ج115: قصة الإسراء والمعراج - هل دليل بطلان حدوث المعراج هو صلاة السيدة خديجة مع النبي الصلوات الخمسة - هل دليل بطلان حدوث المعراج هو فرض الوضوء قبل وفاة النبي محمد بعامين أو ثلاثة.

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل المائة وخمسة عشر)

#- فهرس:

:: الفصل المائة وخمسة عشر :: عن رحلة المعراج – ج6/ مسائل عقلية ذكرها المنكرين للمعراج بجسد النبي ويجعلون المعراج بالروح ::

1- س291: هل دليل بطلان حدوث المعراج هو صلاة السيدة خديجة مع النبي الصلوات الخمسة ؟

2- س292: هل دليل بطلان حدوث المعراج هو فرض الوضوء قبل وفاة النبي محمد بعامين أو ثلاثة ؟

*******************

:: الفصل المائة وخمسة عشر ::

*******************

..:: س291: هل دليل بطلان حدوث المعراج هو صلاة السيدة خديجة مع النبي الصلوات الخمسة ؟ ::..

 

- من الأمور التي يستغلها البعض لإنكار المعراج .. هو بعض ما يجده في كتب السيرة التراثية رواية تقول: أن السيدة خديجة صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم .. في حين أن فرضية الصلاة إنما حدثت بعد موت السيدة خديجة .. فكيف تكون صلت معه ؟!!

 

#- وهذه الرواية هذا نصها:

- جاء في (أثر مجهول ومقطوع السند) .. قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم: (أَنَّ الصَّلَاةَ حِينَ اُفْتُرِضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ .. فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ (أي خبط بكعب رجله في مكان بالأرض) فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي .. فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ عَيْنٌ.

- فَتَوَضَّأَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إلَيْهِ .. لِيُرِيَهُ كَيْفَ الطُّهُورُ لِلصَّلَاةِ .. ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَأَى جِبْرِيلَ تَوَضَّأَ .. ثُمَّ قَامَ بِهِ جِبْرِيلُ فَصَلَّى بِهِ .. وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلَاتِهِ .. ثُمَّ انْصَرف جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام.

- فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ .. فَتَوَضَّأَ لَهَا لِيُرِيَهَا كَيْفَ الطُّهُورُ لِلصَّلَاةِ كَمَا أَرَاهُ جِبْرِيلُ .. فَتَوَضَّأَتْ كَمَا تَوَضَّأَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ثُمَّ صَلَّى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَمَا صَلَّى بِهِ جِبْرِيلُ فَصَلَّتْ بِصَلَاتِهِ) رواه ابن هشام في سيرته ج1 ص244.

 

#- أتى بعض منكري المعراج بهذه الرواية وعمل عليها حفلة للطعن في المعراج .. وأخذ يطعن في معراج النبي وقال بناء على ما سبق ما ملخصه ..

 

- إذا كانت السيدة خديجة صلت مع النبي .. فهذا معناه أن جبريل علمه الصلوات الخمس وكانت مفروضة في حياة السيدة خديجة .. ونعلم أن السيدة خديجة ماتت قبل حادثة المعراج .. وبالتالي يكون فرضية الصلاة في المعراج هي مجرد وهم كبير لأن المعراج أصلا لم يحدث ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

1- طالما أنت توافق على الإستدلال بالروايات في حين أنت جاحد بها ولا تعتقد فيها .. فلماذا أتيت برواية مجهول الإسناد ومنقطعة السند من أوله لآخره .. وجعلت من هذه الرواية حقيقة وجودية .. في حين أنكرت وجحدت الأحاديث الصحيحة التي أثبتت المعراج ؟!!

 

- إذن: قياسك في الإستدلال للوصول إلى مرادك هو قياس فاسد وباطل ويدل على حقيقة نفسيتك ومرادك من استدلالك وهو إرجاف المؤمنين .. لأنه طالما كان قياسك هو الروايات فكان من الامانة العلمية أن تقول بأن الرواية التي أشرت إليها هي رواية باطلة ولا تصح في مقياس أهل العلم .. في حين صحت روايات المعراج التي أنت جاحد بها ..

 

#- فيا لك من شخص غير أمين في العلم الديني ..!!

 

- ولا عجب في ذلك .. فهذه هي حقيقتكم النفسية التي طالما وجدتها فيكم .. إما كذب أو خيانة في الأمانة العلمية ..!!

 

#- وعموما بطلان الرواية كافي لإبطال شبهتك المذمومة .. ويسقط احتجاجك بها .. وجزاك الله بقدر ما أردت أن ترجف به المؤمنين.

 

2- ومن ناحية أخرى .. على افتراض أن النبي علم السيدة خديجة الصلاة .. (وإن كان لا يوجد نص صحيح يقول بذلك أصلا) .. فما المشكلة في أن يعلمها الوضوء والصلاة .. إذ كان الوضوء والصلاة وقتها على سبيل الندب في حق غير النبي وقال بعض العلماء بل كان فرضا في حق النبي وغيره .. ؟!!

 

- ثم تم بدأ فرض الوضوء بالمدينة وكان من قبل سنة متبعة .. وبدأ فرض الصلاة بمكة بعد المعراج وكان من قبل فرضا على النبي وندبا للمؤمنين.

- ولكن ما يهمنا قوله هنا: ما علاقة هذه الرواية الغير صحيحة .. بالفروض الخمسة المفروضة ليلة المعراج ؟!!

 

- وعموما لو صحت هذه القصة: فالمقصد منها الصلاة التي كان المؤمنين يؤدونها في باديء الأمر ركعتين صباحا وركعتين في المساء على سبيل الندب .. ولا علاقها لذلك بفرض الصلوات الخمسة ..!!

 

3- أما ما جاء في قول الرواية: (أَنَّ الصَّلَاةَ حِينَ اُفْتُرِضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) .. فكما لا يخفى على عاقل أن المقصد بها النبي نفسه إذ أن التخصيص بالفرضية كان خاص بالنبي .. لأن الصلاة في أول البعثة كانت مفروضة على النبي فقط دون غيره .. أما عن صلاة الركعتين صباحا ومساءا فكانت سنة اتباع للنبي .. وليست فرضا ملزما للمؤمنين.

 

4- هل قالت القصة علمه جبريل الصلوات الخمس ؟

- أكيد .. لا ..

- يبقى بتكذب ليه على الرواية الباطلة التي لم تصح أصلا فتزيدها بهتانا وزورا ؟!!

 

- فلا منك احترمت العلم وذكرت رواية صحيحة تحتج بها .. ولا منك التزمت بما جاء في الرواية الضعيفة المجهولة السند .. والتزمت بما جاء فيها .. بل أيضا كذبت وقلت أن تعليم جبريل للنبي كان لفروض الصلاة الخمسة .. !!

- فأين هذا في الرواية يا ظالم نفسك بالكذب ؟!!

@- أخي الحبيب ..

- لمناسبة ما جاء في القصة السابقة .. فأذكر لك حديثان مشابهان لحديث الشبهة ولتعرف أيضا حكمهما حتى لا يضللك أحد بهما ..

1- (حديث موضوع – أي مكذوب) .. ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ (الذهلي) قَالَ: ثنا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ (شاذان) قَالَ: ثنا فُلَيْحُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْإِمَامِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا مَعَ خَدِيجَةَ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ إِذْ رَأَى شَخْصًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يَزُولُ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهَا .

- فَقَالَتْ لَهُ: أَتَرَاهُ؟

- فَقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ .

- قَالَتْ خَدِيجَةُ: أَدْخِلْ رَأْسَكَ تَحْتَ دِرْعِي (أي تحت خماري والمقصد في حضني).. فَفَعَلَ ذَلِكَ.

- فَقَالَتْ خَدِيجَةُ لَهُ: أَتَرَاهُ؟

- فَقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا .. قَدْ أَعْرَضَ عَنِّي.

- قَالَتْ خَدِيجَةُ: أَبْشِرْ فَإِنَّهُ مَلَكٌ كَرِيمٌ لَوْ كَانَ شَيْطَانًا مَا اسْتَحْيَى.

- فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ إِذْ رَأَى شَخْصًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِجِيَادٍ الْأَصْغَرِ إِذْ بَدَا لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَلَّمَ فَبَسَطَ بِسَاطًا كَرِيمًا مُكَلَّلًا بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ .. ثُمَّ بَحَثَ فِي الْأَرْضِ فَنَبَعَ الْمَاءُ ..

- فَعَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَتَوَضَّأُ فَتَوَضَّأَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَبَشَّرَهُ بِنُبُوَّتِهِ .. وَنَزَلَ عَلَيْهِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكِ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] ..

- ثُمَّ انْصَرَفَ مُنْقَلِبًا فَلَمْ يَمُرَّ عَلَى حَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ إِلَّا وَهُوَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

- فَجَاءَ إِلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: يَا خَدِيجَةُ، أَشَعَرْتِ بِأَنَّ الَّذِي كُنْتُ أَرَاهُ قَدْ بَدَا لِي بِسَاطًا كَرِيمًا .. وَبَحَثَ لِي فِي الْأَرْضِ فَنَبَعَ الْمَاءُ .. فَعَلَّمَنِي الْوُضُوءَ فَتَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ.

- فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: أَرِنِي كَيْفَ أَرَاكَ فَأَرَاهَا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّتْ مَعَهُ.

- وَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ) رواه أبو نعيم في الدلائل.. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث موضوع .. وفيه (النضر بن سلمة شاذان) وهو متهم بوضع الأحاديث .. قال عنه أبو حاتم: قال أبو حاتم: كان يفتعل الحديث ..، وقال ابن حبان: سكن النضر بن سلمة مكة .. يروي عن جعفر بن عون والعراقيين وعبد الله بن نافع والمدنيين ..، لا تحل الرواية عنه إلا للاعتبار ... سمعت أحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزان يقول: عرفنا كذبه من المذاكرة..، قال ابن عَدِي: وكان النضر هذا عارفا بحديث المدينة كما قال أبو عَرُوبَة وحدثنا الدولابي عنه بجمعه لحديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة نحو خمسين حديثا وهو ينسب إلى الضعف. (مختصرا من لسان الميزان ج8 ص873 ترجمة رقم 8140).. والله أعلم.

 

#- وعلى افتراض صحة الحديث السابق .. فهذا لا وجود فيه للصلوات الخمس .. وإنما الوضوء وصلاة ركعتين .. وهذا لم ينكره أحد من العلماء عن النبي أنه كان يتوضأ ويصلي ركعتين وكذلك أصحابه .. وسبق مناقشة هذا الموضوع في الرسالة.. في مسائل الفصل الثالث والعشرون والفصل السادس والثمانون .. 

 

2- جاء في (حديث ضعيف مضطرب سندا ومتنا) .. عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَاهُ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ، فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْوُضُوءِ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَنَضَحَ بِهَا فَرْجَهُ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث ضعيف، فى إسناده ابن لهيعة وهو سيئ الحفظ، وقد اضطرِب في إسناده ومتنه كما سيأتي بيان ذلك في التخريج. قال ابن أبي حاتم في "علله" 1/46. قال أبي: هذا حديث كذبٌ باطل. (انتهى النقل) .. ولهم تحقيق لهذا الحديث بكل طرقه وكلها ضعيفة ولم يصح منها شيئا .. راجع تحقيقهم عند الرواية برقم 17480 في مسند احمد ج29 ص25.

 

- وهذا الحديث بكل طرقه ضعيف .. ولم يأت فيه قصة تعليم النبي للسيدة خديجة الصلاة ..

- والله أعلم.

 

*************************

..:: س292: هل دليل بطلان حدوث المعراج هو فرض الوضوء قبل وفاة النبي محمد بعامين أو ثلاثة ؟ ::..

 

- من الأمور التي يستغلها البعض لإنكار المعراج والطعن فيه .. قولهم بما معناه: أن فرض الوضوء حدث في أواخر البعثة النبوية لأن آية فرض الوضوء نزلت في سورة المائدة وهي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) المائدة:6 .. وسورة المائدة من أواخر السور التي نزلت في القرآن في آخر عامين او ثلاثة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

- وهذا معناه أن فرض الصلاة تم في ذلك الوقت .. أي بعد هجرة النبي للمدينة بسنوات .. وأنتم تقولون أن المعراج كان قبل الهجرة بعامين .. فكيف يكون تم فرض الصلاة على النبي ليلة المعراج في حين ان الصلاة لا تصح بغير وضوء والوضوء تم فرضه في المدينة بعد الهجرة .. فتكون الصلاة فرضت في ذلك الوقت أيضا .. أي بعد الهجرة .. وليس كما تقولون ليلة المعراج قبل الهجرة ..

- فكيف فرضت الصلاة بمكة وفرض الوضوء بالمدينة ؟!! أليس هذا دليل على بطلان هذا المعراج ؟!! إلا لو قلتم أن الصلاة كانت تتم بدون وضوء .. وهذا لا دليل عليه ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ من بداية بعثته ..

- جاء في (حديث حسن) .. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (إِنَّ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ، فَتَعَاقَدُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى، وَنَائِلَةَ وَإِسَافٍ: لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا، لَقَدْ قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ، فَأَقْبَلَتِ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَبْكِي، حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ تَعَاقَدُوا عَلَيْكَ، لَوْ قَدْ رَأَوْكَ، لَقَدْ قَامُوا إِلَيْكَ فَقَتَلُوكَ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ. فَقَالَ: " يَا بُنَيَّةُ، أَرِينِي وَضُوءًا (أي ايتيني بماء) .. فَتَوَضَّأَ .. ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمِ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ، قَالُوا: هَا هُوَ ذَا، وَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ، وَسَقَطَتْ أَذْقَانُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ، وَعَقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ، فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ بَصَرًا، وَلَمْ يَقُمِ إلَيْه مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ، فَقَالَ: " شَاهَتِ الْوُجُوهُ " ثُمَّ حَصَبَهُمْ بِهَا، فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَصَى حَصَاةٌ إِلَّا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده حسن.

 

#- إذن يتبين مما سبق .. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ من بداية بعثته وقبل نزول فرض الوضوء ..

 

#- ثانيا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من بداية البعثة النبوية ..

أ- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) المزمل:1-4 .. وهي ثالث أو رابع سورة أنزلت في القرآن ..

#- والمعنى من تفسير المنتخب: يا أيها المتلفف بثيابه، قُمْ الليل مصلياً إلا قليلاً، قُمْ نصفْ الليل أو انقص من النصف قليلاً حتى تصل إلى الثلث، أو زد على النصف حتى تصل إلى الثلثين، واقرأ القرآن متمهلاً مبيناً للحروف والوقوف قراءة سالمة من أي نقصان. (انتهى النقل).

 

#- قال الإمام النووي رحمه الله (المتوفى: 676 هـ):

- فرض الله تعالى من قيام الليل ما ذكره في أول سورة المزمل، ثم نسخه بما في أواخرها .. ثم نسخه بإيجاب الصلوات الخمس ليلة الإسراء بمكة بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر ليلة سبع وعشرين من رجب .. وكان - صلى الله عليه وسلم - مأمورا بالصلاة إلى بيت المقدس مدة مقامه بمكة وبعد الهجرة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر .. ثم أمره الله تعالى باستقبال الكعبة. (روضة الطالبين ج10 ص206).

 

ب- وقال تعالى: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) الإسراء:78 .. وسورة الإسراء نزلت في العام العاشر قبل الهجرة ..

 

#- والمعنى من التفسير الميسر: أقم الصلاة تامة من وقت زوال الشمس عند الظهيرة إلى وقت ظلمة الليل، ويدخل في هذا صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وأقم صلاة الفجر، وأَطِلِ القراءة فيها؛ إن صلاة الفجر تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار. (انتهى النقل) .

 

- الشاهد مما سبق .. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من أول البعثة النبوية كما في آيات سورة المزمل .. ويظهر من آية الإسراء فرضية الصلوات الخمسة باعتبار الليل والنهار ثم أن جبريل هو من حدد للنبي مواقيت الصلوات الخمسة نهارا وليلا ..

 

- وفي كل الأحوال .. لم يقل عالم من المسلمين أن النبي لم يكن يصلي بغير وضوء.   

 

#- ثالثا: فرض الوضوء نزل في أواخر البعثة النبوية في المدينة ..

- انتبه للآتي أخي الحبيب ..

1- هناك فرق بين فعل الوضوء وفرض الوضوء .. ففعل الوضوء كان يفعله النبي والمسلمين من أول البعثة .. وفرض الوضوء هو الذي نزلت به الآيات في سورة المائدة في المدينة.

 

2- إذن: تأخر نزول حكم فرضية الوضوء في القرآن في المدينة .. ليس معناه أن النبي والمسلمين كانوا لا يصلون بدون وضوء .. لا .. بل كان لهم وضوء ويصلون به .. بل أن الوضوء هو عبادة موجودة عند من سبقنا من أهل الكتاب .. وإن كنا لا نعلم كيفيتها عندهم .. كما جاء في قصة من قصص بني إسرائيل عن جريج الراهب في محنته واتهامه بأنه زنا بامرأة وأتى منها بولد .. فطلب في محاكمته أن يأتوه بماء يتوضأ به .. ثم لمس الغلام الصغير وهو رضيع فنطق وقال أنه ليس أبوه ..

 

- فالوضوء كان موجودا عند من أهل الشرائع الأخرى .. ولكن لا نعلم كيفيته.

   

3- وهنا سؤال: إذا كان الوضوء موجود فعله منذ بداية البعثة ويفعله النبي والمسلمين .. فلماذا تأخر نزول حكمه في القرآن حتى تم فرضه في آخر سنوات كانت للنبي في المدينة .. ؟!!

 

#- أرى بعضا من الحكمة في هذا التأخير .. أذكرها عن رأي خاص بي .. والله أعلم بمراده .. فأقول وبالله التوفيق:

أ- لعل هذا التأخير كان فيه اختبار لنفوس المؤمنين باتباع النبي صلى الله عليه وسلم .. وأن ما أتاهم به النبي عليهم أن يأخذوه وما نهاهم عنه ينتهوا .. وإن لم ينزل فيه قرآن.. من باب أن طاعة الرسول هي في ذاتها فرض.

 

ب- وقد يكون سبب نزول فرضية الوضوء بالمدينة متأخرا .. أنه كان قبل ذلك هو سنة متبعة .. وليس فرضا لازما فعله لغير النبي .. فأثبته القرآن للأبد حتى لا يقول أحد أن الوضوء ليس بفرض.. ودفعا للخلاف بين المؤمنين بعد ذلك في فرضية الوضوء.

- والله أعلم .

 

4- واعلم أخي الحبيب .. أن هناك أحكاما في القرآن كانت فرضا أولا قبل أن ينزل فيها قرآن .. مثل صلاة الجمعة فرضت في مكة ولم يفعلها النبي لمعاداة أهل مكة له في ذلك الوقت .. ولم يخطب أول جمعة إلا عند وصوله إلى المدينة في مسجد قباء .. ودليل فرضيتها هو أن النبي أرسل لأهل المدينة إقامة صلاة الجمعة وأول من أقامها مصعب بن عمير ..

- وبالرغم من فرض صلاة الجمعة في مكة .. إلا أن سورة الجمعة مدنية وقد نزل فيها فرض إقامة صلاة الجمعة في المدينة .. بالرغم من أنها كانت مفروضة حين وجود النبي بمكة وقبل هجرته بقليل .. 

 

- وهناك أحكام في القرآن تم فرضها في مكة .. ولم يتم تنفيذها إلا في المدينة مثل فريضة الزكاة وخاصة زكاة الزروع .. !!

 

- إذن: عليك ان تنتبه لهذه الأمور جيدا .. وتفهم أن تقديم الله لنزول الحكم أو تأخير نزوله فإنما هو لحكمة أرادها الله ..

 

#- خلاصة القول:

- ما يذكره المنكرين للمعراج .. ما هو إلا نوع من الخيانة في الأمانة العلمية المتعمدة لإرجاف المؤمنين في قصة المعراج .. وإلا لو كانوا صادقين فلماذا لا يذكرون ما قاله العلماء .. ولماذا يذكرون فقط ما يهواه انفسهم من الطعن في قصة المعراج ..

 

- عموما هذه حقيقته النفسية .. وهي هواية الكذب في المعلومات وتضليل المؤمنين مستغلين في ذلك جهلهم بدينهم .. فأبصر ولا تكن من الجاهلين .. ولا تتبع سبيل الكذابين المضللين ..

 

@- ملحوظة: قد تكلمنا على هذا الأمر في الفصول الأولى من هذه الرسالة .. فارجع للفصل الثالث والعشرون تحت عنوان: (س73: كيف صلى النبي بالأنبياء في المسجد الأقصى في حين أن الصلاة فُرضت بعد ذلك في المعراج ؟) ..، وكذلك (س74: ما هي الصلاة التي صلاها النبي بالأنبياء ليلة الإسراء وما هي هيئتها وهل لها وضوء وما هيئته ؟).

#- وكذلك في الفصل السادس والثمانون .. تحت عنوان: (س213: ما الذي عليك أن تعرفه كمسلم عن عبادة الصلاة من بداية البعثة وحتى فرض الصلوات الخمسة في مقام الخصوصية ؟).

- والله أعلم .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .