ج93: قصة الإسراء والمعراج - هل موسى يسكن السماء السادسة أم السماء السابعة - كيف يكون نهري النيل والفرات عند سدرة المنتهى فوق سبع سموات في حين هما في الأرض.

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الثالث والتسعون)

#- فهرس:

:: الفصل الثالث والتسعون :: عن رحلة المعراج – ج7/ مسائل عن المعراج عند وصول النبي للسماء السابعة وسدرة المنتهى ::

1- س227: هل موسى يسكن السماء السادسة أم السماء السابعة ؟

#- أولا: الروايات التي عليها مشكلة وتحقيقها ..

#- ثانيا: هل الاضطراب في اختلاف ذكر مكان الرسول يبطل الرواية ؟

#- ثالثا: رجاء مراجعة الآتي لتتعرف على بعض شبهات المنكرين ..

2- س228: كيف يكون نهري النيل والفرات عند سدرة المنتهى فوق سبع سموات في حين هما في الأرض ؟

*******************

:: الفصل الثالث والتسعون ::

*******************

..:: س227: هل موسى يسكن السماء السادسة أم السماء السابعة ؟ ::..

- من المسائل التي ذكرها العلماء في قصة المعراج عند المعراج السادس ومقابلة النبي لموسى عليه السلام .. هو اختلاف وجود إبراهيم وموسى في أماكن السماء .. إذ جاء في بعض الروايات أن موسى في السابعة وإبراهيم في السادسة .. وهي روايات موجودة في الصحيح ..

 

- ثم أتى المنكرين للمعراج في زماننا .. وأخذوا هذه المسألة وجعلوا منها شبهة كعادتهم .. وقالوا ما معناه: اضطراب الروايات في أماكن وجود إبراهيم وموسى في السموات .. دليل على بطلان هذه الروايات .. وإذا كانت الروايات مضطربة في ذلك فكيف يتم تصديق هذه الروايات ؟!! بل وكيف نصدق ان هناك معراج ؟!!

 

- ملحوظة: في تلك الجزئية كان لمنكرين شبهة أخرى بأسلوب آخر .. قد ذكرتها في الفصل السابع والستون وكانت تحت عنوان: (س160: كيف يكون موسى هو أول من لقيه النبي عند نزوله من المعراج في حين أن أول من يقابله هو إبراهيم لأنه في السابعة وموسى في السادسة ؟).

 

- وهذا يظهر لك كيف يتلاعبون بالبسطاء في عقولهم .. والذي يجدونه يصيبهم باضطراب فهم يلعبون عليه .. فإذا كنت تقول ان إبراهيم في السابعة وموسى في السادسة فإليك هذه الشبهة .. ولو كنت تقول بالعكس فإليك شبهة أخرى .. وهكذا مرضت قلوبهم بالشبهات حتى جعلوها دينا لهم يرجفون به المؤمنين .. وكأن القلوب زاغت عن الحق فلم تعد تدرك إلا الباطل .. وربنا يحفظ المؤمنين من الزيغ والضلال.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: الروايات التي عليها مشكلة .. هي الروايات التالية .. وإليك تحقيقها:

1- وجاء في (حديث صحيح – عليه اعتراض من بعض العلماء) .. عن شريك بن عبد الله عن أنس بن مالك .. ومما جاء في الرواية: (فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ، وَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي، نِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ، فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ، فَقَالَ: مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا النِّيلُ وَالفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا، ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ، قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَتِ المَلاَئِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الأُولَى مَنْ هَذَا، قَالَ جِبْرِيلُ: قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتِ الأُولَى وَالثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الخَامِسَةِ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ ..

- فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ، وَآخَرَ فِي الخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ .. وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلاَمِ اللَّهِ، فَقَالَ مُوسَى: رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ، ثُمَّ عَلاَ بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ المُنْتَهَى، وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ العِزَّةِ، فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ: خَمْسِينَ صَلاَةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ..... إلى آخر الرواية) صحيح البخاري.

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة) نجد في الحديث السابق أمرين:

أ- هذه الرواية فيها مشكلة عند العلماء ومما اعترضوا به على البخاري .. وسبب الإشكالية هي أن كثير من أجزائها مخالف لما جاء في الروايات الصحيحة الأخرى .. وقد سبق وناقشنا رواية البخاري السابقة عن (شريك بن عبد الله) في هذه الرسالة .. فارجع في الفصل الثالث عشر عند السؤال رقم (34)..، وكذلك ارجع للفصل الحادي والأربعون من السؤال (102- وحتى السؤال – 104).

 

ب- من اضطراب الرواية قول شريك الراوي عن أنس بن مالك: (كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ .. فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ ...) وهذا دليل على أنه لا يروي عن أنس بن مالك إلا بما في عقله هو وما يتذكره وليس عن تحقيق ما سمعه من أنس بن مالك ..، بل ونسى ما سمعه من أنس بن مالك في هذه الجزئية ودليل ذلك قوله (وَآخَرَ فِي الخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ) .. فتبين فساد حفظه لهذه الجزئية بالكامل .. لاضطراب وسوء حفظ "شريك بن أبي نمر" في جزئية ترتيب الأنبياء وأماكنهم في السموات .. بل واضطرابه في معرفة من قابلهم إذ قد نسى بعضهم ..!!

 

#- إذن مما سبق .. توجد علل تمنع الأخذ بهذه الجزئية من هذه الرواية ..

 

ب- وفي (حديث صحيح) .. عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ...

- حتى قال أبا ذر الغفاري: قَالَ (أي النبي): حَتَّى عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا (أي للحارس القائم عليها): افْتَحْ .. فَقَالَ لَهُ خَازِنِهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ: فَفَتَحَ.

 

- قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ (أي أبا ذر) أَنَّهُ (أي النبي) وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ آدَمَ، وَإِدْرِيسَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ.

 

- قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صحيح البخاري ومسلم.

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة) نجد في الحديث السابق أمرين:

أ- رواية أبا ذر الغفاري عن النبي قد انتهت عند قوله (فَقَالَ لَهُ خَازِنِهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ: فَفَتَحَ) ... وبهذا انتهت ما يتذكره أبا ذر فيما يحفظه عن النبي ..

- ثم ذكر أبا ذر ما لم يتذكره جيدا .. وهو ترتيب وجود الأنبياء في السموات .. وهذا حكاه أنس بن مالك حينما قال: (فَذَكَرَ (أي أبا ذر) أَنَّهُ (أي النبي) وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ آدَمَ، وَإِدْرِيسَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) ..

- ولذلك قال أنس بن مالك عن أبا ذر أنه: (َلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ) .. وإذا كان لم يثبت منازلهم .. إذن: هو لم يتذكر الترتيب جيدا.

- وحينما قال أنس بن مالك عن أبا ذر: (غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ) .. فأبا ذر قد قالها على الظن وليس عن قول النبي صلى الله عليه وسلم .. وإلا كان أسندها للنبي وقال أن النبي قال كذا .. وذلك كما أسند الرواية كلها عن النبي حتى آدم عليه السلام .. ولكنه اختلط عليه الأمر بعد ذلك في ترتيب منازل الأنبياء.. وأنس بن مالك أوضح ذلك بقوله: (وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ).

 

- يبقى منازل الأنبياء الموجود في هذه الرواية .. هي عن ظن الصحابي وليس عن قول النبي صلى الله عليه وسلم .. لأن الصحابي أبا ذر الغفاري قد اختلط عليه ترتيب منازل الأنبياء كما قال عنه أنس بن مالك الذي سمع منه بنفسه هذه الرواية ..

 

ب- قوله (قال أنس: فلما مر جبريل بالنبي .....) هي رواية بالمعنى العام من أنس لتوضيح ما نسيه أبا ذر ولم يذكره .. وحينما ذكر أنس بن مالك مقابلة الأنبياء فقد ذكرها بدون ترتيب ولذلك لم يذكر أماكن السموات وإنما فقط ذكر من قابلهم من الأنبياء .. وإلا لو كان يقصد الترتيب لكان ذكر أماكنهم في السموات ..

 

#- ولفظ (ثم) ليس بالمعنى الترتيب الزمني للأحداث .. وإنما هي بمعنى (الواو) هنا .. يعني بمعنى الحكاية .. أي كأنه يقول: وكان من جملة من قابله في السموات هو فلان وفلان .. وذلك كما في قوله تعالى: (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) البلد: 17.

 

#- إذن مما سبق .. لا يوجد حجة في هذه الرواية للاستدلال بوجود الأنبياء في منازلهم كترتيب صحيح يوثق به ..

 

#- ثانيا: هل الاضطراب في اختلاف ذكر مكان الرسول يبطل الرواية ؟

1- من خرافات المنكرين للمعراج .. والتي دائما أحب التوضيح لها والتنبيه عليها .. أن هذه النفوس تبطل الروايات بما ليس فيه كلام من النبي .. ويجعلون من هذه الروايات أحاديث نبوية بالكذب على العلماء وأهل العلم .. لأنهم يقولون أن هذه الروايات يذكروها العلماء على أنها أحاديث نبوية .. وفي الحقيقة هي مجرد روايات عن القصة .. منها ما هو حديث نبوي عن قول النبي كما رواها أنس بن مالك ومالك بن صعصعة وأبا ذر الغفاري حتى رؤية آدم في السموات ..، ومنها ما هو مروي عن ذاكرة الراوي ظنا كالجزء الأخير من رواية أبا ذر في ترتيب منازل الأنبياء ..، ومنها ما هو مروي بفهم الراوي نفسه من القصة كأجزاء كثيرة من رواية شريك بن أبي نمر وهي أصلا رواية مذكورة بالمعنى فيما يتذكره شريك ابن أبي نمر عما سمعه من أنس بن مالك وليس فيها لفظ مرفوع للنبي ..!!

 

- إذن: أخي الحبيب إذا انتبهت للروايات التي قالت باختلاف أماكن الأنبياء في السموات .. لم تكن من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما عن ذاكرة الراوي المضطربة في حفظه .. في تلك الروايتين السابق ذكرهما .. وهما ما حدث فيهما الإشكالية للبعض .. وفي الحقيقة أنه لا يوجد إشكالية لو تبينت الأمور بصورة صحيحة.

 

2- لماذا هؤلاء المنكرين للمعراج .. لم يذكروا أن ما استدلوا من روايات فيه اضطراب في جزئية ترتيب أماكن الأنبياء في السموات .. وهم يعلمون أنه لا يصح الاستدلال بما فيه اضطراب عن الراوي ؟!!

 

3- ولماذا لم يقولوا أن الروايات التي قيلت عن النبي .. كان ترتيبها ليس فيه اختلاف .. والتي منها أن موسى في السادسة وإبراهيم في السابعة ؟!!

 

@- أليس منهجهم قائم حينئذ على الخيانة في الأمانة العلمية .. أم هو الرغبة في إرجاف المؤمنين بأي وسيلة ممكنة من باب الغاية تبرر الوسيلة ؟!!

 

@- إذن مما سبق أخي الحبيب .. لا يوجد اضطراب بين الروايات الصحيحة لقصة المعراج التي تم روايتها عن النبي في جزئية ترتيب منازل الأنبياء .. وإنما الاضطراب في أجزاء من روايات صحيحة لم يرويها النبي وإنما عن صحابة وفيها علل واضحة في تلك الروايات .. ومن العار والخيانة العلمية عدم توضيح هذه الأمور لمن يعترض ويذكر هذه الروايات ..!!

 

#- ثالثا: رجاء مراجعة الآتي لتتعرف على بعض شبهات المنكرين ..

- لمعرفة لماذا تم تخصيص موسى بمراجعة النبي في تخفيف الصلوات .. ولم يكن سيدنا إبراهيم .. أو غيره من الأنبياء .. فارجع للفصل السابع والستون تحت عنوان:

- س158: لماذا حدثت المراجعة من موسى للنبي دون غيره من الأنبياء ؟ ..

- س159: لماذا اختص الله موسى ليسأل النبي عما فرضه الله عليه بل ويطلب منه أن يعود إلى الله ليخفف الصلاة على أمته ؟ ولماذا ليس إبراهيم وهو أبيه والأقرب إليه عند نزوله من السماء ؟..  

#- أولا: سؤالك عن إبراهيم بكونه كان الأحق في شرف مراجعة النبي عما فرضه الله عليه بدلا من موسى.. هو سؤال غريب جدا .. ليه ؟

#- ثانيا: الحكمة من اختيار موسى ليسأل النبي عما فرضه الله عليه.

#- ثالثا: من كلام العلماء في أسباب مقابلة موسى دون غيره من الأنبياء.

#- رابعا: من الإشارات التي ذكرها العلماء في أسباب تكرار طلب موسى من النبي لتخفيف الصلوات.

#- خامسا: البعض اعترض الإشارة المذكورة في كتب العلماء وهي أن موسى طلب من النبي مراجعة ربه ليزداد نورا مما رآه في النبي بعد لقاءه بربه .. وقال المعترض: أنه لم يثبت الرؤية للنبي إلى ربه .. فلا تصح هذه الإشارة .. !!

- س160: كيف يكون موسى هو أول من لقيه النبي عند نزوله من المعراج في حين أن أول من يقابله هو إبراهيم لأنه في السابعة وموسى في السادسة ؟.

- والله أعلم .

 

***********************

..:: س228: كيف يكون نهري النيل والفرات عند سدرة المنتهى فوق سبع سموات في حين هما في الأرض ؟ ::..

 

- مما يذكره منكري المعراج على الإنترنت .. أن عدم صحة الروايات يظهر بسبب أن نهري النيل والفرات عند سدرة المنتهى كما تقول الروايات .. في حين هما في الأرض ولا علاقة لهما بسدرة المنتهى ولا بالسماء .. فكيف تصح هذه الروايات عن المعراج .

 

#- جاء في (حديث صحيح) عن هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عن النبي .. ومما جاء في الحديث: ( ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى .. فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ .. وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ .. قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى .. وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ .. فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ .. وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ) صحيح البخاري برقم 3887.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- لا غرابة في ان يكون أصل الأنهار من عند سدرة المنتهى .. ولكن الغرابة فيمن ينكر كيفية ذلك وكأنه يجحد القدرة الإلهية جحودا قد استوطن نفسه حتى كأنه ينكر آيات الله .. ليه ؟!!

 

- لأن النيل والفرات .. كلاهما من محض فضل الله .. ومصدرهما الأصلي من فوق السماء السابعة .. وأفاض به على الوجود فسلكه أنهارا في الأرض .. واقرأ معي قوله تعالى:

- قال تعالى (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) الحجر:21 .

 

- وهذه الآية كافية جدا لأي مؤمن علشان يفهم كيف ينزل الله من خزائن فضله .. بما يريده لأهل الأرض ..

 

- بل وقد قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) الزمر:21.

- وقال تعالى: (يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) نوح:11-12.

 

@- بل ويوضح الله جل شأنه أنه من خلق في الأرض هذه الأنهار قال تعالى: (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) النمل:61.

 

- فالأرض لم تنشأ من نفسها أنهارا .. وبرزخ البحر لم يظهر من نفسه .. فالخالق هو من أوجد ذلك ..

 

2- أما عن إن كان منكري المعراج .. يريدون إنكار أن النبيل والفرات من الجنة لأنهم لا يرون مصبا من السماء للأرض كشلال مائي ينزل من السماء إلى الأرض .. فهذا حينئذ تصور ساذج جدا .. لا يمكن أن يقول به مؤمن بالغيب وبقدرة الله العلي القدير .. وإلا فلماذا لم يقولوا أين الملائكة والجن الذين ذكرهم القرآن والجن يسكنون معنا الأرض والملائكة تسير على الأرض ويتعاقبون علينا ليلا ونهارا ؟!!

 

- فإذا كان حال هؤلاء المنكرين للمعراج أنهم لا يؤمنون بالغيب وبقدرة الله العلي القدير فهذا يدل على حقيقتهم النفسية الفاسدة .. وإن كانوا يؤمنون فما وجه الإعتراض حينئذ ؟!!

 

- وإذ أن الذي جعل بين البحرين برزخا محجوبا لا نراه .. هو أيضا الذي أنزل الماء العذب لنهري النيل والفرات من فوق سبع سموات وجعله يصل إلينا من وراء برزخا لا نراه (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا) النمل:61 ..، (وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا) الفرقان:53 .. فما العجب والغرابة حينئذ ؟!!

 

3- أما ما جاء في رواية .. أن نهري النيل والفرات يمر في كل السموات السبع حتى السماء الأولى وكذلك نهر الكوثر ..

- فقد جاء ذلك في (حديث صحيح – فيه نكارة عند العلماء) .. عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ ... ومما جاء بالرواية:  (فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ (أي يجريان)، فَقَالَ: مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا النِّيلُ وَالفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا (أي أصلهما  والمقصد أن نهري النيل والفرات على الأرض من أصل هذين النهرين في ذلك المكان السماوي) .. ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ (أي نفس السماء الأولى)  .. فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ (أنواع من الجواهر الغالية الثمن) .. فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ (أي طيب الرائحة) .. قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟، قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ (أي نهر الكوثر) الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ (أي ادخره لك ربك في الجنة) ..) صحيح البخاري.

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة) نجد في الحديث السابق أمرين:

أ- هذه الرواية فيها مشكلة عند العلماء ومما اعترضوا به على البخاري .. وسبب الإشكالية هي أن كثير من أجزائها مخالف لما جاء في الروايات الصحيحة الأخرى .. وقد سبق وناقشنا رواية البخاري السابقة عن (شريك بن عبد الله) في هذه الرسالة .. فارجع في الفصل الثالث عشر عند السؤال رقم (34)..، وكذلك ارجع للفصل الحادي والأربعون من السؤال (102- وحتى السؤال – 104).

 

ب- هذه الرواية .. كما قلنا مرار ليست من قول النبي ..

 

ج- هذه الرواية تخالف ما جاء في الروايات الصحيحة من حيث أن أول رؤية الأنهار كانت في سدرة المنتهى على المشهور في الأحاديث الصحيحة .. وإذا قلنا بأن الأنهار ممتدة من أول سدرة المنتهى إلى السماء الأولى كما قال البعض .. فكيف يتم الإجابة على أن أول رؤية النبي لهذه الأنهار كانت عند سدرة المنتهى كما في الأحاديث الصحيحة ؟!!

 

د- كيف يكون الله خبأ للنبي نهر الكوثر وهو يمر في السماء الأولى ويراه حينئذ كل من في السموات السبع بداية من فوق سبع سموات وحتى أهل السماء الأولى ؟!!

#- وبالتالي: فإني أرى هذا الجزء من الرواية من مناكير الرواية الغير مقبولة والمخالفة للصحيح من روايات المعراج ..

- والله أعلم .

 

#- ملحوظة هامة جدا: انتبه جيدا لسؤال النيل والفرات السابق ذكره .. لأن مسألة نهري النيل والفرات لها مسألة أخرى نذكرها في الفصل القادم .. وهي تتعلق بحديث قيل عن نهري النيل والفرات بأنهما من الجنة .. فكيف يكونا من أنهار الجنة والجنة من المفترض أن الجنة فيها ما لا عين رأت ونحن رأينا هذه الأنهار في الدنيا ..؟!!

- فتابع معي كيف نحل هذا الإشكال الظاهري .. والله ولي التوفيق.

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .