ج137: قصة الإسراء والمعراج - هل تكررت حادثة شق صدر النبي في حياة النبي في غير الإسراء والمعراج - ما الفرق بين حكمة شق صدر النبي في الطفولة وعند تهيئته لرحلة الإسراء.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل المائة والسابع والثلاثون)

#- فهرس:

:: الفصل المائة والسابع والثلاثون :: ج1/ مسائل ختامية على هامش رحلة الإسراء والمعراج – عن شق صدر النبي ::

1- س329: هل تكررت حادثة شق صدر النبي في حياة النبي في غير الإسراء والمعراج ؟

#- شق الصدر أول مرة: وهو صغير حينما كانت ترعاه حليمة السعدية حتى عمر خمسة سنوات ..

#- شق الصدر المرة الثانية: عند حادثة الإسراء والمعراج ..

#- شق الصدر كما في روايات قالت: وهو في عمر العشر سنوات ..

#- شق الصدر كما في روايات قالت: عند نزول الوحي على النبي ..

2- س330: ما الفرق بين حكمة شق صدر النبي في الطفولة وعند تهيئته لرحلة الإسراء ؟

 *******************

:: الفصل المائة والسابع والثلاثون ::

*******************

..:: س329: هل تكررت حادثة شق صدر النبي في حياة النبي في غير الإسراء والمعراج ؟ ::..

 

- من الأمور التي قد لا يعرفها البعض .. أنه قد تكررت حادثة شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

#- بعض العلماء أوصلها لأربعة مرات ..

- مرة في الطفولة قبل عمر خمس سنوات.

- ومرة عند عمر عشر سنوات.

- ومرة عند البعثة ونزول جبريل عليه في عمر الأربعين.

- ومرة ليلة الإسراء والمعراج في عمر التاسع والأربعين أو الخمسين تقريبا من عمر النبي.

 

#- وهناك من العلماء من قال هم ثلاث مرات ..

- عند الطفولة .. وعند البعثة .. وعند الإسراء والمعراج ..

 

#- وعموم العلماء قلوا حدث ذلك مرتين ..

- مرة في الطفولة .. ومرة عند الإسراء والمعراج .. وهذا هو الصحيح ..

 

@- وإليك تفصيل هذه المسألة لتكون على علم بها:

 

================

 

#- أولا: الصحيح من قصة شق صدر النبي ..

 

1- شق الصدر أول مرة: وهو صغير حينما كانت ترعاه حليمة السعدية حتى عمر خمسة سنوات ..

أ- (حديث صحيح) .. عن ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً (أي قطعة دم متجلطة) .. فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ .. ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ .. ثُمَّ لَأَمَهُ (أي أصلحه) .. ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ (أي داخل الصدر وخاط الصدر) .. وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ (أي المرضعة) - فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ .. فَاسْتَقْبَلُوهُ (أي وجدوه مقبلا عليهم) وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ (أي متغير لون وجهه وكأنه أصابه خوف)"، قَالَ أَنَسٌ: «وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ) صحيح مسلم.

 

ب- في (حديث حسن – فيه نكارة لفظية) .. عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ شَأْنِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِي بَهْمٍ لَنَا (أي نرعي بهيمة من ماشية كانت لهم) ، وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا (أي طعاما) .. فَقُلْتُ: يَا أَخِي، اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا .. فَانْطَلَقَ أَخِي وَمَكَثْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ (أي الماشية) ، فَأَقْبَلَ طَيْرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ .. فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَهُوَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَا يَبْتَدِرَانِي (أي يسرعان إليَّ)، فَأَخَذَانِي فَبَطَحَانِي إِلَى الْقَفَا (أي طرحوني أرضا على ظهري) ، فَشَقَّا بَطْنِي، ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي، فَشَقَّاهُ فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ (أي قطعتين مثل الدم المتجمد) سَوْدَاوَيْنِ (أي يغلب عليها اللون الأسود) ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ - فَغَسَلَا بِهِ جَوْفِي، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِمَاءِ بَرَدٍ فَغَسَلَا بِهِ قَلْبِي، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِالسَّكِينَةِ فَذرَّاهَا (أي نشرها) فِي قَلْبِي .. ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: حِصْهُ (أي قم بخياطة الجرح) ، فَحَاصَهُ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ .

- فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ، وَاجْعَلْ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِهِ فِي كِفَّةٍ .. فَإِذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْأَلْفِ فَوْقِي (أي يرى صورة ألف رجل من أمته كأنهم فوقه يقفون على ميزان) ، أُشْفِقُ (أي أخاف) أَنْ يَخِرَّ (أي يسقط) عَلَيَّ بَعْضُهُمْ .. فَقَالَ: لَوْ أَنَّ أُمَّتَهُ وُزِنَتْ بِهِ لَمَالَ بِهِمْ .. ثُمَّ انْطَلَقَا وَتَرَكَانِي .. وَفَرِقْتُ (أي خوفت) فَرَقًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُهُ، فَأَشْفَقَتْ (أي خافت) عَلَيَّ أَنْ يَكُونَ أُلْبِسَ بِي (أي أصابني مس من الجن) ، قَالَتْ: أُعِيذُكَ بِاللهِ .. فَرَحَلَتْ بَعِيرًا لَهَا فَحَمَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ، وَرَكِبَتْ خَلْفِي حَتَّى بَلَغْنَا إِلَى أُمِّي، فَقَالَتْ: أَوَأَدَّيْتُ أَمَانَتِي، وَذِمَّتِي؟ وَحَدَّثَتْهَا بِالَّذِي لَقِيتُ، فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ (أي فلم يصبها اضطراب وهلع مما سمعته) ، فَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ ، أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ) رواه أحمد والحاكم والدارمي والطبراني وغيرهم .. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ..، وقال الهيثمي في المجمع: إسناده حسن ..، وقال محققو المسند: إسناده ضعيف، بقية- وهو ابن الوليد- يدلس تدليس التسوية، وقد عنعن، فلا يقبل حديثه إلا أن يصرح بالسماع في جميع طبقات السند. (انتهى النقل)..، وذكره الألباني في صحيح السيرة النبوية ..، وقال الضياء الأعظمي رحمه الله في كتابه (الجامع الكامل) و"كأنه يرد على محققي المسند": الحديث حسن .. وإسناده حسن من أجل بقية فإنه إذا روى عن بَحير بن سعد ولو بالعنعنة تقبل روايته .. فكيف وقد صرّح .. وأما اشتراط السماع في جميع الطبقات فليس العمل على ذلك. (راجع الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل ج14 ص316).. وكذلك قال الضياء الأعظمي رحمه الله في مكان آخر من كتابه: والصواب أنه حسن من أجل الكلام في بقية وهو ابن الوليد مدلس تدليس التسوية .. وقد صرّح بالتحديث في رواية الإمام أحمد ومن أهل العلم من قبلوا تصريحه بتحديثه في أول طبقة وهو رأي الجمهور. (الجامع الكامل ج16 ص333) ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الرواية السابقة:

- والحديث وإن كان يمكن تحسينه في سنده إلا أنه فيه نكارة ظاهرة مخالفة لما في صحيح مسلم .. من حيث عدد استخراج العلقات من القلب .. ومن حيث نوعية غسيل القلب والصدر .. ومن حيث أنه لم يتم ذكر شيء عن السكينة في القلب .

 

- وإذا افترضنا زيادة السكينة في القلب من باب مزيد إضافة سقطت من رواية مسلم لأنها مختصره .. ولكن لا يمكن الجمع بين جزئية (العلقة) والعلقتين .. وبين جزئية (زمزم) .. والثلج والبرد ..!!

 

#- والذي أراه هو صحة رواية الإمام مسلم .. عن رواية أحمد .. ولا مانع من قول القصة .. ولكن بدون تلك الجزئيتين المشار إليهما .. واستبدالهما بما في صحيح مسلم ..

@- وعموما فإن حديث مسلم الصحيح يكفينا عن أي إشكالية لسنا في حاجة إليها .. والله أعلم .

 

2- شق الصدر المرة الثانية: عند حادثة الإسراء والمعراج ..

- (حديث صحيح) .. عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ......) صحيح البخاري.

 

======================

 #- ثانيا: الضعيف الغير صحيح من قصة شق صدر النبي ..

1- شق الصدر كما في روايات قالت: وهو في عمر العشر سنوات ..

- وهنا نقول: هل تم شق صدر النبي وهو ابن عشر سنوات ؟

أ- جاء في (حديث ضعيف جدا) .. عن نَضْرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْبُخَارِيُّ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدَّيْنُورِيُّ قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ حَرِيصًا أَنْ يَسْأَلَهُ عَنِ الَّذِي لَا يَسْأَلُهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَوَّلُ مَا ابْتُدِئْتَ بِهِ مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ؟ فَقَالَ: " إِذْ سَأَلْتَنِي إِنِّي لَفِي صَحْرَاءَ أَمْشِي ابْنَ عَشْرِ حِجَجٍ (أي عشر سنوات) إِذَا أَنَا بِرَجُلَيْنِ فَوْقَ رَأْسِي يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَهُوَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَخَذَانِي فَلَصَقَانِي بِحَلَاوَةِ الْقَفَا (أي لصق ظهري بالأرض) ..

- ثُمَّ شَقًّا بَطْنِي .. فَكَانَ جِبْرِيلُ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ .. وَكَانَ مِيكَائِيلُ يَغْسِلُ جَوْفِي ..

- فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: افْلِقْ صَدْرَهُ فَإِذَا صَدْرِي فِيمَا أَرَى مَفْلُوقًا لَا أَجِدُ لَهُ وَجَعًا.

- ثُمَّ قَالَ: اشْقُقْ قَلْبَهُ .. فَشَقَّ قَلْبِي ..

- فَقَالَ: أَخْرِجِ الْغِلَّ وَالْحَسَدَ مِنْهُ .. فَأَخْرَجَ شِبْهَ الْعَلَقَةِ (أي قطعة صغيرة من الدم المجمد) فَنَبَذَهُ (أي ألقاه) ..

- ثُمَّ قَالَ: أَدْخِلِ الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ فِي قَلْبِهِ .. فَأَدْخَلَ شَيْئًا كَهَيْئَةِ الْفِضَّةِ .. ثُمَّ أَخْرَجَ ذَرُورًا (أي مثل بخاخة رش على قلبي شيئا) كَانَ مَعَهُ فَذَرَّ عَلَيْهِ .. ثُمَّ نَقَرَ إِبْهَامِي ..

- ثُمَّ قَالَ: اغْدُ (أي قيل لي ارحل) فَرَجَعْتُ بِمَا لَمِ أَغْدُ بِهِ .. مِنْ رَحْمَتِي عَلَى الصَّغِيرِ وَرِقَّتِي عَلَى الْكَبِيرِ) رواه أبو نعيم في الدلائل وابن عساكر.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. الحديث ضعيف جدا .. ومهلهل بالمجاهيل .. وفيه نكارة .. وإليك بيان ذلك:

@- أما عن ضعف السند :

- (نضر بن عبد الملك البخاري) .. لم أجد له ترجمة ..!!

- (محمد بن معاذ بن محمد) .. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في (تهذيب التهذيب ج10 ص193) : وقال ابن المديني في " العلل " في مسند أبى في حديث : " أول ما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من النبوة " : رواه مالك بن محمد بن معاذ بن محمد بن أبى عن أبيه عن جده ، حديث مدنى ، وإسناده مجهول كله ، ولا نعرف محمدا ، ولا أباه ، ولا جده . اهـ .

- ملحوظة: جاء في الرواية (عبد الله بم معاوية الدينوري) وهذا خطأ والصواب هو (الزبيري وليس الدينوري) .. وهو حسن الحديث.

 

@- أما عن نكارة المتن:

- فهو مخالفته لروايات الصحيح .. حيث أن هذا حدث قبل عمر الخمس سنوات وهو وقت تواجده مع حليمة السعدية .. فضلا عن أن خاتم النبوة حدث في ذلك الوقت كما جاء في رواية أحمد وغيره وقد سبق وذكرناها في أول روايات شق الصدر..

 

ب- وجاء في (حديث ضعيف) .. عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ عَلِمْتَ أَنَّكَ نَبِيٌّ ؟ وَبِمَا عَلِمْتَ حَتَّى اسْتَيْقَنْتَ ؟

- فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ أَتَانِي مَلَكَانِ وَأَنَا بِبَطْحَاءَ (أي بصحراء) مَكَّةَ ..

- فَوَقَعَ أَحَدُهُمَا بِالْأَرْضِ .. وَكَانَ الْآخَرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ..

- فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَهُوَ هُوَ ؟ قَالَ : هُوَ هُوَ ..

- قَالَ : فَزِنْهُ بِرَجُلٍ قَالَ : فَوَزَنَنِي بِرَجُلٍ فَرَجَحْتُهُ .. ثُمَّ قَالَ : زِنْهُ بِعَشَرَةٍ فَوَزَنَنِي بِعَشَرَةٍ فَرَجَحْتُهُمْ .. ثُمَّ قَالَ : زِنْهُ بِمِائَةٍ فَوَزَنَنِي بِمِائَةٍ فَرَجَحْتُهُمْ .. حَتَّى جَعَلُوا يَنْتَثِرُونَ عَلَيَّ مِنْ كِفَّةِ الْمِيزَانِ ..

- فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: شُقَّ بَطْنَهُ .. فَشَقَّ بَطْنِي .. فَأَخْرَجَ قَلْبِي .. فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَغْمَزَ الشَّيْطَانِ وَعَلَقَ الدَّمِ فَطَرَحَهُمَا ..

- فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : اغْسِلْ بَطْنَهُ غَسْلَ الْإِنَاءِ .. وَاغْسِلْ قَلْبَهُ غَسْلَ الْمُلَاءِ ..

- ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: خِطْ بَطْنَهُ فَخَاطَ بَطْنِي .. وَجَعَلَ الْخَاتَمَ بَيْنَ كَتِفَيَّ .. كَمَا هُوَ الْآنَ .. وَوَلَّيَا (أي ابتعدا) عَنِّي .. فَكَأَنِّي أُعَايِنُ الْأَمْرَ مُعَايَنَةً) رواه ابن أبي الدنيا في هواتف الجنان ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة .. ورواه الطبري في التاريخ .. ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة .. والعقيلي في الضعفاء .. ورواه البزار في مسنده وقال: لا نعلم سمع عروة من أبي ذر...، وقال الهيثمي: رواه البزار وفيه جعفر بن عبد الله بن عثمان بن كبير، وثقه أبو حاتم الرازي وابن حبان وتكلم فيه العقيلي، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح...، (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف وفيه إنقطاع في السند .. لأن عروة بن الزبير لم يسمع من أبا ذر الغفاري .. حيث أن عروة ولد سنة ثلاث وعشرين .. وقيل: سنة تسع وعشرين .. وتوفي أبو ذر سنة اثنتين وثلاثين..، ولم أجد في كتب العلماء أن أبا ذر الغفاري من مشايخ عروة .. لعلمهم أنه لم يسمع منه .. وكلام البزار يؤكد ذلك .. والله أعلم .

2- شق الصدر كما في روايات قالت: عند نزول الوحي على النبي ..

- وهنا نقول: هل ثبت أن النبي قد شق صدره عند مبعثه مع نزول الوحي عليه ؟

- قيل أن النبي شق صدره عند بعثته وقبل نزول جبريل عليه .. وهذا حديث لم يصح ولم يقل به النبي أصلا .. وإنما جاء في الرواية التالية:

 

أ- في (حديث ضعيف جدا ومتن منكر جدا) .. عن الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي عمران الجوني، عن يزيد بن بَابَنُوسَ، عَنْ عَائِشَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا هُوَ وَخَدِيَجَةُ بِحِرَاءَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَسَمِعَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ. قَالَ: فَظَنَنْتُهَا فَجْأَةَ الْجِنِّ، فَجِئْتُ مُسْرِعًا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى خَدِيجَةَ فسجَّتني ثَوْبًا وقَالَتْ: مَا شَأْنُكَ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ فَظَنَنْتُهَا فَجْأَةَ الْجِنِّ. فَقَالَتْ: أَبْشِرْ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّ السَّلَامَ عَلَيْكَ خَيْرٌ.

- قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِذَا جِبْرِيلُ عَلَى الشَّمْسِ، جَنَاحٌ لَهُ بِالْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ لَهُ بِالْمَغْرِبِ.

- قَالَ: فَهِبْتُ مِنْهُ فَجِئْتُ مُسْرِعًا، فَإِذَا هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَّابِ، فَكَلَّمَنِي حَتَّى آنَسْتُ بِهِ، ثُمَّ أَوْعَدَنِي مَوْعِدًا، فَجِئْتُ إِلَيْهِ فَأَبْطَأَ عَلَيَّ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ، فَإِذَا أَنَا بِهِ وَمِيكَائِيلُ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ، وَبَقِيَ مِيكَائِيلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ فَسَلَقَنِي لِحَلَاوَةِ الْقَفَا (أي لصق ظهري بالأرض) ، ثُمَّ شَقَّ عَنْ قَلْبِي، فَاسْتَخْرَجَهُ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَكْفَانِي كَمَا يكفأ الْأَدِيمُ أَوِ الْآنِيَةُ، ثُمَّ خَتَمَ فِي ظَهْرِي حتى وجدت مس الخاتم (أي شعرت بملامسة هذا الخاتم) في قلبي، تم قَالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: مَا قَرَأْتُ كِتَابًا قَطُّ، فَلَمْ أَدْرِ مَا أَقْرَأُ.

- ثُمَّ قَالَ: اقْرأْ. فَقُلْتُ: مَا أَقْرَأُ؟ فَقَالَ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ من علق اقرأ وربك الأكرمِ) حتى انتهى إلى خَمْسِ آيَاتٍ مِنْهَا، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ، ثُمَّ وَزَنَنِي بِرَجُلٍ فَوَزَنْتُهُ، ثُمَّ وَزَنَنِي بِآخَرَ فَوَزَنْتُهُ حَتَّى وُزِنْتُ بِمِائَةِ رَجُلٍ. فَقَالَ مِيكَائِيلُ مِنْ فَوْقِهِ: تَبِعَتْهُ أُمَّتُهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَجَعَلْتُ لَا يَلْقَانِي حَجَرٌ وَلَا شَجَرٌ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. حتى دخلت على خديجة فقالت: السلام عليك يارسول الله صلى الله عليه وسلم) ذكره البوصيري في اتحاف الخيرة المهرة عن الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف جدا وفيه (دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ) وهو متروك الحديث ..، والحديث فيه نكارة شديدة .. وسيتم توضيح ذلك بعد الرواية التالية.

 

ب- وجاءت الرواية في (حديث ضعيف جدا ومتن منكر جدا) .. عن أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَائِشَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ هُوَ وَخَدِيجَةُ شَهْرًا .. فَوَافَقَ ذَلِكَ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.

-  قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ فَجَأَهُ الْجِنُّ (أي حضور مفاجيء بغتة من الجن بقصد الضرر) .

- فَقَالَت: أَبْشِرْ، فَإِنَّ السَّلَامَ خَيْرٌ .

- ثُمَّ رَأَى يَوْمًا آخَرَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الشَّمْسِ جَنَاحٌ لَهُ بِالْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ لَهُ بِالْمَغْرِبِ ، فَهِبْتُ مِنْهُ ..

- قَالَتْ (أي السيدة عائشة راوية القصة): فَانْطَلَقَ يُرِيدُ أَهْلَهُ (أي راجعا إلى بيته)..

- فَإِذَا هُوَ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ قَالَ: فَكَلَّمَنِي حَتَّى أَنِسْتُ بِهِ، ثُمَّ وَعَدَنِي مَوْعِدًا ..

- قَالَ: فَجِئْتُ لِمَوْعِدِهِ، وَاحْتَبَسَ عَلَيَّ جِبْرِيلُ (أي تأخر) ..

- فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ إِذَا هُوَ بِهِ وَبِمِيكَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .. فَهَبَطَ جِبْرِيلُ إِلَى الْأَرْضِ وَبَقِيَ مِيكَائِيلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ..

- قَالَ: فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ فَصَلَقَنِي لِحَلَاوَةِ الْقَفَا (أي لصق ظهري بالأرض) .. وَشَقَّ عَنْ بَطْنِي .. فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ .. ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ .. ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهِ .. ثُمَّ كَفَأَنِي كَمَا يُكْفأُ الْإِنَاءُ .. ثُمَّ خَتَمَ فِي ظَهْرِي حَتَّى وَجَدْتُ مَسَّ الْخَاتَمِ (أي شعرت بما يختم به في ظهري) ..

- ثُمَّ قَالَ لِي: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) [العلق: 1] ..  وَلَمْ أَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ .. فَأَخَذَ بِحَلْقِي (أي وضع يده بحلقي) حَتَّى أَجْهَشْتُ بِالْبُكَاءِ ..

-  ثُمَّ قَالَ لِي: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) [العلق: 2] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق: 5] .

- قَالَ: فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ.

- قَالَ: ثُمَّ وَزَنَنِي بِرَجُلٍ فَوَزَنْتُهُ، ثُمَّ وَزَنَنِي بِآخَرَ فَوَزَنْتُهُ، ثُمَّ وَزَنَنِي بِمِائَةٍ، فَقَالَ مِيكَائِيلُ: تَبِعَتْهُ أُمَّتُهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَمَا يَلْقَانِي حَجَرٌ وَلَا شَجَرٌ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَتِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ..

 

ج- وجاءت الرواية بلفظ آخر في (حديث ضعيف جدا ومتن منكر جدا) ..  عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا هُوَ وَخَدِيجَةُ بِحِرَاءٍ ..

- فَوَافَقَ ذَلِكَ شَهْرَ رَمَضَانَ ..

- فَخَرَجَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَسَمِعَ: "السَّلَامُ عَلَيْكَ" ..

- فَظَنَنْتُهَا (أي قال النبي ظننت من هذا الصوت أنه) فَجْأَةَ الْجِنِّ (أي حضور مفاجيء من الجن بقصد الضرر) فَجِئْتُ مُسْرِعًا .. حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى خَدِيجَةَ فَسَجَّتْنِي ثَوْبًا (أي غطتني بثوب).

- وَقَالَتْ: مَا شَأْنُكَ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ؟

- فَقُلْتُ: سَمِعْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ فَظَنَنْتُهَا فَجْأَةَ الْجِنِّ.

- فَقَالَتْ: أَبْشِرْ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّ السَّلَامَ خَيْرٌ .

- قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَرَّةً فَإِذَا بِجِبْرِيلَ عَلَى الشَّمْسِ جَنَاحٌ لَهُ بِالْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ لَهُ بِالْمَغْرِبِ قَالَ: فَهِلْتُ مِنْهُ فَجِئْتُ مُسْرِعًا فَإِذَا هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَابِ فَكَلَّمَنِي حَتَّى أَنِسْتُ بِهِ ..

- ثُمَّ وَعَدَنِي مَوْعِدًا .. فَجِئْتُ لَهُ فَأَبْطَأَ عَلَيَّ (أي فتأخر).

- فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ .. فَإِذَا أَنَا بِهِ وَمِيكَائِيلُ قَدْ سَدَّا الْأُفُقَ ..فَهَبَطَ جِبْرِيلُ وَبَقِيَ مِيكَائِيلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ..

- فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ فَاسْتَلْقَانِي لِحَلَاوَةِ الْقَفَا ثُمَّ شَقَّ عَنْ قَلْبِي .. فَاسْتَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ .. ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ .. ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ ثُمَّ لَأَمَهُ .. ثُمَّ أَكْفَأَنِي كَمَا يُكْفَأُ الْأَدِيمُ .. ثُمَّ خَتَمَ فِي ظَهْرِي حَتَّى وَجَدْتُ مَسَّ الْخَاتَمِ فِي قَلْبِي ..

- ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ .. وَلَمْ أَكُ قَرَأْتُ كِتَابًا قَطُّ .. فَلَمْ أَجِدْ مَا أَقْرَأُ .. ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ .. قُلْتُ: مَا أَقْرَأُ؟ قَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] .. حَتَّى انْتَهَى إِلَى خَمْسِ آيَاتٍ مِنْهَا.

- فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ.

- ثُمَّ وَزَنَنِي بِرَجُلٍ فَوَزَنْتُهُ ثُمَّ وَزَنَنِي بِآخَرَ فَوَزَنْتُهُ حَتَّى وَزَنَنِي بِمِائَةِ رَجُلٍ .. فَقَالَ مِيكَائِيلُ: تَبِعَتْهُ أُمَّتُهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ .

- فَجَعَلْتُ لَا يَلْقَانِي حَجَرٌ وَلَا شَجَرٌ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

- حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى خَدِيجَةَ قَالَتِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) رواه أبو نعيم في دلائل النبوة .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): رواية أبو نعيم  ضعيفة جدا وفيها نكارة شديدة ..

- والغريب أن الإمام البوصيري قال: رواه أبو داود الطيالسي والحارث بسند حسن (اتحاف الخيرة المهرة حديث رقم 2362) ..

- وتحسين الإمام البوصيري كان لوجود شاهد للحديث .. ولكن الحقيقة أن الحديث لا يمكن أن يصح سواء بذاته أو بشواهده .. أي لا يمكن أن يصح أصلا .. لأن الحديث فعلا ضعيف سندا ومتنا .. ليه ؟

 

1- أما عن ضعفه: لوجود راوي مجهول فيها واعتقد هو سبب الكذب في هذه الرواية ..

- ولأن السيدة عائشة لم تحضر هذه القصة .. إذ لم يكن خلقها الله أصلا ..!! ولو كانت سمعتها من النبي لكانت أخبرت بذلك وقالت أن النبي أخبرها أو حدثها أو قال لها..!!

 

2- وأما عن نكارة الرواية ففيها ما يدل على أنها رواية مكذوبة:

أ- فلأنه لم يبلغنا أن السيدة خديجة كانت تعتكف مع النبي في غار حراء .. !!

- وكان ناقص الرواية تقول أن جبريل نزل عليها بالوحي هي أيضا ..!!

- بقى ده كلام حد يقبله ؟!!

 

ب- فضلا عن أنها كيف قالت للنبي حينما رجع إليها: "السلام عليك يا رسول الله" إذا كان هو لم يفهم حينئذ أنه رسول الله ؟!!

- فكيف هي عرفت حينما دخل عليها أنه أصبح رسول الله في حين أن رسول الله نفسه لم يكن مدرك لما حدث له حتى تلك اللحظة من هول ما حدث له ؟!!

 

ج- أما عن الكذب الغريب الذي في الرواية .. هو أن النبي تكلم مع جبريل وواعده بمقابلة قبل نزول الوحي عليه .. وفي تلك المواعدة حضر ميكائيل وشقوا صدره ..!! فكيف ذلك إذا كان لما رآه في غار حراء فزع منه ولم يعرفه .. فمتى تمت المواعدة ؟!!

- وبعدين هو النبي في الرواية دي .. كان عرف جبريل عشان يعرف ميكائيل ؟!!

 

د- وأضف لكل ما سبق أن الختم على ظهر النبي إنما حدث في مرحلة الطفولة بعد شق صدر النبي .. وهو طفل حينما كان يعيش عند مرضعته حليمة السعدية .. كما سبق وأوضحنا .. (على افتراض صحة هذه الرواية).

 

هـ- ولا يخفى أن هذه الرواية تخالف ما جاء في روايات أخرى صحيحة .. من أن جبريل نزل على النبي بغار حراء .. إذ جاء في الصحيح : (حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملَك فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجَهد، ثم أرسلني فقال اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، قال فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطنى الثالثة ثم أرسلني فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) (العلق الآية 3:1) .. فرجع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يرجف فؤاده، فدخل على زوجته خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ، فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة : لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبدا ......) صحيح البخاري.

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

- أن شق صدر النبي تكرر مرتين فقط وهو ما ثبت في الصحيح .. مرة في طفولته قبل عمر الخمس سنوات .. ومرة عند تجهيزه لرحلة الإسراء والمعراج .. وما عدا ذلك فهو باطل لم يصح .. والله أعلم .

 

************************** 

..:: س330: ما الفرق بين حكمة شق صدر النبي في الطفولة وعند تهيئته لرحلة الإسراء ؟ ::..

 

#- أولا: حكمة شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم كما قال بعض العلماء:

1- قال الإمام ابن الملقن رحمه الله (المتوفى: 804هـ):

- وقيل: فعل به ذَلِكَ في حال صغره .. ليصير قلبه مثل قلوب الأنبياء في الانشراح .. والثانية ليصير حاله مثل حال الملائكة. (التوضيح شرح الجامع الصحيح ج5 ص233).

 

#- قال الإمام أبو القاسم السهيلي رحمه الله (المتوفى: 581هـ) عن شق صدر النبي:

- كان هذا التقديس وهذا التطهير مرتين.

- الأولى: في حال الطفولية لينقى قلبه من مغمز الشيطان .. وليطهر ويقدس من كل خلق ذميم .. حتى لا يتلبس بشيء مما يعاب على الرجال .. وحتى لا يكون في قلبه شيء إلا التوحيد .. ولذلك قال (فولَّيَا عني) .. يعني: الملكين .. وكأني أعاين الأمر معاينة.

 

- والثانية: في حال اكتهال وبعدما نبئ وعندما أراد الله أن يرفعه إلى الحضرة المقدسة التي لا يصعد إليها إلا مقدس .. وعرج به هنالك لتفرض عليه الصلاة وليصلي بملائكة السموات .. ومن شأن الصلاة الطهور فقدس ظاهرا وباطنا .. وغسل بماء زمزم.

 

- وفي المرة الأولى: بالثلج لما يشعر الثلج من ثلج اليقين وبرده على الفؤاد .. وكذلك هناك حصل له اليقين بالأمر الذي يراد به وبوحدانية ربه.

 

- وأما في الثانية: فقد كان موقنا منبئا .. فإنما طهر لمعنى آخر وهو ما ذكرناه من دخول حضرة القدس والصلاة فيها .. ولقاء الملك القدوس .. فغسله روح القدس بماء زمزم التي هي هزمة (أي كان حفره أو شقه بواسطة) روح القدس .. وهمزة عقبه (أي نقرة بخبطة كعب) لأبيه إسماعيل عليه السلام (أي حينما كان طفل) - وجيء بطست ممتلئ حكمة وإيمانا، فأفرغ في قلبه وقد كان مؤمنا .. ولكن الله تعالى قال (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) الفتح:4 ..، وقال (ويزداد الذين آمنوا إيمانا) المدثر:31. (الروض الأنف ج2 ص111-112).

 

#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) مما أظنه من حكمة الله في شق صدر النبي مرتين:

1- والغرض من شق صدر النبي وهو صبي صغير عمر عشر سنوات .. هو تخلية الباطن محل تأثير الشيطان في النفس .. ثم كان غسله بالثلج للدلالة على صفاء باطنة في استقبال إشارات الحق من عالم الغيب وكان بداية ذلك رؤيتة للمرائي التي كانت تتحقق.

 

2- والغرض شق صدر النبي قبل الإسراء في أواخر الأربعينيات .. هو تحلية الباطن بكمالات نورانية من "اليقين والمعرفة" - أو "الإيمان والحكمة" (على اختلاف لفظي بين الروايات) .. وذلك تهيئة له لرؤية آيات ربه الكبرى ..

#- خلاصة القول:

- أن حكمة مسألة شق صدر النبي .. إنما كانت في الطفولة للتخلية من كل ما قد يؤثر على قلبه .. وفي مرحلة الرجولة إنما كان لمكاشفة عالم الملكوت الأعلى .. والله أعلم.

 

#- ملحوظة فيها تذوق وإشارة لطيفة:

- ذكر الإمام السهيلي رحمه الله .. جزئية عن أن ماء زمزم كان نتيجة أن إسماعيل حينما كان طفلا وأمه هاجر كانت تسعى بين الصفا والمروة بحثا عن أي أحد يغيثها بماء وطعام .. فجاء جبريل لأسماعيل وهو يحرك قدمه باكيا من الجوع والعطش .. فخبط كعب قدمة الأرض فتم شق الأرض وظهر ماء زمزم .. وكان الظاهر هو قدم الطفل الذي خبط قدمه الأرض .. ولكن الحقيقة من وراء ذلك أن جبريل مع خبطة الكعب قام بشق الأرض ليظهر منها ماء زمزم ..

 

@- ومن وراء هذه القصة لطيفة وتذوق وإشارة جميلة .. أحببت أذكرها لكم قد ذكرها الإمام السهيلي أيضا إذ قال رحمه الله:

- سقيا إسماعيل عليه السلام .. فجرها له روح القدس بعقبه (أي بكعب قدم إسماعيل) .. وفي تفجيره إياها بالعقب دون أن يفجرها باليد أو غيره: إشارة إلى أنها لعقبه (أي لمن يأتون من أولاده وأحفاده) وراثة .. وهو محمد- صلى الله عليه وسلم- وأمته ..، كما قال سبحانه: (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) الزخرف:43 ..، أي: في أمة محمد- عليه السلام. (الروض الأنف ج2 ص109)..، والكلمة الباقية هي كلمة التوحيد.

 

- والله أعلم.

 ************************

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .