ج140: قصة الإسراء والمعراج - ما هي عدد المرات التي رأى النبي فيها المسيخ الدجال - هل النبي قد رأى المسيخ الدجال في رحلة الإسراء رؤية عين - بحث في مسألة رؤية النبي للدجال ليلة الإسراء.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل المائة والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل المائة والأربعون :: ج4/ مسائل ختامية على هامش رحلة الإسراء والمعراج – عن ذكر مسائل خاصة برؤية الدجال برحلة الإسراء ::

1- س337: ما هي عدد المرات التي رأى النبي فيها المسيخ الدجال ؟  

2- س338: هل النبي قد رأى المسيخ الدجال في رحلة الإسراء رؤية عين ؟

*******************

:: الفصل المائة والأربعون ::

*******************

..:: س337: ما هي عدد المرات التي رأى النبي فيها المسيخ الدجال ؟ ::..

 

#- جاءت الأحاديث لتقول لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى المسيخ الدجال .. في مشاهدة مختلفة .. وأحببت أن أذكر المواقف التي رأى النبي فيها الدجال .. لأنها مواقف سيترتب عليها ما سيأتي من أسئلة فانتبه لما سأذكره لك أخي الحبيب.

 

#- أولا: المرائي المنامية التي تتعلق برؤية الدجال ..

- رؤية الدجال في المنام عند الكعبة:

1- (حديث صحيح) .. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمر: (ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَيِ النَّاسِ (إي في حضور الناس) المَسِيحَ الدَّجَّالَ .. فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ .. أَلاَ إِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ (أي معيب) العَيْنِ اليُمْنَى .. كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ (أي أحد عينيه بارزة).. وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ فِي المَنَامِ .. فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ (أي أسمر)، كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ (أي الشعر إذا جاوز شحمتي الأذنين) بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ .. رَجِلُ (أي مسترسل) الشَّعَرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً (أي كأنه خارجا من الإستحمام) .. وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ (أي كتفي) رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ .. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ..

- ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا وَرَاءَهُ جَعْدًا (أي شعره مجعد ملتوي) .. قَطِطًا (أي شديد جعودة الشعر) .. أَعْوَرَ (أي به عيب) العَيْنِ اليُمْنَى .. كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ (أي عبد العزّى هلك في الجاهلية) ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ .. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المَسِيحُ الدَّجَّالُ) صحيح البخاري ومسلم.

 

#- وفي رواية بلفظ: (بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ .. رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ .. فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبْطُ الشَّعَرِ، يُهَادَى (أي يمشي معتمدا على أكتاف) بَيْنَ رَجُلَيْنِ .. يَنْطِفُ (أي يصب أو يتساقط من) رَأْسُهُ مَاءً .. أَوْ يُهَرَاقُ (أي يتساقط من) رَأْسُهُ مَاءً .. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا: ابْنُ مَرْيَمَ.

- فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ (أي ذهبت أكمل الطواف فلفت نظري) .. فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ (أي أبيض فيه احمرار) جَسِيمٌ (أي كبير الجسم)، جَعْدُ الرَّأْسِ (أي شعره مجعد ملتوي).. أَعْوَرُ عَيْنِهِ اليُمْنَى .. كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ (أي بارزة)، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ .. وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ .. شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ) صحيح البخاري.

 

#- ملحوظة هامة: قد يستشكل عليك رؤية الدجال يطوف في الكعبة .. فتقول كيف هذا وهو لا يدخل مكة ولا المدينة ؟

- ولكن أنت لم تنتبه إلى أن هذا مجرد منام رمزي له دلالة يفهمها من يفهمها .. وأتى بذكر عيسى مع الدجال في المنام لأن كلاهما سيكون في زمن واحد .. وعيسى هو من سيقتل الدجال .. ولعل وجودهم في طواف الكعبة هو دلالة على أن كلا منهما قد استجاب الله دعاءه .. فلعل عيسى دعا أن يكون نهاية الدجال على يده .. وحمل عيسى على كتفي رجلين للدلالة على ولعل الدجال كان يدعو ربه في أن يتجلى عليه من خصوصية العطاء فأعطاه حتى ضل .. والله أعلم بتفسير المرائي ..

 

#- ثانيا: رؤية الدجال كما قيل ليلة الإسراء ..

- رؤية الدجال في الإسراء ..

1- (حديث صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ عن أَبِي العَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ (أي أسمر) طُوَالًا (أي طويلا) جَعْدًا (أي شعر رأسه فيه تجعيد) ..، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ (أي قبيلة من قبائل اليمن) ..، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا (أي لا طويل ولا قصير) ..، مَرْبُوعَ الخَلْقِ (أي متوسط أو معتدل القوام) .. إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ (أي يميل لون بشرته بين الحمرة والبياض)، سَبِطَ الرَّأْسِ (أي منبسط ناعم الشعر) ..، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ .. فِي آيَاتٍ (أي علامات أو دلائل) أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ ..) صحيح البخاري.

#- ولكن في رواية مسلم جاءت عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَجُلٌ آدَمُ طُوَالٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، سَبْطَ الرَّأْسِ .. وَأُرِيَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ .. فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللهُ إِيَّاهُ) صحيح مسلم.

 

- وسيأتي الكلام على كلتا الروايتين "البخاري ومسلم" في السؤال القادم إن شاء الله ..

 

2- جاء في (حديث بعضه صحيح وبعضه فيه نكارة واضطراب) .. عن ثَابِتٌ أَبُو زَيْدٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ .. ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ .. فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ، وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبِعِيرِهِمْ .. فَقَالَ نَاسٌ: نَحْنُ "لا" نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا بِمَا يَقُولُ - فَارْتَدُّوا كُفَّارًا .. فَضَرَبَ اللهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ .. وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ ..‍‍‍‍، هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا، فَتَزَقَّمُوا ..

- وَرَأَى الدَّجَّالَ فِي صُورَتِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ .. لَيْسَ رُؤْيَا مَنَامٍ ..، وَعِيسَى، وَمُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ ..... إلى آخر الرواية) رواه أحمد والحارث في مسنده .. وصحح إسناده ابن كثير في تفسيره ..، وقال محققو المسند: إسناده صحيح.. (قلت خالد صاحب الرسالة): وهذه الرواية فيها راوي عليه كلام يضعفه ويضعف الرواية وهو (هلال بن  خباب) .. وسيأتي بيان ذلك في سؤال قادم ..

 

#- ثالثا: رؤية الدجال في غير تحدي وقت قيل فيه متى تمت هذه الرؤية سواء يقظة أم مناما ..!!

- رؤية الدجال دون تحديد وقت لها ولا كيفية ..

 

1- وفي (حديث صحيح) .. عن حذيفة بن اليمان عن النبي قال: (وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ .. عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ (أي جلدة) غَلِيظَةٌ .. مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ .. يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ) صحيح مسلم.

 

2- وذكر الطبراني بدون ليلة الإسراء - عن ابن عباس .. بإسنادين أحدهما صحيح والآخر ضعيف ..

أ- وفي (حديث صحيح) .. إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْأَنْمَاطِيُّ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رَأَيْتُ الدَّجَّالَ أَقْمَرَ هِجَانًا ضَخْمًا فَيْلَمِيًّا .. كَأَنَّ شَعَرَ رَأْسِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ .. أَعْوَرَ كَأَنَّ عَيْنَهُ كَوْكَبُ الصُّبْحِ، أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى رَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ) رواه الطبراني في الكبير .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث صحيح ولم أجد في السند ما يعيبه.

 

#- ملحوظة هامة: تم كتابة شيخ الطبراني خطأ في بداية السند هكذا (إسحاق بن إبراهيم بن أبى إسحاق الأنماطى) والخطأ في  "أبي إسحاق" وأصلها "أبي إحسان" .. فصحيح الإسم هكذا (إسحاق بن إبراهيم بن أبى حسان الأنماطى) .. والله أعلم .

 

ب- في (حديث ضعيف) .. عن هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: نا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الدَّجَّالُ أَحْمَرُ هِجَانٌ .. ضَخْمٌ فَيْلَمِيٌّ .. كَأَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ .. كَأَنَّ عَيْنَهُ كَوْكَبُ الصُّبْحِ .. فَشَبَّهْتُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ .. مِنْ خُزَاعَةَ) رواه الطبراني في الأوسط .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (عفير بن معدان) وهو ضعيف الحديث .. ولهذا أشار لضعفه الهيثمي في المجمع مشيرا لرواية الطبراني في الأوسط دون أن يذكرها وأحسبه يشير لهذه الرواية السابق ذكرها .. ولكن الهيثمي لم ينتبه إلى أنه توجد متابعة صحيحة لعفير بن معدان قد ذكرها الطبراني في المعجم الكبير عن (شيبان بن عبد الرحمن النحوي) .. وهي الرواية السابق ذكرها.

 

#- خلاصة القول مما سبق:

- أن مسألة رؤية الدجال ظهرت في ثلاثة مشاهد في الأحاديث.

أ- مرة في المنام .. ووصف النبي شكله مما رآه في الرؤية.

ب- مرة في اليقظة في حديث الإسراء .. ومحتمل يكون حكاية عن ابن عباس وليس من كلام النبي.

ج- ومرة تم حكاية رؤية الدجال دون تحديد زمن ولا كيفية رؤيته .. سواء يقظة أم منام.

 

***********************

 

..:: س338: هل النبي قد رأى المسيخ الدجال في رحلة الإسراء رؤية عين ؟ ::..

 

#- سبق وذكرت في السؤال السابق أن بعض الروايات أتت بأن النبي شاهد المسيخ الدجال في ليلة الإسراء .. وهما روايتان على وجه التحديد .. أحدهما صحيحة في البخاري ومسلم - والأخرى فيها كلام وإن كان صححها البعض ..!!

 

- وعن نفسي لا أميل إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الدجال في ليلة الإسراء .. ولا أطمئن لهذا القول .. لأسباب أذكرها لكم من باب الأمانة العلمية .. وما يطمئن له قلبي .. وإن كنت أيضا سأرتضي بما قاله العلماء من رؤية الدجال ليلة الإسراء اتباعا لروايات سأذكرها لكم وأناقشها .. ولكني أرتضيه كرأي محتمل وليس كمشهد قد رآه النبي في الإسراء والمعراج.

 

#- وإليك أسبابي في عدم اعتقادي برؤية الدجال ليلة الإسراء ..

1- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَة؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَاي، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبتْهَا (أي لم أكن منتبها لها وقت زيارتي) .. فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ (أي أصابني كرب أي ضيق لعجزي عن تذكر ما طلبوه مني)". قَالَ: فَرَفَعَهُ اللهُ لِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ .. مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيءِ إِلَّا أَنْبَأتُهُمْ بِهِ .. وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ منَ الأَنْبِيَاءِ .. فَإِذَا مُوسَى قَائمٌ يُصَلى .. فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ (أي خفيف اللحم) جَعْدٌ (أي شعره ليس منبسطا) كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ شَنُوءَةَ (أي يشبه قبيلة من قبائل اليمن) ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهاً عُرْوَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِي ..، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَائِمٌ يُصَلِّى، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِى نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ .. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ قَاَئِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا "مَالِكٌ" صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلَامِ) صحيح مسلم.

 

 #- ولو انتبهت اخي الحبيب للرواية السابقة .. ستجد أن النبي لم يذكر الدجال .. لا من قريب ولا من بعيد .. ولا أظن أن أبا هريرة سمع كل هذه الرواية ولم يسمع لفظ الدجال فيها ..!!

 

2- (حديث صحيح) .. عَنْ قَتَادَةَ عن أَبِي العَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ (أي أسمر) طُوَالًا (أي طويلا) جَعْدًا (أي شعر رأسه فيه تجعيد) ..، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ (أي قبيلة من قبائل اليمن) ..، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا (أي لا طويل ولا قصير) ..، مَرْبُوعَ الخَلْقِ (أي متوسط أو معتدل القوام) .. إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ (أي يميل لون بشرته بين الحمرة والبياض)، سَبِطَ الرَّأْسِ (أي منبسط ناعم الشعر) ..، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ .. فِي آيَاتٍ (أي علامات أو دلائل) أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ ..) صحيح البخاري.

#- ولكن في رواية مسلم جاءت عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَجُلٌ آدَمُ طُوَالٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، سَبْطَ الرَّأْسِ .. وَأُرِيَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ .. فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللهُ إِيَّاهُ) صحيح مسلم.

 

#- وبالرغم من اتفاق السند عند البخاري ومسلم .. إلا أنه يوجد خلاف في المتن من حيث الآتي بما يغير معاني الروية:

أ- رواية البخاري قالت: (ورأيت مالك خازن النار والدجال) .. وهذا يظهر منه أن هذا كلام النبي ...

- وفي رواية مسلم قالت: (وَأُرِيَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ) .. وهذا يظهر منه بوضوح أنه حكاية من كلام بن عباس .. وباقي الرواية أيضا تدل على ذلك (آيات أراهن الله إياه) .. وهذا سياق مستقيم للكلام ..

 

ب- وفي ختام الرواية قال: (في آيات أراهن الله إياه) .. وكان من المفترض أن يقال (أراهن الله إياي) .. ولكن لفظ (إياه) كيف يكون هذا من كلام النبي ؟!! ..

 

#- والشاهد مما سبق .. هو توضيح جزئية وجود اضطراب في جزئية .. من قال  برؤية مالك والدجال .. هل النبي أم بن عباس ؟!!

#- فلو قالها النبي .. فلا كلام حينئذ بعده صلى الله عليه وسلم..

@- ولو قالها ابن عباس .. فهذا نقف عليه ويقال أنه من قول الصحابي ابن عباس .. ويتم مراجعة هذا الرأي .. لأنه لم يسنده للنبي في اثبات كلام النبي ..

 

@- وإذا قيل أنه لعله قد عرفه من النبي .. فيقال: ولماذا لم يثبته من كلام النبي كما أثبت هيئة الأنبياء وشكلهم ؟!!

- ولعل بن عباس أخطأ في ظنه برؤية النبي للدجال .. كما أخطأ حذيفة بن اليمان في ظنه بأن النبي لم يصلى في المسجد الأقصى وظل راكبا على البراق حتى المعراج .. والله أعلم.

 

3- جاء في (حديث بعضه صحيح وبعضه فيه نكارة واضطراب) .. عن ثَابِتٌ أَبُو زَيْدٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ .. ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ .. فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ، وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبِعِيرِهِمْ .. فَقَالَ نَاسٌ: نَحْنُ "لا" نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا بِمَا يَقُولُ - فَارْتَدُّوا كُفَّارًا .. فَضَرَبَ اللهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ .. وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ ..‍‍‍‍، هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا، فَتَزَقَّمُوا ..

- وَرَأَى الدَّجَّالَ فِي صُورَتِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ .. لَيْسَ رُؤْيَا مَنَامٍ ..، وَعِيسَى، وَمُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ ..

- فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّجَّالِ؟ فَقَالَ: " أَقْمَرُ هِجَانًا - قَالَ حَسَنٌ (أحد رواة الحديث): قَالَ: رَأَيْتُهُ فَيْلَمَانِيًّا (أي عظيم الجثة) أَقْمَرَ هِجَانًا (أي شديد البياض)- إِحْدَى عَيْنَيْهِ قَائِمَةٌ (أي ممسوحة ولكن موجودة بمكانها) .. كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ .. كَأَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ ..، وَرَأَيْتُ عِيسَى شَابًّا أَبْيَضَ .. جَعْدَ الرَّأْسِ، حَدِيدَ الْبَصَرِ، مُبَطَّنَ الْخَلْقِ (ضامر البطن) ..

- وَرَأَيْتُ مُوسَى أَسْحَمَ آدَمَ (أي أسمر اللون)، كَثِيرَ الشَّعْرِ - قَالَ حَسَنٌ (أحد رواة الحديث): الشَّعَرَةِ - شَدِيدَ الْخَلْقِ.

- وَنَظَرْتُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَلَا أَنْظُرُ إِلَى إِرْبٍ (أي عضوا) مِنْ آرَابِهِ (أي من أعضاء جسمه) ، إِلَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ مِنِّي، كَأَنَّهُ صَاحِبُكُمْ ..

- فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلِّمْ عَلَى "مَالِكٍ".. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) رواه أحمد والحارث في مسنده .. وصحح إسناده ابن كثير في تفسيره ..، وقال محققو المسند: إسناده صحيح.

 

#- وقال أبو يعلى والطبري بنفس السند السابق وبنفس السياق .. من طريق ثابت أبو زيد عن هلال بن خباب .. ولكن جاء في آخر الرواية: (وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ، فَلاَ أَنْظُرُ إِلَى إِرْبٍ مِنْ آرَابِهِ إِلاَّ نَظَرْتُ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ صَاحِبُكُمْ .. قَالَ: وَقَالَ لِي جِبْرِيلُ: سَلِّمْ عَلَى أَبِيكَ .. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) رواه أبو يعلى في مسنده والطبري في مسند الآثار .. وقال محقق مسند أبي يعلى الشيخ حسين سليم أسد: إسناده صحيح..، وقال محققو المسند: أخرجه أبو يعلى (2720) عن زهير بن حرب، عن الحسن بن موسى، بهذا الإسناد. وقال في آخره بدل قوله: (سلم على مالك): (سلم على أبيك)، وهو الصواب، والله تعالي أعلم..، وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" ص 408 من طريق أبي النعمان، عن ثابت بن يزيد، به. وعنده كذلك: "سلم على أبيك". (راجع تحقيق المسند عند الحديث رقم 3546 ج5 ص466 طبعة الرسالة).

 

#- وبنفس السند السابق جاءت الرواية مختصرة على الجزء الأول فقط .. عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبِعِيرِهِمْ، فَقَالَ نَاسٌ: نَحْنُ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا، فَارْتَدُّوا كُفَّارًا .. فَضَرَبَ اللهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ) رواه النسائي في الكبرى والسند صحيح .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على الرواية السابقة وهي رواية هلال بن خباب عن عكرمة عن بن عباس:

1- سقط من متن رواية مسند أحمد وتهذيب الآثار للطبري .. كلمة (لا) .. عند قوله: (نَحْنُ "لا" نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا بِمَا يَقُولُ) ولذلك وضعت كلمة (لا) من رواية الإمام النسائي وأبو يعلى والحارث .. إذ جاء في الرواية - عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبِعِيرِهِمْ، فَقَالَ نَاسٌ: نَحْنُ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا، فَارْتَدُّوا كُفَّارًا، فَضَرَبَ اللهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ) رواه النسائي في الكبرى واللفظ له ورواه أبو يعلى والحارث في مسندهما .

 

2- وسقط من رواية أبي يعلى لفظ (موسى) .. إذ أتت الرواية بهذا اللفظ (وَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَإِبْرَاهِيمَ).. ولكن (موسى وعيسى وإبراهيم) كانوا مثبتين عند الطبري وأحمد والحارث .

 

3- وعند أحمد والحارث في مسندهما .. جاء في آخر الرواية (فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلِّمْ عَلَى "مالك"، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) ..

- ولكن في رواية الطبري وأبو يعلى جاءت هكذا: (فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: سَلِّمْ عَلَى "أبيك".. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ) .. وهذا الجزء فيه اضطراب ظاهر .. ولا يصح ترجيح لفظ على آخر ثم ننسبه للنبي إلا على سبيل الظن والتخمين ويصبح هذا الجزء محل ضعف لاضطرابه .. ولكن الأصح والأفضل أن يقال بنكارة هذا الجزء الأخير من الرواية لاضطرابه .. أي جزئية (وقال جبريل سلم على فلان) .. والله أعلم .

 

@- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعليقا على الرواية السابقة:

- أولا: بالرغم من أن بعض أهل الحديث قالوا بتحسين أو تصحيح رواية الإمام أحمد وأبو يعلى التي تتعلق برؤية الدجال ..

- إلا أنني أراها رواية فيها غرابة شديدة واضطراب في ألفاظها .. ولا يمكن قبولها على أنها رواية واحدة متصلة .. بل ولا يمكن ثبوت أن هذه الرواية صحيحة إلا ما رواه الإمام النسائي فقط .. أي تنتهي الرواية عند جملة (فَضَرَبَ اللهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ) .. وسأبين لك أسباب ذلك بعد قليل ..

 

#- وقد انفرد بهذه الرواية كاملة بهذا السياق عن ابن عباس (هلال بن خباب) وهو أضعف ما في السند .. وهو ممن لا يحتمل انفراده لاختلاف العلماء عليه بين كونه ثقة وكونه ضعيف .. ولا يوجد متابعة له بهذا السياق .. ووصف الدجال لم يأت إلى في حديث الرؤيا المنامية للدجال .. فضلا عن أن قوله عن ابن عباس برؤية الدجال رؤية عين فهذا ما لم يذكره غيره .. والله أعلم .!!

 

- علما بأن النبي صلى الله عليه لم يقل أنه رأى الدجال ليلة الإسراء رؤية عين .. بل هذا من قول ابن عباس (على افتراض صحة نسبة هذا القول لابن عباس أصلا) .. ولعل قوله رؤية عين هذه من اجتهاد ابن عباس وظنه... كما كان لحذيفة ابن اليمان اجتهاده الخاص الذي رده العلماء ولم يوافقوه عليه ..

 

#- ثانيا: إليك بعض ما قيل من آراء العلماء في (هلال بن خباب) وذلك تلخيصا مما ذكره ابن حجر من كتابه تهذيب التهذيب:

أ- من أشار لتوثيقه: أحمد بن حنبل، ويحيى ابن معين، وقال بن عمار الموصلي والمفضل بن غسان الغلابي هو ثقة .. وقال بن عدي أرجو أنه لا بأس به.

 

ب- من أشار لوجود ضعف فيه: ذكره بن حبان في الثقات وقال يخطئ ويخالف ..، وذكره بن حبان أيضا في الضعفاء وقال اختلط في آخر عمره فكان يحدث بالشيء على التوهم لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد .. وقال الساجي والعقيلي في حديثه وهم وتغير آخره .. وقال الحاكم أبو أحمد تغير بآخره .. (راجع تهذيب التهذيب لابن حجر ترجمة رقم123 ج11 ص77).. وحكم عليه الإمام بن حجر أنه صدوق تغير بأخرة .. كما قال ذلك في (تقريب التهذيب ترجمة رقم 7334).

 

ج- والمتأمل لما سبق .. سيجد اختلاف في الحكم على (هلال بن خباب) .. ولكن الحق مع ابن حجر .. في أنه صدوق ولكنه يخطيء .. ولا يقبل منه الرواية إذا انفرد .. مثل الرواية التي معنا وتوصيف الدجال فيها .. لأن هذا التوصيف أتى في حديث الرؤيا المنامية .. إضافة لأن ختام الرواية فيها اضطراب .. ليه ؟

 

1- لأنك لو قرأت الرواية السابقة ستجد عند الإمام أحمد والحارث .. جاء في ختامها ان جبريل قال للنبي: (سلم على مالك) وهو خازن النار ..، ولكن في رواية الطبراني وأبي يعلى .. جاء في ختامها (سلم على أبيك) أي إبراهيم عليه السلام ..

 

#- إذن : هل قال جبريل (سلم على مالك) أم قال: (سلم على أبيك) ؟!!

 

2- ثم أن آخر رواية (هلال بت خباب) مأخوذ من رواية مالك بن صعصعة .. وجاء فيها في المعراج في السماء السابعة: (- ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ .. قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ .. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ .. قَالَ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ .. فَرَدَّ السَّلاَمَ) صحيح البخاري.

 

- فمن الواضح جدا أنه خلط عدة روايات ببعضها وجمعها في رواية واحدة .. فاخذ رواية النسائي الخاصة بشجرة الزقوم مع رواية رؤيا المنام الخاصة بالدجال ثم ختمها برواية أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة في البخاري والتي جاء فيها : " هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ .. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ .. فَرَدَّ السَّلاَمَ".

 

#- ثالثا: تعقيبا بمسألتين على مسألة رؤية الدجال رؤية عين ليلة الإسراء:

- المسألة الأولى: وهي لنا إشكالية قديمة تكلمنا عنها وهي .. لو قلنا أن اللفظ هو (سلم على أبيك) أي إبراهيم عليه السلام .. لأن هذا معناه أنه لم يعرف إبراهيم عليه السلام ..

- فلو قلنا: أنه تعرف عليه في السماء أي وقت المعراج .. وكانت المقابلة في الأرض بعد المعراج .. فكيف يسلم عليه في الأرض ويتعرف عليه بأنه أبيه إبراهيم طالما تعرف عليه مسبقا في السماء ؟!!

- ولو قلنا: أنه سلم عليه في الأرض في المسجد الأقصى قبل حدوث المعراج .. فكيف سأل عنه جبريل في السماء ؟!!

 

- المسألة الثانية: ما يدل على نكارة أن النبي رأى الدجال رؤية العين في ليلة الإسراء .. هو أنه لما ذهب للمدينة بعد ثلاث سنوات من الإسراء .. وقابل فتى قيل عنه أنه المسيخ الدجال والمسمى بابن صياد .. إلا أن النبي لم يتحقق منه هل هو أم لا .. بالرغم من أنه اختبره ؟!!

- بل وذهب النبي ليراقب ابن صياد بعد ذلك ليعرف هل هو الدجال أم لا ..!!

- فلماذا يفعل النبي ذلك إذا كان رآه رؤيا العين .. كما قال ابن عباس في روايته ..!!

 

#- وخلاصة القول أخي الحبيب:

1- كما أخبرتك في بداية كلامي .. لا أطمئن لجزئية رؤية الدجال ليلة الإسراء والمعراج .. لأنه النصوص لا تساعد على ذلك .. حتى رواية البخاري ومسلم .. فيهما اضطراب في المتن وأقصد في هذه الجزئية فقط وهي: (وَأُرِيَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ .. فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللهُ إِيَّاهُ) .. فمرة متن منسوب لابن عباس ومرة للنبي ..!!

 

@- وبالمناسبة .. قولي بأن رؤية الدجال رؤية منام ليس بدعا من القول فقد سبقي فيه بعض العلماء "هكذا يتم ذكرهم في كتب شرح الحديث أن بعض العلماء قال بذلك دون تحديد أسماء" ... ولعلهم ساورهم الشك مثلي .. إلا إني لم أجد تحقيقا لهذه المسألة فذكرت ما سبق .. وهذا ما أميل إليه بعدم رؤية النبي للدجال في ليلة الإسراء .. والله أعلم .

 

2- أظن أن جزئية رؤية الدجال إنما حدثت في وقت آخر خلاف ليلة الإسراء .. وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح في رؤيا منامية .. ولا مانع أن يكون رآه في رؤيا كشفية عينية .. لكن ما أظنه بعد ما سبق من تحقيق أن النبي لم يرى الدجال ليلة الإسراء والمعراج .. وإنما قد يكون مشهد عيني رآه النبي كما رأى الجنة والنار وهو يصلي بالناس.

 

3- لا يصح تحسين الرواية أو تصحيحها وفيها اضطراب واضح في متن الرواية .. يجعلك تظن أنها مركبة من عدة روايات كما سبق واوضحت .. نتيجة خلط الراوي (هلال بن خباب) نتيجة لما كان من حاله من الخلط وتغير الحال في الحفظ الذي حدث له كما قال بعض العلماء .. والحديث لا يصح إلا بصحة السند والمتن معا .. ولا يصح أن نتصور ونفترض ما قاله النبي في الرواية فنقول هل قال (سلم على مالك) أم (سلم على أبيك) .. ؟!!

- فهذا الإختيار سيترتب عليه إما أن نحذف هذا أو نترك هذا .. ثم نقول هذا كلام النبي ..!! فكيف أرضى بهذا في نفسي وأنسب هذا الكلام للنبي ؟!!

 

- وعن نفسي لا أقبل أن آخذ ديني بهذا المنطق الغريب .. وكأنني أقوم بتلفيق رواية وأريد نسبتها للنبي بالعافية .. ثم أقول: حديث صحيح .. !!

- كيف يمكن قبول هذا .. بل هذا كلام خطأ ولا يليق.

- عموما هذا رأيي .. وما يطمئن له قلبي ..

- والله أعلم.

 

#- ولكن يتبقى معنا مسألة خطيرة .. وهي إذا كان النبي يعرف المسيخ الدجال بأوصافه فلماذا حينما رأى ابن صياد .. لم يقل مباشرة ليس هو المسيخ الدجال ؟!!

- تابع معي .. فلعلك أول مرة تقرأ هذا السؤال .. وأول مرة تقرأ الإجابة أيضا .. والله ولي التوفيق ..

- فتابع معي.

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .