بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة
#- فهرس:
:: الفصل المائة وتسعة عشر :: عن رحلة المعراج – ج2/
مسائل عامة عن المعراج ::
1- س300: لماذا أتت سورة الإسراء تتحدث عن
بني إسرائيل ما عدا الآية الأولى تتحدث عن الإسراء وما وجه الربط بين قوله (سبحان الذي أسرى بعبده) وقوله (وآتينا موسى الكتاب) ؟
2- س301: هل عرج أحد من
الانبياء إلى السماء بجسده في حياته غير النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟
3- س302: هل يمكن حدوث
معراج روحي أو قلبي للمؤمنين من باب الكرامات للأولياء ؟ وما هو معراج أبي يزيد
البسطامي ؟
- (الفرق بين معراج الولي ومعراج
النبي).
4- س303: هل حدث معراج منامي وروحي للنبي وما الفرق بينهما ؟
5- س304: هل يمكن تصور حدوث أكثر من إسراء ومعراج جسدي للنبي صلى الله عليه وسلم ؟
*******************
:: الفصل المائة وتسعة عشر ::
*******************
..:: س300: لماذا أتت سورة الإسراء تتحدث عن
بني إسرائيل ما عدا الآية الأولى تتحدث عن الإسراء وما وجه الربط بين قوله (سبحان الذي أسرى بعبده) وقوله (وآتينا موسى الكتاب) ؟ ::..
- يقول تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ
لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي
بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ . وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ
وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي
وَكِيلاً) الإسراء1-2.
#- قلت (خالد صاحب
الرسلة) ..
#- أولا: عن آيات سورة الإسراء وما جاء فيها ..
- الظن بأن سورة الإسراء تكلمت في آياتها عن بني
إسرائيل .. ولم تتكلم عن الإسراء إلا في الآية الأولى فقط من سورة الإسراء
.. هو كلام غير صحيح .. ليه ؟
1- لأن سورة الإسراء وإن كانت تكلمت في أول آية
عن الإسراء .. ولكنها تكلمت عن الإسراء مرة أخرى في الآية رقم (60) عند قوله
تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا
فِتْنَةً لِلنَّاسِ) الإسراء :60 .. وهو ما رآه النبي بعينه ليلة
الإسراء كما ثبت في الصحيح عن قول بن عباس رضي الله عنه وكما سبق وناقشنا هذه الآية في هذه
الرسالة عند الفصل الثالث عشر تحت عنوان: (س34: ما هي الأدلة التي استند إليها من
قالوا أن الإسراء والمعراج كانا رؤيا منامية ؟).
2- سورة الإسراء لم تتكلم عن بني إسرائيل
إلا في سبع آيات فقط .. من الآية الثانية للآية الثامنة فقط من سورة
الإسراء ..
- ثم في تسعون آية تقريبا .. من الآية (9) وحتى الآية (100)
كانت تتكلم عن القرآن والإيمان بالله وعن النبي صلى الله عليه وسلم .. وأتى في هذه الآيات قصة سجود
الملائكة لآدم وجحود إبليس من الآية (61) وحتى الآية (65) ..، ثم جاءت قصة موسى وفرعون من الآية
(101) إلى الآية (104) .. ثم ختام الآيات من (105- 111) للكلام عن القرآن والله جل
شأنه ..
#- إذن الشاهد مما سبق: هو أن تنتبه إلى من يقول لك أن سورة
الإسراء تكلمت فقط في آية واحدة عن الإسراء ولكن باقي السورة عن بني إسرائيل .. لا
.. هذا كلام غير صحيح بكل تأكيد .. وإنما الحديث عن بني إسرائيل فقط في سبعة آيات
من هذه السورة .. وقصة الإسراء أتى في ذكرها آيتين وليس آية واحدة .. والكلام عن الله
والنبي والقرآن في حوالي مائة آية ..
#- ثانيا: عن ترابط قوله تعالى (سبحان
الذي أسرى بعبده)
وقوله (وآتينا
موسى الكتاب).
1-
قال الإمام
الشعراوي رحمه الله (المتوفى:1419 هـ):
-
سبق أن قلنا: إن الحكمة من الكلام عن الإسراء بعد آخر النحل أن رسول الله صلى
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان في ضيق مما يمكرون .. فأراد الحق
سبحانه أنْ يُخفِّف عنه ويُسلِّيه .. فكان حادث الإسراء ..
-
ولما أَلِفَ بنو إسرائيل أن الرسول يُبعَثُ إلى قومه فحسب .. كما رأَوا موسى عليه السلام..، فعندما يأتي محمد صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َويقول: أنا رسول للناس كافّة سيعترض عليه هؤلاء
وسيقولون: إنْ كنتَ رسولاً فعلاً وسلَّمنا بذلك .. فأنت رسول للعرب دون غيرهم، ولا
دَخْل لك ببني إسرائيل، فَلَنا رسالتنا وبيت المقدس عَلَم لنا.
-
لذلك أراد الحق سبحانه أن يلفت بني إسرائيل إلى عموم رسالة محمد صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ..، ومن هنا جعل بيت المقدس قبلةً للمسلمين في
بداية الأمر ..، ثم أسرى برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َإليه: ليدلل
بذلك على أن بيت المقدس قد دخل في مقدسات الإسلام ..، وأصبح منذ هذا الحدث في
حَوْزة المسلمين. (تفسير
الشعراوي ج13 ص8334).
2- قلت (خالد صاحب الرسلة) ..
أ- أتت الآية الأولى من سورة الإسراء .. للدلالة على فضل الله على النبي محمد
صلى الله عليه وسلم بكرامة ما نالها غيره .. وهذا الفضل على النبي محمد إنما هو
فضل منا كما آتينا موسى من فضلنا من قبل بإنزال الكتاب عليه وهو التوراة وكان فيه
هداية لبني إسرائيل ..
ب- أما عن حكمة الإتيان بذكر موسى بعد إسراء النبي
.. كما أشار لذلك الشيخ الشعراوي رحمه الله .. وهو حتى نعلم أن ما كان لموسى وأمته
في زمن ما من مقدسات .. قد أصبحت الآن في حوزة النبي وأمته ..
- ولعله قد أتى بذكر موسى تخصيصا في هذا
المقام .. بسبب ما كان له مع قومه من عظيم شأن في تلك
المكان المبارك حول المسجد الأقصى المقام في بيت المقدس .. فكان من باب التنبيه
على تشابه أماكن قد كان فيها أحداث لكلا النبيين موسى ومحمد عليهما السلام.
- والله أعلم.
**********************
..:: س301: هل عرج أحد من الانبياء إلى السماء بجسده في حياته غير النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟ ::..
- من المسائل التي تجول في خاطرك .. وهي هل عرج أحد من الأنبياء إلى السماء كما
عرج النبي صلى الله عليه وسلم لمقام الخصوصية بذاته الشريفة ؟
1- الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله (المتوفى:465 هـ) عند كلامه عن
إمكانية حدوث معراج كمعراج النبي محمد .. فقال رحمه الله::
-
لا يوجد خبر يقول بذلك .. إلا أنه يقال أن لكل نبي معراجه الخاص إلى ربه بقدر
رتبته .. ولكن النبي الأمي الخاتم كان أعلى رتبة ومكانية وشأنا في معراجه لربه ..
إذ لم يصل أحد إلى رتبته ومقامه صلى الله عليه وسلم .. (هذا ملخص ما قاله الإمام القشيري رحمه الله في
المعراج ص74-75) .. والله أعلم .
- وقال القشيري رحمه
الله:
-
قيل: أما المعراج بالبدن فلم يُنقل عن واحد .. ولم يُخبَر عنه
أنه كان له .. ولا يبعد أن يقال: أن ذلك لا يكون إلا لغير المصطفى بالإجماع ..
-
ولو قيل: إن ذلك في الجواز لكان مذهبا ..، وإلى وقتنا لم يُخبَر
عن أحد أنه كان له ذلك .. (معراج
القشيري ص75).
#-
معنى قول القشيري (لكان مذهبا): أي لكان رأي له دليلا يتناقله العلماء فيما
بينهم بجواز إمكانية حدوث معراج بالجسد كالذي حدث للنبي صلى الله عليه وسلم حتى
مقام الخصوصية وكلامه مع ربه ورؤيته بفؤاده.. ولكن هذا لم يقل به أحد حتى زمن
الإمام القشيري رحمه الله أي حتى القرن الخامس الهجري.
2-
قلت (خالد صاحب
الرسالة):
أ- لا يوجد مانع أن يكون حدثت إسراء أو معراج لأحد من الأنبياء كما حدث
لعيسى حتى السماء الثالثة وحدث لإدريس حتى السماء الرابعة .. ولا يوجد مانع أن يكون أحد من الانبياء قد ركب البراق أيضا ..
- إذ نحن لا ننكر حدوث القدرة الإلهية
العجيبة مع الأنبياء .. ولكن نقول من الذي حدث له إسراء كإسراء النبي
بنفس المواصفات ومعراج كمعراج النبي بنفس المواصفات حتى مقام الخصوصية .. ؟!!
- فإذا زعم أحد حدوث ذلك لأي نبي .. فليأتنا بدليل من أهل الحق بالحق لنتبين صدق كلامه .. ولكن لا تأتينا بكلام
من أهل الباطل للدلالة به على أنه حق .. فهذا لا يليق بعاقل أن يستخدمه في منهج
علمي ولا عقلي .. كما فعل ضلالية الإستدلال بمعراج أخنوخ وزرادشت بمنتهى
الإحترافية في الكذب ..!!
ب- لا تظن أن حدوث معراج أو إسراء لنبي من الأنبياء .. أن هذا معناه أن تساوت الرؤوس في المقام والمكانة والرتبة .. لا ..
أنت غلطان .. لأن الله يقول: (تِلْكَ الرُّسُلُ
فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ
بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) البقرة:253.
- والله أعلم.
**************************
..:: س302: هل يمكن حدوث معراج روحي أو قلبي للمؤمنين
من باب الكرامات للأولياء ؟ وما هو معراج أبي يزيد البسطامي ؟ وهل يمكن حدوث إسراء
ومعراج لأحد من الناس ؟ ::..
(الفرق بين معراج الولي ومعراج النبي)
-
من المسائل التي قد تخطر ببالك أيضا .. فتقول: هل يمكن حدوث معراج روحي للمؤمنين وليس معراج
جسدي .. إذ أن الروح وسيلة القلب الذي هو محل نظر الله .. فيجذب الله تلك الروح
لترى من كرامة الله من تعكسه على قلب الرائي ليكرم الله صاحب القلب السليم بمرائي
كشقية من حق عين اليقين ..؟
1-
قال الإمام أبو
القاسم القشيري رحمه الله (المتوفى:465 هـ):
أ-
قيل: أما المعراج بالبدن فلم يُنقل عن واحد .. ولم يُخبَر عنه
أنه كان له .. ولا يبعد أن يقال: أن ذلك لا يكون إلا لغير المصطفى بالإجماع ..
-
ولو قيل: إن ذلك في الجواز لكان مذهبا ..، وإلى وقتنا لم يُخبَر
عن أحد أنه كان له ذلك ..
ب-
أما في النوم فغير مستنكر أن يكون لبعض الخواص ذلك .. سمعت أحمد الطاير السرخسي رحمه الله يقول:
كنت أرى في ابتداء إرادتي في المنام كل ليلة سنة كاملة أني أرفع إلى السماء ..
وكنت أرى العجائب في النوم ..
ج-
وأما في حاله بين اليقظة والنوم .. يرى العبد أنه يُحمل إلى السماء ويرى في
تلك الحالة العجائب .. فهذا معتاد معهود موجود لكثير من الذاكرين الله تعالى في
ابتداء أحوالهم .. فهذا مما لا يداخلنا فيه شك أنه يكون لأهل الذكر ذلك .. لتحققنا
بذلك بطرق لا يمكن جحدها. (المعراج
للقشيري ص75-76).
2-
قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ-
أوافق الإمام القشيري .. فيما ذكره من إمكانية المعارج الروحية عند صحة القلب
وطهارة الباطن وصدق المعاملة مع الله ..
ب- والفرق بين معراج الولي والنبي .. هو أن معراج النبي كان بالجسد ورؤيا عين وفيه خصوصية أنس بالله وتشريع من
الله بفرض الصلوات .. معراج الولي يكون بالروح وفيه خصوصية أنس فقط (هذا على
افتراض صدق ما رأته الروح وكاشفته) ..، ولذلك الفارق كبير بين معراج الولي ومعراج
النبي .. والله أعلم.
ج-
أما عن معراج أبي يزيد البسطامي رحمه الله .. فهو عبارة عن رؤيا منامية .. رأى فيها روحه تعرج للسموات وما فوقها وكانت
الملائكة تكلمه في كل سماء حتى قابل أرواح الأنبياء وكان آخرها روح النبي صلى الله
عليه وسلم ..
#-
ولكن عن نفسي (خالد صاحب الرسالة) .. لم أجد نصا في كتب أبي يزيد أنه ذكر ذلك أو
قال به .. "وذلك حسب ما توافر عندي من مصادر علمية" ..
#- وكذلك لم أجد سند لهذه الحكاية
المروية عن منام معراج أبي يزيد البسطامي .. وأظن من سياق كتابة هذا المعراج المنامي لأبي
يزيد .. أنه ملفق لأبي يزيد ولا أظن أنه قال بذلك المنام .. او قاله ولكن ليس بتلك
الحكاية المذكورة عنه في الكتب .. والله أعلم ..
#-
ملحوظة: هذا المعراج لأبي يزيد البسطامي لم أذكره لأنه طويل جدا
يمكن اكثر من حديث المعراج النبوي .. وإنما لو أردت قرائته فستجده مذكور كملحق في
(كتاب المعراج
للقشيري الملحق رقم 2 بداية من ص129 وحتى ص135).
د– ختاما عليك أن تنتبه أخي الحبيب إلى أن البعض يشير
لإمكانية حدوث إسراء ومعراج له .. وهنا نتبين منه مقصده:
أ-
إن كان
الشخص يقصد بلفظ الإسراء .. بمعنى سعي إلى
الله بمجاهدات ليلية .. ويقصد بالمعراج حصول حالة روحية تشعرك بأنك في معية ربانية
قد تكسبك شيئا من المكاشفات الروحانية والأنس بالله .. فهذا ممكن وجائز.. ويكون لفظ الإسراء والمعراج بالنسبة له على
سبيل الإشارة وليس على سبيل الحقيقة.
ب- أما لو
كان الشخص يقصد بإمكانية نزول جبريل إليه ومعه البراق ..
والإنتقال به من مكة لبيت المقدس
ثم للسموات بجسمه وروحه .. ومقابلة الأنبياء والصلاة بهم .. ويتلقي شريعة صلاة .. فهذا
شخص كاذب بلا ريب .. ولن يحدث ذلك له .. لأن هذا خصوصية عطاء لخاتم النبيين سواء لهذا
الإسراء والمعراج .. أو لمجيء جبريل .. أو الصلاة بالأنبياء .. أو لتلقين وحي
مباشر من الله بكلام الله .. أو لرؤية الله بالقلب والمؤانسة به في حضرة الخصوصية
..
- والله أعلم .
#- ملحوظة: سبق الكلام عن مسألة مشابهة لهذا السؤال
بأسلوب مختلف وذلك:
- في الفصل الثالث .. تحت عنوان: (س7: هل يمكن لأمة النبي أن يكون لها نصيب تذوق من معاني قصة الإسراء والمعراج في حياتهم ؟) .. (السياحة القلبية الروحية - المعراج الروحي للمؤمنين).
***********************
..:: س303: هل حدث معراج منامي وروحي للنبي وما الفرق بينهما ؟ ::..
- قد تنتبه لكلام الإمام القشيري رحمه الله فتقول: ما الفرق بين المعراج المنامي والمعراج الروحي .. وهل حدث كلاهما
للنبي صلى الله عليه وسلم بخلاف المعراج الجسدي الذي حدث للنبي ليلة الإسراء
والمعراج ؟
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- هناك فارق بسيط بين المعراج الروحي والمنامي .. وهو أن المعراج المنامي يحدث عند النوم كمنام يراه النائم .. وإنما
المعراج الروحي يحدث في حال اليقظة في صورة كشفية.
- ودعني أخبرك بشيء مهم .. هو أنه لا يوجد شيء اسمه معراج منامي ولا روحي .. وإنما فقط هذه
تشبيهات .. وإنما الصحيح هو أن يقال مكاشفات منامية أو مكاشفات روحية .. وإنما
يقال لهذه المكاشفات معارج لأن بصيص من الروح يعرج لمكان ما حتى تكاشف ما تشاهده فتنقله
للقلب ..
2- أما عن حدوث ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم .. فقد حدث كلاهما .. ودليل ذلك:
أ- المعراج المنامي:
#- جاء في (حديث صحيح) .. عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: (أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ
.. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّي
وَسَعْدَيْكَ .. قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: رَبِّ لاَ
أَدْرِي .. فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ
ثَدْيَيَّ فَعَلِمْتُ (أي في تلك اللحظة) مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ ..
- فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ .. فَقُلْتُ:
لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ .. قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الأَعْلَى؟
- قُلْتُ: فِي الدَّرَجَاتِ وَالكَفَّارَاتِ،
وَفِي نَقْلِ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغِ الوُضُوءِ فِي
الْمَكْرُوهَاتِ، وَانْتِظَارِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، وَمَنْ يُحَافِظْ
عَلَيْهِنَّ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ
وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) رواه الترمذي وقال حسن غريب .. وقد اتفق معه البخاري
في تحسينه.
- وفي رواية بلفظ: (أَتَانِي
اللَّيْلَةَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ،، قَالَ أَحْسَبُهُ
فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ
الأَعْلَى؟ ...
-
"إلى أن قال الحديث": وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ
بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ..
-
وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقُلْ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ،
وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي
إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ، قَالَ: وَالدَّرَجَاتُ إِفْشَاءُ السَّلاَمِ،
وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَالصَّلاَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ) رواه الترمذي (قلت خالد صاحب الرسالة): رواه الترمذي بسند فيه انقطاع
ولكن الحديث السابق ذكره للترمذي فهو حديث موصول وقد بنفس الإسناد ويجبر ذلك
الإنقطاع .. والله أعلم .
-
وفي (حديث حسن) بلفظ .. عن جابر بن سمرة قال: قال رسول
اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إنّ اللَّه تجلّى لي في أحسن صورة .. فسألني
فيما يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: ربيّ، لا أعلم، قال: فوضع يده بين كتفي حتى
وجدتُ بردها بين ثديي -أو وضعهما بين ثديي حتى وجدت بردها بين كتفي- فما سألني عن
شيء إِلَّا علمته) رواه ابن أبي عاصم في السنة .. وقال الضياء الأعظمي رحمه الله:
وإسناده حسن من أجل الكلام في سماك بن حرب غير أنه حسن الحديث. (الجامع الكامل في الحديث
الصحيح الشامل ج1 ص471).
#- والعلماء على أن هذه رؤيا منامية .. وليس رؤيا ليلة المعراج ..
#- ثانيا: المعراج الروحي (الكشف
في حال اليقظة):
1- جاء في (حديث صحيح) .. عن
جابر بن عبد الله قال: (انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ
إِبْرَاهِيمَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى
بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ ....
(ثم ذكر كيفية الصلاة ..... وقد حدث
أنه تأخر في الصلاة للخلف مرة ثم تقدم للأمام مرة أخرى) ..
- فَانْصَرَفَ حِينَ انْصَرَفَ (أي من صلاته) .. وَقَدْ آضَتِ (أي أضاءت ونورت) الشَّمْسُ .. فَقَالَ: يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ،
وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ .. فَإِذَا
رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ .
- (ثم قال النبي): مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا
قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ .. لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ .. وَذَلِكُمْ
حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ (أي
رجعت للخلف قليلا) .. مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ
لَفْحِهَا (أي حرها) ..
وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ (أي
عصا خشب لها اعوجاج معدني من أحد أطرفه كالخطاف) ..
يَجُرُّ قُصْبَهُ (أي أمعاءه) فِي النَّارِ .. كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ (أي
من كان يحج لبيت الله) بِمِحْجَنِهِ (أي
بعصاته هذه من خلال جرها على الأرض وان تعلق بها شيء من متاع الحاج ولم ينتبه له
الشخص فيستولي عليها) .. فَإِنْ فُطِنَ لَهُ (أي
انتبه له) قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّقَ
بِمِحْجَنِي (أي يتحجج له بأنه تعلق بمحجنة دون
مقصد) .. وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ (أي
إن لم ينتبه الحاجة لسرقة متاعه) ذَهَبَ بِهِ (أي
صاحب المحجن يستبيحه لنفسه ويستولى عليه).
- وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَةَ
الْهِرَّةِ (أي القطة)
الَّتِي رَبَطَتْهَا (أي حبستها عمدا بقصد الضرر)
فَلَمْ تُطْعِمْهَا .. وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ (أي
حشرات) الْأَرْضِ .. حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا
(أي بسبب حبسها وعدم إطعامها).
-
ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ .. وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى
قُمْتُ فِي مَقَامِي (أي رجعت إلى محل وقوفي الأول في
الصلاة) .. وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا
أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ (أي أقطف شيئا)
مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ .. ثُمَّ بَدَا لِي (أي
رأيت الأصوب) أَنْ لَا أَفْعَلَ (لعل
النبي فعل ذلك حتى يظل الإيمان بالغيب حقا في نفوسهم) ..
فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ (أي
من وجود الجنة والنار) إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي
صَلَاتِي هَذِهِ) صحيح مسلم مختصرا.
#-
ملاحظات على هذا الحديث:
أ- رؤية النبي للجنة والنار في صلاة
الكسوف .. ومكاشفة أحوال بعض من يعرضون على النار بما
سيقابلهم بسبب سوء أفعالهم .. وذلك كقوله تعالى في آل فرعون: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ
تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)
غافر:46 ..، وقد يكون هذا جزء من عذابهم فعلا الآن قبل عذاب الآخرة .. والأول أرجح
وهو أنه رأي كيف يعرضون على النار .. والله أعلم.
ب- ثم مكاشفة الجنة حتى كاد أن يأتي
بشيء منها إلا أنه تراجع عن ذلك ورضى أن يكون ذلك العطاء في الآخرة.
#- ومعنى إمكانية أخذ النبي شيء من الجنة: هو حين عقد
عزيمته للشيء في نفسه فيمنحه الله له ويقرب له ما يريد .. وليس بمعنى سيطير فوق
سبع سموات ليأتي بالشيء .. بل بمجرد انعقاد العزم في نفسه فيمده الله به ..!!
فانتبه.
2- والحديث السابق روي
بإضافة أخرى .. جاء فيها:
- عن ابن
عباس في صلاة الكسوف .. وجاء في الرواية بعد أن أنهى النبي الصلاة وقام يخطب فيهم
بعد الصلاة فقال: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ
مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا
رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَاذْكُرُوا اللَّهَ ..
-
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ
شَيْئًا فِي مَقَامِكَ ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ (وفي رواية بلفظ تكعكعت) (أي
تأخرت ورجعت للوراء قليلا) ؟
- قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي رَأَيْتُ
الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا (أي لامسته) ..، وَلَوْ أَصَبْتُهُ (أي لو أخذته) لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا
بَقِيَتِ الدُّنْيَا ..
-
وَأُرِيتُ النَّارَ (أي كاشفني الله برؤيتها) .. فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا
كَاليَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ (أي مما كاشف من أحوال المعذبين فيها"، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ
أَهْلِهَا النِّسَاءَ .. قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ:
«بِكُفْرِهِنَّ» ..، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ؟ قَالَ: " يَكْفُرْنَ
العَشِيرَ (أي معيشة من تخالطوه ومنهم الزوج)، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ (أي يجحدون الفضل) .. لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ
الدَّهْرَ كُلَّهُ .. ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا . قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ
خَيْرًا قَطُّ) صحيح البخاري.
#-
(العشير): هو الخليط من المعاشرة، ويقصد بها المصاحبة
فترة .. وكثر إطلاقه على الزوج لكثرة مخالطته الزوجة .. وهو المراد هنا ..
#-
ملحوظة هامة:
-
الكفر في الحديث .. المقصود به جحود الفضل والإحسان ..
#- وقد سبق توضيح المقصد بهؤلاء النساء في الحديث وما أحوالهن
.. فارجع للفصل الثامن والتسعون .. تحت عنوان: (س241: لماذا رأى النبي الجنة والنار في صلاته طالما كان رآهما في
معراجه ؟).
3- وفي (حديث صحيح) .. (ولعله استكمالا للحديثين السابقين – أو لعل المشهد حدث مرتين – والأول أرجح عندي وهو أنه استكمالا لبعض المشاهد التي تذكرها البعض ونسيها الآخر - والله أعلم.) ..
-
المهم أنه قد جاء في حديث صحيح بلفظ آخر .. أن النبي صلى الله عليه وسلم في أحد الصلوات
بالناس وفي هذا الحديث قد ذكر لهم أنه رأى الجنة والنار وطلب منهم أن يسألوه عما
يريدون سؤاله فيه في أي شيء حتى لو غيبي .. ومما جاء في الحديث:
- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى
لَنَا يَوْمًا الصَّلاَةَ، ثُمَّ رَقِيَ المِنْبَرَ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ
قِبْلَةِ المَسْجِدِ .. فَقَالَ: «قَدْ أُرِيتُ (أي
أراني الله) الآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ
الصَّلاَةَ (أي وهو واقف في اتجاه القبلة) ..، الجَنَّةَ وَالنَّارَ، مُمَثَّلَتَيْنِ (أي
رأيت صورتهما) فِي قُبُلِ هَذَا الجِدَارِ (أي في جهة القبلة أثناء الصلاة) ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ ..،
فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ)
صحيح البخاري.
#-
في (حديث
صحيح) .. أتى بلفظ آخر: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ
آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ (أي
باتجاه قبلة المسجد) وَأَنَا أُصَلِّي .. فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي
الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) رواه أحمد .. وقال محققو
المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين .
-
وفي (حديث
صحيح) .. بلفظ آخر: (مَا رَأَيْتُ فِي الْخَيْرِ
وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ .. إِنَّهُ صُوِّرَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ .. حَتَّى رَأَيْتُهُمَا
دُونَ الْحَائِطِ) رواه أحمد .. وقال محققو
المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
#-
إذن مما سبق .. تفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الجنة والنار بصورة واضحة في حائط
القبلة التي كان يصلي إليها ..
- ملحوظة هامة: سبق وذكرنا هذه الأحاديث بالتفصيل وما يتعلق
بها من مسائل في الفصل الثامن والتسعون تحت عنوان: (س241: لماذا رأى النبي الجنة والنار في صلاته طالما كان رآهما في معراجه ؟).
4-
جاء في (حديث
صحيح) .. عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قُمْتُ علَى بابِ الجَنَّةِ .. فَكانَ عامَّةَ مَن
دَخَلَها المَساكِينُ .. وأَصْحابُ الجَدِّ (أي أصحاب المال والسلطة والمناصب الدنيوية) مَحْبُوسُونَ .. غيرَ أنَّ أصْحابَ النَّارِ قدْ
أُمِرَ بهِمْ إلى النَّارِ .. وقُمْتُ علَى بابِ النَّارِ .. فإذا عامَّةُ مَن
دَخَلَها النِّساءُ) صحيح البخاري.
- ومثله ما جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اطَّلَعْتُ (أي تأملت أو شاهدت) فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ (أي فعلمت) أَكْثَرَ أَهْلِهَا
الْفُقَرَاءَ .. وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا
النِّسَاءَ) صحيح البخاري.
- وهذه رؤيا كشفية ولا علاقة لها
بليلة المعراج من قريب أو من بعيد .. ودليل ذلك ما جاء في حديث الكسوف عن ابن عباس
السابق ذكره .. فارجع إليه .
5- انتبه أخي الحبيب للملاحظة التالية ..
- ستجد في كتب العلماء من يذكر المعراج الروحي ويقصد به أنه منام .. أو يذكر المعراج المنامي ويقصد به أنه روحي .. فانتبه لمقصد الكاتب من
كلامه .. إذ أن البعض منهم يخلط هذا بذاك على سبيل أن المنام محله إدراك الروح
لهذه الصور الكشفية وقت المنام ..
- لكن في الحقيقة هناك فارق بين الكشف المنام والكشف الروحاني .. لأن هذا يكون في المنام وهذا في حال اليقظة .. ولكن أنت ستفهم من سياق
الكلام ما المقصود من كلام الكاتب .. فانتبه لذلك ..
#- ملحوظة أخي
الحبيب:
- سبق وتكلمنا عن المعراج
الروحاني في هذه الرسالة في عدة فصول ..
أ- فارجع إلى الفصل الثالث عشر .. تحت
عنوان: (س35: هل أسرى الله بروح النبي وهو في حال اليقظة إلى القدس ثم السماء وكأنه
كشف روحاني ؟).
ب- وناقشنا ما ذكره الشيخ المراغي فيما نقله في تفسيره عن البعض .. وذلك
في الفصل المائة وثلاثة عشر .. تحت عنوان: (س287: ما هي الحجج والأدلة التسعة الغير
معقولة والضعيفة جدا التي نقلها الشيخ المراغي شيخ الأزهر في تفسيره عن المنكرين
للمعراج بجسد النبي ؟).
ج- ثم أخيرا في الفصل المائة وسبعة عشر .. تحت عنوان: (س296: هل يمكن لأي إنسان العروج للسماء كما
يقول أصحاب الإسقاط النجمي ومروجي الطاقة الروحانية وأنه لا ميزة للنبي محمد في معراجه
؟).
- والله أعلم.
********************
..:: س304: هل يمكن تصور حدوث أكثر من إسراء ومعراج جسدي للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..
- حينما تقرأ لكلام العلماء في مسألة الإسراء
والمعراج .. فقد تجد في بعض كلامهم بتعدد الإسراء والمعراج .. ولذلك أحببت أن أذكر لك
بعض الأقوال من كلام العلماء .. حتى لا يتلاعب بك احد من المنكرين للإسراء او
المعراج أو كلاهما .. ويدخلك في متاهة عنوانها: "هكذا قال العلماء وتخبطوا
فيما قالوه" .. ثم ينقل لك كلام بعض العلماء .. دون أن يبين لك حقيقة ما نقله
العلماء في كتبهم وكيف نقدوه أيضا ..
- وغالبا ما يقومون بنقله هو كلام الإمام
بن حجر العسقلاني ولذلك هو ما أذكره .. ثم أذكر بعده كلام جامع للدكتور موسى لاشين
رحمه الله يرد به على ما ذكره الإمام بن حجر .. ثم أترك لي لك تعقيبا بعد هذه
الآراء المنقولة من كتب العلماء ..
أ- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى: 852 هـ):
-
وقد اختلف السلف بحسب اختلاف الأخبار الواردة ..
-
فمنهم من ذهب إلى أن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة .. في
اليقظة بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه بعد المبعث .. وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين
والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة .. ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى
يحتاج إلى تأويل .
-
نعم جاء في بعض الأخبار ما يخالف بعض ذلك .. فجنح لأجل ذلك بعض أهل العلم منهم .. إلى أن ذلك كله وقع مرتين ..
مرة في المنام توطئة وتمهيدا .. ومرة ثانية في اليقظة كما وقع نظير ذلك في ابتداء
مجيء الملك بالوحي .. فقد قدمت في أول الكتاب ما ذكره بن ميسرة التابعي الكبير
وغيره أن ذلك وقع في المنام وأنهم جمعوا بينه وبين حديث عائشة بأن ذلك وقع مرتين .
-
وإلى هذا ذهب المهلب شارح البخاري وحكاه عن طائفة .. وأبو نصر بن القشيري .. ومن
قبلهم أبو سعيد في شرف المصطفى قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم معاريج منها ما
كان في اليقظة ومنها ما كان في المنام .. وحكاه السهيلي عن بن العربي واختاره ..
-
وجوز
بعض قائلي ذلك أن تكون قصة المنام وقعت قبل المبعث .. لأجل قول شريك في روايته عن أنس
وذلك قبل أن يوحى إليه ..، وقد قدمت في آخر صفة النبي صلى الله عليه وسلم بيان ما
يرتفع به الإشكال ولا يحتاج معه إلى هذا التأويل ويأتي بقية شرحه في الكلام على
حديث شريك وبيان ما خالفه فيه غيره من الرواة والجواب عن ذلك وشرحه مستوفى في كتاب
التوحيد إن شاء الله تعالى.
-
وقال بعض المتأخرين كانت قصة الإسراء في ليلة المعراج في ليلة .. متمسكا بما ورد في حديث أنس من
رواية شريك من ترك ذكر الإسراء وكذا في ظاهر حديث مالك بن صعصعة هذا .. ولكن ذلك
لا يستلزم التعدد بل هو محمول على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر كما سنبينه.
#-
وذهب بعضهم إلى أن الإسراء كان في اليقظة والمعراج كان في المنام .. أو أن الاختلاف في كونه يقظة أو
مناما خاص بالمعراج لا بالإسراء .. ولذلك لما أخبر به قريشا كذبوه في الإسراء
واستبعدوا وقوعه ولم يتعرضوا للمعراج وأيضا فإن الله سبحانه وتعالى قال (سبحان
الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) فلو وقع المعراج في
اليقظة لكان ذلك أبلغ في الذكر فلما لم يقع ذكره في هذا الموضع مع كون شأنه أعجب
وأمره أغرب من الإسراء بكثير .. دل على أنه كان مناما وأما الإسراء فلو كان مناما
لما كذبوه ولا استنكروه لجواز وقوع مثل ذلك وأبعد منه لآحاد الناس. (فتح الباري ج7 ص197-198).
ب-
ذكر الدكتور
موسى لاشين رحمه الله (المتوفى: 1430 هـ) ستة أقوال ذكروها العلماء وناقش هذه
الآراء فقال:
-
هل كان الإسراء يقظة أو مناما ؟
1-
ذهب الجمهور .. من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين إلى أن الإسراء
والمعراج وقعا في ليلة واحدة، في اليقظة، بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه،
بعد المبعث.
-
قال الحافظ ابن حجر: وتواردت على ذلك ظواهر الأخبار الصحيحة ولا
ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله، حتى يحتاج إلى تأويل. اهـ.
2-
وذهب قليل من العلماء .. إلى أن الإسراء والمعراج كانا
مناما، تشبثا، بقوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ
إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) الإسراء: 60 ..، على أن المراد بها ما رأى
ليلة الإسراء .. والرؤيا بالقصر ما يرى في المنام .. وتشبثا ببعض الروايات التي
يدل ظاهرها على أنه كان في المنام، وهذا القول مردود من وجوه:
-
الأول: أنه ثبت أن قريشا كذبوه في الإسراء، واستبعدوا وقوعه،
ولو كان مناما لما كذبوه، ولا استنكروه، لجواز وقوع مثل ذلك وأبعد منه لآحاد
الناس.
-
الثاني: أن الله تعالى ذكر الإسراء في كتابه بصيغة التنزيه له
والتعجيب للحادث، والتشريف لنبيه فقال: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ
لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا
حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) الإسراء:1 ..، ولو كان مناما لم يستحق
ذلك.
-
الثالث: أن الله تعالى أثبت رؤيا القلب بقوله: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) النجم:11 ..، ورؤيا العين
بقوله: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ
آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:17-18.
-
وأما قولهم: إن الرؤيا بالقصر مختص برؤيا المنام، فيمكن رد هذا
الاستدلال عليهم بأن هذا الاستعمال هنا في رؤيا العين دليل على أن هذا اللفظ ليس
خاصا بالمنام.
-
وأما الروايات التي استندوا إلى ظاهرها، كرواية البخاري: (بينا أنا عند البيت مضطجعا بين
النائم واليقظان إذ أتاني ... إلخ) .. ورواية (بينا أنا نائم) فإنها محمولة على ابتداء الحال
.. ثم صار إلى اليقظة الكاملة صلى الله عليه وسلم.
3-
وذهب بعضهم إلى أن الإسراء والمعراج كانا بالروح لا بالجسد وقالوا: ينبغي أن يعلم الفرق بين قولهم:
كان الإسراء مناما وبين قولهم: بروحه دون جسده، فإن بينهما فرقا، فإن الذي يراه
النائم قد يكون حقيقة بأن تصعد الروح مثلا إلى السماء، وقد يكون من ضرب المثل بأن
يرى النائم ذلك وروحه لم تصعد أصلا، فمعنى أسري بروحه ولم يصعد جسده أن روحه عرج
بها حقيقة، فصعدت، ثم رجعت، وجسده باق في مكانه خرقا للعادة. اهـ
-
قال الحافظ ابن حجر: وظاهر الأخبار الواردة في الإسراء تأبى
الحمل على ذلك.
-
وذهب جماعة من أهل العلم .. إلى أن ذلك كله وقع مرتين، مرة في المنام
توطئة وتمهيدا، ومرة ثانية في اليقظة، جمعا بين ظواهر ما ورد، وجوز بعض قائلي ذلك
أن تكون قصة المنام وقعت قبل المبعث، لما جاء في بعض الروايات من قول الراوي (وذلك قبل أن يوحى إليه).
4-
وذهب جماعة إلى أن الإسراء كان في اليقظة .. والمعراج كان في المنام .. أو أن الاختلاف في كونه يقظة أو
مناما خاص بالمعراج لا بالإسراء .. واستدلوا على ذلك بدليلين:
-
الأول: أن قريشا كذبوه في الإسراء واستبعدوا وقوعه، ولم يتعرضوا
للمعراج، ولو أنه أخبرهم بالمعراج يقظة لكان أولى بالتكذيب.
-
الثاني: أن الله تعالى ذكر الإسراء على وجه التنزيه والتعجيب والتشريف، ولو أن المعراج
وقع في اليقظة لكان أبلغ في الذكر، فلما لم يقع ذكره
في هذا الموضع، مع كون شأنه أعجب، وأمره أغرب من الإسراء بكثير دل على أنه كان مناما.
#-
وأجيب عن الأول: باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم
لما بادئوه بالتكذيب في الإسراء لم يسترسل معهم بذكر المعراج، أو أنه ذكره لهم لكن
لم يقع منهم في شأنه اعتراض لأن ذلك عندهم من جنس قوله: إن الملك يأتيه من السماء
في أسرع من طرفة عين، وكانوا يعتقدون استحالة ذلك، لكنهم لا يجدون طريقا واضحا
لتكذيبه، بخلاف إخباره أنه جاء بيت المقدس في ليلة واحدة، ورجع، فإنهم صرحوا
بتكذيبه فيه، وطلبوا منه نعت بيت المقدس، لمعرفتهم به، وعلمهم بأنه ما كان رآه قبل
ذلك، فأمكنهم استعلام صدقه في ذلك، بخلاف المعراج.
#- وعن الثاني: بأنه لما كان الإسراء هو مناط
التكذيب كان الجدير بالذكر للرد عليهم، وإن كان المعراج أعجب. والله أعلم.
5-
وذهب جماعة .. إلى أن الإسراء كان في ليلة .. والمعراج كان في أخرى
اعتمادا على أن بعض الروايات اقتصرت على الإسراء، وبعضها اقتصر على المعراج.
-
وهو مردود ومحمول على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر.
6-
وذهب قوم جمعا بين الروايات .. إلى أن الإسراء وقع مرتين مرة
على انفراد، ومرة مضموما إليه المعراج وكلاهما في اليقظة، وأن المعراج وقع مرتين:
مرة في المنام على انفراد، ومرة مضموما إلى الإسراء في اليقظة.
-
قال الحافظ ابن حجر: إن من المستبعد وقوع التعدد في قصة المعراج
التي وقع فيها سؤاله عن كل نبي، وسؤال أهل كل باب: هل بعث إليه ؟ وفرض الصلوات
الخمس. وغير ذلك، فإن تعدد ذلك في اليقظة لا يتجه فيتعين رد الروايات المختلفة إلى
بعض، أو الترجيح، إلا أنه لا بد في وقوع ذلك في المنام توطئة، ثم وقوعه في اليقظة
على وفقه. اهـ. (فتح المنعم في شرح صحيح مسلم ج1 ص551-553).
#- قلت
(خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:
1-
وقد تم مناقشة مسألة تعدد الإسراء والمعراج .. ومناقشة ما ذكره العلماء تفصيليا خاصة فيما
أشار إليه الإمام بن حجر العسقلاني أو غيره من العلماء عموما .. وستجد هذه
المناقشات في هذه الرسالة في الآتي:
-
في الفصل الحادي عشر .. تحت عنوان: (س32: هل بدأت رحلة الإسراء من بيت النبي أم
من عند الحطيم أو الحجر بجوار الكعبة ؟) تحت عنوان فرعي: (بعض العلماء قالوا بتعدد
الإسراء والمعراج في أزمنة مختلفة .. وتم مناقشة ذلك).
-
ثم في الفصل الثاني عشر .. تحت عنوان: (س33: هل كان الإسراء والمعراج يقظة أم
مناما وبالجسد أم الروح ؟)
2-
وقد عرفنا أن سبب قول كثير من العلماء بالتعدد لقصة الإسراء والمعراج .. إنما هو بسبب روايات ضعيفة جدا أو مكذوبة قد
ظن البعض بصحتها .. ولذلك حاولوا التوفيق بين الروايات .. ولكن هذا شيء مستحيل
تحقيقه .. لأن أصلا أكثر الروايات التي استندوا إليها غالبا ما تكون باطلة ..
3- وأيضا قلنا .. أنه لم ينكر أحد من علماء المسلمين إمكانية تعدد
حدوث الإسراء والمعراج مناما .. أو إمكانية تعدد حدوث الإسراء يقظة لو ثبت ذلك ..
أو تعدد حدوث المعراج يقظة ولكن كمشاهدات ومكاشفات علوية وليس صعودا بالجسد النبوي
كما حدث ليلة الإسراء والمعراج...، إذ لا يمكن عقلا أن نتصور تكرار شق صدر النبي
في كل إسراء .. ولا يمكن أن نتصور عقلا سؤال النبي لكل مرة عن الأنبياء .. ولا
يمكن أن نتصور عقلا تكرار فرض الصلوات الخمس في كل معراج ..!!
#- ويمكنك مراجعة ما سبق في هذا الفصل تحت
عنوان: (س301: هل أسرى أو عرج أحد من الانبياء إلى السماء غير النبي محمد صلى
الله عليه وسلم ؟ ).
4- وأيضا بخلاف الإسراء والمعراج الجسدي ..
فقد أثبتنا أنه يوجد معارج منامية وقد رأى فيها ربه ..، ومعارج روحية في
حال اليقظة وهي مرائي كشفية حدثت للنبي ورأى فيها الجنة والنار وعرف من أخبار
الغيب ما أطلعه الله عليه .. وقد حدث ذلك مرة وهو يصلي بالناس.
#- ويمكنك مراجعة ما سبق في هذا الفصل تحت
عنوان: (س303: هل حدث معراج
منامي وروحي للنبي وما الفرق بينهما ؟) .
#-
خلاصة القول:
- لا تجعل أحد يخدعك بكلام منقول من كتب
العلماء ليشكك في الإسراء والمعراج .. بالقيل والقال .. لا .. فكن متيقنا أن ما
ينقله المنكرون للإسراء والمعراج لا يخلو من كذب أو تضليل كما سبق وعرفت في هذه
الرسالة ..
- والله أعلم.
اللهم زد سيدنا ومولانا محمد تشريفا وتعظيما وتكريما لا يليق لأحد مثله .. وصل عليه صلاة ترضيه وترضيك عنه . يا أكرم الأكرمين
ردحذفوجزاك الله عنا كل خير استاذنا الفاضل
وجمعك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا .. آمين يارب العالمين
لوتسمح لي أستاذنا الفاضل .. اثناء قراءتي لكلامك الطيب في الاجابة على سؤال 300 .. خطر لي ما كنت تقوله لنا ان ننتبه للفظ القرآني .. وتذكرت في لحظتها ان سيدنا عيسى وسيدنا ادريس لم يستخدم القرآن في حقهما لفظ العروج بل الرفع .. ورجعت للقرآن ..
حذفففي حق سيدنا ادريس قال تعالى { وَرَفَعۡنَـٰهُ مَكَانًا عَلِیًّا }[سُورَةُ مَرۡيَمَ: ٥٧]
وفي حق سيدنا عيسى { إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ ...}[سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ٥٥]
اما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد جاءت الاحاديث بلفظ صريح بالعروج ...
وهناك ايات قرآنية جاءت بفعل : يعرج وتعرج .. في حق الملائكة والروح والأمر ..
وهنا تساؤل .. لو كان العروج كالرفع لاستخدم القرآن العروج في حق الانبياء عيسى وادريس عليهما السلام بدل الرفع .. !! هذا وإن دل فأظنه يدل على فروق بين الحالتين في المكانة والكيفية ومكان الوصول ايضا ..
فرجوعا للمعنى اللغوي .. الرفع هو صعود مفاجيء الى اعلى .. ويحتمل ايضا معنى معنوي وهو رفع للذكر والمنزلة او المكانة ..
اما العروج .. فهو صعود تدريجي الى اعلى وعلى مراحل والى مستويات .. ومعنويا : ارتقاء في المراتب والدرجات .. كما حدث مع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
مع العلم ان الرفع والعروج قد يحدثان للروح والجسد
لكن الذي يريد ان يساوي عروج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برفع الانبياء عيسى وادريس عليهما السلام .. فألفاظ القرآن تحسم الأمر ؛ خاصة لو اخذنا براي العلماء الذين قالوا بأن رفعهم كان بالارواح .. - وحتى لو قلنا كما قال البعض الاخر من العلماء انهم رفعوا بأجسادهم - فرفعهم كان لمكان محدد ولم يكن لهم بعده ارتقاء او صعود ..
وعليه .. ليس هناك وجه مقارنة بين رفع الانبياء .. وبين من ارتقى وعُرج به يقظة جسدا وروحا من سماء الى سماء حتى بلغ مستوى صريف الاقلام ومقام رب الأنام ..
ولو يوجد تشابه بين ارتقاء الانبياء وارتقاء سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم .. لكان القرآن أظهره بألفاظه الحكيمة الدقيقة ..
إلا انه .. لا ننكر ان الرفع في حق الانبياء له من الدلالة على علو قدرهم ومكانتهم .. لكنها لن تصل لعلو قدر ورفعة ومكانة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم وقد صرح به القرآن ايما تصريح : { وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ }[سُورَةُ الشَّرۡحِ: ٤] .. الى جانب الآيات القرآنية التي صرحت بتشريفه برحلة الاسراء والمعراج الى مقام لم ولن يصل اليه احد .. فقد جمع القرآن تشريفه صلى الله عليه وسلم حسّا ومعنى قلبا وقالبا جسدا وروحا .. لم يسبقه ولم ولن يلحق به احد ..
إذن .. الرفع ليس كالعروج .. ولفظ العروج فيه خصوصية تشريف مابعده تشريف وتعظيم لعظم مكانة المعروج به وعظم المكان الذي تم الوصول اليه ..
وان اختص الله أحدا بالعروج - ان صح التعبير - فهو عروج ارواح وليس اجساد .. ولن يكون يقظة جسدا وروحا .. والله اعلم
هذا .. وان أصبت فلله الحمد ..
وان اخطأت اللهم اغفر لي ..
مجلس 9-11-2023
حذفأ.خالد أبوعوف
ما فيش حد كامل في البشر إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. الوحيد الكامل في المخلوقات هو سيد ولد آدم .. هو سيد أهل الدنيا وأهل الآخرة صلى الله عليه وآله وسلم .. ما فيش غيره .. ما فيش .. ما فيش .. ومش حيكون ولن يكون ولن يحدث .. وما كان .. لأنه لم يكن هناك أحمد إلا أحمد واحد .. هو كان أحمد فقط ما فيش أحمد ثاني .. هو كان الأحمد ولا أحمد غيره .. إلا أنه شرفنا به محمدا لأنه سيعود مرة أخرى أحمدا .. ? هو ليه قالك ( وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولࣲ یَأۡتِی مِنۢ بَعۡدِی ٱسۡمُهُۥۤ أَحۡمَدُۖ ) ؟ .. ماقالش محمد ليه؟ هو كلمهم بحقيقته ؛ مش بإسمه .. عشان تعرف أنه لما حيجي حيجي لك بحقيقته .. التشريف الأعلى صاحب المكانة .. صاحب الحضرة .. صاحب المقام .
#أ_خالد_أبوعوف
السادة الأفاضل ..
حذف- تم زيادة كتابة حديث في الموضوع عند السؤال رقم (س303) هل حدث معراج منامي وروحي للنبي وما الفرق بينهما ؟ :
- وهذا هو الحديث الذي تم كتابته مع شرحه إذ لم تريد الرجوع للموضوع:
ب- المعراج الروحي (الكشف في حال اليقظة):
1- جاء في (حديث صحيح) .. عن جابر بن عبد الله قال: (انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ .... (ثم ذكر كيفية الصلاة ..... وقد حدث أنه تأخر في الصلاة للخلف مرة ثم تقدم للأمام مرة أخرى) ..
- فَانْصَرَفَ حِينَ انْصَرَفَ (أي من صلاته) .. وَقَدْ آضَتِ (أي أضاءت ونورت) الشَّمْسُ .. فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ .. فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ .
- (ثم قال النبي): مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ .. لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ .. وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ (أي رجعت للخلف قليلا) .. مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا (أي حرها) ..
- وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ (أي عصا خشب لها اعوجاج معدني من أحد أطرفه كالخطاف) .. يَجُرُّ قُصْبَهُ (أي أمعاءه) فِي النَّارِ .. كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ (أي من كان يحج لبيت الله) بِمِحْجَنِهِ (أي بعصاته هذه من خلال جرها على الأرض وان تعلق بها شيء من متاع الحاج ولم ينتبه له الشخص فيستولي عليها) .. فَإِنْ فُطِنَ لَهُ (أي انتبه له) قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي (أي يتحجج له بأنه تعلق بمحجنة دون مقصد) .. وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ (أي إن لم ينتبه الحاجة لسرقة متاعه) ذَهَبَ بِهِ (أي صاحب المحجن يستبيحه لنفسه ويستولى عليه).
- وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ (أي القطة) الَّتِي رَبَطَتْهَا (أي حبستها عمدا بقصد الضرر) فَلَمْ تُطْعِمْهَا .. وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ (أي حشرات) الْأَرْضِ .. حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا (أي بسبب حبسها وعدم إطعامها).
- ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ .. وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي (أي رجعت إلى محل وقوفي الأول في الصلاة) .. وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ (أي أقطف شيئا) مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ .. ثُمَّ بَدَا لِي (أي رأيت الأصوب) أَنْ لَا أَفْعَلَ (لعل النبي فعل ذلك حتى يظل الإيمان بالغيب حقا في نفوسهم) .. فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ (أي من وجود الجنة والنار) إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ) صحيح مسلم مختصرا.
#- ملاحظات على هذا الحديث:
أ- رؤية النبي للجنة والنار في صلاة الكسوف .. ومكاشفة أحوال بعض من يعرضون على النار بما سيقابلهم بسبب سوء أفعالهم .. وذلك كقوله تعالى في آل فرعون: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر:46 ..، وقد يكون هذا جزء من عذابهم فعلا الآن قبل عذاب الآخرة .. والأول أرجح وهو أنه رأي كيف يعرضون على النار .. والله أعلم.
ب- ثم مكاشفة الجنة حتى كاد أن يأتي بشيء منها إلا أنه تراجع عن ذلك ورضى أن يكون ذلك العطاء في الآخرة.
#- ومعنى إمكانية أخذ النبي شيء من الجنة: هو حين عقد عزيمته للشيء في نفسه فيمنحه الله له ويقرب له ما يريد .. وليس بمعنى سيطير فوق سبع سموات ليأتي بالشيء .. بل بمجرد انعقاد العزم في نفسه فيمده الله به ..!! فانتبه.
- والله أعلم.
===============================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آلبه وسلم
فصل جميل جزاك الله كل خير ياأستاذ خالد وربنا يمدك بمدده يارب في صحة وعافية وراحة بال بحق أنه قدير يارب العالمين.
ردحذف🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋🦋
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي صلاة محبين بها ترضى عنا وتبلغنا بها أعلى منازل اليقين وتفيض بها علينا بالمحبة والغفران الجميل وتجمعنا بها مع الأبرار في جنات النعيم بحق أنك الملك القهار ذو الجلال والإكرام يارب العالمين.🤲🤍🦋
🌸 #قصـة_قصيـرة 🌸
ردحذف•【 سأل رجل مهموم حكيماً فقال : 】
أيها الحكيم لقد أتيتك ومالي حيلة مما أنا فيه من الهم؟
فقال الحكيم: سأسألك سؤالين وأريد إجابتهما
قال الرجل: اسأل ..!!
فقال الحكيم: أجئت إلى هذه الدنيا ومعك تلك المشاكل؟ ..
قال : لا
فقال الحكيم: هل ستترك الدنيا وتأخذ معك المشاكل؟ ..
قال : لا
فقال الحكيم : أمر لم تأت به, ولن يذهب معك .. الأجدر ألا ياخذ منك كل هذا الهم فكن صبوراً على أمر الدنيا وليكن نظرك إلى السماء أطول من نظرك إلى الأرض يكن لك ما أردت.
ابتسم .. فرزقك مقسوم وقدرك محسوم وأحوال الدنيا لاتستحق الهموم لأنها بين يدي الحي القيوم.
(الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد, ومن لاصبرله لا إيمان له)
🌸 #تمت 🌸
من أجمل ما قرأت في خواطر
ردحذف.. سورة "يوسف" ..
"الحاسدون " ألقوه في الجب ..
و"السماسرة " باعوه بثمن بخس ..
و"العاشقون " ألقوه في السجن ..
و"العقلاء " جعلوه وزير المالية ..
وأصحاب المصالح خططوا له وعليه ..
والمحتاجون رفعوه على العرش ..
فلا القصر علامة الحب ..
ولا السجن علامة الكره ..
ولا المُلك علامة الرضا ..
إنما الأمر كله ( وكذلك يجتبيك ربك ) ..
فطريق الإجتباء محفوف بالعناية الإلهية ..
أراد إخوة يوسف أن يتخلّصوا من يوسف!!
.. فلم يَمُت ..!!
ثم أرادوا أن يلتقطه بعض السيارة لَيُمْحَى أَثَرُه !! .. فارتفع شأنه !!
ثم بِيْعَ ليكون مملوكا !! .. فأصبح ملكا ..!!
ثم أَرادوا أن يمحوا محبته من قلب أبيه !! .. فازدادت ..!!!
فلا تقلق من تدابير البشر ..
فإرادة الله فوق كل إرادة.
قال تعالى :
( قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون )
منقول.
🔸عندما تريد أن تعرف ...
ردحذفمن يستحق أن يستوطن أعماقكَ
انظر إلى من يجعلك تشعر
أن خاطرك فوق كل شيء ...
ويجعلك تشع بهجة رغم انطفاءك
من يساهم في إدخال السعادة لروحك قبل قلبك 🧡
ابحثوا عن الصادقين بمشاعرهم قبل كلماتهم
فالاهتمام والحنان والقلب الصافي
هم الجمال الحقيقي لأي انسان على وجه الأرض🧡
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل ونفع بك ورزقا معراج المقرئين
ردحذف-------
- أوافق الإمام القشيري .. فيما ذكره من إمكانية المعارج الروحية عند صحة القلب وطهارة الباطن وصدق المعاملة مع الله ..
ب- والفرق بين معراج الولي والنبي .. هو أن معراج النبي كان بالجسد ورؤيا عين وفيه خصوصية أنس بالله وتشريع من الله بفرض الصلوات .. معراج الولي يكون بالروح وفيه خصوصية أنس فقط (هذا على افتراض صدق ما رأته الروح وكاشفته) ..، ولذلك الفارق كبير بين معراج الولي ومعراج النبي .. والله أعلم.
كانت قريش ترمي احشاء الإبل والرمال على رأس نبينا ، فتشاهده ابنته فاطمة فتبكي وتغسل رأسه، فيقول لها "لا تبكي يا بنية فإن الله مانع أباك"، فيذهب للطائف سيرًا على الأقدام ليدعوهم للإسلام فأرسلوا مجانينهم ليرموه بالحجارة حتى نزف جسمه..
ردحذففصلوا على من آذوه قومه ورموه فصبر وتحمل ليصلك الإسلام.
الحمد لله على نعمة الإسلام والحمد لله انه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله أننا أمة هذا الرجل العظيم
والحمد الله على أننا بهذا السرح العلمي الرباني من رجل لا توجد لطيبته مثيل
الله يرضى عليك أستاذنا الفاضل ويراضيك ويزيدك علما ..
==========
اللهم صل على النبي محمد الأمي الأمين صاحب القلب النقي التقي وعلى آله وسلم