ج145: قصة الإسراء والمعراج - ما سبب اختلاف العلماء في بعض أحداث قصة الإسراء والمعراج - ما هي بعض المسائل التي اختلف عليها العلماء في صحيح أحاديث الإسراء والمعراج - هل اختلاف العلماء دليل على بطلان قصة الإسراء والمعراج - هل وجود بعض الاضطرابات اللفظية في بعض الروايات الصحيحة دليل على بطلانها.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل المائة والخامس والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل المائة والخامس والأربعون :: ج9/ مسائل ختامية على هامش رحلة الإسراء والمعراج – عن اختلاف العلماء في أحاديث الإسراء والمعراج واضطرابات الأحاديث ::

1- س359: ما سبب اختلاف العلماء في بعض أحداث قصة الإسراء والمعراج ؟

2- س360: ما هي الأصول التي اتفق عليها العلماء من صحيح أحاديث الإسراء والمعراج ؟

3- س361: ما هي بعض المسائل التي اختلف عليها العلماء في صحيح أحاديث الإسراء والمعراج ؟

4- س362: هل اختلاف العلماء دليل على بطلان قصة الإسراء والمعراج ؟

5- س363: هل وجود بعض الاضطرابات اللفظية في بعض الروايات الصحيحة دليل على بطلانها ؟

*******************

:: الفصل المائة والخامس والأربعون ::

*******************

..:: س359: ما سبب اختلاف العلماء في بعض أحداث قصة الإسراء والمعراج ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

@- اختلاف العلماء في قصة الإسراء والمعراج وجدته يعود لعدة أسباب:

#- الأول: اختلاف بسبب ضعف الروايات .. مع قلة معرفة العالم بصحيح أو ضعيف هذه الروايات ..

- ومثال ذلك: تحيرهم في كون المعراج والإسراء مناما أم يقظة .. وذلك بسبب ثلاثة نصوص باطلة وتالفة السند جدا .. أحدهما عن السيدة عائشة والثاني عن معاوية بن أبي سفيان والثالث عن التابعي الحسن البصري .. وأحسن ما فيهم ضعيف جدا .. !!

 

- فحدث خلط في عقول البعض بين هذه الروايات الفاسدة .. وبين الصحيح وظاهر القرآن .. فأثبتوا رأيين .. في حين هو أصلا رأي واحد ..!! وهو أن الإسراء يقظة وبالجسد .. وقد اختلفوا على المعراج بأنه قد يكون منام بأدلة عقلية لا ترتقي لمستوى القبول .. وقد حقننا كل ذلك في المعراج كذلك أنه يقظة وبالجسد .. وقد سبق بيان ذلك في الرسالة.

 

- ومثال آخر: اختلافهم على نقطة بداية لقاء جبريل بالنبي في أول الإسراء .. هل في منزله أم منزل أم هانيء أم عند الكعبة وغير ذلك .. واختلفوا على عدة آراء .. وسبب الإختلاف هو عدم قدرة العالم على التمييز بين الصحيح والضعيف ..

 

- ومثال أخير: اختلافهم في توقيت الإسراء والمعراج هل في العام الخامس للبعثة أم قبل البعثة أم العام العاشر للبعثة أم قبل الهجرة بسنة أم في المدينة .. وسبب الإختلاف إما استدلالا بروايات ضعيفة جدا أو مكذوبة .. أو رواية صحيحة السند ولكن متنها في نكارة .. أو رواية منامية وظن البعض أنها تتعلق بالمعراج .. أو رواية صحيحة وهو ما جاء عن بعض الصحابة .. أنه تم الإسراء بالنبي قبل الهجرة بعام أو عام ونصف ..  في حين أن ابن عباس وغيره من الصحابة أثبتوا أن فرض الصلاة تم قبل الهجرة تقريبا في العام العاشر .. وفرض الصلاة كان في ليلة المعراج .. والمسألة بذلك انتهت ..!!

 

#- ملحوظة هامة عليك أن تنتبه لها حتى لا تتهم العلماء الأوائل خلال أول خمسة قرون:

- مسألة تدوين الصحيح والضعيف من الروايات .. قد أتى في مرحلة متأخرة مع القرن الثالث الهجري .. والعلماء كانوا يعرفون الضعيف بمجالسة مشايخهم .. والكلام في الرواة وبيان أحوالهم قبل تأليف علم أحوال الرجال أو علم الجرح والتعديل .. كان يتناقل مشافهة ويتلقاه العلماء بعضهم عن بعض جيلاً بعد جيل.

 

- وأول من جمع صحيح الروايات في كتاب .. هو الإمام البخاري رحمه الله .. وقبل ذلك كان يتم كتابة الروايات دون تمييز بين الصحيح والضعيف.

 

- ثم نشط علم معرفة الحديث .. وأصبح مرافقا له وجزء منه علم تحقيق أحوال الرجال أو علم الجرح والتعديل ..  ومعناه العلم الذي يظهر منه معرفة حال الراوي من حيث قبول حديثه أو رد حديثه .. فالجرح يقصد به "ما يعيب هذا الراوي" والتعديل يقصد به "ظهور عدالة هذا الراوي أي تزكيته وأنه مقبول".

 

- ثم نشط أهل العلم بعد ظهور كتابات أهل العلم في بيان أحوال الرجال .. وبدأوا في كتابة كتب خاصة بالضعيف والمكذوب من الأحاديث .. وذلك ظهر مع أواخر القرن الثالث وبداية الرابع .. ثم بعد ذلك انتشر.. وهذا الإنتشار يأخذ وقتا ليظهر أثره بين عموم العلماء .. إذ ليس كل عالم كان له نصيب من إدراك هذا العلم بالرغم من ظهوره .. فلم يكن لديهم شبكة إنترنت ..!!

 

- إذن: عليك أن تعذر العلماء الأوائل في قلة معرفة بين الصحيح والضعيف .. لقلة المادة العلمية لديهم التي تنير لهم هذا الطريق .. وجزاهم الله خيرا بقدر ما اجتهدوا ..

 

#- الثاني: وحدث الإختلاف بسبب عدم وضوح جزئية معينة في القصة بصورة قاطعة بالرغم من وجود روايات صحيحة ..

- ومثل مسألة ضيافة النبي .. هل في الأرض أم في السماء أم في كلاهما ؟!!

 

- ومثل صلاة الأنبياء وإمامته بهم .. أين كانت ؟!! هل قبل العروج للسماء أم في السماء أم بعد الرجوع من السماء ؟!!

 

- حتى يجد العالم نفسه بين رواية تقول له .. أن النبي صلى بالأنبياء في بيت المقدس (وكلها ضعيف) .. رواية صحيحة تقول بصلاة النبي ركعتين في المسجد الأقصى ولم يأت ذكر أي نبي آخر صلى معه ..، ورواية أخرى صحيحة تظهر إمامته بالأنبياء دون تحديد مكان .. وروايات أخرى كثيرة جدا ولكن ضعيفة تؤثر على فهم العالم وذلك لعدم معرفته بحكم الرواية ضعيفة أم صحيحة .. فيحدث للعقل حالة من حالات عدم الوضوح .. ومن هنا يتم الترجيح العقلي حسب اجتهاد العالم ..

 

#- الثالث: ومن أسباب اختلاف العلماء أيضا وجود اضطراب في بعض الروايات الصحيحة السند .. ولكن يوجد في متنها مخالفة لروايات أخرى صحيحة السند والمتن.

- وأقرب مثال في الروايات الدالة على ذلك وأشهرها .. هي (رواية شريك بن أبي نمر) التي في البخاري .. والتي رد أكثرها أكابر العلماء .. لأن (شريك) في روايته عن أنس بن مالك كان سيء الحفظ وقد خالف غيره ممن رووا أحاديث الإسراء والمعراج عن أنس بن مالك .. وسبق وبيان ذلك .. 

 

#- الرابع: وجود اختلاف بسبب الميل إلى رجاحة نصوص وعدم الإلتفات لاجتهاد الصحابي ..

- ومثال ذلك: رؤية الله بالقلب ليلة المعراج .. في حين البعض أخذ بكلام السيدة عائشة .. وهو اجتهاد منها غير صحيح في إنكار الرؤية .. وسبق بيان ذلك.

 

#- الخامس: وجود اختلاف في المعتقد بين أهل السنة والجماعة وبين المعتزلة (وهي طائفة قد ظهرت في ختام القرن الأول الهجري) .. فالمعتزلة أنكروا وجود الجنة والنار .. وأهل السنة يثبتون وجودها .. 

 

- مع أن المسألة بسيطة .. وهي ما المانع من وجود الجنة والنار الآن ؟!!

 

- ولكن في الحقيقة .. ما أظنه في سبب اعتراض المعتزلة ليس بسبب وجود الجنة والنار الآن لأن هذا يظهر لي من كلام بعضهم (والبعض ينكره أيضا) .. وإنما الإعتراض من بعضهم حسب ما أظن هو رؤية مشاهد المعذبين في النار أو في الجنة .. فكيف يكون ذلك وهذا لا يكون إلا في الآخرة .. ؟!!

 

- مع أن المسألة بسيطة أيضا: وهو أنها مجرد صور تمثيلية لكيفية تعذيب البعض في الآخرة .. ولم يحدد النبي أشخاص بأعينهم .. وإلا كان قال رأيت فرعون وهامان وأشباههم في النار من باب أولى ..!!

 

- وبسبب هذا الخلاف العقائدي .. أنكر فرقة المعتزلة المعراج يقظة بالجسد .. وردوا أحاديث المعراج في دخول الجنة ورؤية النار على أنها مجرد منامات .. لأن المنام لا حرج فيه .. فضلا عن أن بعضهم ينكر الأحاديث عموما.

 

@- فإذا انتبهت أخي الحبيب لما سبق .. دعني أخبرك بشيئين:

- الأول: حينما تجد في كتب العلماء أنه يوجد اختلاف في جزئية كذا في قصة المعراج .. فتجد جملة "اختلفت الآراء" .. ولم تجد أسماء معينة للدلالة على أصحاب هذا الرأي .. فأغلب الظن أننا نتحدث عن مجرد رأي تم تدوينه في كتب أهل العلم .. وليس معناه أن أهل العلم اعتمدوه ووافقوا عليه.

 

- الثاني: ستجد بعض المنكرين للمعراج وغيره .. يتلاعبون في عقلك ويخبروك بأن العلماء قد اختلفوا في كذا وكذا وكذا .. ليشكك في الإسراء والمعراج.

 

- لا تسمح لهم بذلك .. وافهم أن هذه مجرد آراء .. وإذا كان يحلو له أن يأتي بما فيه خلاف فلماذا لا يأتي بما فيه اتفاق ؟!! ولماذا هو منزعج من الاختلاف ولا يذكر الإتفاق ؟!! وما وجه اهتمامه بهذه القصة أصلا ؟!!

- ألم يكن الأولى توجيه الناس لمكارم الأخلاق أو تعريفهم بقصص الأنبياء أو فقه الدين ؟!!

 

@- المهم .. ليه بقولك كده .. ؟

- عشان هم يعلمون أن علماء المسلمين .. أتفقوا على ثبوت الإسراء والمعراج .. إلا أن قلبه الجاحد ينكر حدوثهما .. وخاصة المعراج.

 

- فحينئذ تنتبه إلى حقيقة نفسية هؤلاء .. إذ أنه ترك الأصل وهو ثبوت الإسراء والمعراج .. وتعلق في مسائل الفروع المتعلقة بهما .. ليثير الشبهات في نفوس المؤمنين.

 

- ومقصدهم من وراء جدالهم هو التضليل وإبطال شريعة الصلوات الخمس .. وجحود كرامة الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ..

- والله من ورائهم محيط ..

- وسبق وكلمتك عن هذه الجماعة وكيف يحتنكون متبعيهم أي كيف يستحمروهم .. وذلك في الفصل المائة واثنين وأربعون من هذه الرسالة فارجع إليه لو أحببت.

 

***************************

 ..:: س360: ما هي الأصول التي اتفق عليها العلماء من صحيح أحاديث الإسراء والمعراج ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- سأذكر لك أخي الحبيب هنا .. الأصول التي اتفق عليها العلماء في قصة الإسراء والمعراج .. حتى تكون على بينة من كلام العلماء ومقاصدهم .. وتفرق بين الأصول والفروع "وهي الآراء الفرعية المترتبة على هذا الأصل" .. وإليك بيان ما أردت معرفته ..

#- أصول رحلة الإسراء والمعراج التي اتفق عليها العلماء من صحيح الروايات:

1- نزول جبريل على النبي من سقف بيته لتنبيهه للخروج إلى البيت الحرام عند حجر إسماعيل.

2- شق صدر النبي وتحلية باطن النبي بالحكمة والمعرفة والإيمان .

3- ركوب البراق والإنطلاق به لبيت المقدس.

4- صلاة النبي ببيت المقدس ركعتين.

5- ضيافة النبي.

6- قام بإمامة الأنبياء في الصلاة .. (دون تحديد للمكان).

7- عروج النبي مع جبريل من بيت المقدس.

8- مقابلة أنبياء في كل سماء حتى السماء السابعة.

9- رؤية الجنة والنار ..

10- رؤية سدرة المنتهى وتجلي الله بالنور عليها ورؤية بعض المشاهد كفراش الذهب.

11- تغير جبريل لصورت الملائكية وله ستمائة جناح عند سدرة المنتهى.

12- صعود النبي لمستوى صريف الأقلام .

13- وقوف النبي عند العرش مسدولا عليه حجاب النور فلا يراه أحد في مقام الخصوصية يكلمه الله.

14- رؤية النبي لربه.

15- فرض الصلوات الخمس.

16- عودة النبي لمكة ومجادلة الكفار له في إسراءه "لأن هذا فقط ما حكاه لهم".

 

#- فما سبق هو الأصول المتفق عليها .. ولكن في بعض هذه الأصول حدث خلاف في الرأي مثل ضيافة النبي كانت الأرض فقط أم في السماء فقط أم في كلاهما ..، وكذلك رؤية الله كانت بالفؤاد أم بالعين..، وإمامته بالأنبياء للصلاة بهم هل كانت ببيت المقدس أم في السماء أم بعد رجوعه من المعراج .. وهكذا كما سبق وناقشنا هذه المسائل وغيرها في الرسالة.

- إذن: ففرق بين أصول الرحلة المتفق عليها .. والمسائل الفرعية المترتبة على هذه الأصول وهي محل اختلاف العلماء .. فانتبه .

 

**********************

..:: س361: ما هي بعض المسائل التي اختلف عليها العلماء في صحيح أحاديث الإسراء والمعراج ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- سأذكر لك أخي الحبيب هنا .. بعض الخلافات بين العلماء في مراحل الإسراء والمعراج المختلفة .. في الروايات الصحيحة فقط .. ثم أوضح تعقيبا على هذه الخلافات بأن فيها فهم خطأ أو عدم قدرة من البعض على جمع الروايات بصورة صحيحة .. 

 

البند	عناصر الأحاديث	مسائل فرعية في الإسراء والمعراج اختلف عليها العلماء في الأحاديث الصحيحة
		الرواية (1)	الرواية (2)	الرواية (3)	تعقيب
1	من حيث بداية قصة الإسراء	من بيت النبي	من عند البيت الحرام ( الحطيم أو الحجر)		بداية نزول جبريل كانت لبيت النبي ليخرجه للبيت الحرام ثم الاسراء من البيت الحرام
2	الملائكة التي حضرت	جبريل وميكائيل	ثلاثة ملائكة		رواية الثلاث ملائكة يرفضها العلماء بالرغم من ذكرها في البخاري
3	وسيلة الركوب	براق أو دابة بيضاء
4	ربط البراق	خرق جبريل بأصبعه الصخرة فربط البراق بها	ربط جبريل البراق في مكان ما وكان قبل دخول المسجد		والمقصد هو ربط البراق من صخرة قريبة من المسجد
5	آنية الضيافة	في بيت المقدس	في السماء		لا مانع من تكرار الضيافة في الأرض والسماء
6	مقابلة إبراهيم	السماء السابعة	السماء السادسة		رواية المقابلة في السماء السادسة هي خطأ من راوي الحديث نفسه والصحيح من كلام النبي مقابلته في السابعة وموسى في السادسة
7	الصلاة بالأنبياء	الصلاة ببعض الأنبياء وكان النبي محمد إماما لهم			لا يوجد نص في صحيح قاطع يؤكد مكان صلاة النبي بالأنبياء وإنما هو اجتهاد علماء في تحديد المكان
8	رؤية النار	رواية لم تحدد مكانها	رواية قالت في السماء حسب رواية حذيفة
9	رؤية الجنة	رواية قالت في السماء السابعة كما في رواية بن خزيمة	فوق السماء السابعة		منطقة سدرة المنتهى فوق السماء السابعة ولعل بينهما وصل بدلالة الأنهار
10	مشاهد المعذبين	لم يصح منها إلا مشهدين			لا خلاف في ذلك لمن عرف من العلماء الصحيح من الضعيف
11	مشاهد المنعمين	لم يصح منها شيء			وبالتالي أي كلام فهو خطأ ولا يعتبر خلاف لأنه لم يصح شيء
12	سدرة المنتهى	السماء السادسة	السماء السابعة	فوق السماء السابعة	لفظ السادسة هو لفظ شاذ .. أما السابعة وفوق السابعة .. فما فوق السابعة مرتبط بالسابعة
13	مشاهد التجليات	لا خلاف فيها وإنما تنوع مشاهد			مثل رؤية الفراش من ذهب ورؤية جبريل في صورته الملائكية
14	المعراج التاسع	مستوى صريف الأقلام ولا خلاف فيه			لا خلاف في ذلك
15	المعراج العاشر	لا خلاف في مقام الخصوصية وفرص الصلوات الخمسة	خلاف في نقص الصلوات خمسة أم عشرة أم نصفها	خلاف في رؤية الله بالفؤاد أم بالعين أم لا رؤية	الخلاف في نقص الصلوات بقدر ما تذكر الراوي – والخلاف في رؤية الله إنما هو بالقلب
16	الرجوع من المعراج	لا خلاف			لا خلاف في ذلك

 

#- خلاصة القول:

- قد يكون هناك اختلافات بين العلماء .. في الجمع بين الروايات الصحيحة في بعض أجزاء من قصة الإسراء والمعراج .. ولكن ذلك يرجع لأسباب أهمها هو عدم مقدرة العالم على الجمع بين الروايات ..

- والله أعلم.

 

***************************

 ..:: س362: هل اختلاف العلماء دليل على بطلان قصة الإسراء والمعراج ؟ ::..

 

- من المسائل التي قد تخطر ببالك أو قد تقابلك على الإنترنت .. مسألة اختلاف العلماء .. والمقصود به ما ذكرته في السؤال السابق وأوضحت سبب الإختلاف .. ولكن السؤال هنا .. هل هذا الإختلاف دليل على بطلان قصة الإسراء والمعراج ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

@- أولا: انتبه أخي الحبيب للآتي جيدا ..

1- هناك فرق بين أن يختلف العلماء في إثبات الأصل .. وبين ما يصاحب هذا الأصل .. أو الفرق بين إثبات الفعل وتوصيف ماهية الفعل .. يعني ايه الكلام ده ؟

- يعني مثلا: العلماء اتفقوا على وجوب صلاة خمس صلوات وركوعها وسجودها .. ولكنهم اختلفوا في كيفية هيئة جلوس التشهد .. أو رفع اليد مع التكبير .. أو قول الاستعاذة في البداية قبل قراءة أي شيء .. أو ما شابه ذلك من فرعيات تتعلق بالصلاة .. ولكن الإتفاق على وجوب الصلاة وأنهن خمس صلوات فرضهن الله ويسبقهن وضوء .. فهذا ما لم يختلفوا فيه .. وهذا هو الأصل.

 

#- وبخصوص الإسراء والمعراج .. فهم لم يختلفوا في حدوثهما .. ولكنهم اختلفوا في توقيته وطبيعته كيف كانت هل مناما أم جسدا .. وغير ذلك من مسائل فرعية ..؟!!

 

- ولم يختلفوا على تجلي الله بنوره على النبي فوق سبع سموات .. ولكنهم اختلفوا في مسألة هل رأى النبي ربه في هذا النور أم لا .. ؟ وهل رؤيا بالعين أم رؤيا بالقلب ؟

 

- ولم يختلفوا على فرضية الصلوات الخمسة في المعراج ..

 

#- إذن: هنا فرق أخي الحبيب .. بين ثبوت أصل الشيء والإختلاف في تفاصيله .. وبين إنكار أصل الشيء واختلاف تفاصيله .. والإسراء والمعراج أصل ثابت عند علماء المسلمين .. ولا إنكار فيه عند علماء المسلمين ..

 

#- وثبوت الأصل .. إقرار من أمة النبي صلى الله عليه وسلم بحدوثه من عهد الصحابة وحتى يومنا هذا .. وأمة النبي لا تجتمع على باطل .. ومن شذ منهم فهو على باطل..، وكما قلنا أن العلماء لم يختلفوا في ثبوتهما وإنما اختلفوا في بعض تفاصيلهما ..

 

#- وما سبق كافي لبطلان قول من قال أن اختلاف العلماء يبطل القصة ..

 

@- ومن يقول بذلك البطلان .. فنقول له: دي دماغك هيه اللي مش قادرة تميز .. ومحتاجة تفهم معرفة الفرق بين أصل الشيء وفرعه حتى تفهم ما اتفق عليه العلماء وما اختلفوا فيه.

- فإذا كان العلماء متفقين على ثبوت أصل الشيء .. فهل أنت متفق معهم على ثبوتهما وما اتفقوا عليه من ثبوت فرضية الصلوات الخمسة .. طالما هذه هي حجتك ؟!!

- لا أظن .. لأنك فقط تجادل لجحود قصة الإسراء والمعراج وإنكار فرضية الصلوات الخمسة ..

- والله أعلم.

 

**************************

 ..:: س363: هل وجود بعض الاضطرابات اللفظية في بعض الروايات الصحيحة دليل على بطلانها ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- يحلو للبعض في زماننا .. أن يحكي لمتابعيه الذين ارتضى أن يستحمرهم على قناته الخاصة على ميديا الإنترنت .. فيقول: يوجد اضطراب في الروايات الصحيحة .. وهذا يبطل القصة ..!!

- وهذه الإضطرابات يقصدها .. هي الاختلافات في الروايات كالتي ذكرتها سابقا .. والتي منها اختلف العلماء ..

 

@- أولا: نقول ببساطة لمن يزعم أن روايات الإسراء والمعراج مضطربة ..

1- اترك ما فيه اضطراب وخذ ما ليس فيه اضطراب .. ولا تزعل نفسك .. ولكن هل بهذا أنت ستؤمن بما ليس فيه اضطراب ؟!!

- غالب الظن .. لا ..

- لأن الغرض من كلامك فقط .. هو تضليل العوام ببعض عبارات بال بها الشيطان في نفسك وصدقتها دون أن تعقلها .. ولو كان عندك شيء من العقل لكنت احترمت عقلك قبل أن تنطق بهذا الكلام  .. والمصيبة أنك تعتقد نفسك عاقل .. بل أنت عار على عالم العقلاء ..!!

- فإذا لم تحترم عقلك .. فعلى الأقل احترم إنسانيتك وتوقف عن الكذب وتضليل الناس .. فالأيام قليلة ويوم القيامة قريب ..

 

- إذا كان من حقك الإعتراض على ما فيه اضطراب .. فليس لك حق الإنكار والإعتراض على ما هو صحيح .. بل ولماذا لم تثبت ما هو صحيح وليس فيه اضطرب .. طالما جعلت من الحديث محل تحقيق لك ..؟!! وإلا فلا يصح لك أصلا حق الإعتراض من أساسه .. طالما أنت منكر من أساسه وجاحد للحديث النبوي الصحيح ..!!

- مش كده ولا إيه ؟!!

 

2- من الأمانة العلمية على من يقول باضطراب الروايات ويخبرنا أنه محقق وباحث .. أن يقول بأن هذه الروايات أيضا فيها الصحيح والضعيف والمكذوب .. ويشرح للناس حقيقة ذلك .. ولكن أن يكتفي بقوله قد اضطربت الروايات ثم يقول أي رواية نصدقها .. ؟!! وذلك لتشكيك المؤمنين في الأحاديث .. ودون أن يخبرهم بالحقيقة كاملة عن حقيقة هذه الأحاديث ..

- فهذا شخص في نفسه شيء من الكيد للمؤمنين من وراء فعله ذلك بكل تأكيد .. لأن ما فعله هو خبث في المعلومة وبمعنى أدق هو خيانة في الأمانة العلمية.

 

#- ثانيا: أمور تنتبه منها اخي الحبيب في مسألة الإضطرابات.

1- طوال هذه الرسالة وأذكر الإضطرابات الموجودة في أي رواية .. ولا أختبيء من الإعتراف بذلك لأن هذا حق .. ولأن ذلك لا يضير رحلة الإسراء والمعراج في شيء .. لأنها مجرد أحداث فرعية لا علاقة لها بثبوت أصل قصة الإسراء والمعراج ..

 

- وخطأ الرواة طالما في فرعيات أحداث القصة .. لا يشغلني إلا مجرد تحقيق الرأي الأصوب .. لا غير .. لأن أصل حدوث القصة لا اضطراب فيه .. كما سبق وتكلمنا في ذلك لمن له أدنى عقل ليفهم.

 

2- إذا وجدت اضطرابا في رواية من الروايات الصحيحة مع رواية أخرى صحيحة .. فالإضطراب هنا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما أحد الروايتين قوله للنبي والأخرى من قول أحد الرواة .. حتى لا يقول لك أحد كيف النبي قال هنا كلام وفي حديث آخر قال كلام آخر .. لا .. غالبا هذا الشخص بيكذب عليك أو جاهل .. لأن الإضطراب يكون في لفظ الراوي واجتهاده وليس من كلام النبي .. مثل رواية أبي ذر الغفاري قد جعل ترتيب الأنبياء مختلف عن المعروف .. ولكن هو نفسه قال أنه لا يتذكر .. والراوي عن أبي ذر الغفاري وهو أنس بن مالك قال بذلك عن أبي ذر .. وسبق وتكلمنا على نماذج كثيرة في الروايات ..

 

#- والمقصد أن لو أحد قال لك كلام النبي متناقض في الأحاديث الصحيحة .. فانظر في أسلوب كتابة نص الرواية هل القائل هو النبي أم أحد الرواة عن النبي .. ولا تنظر إلى أول الحديث .. لا .. أنظر للجزء الذي قال له عنه أن كلام النبي فيه متناقض .. وستعلم فورا أنه إما كان جاهل أو بيكذب عليك .. بل ولعله أتى بحديث ضعيف وخلطه بحديث صحيح ليضللك .

 

- وأعلم أن روايات الأحاديث في قصة الإسراء والمعراج .. منها ما هو حديث نبوي عن قول النبي كما رواها أنس بن مالك - ومالك بن صعصعة - "وأبا ذر الغفاري حتى رؤية آدم في السموات" ..

- ومنها ما هو مروي عن ذاكرة الراوي ظنا منه .. كالجزء الأخير من رواية أبا ذر في ترتيب منازل الأنبياء ..

- ومنها ما هو مروي بفهم الراوي نفسه من القصة .. كأجزاء كثيرة من رواية شريك بن أبي نمر وهي أصلا رواية مذكورة بالمعنى فيما يتذكره شريك ابن أبي نمر عما سمعه من أنس بن مالك وليس فيها لفظ مرفوع للنبي ..!!

 

#- فإذا كنت بصيرا بما أخبرتك به .. فستدرك أمر هام .. وهو أن الروايات الصحيحة ليس فيها اضطراب لكلام النبي نفسه .. وفي الحقيقة أنه لا يوجد إشكالية لو تبينت الأمور بصورة صحيحة.

 

3- الذين يتحججون في زماننا بحجة اضطراب كل روايات الإسرا والمعراج .. فهذا القول على إطلاقه هو من الباطل .. لأنه ليس كل الروايات فيها اضطراب .. فإذا كان هذا هو حال البعض منها وذلك لوجود علة فيها حتى لو في الصحيح .. فما بال الغير مضطرب منها ؟!!

 

- وعموما أوضحت لك حقيقة نفسيتهم كثيرا في الرسالة .. وأن غرضهم هو الطعن وليس التحقيق .. لإرجاف المؤمنين في دينهم.. وإسقاط شريعة الله بصلاة الخمسة فروض..

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

- لا تتضايق أو تنزعج حينما يهاجمك أحد باضطراب روايات الإسراء والمعراج .. لأنه إما كذاب أو جاهل أو مضلل .. لأن الحقيقة خلاف ما قاله .. فإذا كان يوجد ما فيه اضطراب .. فهناك ما ليس فيه اضطراب .. فلماذا أخذ بهذا وترك ذاك ؟!!

- فانتبه وكن بصير أخي الحبيب ..

- والله أعلم. 

*****************

وبمناسبة هذه الليلة

=========

كل سنة وأنتم بخير حال بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج

وربنا يجعلها ذكرى فيها إحياء قلوبنا بالإسراء والمعراج إلى ربنا

ووصلا بنبينا

آمين يارب العالمين

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .