ج148: قصة الإسراء والمعراج - ما هو حكم من ينكر الإسراء والمعراج ؟

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل المائة والثامن والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل المائة والثامن والأربعون :: ج12/ مسائل ختامية على هامش رحلة الإسراء والمعراج – عن حكم من ينكر الإسراء والمعراج ::

1- س367: ما هو حكم من ينكر الإسراء والمعراج ؟  

*******************

:: الفصل المائة والثامن والأربعون ::

*******************

..:: س367: ما هو حكم إنكار الإسراء والمعراج ؟ ::..

 #- من المسائل التي وجدتها في كتب أهل العلم وجعلتها في الختام .. هو مسألة حكم أهل العلم على من ينكر الإسراء والمعراج .. وسأذكر لكم بعض ما وجدته في كتب أهل العلم .. ثم أذكر لكم رأيي في فيما قيل ..

 

#- أقوال العلماء في فيمن ينكر الإسراء والمعراج ..

1- قال الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله (المتوفى: 324هـ):

- أن الإيمان بما جاء به من خبر الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات واجب. (رسالة إلى أهل الثغر ص165).

 

- وقوله (الإسراء بالنبي) أي ليلة الإسراء بالنبي ..، (إلى السموات) والتي عرج فيها إلى السموات ..

 

#- ومعنى كلام الإمام: أن المنكر للإسراء والمعراج في إيمانه انحراف عن الحق وخلل عليه تصحيحه .. ولما كان الواجب هو مما معلوم من الدين بالضرورة والجاحد للمعلوم من الدين بالضرورة كافر .. فيكون هذا هو حال المنكر للإسراء والمعراج .. والله أعلم بمراد الإمام.

 

- ولو لم يكن مقصد ومراد الإمام ما ظننته سابقا من كلامه .. ما كان قرن الإسراء بالمعراج في حكم واحد وهو حكم وجوب الإيمان بهما .. وإذا حكم الإيمان يهما واحد .. فحكم الجحود لهما واحد .. ولما كان منكر الإسراء كافر بإجماع المسلمين.. فيكون المقصد أن المنكر للمعراج كافر أيضا.

 

2- قال الإمام عبد الغني المقدسي رحمه الله (المتوفى:600 هـ):

- وأجمع القائلون بالأخبار، والمؤمنون بالآثار .. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسري به إلى فوق سبع سماوات، ثم إلى سدرة المنتهى، أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، مسجد بيت المقدس، ثم عرج به إلى السماء بجسده وروحه جميعاً، ثم عاد من ليلته إلى مكة قبل الصبح، ومن قال: إن الإسراء في ليلة .. والمعراج في ليلة .. فقد غلط، .. ومن قال: إنه منام وأنه لم يسر بجسده فقد كفر. (الاقتصاد في الاعتقاد ص155-156).

 

3- قال الإمام المظهري رحمه الله (المتوفى: 1225 هـ):

- (مسألة): اجمع المؤمنون من اهل السنة والجماعة أن معراجه - صلى الله عليه وسلم - في اليقظة حق فقيل مسراه - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام الى الأقصى قطعي ثابت بقوله تعالى سبحانه (الذي اسرى بعبده) الآية .. فيكفر جاحده ..، وأما معراجه الى السماء السابعة وما فوقها فثبت بأحاديث صحاح .. فيفسق جاحده ولا يكفر .. والصحيح أن معراجه - صلى الله عليه وسلم - الى السدرة المنتهى - قطعي ثابت بهذه الآية - يكفر جاحده. (تفسير المظهري ج9 ص114).

 

#- يقصد بقوله (هذه الآية): أي قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) النجم:13-14.

 

4- قال الإمام الشعراوي رحمه الله (المتوفى:1419 هـ):

- إن كان الحق تبارك وتعالى .. قد ذكر الإسراء صراحة في هذه الآية، فقد ذكر المعراج بالالتزام في سورة النجم، في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى عِندَ سِدْرَةِ المنتهى عِندَهَا جَنَّةُ المأوى إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى مَا زَاغَ البصر وَمَا طغى لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى) النجم:13-18 .

- ففي الإسراء قال تعالى: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ ...) الإسراء:1 .

- وفي المعراج قال: (لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى) النجم:18 . (تفسير الشعراوي ج13 ص8326).

 

#- ثم بعد صفحات قال رحمه الله:

- ومن لُطْف الله سبحانه بعقول خَلْقه أنْ جعل آيات الإسراء بالنصّ الملزم الصريح .. لكن آيات المعراج جاءت بالالتزام في سورة النجم .. لذلك قال العلماء: إن الذي يُكذِّب بالإسراء يكفر، أما مَنْ يكذِّب بالمعراج فهو فاسق.

- لكن أهل التحقيق يذهبون إلى تكفير مَنْ يُكذِّب المعراج أيضاً .. لأن المعراج وإنْ جاء بالالتزام .. فقد بيّنه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َفي حديثه الشريف .. والحق سبحانه يقول: (وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا ...) الحشر:7.

- والمتأمل في الإسراء والمعراج .. يجده إلى جانب أنه تسلية لرسول الله وتخفيف عنه، إلا أن لهم هدفا آخر أبعد أثرا، وهو بيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  مؤيد من الله، وله معجزات، وتخرق له القوانين، والنواميس العامة؛ ليكون ذلك كله تكريما ودليلا على صدق رسالته. (تفسير الشعراوي ج13 ص8329).

 

- قوله (النص الملزم) أي نص مخصص باللفظ صراحة.

- وقوله (آيات المعراج جاءت بالالتزام) أي النصوص متفقة بالإشارة بمعانيها إلى المعراج.

 

#- ثانيا: ما أحسبه صواب في الحكم على منكر الإسراء والمعراج من خلال ما استوعبته من كلام العلماء ..

1- أما عن الإسراء - فمنكر حدوث الإسراء هو كافر بكل تأكيد .. وهذا ما عليه جمهور علماء المسلمين .. لأنه منكر وجاحد عمدا ما هو معلوم ظاهرا من نص القرآن .. والمنكر للجزء منكر للكل .. (إلا إن كان جاهلا بوجود آية تتكلم عن الإسراء – فيتم إخباره بها – فإن أنكر – فلا حجة له) ..

 

2- أما المعراج .. فمنكره مفتون ضال .. قد اتبع غير سبيل المؤمنين .. وهو المقصود من لفظ العلماء بكونه فاسق..، ويصح من قال بأنه كافر لأنه يكون أنكر جحودا ما جاء في سورة سورة النجم خاصة قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:13-18.

 

- فمن حيث جحوده للحديث النبوي الصحيح .. فحاله مفتون ضال من حيث إنكاره لحديث النبي.

 

- ومن حيث إنكاره وجحوده لآيات الله .. فهو فيه من الكفر ما فيه .. حتى ولو فقط بتزوير تفسير كلام الله ليتفق مع خرافاته الخاصة .. فالجحود ليس المقصد منه إنكار الإعتراف بكلام الله فقط .. وإنما أيضا يشمل التحريف والتزوير في تفسير كلام الله عن حقيقته عمدا دون علم وبيان وهدى .. ولا تنسى قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) فصلت:40 ..، والإلحاد في الآية بمعنى الجحود والتحريف..

 

3- أما من يقول بالمعراج أنه مناما .. فهو مخطيء .. إذ أن القول بالمعراج مناما أو جسدا فكلاهما إثبات حدوث للمعراج ولكن مع اختلاف الكيفية .. علما بان من يقول مناما فهو يقر بكل ما جاء في المعراج .. لأن المنام عنده وحي من الله وليس مجرد حلم نفسي ولا شيطاني .. ورؤيا الأنبياء حق .. والحق له حكم الثبوت .. ولذلك عنده فرضية الصلوات الخمسة ثابتة يقينا ..، ولكن من لا يقول بذلك ويزعم أنه مجرد حلم فقد كذب على النبي من أساسه .. ولا أحد قرأت له قال بذلك .. إلا المنكرين جحودا للمعراج من أساسه ..!! فانتبه.

 

- أما من يقول أن الإسراء مناما أيضا .. فهو مخطيء .. لاتباعه أدلة باطلة لم يصح منها شيئا .. أو لفهم خاطيء لبعض آيات الله .. وعليه تصحيح معتقداته .. إذ لو كان له عقل رشيد .. لكان انتبه إلى أن الكفار لن يجادلوا النبي في منام ..!!

 

4- وعن رأي خاص بي .. لمن يقوم بالتحريض على إنكار المعراج فهو ضلالي .. أي ضال ومضل .. متبع ما بال به الشيطان في صدره من جحود ما هو حق .. ويرغب في تضليل الغير بما ملأ صدره من غل وحقد للنبي صلى الله عليه وسلم .. ولعله مناصرا لبني صهيون وخادما من خدامهم كما ظهر معنا في الرسالة ما يقول به خدامين بني صهيون من رغبتهم في إثبات أن النبي لم يذهب لبيت المقدس ..، أو لعله من المرجفين الذين هوايتهم هي تشكيك المسلمين في دينهم ..، او لعلهم من الملحدين المستترين خلف قناع أنه مسلم ويريد إرجافك في دينك .. وأمثال هؤلاء على ولي الأمر أو حاكم الدولة أن يتم عزلهم عن المجتمع وتعريف المؤمنين بحاله وبفتنتهم بما ينشروه لتضليل المؤمنين وذلك ليحترز منهم المؤمنين فيعرفوا حقيقتهم ولا يُفتنوا بكلامهم .. ولا ينسوا كلام الله في مثل هؤلاء إذ يقول تعالى: (وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) المائدة:67..، ولا يغتروا بما يحلفون به لهم بأنهم تنويريين أو مصلحين ولا علم لهم إلا اتباع أهوائهم كما كان هذا حال أسلافهم المرجفين (المنافقين) من قبل في زمن النبي إذ قال تعالى: (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) التوبة:96..، بل كان هذا هو منهج إبليس في خديعة آدم من قبل إذ قال تعالى: (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) الأعراف:21.

- والله أعلم.

 

#- وأخيرا أحب أن أنقل لكم قصة قرأتها في موسوعة بيان الإسلام تحت عنوان: "التشكيك في ثبوت معجزة الإسراء والمعراج شبهة رقم 1077" .. ونصها هو:

- في بعض المجامع في بلدة بالهند .. قال أحد المَنصَّرِين مشوشا على بعض المسلمين: كيف تعتقدون في الإسراء والمعراج .. وهو أمر مستبعد ؟

- فأجابه مجوسي من مجوس الهند قائلا: إن الإسراء والمعراج ليسا بأشد استبعادا من كون العذراء تحمل من غير زوج .. فَبُهِت المُنَصِّر ....!! (انتهى النقل).

 

#- وخلاصة القول أخي الحبيب:

- الأحكام لا تكون إلا بظاهر الأفعال والأقوال .. وهذا ما ذكرنا سابقا .. وإنما خاتمة الحقيقة لكل إنسان فيعلمها رب العالمين .. وصدق الله إذ قال جل شأنه: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا) الإسراء:48.. ، أي كل واحد يسير على شاكلة حاله من الهدى والضلال .. فالله أعلم بحال كل من صدق في اتباع طريق الحق ومن اتبع طريق الباطل ..

- ونصيحتي لك أخي الحبيب .. لا تنسى قوله تعالى: (وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) المائدة:77.

- والله أعلم. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .