بحث في المدونة من خلال جوجل

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

Textual description of firstImageUrl

ج92: قصة الإسراء والمعراج - هل كان موسى يرفع صوته على ربه وكان شديد التصرف مع النبي ووصفه بالغلام في ليلة المعراج - ما دلالة وصف موسى للنبي محمد بأنه غلام - كيف عرف موسى أن أمة النبي يدخلها أكثر مما يدخلها أمته.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الثاني والتسعون)
هل كان موسى يرفع صوته على ربه وشديد التصرف مع النبي ووصفه بالغلام في ليلة المعراج - دلالة وصف موسى للنبي محمد بأنه غلام ليلة المعراج

#- فهرس:

:: الفصل الثاني والتسعون :: عن رحلة المعراج – ج6/ مسائل عن المعراج عند وصول النبي للسماء الخامسة والسادسة ::

1- س226: هل كان موسى يرفع صوته على ربه وكان شديد التصرف مع النبي ووصفه بالغلام حينما رآه يعلو على مقامه فوق السماء السادسة في ليلة المعراج وقبل الوصول لمقام الخصوصية ؟

#- بداية: الروايات الصحيحة التي أتى فيها بكاء موسى عند مرور النبي عليه ووصفه عن النبي بالغلام ..

#- أولا: بكاء سيدنا موسى إنما هو كان بكاء الراجي من فضل ربه لأمته الخير.

#- ثانيا: لماذا كان وصف موسى عن النبي بلفظ الغلام لبعض أهل السماء ؟

#- ثالثا: قلت خالد صاحب الرسالة أن لفظ الغلام الذي ذكره موسى في الحديث له دلالة مهمة جدا لأمور.

#- رابعا: كيف عرف موسى أن أمة النبي يدخلها أكثر مما يدخلها أمته بالرغم من استمرار الديانة اليهودية أكثر من ألفي عام حتى بعثة النبي ؟

#- ختاما: الروايات الضعيفة التي لم يصح منها شيئا في مسألة شدة موسى على النبي واعتراضه على ربه ..

*******************

:: الفصل الثاني والتسعون ::

*******************

 

..:: س226: هل كان موسى يرفع صوته على ربه وكان شديد التصرف مع النبي ووصفه بالغلام حينما رآه يعلو على مقامه فوق السماء السادسة في ليلة المعراج وقبل الوصول لمقام الخصوصية ؟ ::..

 

- توجد مسألة تكلم فيها العلماء وهي مسألة سبب بكاء موسى بعدما مر النبي عليه .. ثم جاء بعض المشككين في المعراج والمنكرين له وأخذوا هذه المسألة وحولوها لشبهة كما تتفق وأهوائهم .. فقالوا على الإنترنت بما ملخصه: كيف نؤمن بأحاديث تتهم موسى بأنه كان شديد التصرف مع النبي في المعراج وكأن النبي موسى كان حاسدا له وحاقدا عليه ؟ بل وكيف نصدق أن النبي موسى كان يرفع صوته على ربه وكان يتذمر ساخطا على قضاء ربه ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- حتى تستطيع أن تفهم أخي الحبيب ما قاله المنكرين للمعراج وللأحاديث النبوية .. فعليك أن تتعرف أولا على ما صح وما لم يصح في جزئية بكاء موسى عند مرور النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة المعراج.. وذلك حتى يتبين لك الحقيقة أمام عينك.

 

#- بداية: الروايات الصحيحة التي أتى فيها بكاء موسى عند مرور النبي عليه ووصفه عن النبي بالغلام ..

1- وجاء في (حديث صحيح – عليه اعتراض من بعض العلماء) .. عن شريك بن عبد الله عن أنس بن مالك .. ومما جاء في الرواية: (وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلاَمِ اللَّهِ، فَقَالَ مُوسَى: رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ.

- ثُمَّ عَلاَ بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى، وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ العِزَّةِ، فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ: خَمْسِينَ صَلاَةً .... إلى آخر الرواية) رواه البخاري في صحيحه.

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة) نجد في الحديث السابق أمرين:

أ- هذه الرواية فيها مشكلة عند العلماء .. وسبب الإشكالية هي أن كثير من أجزائها مخالف لما جاء في الروايات الصحيحة الأخرى .. وقد سبق وناقشنا رواية البخاري السابقة عن (شريك بن عبد الله) في هذه الرسالة .. فارجع للفصل الحادي والأربعون من السؤال (102- وحتى السؤال – 104)..، وكذلك في الفصل الثالث عشر عند السؤال رقم (34).

 

ب- وأظن أن معنى قوله (لم أظن أن يرفع أحد علي): أي لم أظن أن يرفع أحد علي في مقام التكليم ليكون بذاته جسما وروحا في مقام الخصوصية .. "هذا رأيي والله أعلم".

- إذ ليس المقصد كما يظن بعض العلماء أن المقصود بقوله (لم أظن أن يرفع أحد علي): أي الرفع على مقامه السماوي .. وهذا تفسير غير موفق من وجهة نظري .. وذلك لأن إبراهيم كان يعلوه مقاما في السماء السابعة .. والله أعلم .

 

2- جاء في (حديث صحيح) .. في رواية أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة .. وأثناء مرور النبي عند السماء السادسة وجد النبي موسى .. ومما جاء في الحديث: (قَالَ "أي جبريل للنبي": هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ .

- فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى .. قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ ؟ .. قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ .....إلى آخر الرواية) صحيح البخاري ومسلم وغيرهما.  

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة) نجد في الحديث السابق عدة أمور:

#- أولا: أن بكاء سيدنا موسى إنما هو كان بكاء الراجي من فضل ربه لأمته الخير ..

- فكان بكاءه لشيء كان يرجوه في نفسه .. وهو أن تكون أمته من خير الأمم إلا أنه أدرك أن أمته قد ضلت وانحرفت فلم يعد لهم مقاما وقدر عند الله وانقطعت عنهم النبوة .. وبالتالي كان بكاؤه بكاء الآسف لحال أمته .. ولذلك قال: (يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي).

- إذن: لا يوجد حسد ولا حقد من موسى على النبي محمد .. وحاشاه عليه السلام .

 

#- ثانيا: لماذا كان وصف موسى عن النبي بلفظ الغلام لبعض أهل السماء ؟

أ- موسى عليه السلام لم يقل للنبي (يا غلام) .. وإنما سأله بعض أهل السماء ما يبكيك فقال لهم: (أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي) ..

 

- إذن: موسى عليه السلام حكي سبب بكاءه ولم ينادي على النبي بلفظ غلام .. وإنما وصف لغيره سبب بكاءه أنه حدث كذا .. وهذه جزئية مهمة جدا.

 

ب- وسبب وصف موسى للنبي محمد بالغلام وذلك لمن حكى له من أهل السماء .. فذلك باعتبار الفترة الزمنية التي بينه وبين النبي والتي تزيد عن ألفي ومائتي عام .. فكان عمر موسى يزيد عن عمر النبي بتقدير أهل الدنيا ألفي ومائتي عام تقريبا .. ولذلك كان النبي محمد يعتبر بالنسبة لموسى غلاما .. بالنسبة للبعد الزمني بينهما ..

 

- إذن: حكاية موسى لغيره بوصفه للنبي بكونه غلاما .. فهذا باعتبار البعد الزمني وليس توصيف لذات النبي .. بدليل أنه قال للنبي: (مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ) .. فكان موسى متأدبا مع النبي وملتزما بحسن الخلق معه .. والله أعلم.

 

ج- من أقوال العلماء في مسألة بكاء موسى ووصف النبي بالغلام:

#- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله:

- قال العلماء: لم يكن بكاء موسى حسدا معاذ الله فإن الحسد في ذلك العالم منزوع عن آحاد المؤمنين فكيف بمن اصطفاه الله تعالى ؟

- بل كان أسفا على ما فاته من الأجر الذي يترتب عليه رفع الدرجة .. بسبب ما وقع من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم المستلزم لتنقيص أجره .. لأن لكل نبي مثل أجر كل من اتبعه .. ولهذا كان من اتبعه من أمته في العدد دون من اتبع نبينا صلى الله عليه وسلم مع طول مدتهم بالنسبة لهذه الأمة.

 

- وأما قوله (غلام): فليس على سبيل النقص بل على سبيل التنويه بقدرة الله وعظيم كرمه إذ أعطى لمن كان في ذلك السن ما لم يعطه أحدا قبله ممن هو أسن منه .. وقد وقع من موسى من العناية بهذه الأمة من أمر الصلاة ما لم يقع لغيره.

 

- قال بن أبي جمرة: إن الله جعل الرحمة في قلوب الأنبياء أكثر مما جعل في قلوب غيرهم لذلك بكى رحمة لأمته .. وأما قوله هذا الغلام فأشار إلى صغر سنه بالنسبة إليه. أ.هـ

- قال الخطابي: العرب تسمي الرجل المستجمع السن غلاما مادامت فيه بقية من القوة. أ.هـ

- ويظهر لي (أي للإمام بن حجر): أن موسى عليه السلام أشار إلى ما أنعم الله به على نبينا عليهما الصلاة والسلام من استمرار القوة في الكهولية وإلى أن دخل في سن الشيخوخة ولم يدخل على بدنه هرم ولا اعترى قوته نقص حتى إن الناس في قدومه المدينة كما سيأتي من حديث أنس لما رأوه مردفا أبا بكر أطلقوا عليه اسم الشاب وعلى أبي بكر اسم الشيخ مع كونه في العمر أسن من أبي بكر والله أعلم. (فتح الباري ج7 ص211-212).

 

#- ثالثا: قلت خالد صاحب الرسالة أن لفظ الغلام الذي ذكره موسى في الحديث له دلالة مهمة جدا لأمور منها:

1- في ذلك اللفظ دلالة قوية على أن النبي كان ببشريته وليس بروحه .. إذ لا يقال على الروح وصف الغلام .. فأبصر يا مؤمن.

- ولذلك المنكرين للمعراج وأعداء الحديث النبوي الصحيح .. يقاتلون من أجل تزييف هذا اللفظ وتقبيحه في نفوس المؤمنين حتى لا ينتبهوا لهذه الجزئية والخاصية المترتبة على هذا اللفظ .. وهو أن هذا اللفظ يدل صراحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عروجه بذاته الشريفة أي جسما وروحا .. وليس معراجا مناميا ولا انتقالا روحيا .. لا .. بل بذاته الشريفة كلها ..

- فرحم الله موسى عليه السلام .. إذ بهذا اللفظ (غلاما) قد أشار به إلى أن معراج النبي كان بذاته ..

 

2- ولعل موسى أراد الإشارة لمن يحدثه من اهل السماء .. إلى أن هذا النبي كان له من الفتوة والهمة ما لم يكن في غيره من الأنبياء والرسل .. حتى عرج به الله إلى مقام الخصوصية بذاته الشريفة وليس بروحه .. فكان التعبير بلفظ الغلام للدلالة على الفتوة وعلو الهمة مع الله في معاملاته وعباداته .. فاكتملت رجولته في مراتب النبوة في حال العبادات والمعاملات كما هو مفترض منه أن يؤديها في فترة زمنية قصيرة جدا بما لم يصل إليها غيره في تلك الفترة القصيرة .. حتى استحق هذا المعراج بذاته الشريفة ..

 

- فكان لفظ الغلام حينئذ الذي قاله موسى لمن حدثه عن سبب بكاءه .. إنما هو وصف مدح وتكريم .. للدلالة على كمال حال النبي النبوي بما لم يحظى به غيره في فترة زمنية قصيرة جدا ..

- وهذا أيضا يدل على وجود .. خصوصية قلب وروح وعقل للنبي صلى الله عليه وسلم .. لم تكن لغيره من الأنبياء والرسل.

 

#- رابعا: كيف عرف موسى أن أمة النبي يدخلها أكثر مما يدخلها أمته بالرغم من استمرار الديانة اليهودية أكثر من ألفي عام حتى بعثة النبي ؟

 

- قلت خالد صاحب الرسالة .. الجواب ببساطه:

- علم موسى ذلك حينما علم أن النبي صلى اله عليه وسلم .. له مقام أعلى من مقامه .. فأدرك أن أمته أعلى من أمته ..

 

#- ختاما: الروايات الضعيفة التي لم يصح منها شيئا في مسألة شدة موسى على النبي واعتراضه على ربه ..

- هذا الجزء مهم جدا أن تعرفه أخي الحبيب .. حتى تعرف كيف يتصيد المنكرين للمعراج الأحاديث الضعيفة للتأثير على نفسية المؤمنين لتقبيح تصديق المعراج في نفوسهم من خلال إظهار الاحاديث النبوية الصحيحة بأنها باطلة ..

 

#- فمن تلك الروايات التي يتلاعبون بها:

1- جاء في (حديث ضعيف) .. عن أَبي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ غَيْرِهِ شَكَّ أَبُو جَعْفَرٍ .. ومما جاء في الرواية: َالَ "أي النبي": قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ فَمَا أَنَا رَاجِعٌ إِلَيْهِ .. فَقِيلَ لَهُ: أَمَا إِنَّكَ كَمَا صَبَّرْتَ نَفْسَكَ عَلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَإِنَّهُنَّ يُجْزِينَ عَنْكَ خَمْسِينَ صَلَاةً فَإِنَّ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ..

- قَالَ "أي أبو هريرة": فَرَضِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ الرِّضَا .. فَكَانَ مُوسَى أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ حِينَ مَرَّ بِهِ، وَخَيْرُهُمْ لَهُ حِينَ رَجَعَ إِلَيْهِ) رواه أبو جعفر الطبري في تفسيره .. والحديث ضعيف وسبق الكلام عليه

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة) نجد في الحديث السابق أمرين:

- الأول: الحديث ضعيف وسبق الكلام عليه بالتفصيل .. في الفصل الرابع والثلاثين عند عنوان (س93: ما هي الأحداث الغير صحيحة التي قيلت في قصة الإسراء فقط من بداية القصة وحتى ركوب النبي للبراق ؟).

 

- الثاني: قوله (فَكَانَ مُوسَى أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ حِينَ مَرَّ بِهِ .. وَخَيْرُهُمْ لَهُ حِينَ رَجَعَ إِلَيْهِ) هو من كلام أبي هريرة تعقيبا على القصة .. وليس كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

 

2- جاء في (حديث ضعيف ومتن منكر) .. وذلك فيما رواه الحسن بن عرفة في جزئه المشهور: حدثنا مروان بن معاوية عن قتادة بن عبد الله التيمي، حدثنا أبو ظبيان الجنبي قال: (كنا جلوسا عند أبي عبيدة بن عبد الله يعني ابن مسعود، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص وهما جالسان، فقال محمد بن سعد لأبي عبيدة: حدثنا عن أبيك ليلة أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم، فقال أبو عبيدة: لا بل حدثنا أنت عن أبيك، فقال محمد: لو سألتني قبل أن أسألك لفعلت، قال فأنشأ أبو عبيدة يحدث يعني عن أبيه (أي عبد الله بن مسعود) كما سُئِل (أي كما طُلب منه) .. فقال: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «أتاني جبريل عليه السلام بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يَهْوِي بِنَا كُلَّمَا صَعِدَ عَقَبَةً استوت رجلاه كذلك يَدَيْهِ، وَإِذَا هَبَطَ اسْتَوَتْ يَدَاهُ مَعَ رِجْلَيْهِ ..

- حَتَّى مَرَرْنَا بِرَجُلٍ طُوَالٍ سَبْطٍ (أي شعره منبسط سهل) آدَمَ (أي لونه بشرته سمراء) كَأَنَّهُ من رجال "أزد شنوءة" (اسم قبيلة من اليمن) .. فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ يَقُولُ: أَكْرَمْتَهُ وَفَضَّلْتَهُ .. قَالَ: فَدُفِعْنَا إِلَيْهِ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ .. فَقَالَ، مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟

- قَالَ: هَذَا أَحْمَدُ، قَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الْعَرَبِيِّ الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ.

- قَالَ ثُمَّ انْدَفَعْنَا فَقُلْتُ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ هَذَا موسى بن عمران. قال: قلت ومن يعاتب؟ قال يعاتب ربه فيك .. قلت: ويرفع صوته على ربه؟ قال: إن الله قَدْ عَرَفَ لَهُ حِدَّتَهُ، .......) رواه الحسن بن عرفه في جزءه .. وذكره ابن كثير في تفسيره وقال: إسناد غريب .. (تفسير ابن كثير ج5 ص28).

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الحديث السابق:

أ- في السند انقطاع .. بين أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود وبين أبيه بن مسعود .. ذكر هذه العلة الشيخ الألباني في كتابه الإسراء والمعراج.

 

ب- وجود نكارة في المتن لمخالفتها ما جاء في الصحاح .. فضلا عن تشبيه حال معاتبه موسى في الرواية مع ربه وكأنه معترضا عليه - وحاشاه عليه السلام - ..!!

 

3- جاء في (حديث ضعيف وفيه نكارة) .. عَنْ علقمة عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ .. ومما جاء في الرواية: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُ خَلْفَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَارَ بِنَا إِذَا ارْتَفَعَ ارْتَفَعَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ، قَالَ: فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ غُمَّةٍ مُنْتِنَةٍ حَتَّى أَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيْبَةٍ ..

- فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ إِنَّا كُنَّا نَسِيرُ فِي أَرْضٍ غُمَّةٍ مُنْتِنَةٍ .. ثُمَّ أَفْضَيْنَا إِلَى أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيْبَةٍ .. قَالَ: تِلْكَ أَرْضُ النَّارِ وَهَذِهِ أَرْضُ الْجَنَّةِ.

- قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلَى رَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُحَمَّدٌ فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، وَقَالَ: سَلْ لِأُمَّتِكَ الْيُسْرَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذَا أَخُوكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

- قَالَ: فَسِرْنَا فَسَمِعْتُ صَوْتًا وَتَذَمُّرًا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُحَمَّدٌ فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، وَقَالَ: سَلْ لِأُمَّتِكَ الْيُسْرَ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى.

- قُلْتُ: عَلَى مَنْ كَانَ تَذَمُّرُهُ وَصَوْتُهُ؟ قَالَ: عَلَى رَبِّهِ، قُلْتُ: عَلَى رَبِّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ حِدَّتِهِ.

- قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا فَرَأَيْنَا مَصَابِيحَ وُضُوءًا .. قَالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذِهِ شَجَرَةُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَتَدْنُو مِنْهَا ؟ قُلْتُ: نَعَمْ .. فَدَنَوْنَا فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ ..

- ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبُطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ .. فَنُشِرَتْ لِيَ الْأَنْبِيَاءُ مَنْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ .. فَصَلَّيْتُ بِهِمْ .. إِلَّا هَؤُلَاءِ النَّفْرِ الثَّلَاثَةِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) رواه الحاكم واللفظ له ورواه الطبراني والبزار .. (قلت خالد صاحب الرسالة): حديث ضعيف جدا ومتن منكر .. وقد سبق تحقيق هذه الرواية في الفصل الثالث والعشرون تحت عنوان (س71: كيف نعقل صلاة مائة وأربعة وعشرون ألف نبي خلف النبي في ساحة المسجد الأقصى الذي لا يتسع لأكثر من خمسة آلاف مصلي ؟!!).

 

4- وجاء في (حديث ضعيف جدا) .. من رواية أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري .. ومما جاء في الرواية: (ثُمَّ مَضَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ... (إلى أن قالت الرواية): قَالَ مُوسَى: تَزْعُمُ النَّاسُ أَنِّي أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ، فَهَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي .. وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ لَمْ أَكُنْ أُبَالِي .. وَلَكِنْ كُلُّ نَبِيٍّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ) رواه أبو جعفر الطبري في تفسيره ..

- وبنفس السند أتت الرواية بلفظ: (ثُمَّ صَعَدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ: فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ - (إلى أن قالت الرواية): وَإِذَا هُوَ "أي موسى" يَقُولُ: يَزْعُمُ النَّاسُ إِنِّي أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذَا .. بَلْ هَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنِّي .. قَالَ: قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ .. قَالَ: وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ) رواه البيهقي في الدلائل ..

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الحديث السابق:

أ- الحديث ضعيف جدا .. فيه (أبي هارون العبدي – وهو عمارة بن جوين) وهو متروك الحديث ضعيف جدا والبعض تحامل عليه فكذبه - وأظن نسبته للتكذيب خطأ .. (راجع تهذيب الكمال ج21 ص232 ترجمة رقم4178) ، (تهذيب التهذيب ج7 ص413).

 

ب- قوله (تَزْعُمُ النَّاسُ أَنِّي أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ، فَهَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي): فالقصد من هذا القول أن موسى يظهر كرامة النبي عليه .. إذ أن الناس تظن بكرامة موسى لأنه كليم الله كلمه على الأرض .. في حين ان النبي الأمي هو أكرم منه واعلا فضلا لأن الله كلمه فوق سبع سموات وكان بذاته الشريفة أي بجسمه وروحه وصعد به إلى مقام الخصوصية واخترق به عالم النور الأعظم.

- فهذه الرواية ليس فيها نقصا ولا ذما للنبي .. ولفظ (هذا) هو للإشارة إليه تعظيما .. وليس تحقيرا كما تصور ذلك أحد الجهلاء على الإنترنت من منكري المعراج والجاحدين للحديث النبوي الصحيح..

 

#- وخلاصة القول أخي الحبيب:

1- بكاء موسى لكونه كان له رجاء أن تكون أمته من أعلى الأمم قدرا .. ولم يكن معاتبا ربه ولا منكرا على قدره ولا ساخطا ولا متذمرا ولا معترضا على مشيئته جل شأنه .. وحاشاه عليه السلام ..

 

2- ويتبين لك أخي الحبيب مما سبق: أن لفظ غلاما  ليس فيه حسدا ولا استنقاصا لقدر النبي محمد .. وإنما كان هذا اللفظ يحكيه موسى لبعض أهل السماء حينما سأله عن سبب بكاءه .. وقال موسى لفظ غلام ليدل من يسمعه على أن هناك فارق زمني كبير بينهما .. ويعتبر بالنسبة إليه غلاما بزمن أهل الدنيا.. ومع ذلك في وقت قصير جدا .. رفع الله قدره ومقامه هو وأمته .. وما ذلك إلا لعلو همته مع الله في وقت قصير جدا حتى منحه الله ما منحه من خصوصية مقام وعطاء له ولأمته تبعا له.

 

- ولذلك ما يقوله بعض من يفهم خطأ أن هذا لفظ فيه استخفاف بقدر النبي ومقامه .. فهو كلام فيه تخريف وتحريف على النبي موسى .. لأن النبي موسى قال باحترام النبي مثل كل الأنبياء (مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح) ..

- وكيف يستخف موسى بقدر النبي وهو يعلوه مقاما وقدرا .. ؟!! فلو كانت هذه نيته ما كان سمح الله له بذلك .. فضلا عن أن هذا ليس أسلوب نبي ولا حتى إنسان سوي. !!

 

- وإنما أهل الفتنة هم الذين يريدون تزيين ذلك في نفوس الناس .. وحسبهم ما ينشرون من فتنة وضلال وكذب لإسقاط هيبة الحديث النبوي الصحيح من نفوس المؤمنين .

 

3- أن لفظ (غلام) فيه إشارة قوية جدا .. تدل على أن المعراج كان بذات النبي جسدا وروحا .. وليس كما زعم البعض بأنه مناما ..

- والله أعلم.

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك تعليق واحد:

  1. اعاذنا الله من شر نفوس المنكرين الجاحدين !!
    وجزى الله عنا سيدنا موسى كل خير إذ كان سببا في فضل الله علينا بتخفيف الصلاة عليه السلام

    جزاك الله خيرا استاذنا الأفضل
    وبارك فيك ونفع عباده .. آمين يارب العالمين

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف