ج149: قصة الإسراء والمعراج - تذوق وإشارات - ما هو مفتاح قراءة قصة الإسراء والمعراج - هل تظن أن قصة الإسراء والمعراج مجرد قصة وانتهت أم هي قصة حياة لكل مؤمن يتبع النبي بصدق وإخلاص ورضا في كل زمان ومكان- كيف يمكن أن تتذوق قصة الإسراء والمعراج من حيث المجاهدة والتزكية ولطف الله وفضله

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل المائة والتاسع والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل المائة والتاسع والأربعون :: ج1/ ختام رسالة الإسراء المعراج – تذوقات وإشارات عن قصة الإسراء والمعراج بأنها ليست مجرد حدث بل منهج حياة وتعليم من الله لنا بحكمته ::

1- س368: ما هو مفتاح قراءة قصة الإسراء والمعراج ؟

2- س369: هل تظن أن قصة الإسراء والمعراج مجرد قصة وانتهت أم هي قصة حياة لكل مؤمن يتبع النبي بصدق وإخلاص ورضا في كل زمان ومكان ؟

- (تذوق وإشارات).

3- س370: كيف يمكن أن تتذوق قصة الإسراء والمعراج من حيث المجاهدة والتزكية ولطف الله وفضله ؟

- (تذوق وإشارات).

*******************

:: الفصل المائة والتاسع والأربعون ::

*******************

..:: س368: ما هو مفتاح قراءة قصة الإسراء والمعراج ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- مفتاح قرائتك لقصة الإسراء والمعراج .. هو قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده).

- والمقصد هو .. أن لا تنظر إلى الإسراء والمعراج ببشرية النبي .. وإنما انظر للإسراء والمعراج على أنه بفعل الله القيوم القدير الولي .. فهو المدبر الذي تولى أمر النبي بقدرته فخرق له قانون الأسباب تشريفا له صلى الله عليه وسلم.

 

#- ورحم الله الإمام الشعراوي (المتوفى:1419 هـ) إذ قال:

- فالفكرة في هذه القضية الإسراء والمعراج .. دائرة بين يقين المؤمن بصدق رسول الله .. وبين تحكيم العقل .. وهل استطاع عقلك أنْ يفهم كل قضايا الكون من حولك ؟

 

- فما أكثر الأمور التي وقف فيها العقل ولم يفهم كُنْهَها، ومع مرور الزمن وتقدُّم العلوم رآها تتكشّف له تدريجياً، فما شاء الله أنْ يُظهره لنا من قضايا الكون يسَّر لنا أسبابه باكتشاف أو اختراع .. وربما بالمصادفة.

 

- وما العقل إلا وسيلة إدراك .. كالعين والأذن .. وله قوانين محددة لا يستطيع أنْ يتعداها .. وإياك أنْ تظنَّ أن عقلك يستطيع إدراك كل شيء .. بل هو محكوم بقانون.

ولتوضيح ذلك، نأخذ مثلاً العين .. وهي وسيلة إدراك يحكمها قانون الرؤية .. فإذا رأيت شخصاً مثلاً تراه واضح الملامح .. فإذا ما ابتعد عنك تراه يصغُر تدريجياً حتى يختفي عن نظرك، كذلك السمع تستطيع بأذنك أنْ تسمعَ صوتاً .. فإذا ما ابتعد عنك قَلَّ سمعك له .. حتى يتوقف إدراك الأذن فلا تسمع شيئاً.

- كذلك العقل كوسيلة إدراك له قانون، وليس الإدراك فيه مطلقاً.

 

- ومن هنا لما أراد العلماء التغلُّب على قانون العيْن وقانون الأذن حينما تضعف هذه الحاسة وتعجز عن أداء وظيفتها .. صنعوا للعين النظارة والميكروسكوب والمجهر .. وهذه وسائل حديثة تُمكِّن العين من رؤية ما لا تستطيع رؤيته.. وكذلك صنعوا سماعة الأذن لتساعدها على السمع إذا ضعفت عن أداء وظيفتها.

 

- إذن: فكل وسيلة إدراك لها قانونها .. وكذلك العقل .. وإياك أنْ تظنَّ أن عقلك يستطيع أن يدرس كل شيء، ولكن إذا حُدِّثْتَ بشيء فعقلك ينظر فيه .. فإذا وثقته صادقاً فقد انتهت المسألة، وخذ ما حدثت به على أنه صدق.

- وهذا ما حدث مع الصِّدِّيق أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه .. حينما حدثوه عن صاحبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وأنه أُسرِي به من مكة إلى بيت المقدس .. فما كان منه إلا أن قال: "إن كان قال فقد صدق" .

- فالحجة عنده إذن: قول الرسول .. وما دام الرسول قد قال ذلك فهو صادق .. ولا مجال لعمل العقل في هذه القضية .. ثم قال: "كيف لا أُصدقه في هذا الخبر .. وأنا أصدقه في أكثر من هذا .. أصدقه في خبر الوحي يأتيه من السماء" .

- فآية الإسراء إذن كانت آية أرضية .. يمكن أنْ يُقام عليها الدليل .. ويمكن أن يفهم الناس عنها أن القانون قد خُرِق لمحمد في الإسراء .. فإذا ما أتى المعراج وخرق له القانون فيما لا يعلم الناس .. كان أَدْعى لتصديقه. (تفسير الشعراوي ج13 ص8331 – 8333).

 

#- وقال الإمام الشعراوي رحمه الله:

- والمتأمل في الإسراء والمعراج يجده إلى جانب أنه تسلية لرسول الله وتخفيف عنه .. إلا أن لهم هدفاً آخر أبعد أثراً .. وهو بيان أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُؤيّد من الله .. وله معجزات .. وتُخرَق له القوانين والنواميس العامة .. ليكون ذلك كله تكريماً ودليلاً على صدق رسالته. (تفسير الشعراوي ج13 ص8329).

- والله أعلم.

 

**********************

 ..:: س369: هل تظن أن قصة الإسراء والمعراج مجرد قصة وانتهت أم هي قصة حياة لكل مؤمن يتبع النبي بصدق وإخلاص ورضا في كل زمان ومكان ؟ ::..

(تذوق وإشارات)

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أخي الحبيب .. لا تظن أن قصة الإسراء والمعراج هي قصة وانتهت .. لا .. بل هي منهج حياة لمن أبصر ..

 

1- فما حدث مع النبي قبل الإسراء والمعراج كان مؤلم جدا للنبي من موت وآلام نفسية وجسدية وصراع مع المجتمع يزيد من حوله .. ولكن ظل ثابتا بالله .. وقال (إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي) ..

- فهل لك في رسول الله أسوة حسنة ؟!! وتظل ثابتا مع الله بإيمانك به وترضى بما قسمه الله لك وتفعل ما عليك فعله متوكلا على الله ؟!!

 

2- كذلك لا تظن في نفسك .. أنه مهما بلغت من درجات الكمال الإيماني .. فإنك في مأمن من سخرية الخلق وأذيتهم .. لا .. ولو كان هذا حال أحد لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بذلك منك .. وما كانت قريش جادلوه وسخروا منه ثم قاتلوه بعد ذلك.

- فهل لك في رسول الله أسوة حسنة ؟!! فتصبر على تنمُّر وسخرية هؤلاء الذين يسخرون منك لإيمانك ..

 

3- وبالرغم من محنة قبل الإسراء والمعراج ومحنة بعد الإسراء والمعراج .. إلا أن حدث الإسراء والمعراج يظهر معنا كرمز التكريم واللطف والعناية من الله في مواقف في حياتك لتعينك على استكمال حياتك الإيمانية طالما لازلت متعلقا بعز مولاك .. فيجبر بخاطرك ويطيب قلبك ويراضيك في نفسك كلما ازددت تعلقا بمولاك.

 

- إذن: الإسراء والمعراج ليس كمجرد قصة وانتهت .. لا .. وإنما هي قصة متجددة في الوجود لكل مؤمن كان له عزا بمولاه .. ويريد أن يتحقق بإيمانه ويكون له في رسول الله أسوة حسنة إن كان يرجو الله واليوم الآخر ..

 

4- حتى المنكرين للإسراء والمعراج فهم رمز لك .. حيث حول حياتك ستجد أهل فتنة في الدين ومن يحاول أن يحبطك ويكسر عزيمتك .. ويطفيء نور إيمانك .. فهؤلاء هم الذين سلطهم الله على قصة الإسراء والمعراج لينكروها ويجحدوها .. ليكونوا اهل فتنة ويكسروا المؤمنين في إيمانهم ..

- فافهم .. أن طريقك إلى الله ستجد فيه من يحاول أن يفتنك .. ويقسم لك أنه لك من الناصحين .. وستجد من يفتنك في دينك ويحاربك في إيمانك ويسخر منك ويحاول أن يكسرك ليجعلك من جماعة المحتنكين .. والنجاة من هؤلاء وهؤلاء لا تكون إلا بأهل الحق الذين اعتصموا بالحق لإثبات الحق .. والعلم عندهم نور .. ومجالستهم سكينة .. وسماعهم طمأنينة .. لأنهم طلبوا العزة بالله فأعزهم الله .. فإن لم تجدهم فالزم باب الإخلاص مع الله واسقط من حولك .. فمن اكتفى بالله كفاه.

 

- والله أعلم.

 

**********************

 ..:: س370: كيف يمكن أن تتذوق قصة الإسراء والمعراج من حيث المجاهدة والتزكية ولطف الله وفضله ؟ ::..

(تذوق وإشارات)

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- اعلم أخي الحبيب أن المؤمن العزيز بالله .. هو الذي لم يعد في قلبه شك في قدرة الله ولا تدبيره وحكمته .. لأن قلبه غني بربه .. وما قصة الإسراء والمعراج إلا أحد الفصول المهمة في حياة المؤمن العزيز بربه .. وانتبه لما سأقوله لك من باب التذوق لقصة الإسراء والمعراج من حيث المجاهدة والتزكية وكريم فضل الله .. على من تعلق قلبه بجناب ربه وعزه ..

 

@- وإليك ما تذوقته .. وكأن من رسائل الإسراء والمعراج إليك .. تقول لك:

1- أن العزيز بالله مهما حاول الغير أن يكسروه ويطردوه من إيمانه ووطنه .. فهنا تظهر عزيمته بحال كونه ثابت مع الله متعلقا به وراجيا فيه دون شك وشعاره "ماض فيَّ حكمه – عدل فيَّ قضاؤه" .. (كما كان حال النبي قبل الإسراء والمعراج حينما زادوه أذى كلما ازداد عزا بمولاه) .

 

2- وإذا كان إسراء النبي بدأ بتزكية باطنه بالحكمة والإيمان .. فلا يستقيم لك إسراء بالعبادات والمعاملات إلى ربك إلا بتزكية باطنك (قلبك) بصدق افتقارك وانكسارك لربك مع الرضا بما قسمه وقدره لك (إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي).

 

3- فمتى التزمت بصدق المعاملة والإخلاص لله .. في ظاهرك وباطنك قدر استطاعتك .. فاعلم أن روحك أصبحت مؤهلة لركوب براق المحبين مؤيدا بروح من عنده فتجد في قلبك فهما عجيبا لتصريف الله في الوجود وتدبيره في الكون ويعلمك من الحكمة والمعرفة ما يزيدك نورا.

 

4- حتى يجعلك تبصر في الوجود من حقائق النفوس .. التي أنهكتها الذنوب وافترستها الآثام حتى أصحبت تائهة في برزخ الخذلان عاجزة عن العودة لنور الحق .. (وذلك كرؤية النبي لبعض أحوال المعذبين) .. مما يجعلك تنتبه في أحوالك مع ربك ولا تخضع لنفسك. 

 

5- فإن التزمت بباب الأدب مع مولاك .. سعى بروحك وسقاها بروح التسليم التام حتى تسكن في قلبك دلالة على الخضوع التام لمراد الله وهو رمز (الوصول إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس) فتسقط عنك الأغيار .. فتبقى بالحق وقد تبدلت أوصافك ليكون فيك من سمع وبصر وإحساس هو مستمد من الحق بالحق للحق ..

 

6- فإذا سقط من قلبك التعلق بالأغيار .. استقبلت من بديع الأنوار وكاشفت منها ما كنت تجهله وتجيبك هواتف الحق (كما قابل النبي الأنبياء وسأل عنهم وأجابوه ورحبوا به) ..، فيرتقي قلبك .. لتكون إماما لمن خلفك في السلوك (كما كان النبي إماما لمن خلفه من الأنبياء) ..

 

7- ثم يُضايفُك الحق بلذيذ الشراب من حليب الأمان .. الذي شرب منه نبي الله وهو الشراب الآمن من الغواية في مكاشفة عالم الملكوت (لأن النبي حماك في هذا المشهد من الغواية لمن اتبعه من أمته) ..

 

8- ثم يأذن لك الحق بالعروج إليه فتنجذب روحك إليه .. فتكاشف من عجيب خلق الله وقدرته .. وقد تقابل روح الأنبياء فتأخذ منهم معرفة .. حتى قد تصل إلى سدرة المنتهى ويتجلى الله عليك بنور فضله ويلهمك في خاطرك ما فيه الخير لك وفيه دوام الأنس به والبقاء في معيته ..

 

9- ثم تعود لأهل الأرض ولهم عليك حق المعونة لمستحقها .. فخذ من أنسك بربك وسيلة لمساعدة غيرك مهما ضايقك الخلق وجادلوك وآذوك .. فأنسك بربك يكفيك به عن غيره .. إذ من اكتفى بالله كفاه ..

 

10- وإياك أن يغيب فيك نور رسول الله صلى الله عليه وسلم .. إذ هو لولاه ما كنت وصلت إلى ما وصلت .. فاحذر من انقطاع الصلاة والسلام عليه .. فهو مرشدك وسيدك ونبيك وله فضل عليك فلا تجحده وتنساه ..

 

- والله أعلم .

#- ملحوظة هامة: سبق ذكر بعض التذوقات عن الإسراء والمعراج وذلك في الآتي:

- في الفصل الثالث تحت عنوان: (س6: كيف يمكن أن ننظر لحادثة الإسراء والمعراج بالذوق والإشارة بصورة عامة ؟) .. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .