة ملائكية فكيف كان النبي سيعرف أن هذا ما رآه في غار حراء ؟!! بل
وما فائدة جلوسه على كرسي وهو بهيئة ملائكية ؟!!
@-
ولكن في كل الأحوال: لم تقل هذه الرواية أنه نزل إلى النبي من على كرسيه واقترب منه وتدلى إليه .. ولم تقل الرواية أنه
اقترب بكرسيه وهو جالس عليه من النبي .. وهذه هي الرواية ..
- جاء
في (حديث صحيح) ..
عن جابر بن عبد الله الذي قال أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الوَحْيُ
فَتْرَةً، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ
بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ (أي بغار حراء) ..، قَاعِدٌ
عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُئِثْتُ مِنْهُ (أي فزعت من هول هذا المشهد)،
حَتَّى هَوَيْتُ (أي سقطت) إِلَى الأَرْضِ (أي ثم
نهضت ورجعت) ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ:
زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي (أي غطوني بسبب ما
أصابي من شدة الفزع والخوف مما رأيته) ..
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ}
[المدثر: 2] إِلَى قَوْلِهِ {وَالرُّجْزَ} [المدثر: 5] فَاهْجُرْ) "انتهى الحديث النبوي هنا"
....، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ (أي أحد رواة
الحديث): وَالرِّجْزُ: الأَوْثَانُ) صحيح البخاري.
@-
أما الرواية الثانية التي استدلوا بها من أن النبي طلب رؤية جبريل فرآه .. فهي رواية لم تصح .. وهذه
الرواية تقول أنه كان ناشرا جناحين من أجنحته ولم يذكر أن له ستمائة جناح .. وهذه هي الرواية ..
- جاء
في (حديث ضعيف) .. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِجِبْرِيلَ: «إِنِّي أُحِبُّ
أَنْ أَرَاكَ فِي صُورَتِكَ» فَقَالَ: أَوَتُحِبُّ ذَاكَ؟ فَقُلْتُ:
«نَعَمْ» فَوَاعَدَهُ جِبْرِيلُ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ لِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا
مِنَ اللَّيْلِ فَلَقِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
مَوْعِدِهِ فَنَشَرَ جَنَاحًا مِنْ أَجْنِحَتِهِ، وَقَالَ: رَوْحٌ: جَنَاحَيْنِ
مِنْ أَجْنِحَتِهِ فَسَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّمَاءِ شَيْئًا وَأُجِيبَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ) رواه اسحق بن راهويه في مسنده وكذلك رواه
بن حميد في مسنده .. (قلت خالد صاحب الرسالة):
الحديث ضعيف .. فيه (موسى بن عبيده الربذي) وهو ضعيف عند علماء الحديث ..
وفيه (مسلمة بن أبي الأشعث) وهو مجهول الحال ..
#- إذن الذي يربط قصة رؤية النبي لجبريل في الأفق الأعلى .. بكونه دنا فتدلى .. فهذا كلام
غير صحيح من وجهة نظري .. ولا علاقة للدنو والتدلي برؤية جبريل في الأفق الأعلى
لأنه كان قبل ذلك حضنه وضمه .. إذن لا يوجد ترابط بين الروايات والآيات .. وإنما
أحسب من ربط الدنو والتدلي برؤية جبريل .. إنما قال ذلك اتباعا للسيدة عائشة ..
دون أن يتدبر الأمر جيدا .. والله أعلم .
2-
بل وفي قوله تعالى (فكان قاب قوسين أو أدنى)
.. ما الخصوصية والكرامة فيها مع جبريل إذا كان هذا هو حال النبي على الدوام
مع جبريل أصلا ؟!!
@- ودعنى
أوضح لك ذلك بأمثلة بسيطة:
-
في الغار نزل جبريل للنبي وضمه وحضنه .. وهذا تلامس جسدي وليس قرب مسافة .. وهذا أولى
بالمدح حينئذ من المد بقرب المسافة ..!! بل وهذا سابق لرؤية النبي لجبريل في
السماء لأنه رآه بعد خروجه من الغار وهو على كرسيا جالسا عليه في السماء.
-
وفي ليلة الإسراء والمعراج .. فنجد أن جبريل كان ملامسا للنبي بيده وجسمه .. مما يدل
على أنه على الدوام كان مصاحبا للنبي أكثر من قاب قوسين
أو أدنى ... كما في حادثة شق صدر النبي وحشو جبريل بيده صدر النبي من الحكمة
واليقين .. فهل يوجد مسافة أقرب
من أنه دخل بيده في باطنه ..!!
-
ثم كان جالسا على البراق معه حتى وصلا بيت المقدس .. ولما عرج جبريل بالنبي أخذ بيده
وعرج به كما جاء في الحديث الصحيح في البخاري .. أي مسكه وصعد به.
-
فما هي الخصوصية حينئذ في قوله (قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) .. لو قلنا أن جبريل كان قريب
من النبي بمقدار مسافة صغيرة جدا .. إذا كان هذا هو حال جبريل عليه السلام أصلا مع
النبي في كل أحواله من أول بعثته وهو في حضن جبريل إلى ركوبه المعراج معه ثم صعوده
به ماسكا يده ليلة المعراج ثم نزوله به إلى المسجد الحرام مرة أخرى ..؟!!
#- علما قرب المسافة لم يكن وجبريل
على هيئته الملائكية بقاب قوسين .. بل أصحاب هذا الرأي يقولون أن جبريل استوى في السماء
بهيئته الملائكية ثم ظل ينزل ويتدلى إلى الأرض إلى أن أصبح بهيئة بشرية ..
3-
والغريب هو أنني لم أجد رواية صحيحة تقول: أن جبريل استوى في السماء بهيئته الملائكية
ثم دنا فتدلى للنبي وكان قاب قوسين او أدنى بهيئة بشرية ..؟!!
- فأين هذه
الرواية ؟
#- إذن: لا علاقة برؤية جبريل في المسألة
والدنو والتدلي لا علاقة له بجبريل .. وإلا فهو أصلا قد دنى وتدلى إلى النبي من السماء حينما
نزل بالوحي على نبيه في غار حراء وقال له: اقرأ ثم ضمه إليه وفعل ذلك ثلاث مرات ..
فكان من باب أولى يقال أن الدنو والتدلي حدث في هذا المشهد .. إذ أن قرب المسافة
ليس كملامسة الجسد ..!!
- والله أعلم .
#- ثانيا: عن مفهوم قوله تعالى (دنا فتدلى) ..
1-
أما عن مفهوم (دنا فتدلى) .. فأظن والله أعلم أن المقصد منها .. أن النبي
دنا لربه .. أي اقترب لربه .. فتدلى أي ازداد قربا لرب العزة .. وليس المقصد من
التدلي النزول من علو كما ينزل الدلو بالحبل .. بل المقصد هو مزيد القرب كما قال
تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى
الْحُكَّامِ) البقرة:188 .. أي وتقربوا
الأموال للحكام لرشوته لينتصروا لكم على خصومكم بالباطل.
#-
ولعل المقصود هو أن النبي دنا لربه أي اقترب لربه .. وعند دنوه حدث تدلى عليه من ربه أي تجلى عليه
بأحسن صورة مصحوبا بأنوار جماله وجلاله من فيض فيوضاته فكان له مزيد من نور
فيوضاته على نور رسالته ونبوته .. فأوحى إليه ما أوحى ..
-
فكان المقصد بالتدلي .. هو مزيد قرب من الله لنبيه ليكاشفه بحسن
صورته ومكالمته.
#-
ولعل المقصد هو أن النبي ظل يقترب ويقترب .. وكلما دنا تدلت عنه الحجب حجابا وراء حجاب ..
حتى كان قاب قوسين أو أدنى .. ورأى ربه بأحسن صورة ..
@-
ليه قلت: "رأى
ربه بأحسن صورة" ..؟
- لأني أظن ان مشهد الدنو والتدلي هو مشهد
منامي .. وليس معراج .. وسيأتي مزيد توضيح في ذلك عند قوله (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) ..
#- ثالثا: عن مفهوم بعض ألفاظ (قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (فَأَوْحَى إِلَى
عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) ..
1- ومفهوم (قاب قوسين): هو طرفي القوس الذي يتم إلقاء السهام به في
الحروب .. والبعض قال أن المقصد هو المسافة ما بين مقبض القوس وسلك أو خيط القوس
الذي يتم وضع السهم عليه .. والبعض قال أن العرب كانوا في التحالف يضعون قوسين
أمام بعضهما البعض فيضع رئيس قبيله قوسه أمام الآخر .. والقاب هو مقبض القوس ..
فتكون المسافة هي بين مقبض القوسين عند وضع أطراف الأقواس أمام بعض وكأنهم يشكلون
بذلك دائرة تحالف من خلال لمس أطراف الأقواس ببعضها.
-
يعني المسافة لو تصورناها بلغة القياس تقريبا .. فتكون تتراواح بين سبعون سنتيمتر أي بطول
ذراع أو أقل .. هذا على افتراض المقصد حسب ما ذكرته من أراء في فهم المقصد من
القاب والقوسين .. والله أعلم .
2-
مفهوم (أو أدنى) .. لفظ (أو) هنا ليس لأن الله لا يعلم قدر المسافة .. ولكن المقصد
هو أن الرائي لو رأى مسافة القرب لالتبس عليه مسافة القرب ويصعب عليه تحديدها ..
فالقياس هنا باعتبار قياس البشر وليس بقياس الله لهذا القرب .. فانتبه.
-
فالله يكلم العرب بلغتهم التي يفهموها .. إذ كان القياس عندهم في القرب يقولون على
الشيء القريب أنه قاب قوسين أو أدنى كما ذكر ذلك بعض المفسرين .. والله أعلم.
3-
أما عن قوله (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)
.. أي فاوحى الله إلى عبده محمد ما أوحى في حال الدنو والتدلي .. وجعل الوحي
مبهم في الآيات لتعظيم علو وشأن هذا الموحي به إلى نبيه ..
#-
وأصحاب الرأي الأول يقولون من جملة أقوالهم: أن جبريل أوحى إلى عبد الله ما أوحاه إليه
الله ليوحيه لنبيه.
@-
وهذا عن نفسي اعتبره تفسير غريب لأصحاب هذا الرأي .. وكأنه تركيب معنى على تفسير رأوه .. ولا أقول
أنه تفسير خطأ .. وإنما غير مستساغ مع نظم الآية ..!!
#- ورحم الله
الإمام جمال الدين الكجراتي (المتوفى: 986هـ) إذ نقل عن الإمام الطيبي: "لا يستقيم تأويل (فأوحى إلى عبده) وفق الذوق
.. إذا جعل ضميره لجبرئيل .. وكذا نظم الآية لا
يوافقه". (مجمع
بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار ج2 ص266).
#- وعموما سبب رفضي لتفسير قوله (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ) على أنه جبريل هو الآتي:
1-
لو تأملنا لقوله تعالى (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ) .. فهو مثلما جاء في حديث المعراج
.. في (حديث صحيح) .. جاء في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عن
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. ومما جاء في الحديثَ: (.... فَأَوْحَى
اللهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى .. فَفَرَضَ عَلَىَّ خَمْسِينَ صَلاةٌ فِي كُلِّ
يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ .....) صحيح مسلم.
-
قوله (فَأَوْحَى اللهُ
إِلَىَّ مَا أَوْحَى): في دلالة واضحة إلى أنه الوحي كان للنبي
مباشرة وليس من خلال جبريل عليه السلام .. والكلام كان مع النبي مباشرة في مسألة
الصلوات.
2-
ومن ناحية أخرى لو نظرنا للمسألة بصورة عقلية فنقول: لماذا يعرج الله بنبيه لفوق سبع سموات ليوحي إلى
نبيه من خلال جبريل ؟ فما القيمة في ذلك ؟!! إذ كان يمكن ذلك من خلال وجوده على
الأرض ؟!!
- مش كده ولا
إيه ؟!!
-
يبقى التفسير لآية (فَأَوْحَى
إِلَى عَبْدِهِ) على أن جبريل هو من أوحى الله من خلاله للنبي .. هو تفسير
غير موفق وأبعد ما يكون عن نظم الآية أو قبول العقل .. ولا ميزة تشريف في ذلك
للنبي ..
- بل ولو
كانت الرؤية منامية كما أفترضنا .. فلماذا يجعل جبريل واسطة في التلقين وهو مقام
روحي أصلا لا حاجة فيه لواسطة ؟!!
- والله أعلم .
====================
#- ثالثا: ما أراه في تفسير قوله تعالى: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)) ..
-
الحقيقة أن هذه الآية أستوقفتني كثيرا .. ليه ؟
- هقولك ..
1-
لأننا لو قلنا أن في قوله (دنا فتدلى) .. كان هذا معراج جسدي حدث للنبي وكان هو ما حدث
في ليلة المعراج .. فماذا سيكون القول في النزلة الأخرى في الآيات التالية في سورة
النجم ؟
-
يعني ستكون هناك رؤيتان حينئذ لهما معراجين بالجسد .. وليس معراج واحد حينئذ .. وهذا معناه أن
أحدهما مذكور في الأحاديث والآخر مبهم .. وهذا في حد ذاته لا مشكلة فيه أن يحدث
مائة معراج للنبي ولكن كرؤيا منامية .. ولكن المعراج الجسدي لم يحدث إلا مرة واحدا
باتفاق العلماء .. ومن يقول بوجود معراج جسدي آخر فعليه بالدليل وهذا ما لن يجده
أبدا.
-
أما المعارج المنامية .. فهي في الحقيقة مرائي روحية تنعكس على قلب
الرائي بحقائق المكاشفات من تجليات الله .. ولا توصف بكونها معراج إلا من حيث
التشبيه فقط .. لأن جزء من الروح يكون قد عرج إلى حيث مراد الله فكاشف ما أراد
الله له أن يكاشفه .
2-
ثم كنت أميل لكون رؤية النبي لربه هي مناما كمعراج روحي .. إلا أنه خطر ببالي تفسير آخر من خلال ما ذهب
إليه الصحابيان بن عباس وأبا ذر الغفاري .. فرأيت أنه محتمل أن النبي رأى ربه
بقلبه في حال اليقظة من خلال جبريل عند نزوله إليه عليه بالوحي .. وإليك تفصيل ما
سبق ..
#- أولا: لو فسرنا الآية على أنها رؤيا منامية بالقلب ..
-
فهذا حينئذ لا يوصف بكونه معراج .. وإنما مجرد رؤيا منامية صادقة لها عروج
روحاني للملأ الأعلى أي عالم السموات وما فوقها .. وذلك كان في مشهد من مشاهد
جذبات الروح النبوي لمقام الخصوصية عند ربه .. وأتاه ربه بأحسن صورة فرآه .. وما شك
فؤاده ما رآه في المنام لأنها رؤيا حق من الحق .. فيكون النزلة الأخرى في الآيات
التالية هي المعراج الجسدي وهو ما عليه تقريبا اتفاق المفسرين أن النزلة الأخرى في
سورة النجم تتكلم عن معراج النبي ليلة المعراج.
-
وبذلك يصبح لدينا معراج سماوي واحد بالجسد وكان يقظة .. وهو المذكور في النزلة الأخرى في الآيات
التالية من سورة النجم.
-
ونظرا لما سبق .. ولما هو سأذكره لك الآن بعد قليل .. فقد ملت في تفسير
قوله تعالى (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)
أنه رؤيا منامية وما يسبقه من آيات فهو تابع لها بالتبعية .. وتحقيق ذلك أذكره لك
في الآتي:
1- لا مانع أن يكون في
أحد المرائي الروحية للنبي أن يكون قد رأى ربه كما في الرواية التالية:
-
جاء في (حديث حسن صحيح)
.. عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: (احْتُبِسَ عَنَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى كِدْنَا نَتَرَاءَى عَيْنَ
الشَّمْسِ، فَخَرَجَ سَرِيعًا فَثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ (أي أقام الصلاة) ..،
فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجَوَّزَ فِي
صَلاَتِهِ (أي خفَّفَ في الصلاة).
-
فَلَمَّا سَلَّمَ دَعَا بِصَوْتِهِ فَقَالَ لَنَا: عَلَى مَصَافِّكُمْ (أي الزموا أماكنكم) كَمَا أَنْتُمْ ثُمَّ انْفَتَلَ
إِلَيْنَا (أي توجه بوجهه إلينا) .. فَقَالَ: أَمَا إِنِّي
سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمُ الغَدَاةَ:
-
أَنِّي قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأْتُ فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي
فَنَعَسْتُ فِي صَلاَتِي فَاسْتَثْقَلْتُ (أي ثقل علي نفسي إكمالها بهذا
الحال فسلِّمت وغفلت قليلا) ..
-
فَإِذَا أَنَا (أي في نومي فوجئت) بِرَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ.
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ .. قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ (يبحث في ذلك الوقت) الْمَلَأُ الأَعْلَى؟
-
قُلْتُ: لاَ أَدْرِي رَبِّ .. قَالَهَا ثَلاَثًا (أي أن الله سأل النبي فيما
يختصم الملأ الاعلى ثلاث مرات).
-
قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ
أَنَامِلِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ وَعَرَفْتُ (أي ظهر لي كل شيء عن اختصام
الملأ الأعلى) ..
-
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ .. قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ
الْمَلَأُ الأَعْلَى؟
-
قُلْتُ: فِي الكَفَّارَاتِ، قَالَ: مَا هُنَّ؟
-
قُلْتُ: مَشْيُ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَالجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ
بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الوُضُوءِ فِي الْمَكْرُوهَاتِ (أي وقت تجد النفس فيه مشقة
عليها مثل أن يكون الجو بارد والماء بارد جدا)..
-
قَالَ: ثُمَّ فِيمَ (أي وفي أي شيء يختصمون في الحسنات)؟
-
قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الكَلاَمِ، وَالصَّلاَةُ بِاللَّيْلِ
وَالنَّاسُ نِيَامٌ.
-
قَالَ: سَلْ (أي اطلبي مني يا محمد) ...
-
قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ
الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي،
وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ،
وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى
حُبِّكَ ..
-
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا
ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح ..، سأَلت
محمد بن إسماعيل (البخاري) عن هذا الحدِيث فقال: هذا حديث حسن صحيح.. (انتهى النقل) ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): لم أجد طرق أصح من طريق الترمذي والدارقطني عن معاذ بن
جبل .. وطريق الترمذي (وطريق الترمذي فيه اعتراض بوجود علة فيه وهي أن يحيى بن أبي
كثير قد دلس في الرواية – ولكنه صرح بالتحديث في رواية أخرى – فانتفت العلة).
- علما بأن: هذا الحديث تم
روايتة من أكثر من عشرة من الصحابة ذكر بعضها الإمام الدارقطني في كتابه رؤية الله
.. مما يستبعد العقل رده .. إلا أنه للأمانة عليك ان تعرف أن جميع طرق هذا الحديث فيها
نزاع كبير بين العلماء بين القبول والرفض .. يشمل ذلك حديث الترمذي المشار إليه بالصحة
.. وسبب اختلاف العلماء هو أنهم وجدوا في هذا الحديث اضطراب في سنده ..، ويمكنك
الرجوع لكلام محققي مسند الإمام أحمد .. وذلك لتعرف وجه الإعتراض والاضطراب في هذا
الحديث وذلك عند كلامهم على الحديث رقم 3484 طبعة الرسالة.
@-
وفي رواية عن معاذ بلفظ: (أُنَبِّئُكُمْ بِالَّذِي بَطَّأَنِي
عَنْكُمُ الْغَدَاةَ، إِنِّي قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ
مَا قَضَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِي .. وَإِنِّي رَأَيْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ
فِي مَنَامِي، فَرَأَيْتُهُ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ) (قلت خالد صاحب
الرسالة): وهذا الحديث قد رواه الدارقطني في رؤية الله حديث رقم 227 بسند
آخر عن معاذ بن جبل .. وهو حديث مقبول رجاله ثقات عدا (محمد بن صالح الواسطي البطيخي)
وهو مقبول الحديث .. وقال فيه الذهبي: لم يضعفه أحد. (تاريخ
الإسلام ج5 ص177 ترجمة326).
#-
انتبه: رؤية النبي لربه في المنام في الحديث السابق إنما كانت بالمدينة وليس بمكة
.. وإنما قصدت بذكر هذا الحديث للدلالة على إمكانية رؤية النبي لربه في المنام
بدلالة هذا الحديث .. فانتبه.
@-
وانتبه إلى أن هذا الحديث لا يعارض قوله تعالى: (مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ
يَخْتَصِمُونَ) ص69 ..، إذ أن هذا خاص باختصام الملأ الأعلى في حق آدم وقت أن اراد الله
أن يجعله خليفة في الأرض.
-
فالآية لا تنفي عدم علم النبي بما اختصم به الملأ الأعلى .. وإنما الآية تثبت فعلا أن النبي علم ما
كان يختصم فيه الملأ الأعلى من الحكمة في خلق آدم .. فالمقصد من قوله (ما كان لي من علم) أي ما كان لي من علم قبل أن
يخبرني الوحي بهذه القصة التي اختصم فيها الملأ الأعلى .. من خلال الآيات التي أتت
في سورة البقرة ..، أما الحديث فهو يثبت حادثة معينة أيضا بالملأ الاعلى ولكن في
المنام وفي وقت سؤال النبي لهذا السؤال وهو (فيما
يختصم الملأ الأعلى) .. وليس فيما يختصم الملأ الاعلى على الدوام وفي
كل الأوقات .. لا .. بل السؤال على فقط ذلك الوقت المتعلق بالسؤال .. فانتبه .
#- نعود للحديث فنقول: يذكرك لفظ (رأيت ربي) في
الحديث السابق .. بلفظ (فتدلى) .. من حيث كون كلاهما تجلي من الله على النبي ..
إذ أن الرؤية في المنام هي نوع من التجلي قد حدث للنبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن
في المنام ..
- ومن أجل ما سبق .. فأظن أن مسألة الدنو والتدلي بين النبي وربه
إنما كانت مناما .. وقد برأ الله قلب النبي عن هلوسة أو وسوسة أو تخييل من الشيطان
له في هذه الرؤيا التي رآه فيها .. إذا أن النبي لا يتداخله شيطان .. ولذلك قال جل
شانه (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)..
أي ما كذب الفؤاد النبوي ما رآه من رؤية الله في قلبه حينما أتاه فرآه..
-
وإذا كان الله تعالى يقول: (فَإِنَّهَا لَا
تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج:46 .. فلا يمكن
أن يظن مؤمن أن النبي كان قلبه فيه عمى عن إدراك الحق .. وإنما هو حق وكان يدرك
بالحق لأنه دائما مؤيدا بالحق صلى الله عليه وسلم..
ب-
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لَسْتُ
كَهَيْئَتِكُمْ إنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي ويَسْقِينِ) صحيح البخاري .. وفي
لفظ: (لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إنِّي أظَلُّ أُطْعَمُ
وأُسْقَى) صحيح البخاري ..، وفي لفظ: (لَسْتُ
كَهَيْئَتِكُمْ إنِّي أبِيتُ لي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وسَاقٍ يَسْقِينِ)
صحيح البخاري ..، وفي لفظ آخر: (إنِّي أبيتُ عند ربِّي
يُطعمُني ويَسقيني) رواه البزار بسند حسن ..
#-
وهذه العِنْدِيَّة من قوله (عند ربي) .. هي مقام خصوصية .. فيه يتم إكرام النبي بروحه
فيطعمه ربه ويسقيه .. وليس طعام وشراب مثلما نأكل ونشرب لأن هذا مقام روحي .. وإلا
ما كان قال النبي (لست كهيئتكم) فتبين من ذلك أن
المقصد ليس هو غذاء الأبدان .. وإنما غذاء القلوب والأرواح .. وإن كان لا مانع من
أن يطعمه الله من فضله بما شاء وكيفما يتناسب مع طبيعته صلى الله عليه وسلم .. أي
الله قادر أن يكسب أيضا جسده الشريف من وراء هذا البيات الروحي في مقام العندية
كسبا لجسده أيضا من خلال غذاءه الروحي .. فيؤثر هذا على ذاك ..
@- إذن: هذا البيات عند رب العالمين .. لا يمنع أن يكون في أحد المرات قد رأى ربه
كما في الحديث الأول الذي ذكرناه ..
2- الذي يثبت أيضا أن قوله (ما كذب الفؤاد ما رأى) أنه رؤية منام وليس معراج
اليقظة بجسده الشريف الذي أتى بأحاديث الإسراء والمعراج ..
-
هو أن الله لم يذكر أي تفاصيل أخرى غير التدني والتدلي مع قرب المسافة فقط
.. ولم يذكر أي تفاصيل أخرى .. بخلاف المعراج السماوي فهو برؤية البصر وقد ذكر فيه
جنة المأوى ورؤية سدرة المنتهى وما غشيها من أنوار الجمال والجلال.
-
بل أن القول الإلهي: (ولقد رآه نزلة
أخرى) فيه نوع من رفع التحدي لمستوى يفوق الإدراك الأول .. وكأن الله يقول
لهم: إذا كان اعتراضكم على رؤيته لربه بفؤاده .. فما بالكم برؤيته عيانا وبصرا
لعجائب قدرتي وعظيم مخلوقاتي كجبريل وأنوار جلالي وجمالي ..؟!!
#- ثانيا: هل يمكن
القول في قوله (ما كذب الفؤاد ما رأى) أنها تتعلق
برؤية النبي لربه وهو في الأرض ؟
- سنجد في
كلام العلماء .. أن بعضهم يفسر فقط (ما كذب الفؤاد ما رأى)
على أنها رؤية من النبي لربه .. وما قبل ذلك يتعلق برؤية جبريل .. ولكني لم أجد أحد
من أصحاب هذا الرأي قد ربط الآيات السابقة بهذه الآية وأظهر لها تفسيرا .. إذا يقال
حينئذ ما الذي أتى بهذه الآية فجأة هكذا ويتم تأويلها على رؤية الله في حين لو كان
ما يسبقها من آيات يؤول على أنه لجبريل لكان قوله (ما كذب
الفؤاد ما رأى) يتعلق برؤية جبريل أيضا وليس لله ..!!
#- وحينما لم أجد تفسير لأصحاب هذا
الرأي يوضح ترابط الآيات ببعضها .. إلا أنه خطر على عقلي تفسير أحسبه يكون
المقصود من تفسير بن عباس لآية الفؤاد على أنها لله بل ويقظة وليس منام .. كيف ذلك
؟
-
فعل القول أن هذه الآيات: (إِنْ
هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى
(6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ
أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) تتكلم عن جبريل .. وآية (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) تتكلم عن رؤية الله .. فيكون المعنى هكذا:
- وهو أن
جبريل رآه النبي في الأفق الأعلى ثم دنا جبريل من النبي نازلا إليه من الأفق حتى
تمثل بصورة بشرية فأوحى إليه ما بما أوحاه الله إليه أن يبلغه للنبي .. فانعكس من
خلال جبريل رؤية النبي لربه بقلبه فرآه .. فكان جبريل وسيطا لتبليغ الوحي ووسيطا
ليرى النبي ربه بفؤاده من خلال جبريل.
- فإن قلت
كيف يكون جبريل وسيطا لانعكاس تجليا لله عليه .. ؟
- فأقول لك:
كما أن جدار بيت النبي كان وسيطا لرؤية الجنة أمام عينيه .. وكما كانت عينه وسيطا
في مشاهدة النار وهو يصلي بصحابته .. بل وكما كل الوجود شاهدا على الله أنه الخالق
فترى قدرة الله فيه .. فلا حرج حينئذ أن يجعل الله صورة حسنة من تجلياته تنعكس من
خلال جبريل فيراها النبي ويفهم أنها ربه .. وكأن جبريل كالمرآة حينئذ ..
-
وعلى هذا التفسير يكون النبي قد رأى ربه بقلبه وهو على الأرض حينئذ ..
وليس في معراج.. والله أعلم.
-
وما ذكرته سابقا من انعكاس رؤية الله في قلب النبي من خلال جبريل .. إنما
هو فهم خاص بي .. ولم أجده في كتب التفسير الذين ذهبوا لرأي بن عباس
فقالوا: أن آية (ما كذب الفؤاد ما رأى) تتعلق
برؤية الله لربه .. ثم لم يشرحوا كيفية ربط هذه الآية حينئذ بما قبلها إذا كانوا
يقولون بأن ما قبلها بتعلق بجبريل ..!!
- وعلى هذا
يكون رؤية النبي لربه في الأرض وليس عن معراج .. والرؤية الثانية لربه في السماء من خلال
المعراج .
- والله
أعلم.
#-
ثالثا: لماذا
ينفي الله التهمة عن قلب النبي لو كان المقصود هو رؤية النبي لجبريل ؟!!
-
عند أصحاب الرأي الأول يقولون: ما كذب فؤاد النبي حينما رأى جبريل بعينه .. أي لم يشك
قلب النبي ولو للحظة أن هذا هو الحق من ربه .. فلم يقل أن هذا تلاعب أو تخييل من
الشيطان .
-
ولكن لنا هنا تعقيب على هذا الرأي .. كيف لم يشك فؤاد النبي .. وقد خرج خائفا
ومسرعا لبيته عند زوجته السيدة خديجة ؟!!
-
فلو كان يعلم ان هذا هو جبريل وأنه رسول الوحي وأنه أصبح رسول الله حقا .. ما كان خرج خائفا ومسرعا لبيت السيدة خديجة
زوجته .. وما كان ذهبوا لورقة بن نوفل ليتبينوا منه حقيقة هذا الأمر.
- فثبت بذلك: أن الذي رآه النبي في موقف الدنو والتدلي ليس
هو جبريل عليه السلام .. والله أعلم .
#-
رابعا: لماذا قال الله "ما كذب الفؤاد" ولم يقل "ما كذب
القلب" ؟
- القلب هو
البيت الكبير الذي يحتوي على جهاز استقبال المعتقدات والأحاسيس وهو الفؤاد وأيضا
هو جهاز إرسال أحيانا .. وفيه جهاز عقل لمعرفة الحق من الباطل عند خلو الأهواء ..
فإذا انقلبت أجهزة الحق إلى باطل في القلب فحينئذ قد حدث انقلاب لقلبك حتى عمى عن
أدراك الحق .. وبقدر الخلل في القلب بقدر ما يكون التخبط في الحياة وعدم إدراك
الحقائق .. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أن يقول: (يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ)
رواه أحمد.. وقال محققو المسند: إسناده قوي على شرط مسلم.
#-
وما يهمنا هنا هو الفؤاد النبوي .. وهو جهاز استقبال الحق عند النبي صلى الله
عليه وسلم صادق على الدوام لأنه حق على الدوام .. ولذلك كان القرآن ينزل على قلب
النبي لخلوه من أي خلل في أجهزة إدراكه القلبية سواء الفؤاد أو العقل.
-
ومما سبق يجعلك تفهم .. أن ما يراه في منامه إنما هو حق وصدق .. وحينما رأى
الله فهو حق وصدق ولم يشك قلب النبي حينما رأى ربه أنه جن أو شيطان أو تلاعب خيال
من الشيطان .. لا .. بل قلبه يعلم ويدرك ويوقن أنه رأى الله في أحسن صورة ..
- والله أعلم.
===================
#- ختاما لهذا الفصل: أريد أن أُذكِّرك أخي الحبيب بأن رؤية النبي بقلبه كرؤيته بعينه كما قال بذلك العلماء ..
@-
قد ذكرت لك سابقا أخي الحبيب في هذه الرسالة أن رؤية النبي بقلبه كرؤيته بعينه .. أي أن كلا الرؤيتين هما حق يقين .. إلا أن
رؤية القلب مثالية أي يتم فيها إظهار صور رمزية كمثال يدل على حقيقة .. مثل
المرائي الحقيقية التي تأتي بصورة مثالية أي رمزية ويتم فهم رموزها عند العالمين
بذلك.
-
ولذلك أجاز العلماء رؤية النبي لربه في المنام باتفاق .. لأنها ليست صورة ذاتية لله وإنما صورة تجلي
كمثال في عين الرائي .. كما هو حال الوجود كله هو انعكاس عن تجلي الله بإرادته في
خلقه وإيجاده فخلقه وأوجده .. ولكنه ليس الوجود هو الله ولا صورته .. وإنما دليلا
عليه أنه خالقه وواجده.
#- أخي الحبيب ..
-
إلى هنا أكتفي في هذا الفصل بما سبق وذكرته عن رأيي الخاص في الآيات الأولى من
سورة النجم .. وأنها عن رؤيا النبي لربه ولكن من خلال رؤية منامية قد رأى فيها ربه بصورة
مثالية في المنام كأحسن صورة .. وأوحى إليه ربه ما أوحى .. ولعل ما أوحاه إليه هو
ما ذكرته الأحاديث من اختصام الملأ الأعلى ..
-
وعلى هذا فهذه الرؤية هي رؤية قلبية منامية .. ولا علاقة لها بالمعراج المذكور في روايات
أحاديث المعراج .. ولذلك هذه الآيات الأولى من سورة النجم لم تذكر أي تفاصيل عن
مكان الرؤية سوى الأفق الأعلى .. بخلاف الآيات الأخرى من سورة النجم والتي نذكرها
في فصل قادم إن شاء الله قد تكلمت عن تفاصيل وأماكن معينة ومحددة وصرحت برؤية
البصر ..
-
وكأن قوله تعالى: (أفتمارونه على ما يرى) .. هي بداية الحديث عن إسراء ومعراج النبي الذي
حكاه لهم .. وجادلوه فيه .. وكأنهم لما اعترضوا على ما يراه بالله في الإسراء ..
فارتقى بهم إلى ما هو اعلى من ذلك وقال بل كانت له رؤية فوق سبع سموات حتى سدرة
المنتهى .. وما غشيها من أنوار ..
- وهذا نذكره
إن شاء الله في الفصل القادم .. والله ولي التوفيق.
ممتع ما قرأته في هذا الجزء جزاك الله كل خير أستاذنا الفاضل وتمنياتي لك بالتوفيق والسداد
ردحذففي نشر حقيقة رؤية النبي عليه افضل الصلوات والسلام لربه راجية من الله ان يعينك ويمدك بعلمه مدد العارفين ويجعلك من عباده الصالحين
==========
اللهم صل على النبي محمد الأمي الأمين الطاهر التقي النقي الصديق وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم
💫مما راق لي من المقال💫 ..
ردحذف✨فيكون معنى آيات سورة النجم✨..
👈 أن الله هو من علم النبي .. إذ هو شديد القوى .. من أوصافه الجميل الحكيم .. ( فاستوى ) أي فاستقام للنبي برؤيته في أحسن صورة تمثل بها إليه حين كان النبي حاضرا بالافق الأعلى ..
👈 ثم دنا إلى من نبيه وازداد قربا بتدليه عليه بهذه الصورة الحسنة التي رآه بها .. وأوحى إليه من حكمته ما أوحى .. وأن هذه الصورة التي رآها ما كذبها فؤاد النبي أنه رأى الله .. إلى آخر الآيات ..
- والله اعلم
#- فمن وجهه نظري أيضا والله أعلم ..
- غير مستبعد أن يكون الله هو من علم النبي صلى الله عليه وسلم كما علم سيدنا آدم الأسماء كلها فالله هو العليم الحكيم ..
- فهذا النبي حبيب الرحمن له عطاء خصوصية وتشريف خاص من رب الأرض والسماوات ..
👈 فكأن الله يستثنيه من بين الجميع لأنه حبيبه ويعلمه بنفسه ويوحي إليه حبا فيه لأنه محبوب وفى نفس الوقت مطلوب فيعلمه من علمه المكنون الذي لم يأذن به إلا لمحبيه وهو حاضرا بالأفق الأعلى في مقام القرب والحب والوداد والإصطفاء فأوحى إليه ما أوحاه من حكم وعلوم وتجلى عليه بالنور وعلمه ما لم يكن يعلم إكراما له ..
مما لا يعلم به غير الله وحبيبه المصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته الكرام في كل وقت وآن يارب العالمين.
- والله أعلم.
أعجبتني مقولة حضرتك 👇..
ردحذف✍ يمكن أن نقول .. دنا بنبيه إليه بجذبة روحية إليه حتى تدلى عليه بهذه الصورة الحسنة فرآه بهذه الصورة من مسافة بقدر قاب قوسين أو أدنى .. وأوحى إليه ما أوحى.
✍ ولعل المقصود هو أن النبي دنا لربه أي اقترب لربه ..
وعند دنوه حدث تدلى عليه من ربه أي تجلى عليه بأحسن صورة مصحوبا بأنوار جماله وجلاله من فيض فيوضاته فكان له مزيد من نور فيوضاته على نور رسالته ونبوته.. فأوحى إليه ما أوحى ..
✍ فكان المقصد يالتدلي.. هو مزيد قرب من الله لنبيه ليكاشفه بحسن صورته ومكالمته. 👏👏👏
✍ ولعل المقصد أن النبي ظل يقترب ويقترب .. وكلما دنا تدلت عليه الحجب حجابا وراء حجاب.. حتى كان قاب قوسين أو أدنى.. ورأى ربه بأحسن صورة .✨✨
ربنا يفتحها عليك ياأستاذ خالد ..
ويملأ قلبك دائما بنور العلم والإيمان والفهم والبصيرة والنور والبيان..
هذا الفصل المناقشة فيه جميلة بجد ..
جزاك الله كل خير .
نحن نكمل بعضنا
ردحذفلا يوجد انسان رائع طول الوقت.....
ولا يوجد انسان ڪامل فوق الوصف.....
بل هناك فراغ يملأ.....
وألم يداوى..... وعيب يُستر
ولحظات ضيق في صدر طرف
يحتويها صدر الطرف الآخر......
كن دائما أنت الأطيب والأجمل
خلقنا لنكمل بعض..
وليس لنأكل بعض ونجرح ونخدع ونؤلم بعض
تمنى لغيرك ما تتمناه لنفسك سيأتي الخير اليك وزيادة🤍
الانسان اثر فكن ذو أثر طيب لا ينسي 🥀
اجبر الخاطر تحدث بالطيب
الكلمة الطيبة تداوى القلوب وتبقى لك صدقة 🤍
..
ردحذف😅
دخل سارق بيت عجوزه لقاها صاحيه
صرخ في وجهها لماذا انتي صاحيه ياعجوزه
فعرفت انه سارق
فقالت له ؛ ياولدي شكلك ابن ناس ومحترم
لكن الظروف هيي اللي جبرتك على السرقه
اسمع ياولدي انا عندي كثير من المال والمجوهرات
خذهم مبروكين عليك وربنا يزيدك
لكن امانه عليك قبل ماتمشي انا كنت احلم
وقمت من النوم مفزوعه واريد تفسر لي الحلم
السارق قال : شكلها خرفانه ولا تدري ما تقول
لكن اشوف الحلم وافسره عادي
قالتله انا كنت احلم اني ماشيه على حافة النهر
وفجأه رجلي وقعت في صخره وكنت رايحة اسقط بالنهر
فضليت اصرخ بصوت عالي واقول
الحقني ياعبود
الحقني ياعبوووووووود
تعال يا عبووووود
السارق بيقولها :مين عبود 🤔🤔🤔
وفجاة لقي عبود نازل زي الصاروخ من الدور الثاني
ومسك السارق ونزل فيه ضرب ضرب
قالت العجوز كفايه يا عبود يابني حرام عليك رح يموت في ايدك
رد السارق قائلاً :
اضرب ياعبود اضرب ، انا اللي استاهل انا جاي اسرق ولا افسر احلام 🤣،
زادكم الله من نور علمه وفضله
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم .
معلومات قيمة
ان الفؤاد جزء من القلب مسئول عن استقبال المعتقدات والأحاسيس .
أن سورة النجم جمعت رؤية النبيلربه مناما ويقظة في آيات بسيطة مجاملة
ذات معاني عميقة تطير بالقلب إلى الأفق وما فوقه .
النبي هو النور الحق ، فمن أراد أن يكون من أهل النور
فليتبع السراج المنير حامل راية النور المستمد من النور الإلهي.
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي الهادي الكريم الرؤوف الرحيم
الطيب الطاهر الأمين من جعلته نورا وأرسلته بالنور ، وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما
قد يحرِمُك اللهُ ممّا تريد..
ردحذفلأنه لا يرضى لكَ إلا ما تستحق..
طَلبتُ من الله الكثير ومنعه عني.. وكان مَنعُهُ قمَّة عطائه.. فتعلمت أن أطلب ما أريد وأقبل بما يريد..
فدائماً إرادته تأتي بالخير.. وإرادتي تسوقني إلى الشر.. ولا زال يأخذ بيدي إلى الخير حيث تيقنت أنه هو الله أرحم الراحمين.. فالحمد لله دائما وأبدا.
============
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..
كل شي يصيبنا في هذه الحياة
ردحذفيأتينا بعده نقيضه..
سنقع أحيانا ثم ننهض..
سنتعب ونشعر أن رحى الحياة تطحن قلوبنا.. لكننا سنجد كذلك الراحة ونحنّ ..ونشتاق للحب ونتشارك الحياة ونبحث عمن ترتاح معهم أرواحنا..
سنحزن ونفرح..
ونبكى ونضحك..
ونحبط ونحلم..
سننجح ونفشل..
سنقابل الطيبين الذين يغمرون حياتنا بالروعة بوجودهم ..وسنقابل القاسين الذين لا يبالون بأوجاع غيرهم .. أو تأخذهم بهم شفقة بل قد تجمعنا الظروف بمن يتلذذون بآلام غيرهم..
ووسط كل تلك المتناقضات ..سيصنع كل منا تجربته الخاصة.. وستكون له قيمه الخاصة ..وخبرته التى كونها من خلال مشواره فى الحياة..!
كل هذا سيحدث وانت تكرر يارب يارب يارب فوضت أمري وانت ولي في الدنيا والأخيرة توفني وانت راضي عني
=============
اللهم صل على سيد الأنبياء واشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ..
ردحذفمن عظم صور العطاء
ردحذفأن يسكن الأمل بالله قلوبنا ..
فنبقى دائما على ترقب بتبدل الأحوال:
بعد الشدة سعة، وبعد السقم عافية،
وبعد الغياب لقاء..
فمن المحال دوام الحال،
والذي قدر الشدة بحكمته سبحانه قد هيأ المخارج بعلمه ورحمته،،
- على أي شيء نقلق ؟!
ردحذفبارك الله أعمالكم سيّدي الحبيب خالد، وأدام لكم إشراق روحكم، اللهم آمين آمين آمين يا رب العالمين،
أمّا بعد،
فهذا كلام أقوله لسيّدي رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فلعلّ فيه بعض ما تنكرون، ولكن، لتسعني قلوبكم فكلّ ما يمكن أن يكون تلميحا لعقيدة قيلت فهي مردودة عليّ إن خالفت نصّ القرآن، ولكن عذري سكر وغفلة.
يا سيّد السّادات، يا رسولا صلّت عليه أنوار الذّات
يا جميل القلب والصّفات، يا أنيس المستوحشين في الخلوات
هل لي منك بالوصل، أم يطول الشّوق بي يا سيّد الكائنات؟
تفضّل على الفقير بنظرة، فانّي يا سيّدي مبعثر مذ همت بك في تلك الفلوات،
يا سيّدي تفضّل، توصّل، ولكن يا حبيبي منّي لا تتنصّل
يا حبيبي أعوذ بالله أن بعد البون، عليك ان لا أتحصّل،
يا حبيب القلب يا ذا السؤدد، يا من منه يُطلب القبولُ من كلّ نبي،
يا من بذكره نفسي تستطبِ، لي عندك رجاءان أوّلهما أن أدعوك أبي
من لي بغيرك شفيع يا سيّدي، يا أيّها النبّي، يا أيهّا الحفيّ، يا أيها الطيّب الأبيّ،
بالله عليك يا أبا القاسم جد بالوصل ولا تنصرفي
بابراهيم وبالقاسم وبعبد الله جئتك تقطر نفسي بدل الدمع دمي،
بطاووس أهل الجنّة طلبتك، بالمهدي،
بمن سمّته الحضرة مولانا علي،
بالزّهراء البتول، بخديجة الحُبابة أمّنا مهجة العقول
بهم جميعا جئتك يا سيّدي، بل بكلّ آباء الرّسول
بعليّ، بالحسن، بالمحسَّن والحسين، بجميع الآل يا سيّدي جئتك متوسّلا فلا تُبقي هكذا منّي العين
يا صاحب الإباء، يا ذا المن والعطاء، بأهل الكساء، بمن قابلت في السّماء
بمن ضممت عند النّداء
بمن كلّمت من الأنبياء، بمن تجاوزتهم من ملائكة سدرة المنتهى فلا يجاوزونك إلى تلك الحمى،
بذلك المشهد البهيج من نقطة الكبرياء،
بتلك القبّة الخضراء، بالياقوتة الحمراء
بمن دلّلك بحضوره، بمن تجلّى عليك بنوره،
بأبيك، بعمّك الذّي ترتضيه ويرتضيك،
بجدّك وكلّ منسوب إليك ومحسوب عليك وكلّ محبّيك،
اجعل لقلبي منك ظمأ يرويك، ولقلبك منّي تَوْقًا يُدنيني فيشفيني ويزهيك،
يا من لم يشهد إلّا فرح السّماء، بعد عام البلاء، بعد فقدان الزّوجة والعم الأحبّاء،
يا من صوّروك تعرج لترى ذاك القدر من البلاء، لقد ظلموك يا سيّدي فلم يرو ذاك الضّياء،
تلك الجنان في كلّ أبواب السّماء، يا من جعلوك شاهدا على تلك الدّماء
يا لتلك القلوب كم تستحق من الإزدراء
كيف لمحزون أن تكون سلواه بمشهد المعذّبين؟
أم كيف إدّعوا لربّ ناجاه، ابتلاه، اصطفاه، ثمّ إلى ما بعد السّدرة دعاه، ثمّ دنّاه فلقّاه،
أن يريه جهنّم فتكون بها بعد عامه ذاك سلواه؟
سبحانك ربّي، أدين لك بأن لا أقول إلا حاشاه حاشاه حاشاه
وللقلب لك يا أبي من بعد الأوّل هذا الثّاني رجاه، وأيضا له أذن وعقل وعين ، فليتك يا رسول الله تتبنّاه، فترعاه
يا من بعالم الرّوح قد سمّاه، لي عندك رجاء فلا تنساه،
لي قلب، فليتك يا أحمد ترعاه، ويفد إليك فتكون أنت منذ السّاعة يا سيّدي سقياه،
وللمحب عند الحبيب ودّ لا بدّ يلقاه، هذا عهدي بك وأنت لا بدّ للعهد يا أبي أنّك ترعاه
والسّلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
يا ألله يا ألله يا ألله .. أخي الحبيب نزار .. ما هذه الصدفة التي جمعتنا اليوم .. موازاة مع ما كنت تنشره بالمدونة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. كنت قد نشرت بوست على تلغرام .. لأستاذي الحبيب خالد .. فيه اشارة رائعة تساوي ذهب .. و المصادفة الثانية أنه استدل بكلام فقيه و عالم تونسي رحمه الله .. و اسمحوا لي إعادة نشره هنا
حذف** يقول الأستاذ خالد:
في معرض كلامه عن قوله تعالى: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة155-157.
(( أروع إشارة تساوي ذهبا: لماذا نسب الله الإبتلاء لنفسه (لنبلونكم) ، ولكن قال لنبيه (وبشر الصابرين)؟
* قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله :
وَأُفِيدَ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ الَّذِي هُوَ حُصُولُ الصَّلَوَاتِ وَالرَّحْمَةِ وَالْهُدَى لِلصَّابِرِينَ بِطَرِيقَةِ التَّبْشِيرِ عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ تَكْرِيمًا لِشَأْنِهِ ، وَزِيَادَةً فِي تَعَلُّقِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ بِحَيْثُ تَحْصُلُ خَيْرَاتُهُمْ بِوَاسِطَتِهِ ..
* فَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ لَطَائِفِ الْقُرْآنِ إِسْنَادُ الْبَلْوَى إِلَى اللَّهِ بِدُونِ وَاسِطَةِ الرَّسُولِ ، وَإِسْنَادُ الْبِشَارَةِ بِالْخَيْرِ الْآتِي مِنْ قِبَلِ اللَّهِ إِلَى الرَّسُولِ .
التحرير والتنوير ج2 ص57
* فصلوا على حبيبنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. واسطة الخير والبركات من رب غفور رحيم .))
=======
تحياتي لك و للجميع
=======
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي و على آله وسلم
حيّاك الله أخي الحبيب حسن، وبارك فيك وفي أعمالك، وسدّد الله سيّدنا الحبيب خالد أبو عوف لكلّ ما قام به من أجلنا جميعا، فلولاه ما كنّا لنفهم التصوّف الحقيقي وطريق أهل الله، فجزاه الله عنّا خير الجزاء، فهو المرشد الصّادق بحقّ، حفظه الله وجميع أهله وأحبابه، وكلّ أهل المدوّنة أجمعين، اللهم آمين آمين يا رب العالمين
حذفاحسن الله اليك استاذنا الفاضل كما احسنت الينا بآرائك والتي ينسجم معها العقل والقلب ..
ردحذفواتفق كثيرا مع الراي القائل بأن الآيات من 4 الى 7 .. تتعلق بسيدنا جبريل .. وعليه .. فقد لاح لي وكأن آيات سورة النجم .. من 1 الى 18 .. تخبرنا تدريجيا عن ترقي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - قلبا وقالبا - .. من كونه على الارض حتى اتصل بالسماء .. الى ان وصل الى مكان الخصوصية فوق السموات ...
فالبداية كانت .. من الايات 1-- 7 ..اتصاله بالسماء - بواسطة - عن طريق جبريل وتعليمه اياه ...
ثم ارتقى .. عن طريق رؤية منامية - فرأى الله واوحى اليه .... من الايات 8 ... الى 11
ثم ارتقى اكثر .. حتى صعد الى مقام الخصوصية .. بمعراج جسدي .. كما ظهر في الايات 12 الى 18 ..
سبحان من اصطفاه
هذا .. والله اعلى واعلم
اللهم آت سيدنا محمد الوسيلة .. والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة .. وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته .. آمين يارب العالمين .
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بالمزيد
ردحذففعليا كان عندي حيرة اثناء قرائي للسورة لذلك طلبت من حضرتك ان تكتب عن تفسير
كنت عندما اقرؤها يميل قلبي لأنها تتحدث عن ان الله هو معلم ولم استشعر أبدا بان سيدنا جبريل هو مقصود وعندما وجدت في تفاسير من يقول ان مقصود هو جبريل عليه السلام
حقيقة لم يتغير شعوري أنها تتحدث عن الله عز وجل وحدث عندي لخبطة
ربنا يرضى عنك ويراضيك يارب ويشيل عنك كل حيرة يارب
-----------
مال قلبي للرأي الذي يقول
:أن الله هو من علم النبي .. إذ هو شديد القوى .. من أوصافه الجميل الحكيم .. (فاستوى) أي فاستقام للنبي برؤيته في أحسن صورة تمثل بها إليه حين كان النبي حاضرا بالأفق الأعلى .. ثم دنا إلى من نبيه وازداد قربا بتدليه عليه بهذه الصورة الحسنة التي رآه بها .. وأوحى إليه من حكمته ما أوحى .. وأن هذه الصورة التي رآها ما كذبها فؤاد النبي أنه رأى الله .. إلى آخر الآيات ..". والله أعلم.
" نحن نتعلم من خصومنا ..
ردحذفنتعلم من البخيل قيمة العطاء، ومن البذيء منزلة الكلمة الطيبة، ومن الأهوج قدر العقل، ومن المتسرع فضيلة الأناة، ومن المستبد معالم الشورى ومن الدنيء شرف المعالي.
نحن ننضج في المِحن، ونتعلم فنون الإبحار في الإعصار، ونقرأ في أيام الله العِبر، ونزرع الفسائل ..
نحن نتعلم من خصومنا ألا نكون ابدًا مثلهم "..
▪️د. هبة رؤوف عزت
ليطمئن قلبك❤️:
ردحذفالإبتلاء حينما ينزل بالعبد فهذا ليس لأنه مغضوب عليه أو لأنه بعيد من ربنا .. أو لأنه ربنا تركه ولم يعد يستجيب له .. لا .. وإنما ليختبر إيمانه ويكون شاهد على نفسه .. فإن صبر وشكر .. فهو في معية ربه .. سواء رأى آيات أم لم يرى آيات .. لأن أول درجات الإيمان التي مدحها الله في المؤمنين هم الذين يؤمنون بالغيب .. أي ليسوا في حاجة لأدلة وإثباتات ومرائي وكلام كتير .. إنما يكفي اطمئنان قلبهم بأن الله موجود وسميع وعليم وحكيم .. وهو القوي القدير القاهر القيوم .. فالمسألة انتهت .
- اعلم أخي الحبيب:
- قد تتراكم الأحزان وتزيد .. ولكن يتجلى عليك الرحمن بنسائم التأييد في الوقت الذي يريد وليس في الوقت الذي أنت تريد .. فسبحان من هو فعال لما يريد.
#أ_خالد_أبوعوف