ج116: قصة الإسراء والمعراج - هل رواية حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك هي رواية خاطئة في ذكر الإسراء والمعراج معا والأصل أن المعراج منام ومنفصل عن الإسراء - ماذا قال العلماء عن قصة الإسراء والمعراج برواية أنس بن مالك - هل يوجد اضطراب في سند المعراج المروي عن أنس بن مالك عن أبي ذر الغفاري.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل المائة وستة عشر)

#- فهرس:

:: الفصل المائة وستة عشر :: عن رحلة المعراج – ج7/ مسألة في حديث المعراج للدلالة على أنه كان مناما وليس يقظة - قول العلماء في رواية أنس بن مالك لقصة الإسراء والمعراج ::

1- س293: هل رواية حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك هي رواية خاطئة في ذكر الإسراء والمعراج معا والأصل أن المعراج منام ومنفصل عن الإسراء ؟

2- س294: ماذا قال العلماء عن قصة الإسراء والمعراج برواية أنس بن مالك ؟

3- س295: هل يوجد اضطراب في سند المعراج المروي عن أنس بن مالك عن أبي ذر الغفاري لأنه تم روايته أيضا بنفس اللفظ عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب ؟

*******************

:: الفصل المائة وستة عشر ::

*******************

...:: س293: هل رواية حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك هي رواية خاطئة في ذكر الإسراء والمعراج معا والأصل أن المعراج منام ومنفصل عن الإسراء ؟ ::..

 

- وجدت بحث جيد جدا في مرويات قصة الإسراء والمعراج .. وغرضه الباحث من بحثه هو محاولة لإثبات أن المعراج كان عن منام وليس عن يقظة .. فكان من جملة ما أشار إليه في بحثه .. واختلف فيه معه كان الآتي: 

 

1- أن رواية حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك .. هي رواية فيها خطأ وسوء حفظ من حماد بن سلمة .. وأن حماد بن سلمة أخذ جزء من رواية أبي هاروني العبدي وهو الإسراء وأضافها لرواية المعراج .. وجمع الإثنين معا في رواية واحدة ..!!

- لأن رواية أبو هارون العبدي قد جمعت بين الإسراء والمعراج .. فظن الباحث أنه بما أن حماد بن سلمة روى عن هارون العبدي رواية الإسراء والمعراج .. فلعل حماد اضطرب حفظه وأخذ من رواية أبي هارون العبدي وأضاف إليها ما نقله عن ثابت البناني .. فيكون حماد بن سلمة توهم جمع الإسراء والمعراج من رواية هارون العبدي وثابت البناني .. فأخذ من رواية أبي هارون العبدي ونسبها لثابت البناني واختلط عليه الأمر.

 

#- إذ قال ما لفظه: " روى حماد بن سلمة حديث الاسراء عن ثابت البناني عن أنس بن مالك ..، وزاد فيه أحرفا ليست من رواية ثابت على الصحيح والظاهر أن حماد بن سلمة اضطرب حفظه ودخل عليه حديث في حديث..!!

- فإن حماد بن سلمة روى حديث الاسراء من طريقين:

- الأولى: عن ثابت البناني عن أنس بن مالك وهي الرواية المشهورة عند مسلم وغيره.

- الثانية: عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري كما في تفسير يحيى بن سلام 1 / 105 ومسند الحارث 27 والتفسير الوسيط للواحدي 2 / 16  وغيرهم.

- وأبو هارون العبدي: متهم بالكذب وحديثه موضوع لكن قد اغتر بروايته جماعة من المحدثين منهم حماد بن سلمة ومعمر بن راشد وإبراهيم بن طهمان وغيرهم كما سيأتي ذكره في روايته عن أبي سعيد الخدري والاسراء المذكور في حديث أنس الطويل هو قصة المعراج إلى السموات ..، ولم يذكر قصة الاسراء إلى بيت المقدس أو الصلاة فيه إلا فيما رواه حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس ..، وخالفه سليمان بن المغيرة فرواه عن ثابت عن أنس بدونه ..، وكذا خالفه عامة أصحاب أنس الثقات فرووه عن أنس بذكر قصة المعراج وحدها .. وهو المحفوظ في حديث أنس الطويل ..، أما ما زاده حماد فالظاهر أنها من روايته عن أبي هارون العبدي وأخطأ حماد بن سلمة فألحقها برواية ثابت البناني عن أنس" . (مرويات قصة الإسراء والمعراج وبيان أن المعراج رؤيا منام ص37-38 – بقلم أحمد فوزي وجيه).

 

2- وقال الباحث محتجا برواية "شريك بن أبي نمر" للدلالة على أن المعراج منام .. بأن "شريك" لم يذكر الإسراء ودخول بيت المقدس والصلاة فيه .. لأن شريك بن أبي نمر روى عن أنس بن مالك .. وبالرغم من سوء حفظه إلا أنه من الثقات .. وعموما المقصد هو أن "شريك بن أبي نمر" لم يذكر قصة الإسراء مع المعراج ولم يذكر قصة البراق .. و"شريك" ممن روى عن أنس بن مالك .. وهذ أيضا يؤكد سوء حفظ حماد بن سلمة في روايته عن ثابت البناني عن أنس بن مالك ..

  

#- إذ قال الباحث ما لفظه: "لم يذكر دابة البراق وإنما قال )ثُم عَرَجَ بِّهِّ إِّلَى السمَاءِّ الدُّنْيَا) (مرويات قصة الإسراء والمعراج وبيان أن المعراج رؤيا منام ص54) ..!!

 

#- وقال عن رواية "شريك بن أبي نمر": "وأما روايته بأن المعراج رؤيا منام ..  فلم يخالف فيه إذ قد ذكر قتادة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته الملائكة وهو نائم في المسجد وليس في رواية واحد منهم أنه استيقظ أو أيقظوه أو كان في اليقظة وإنما كان نائما فحكى ما رأى في نومه وهذا هو الموافق لظاهر النص القرآني  (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رأَى) . (قصة الإسراء والمعراج وبيان أن المعراج رؤيا منام ص57).

 

3- ثم كان مما ذكره في بحثه هو ما كتبه الإمام بن حجر العسقلاني الذي قال فيه:

- وذهب بعضهم إلى أن الإسراء كان في اليقظة .. والمعراج كان في المنام .. أو أن الاختلاف في كونه يقظة أو مناما خاص بالمعراج لا بالإسراء .. ولذلك لما أخبر به قريشا كذبوه في الإسراء واستبعدوا وقوعه ولم يتعرضوا للمعراج .. وأيضا فإن الله سبحانه وتعالى قال: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) .. فلو وقع المعراج في اليقظة لكان ذلك أبلغ في الذكر فلما لم يقع ذكره في هذا الموضع مع كون شأنه أعجب وأمره أغرب من الإسراء بكثير .. دل على أنه كان مناما .. وأما الإسراء فلو كان مناما لما كذبوه ولا استنكروه لجواز وقوع مثل ذلك وأبعد منه لآحاد الناس. (فتح الباري ج7 ص197-198).  

- ثم قال الباحث بما معناه: "فالاقتصار على الأدنى وتجاهل الأعظم والأعلى مخالف للبلاغة والاعجاز واقامة الحجة بل .. ومخالف للعقل والفطرة معا" (انتهى النقل)..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أما عن رواية حماد بن سلمة عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري .. والتي أشار إليها الباحث ليظهر أن حماد بن سلمة تأثر من رواية أبي هارون العبدي .. فهو لم ينتبه للآتي:

- أولا: رواية حماد بن سلمة عن أبي هارون العبدي ذكرت أحداث .. لم يذكرها حماد بن سلمة في روايته عن ثابت البناني .. فلو كان تأثر حماد بن سلمة تأثر فعلا برواية أبي هارون العبدي لكان ذكر شيئا منها ولو يسيرا .. إلا أنه لم يفعل .. في حين أن أحداث روية أبي هارون العبدي كثيرة جدا وفيها مناداة من داعي اليهود وداعي النصارى والمرأة الجميلة وغير ذلك .. وسنذكره في الرواية بعد قليل للتذكرة لمن نسى ..

 

- إذن: لو كان حماد بن سلمة تأثر برواية أبي هارون العبدي لكان تأثر بالنقل عنه في كثير من أحداث قد ذكرها في روايته .. ولا تتعلق بالإسراء فقط بل بالمعراج أيضا .. ولكن حماد بن سلمة في روايته عن ثابت البناني لم يذكر أحداث كثيرة من التي ذكرها أبو هارون العبدي .. فكيف يكون تأثر به ؟!!

 

- ثانيا: ما وجه الغرابة أن يذكر حماد بن سلمة الإسراء مع المعراج في روايته عن ثابت البناني .. إذ كان غيره قد جمع الإسراء مع المعراج عن أنس بن مالك .. مثل يزيد ابن أبي مالك .. وكذلك جمع الإسراء والمعراج في رواية زر بن حبيش عن حذيفة بن اليمان .. وكذلك جمع الإسراء والمعراج قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة وقد ذكر المعراج وبداية الحديث أنه حدثهم عما حدث ليلة أسري بالنبي .. فكان الإهتمام بذكر المعراج في ليلة الإسراء .. وقد سبق وذكرنا كل هذه الروايات في أماكنها من هذه الرسالة .. وإنما أردت التوضيح بأن هناك روايات جمعت بين الإسراء والمعراج سواء بالتوضيح أو بالإختصار .

  

- ثالثا: لماذا يظن الباحث أن المشكلة في حماد بن سلمة .. وليس فيمن روى عن حماد بن سلمة ..؟!!

- فالذين رووا عن حماد بن سلمة عن أبي هارون العبدي هم أربعة رواة .. حسب ما وجدت .. وهم بين مجهول وكذاب وسارق روايات .. وإليك بيان طرق رواية حماد بن سلمة عن أبي هارون العبدي أتت من أربعة طرق تم روايتها عن حماد بن سلمة.   

 

1- (حديث موضوع) .. عن داود بن المحبر ثنا حماد بن سلمة عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (أُتِيَ بالبُراقِ -وهو دابَّةٌ، أبيَضُ مُضطَرِبُ الأُذُنينِ، فَوقَ الحِمارِ ودونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَه عندَ مُنتَهى طَرْفِه- فرَكِبتُه فسارَ بي نحوَ بَيتِ المَقدِسِ، فبينَما أنا أسيرُ، إذْ ناداني مُنادٍ عن يَميني: يا مُحمَّدُ، على رِسْلِكَ أسأَلُك حتى ناداني ثَلاثًا، فلم أُعرِّجْ عليه، ثم ناداني مُنادٍ عن يَساري: يا مُحمَّدُ، على رِسْلِكَ أسأَلُك حتى ناداني ثَلاثًا، فلم أُعرِّجْ عليه، ثم استَقبَلَتْني امرأةٌ عليها من كُلِّ حُليٍّ وزينَةٍ ناشِرَةً يَدَيْها، تقولُ: يا مُحمَّدُ، على رِسْلِكَ أسأَلُك، تقولُ ذلك حتى كادت تَغْشاني، فلم أُعرِّجْ عليها حتى أَتيتُ بَيتَ المَقدِسِ، فرَبَطتُ الدَّابَّةَ بالحَلْقةِ التي تَربِطُ بها الأنبياءُ، ثم دَخَلتُ المَسجِدَ، فصَلَّيتُ فيه رَكعَتَينِ، ثم خَرَجتُ فجاءَني جِبريلُ بإناءٍ فيه خَمرٌ، وإناءٍ فيه لَبَنٌ، فاختَرْتُ اللَّبَنَ، فقال: أصَبْتَ الفِطرَةَ، ثم قال: ما لَقِيتُ في وَجهِك هذا؟ قُلتُ: خِلوٌ بينَما أنا أسيرُ إذ ناداني مُنادٍ عن يَميني: يا مُحمَّدُ على رِسْلِكَ أسأَلُك حتى ناداني بذلك ثَلاثًا، قال: فما فَعَلتَ؟ قُلتُ: فلم أُعرِّجْ عليه، قال: ذاك داعي اليَهودِ، لو كُنتَ عَرَّجتَ عليه لتَهوَّدتْ أُمَّتُك، قُلتُ: ثم ناداني مُنادٍ عن يَساري: يا مُحمَّدُ، على رِسْلِكَ حتى ناداني بذلك ثَلاثًا، قال: فما فَعَلتَ؟ قُلتُ: فلم أُعرِّجْ عليه، قال: ذاك داعي النَّصارى، لو كُنتَ عَرَّجتَ عليه لتَنصَّرَتْ أُمَّتُك، قُلتُ: ثم استَقبَلَتْني امرأةٌ عليها من كُلِّ زينَةٍ ناشِرَةً يَدَيْها، تقول: يا مُحمَّدُ، على رِسْلِكَ أسأَلُك حتى كادَتْ تَغْشاني، قال: فما فَعَلتَ؟ قُلتُ: فلم أُعرِّجْ عليها، قال: تلك الدُّنيا، لو عَرَّجتَ عليها، لاختَرْتَ الدُّنيا على الآخِرَةِ.

- ثم أُتينا بالمِعراجِ .. فإذا أحسَنُ ما خَلَقَ اللهُ، ألم تَرَ إلى الميِّتِ إذا شُقَّ بَصَرُه، إنَّما يَتبَعُه المِعراجُ عَجَبًا به، ثم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج: 4]، قال: فقَعَدتُ في المِعراجِ أنا وجِبريلُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى انتَهَينا إلى بابِ الحَفَظةِ، فإذا عليه مَلَكٌ يُقالُ له: إسماعيلُ معه سَبعون أَلْفَ مَلَكٍ، ومع كُلِّ مَلَكٍ سَبعون أَلْفَ مَلَكٍ.... إلى آخر حديث المعراج) رواه الحارث في مسند الذي حققه الهيثمي .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث موضوع .. وفيه (أبي هارون العبدي) وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب (راجع ما قاله عنه الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب ج7 ص413) ..، وفي السند يوجد (داود بن المحبر) وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب .. ومما ذكره ابن حجر عن (داود بن الحبر) في كتابه (تقريب التهذيب ج3 ص200): حكى الخطيب ، عن النسائى أنه قال فيه متروك . وقال الحاكم: حدث ببغداد عن جماعة من الثقات بأحاديث موضوعة، حدثونا عن الحارث بن أبى أسامة، عنه بكتاب " العقل "، وأكثر ما أودع ذلك الكتاب من الحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..، كذبه أحمد بن حنبل ..، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، ويروى عن المجاهيل المقلوبات ..، و قال الأزدى: متروك ..، وقال ابن مردويه: قال ابن معين: المحبر وولده ضعاف ..، وقال النقاش: حدث بكتاب " العقل "، وأكثره موضوع . (انتهى النقل مختصرا).

2- (حديث موضوع) .. عن ابن حميد، قال: ثنا سلمة ..، قال: وثني أبو جعفر، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: (لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا كانَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، أُتِيَ بالمِعْرَاجِ، ولَمْ أرَ شَيْئا قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَمُدُّ إلَيْهِ مَيِّتُكُمْ عَيْنَيْهِ إذا حَضَرَ، فَأصْعَدَنِي صَاحِبي فِيهِ حتى انْتَهَى إلى بابٍ مِنَ الأبْوَابِ يُقالُ لَهُ بَابُ الحَفَظَةِ، عَلَيْهِ مَلَكٌ يُقالُ لَهُ إسْماعِيلُ ... إلى آخر الرواية) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف جدا وفيه (أبي هارون العبدي – وهو عمارة بن جوين) هو متروك الحديث ضعيف جدا والبعض تحامل عليه فكذبه - وأظن نسبته للتكذيب خطأ .. (راجع تهذيب الكمال ج21 ص232 ترجمة رقم4178) ، (تهذيب التهذيب ج7 ص413)..، وفيه (محمد بن حميد بن حيان الرازي) وهو متروك الحديث .. ولكن ما يهمنا هنا هو روايته للمغازي عن حماد بن سلمة .. فقد جاء فيها أنه سرقها من "علي بن مهران وإسحاق الكوسج" ونسبها لنفسه .. ذكر الإمام الذهبي هذه القصة في (ميزان الإعتدال ج3 ص530): وروى محمد بن شاذان عن إسحاق الكوسج قال: قرأ علينا ابن حميد كتاب المغازي عن سلمة الأبرش .. فقضى (أي وذات يوم) أنى صرت إلى علي بن مهران فرأيته يقرأ كتاب المغازي عن سلمة .. فقلت له: قرأه عليَّه ابن حميد [يعنى عن سلمة] .. فتعجب علي "بن مهران" وقال: سمعه محمد بن حميد منى وعن الكوسج .. قال: أشهد أنه كذاب. (انتهى النقل)..، وجاء فيما نقله الذهبي من جملة ما قاله بعض أهل العلم لتأكيد ما سبق: "وقال ابن خراش: حدثنا ابن حميد - وكان والله يكذب..، وجاء عن غير واحد أن ابن حميد كان يسرق الحديث ..، وقال النسائي: ليس بثقة ..، وقال صالح جزرة: ما رأيت أحذق بالكذب من ابن حميد ومن ابن الشاذكوني..، وقال أبو أحمد العسال: "سمعت فضلك الرازي يقول: دخلت على محمد بن حميد وهو يركب الأسانيد على المتون". (انتهى النقل مختصرا) ..

 

- وإذا كان هذا حال ابن حميد الرازي وهو ينسب ما ليس له إليه .. فكيف لا نظن أنه قد يكون ابتدع هذه الرواية ووضع لها هذا السند عن حماد بن سلمة ..!!

 

3- (حديث ضعيف جدا) .. عن حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ إِذْ أُتِيتُ فَشُقَّ النَّحْرُ، فَاسْتُخْرِجَ الْقَلْبُ، فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانَهُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ: الْبُرَاقُ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، مُضْطَرِبِ الأُذُنَيْنِ، يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَسَارَ بِي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِذَا بِمُنَادٍ يُنَادِي عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ: يَا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ أَسْأَلُكَ ...... إلى آخر الرواية الطويلة) ذكره يحيى بن سلام في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): رواه يحيى بن سلام معلقا .. أي حديث منقطع السند من أوله إذ لم يخبرنا يحيى بن سلام عمن أخذ هذه الرواية التي رواها عن حماد بن سلمة ..، هذا بالإضافة إلى أن (أبي هارون العبدي – وهو عمارة بن جوين) هو متروك الحديث ضعيف جدا والبعض تحامل عليه فكذبه - وأظن نسبته للتكذيب خطأ .. (راجع تهذيب الكمال ج21 ص232 ترجمة رقم4178) ، (تهذيب التهذيب ج7 ص413).

 

4- (حديث ضعيف جدا) .. عن أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُخَلَّدِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَاسَرْجَسِيُّ، أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ: " فَإِذَا أنا بِرِجَالٍ قَدْ وُكِّلَ بِهِمْ رِجَالٌ يَفُكُّونَ لِحَاهُمْ، وَآخَرُونَ يَجِيئُونَ بِالصُّخُورِ مِنَ النَّارِ فَيَقْذِفُونَهَا فِي أَفْوَاهِهِمْ فَتَخْرُجُ مِنْ أَدْبَارِهِمْ، فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا) [النساء: 10]) رواه الواحدي في تفسيره الوسيط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث ضعيف جدا .. وفيه (الحسين بن علي بن يحيى الدارمي) مجهول ولا يوجد له أي ترجمة .. ولم أجد في تلامذة (المَاسَرْجِسِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ) أي شخص اسمه (الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الدَّارِمِيُّ) .. ولم أجد في أساتذة (أحمد بن عبيد الله المخلدي) سوى شخص اسمه (حسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي) وهو خلاف ما هو مذكور في السند .. !!  وكأنه هذا الدارمي تم ذكره في الإسناد للتضليل ..!! ..، وفي السند أيضا (أبي هارون العبدي) وهو متروك الحديث.

 

#- مما سبق يتبين لك الآتي أخي الحبيب:

أ- أن الرواية الأولى (من مسند الحارث): فيها أن الذي روى عن حماد بن سلمة وهو "داود بن المحبر" شخص متهم بالكذب ويضع الأحاديث على أسانيد هو يبتدعها على متون .. ولعل هذا الحديث أحد أسانيده .. ومع ذلك لم يذكر الباحث هذه العلة القاتلة للسند .. واكتفى فقط بالإشارة إلى أن حماد بن سلمة أخذ روايته عن هارون العبدي ..!!

 

ب- الرواية الثانية: (من تفسير الطبري): فيها (بن حميد الرازي) وهو متهم بسرقة المغازي ونسبتها لنفسه وروايتها عن حماد بن سلمة ..

- ومع ذلك لم ينتبه الباحث الفاضل إلى هذه الجزئية .. وكان كل تركيزه على حماد بن سلمة نفسه وكأنه هو الذي روى فعلا عن أبي هارون العبدي حديث أبي سعيد الخدري .. في حين حماد بن سلمة لا أحسبه له علاقة بهذه الرواية وإنما تم تدليس اسمه في الروايات وهذا يتضح جليا من الروايات السابقة .. والله أعلم .

 

ج- الرواية الثالثة: من (تفسير يحيى بن سلام): يوجد في الرواية انقطاع من أول السند فرواه يحيى بن سلام معلقا ولم يظهر لنا عمن أخذ هذه الرواية عن حماد بن سلمة ..!!

- وغالب ظني سيكون الشخص المجهول في أول السند هو شخص متهم ومجروح .. إذ أن الروايات السابقة تشير إلى أنه يوجد شبهة تعمد بتركيب هذه الأسانيد ليكون فيها حماد بن سلمة ليتم قبولها عند قارئها .. والله أعلم .!!

 

د- أن الرواية الرابعة (من التفسير الوسيط للواحدي): وهي ليست رواية جامعة للإسراء والمعراج وإنما فقط جزء بسيط من القصة .. وهي فيها مجهول وهو (الحسين بن علي بن يحيى الدارمي) وأحسبه مجهول العين وعلى أحسن تقدير مجهول الحال ولكن لا يوجد له ترجمة أصلا .. !! ولعله هو من أفسد رواية الحديث ونسبها بالباطل لحماد بن سلمة لعلمه أن حماد بن سلمة أحد رواة حديث الإسراء والمعراج ..

 

@- والآن نقول باختصار عن الروايات السابقة:

1- أن الباحث تحامل على حماد بن سلمة .. وكأنه تأثر برواية أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري .. في حين أن حماد بن سلمة بريء من هذه الرواية أصلا كما يظهر لنا .. ولكن الباحث تجاهل تماما في بحثه الذين رووا عن حماد .. إذ أن روى عن حماد بن سلمة .. واحد كذاب .. والآخر متهم بسرقة المغازي ونسبتها لنفسه ويقوم بتركيب الأسانيد على الأحاديث .. ورواية لا يوجد لها معرفة عمن روى عن حماد بن سلمة .. وآخر الروايات مجهول لا نعلم عنه شيئا وهو من روى جزء بسيط عن حماد بن سلمة ..

 

2- ماذا نتوقع من الكذاب والسارق والمجهول ممن رووا عن حماد بن سلمة ..؟ وكان من الأولى للباحث .. هو اتهام هؤلاء الذين رووا عن حماد بن سلمة وليس حماد بن سلمة نفسه ..

- إذن: كان على الباحث الإهتمام بهذه الجزئية .. ولكنه لم ينتبه لها .. لأن تركيزه كان فقط على حماد بن سلمة بأنه أخطأ .. وهو أصلا بريء من هذه الروايات المنسوبة إليه في روايتها عن أبي هارون العبدي .. وكأنها ملفقة له ..!!

  

#- رابعا: أما عن مسألة أن رواية (شريك بن نمير) لم يظهر في رواية الدخول لبيت المقدس والصلاة فيه: إذا قال الباحث : "لم يذكر دابة البراق وإنما قال )ثُم عَرَجَ بِّهِّ إِّلَى السمَاءِّ الدُّنْيَا)". (مرويات قصة الإسراء والمعراج وبيان أن المعراج رؤيا منام ص54) ..

 

#- وهذا عدم توفيق من الباحث .. ليه ؟

- لأن الباحث اعتمد فقط في رواية "شريك بن أبي نمر" على رواية البخاري .. ولم ينتبه إلى ما جاء في رواية الإمام الطبري رحمه الله إذ جاء فيها الآتي:

- عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا: (يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ الْمَسْرَى بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ قَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبَهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنَاهُ، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ .. فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ .. فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَشَقَّ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ .. فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مَحْشُوٌّ إِيمَانًا وَحِكْمَةً .. فَحَشَا بِهِ جَوْفَهُ وَصَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ (أي عروقه من عند العنق) .. ثُمَّ أَطْبَقَهُ .. ثُمَّ رَكِبَ الْبُرَاقَ .. فَسَارَ حَتَّى أَتَى بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى فِيهِ بِالنَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ إِمَامًا .. ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا .. إلى آخر المعراج) رواه الطبري في تفسيره .. وهي رواية فيها ضعف وسبق الكلام عليها ..

 

- فضلا عن أن رواية "شريك بن أبي نمر" .. هي رواية محل تعليق كبير عند العلماء وليست محل للإحتجاج في شيء .. وسبق الكلام عليها كثيرا في هذه الرسالة .. ويمكنك الرجوع إلى الآتي: الفصل الثالث عشر تحت عنوان: (س34: ما هي الأدلة التي استند إليها من قالوا أن الإسراء والمعراج كانا رؤيا منامية ؟)...، وكذلك الفصل الحادي والأربعون تحت عنوان: (س103: ما هو حديث المعراج الذي في صحيح البخاري ومسلم واعترض على صحته كثير من أكابر العلماء ؟) .. وكذلك ما بعده وهو السؤال:: (س104: هل يمكن القول أن رواية شريك بن عبد الله قد تكلمت عن رؤيا منام أولا قبل حكاية رحلة المعراج يقظة بدلالة قوله (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ) ؟)

 

#- خامسا: "أما عن قول الباحث عن رواية شريك بن نمر: "وأما روايته بأن المعراج رؤيا منام ..  فلم يخالف فيه .. إذ قد ذكر قتادة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته الملائكة وهو نائم في المسجد وليس في رواية واحد منهم أنه استيقظ أو أيقظوه أو كان في اليقظة وإنما كان نائما فحكى ما رأى في نومه وهذا هو الموافق لظاهر النص القرآني  (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رأَى("(مرويات قصة الإسراء والمعراج وبيان أن المعراج رؤيا منام ص57) ..!!

 

#- وهذا عدم توفيق من الباحث أن يقول ذلك .. ليه ؟

أ- لأن رواية قتادة لم يأت فيها أن الملائكة أتت للنبي وهو نائم في المسجد ..!! وإنما جاءت بلفظ (بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ) وهذا معناه أنه لم يكن نائم .. لأنه لو كان نائم لكان صرح بذلك .. والذي بين النوم واليقظة حاله من بعض إدراك اليقظان فإذا استشعر شيء ينتبه فورا .. ومثل هذا الحدث يجعل حضوره عنده ينتبه .. وليس ينام ..!!

 

ب- أما عن قوله تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأي) .. أنه يؤيد بأن المسألة كانت رؤيا بالقلب .. فهذا على افتراض رؤية منامية .. ولكن لا يوجد ما يدل في الآيات على أنه رؤية منامية وإنما هو رؤية قلبية .. وفرق بين الرؤية الروحية والقلبية .. فالروحية هي المنامية .. والقلبية هي انعكاس لمرائي الحق في اليقظة .. والمعنى هو ما كذب الفؤاد ما رأت عيناه .. فلم يشك في قلبه ولم يستغرب ما رأته عينيه ..

- وشرح آيات سورة النجم سبق الكلام عنها بالتفصيل في الرسالة هنا .. من الفصل التاسع والسبعون إلى الخامس والثمانون ..

 

#- سادسا: أما عن الاستشهاد بقول الإمام بن حجر والزعم بأن الأولى كان ذكر المعراج لو كان يقظة ..

- فهذه الجزئية تم الرد عليها في الرسالة بالتفصيل .. لأنها من أقوال بعض العلماء وليس من قول الباحث نفسه إلا أنه ارتضاها فذكرها محتجا بها .. وعموما تم الرد على ذلك في الفصل المائة وإحدى عشر تحت عنوان: (س285: هل كان المعراج أهم وأولى بذكره في القرآن من الإسراء لعجائب ما حدث فيه وأولى بالكفار أن كانوا جادلوه فيه ولكن لم يحدث وبالتالي كان ذلك دليلا على أن المعراج لم يحدث مع الإسراء وكان مناما أو لم يحدث من أساسه ؟) أو يمكنك الذهاب مباشرة في نفس ذات السؤال المشار إليه تحت عنوان فرعي (سابعا: ما الأولى والأهم ذكره في القرآن الإسراء أم المعراج الذي فيه أحداث وعجائب ؟).

 

@- ملحوظة هامة:

أ- قد ذكر الباحث أدلة عقلية أو نقلية أخرى خلاف ما ذكرته سابقا .. ولكن قد تم الإجابة عليها في رسالتنا وهي المسائل الخاصة لمن قال أن المعراج كان بالمنام .. وإنما أكتفيت هنا فقط بذكر ما لم أكتب عنه سابقا وأشير فقط لبعض ما تكلمت عنه سابقا ..

 

ب- قد اختلف مع الأستاذ الباحث "أحمد فوزي وجيه" فيما ذهب إليه .. إلا أني لا أخفي احترامي وتقديري له لأنه كان ملتزم بالعلم .. واجتهد فعلا بقدر استطاعته وتعب في بحثه الذي أصفه بالجيد جدا .. وقد بذل مجهود كبير في جمع كل روايات الإسراء والمعراج في بحثه وتحقيقها .. وقد انتفعت من بحثه كما انتفعت من كل من قرأت لهم .. وجزاهم الله خيرا بقدر إخلاصهم ..

- والله أعلم .

*****************

..:: س294: ماذا قال العلماء عن قصة الإسراء والمعراج برواية أنس بن مالك ؟ ::..

 

- من المسائل التي ستلاحظها أخي الحبيب في قصة الإسراء والمعراج .. أن أغلبها يتم روايته عن أنس بن مالك .. ومرة يرويها عن حفظه عن النبي وأحيانا ينقلها من صحابي مثل أبي ذر الغفاري ..

 

- واختصارا للكلام .. فأذكر لك ما قاله العلماء لتكون على علم بذلك ..

 

1- قال الإمام الدارقطني رحمه الله (المتوفى: 385هـ) عن رواية الإسراء والمعراج برواية أنس ابن مالك:

- ويشبه أن يكون أنس: سمع من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله .. واستثبته من أبي ذر .. ومالك بن صعصعة .. فرواه مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ومرة عن أحد هذين. (علل الدارقطني ج13 ص315).

 

2-  قال الإمام الحاكم رحمه الله (المتوفى: 405هـ) عن روايات أنس بن مالك:

- وليعلم طالب هذا العلم: أن حديث المعراج قد سمع أنس بعضه من النبي صلى الله عليه وسلم وبعضه من أبي ذر الغفاري، وبعضه من مالك بن صعصعة غير هذه، وبعضه من أبي هريرة. (راجع المستدرك عند الرواية رقم 272 ج1 ص154).

- والله أعلم .

**************************

..:: س295: هل يوجد اضطراب في سند المعراج المروي عن أنس بن مالك عن أبي ذر الغفاري لأنه تم روايته أيضا بنفس اللفظ عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب ؟ ::..

 

- يوجد هنا مسألتان .. وهو وجود اضطراب في سند رواية أبا ذر الغفاري واضطراب في متن الرواية .. ولكن هنا نناقش مسألة اضطراب السند .. إذ قد سبق مناقشة مسألة توهم اضطراب المتن في الرسالة ..

 

1- مما قد يظنه البعض .. وجود اضطراب في سند رواية المعراج المروي عن الصحابي أبي ذر الغفاري .. لوجود رواية واحدة قالت بأن هذه الرواية عن الصحابي أبي بن كعب ..

 

- ولكن هذا الإضطراب غير صحيح .. لأن الحديث فعلا تم روايته في البخاري ومسلم وغيرهما برواية أنس بن مالك عن أبي ذر الغفاري .. أما الرواية الوحيدة التي تم روايتها عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب وبنفس الألفاظ .. فإنما هي وهم من أحد رواية السند أو خطأ ممن نسخ الحديث في مسند الإمام أحمد فكتب أبي بن كعب بدلا من أبا ذر ..

- ولذلك هذا لا يعد اضطرابا وإنما خطأ كتابي في السند .. فانتبه .. حتى لا يضللك أحد في روايات المعراج ..

 

- وعموما إليك توضيح ذلك .. لتكون متفهم المسألة ..

 

#- السند الصحيح: عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي ..... إلى آخر الرواية) صحيح البخاري.

 

#- السند الخطأ: عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يُحَدِّثُ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَفَرَجَ صَدْرِي ..... إلى آخر الرواية) رواه أحمد .. قال الإمام بن كثير: هكذا رواه عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه .. وليس هو في شيء من الكتب الستة، وقد تقدم في الصحيحين من طريق يونس، عن الزهري عن أبي ذر، مثل هذا السياق سواء .. والله أعلم. (تفسير بن كثير ج5 ص20)..،  وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم، لكن تفرد أنس بن عياض أبو ضمرة عن يونس بجعله من حديث أُبي بن كعب، ورواه جمع من أصحاب يونس عنه، فجعلوه من مسند أبي ذر، قلنا: وقد توبع يونس أيضاً في جعله من مسند أبي ذر، وصحح أبو حاتم كما في "العلل" 2/402-403 كونه من حديث أبي ذر، وقال الدارقطني في "العلل" 6/234: اختلف عن يونس، فقال أبو ضمرة: عن يونس، عن الزهري، عن أنس، عن أُبيٍّ، وأحسبه سقط عليه "ذر" فجعله عن أُبي بن كعب، ووهم فيه.

- وأما حديث أبي ذر .. فأَخرجه البخاري تعليقاً (1636) و (3342) ، ومسلم (163) ، والنسائي في "الكبرى" (314) ، وأبو عوانة (354) ، وابن حبان (7406) ، وابن منده في "الإيمان" (714) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/379-382 من طريق عبد الله بن وهب، والبخاري (349) ، والبزار في "مسنده" (3892) ، وأبو يعلى (3616) ، والآجري في "الشريعة" ص481-482، وابن منده بإثر الحديث (714) ، والبغوي (3754) من طريق الليث بن سعد، والبخاري (3342) من طريق عنبسة بن خالد الأيلي، ثلاثتهم عن يونس ابن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أنس، عن أبي ذر. (تخريج المسند ج35 ص213 حديث رقم 21288).

 

2- أما عن مسألة اضطراب المتن في رواية أبي ذر الغفاري .. فقد سبق مناقشة متن رواية أبي ذر الغفاري .. فارجع للفصل الثامن والأربعون تحت عنوان (س119: هل دخل النبي الجنة أولا عند سدرة المنتهى أم ذهب لسدرة المنتهى عند مقام الخصوصية ولقاء الله مباشرة ثم عاد إلى الجنة ؟) ..، وفي الفصل الثالث والسبعون .. تحت عنوان: (س227: هل موسى يسكن السماء السادسة أم السماء السابعة ؟).

 

#- وخد بالك أخي الحبيب .. خليك فاكر (رواية أبي ذر الغفاري) التي رواها البخاري .. إنما هي ثلاث روايات مدمجة في سياق واحد .. أعلاها هي رواية أبا ذر الغفاري .. ثم بعدها رواية أخرى ثانية وهي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم بعدها رواية أخرى ثالثة وهي التي تكلمنا عنها هنا والتي بدايتها (قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ....) .. ولكن البخاري وضعهم في سياق واحد .. لعله أراد أن يكمل سياق رواية أبا ذر الغفاري من روايات أخرى ..

 

#- ملحوظة: لو أردت قراءة الثلاث روايات المدمجة بحديث أبي ذر الغفاري فارجع إلى الفصل الحادي والأربعون تحت عنوان: (س102: هل يوجد من الحديث النبوي الصحيح ما يشير لرحلة المعراج ؟).

 

#- خلاصة القول: لا يوجد اضطراب في سند او في متن رواية أبي ذر الغفاري .. وإنما ما حدث في السند إنما هو خطأ كتابي في سند رواية التي رواها عبد الله بن أحمد في مسند أبيه أحمد بن حنبل .. فبدلا من كتابة أبي ذر .. فحدث وهم وخطأ وتم كتابة أبي بن كعب.

- والله أعلم.

 *******************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .