ج89: قصة الإسراء والمعراج - هل عفريتا من الجن قد اعترض النبي بشعلة من النار ليحرقه بها في ليلة الإسراء والمعراج - هل كان الملائكة يوصون النبي بالحجامة في كل سماء من السموات السبع عند عروج النبي لسدرة المنتهى- أحاديث عن توصية الملائكة للنبي بالحجامة في ليلة المعراج - أحاديث عن توصية جبريل للنبي بالحجامة في أوقات مختلفة.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل التاسع والثمانون)

#- فهرس:

:: الفصل التاسع والثمانون :: عن رحلة المعراج – ج3/ مسائل عن المعراج من بداية الانتقال من بيت المقدس إلى السماء الأولى ::

1- س218: هل عفريتا من الجن قد اعترض النبي بشعلة من النار ليحرقه بها في ليلة الإسراء والمعراج ؟ 

2- س119: هل كان الملائكة يوصون النبي بالحجامة في كل سماء من السموات السبع عند عروج النبي لسدرة المنتهى ؟

#- أحاديث عن توصية الملائكة للنبي بالحجامة في ليلة المعراج.

#- أحاديث عن توصية جبريل للنبي بالحجامة في أوقات مختلفة.

*******************

:: الفصل التاسع والثمانون ::

*******************

..:: س218: هل عفريتا من الجن قد اعترض النبي بشعلة من النار ليحرقه بها في ليلة الإسراء والمعراج ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الأمور التي أحيانا يذكرها البعض في بعض الكتب حين الكلام على الإسراء والمعراج .. يذكر رواية جاء فيها أن عفريت اعترض النبي ليلة إسراءه .. وسبب ذكرهم لذلك هو وجود رواية جاء فيها كلمة الإسراء مع قصة اعتراض العفريت بشعلة نار لحرق النبي ..!!

- والبعض جعل من كلمة الإسراء بمعنى .. أن هذا الحدث هو من جملة ما حدث في ليلة الإسراء .. ولكن هذا العفريت اعترضه أثناء عروجه للسماء لأن العفاريت هي التي كان لها قدرة على العروج للسماء للإستماع لخبر السماء.

 

- وحقيقة لا أعلم من أين أتوا بمعلومة .. أن العفاريت هي التي كانت تستمتع لخبر السماء .. إذ ان أقصى ما يقال أن المستمع لخبر السماء لم يتم تحديد نوعه من الجن .. وإنما تم توصيفه نتيجة فعله بأنه شيطان مارد ..!!

 

- المهم هو أني جعلت هذا الحديث لمناقشته في جزء المعراج .. وافترضت أنه حدث أثناء المعراج .. وسواء قيل على أنه حدث في الأرض أو عند صعوده للسماء .. ففي كلتا الحالتين فالحديث باطل ولم يصح .

 

#- وإليك الرواية الباطلة الغير صحيحة في اعتراض العفريت للنبي ليلة الإسراء والمعراج:

#- جاء في (حديث ضعيف) .. وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: (أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ .. فَرَأَى عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ يَطْلُبُهُ بِشُعْلَةٍ مِنْ نَارٍ .. كُلَّمَا الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ رَآهُ .. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ .. إِذَا قُلْتَهُنَّ طَفِئَتْ شُعْلَتُهُ، وَخَرَّ لِفِيهِ (أي سقط على فمه ويقصد انكب على وجهه)؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ: بَلَى ..

- فَقَالَ جِبْرِيلُ: فَقُلْ: "أَعُوذُ بِوَجْهِ اللهِ الْكَرِيمِ .. وَبِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لاَ يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ .. مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ .. وَشَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا .. وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ .. وَشَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا .. وَمِنْ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ .. وَمِنْ طَوَارِقِ اللَّيْلِ .. إِلاَّ طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ") رواه مالك في الموطأ .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث مرسل فيه انقطاع بين (يحيى بن سعيد الأنصاري) وبين النبي صلى الله عليه وسلم.. وهذا الإسناد يسمى اسناد معضل .. وهو ما يكون في الإسناد سقوط اثنين من الرواة في السند أو أكثر .. وفي الرواية السابقة يوجد سقوط راويان بين النبي و(يحي بن سعيد) وهو من تابعي التابعين .. فسقط راويان وهم التابعي والصحابي ..، وقال محققو المسند: هو معضل . (راجع تخريج المسند ج24 ص201 عند الحديث رقم 15460 - طبعة الرسالة).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على الرواية السابقة:

1- لو افترضنا صحة الرواية السابقة (وهي غير صحيحة) .. فكلمة (أسري) وهي من السير ليلا .. ليس لها علاقة ليلة الإسراء .. لأن الرواية لم تقل "ليلة أسري به".. وإنما قالت: (أسري برسول الله) أي أخذه جبريل في ليلة وانطلق به في مكان ما قرب مكة.

 

- فذلك مثل قوله في حديث آخر .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ، أَسْرَى (أي سار بليل) حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ (أي طلب التخييم في آخر الليل للنوم)) رواه مالك مرسلا ..

 

- ومثل حديث: الثلاثة الذين يستنير الله إليهم (أي يتجلى الله بنور الأمان إليهم) فمنهم: (َرَجُلٌ أَسْرَى لَيْلَةً حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ .. نَزَلَ فَنَامَ أَصْحَابُهُ (أي أقاموا في مكان ونام أصحابه).. فقام هو يصلي .. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَلَائِكَةِ: مَا حَمَلَ عَبْدِي عَلَى هَذَا، أَوْ عَلَى مَا صَنَعَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ .. فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ وَلَكِنْ أَخْبِرُونِي، قَالَ: فَيَقُولُونَ: خَوَّفْتَهُ شَيْئًا فَخَافَهُ .. وَرَجَّيْتَهُ شَيْئًا فَرَجَاهُ .. قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَمَّنْتُهُ مِمَّا خَافَ وَأَعْطَيْتُهُ مَا رَجَا....) رواه معمر بن راشد بلفظ موقوف على أبي ذر الغفاري .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث وإن كان موقوف على قول أبي ذر الغفاري .. إلا أن له حكم الرفع للنبي إذ مثله يستحيل أن يقال بالرأي .. والله أعلم .

 

- والمهم هنا أن أوضح لك مما سبق: أن كلمة الإسراء أتت في الأحاديث على أساس السير ليلا .. وليس كل حديث أتى فيه لفظ إسراء فيكون معناه ليلة الإسراء فانتبه ..!!

 

2- الرواية السابقة بالرغم من كونها ضعيفة .. إلا أن الدعاء الذي فيها مقبول ويعمل به عند الفزع من الشياطين والجن .. وللحديث السابق رواية أخرى عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُنَيْشٍ التَّمِيمِيِّ .. وهي مقبولة عند بعض العلماء .. ولكن ليس فيها جزئية الإسراء وجاءت الرواية هكذا:

- (حديث مقبول على ضعف فيه) .. عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: (قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُنَيْشٍ التَّمِيمِيِّ - وَكَانَ كَبِيرًا: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ، قَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَحَدَّرَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ، وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ بِيَدِهِ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ، يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَهَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ، قَالَ: " مَا أَقُولُ ؟ ". قَالَ: قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَذَرَأَ، وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ يَطْرُقُ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ، قَالَ: فَطُفِئَتْ نَارُهُمْ، وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى) رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الرواية البعض ضعفها كمحققي مسند أحمد .. والبعض حسنها كالألباني ..، وعن نفسي أظن أن الرواية مقبولة بالرغم من وجود كلام على إسنادها .. والله أعلم .

 

 #- وخلاصة القول:

1- هذا الحديث الخاص باعتراض عفريت من الجن ومحاولة التعرض للنبي لأذيته .. فهذا لا علاقة له بليلة الإسراء والمعراج .. بل القصة كلها في هذا الحديث إنما تمت في أحد الليالي من حياة النبي أثناء وجوده بمكة أو بالمدينة .. ولا علاقة لهذه القصة .. برحلة الإسراء والمعراج .. لا من قريب ولا من بعيد ..!!

 

2- وثم يقال: كيف يعترض شيطان النبي صلى الله عليه وسلم ويريد أذيته ومعه جبريل عليه السلام .. والرحلة كلها تكريم بإذن إلهي للنبي ليريه من آياته الكبرى .. ؟!!

- أيعقل أن يكون في التكريم تسليط شيطان بالأذى لتشويه وجه النبي بالنار ؟!! فهل هذه هي الآيات الكبرى التي وعد الله نبيه أن يكرمه برؤيتها ؟.. أم أن هذا الحديث أو تفسير بالغلط هو من الخرافات الكبرى في حق الله ورسوله ؟ أكيد خرافات كبرى .

- ومستحيل يقول بذلك من استعمل عقله قليلا .. لأن لا هذا فعل الله ولا هذا أصلا كلام الرواية بالرغم من ضعفها ..

- ولا أدري حتى هذه اللحظة ما علاقة هذا الحديث بليلة الإسراء والمعراج .. إلا لمجرد كلمة (أسري) ..؟!!

- يعني عشان كلمة (أسري) أتت في رواية .. يبقى كل كلمة (أسرى) تقال عنها أنها حدثت ليلة الإسراء والمعراج .. إيه الكلام السخيف ده ..وكيف يُعقل هذا الكلام ؟!!!

- فهذا كلام باطل وبليد جدا .. بل خرافة لمن يقول بذلك الكلام .. والله ورسوله برآء من ذلك .

- والله أعلم .

 

************************

 ..:: س219: هل كان الملائكة يوصون النبي بالحجامة في كل سماء من السموات السبع عند عروج النبي لسدرة المنتهى ؟ ::..

 

- من الأمور التي يحلو لبعض أهل زماننا الكلام فيها .. والتي قلما ما توجد في كتب التراث حينما يتكلمون عن رحلة الإسراء والمعراج .. هي أن الملائكة كانوا يوصون النبي منذ صعوده للسماء ومروره في كل سماء إلا ويوصونه بعمل الحجامة.

 

- وحينما وجدت هذا منتشر بصورة غريبة على النت .. فتبين لي أن من ينشر هذا الأمر هم الذين يمارسون الحجامة .. أما كتب العلماء الذين يتكلمون عن الإسراء والمعراج فقلما ما تجدهم يذكرون جزئية توصية الملائكة للنبي بالحجامة ..

 

- ومعنى الحِجَامة: هي عملية استخراج الدم من طبقات الجلد من خلال تشريط أماكن معينة على أماكن بالجسم بالموس .. ثم وضع كاسات هواء عليها لسحب الدم الغير محمل بالأكسجين من خلال أماكن تشريط الجلد بالموس .

 

- والذين ينشرون أحاديث التوصية بالحجامة من الملائكة في ليلة المعراج .. إنما قد اغتروا بما صححه البعض من الروايات لتلك الجزئية .. والعوام معذورين في ذلك .. ولكن أخي الحبيب عليك أن تعرف حقيقة الروايات المروية في جزئية توصية الملائكة للنبي بالحجامة ليلة المعراج .. وهي أنها روايات لم تصح .. وإليك بيان ذلك:

 

1- جاء في (حديث مكذوب – ومتن فيه نكارة) .. عن عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مَرَرْتُ بِمَلَإٍ "أي جماعة" مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، إِلَّا قَالُوا: عَلَيْكَ بِالْحِجَامَةِ يَا مُحَمَّدُ) رواه أحمد والحاكم ابن ماجه والترمذي في جزء من حديث طويل برقم 2053 والطبراني في الكبير برقم 11887 والحاكم برقم 8253 وقال صحيح الإسناد ..، وقال الذهبي تعقيبا على كلام الحاكم وقال: غير صحيح .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الغريب أن الذهبي في نفس الحديث بنفس إسناد "عباد بن منصور" ولكن برقم 7473 قال: أنه صحيح ..!! فمرة غير صحيح ومرة صحيح !!..، ولعله تفطن لعلة الحديث في الحديث رقم 8253  ثم سهى عنه تعديل حكمه السابق بالتصحيح عند الحديث رقم 7473 .. والله أعلم.

 

#- وقال محققو المسند: إسناده ضعيف .. إسناده ضعيف، عباد بن منصور- وهو الناجي- ضعفه يحيى بنُ معين وابن المديني والنسائي وأبو داود وابن سعد وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم، وقد دلسَ هذا الخبرَ فأسقط من إسناده اثنين من الرواة، فروى العقيلي في "الضعفاء" 3/136- ونقله عنه المزي في "تهذيب الكمال" 14/159- من طريق أحمد بن داود الحداد، قال: سمعتُ على ابن المديني يقول: سمعتُ يحيى بنَ سعيد القطان يقولُ: قلتُ لعباد بن منصور الناجي: "هل" سمعتَ "حديث": (ما مررتُ بملإ من الملائكة) .. و"حديث" (النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يكتحل ثلاثاً) ؟ (يعني من عكرمة "أنت سمعت هذين الحديثين") .. فقال "عباد بن منصور": حدثني ابن أبي يحيى، عن داود بن حُصين، عن عكرمةَ، عن ابن عباس. قلنا "أي محققو المسند": وابن أبي يحيى- واسمه إبراهيم بن محمد- متروك ..، وداود بن حصين ضعيف في عكرمة خاصة.

 

- ثم قال محققو المسند تعقيبا على تصحيح الإمام الحاكم لهذه الرواية: ورواية ابن أبي شيبة والحاكم منقطعة .. وأخطأ الحاكم فصحح إسناده .. ووافقه الذهبي مع أنه استدرك عليه في الكلام على الحديث الذي قبله بالإسناد نفسه، فقال: "عبَّاد" ضعفوه. (انتهى النقل – وما بين علامات التنصيص " ..." هي مني لفهم النص) - (وراجع تحقيقهم على هذ الرواية من شتى مصادرها عند الحديث رقم 3316 طبعة الرسالة ج5 ص340).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لا أعلم لماذا اكتفى محققي المسند بتضعيف الحديث .. إذا كان أحد الرواة الذين سقطوا من إسناد الحديث هو شخص مشهود عليه بالكذب وترك العلماء حديثه .. فيكون الحديث موضوع أي مكذوب على النبي .. إلا لو اكتفوا فقط بالتعقيب على أن السند فيه انقطاع مع علة ضعف داود بن الحصين عن عكرمة .. ولكن الأولى "من وجهة نظري" أن يقال بكذب هذا الحديث على النبي لوجود من هو متهم بالكذب في روايته وإن كان غير ظاهر في الإسناد اسمه.

 

- إذن: الحديث مكذوب على النبي .. بكل تأكيد .. فالسند سقط منه أحد الكذابين الذين يروون هذا الحديث وهو "ابن أبي يحيى" .. والمتن منكر جدا وباطل .. ولا يمكن تصديقه .. بل أشهد بأنه مكذوب على النبي .. إذ لا يعقل أن يرسل الله الملائكة للنبي يسلمون عليه من بداية معراجه حتى وصوله لسدرة المنتهى ويوصونه بالحجامة .. ولا يوصونه مثلا بالتوحيد وحب الله والاستغفار لأمته ومساعدة الناس وما شابه هذه الوصايا الملائكية الجميلة والمعقولة ؟!! وكأن الحجامة هي وسيلة الخلاص من نار جهنم وبها الحياة بسعادة دون عناء .. .. فكيف يعقل ذلك ؟!!

 

- بل وكان هذا فعل جماعة الملائكة مع النبي في كل مرة يقابلهم فيوصوه بذلك كما قالت الرواية: (مَا مَرَرْتُ بِمَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ) .. يعني كل ملائكة الله في الأرض والسموات أوصوه بذلك .. فكيف يصدق مثل هذا الكذب على النبي ..!!

 

- بل هذا حديث من وضع الكذابين على النبي .. وذلك لنشر تجارة الحجامة بين الناس .. فوضعوا لها حديث ليظهروا فضلها بين الناس حتى يقبل الناس عليها عند الحجامين في الزمن القديم .. فاستباحوا الكذب على النبي .. وهذا كثيرا فعلوه في الزمن السابق إذ كانت تروى أحاديث في مدح الفواكه والأعشاب .. ولعل هذا كان فعل بعض التجار حينما يرون ركود في تجارتهم فهو ينشرها بوضع حديث مكذوب على النبي بمدح ما يبعه للناس بوضع حديث على النبي .. وقد ذكرنا من ذلك خرافات كثيرة في رسالة معتقدات موروثة ..

 

- والمشهود عليه بالكذب الذي روى هذا الحديث وهو (إبراهيم بن محمد - ابن أبي يحيى) .. قد أسقطه "عباد بن منصور" متعمدا لعلمه أن أحد رواة هذا الحديث هو كذاب .. ومع ذلك استباح رواية الحديث .. وإليك بعض ما قاله بعض العلماء في "ابن أبي يحيى": قال على ابن المديني: كذاب ..، وقال الدارقطني: متروك ..، وقال ابن حبان : يكذب في الحديث ..، وقال العقيلي: قال إبراهيم بن سعد : كنا نسمى إبراهيم بن أبى يحيى ونحن نطلب الحديث "خرافة". (وقد ذكرت الأقوال مختصرة جدا - وللمزيد راجع تهذيب التهذيب ج1 ص159).

 

2- وفي (حديث مكذوب) .. عن نَافِعٌ أَبُو هُرْمُزٍ، عَنْ عَطَاءٍ "بن أبي رباح"، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مَا مَرَرْتُ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا أَمَرُونِي بِالْحِجَامَةِ) رواه الطبراني في الكبير برقم 11367 .. (قلت خالد صاحب الرسالة): في السند (نافع أبو هرمز) وهو متهم بالكذب ومتروك الحديث وروى عن عطاء نسخة موضوعة أي مكذوبة ..، قال عنه بن حجر في لسان الميزان ترجمة رقم8093 ج8 ص249: ضعفه أحمد وجماعة وكذبه ابن مَعِين مرة..، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث..، وقال النَّسَائي: ليس بثقة. (انتهى النقل باختصار)..، وذكر عنه الذهبي في تاريخ الإسلام ترجمة رقم 408 ج4 ص530: قال بن حبان: روى عن عطاء نسخة موضوعة. (انتهى النقل).

 

3- وفي (حديث ضعيف جدا) .. عن عَبدُ الرَّحمَنِ بْنُ إِسحَاقَ عَنِ القَاسِمِ بْنِ عَبدِ الرَّحمَنِ هُوَ ابْنُ عَبدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (حَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ .. أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ عَلَى مَلَإٍ مِنَ المَلاَئِكَةِ إِلَّا أَمَرُوهُ أَنْ مُرْ أُمَّتَكَ بِالحِجَامَةِ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب .. وقال عنه الإمام الأرنؤوط في تخريج سنن ابن ماجه عند الحديث رقم 3478 ج4 ص525: وفي سنده عبد الرحمن ابن إسحاق - وهو ابن الحارث الواسطي- ضعيف منكر الحديث. (انتهى النقل).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): لا أدري ما وجه تحسين الترمذي لهذه الرواية ولكن تحسينه لهذه الرواية هو غير حسن ..!!

- بل والأغرب أن الشيخ الألباني .. قد أشار إليه على أنه صحيح لغيره في صحيح الترغيب والترهيب عند الحديث رقم 3462 والحديث رقم 3463 .. فأين هو الصحيح لغيره في روايات الإسراء .. ليقول صحيح لغيره ؟!! فأين غيره ؟!!

- بل هذا خطأ ووهم منه رحمه الله .

 

أ- لا يمكن تصحيح هذه الرواية لا لذاتها ولا لغيرها ولا حتى تحسينها .. لأنه لا يوجد غيرها قيل في الإسراء وكان صحيح ..!! فضلا عن بطلان ما جاء في متنها وقد سبق وذكرنا ذلك .. ويضاف على ذلك أن (عبد الرحمن بن اسحق) منكر الحديث ولا يحتج به أصلا .. فقد ضعفه البخاري والنسائي وأبو داود وابن حبان وأبو زرعة وقال عنه أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث، يكتب حديثه، ولا يحتج به..، وكذلك قال بن خزيمة أنه لا يحتج بحديثه. (راجع أقوال العلماء في تهذيب الكمال ترجمة رقم 3754 – ج16 ص515).

 

ب- وكذلك (عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود) لم يسمع من أبيه إذ كان عمره ست سنوات وقت وفاته .. والذي قبله العلماء هو حديثين قد صرح فيهما بالسماع .. كما قال ابن المديني في " العلل ": سمع من أبيه حديثين ، حديث الضب ، و حديث تأخير الوليد للصلاة . (راجع تهذيب التهذيب ج6 ص216) ..، والأحاديث المقبولة من عبد الرحمن عن أبيه بن مسعود ليس منهما حديث الحجامة السابق ذكره .. فيكون الحديث منقطع إضافة إلى ضعف (عبد الرحمن بن اسحاق) ..!!

 

@- فكيف يصح هذا الحديث ..؟!!

- وكأن الله عرج بنبيه ليعرفه فضل الحجامة فقط ثم عاد به للأرض مرة أخرى !! بقى ده كلام يعقله عاقل ؟!!

 

4- (حديث ضعيف) .. عن عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ قَالَ: نا هَمَّامٌ قَالَ: نا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا أَمَرُونِي بِالْحِجَامَةِ) رواه الطبراني في الأوسط وقال: لم يروه عن قتادة إلا همام، ولا عن همام إلا عمرو بن عاصم، تفرد به: عبد القدوس. (انتهى النقل) ..، وقال محققو المسند عند الحديث رقم 3316 ج5 ص340: وقال الهيثمي في "المجمع" 5/91: رجاله رجال الصحيح..، قلنا "أي محققي المسند": وفي إسناده من تُكلِّم في حفظه. (انتهى النقل)..، وقال محقق المطالب العالية الدكتور سمير بن سليمان العمران ج11 ص238 - تعقيبا على كلام الهيثمي: قلت: رجاله رجال الصحيح .. لكن في سنده قتادة ولم يصرح بالتحديث، وهو مدلّس. من الثالثة، فالإِسناد ضعيف. (انتهى النقل).

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة): لعل مقصد محققي المسند ومحققي المطالب العالية هو في الآتي:

أ- فمقصد محققي المسند الإشارة إلى (عمرو بن عاصم الكلابي) .. وهو مختلف عليه في الاحتجاج به وليس في كونه صدوق والبعض وثقه .. قال عنه الذهبي في المغني في الضعفاء ترجمة رقم 4670 ج2 ص485: صدوق مشهور قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به قال بندار: لولا شيء لتركته. (انتهى النقل) ..، وقال عنه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ترجمة رقم 6614 ج14 ص109: أن يحيى بن معين مرة وثقه ومرة قال عنه صدوقا .. وكذلك وثقه محمد بن سعد ..، ولكن أبو داود وبندار ابن بشار .. قد أشارا إلى وجود لين في حفظه .. إذ نقل الخطيب البغدادي عنهم الآتي: عن أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سألت أبا داود، عن عمرو بن عاصم الكلابي، فقال: لا أنشط لحديثه، قال: وسألت أبا داود، عن عمرو بن عاصم والحوضي في همام؟ فقدم الحوضي، وقال: قال بندار: لولا فرقي من آل عمرو بن عاصم لتركت حديثه. (انتهى النقل).

 

- وهذا الراوي (عمرو بن عاصم) هو من أشار إليه محققو المسند بأنه ممن تكلموا في حفظه .. ويقصدون بذلك ما قاله عنه أبو داود وبندار وأبو حاتم.

 

#- مع ملاحظة: أن قول "بندار بن بشار": لولا فرقي من آل عمرو بن عاصم لتركت حديثه .. فهذا القول من بندار فيه شبهة أن عدم تركه لحديث عمرو بن عاصم مع علمه بضعفه إنما هو لخوفه الابتعاد عن آل عمرو بن عاصم .. ولا أعلم سبب تعلقه بآل عمرو بن عاصم .. إلا أن قوله ذاته فيه تصريح بضعف حفظ عمرو بن عاصم.. والله أعلم .

 

#- ملحوظة أخرى: ليس لأن (عمرو بن عاصم) من رجال البخاري .. فهذا يجعله مقبول وكأنه معصوم .. بل مقبول مع طرق أخرى للأحاديث ..

 

ب- تدليس (قتادة بن دعامة) .. إذ لم يصرح بالتحديث عن أنس بل دلس عنه .. وإذا كانت العنعنة تقبل في الصحيحين (البخاري ومسلم) في قتادة عن أنس .. فذلك لوجود طريق آخر مصرح فيه بالسماع أو توجد متابعة .. إلا أن تدليسه لا يقبل في غير الصحيحين .. والله أعلم .

 

5- وفي (حديث ضعيف جدا) .. عن جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَا مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِمَلَإٍ إِلَّا قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ أُمَّتَكَ بِالْحِجَامَةِ) رواه بن ماجه .. وحسنه السيوطي في الجامع الصغير وذكره الألباني في صحيح الجامع بأنه حسن .. وقال الأرنؤوط في تخريج سنن بن ماجه عند الحديث رقم 3479 ج4 ص526: إسناده ضعيف .. "جبارة" و"كثير" كلاهما ضعيف. (انتهى النقل).. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحق أنه ضعيف بلا ريب .. فأي تحسين هذا الذي ذكره السيوطي وتبعه فيه الألباني رحمهما الله ؟!!.

 

#- ثم وجدت تحقيق لمحققي كتاب المطالب العالية .. وجاء فيه تحقيق لكل الطرق المروية عن أنس بن مالك .. إذ قال محقق هذا الجزء الدكتور سمير بن سليمان العمران:

 

@- أنس بن مالك رضي الله عنه وله عنه ثلاث طرق:

- الأولى: عن كثير بن سليم، سمعت أنس بن مالك يقول: بنحو حديث ابن عباس.

أخرجه ابن ماجه (ح 3479)، والطبراني في الأوسط: كما في مجمع البحرين (ق 222 أ)، وابن عدي في الكامل (6/ 63)، كلهم من طريق جبارة بن المغلّس، حدثنا كثير بن سليم، به..، وهذا إسناد ضعيف فيه علتان: "جبارة بن المغلس" ضعيف..، "كثير بن سليم" قال في التقريب (ص 459): ضعيف.

 

- الثانية: عن يزيد الرقاشي، عن أنس بنحو حديث ابن عباس..، أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 448) من طريق سلام بن سلم، عن زيد العمي، عن يزيد الرقاشي، به..، وهذا إسناد ضعيف جدًا فيه علتان: "سلام بن سَلْم" قال في التقريب (ص 261): متروك..، "يزيد الرقاشي" قال في التقريب (ص 599): ضعيف.

 

- الثالثة: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- بنحو حديث ابن عباس...، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 319) من طريق عبد القدوس، عن الزهري، به..، وإسناده ضعيف من أجل عنعنة الزهري. (المطالب العالية محققا ج11 ص237)

 

6- وفي (حديث ضعيف) .. عن عبد الله بن صالح، ثنا عطاف، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ما مررت بسماء من السموات، إلا قالت الملائكة: يا محمد .. مر أمتك بالحجامة) رواه البزار وذكره الهيثمي في كشف الأستار برقم 3020..، وقال عنه الإمام شعيب الأرنؤوط في تخريج سنن ابن ماجه عند الحديث رقم 3478 ج4 ص525: وفي سنده عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو سيئ الحفظ ..، وفيه عطاف بن خالد مختلف فيه، ولم يحمده مالك، ورماه ابن حبان بسوء الحفظ خاصة فيما يرويه عن نافع .. وهذا الحديث من روايته عنه. (انتهى النقل).

 

7- (حديث ضعيف جدا) .. عن مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لَمَّا عُرج بي إلى السماء أمُرّ بملاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إلَّا قَالُوا: عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ بالحجامة) رواه الحارث في مسنده .. وقال محقق المطالب العليا للجزء الحادي عشر الدكتور سمير بن سليمان العمران: هذا إسناد ضعيف جدًا فيه علتان: الأولى: محمد بن عمر الواقدي فهو متروك..، الثانية: ابن أبي طوالة لم أجد له ترجمة..، وذكره البوصيري في الإتحاف (ج 2/ ق 61 أ) وقال: رواه الحارث عن شيخه الواقدي وهو ضعيف. (المطالب العليا محققا ج11 ص235).

 

8- (حديث ضعيف جدا) .. عن عِيسَى بْنُ عَبد اللَّهِ، قَال: حَدَّثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مَرَرْتُ بِنَبِيٍّ، ولاَ مَلَكٍ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إلاَّ، وَهو يُوصِينِي بِالْحِجَامَةِ) رواه بن عدي في الكامل في الضعفاء .. وقال محقق المطالب العالية الدكتور سمير بن سليمان العمران ج4 ص386: وهذا إسناد ضعيف جدًا من أجل عيسى بن عبد الله، وهو ابن محمد بن عمر الكوفي قال الدارقطني: متروك كما في اللسان (4/ 399). (انتهى النقل).

 

#- ثم ذكر محقق المطالب العالية الدكتور سمير بن سليمان العمران طريق آخر وحكمه أنه (حديث موضوع): عن سعد بن طريف، عن الأصبع بن نباته، عن علي بن أبي طالب قَال رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: (مَا مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فِي السَّمَاءِ إلاَّ قَالَتِ الملائكة مر أمتك بالحجامة) .. وقال محقق المطالب العالية: أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 351)..، وهذا إسناد موضوع من أجل: "سعد بن طريف"، قال ابن معين: لا يحل لأحد أن يروي عنه، وقال ابن حبّان: كان يضع الحديث. الميزان (2/ 123)..، "الأصبع بن نباته" قال في التقريب (ص 113): متروك، رُمي بالرفض. (انتهى النقل).

 

9- (حديث ضعيف جدا أو موضوع) .. عَن الرَّبيع بن صُبَيحٍ، عَن عَمرِو بن سَعيد بن أَبي الحَسَنِ، رَفَعَ الحَديثَ إِلَى النَّبيّ صَلى الله عَلَيه وسَلم، قالَ: (ما مَرَرتُ بِمَلَكٍ - أَو قالَ: بِالمَلإ الأَعلَى - إِلاَّ أَمَروني بِالحِجامَةِ) رواه ابن سعد في الطبقات وكلمة (أو) هي شك من الراوي الربيع بن صبيح .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف جدا .. فيه (الربيع بن صبيح) وهو ضعيف وفيه سوء حفظ ..، وفيه (عمرو بن سعيد) وهو مجهول لم أجد له أثر في كتب التراجم حسب ما بحثت ولم أجد أحد في مشايخ الربيع بن صبيح اسمه عمرو بن سعيد !!..، والحديث فيه انقطاع بين (عمرو بن سعيد) وبين النبي.

 

10- (حديث موضوع) .. عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ، عَنْ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: (نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِجَامَةِ الْأَخْدَعَيْنِ (أي جانبي العنق) وَالْكَاهِلِ (أي الكتفين)) رواه بن ماجه .. وقال الأرنؤوط: في تخريج سنن بن ماجه عند الحديث رقم 3482: إسناده تالف، سعد الإسكاف -وهو ابن طريف- والأصبغ بن نباتة متروكان، واتهم ابن حبان الإسكاف بالوضع. (انتهى النقل)..، وقد سبق ذكر ما قاله الدكتور سمير بن سليمان العمران في ابن طريف والأصبغ وذلك في الحديث الثامن.

 

11-  (حديث ضعيف) .. عن نُصيَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَطَّابٍ بِبَغْدَادَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، ثَنَا أَبُو الْحَكَمِ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ قَالَ:( دَخَلْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَحْتَجِمُ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحَكَمِ، احْتَجِمْ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا احْتَجَمْتُ قَطُّ. «أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْحَجْمَ أَفْضَلُ مَا تَدَاوَى بِهِ النَّاسُ) رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي وقال على شرط الشيخين ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): وهذا التصحيح فيه نظر .. لأن (نصر بن محمد بن خطاب- وهو أبو الليث السمرقندي المفسر) وهو مجهول الحال .. (راجع الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم ترجمة رقم 1136) ..، وفيه (محمد بن قيس النخعي) فيه ضعف إذ قال عنه ابن حبان أن يخطيء ويخالف .. (راجع لسان الميزان ترجمة 7232) .. فكيف يصح هذا الحديث حينئذ ؟!!

 

#- ملحوظة: ذكرت هذا الحديث لأن فيه جبريل وهو من الملائكة وقد أخبر النبي بان في الحجامة خير وهو خبر يوضح أن المسألة لا علاقة لها بالإسراء والمعراج .. وهذا المتن ليس فيه مشكلة ولكن المشكلة في السند .. وأقصى ما يمكن أن يقال في هذا الحديث أنه مقبول .. وليس أكثر من ذلك.

 

12- (حديث ضعيف جدا) .. عن عُمَرُ بن حَفصٍ، عَن أَبانَ، عَن أَنَسٍ، قالَ: قالَ رَسولُ الله صَلى الله عَليه وسَلم: (الحِجامَةُ في الرَّأس هيَ المُغيثَةُ أَمَرَني بِها جِبريلُ حينَ أَكَلتُ طَعامَ اليَهوديَّةِ) رواه بن سعد في الطبقات..، (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث لا يصح .. لأن فيه (عمر بن حفص – وهو أبو حفص العبدي) وهو متروك الحديث .. قال عنه أحمد: تركنا حديثه وخرقناه..، وقال علي: ليس بثقة..، وقال النَّسَائي: متروك..، وقال الدارقطني: ضعيف. (راجع لسان الميزان ترجمة رقم 5599).

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- لم يصح أي حديث جاء ذكره عن الحجامة في ليلة الإسراء والمعراج .. وجميع الاحاديث معلولة .. وأحسن ما فيها هو حديث ضعيف ..

- أما من يحسن الحديث لكونه حسن لغيره لتعدد طرقه .. فهذا شانه واختياره ولكن عليه أن يخبر الناس أن كل طرق الحديث ضعيفة ويكون أمين في كتابة العلم .. ولكني لا أرضى بهذا التحسين لأنه غير حسن أصلا .. بل ولا يتم تحسين الحديث بتعدد طرقه في مسألة غيبية كهذه .. وعليك ان تعرف أن الحديث بكل طرقه هو ضعيف ..

 

2- متن الحديث عن نفسي لا يمكن تصديقه .. إذ أن القول بأن كل جماعة من الملائكة يمر عليهم النبي فيوصونه بالحجامة .. فهذا شيء لا يعقل ولا يقبله القلب أبدا .. فهل الملائكة في السبع سموات كان اهتمامهم هو النصيحة بالحجامة وكأنها طوق نجاة الإنسان من عذاب الله أو فيها سعادته الأبدية أو كأن النبي عرج الله به من اجل هذه النصيحة ..!!

- فهذا متن منكر جدا بالنسبة لي .. ولا أصدق أن النبي قال بذلك الحديث .. ويكفي أن رواة هذا الحديث من الكذابين أكثير من الضعفاء .. !!

 

3- تبقى أن أقول لك أخي الحبيب .. أن الأحاديث التي تكلمنا عنها في الأحاديث السابقة إنما تتعلق بوصية الحجامة من الملائكة في السموات السبع ف ليلة الإسراء والمعراج .. ولكن من ناحية أخرى فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى العلاج بالحجامة في أحاديث صحيحة ..ومن ذلك:

 

أ- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ أَوْ هُوَ مِنْ أَمْثَلِ دَوَائِكُمْ) صحيح مسلم والبخاري.

 

ب- عن عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَادَ (أي قام بزيارة) الْمُقَنَّعَ: (ثُمَّ قَالَ لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ .. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ فِيهِ شِفَاءً") صحيح البخاري ومسلم.

 

ج- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ .. فِي رَأْسِهِ، مِنْ شَقِيقَةٍ  (أي صداع نصفي في رأسه) كَانَتْ بِهِ) صحيح البخاري.

 

- إذن: النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل الحجامة في نفسه .. وأرشدنا للحجامة وأخبرنا أنها من أفضل الأدوية .. وكان ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. إلا أنه لازال لها أثر طيب على من يفعلها في زماننا.

 

4- من الإشارات التي وجدتها في حجامة النبي إذ كان يحتجم بين منطقة الكتفين .. ولي تعليق على هذه الإشارة ..

 

- إذ ذكر الإمام إسماعيل حقي النازلي رحمه الله (المتوفى: 1127هـ):

- قال الإمام الدميري: أن بعض الأولياء سأل الله تعالى أن يريه كيف يأتي الشيطان ويوسوس .. فأراه الحق (أي في المنام) هيكل الإنسان في صورة بلور (أي صورة زجاجية شفافة) وبين كتفيه شامة سوداء كالعش والوكر .. فجاء الخَنَّاس (أي الشيطان الذي يوسوس) يتحسس من جميع جوانبه وهو في صورة خنزير له خرطوم كخرطوم الفيل .. فجاء من بين الكتفين فأدخل خرطومه قِبِل (أي ناحية واتجاه) قلبه .. فوسوس اليه .. فذكر  (أي الإنسان) الله تعالى .. فخنس وراءه (أي فهرب الخناس مبتعدا للخلف).

- ولذلك سُمِّيَ بالخناس: لأنه ينكص على عقبيه (أي يتراجع هربا) كلما حصل نور الذكر في القلب ..

 

- ولهذا السر الإلهي كان عليه السلام يحتجم بين كتفيه ويأمر بذلك .. ووصاه جبريل بذلك لتضعيف مادة الشيطان (أي تأثيره في النفس) وتضييق مرصده لأنه يجرى وسوسته مجرى الدم ..

 

- ولذلك كان خاتم النبوة بين كتفيه إشارة الى عصمته من وسوسته لقوله (أعانني الله عليه فاسلم) أي بالختم الإلهي أيده به وخصه وشرفه وفضله بالعصمة الكلية فأسلم قرينه .. وما أسلم قرين آدم فوسوس اليه. (تفسير روح البيان ج5 ص107).

 

@- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الإشارة السابقة التي ذكرها الإمام إسماعيل حقي النازلي:

أ- الحديث الذي وصى فيه جبريل النبي بالحجامة عند الكتفين .. هو حديث موضوع وسبق الكلام عليه عند الحديث العاشر.

 

ب- أما عن إشارته عن أن الختم النبوي على الكتف .. وهذا فيه إشارة لامتناع الوسوسة على النبي .. وعلى افتراض صحة رؤيا من رأى أن الوسواس يوسوس من خلال الظهر فيصل تأثيره للصدر .. فهنا أقول الإشارة جيدة .

 

ج- وطالما خاتم النبوة مانع من الوسوسة .. فلماذا قال أن الحجامة بين الكتفين هي حكمة لمنع الوسواس .. فكيف ذلك إذا كان الختم الإلهي هو مانع لوحده دون حجامة أو غيره ؟!!

 

د- ومن ناحية أخرى: كيف الحجامة تمنع الوسوسة وتضعف مادة الشيطان ؟

 

هـ- وكيف الحجامة تضيق مجاري الدم وتضعف أثر الشيطان في النفس .. لمجرد سحب دم من طبقات الجلد العليا ؟!! فلو كان الأمر بهذا المنطق لكانت المرأة أسعد حظا ببعد الشيطان عنها أثناء فترة العذر لما يحدث لها من خروج الدم .. ولكن الأمر يزداد بالتأثير النفسي الغير جيد عند الكثيرات بسبب هذا العذر الشهري .

 

- تنبيه: كل ما وجدته من أحاديث صحيحة عن النبي .. والتي ظهر منها حدوث الحجامة .. إنما كان من شكوى عضوية تؤثر على أعضاءه الجسدية .. ولا علاقة للمسألة بالجن ولا الشيطان.. ولا قال النبي بذلك .

- والله أعلم .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .