ج111: قصة الإسراء والمعراج - هل المعراج كان أهم وأولى بذكره في القرآن من الإسراء لعجائب ما حدث فيه وأولى بالكفار أن كانوا جادلوه فيه ولم يحدث فكان ذلك دليلا على عدم حدوث المعراج - هل بالضرورة ذكر لفظ المعراج مع كلمة الإسراء في القرآن لثبوت المعراج.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل المائة وإحدى عشر)

#- فهرس:

:: الفصل المائة وإحدى عشر :: عن رحلة المعراج – ج2/ مسائل عقلية ذكرها المنكرين للمعراج بجسد النبي ويجعلون المعراج مناما والإسراء منفصل عن المعراج ::

1- س285: هل كان المعراج أهم وأولى بذكره في القرآن من الإسراء لعجائب ما حدث فيه وأولى بالكفار أن كانوا جادلوه فيه ولكن لم يحدث وبالتالي كان ذلك دليلا على أن المعراج لم يحدث مع الإسراء وكان مناما أو لم يحدث من أساسه ؟  

#- أولا: من قال لك أن المعراج لم يتم ذكره في القرآن حتى تعترض وتقول لم يأت ذكره في القرآن ؟!!

#- ثانيا: هل أنكر أحد من الصحابة أو التابعين حدوث المعراج ؟

#- ثالثا: لماذا لم يحكي النبي للكفار عن المعراج ؟ ولماذا الإسراء لبيت المقدس أولا ؟

#- رابعا: أما عن مسألة عدم مجادلة الكفار للنبي في المعراج وأنها دليلا على أنه لم يذكره لهم وإلا كانوا كذبوه وجادلوه فيه ولذلك لم يحدث المعراج مع الإسراء وكان مجرد منام في وقت آخر.

#- خامسا: هل بالضرورة ذكر لفظ المعراج مع كلمة الإسراء في القرآن لثبوت المعراج ؟

#- سادسا: هل عدم ذكر أحداث في القرآن دليل على عدم حدوثها في الواقع وخرافتها ؟!!

#- سابعا: ما الأولى والأهم ذكره في القرآن الإسراء أم المعراج الذي فيه أحداث وعجائب ؟

*******************

:: الفصل المائة وإحدى عشر ::

**********************

..:: س285: هل كان المعراج أهم وأولى بذكره في القرآن من الإسراء لعجائب ما حدث فيه وأولى بالكفار أن كانوا جادلوه فيه ولكن لم يحدث وبالتالي كان ذلك دليلا على أن المعراج لم يحدث مع الإسراء وكان مناما أو لم يحدث من أساسه ؟ ::..

- من شبهات منكري حدوث المعراج .. سواء نفي كونه باليقظة وجعله مجرد منام وبالتالي فهو حادث منفرد عن الإسراء .. أو بعضهم ينفوا حدوثه تماما وكأنه لم يكن كما هو حال بعض أهل زماننا .. فهما طائفتين لم يعقلوا الأمور بصورة صحيحة لهوى في أنفسهم .. والأغرب أنهم يزعمون أن ذلك هو العقل ..!!

 

1- الطائفة الأولى قالت: أن المعراج كان مناما روحيا وليس جسديا .. وإلا لو كان يقظة لكان أولى بذكره في القرآن من الإسراء .. لأن المعراج شأنه أعجب .. وأمره أغرب من الإسراء بكثير .. ؟!! إذ أن الاقتصار على الأدنى وهو الإسراء .. وتجاهل الأعظم وهو المعراج .. مما لا يصح قوله أو يقبله العقل حينئذ ..!!

 

#- ودليل آخر: هو أن عدم مجادلة الكفار للنبي في المعراج دليل على كونه لم يحدث ليلة الإسراء .. ولو كان حدث المعراج فعلا لكانوا جادلوه فيه .. وإنما عدم مجادلتهم فيه ظهر من وراء ذلك أن هذا المعراج كان مناما ولذلك لم يحكيه النبي لهم ..

 

@- وقد ذكر هذا الرأي الإمام بن حجر في شرحه على صحيح البخاري إذ قال:

  #- وذهب بعضهم إلى أن الإسراء كان في اليقظة .. والمعراج كان في المنام .. أو أن الاختلاف في كونه يقظة أو مناما خاص بالمعراج لا بالإسراء .. ولذلك لما أخبر به قريشا كذبوه في الإسراء واستبعدوا وقوعه ولم يتعرضوا للمعراج .. وأيضا فإن الله سبحانه وتعالى قال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) .. فلو وقع المعراج في اليقظة لكان ذلك أبلغ في الذكر فلما لم يقع ذكره في هذا الموضع مع كون شأنه أعجب وأمره أغرب من الإسراء بكثير .. دل على أنه كان مناما .. وأما الإسراء فلو كان مناما لما كذبوه ولا استنكروه لجواز وقوع مثل ذلك وأبعد منه لآحاد الناس. (فتح الباري ج7 ص197-198).

 

#- ملحوظة هامة: هذا الرأي الذي ذكره بن حجر ليس هو رأيه الخاص وإنما نقله .. بل قام بالرد على هذا الرأي تعقيبا عليه بعد ذلك فقال:

- ولم يقع لقريش في ذلك اعتراض لأن ذلك عندهم من جنس قوله إن الملك يأتيه من السماء في أسرع من طرفة عين وكانوا يعتقدون استحالة ذلك مع قيام الحجة على صدقه بالمعجزات الباهرة لكنهم عاندوا في ذلك واستمروا على تكذيبه فيه بخلاف إخباره أنه جاء بيت المقدس في ليلة واحدة ورجع .. فإنهم صرحوا بتكذيبه فيه فطلبوا منه نعت بيت المقدس لمعرفتهم به وعلمهم بأنه ما كان رآه قبل ذلك .. فأمكنهم استعلام صدقه في ذلك بخلاف المعراج. (فتح الباري ج7 ص197-198).

 

ب- الطائفة الثانية: وهم من أنكروا حدوث المعراج أصلا أي ليس له وجود .. ويرددون نفس الكلام وهو أن لو المعراج حدث يقظة لكان أولى بذكره في القرآن من الإسراء لعجائب ما حدث في المعراج .. إذ أن تجاهل الحدث الأعظم وهو المعراج وذكر الحدث الأدنى وهو الإسراء هو أمر مخالف للإعجاز وإقامة الحجة .. ولا يقبله العقل ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- طالما العقل هو المقياس والحجة .. فلننظر ماذا قال العقل ونترك الحكم للعقلاء .. ليحيى من حي عن بينة عقلية .. وسيكون الرد في أغلبه موجها للمنكرين للمعراج كليا لغرابة استمرار زعمهم أن لهم عقلا قد عقلوا به ما لم يعقله الآخرون ..!!

 

#- أولا: من قال لك أن المعراج لم يتم ذكره في القرآن حتى تعترض وتقول لم يأت ذكره في القرآن ؟!!

- فإذا كنت تتكلم بالمذهب والهوى حسب ما تتكلم .. وتزعم أن المعراج ليس موجود في القرآن .. فهذا لون من الجهل بالقرآن .. وإلا فعلماء المسلمين يثبتون المعراج بدلالة آيات سورة النجم .. وأيضا بدلالة آية الإسراء من باب أنه من جملة الآيات التي جعله الله يراها .. إذ لا يعقل أن يسرى به لبيت المقدس للسياحة الدينية ويريه بيت المقدس الذي رآه الكفار .. !!

- مش كده ولا إيه ؟!!

 

#- ثانيا: هل أنكر أحد من الصحابة أو التابعين حدوث المعراج ؟

- لم يأتينا أن أحد من الصحابة أو التابعين أنكر حدوث المعراج .. بل المثبت عنهم روايتهم لحديث المعراج بسند صحيح ورجال ثقات نقلوه .. بل وتكلموا عن رؤية النبي لربه ليلة المعراج من خلال آيات سورة النجم.

 

- ولا يعقل أن يختلف الصحابة في رؤية الله ليلة المعراج بالعين أم بالفؤاد .. لقصة معراج لم تحدث أصلا بل .. وإلا يكون اختلافهم على وهم لم يحدث .. وهذا فيه سباب للصحابة رضي الله عنهم .. واتهام بالبهتان عليهم أنهم كذبوا على النبي ..!!

 

- فلو قلت أنك جاحد للأحاديث فالقرآن شاهدا عليك أنك جاحد له أيضا .. وقد أثبتنا حدوث المعراج باتفاق المسلمين .. بآيات سورة النجم وإن اختلفوا في كونه مناما أم يقظة..

 

#- ملحوظة: مسألة الإسراء والمعراج يقظة أم منام .. ناقشناها كثيرا وأثبتنا بطلان كون المعراج ورؤية الله بالفؤاد ما كانت بالمنام بكل يقين واطمئنان..، يمكنك الرجوع للفصل الثاني عشر وما بعده .. بداية من عنوان (س33: هل كان الإسراء والمعراج يقظة أم مناما وبالجسد أم الروح ؟) .. وستجد ما يشبعك من كلام العلماء والعقلاء ما يفسد هذا التصور المنامي.

 

#- ثالثا: لماذا لم يحكي النبي للكفار عن المعراج ؟ ولماذا الإسراء لبيت المقدس أولا ؟

- عدم حكاية النبي للكفار عن المعراج .. هي نفسها إجابة السؤال الذي يقول لماذا انتقل النبي لبيت المقدس وعرج به جبريل من هناك ..؟!!

- ليه قلت لك كده .. ركز معي:

 

1- أكيد لم يكن من العجيب ذهاب النبي لبيت المقدس .. لأنه ذهب إليه الكفار من قبل بل ويسكنه أهل بيت المقدس أنفسهم .. وإنما كان هذا لحدث آخر سينتقل به من هناك وهو العروج للسموات ..

- أما عن ذهابه لبيت المقدس دون العروج مباشرة .. فهذا ما يدركه كل ذي عقل فطن .. إذ أن الحجة تقام على الكافر بما يعقله من أدلة وليس بما لا يعقله ..

 

2- فلو كلمهم النبي وقال لهم ذهبت للسموات ورأيت كذا وكذا .. فما فائدة ذلك وقد كان يحكي لهم أن الوحي يأتيه وجبريل ينزل عليه ولم يصدقوه بل كذبوه .. أيذكر لهم بعد ذلك ما هو متهم فيه منهم بالكذب .. ؟!!

- بقى ده كلام عقلاء يا ناس .. أو في أي حد عاقل يقول بيه ؟!! لا أظن ذلك.

 

3- إذن: النبي قد حكى الإسراء للدلالة على ما يؤيد به حجته التي هم يستطيعون استخدام العقل فيها لتكون حجة عليهم ودلالة على صدقه صلى الله عليه وسلم.

 

4- إذ لو صدقوه فيما يعلمون .. لكان ارتقى بهم إلى ما هو أعلى وصرح لهم بالمعراج .. ولكن لما كذبوه فيما أثبته لهم .. فما فائدة ذكر المعراج لهم ؟!!

- وهذا من أبسط ما يمكن أن يفكر فيه العقلاء .. أن التكذيب إذا كان فيما هو عجيب .. فما يكون الحال فيما هو أعجب ؟!!

- فقط نحن نتكلم بالعقل .. لا أكثر ..

#- ملحوظة: مسألة إسراء النبي إلى بيت المقدس أولا والحكمة من ذلك .. سبق الكلام عليها في الفصل السابع .. تحت عنوان: (س21: ما الحكمة من ذهاب النبي إلى المسجد الأقصى وصلاته بالأنبياء هناك ؟) ..، وفي الفصل الثامن تحت عنوان: (س23: لماذا ذهب النبي إلى المسجد الأقصى أولا ولم يعرج مباشرة من المسجد الحرام طالما الغرض هو المعراج ؟ ) ..، وفي الفصل السادس والثمانون .. تحت عنوان: (س214: ما الحكمة من بقاء بيت المقدس قبلة لصلاة المسلمين بعد فرض الصلاة ولمدة سنة ونصف تقريبا بعد هجرتهم للمدينة ؟!!) ..، وفي الفصل السابع والثمانون تحت عنوان: (س215: لماذا لم يعرج النبي مباشرة من المسجد الحرام بدلا من العروج من بيت المقدس ؟ وما الإشارة في ذلك ؟).

@- من جميل ما قاله الإمام الشعراوي رحمه الله (المتوفى:1419 هـ):

- إن كان الحق تبارك وتعالى .. قد ذكر الإسراء صراحة في هذه الآية، فقد ذكر المعراج بالالتزام في سورة النجم، في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى عِندَ سِدْرَةِ المنتهى عِندَهَا جَنَّةُ المأوى إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى مَا زَاغَ البصر وَمَا طغى لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى) النجم:13-18 .

- ففي الإسراء قال تعالى: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ ...) الإسراء:1 .

- وفي المعراج قال: (لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى) النجم:18 .

 

- ذلك لأن الإسراء آية أرضية .. استطاع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بما آتاه الله من الإلهام أنْ يُدلِّل على صِدْقه في الإسراء به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ لأن قومه على علم بتاريخه، وأنه لم يسبق له أنْ رأى بيت المقدس أو سافر إليه، فقالوا له: صِفْه لنا وهذه شهادة منهم أنه لم يَرَهْ .. فتحدَّوْهُ أن يصفه.

- والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما يأتي بمثل هذه العملية .. هل كان عنده استحفاظ كامل لصورة بيت المقدس، خاصة وقد ذهب إليه ليلاً ؟

 

- إذن: صورته لم تكن واضحة أمام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بكل تفاصيلها، وهنا تدخلتْ قدرة الله فجلاَّه الله له، فأخذ يصفه لهم كأنه يراه الآن.

 

- كما أن الطريق بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى .. طريق مسلوك للعرب .. فهو طريق تجارتهم إلى الشام .. فأخبرهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن عيراً لهم في الطريق .. ووصفها لهم وصفاً دقيقاً .. وأنها سوف تصلهم مع شروق الشمس يوم مُعين.

 

- وفعلاً تجمعوا في صبيحة هذا اليوم ينتظرون العير .. وعند الشروق قال أحدهم: ها هي الشمس أشرقتْ. فردَّ الآخر: وها هي العير قد ظهرتْ.

- إذن: استطاع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يُدلِّل على صدق الإسراء؛ لأنه آية أرضية يمكن التدليل عليها، بما يَعْلمه الناس عن بيت المقدس، وبما يعلمونه من عِيرهم في الطريق.

 

- أما ما حدث في المعراج .. فآيات كبرى سماوية لا يستطيع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ التدليل عليها أمام قومه .. فأراد الحق سبحانه أنْ يجعل ما يمكن الدليل عليه من آيات الأرض وسيلة لتصديق ما لا يوجد دليل عليه من آيات الصعود إلى السماء .. وإلا فهل صعد أحد إلى سدرة المنتهى، فيصفها له رسول الله ؟

 

- إذن: آية الأرض أمكن أنْ يُدلّل عليها .. فإذا ما قام عليها الدليل .. وثبت للرسول خَرْق نواميس الكون في الزمن والمسافة .. فإنْ حدّثكم عن شيء آخر فيه خَرْق للنواميس فصدِّقوه .. فكأن آية الإسراء جاءت لِتُقرِّب للناس آية المعراج.

 

- فالذي خرق له النواميس في آيات الأرض .. من الممكن أنْ يخرق له النواميس في آيات السماء، فالله تعالى يُقرِّب الغيبيات، التي لا تدركها العقول بالمحسّات التي تدركها. (تفسير الشعراوي ج13 ص8322).

 

#- وقال رحمه الله في مكان آخر من تفسيره:

- أسرى برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إليه: ليدلل بذلك على أن بيت المقدس قد دخل في مقدسات الإسلام، وأصبح منذ هذا الحدث في حَوْزة المسلمين. (تفسير الشعراوي ج13 ص8334).

 

#- رابعا: أما عن مسألة عدم مجادلة الكفار للنبي في المعراج وأنها دليلا على أنه لم يذكره لهم وإلا كانوا كذبوه وجادلوه فيه ولذلك لم يحدث المعراج مع الإسراء وكان مجرد منام في وقت آخر .. فأقول لهؤلاء:

- احترموا عقولكم .. ليه ؟

1- هل جاء في أي حديث من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر للكفار المعراج ؟!!

- لا .. لم يوجد حديث يقول بذلك ..

- فإذا لم يحدث ذلك .. فلماذا سيجادلوه فيما لم يذكره لهم ؟!!

 

2- ولماذا النبي يذكر للكفار ما هم له مكذبون ؟

- إذا كان يخبرهم أن جبريل عليه السلام نزل عليه بالوحي وأن الله أنزل عليه قرآنا .. فلم يصدقوه واتهموه بأنه ساحر ومجنون .. فلماذا حينئذ يكلمهم عن المعراج والملائكة والسموات إذا كان هذه المسائل هو متهم فيها أصلا منهم ؟!!

- بقى ده كلام عقلاء يا ناس ؟!!

 

3- وبعدين تتكلمون مستشهدين بالعقل وهذا شيء جميل .. ولكن بالعقل برضه نقول لكم: طالما أنتم مؤمنين أن الإسراء كان بالجسد .. وإذا كان الإسراء كان بجسد النبي مصحوبا بعناية وفضل الله لأن الله هو الذي أسرى بعبده .. فلماذا لم تجدوا في عقولكم ان المعراج كان بقدرة الله وعناية وفضله للنبي صلى الله عليه وسلم ؟!! أم أن قدرة الله عندكم مقصورة على كوكب الأرض دون باقي الكون السماوي ؟!!

- فالذي أسرى بالنبي يقظة بذاته للأقصى .. هو الذي عرج به أيضا بذاته للسماء ..!!

- ما لكم كيف تحكمون أم على العقول والقلوب أقفال ؟!!

 

#- خامسا: هل بالضرورة ذكر لفظ المعراج مع كلمة الإسراء في القرآن لثبوت المعراج ؟

1- ليس بالضرورة ذكر شيء لثبوت شيء في القرآن .. وإلا فلماذا لم يتم ذكر عدد الصلوات الخمسة حتى يثبت وجودها ؟!!

- إذن: ليس بالضرورة ذكر الشيء بلفظه للدلالة على وجوده أو حدوثه ..!!

 

2- قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء:1 ..

 

- ليس بالضرورة أن يذكر لفظ المعراج في آية الإسراء لوجود الدلالة عليه .. وإنما بدأ بلفظ الإسراء لما يستوعبه الكفار .. ثم ذكر ما فيه دلالة على المعراج وهو:

أ- قوله (الْأَقْصَا) الذي أتى كتابته بالألف الممدودة وليس بالألف المقصورة .. للدلالة على أنه تم الإسراء به إلى أقصى مسجد في الأرض وأقصى مسجد في السماء وهو البيت المعمور .. فجمع بلفظ كلمة في رسمته في المصحف بالألف (الأقصا) .. للدلالة على أقصى الأرض والسماء ..

 

ب- قوله (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) .. ثم أشار إليها في سورة النجم بقوله تعالى: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:18.

 

ج- قوله (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) قالها ربنا في ختام آية الإسراء .. لتعلم أنه قد تجلى على حبيبه بسمع خاص وبصر خاص في تلك الرحلة ليس ليشاهده مزارات سياحية في بيت المقدس ويريه جمال الليل ..، وإنما ليريه وكاشفه بتجليات علوية لم يحظى بها غيره صلى الله عليه وسلم كرؤيته لربه بيقين فؤاده فيبصره ..، وليرتقي به إلى مقام صريف الأقلام حتى مقام الخصوصية ويوحي إليه ويكلمه ربه فيسمعه ..

 

@- إذن: ليس بالضرورة أن يذكر الله اسم المعراج مع الإسراء .. لوجود دلالات على المعراج يفهمها من يفهمها .. أما المحجوب عقله عن الفهم .. فندعو له الله أن يفهم .. وما ذلك على الله بعزيز ..

 

#- ملحوظة للتذكرة: سبق وتكلمنا عن مسألة إنكار وجود المعراج لأنه لا سورة باسم المعراج في القرآن .. وذلك في الفصل المائة وخمسة تحت عنوان: (س268: هل عدم وجود اسم سورة باسم المعراج دليل على عدم حدوث المعراج ؟).

 

#- سادسا: هل عدم ذكر أحداث في القرآن دليل على عدم حدوثها في الواقع وخرافتها ؟!!

- إذا كان البعض يشير إلى أن المعراج هو أسطورة خرافية لعدم ذكره في القرآن ..

- فتعالوا كده نشوف عقله رايح لفين ؟

 

#- نجد أن ما تكلم به من منطق هو يدل على عقلية قائله ونفسيته .. ليه ؟

- لأنه ببساطة نقول: هل عدم ذكر القرآن على أن القبلة تكون لبيت المقدس لمدة ثلاثة عشر عاما .. فبهذا يكون وجود هذه القبلة هو مجرد خرافة وأن ما كان يفعله النبي وصحابته إنما هو مجرد وهم يتوهمونه لأن القرآن لم يذكر لهم ذلك ؟!!

 

- أم أن من يقول بهذا المنطق هو شخص مخرف وفاقد للمعقولية ؟!!

- أكيد من يقول بذلك: هو شخص مخرف وفاقد للمعقولية ..!!

 

- ويدل هذا المنطق على نفسيته .. من حيث إرادته أن يثبت المسكين أن له عقل يفكر به في محاولة منه لمحو عار الغباء عنه ..

 

- كفاية كده .. وتابع البند التالي مباشرة ففيه استكمال لما في هذا البند ..

 

#- سابعا: ما الأولى والأهم ذكره في القرآن الإسراء أم المعراج الذي فيه أحداث وعجائب ؟ ..

1- الأولى والأهم ذكره بلا أدنى شك .. هو ما ذكره الله .. وليس ما نختاره نحن ونظنه أنه الأولى ذكره ..!!

- ولو بنتكلم بالعقل هيكون الأولى في آية الإسراء هو العناية بذكر الإسراء .. لأنه يخاطب عقل مادي بحدث الأرضي يمكن التحقيق منه حين السؤال عنه .. وبالتالي ثبوت نبوته صلى الله عليه وسلم وإظهار قدرة الله بصورة مادية وواقعية من خلال ما حدث مع النبي .. ولكن ما فائدة ذكر المعراج مع الكافر بالله والوحي والملائكة إذا كانوا هم مكذبين لهم ويعتروهم لا وجود لهم لأنه لا مادية لهم ؟!!

 

2- ولكن منطقية ومعقولية مسألة الأولى ذكره في القرآن هو منطق باطل أصلا .. لأن المنكرين للمعراج كليا أو كونه يقظة .. يذكرون هذا المنطق ومقياسهم فيه أن المعراج فيه أحداث وعجائب كانت أولى بذكره في القرآن عن الإسراء وذلك لتقوية حجة النبي أمام الكفار .. !!

- والحقيقة أن هذا منطق ومقياس غير عاقل أصلا ..!!

- ليه ؟

- لأن هل النبي عرج الله به ليريه آياته .. أم ليحتج بمعجزة أمامهم ؟!!

- أكيد ليريه آياته ..

 

- إذن: هذا معراج تشريف وليس معراج تحدي .. ولذلك لا يصح من بليد عقل يستعلى بعقله على المؤمنين ويقول كان أولى بذكر المعراج لإظهار التحدي والمعجزة !!

- مش كده ولا إيه ؟!!

 

3- ومن ناحية أخرى .. حتى تعلم فساد منطقهم العقلي .. فسألهم: هل ذكر القرآن في الإسراء أي شيء يدل على تحدي النبي للكفار بهذا الإسراء ..؟!!

- أكيد .. لا .

- فلماذا يقولون حينئذ: كان الأولى في القرآن ذكر المعراج ليكون التحدي أقوي لإثبات النبوة ؟!!

- فما علاقة التحدي والمعجزة والنبوة بمسألة الإسراء والمعراج ؟!!

 

@- فالإسراء والمعراج هي مسألة تتعلق بتصديق المؤمنين لها لأنها مسألة تشريفية للنبي ونحن نفتخر بما للنبي من شرف عند ربه .. ولا علاقة لها بالكفار إلا من حيث جزئية سؤالهم للنبي ماذا رأى في بيت المقدس ..!! ولا أكثر ولا أقل ..!!

 

4- وحتى تتيقن من فساد منطقهم العقلي بمسألة الأولى ذكره في القرآن .. فسألهم: إذا كان المنطق هو أن ما لا يتم ذكره في القرآن هو باطل لا وجود له .. فما بال الأنبياء الذين لم يذكرهم القرآن .. هل كان هؤلاء الأنبياء  باطل أم خرافة ؟!! وبنفس منطقكم المضلل: ألم يكن من الأولى التعريف بهؤلاء الأنبياء بدلا من كثرة الكلام عن إبليس ؟!!

 

5- وحتى تطمئن تماما على فساد منطقهم القائل: بأن الأولى ذكره في القرآن هو الحق وما لم يذكر بلفظه في القرآن هو خرافة على حسب منطق هؤلاء ..

- فعلى هذا المنطق المضلل .. فوجود خمس صلوات هو أكذوبة في الدين .. ووجود نصاب الزكاة وهو ربع العشر .. سيكون ذلك خرافة وأكذوبة في الدين .. لأن القرآن لم يذكرهم بتحديد خمس صلوات بأوقاتهم ولم يذكر نصاب الزكاة بأنه ربع العشر ..!!

 

- وبالتالي سيأتون يقولون لك .. لا يوجد صلوات خمسة ولا نصاب للزكاة لأن القرآن لم يذكرهم .. ولو كانوا مهمين لكان ذكرهم القرآن لأن هذه عبادات أصلية كان الواجب ذكرها في القرآن .. ولكن لما كان القرآن لم يذكرها .. فلا نعترف بها إلا من حيث يوجد فرض صلاة دون تحديد عدد لها أو ميقات محدد لها .. ويوجد فرض زكاة ولكن دون تحديد لمقداره ..!!

 

- أها .. إذن: المقصد هو ليس مسألة المعراج مذكور في القرآن أم .. لا .. بل المنطق هو جحود وإنكار فرض الصلاة والزكاة وغير ذلك .. وإلا كان الأولى ذكرهم القرآن في كتابه الذي نتعبد به إليه ..

- مش كده ولا إيه يا مسلمين يا عقلاء ؟!!

 

@- فانتبه أخي الحبيب ممن يقول لك في زماننا هذا: كان من الأولى ذكر المعراج بدلا من الإسراء .. فوراءه ما وراءه من رغبات ظلمانية فيها من الإنحراف ما فيه بعد عن الله وابتداع دين بمحض الهوى ..

 

#- وخلاصة القول أخي الحبيب:

- لا تغتر بما يذكرونه لكم ويخدعوك به على أنه منطقي وعقلاني .. لأنك لو تفكرت فيما يذكرونه لك أنه عقلاني ومنطقي .. ستجد أنه ليس عقلاني ولا منطقي .. وأنهم ليس لديهم فطرة تفكير سوية وسليمة .. وإنما غالبا بين ثنايا ألفاظهم خاصة منكري المعراج النبوي .. ستجد نفس مشحونة بكل غل وحقد وكراهية للنبي صلى الله عليه وسلم لمحو كل ما هو جميل له صلى الله عليه وسلم .. ويستترون خلف قناع الآيات العقل أو بعض الآيات القرآنية لتفهم أنهم مؤمنون بالقرآن .. فأي إيمان هذا الذي يقوم على الغباء العقلي وعدم احترام العقل مع استغفال جماعة المؤمنين بمعلومات مضللة شرعا وعقلا ؟!!

 

2- أن بعض من ذكر بعض الحجج العقلية للدلالة على أن المعراج كان بالمنام وليس يقظة وبجسد النبي .. إنما هي حجج عقلية مغلوطة ومردودة عليهم .. بل والعقل يرفضها إذ لا حجة فيها .. إذ كيف يقبلها إنسان عاقل وهي لا معقولية فيها أصلا ..!!

- وقد ذكرت من الردود العقلية عليهم ما يكفي أهل الرشد العقلاء .. والله ولي التوفيق.

- والله أعلم .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .