ج7: قصة النبي أيوب عليه السلام - ما هي الخرافات التي قيلت في قصة أيوب عليه السلام حسب الروايات الباطلة والملفقة للصحابي عبد الله بن عباس في كتب التفاسير التراثية.

         بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

قصة النبي أيوب عليه السلام

بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية

- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -

- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -

- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-

(الفصل السابع)

#- فهرس:

:: الفصل السابع :: عن قصة أيوب عليه السلام .. عن الخرافات التي قيلت في الروايات الإسلامية في قصة أيوب عليه السلام المنسوبة للصحابي عبد الله بن عباس ::

1- س12: ما هي الخرافات التي قيلت في قصة أيوب عليه السلام حسب الروايات الباطلة والملفقة للصحابي عبد الله بن عباس في كتب التفاسير التراثية ؟

@- خرافات أتى ذكرها منسوبة لابن عباس:

1- خرافة أن الشيطان عزيزا بإجابة الله مطلبه بأذية أيوب عليه السلام.

2- خرافة أن أيوب أصبح مهانا من الشيطان يتصرف فيه كما يشاء.

3- خرافة أن الشيطان عرج إلى السماء المطرود منها إلى يوم الدين.

4- خرافة أن الله تكلم مع الشيطان وتحداه في إغواء أيوب ..!!

5- خرافة أن الله إذن للشيطان بسلطة تمكين في هلاك مال وأولاد أيوب.

6- خرافة أن الشياطين لها تصريف في العالم المادي وفي الطبيعيات.

7- خرافة أن الله إذن للشيطان بسلطة تمكين من النفخ في أيوب بالمرض.

8- خرافة مساواة الشيطان بجبريل في جعله يتجسد في صورة إنسانا سويا.

9- خرافة شماته الشيطان بأيوب.

10- خرافة أن أيوب تم إلقاءه على رماد مزبلة بيته.

11- خرافة تكرار عروج الشيطان لمقام التكليم مع الله وكأنه من المقربين ..!!

12- خرافة أن زوجة أيوب تبيع ضفائر شعرها للناس لتنفق على النبي أيوب.

13- خرافة تصوير زوجة نبي الله أيوب بأنها جاهلة بالله.

14- خرافة الظن بأن ابن عباس قد قال هذه الرواية أصلا.

*******************

:: الفصل السابع ::

=================

..:: س12: ما هي الخرافات التي قيلت في قصة أيوب عليه السلام حسب الروايات الباطلة والملفقة للصحابي عبد الله بن عباس في كتب التفاسير التراثية ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- عليك أن تنتبه للآتي قبل أن تبدأ قراءة الروايات:

1- اعلم أخي الحبيب .. أن ظني بما سأذكره لك هنا عن روايات تمت نسبتها للصحابي عبد الله بن عباس .. ليس هو من قالها وهو بريء منها .. وإنما هي أسانيد تم تلفيقها على روايات مزورة حتى يقبلها الناس ويتم نشرها .. لأن العقل لا يقبل أن يكون الصحابي سمع هذا الكلام ونقله وهو يقبله في حين هو مخالف للعقل والقرآن ..  

 

@- ودليل ذلك: هو قول بن عباس رضي الله عنه إذ يقول: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كيفَ تَسْأَلُونَ أهْلَ الكِتَابِ عن شيءٍ، وكِتَابُكُمُ الذي أنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحْدَثُ الأخْبَارِ باللَّهِ (أي قريب النزول إليكم)، مَحْضًا لَمْ يُشَبْ (أي لم يتغير بتحريف ولا تبديل) .. وقدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ: أنَّ أهْلَ الكِتَابِ قدْ بَدَّلُوا مِن كُتُبِ اللَّهِ وغَيَّرُوا، فَكَتَبُوا بأَيْدِيهِمُ الكُتُبَ .. قالوا: هو مِن عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بذلكَ ثَمَنًا قَلِيلًا .. أوَلَا يَنْهَاكُمْ ما جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عن مَسْأَلَتِهِمْ ؟ فلا واللَّهِ .. ما رَأَيْنَا رَجُلًا منهمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الذي أُنْزِلَ علَيْكُم) صحيح البخاري .

 

#- فكيف نعقل بعد ما سبق أن نقل بن عباس روايات مخالفة للقرآن والعقل .. مثل الروايات التي سنذكرها عنه في قصة أيوب عليه السلام .. وفيها جهل بالعقيدة الدينية الإسلامية من طرد الشيطان من ملكوت السماء وأنه رجيم وملعون إلى يوم القيامة .. وفيها تعظيم لقدرات الشيطان بما يخاف العقيدة القرآنية من تجسيد في صورة إنسانا سويا .. بل ومخالف بأن له القدرة بالتصرف في الطبيعة الكونية .. !!

 

#- والغرض الذي ألاحظه دائما من القصص التي يتم فيها ذكر الشيطان .. إنما يأتي بصورة القاهر الغالب المتصرف في الوجود بالكيفية التي يريدها .. وكأننا نتحدث عن إله .. وليس عن شيطان حقير ومقامه أنه مطرود من رحمة الله وعليه اللعنة ليوم القيامة ..!!

- وهذا يجعلنا نطمئن .. لأن نقول أن للشيطان أولياء ينشرون أفكاره في الأرض بتعظيم قدراته في كل زمان ومكان حتى يظل المؤمنين يخافونه ويرتعبون منه ويعملون له ألف حساب .. في حين هو أصلا ساقط من نظر الله أي ليس محل عناية الله لأنه مطرود من رحمته ولا قدرة له على التصرف بقانون إلهي إزلي أبدي قال فيه الحق جل شأنه: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) الإسراء:65 .. والذي وكيله ربنا .. فالشيطان ليس له سلطان عليه .. وأقصى ما يستطيع فعله هو الوسوسة بنص القرآن .. ولكن قد ترتقي هذه الوسوسة لمس شديد ينتهي بحالة تخبط وهو ما يصفه البعض بالصرع .. وهذا له تفصيل .. وليس هذا مقامه.

 

#- عموما انتبه أخي الحبيب لما ذكرته لك سابقا .. حتى لا تتهم أحد من الصحابة أو التابعين في نشرهم لهذه الروايات التي أحسبها ملفقة إليهم وما قالوها .. لأن الروايات الصحيحة مثل كلام بن عباس السابق في الأخذ عن كتب بني إسرائيل .. تنكر أن يصدر ذلك عنه مثل الخرافات المنسوبة إليه رضي الله عنه في قصة أيوب.

 

2- كن يقظ وانتبه: إلى أن التابعين الذين سننقل عنهم أيضا قصة أيوب عليه السلام في فصول تالية .. بعضهم من تلامذة الصحابي عبد الله بن عباس .. مثل وهب بن منبه والحسن البصري .. وكلاهما أكثر من روى في قصة أيوب عليه السلام والرواية عنهما تالفة جدا .. فشبهة تزوير الروايات عليهما أيضا لازالت قائمة .. فانتبه.

 

- والآن ننتقل إلى الروايات التي يزعم البعض .. أن الصحابي عبد الله بن عباس قد قالها في قصة أيوب عليه السلام .

================

 

#- من الروايات التي قيلت في قصة أيوب عليه السلام ..

أولا: روايات الصحابي عبد الله بن عباس

#- الرواية الأولى: عن الصحابي عبد الله بن عباس

 

1- (رواية باطلة - ضعيفة السند ومنكرة المتن جدا) .. قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره حَدثنَا أبي حَدثنَا مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل حَدثنَا حَمَّاد أَنبأَنَا عَليّ بن زيد عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس قال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ: يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ .. قَالَ اللَّهُ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ وَوَلَدِهِ .. وَلَمْ أُسَلِّطْكَ عَلَى جَسَدِهِ ..

- فَنَزَلَ فَجَمَعَ جُنُودَهُ فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ سُلِّطْتُ عَلَى أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ .. فَأَرُونِي سُلْطَانَكُمْ.

- فَصَارُوا نِيرَانًا .. ثُمَّ صَارُوا مَاءً .. فَبَيْنَمَا هُمْ بِالْمَشْرِقِ إِذَا هُمْ بِالْمَغْرِبِ، وَبَيْنَمَا هُمْ بِالْمَغْرِبِ إِذَا هُمْ بِالْمَشْرِقِ .. فَأَرْسَلَ طَائِفَةً مِنْهُمْ إِلَى زَرْعِهِ .. وَطَائِفَةً إِلَى أَهْلِهِ .. وَطَائِفَةً إِلَى بَقَرِهِ .. وَطَائِفَةً إِلَى غَنَمِهِ .. وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَعْتَصِمُ مِنْكُمْ إِلا بِالْمَعْرُوفِ.

- فَأْتُوهُ بِالْمَصَائِبِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ ..

- فَجَاءَ صَاحِبُ الزَّرْعِ (أي المسئول عن زراعة أرض أيوب) فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ أَرْسَلَ عَلَى زَرْعِكَ عَدُوًّا فَذَهَبَ بِهِ ..

- وَجَاءَ صَاحِبُ الْإِبِلِ (أي المسئول عن رعي إبل أيوب) فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ أرسل على بقرك عدوا فذهب بها ؟

- وتفرَّد هو (أي إبليس) ببنيه .. جمعهم فِي بَيْتِ أَكْبَرِهِمْ ..، فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ إِذْ هَبَّتْ رِيحٌ فَأَخَذَتْ بِأَرْكَانِ الْبَيْتِ .. فَأَلْقَتْهُ عَلَيْهِمْ.

- فَجَاءَ الشَّيْطَانُ إِلَى أَيُّوبَ بِصُورَةِ غُلامٍ .. فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ جَمَعَ بَنِيكَ فِي بَيْتِ أَكْبَرِهِمْ ؟ فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ إِذْ هَبَّتْ رِيحٌ فَأَخَذَتْ بِأَرْكَانِ الْبَيْتِ فَأَلْقَتْهُ عَلَيْهِمْ، فَلَو رَأَيْتَهُمْ حِينَ اخْتَلَطَتْ دِمَاؤُهُمْ وَلُحُومُهُمْ بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ ..

- فقال لَهُ أَيُّوبُ: أَنْتَ الشَّيْطَانُ .. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَنَا الْيَوْمَ كَيُومِ وَلَدَتْنِي أُمِّي .. فَقَامَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَقَامَ يُصَلِّي ..

- فَرَنَّ (أي صرخ) إِبْلِيسُ رَنَّةً سَمِعَ بِهَا أَهْلُ السَّمَاءِ .. وَأَهْلُ الْأَرْضِ.

- ثُمَّ خَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ .. فقال: أي رب إنه قَدِ اعْتَصَمَ فَسَلِّطْنِي عَلَيْهِ .. فَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُهُ إِلا بِسُلْطَانِكَ .

- قَالَ (أي الرب): قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى جَسَدِهِ، وَلَمْ أُسَلِّطْكَ عَلَى قَلْبِهِ..

- فَنَزَلَ فَنَفَخَ تَحْتَ قدمه نَفْخَةً قَرَحَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ إِلَى قَرْنِهِ (أي رأسه) فَصَارَ قَرْحَةً وَاحِدَةً .. وَأُلْقِيَ عَلَى الرَّمَادِ (أي على المكان الذي يتم فيه حرق المزبلة) حَتَّى بَدَا حِجَابُ قَلْبِهِ ..

- فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تَسْعَى إِلَيْهِ (أي تعمل من أجله) .. حَتَّى قَالَتْ لَهُ: أَمَا تَرَى يَا أَيُّوبُ؟ نَزَلَ بِي وَاللَّهِ مِنَ الْجَهْدِ وَالْفَاقَةِ مَا إِنْ بِعَتُ قُرُونِي (أي ضفائر شعري) بِرَغِيفٍ فَأُطْعِمُكَ .. فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَكَ وَيُرِيحَكَ ..

- قَالَ (أيوب): وَيْحَكَ.. كُنَّا فِي النَّعِيمِ سَبْعِينَ عَامًا فَاصْبِرِي حَتَّى نَكُونَ فِي الضُّرِّ سَبْعِينَ عَامًا .. فَكَانَ فِي الْبَلاءِ سَبْعَ سِنِينَ وَدَعَا.

- فَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمًا .. فَأَخَذَ بِيَدِهِ .. ثُمَّ قَالَ: قُمْ .. فَقَامَ .. فَنَحَّاهُ (أي فحركه) عَنْ مَكَانِهِ .. وَقَالَ: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ فَقَالَ: اغْتَسِلْ مِنْهَا .. ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا فَقَالَ: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ أُخْرَى فَقَالَ لَهُ: اشْرَبْ مِنْهَا ..، وَهُوَ قَوْلُهُ: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَأَلْبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى حُلَّةً مِنَ الْجَنَّة .. فَتَنَحَّى أَيْوبَ فَجَلَسَ فِي نَاحِيةٍ وَجَاءَتُ امْرَأَتُهُ فَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَيْنَ الْمُبْتَلَى الّذِي كَانَ هَاهُنَا لَعَلَّ الْكِلابَ ذَهَبَتْ بِهِ وَالذِّئَابَ؟ ..

- وَجَعَلَتْ تُكَلِمُهُ سَاعَةً .. فَقَالَ لها: وَيْحَكِ.. أَنَا أَيُّوبُ قَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ جَسَدِي .. وَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مَالَهُ وَوَلَدَهُ عَيَانًا وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ .. وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ جَرَادًا مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ يَأْخُذُ الْجَرَادَ بِيَدِهِ ثُمَّ يَجْعَلُهُ فِي ثَوْبِهِ وَيَنْشُرُ كِسَاءَهُ فَيُجَعَلُ فِيهِ .. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا أَيُّوبُ، أَمَا شَبِعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْبَعُ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ) رواه أبو حاتم في تفسيره والسيوطي في الدر المنثور ورواه أحمد في الزهد .. وذكره الشبلي في آكام المرجان في أحكام الجان ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا وتحقيقا للرواية السابقة:

- أولا: من حيث السند ..

1- وفيه (على بن زيد بن جدعان) .. وهو ضعيف الحديث  .. (راجع تهذيب الكمال ترجمة برقم 4070).

2- وفيه (يوسف بن مهران) وهو ضعيف الحديث .. (راجع تهذيب التهذيب ج11 ص425).

3- وفي السند: أن بن عباس لم يذكر عمن أخذ هذه الرواية الباطلة والمنكرة التي غالبا قد يكون سمعها من أهل الكتاب اليهود الذين أسلموا فهي من الإسرائيليات .. وقد تكون هذه الرواية ملفقة لابن عباس بالكذب عليه .. وسيأتي بيان ذلك في الكلام على المتن.

 

- ثانيا: أما عن المتن ..

- فالمتن فيه أكاذيب ..

1- منها أن جعلوا من الشيطان عزيزا بسلطان الله له على أيوب .. وجعلوا من أيوب ذليلا مهانا من الشيطان هو وأهل بيته بالرغم من قربهما من الله ..!!

- فكيف يعقل ذلك ؟!!

 

2- ومنها ان جعلوا (الشَّيْطَانَ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ) .. فكيف يصعد للسماء ويطلب من الله اي طلب وقد قال الله له: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) الحجر34 .. فكيف يعود المطرود من ملكوت الله ملعونا حتى يوم القيامة ؟!!

- فهل رجع الله في كلامه وقام بتغييره .. من أجل إبليس ؟

- حاشاه جل جلاله .. بل هذه رواية ملعونة ومنكرة ومدسوسة على الصحابي بن عباس .. ولا يصدقها مؤمن ولا عقل رشيد ..!!

 

- وكذلك قال تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر16-17 .. فإذا كانت السماء محفوظة من الشياطين جميعا من أن يستمعوا لشيء من القدر .. فكيف تكون مهيأة للطلب من الله والرجاء منه ؟!!

 

#- ملحوظة: راجع الفصل السادس: وما نقلناه .. من توراة أهل الكتاب من "سفر أيوب الإصحاح الأول: 6-22".

 

3- لو كان الشيطان تسلط على أيوب فأصابه في ماله وزرعه وجسده حتى منعه عن دعوته لعبودية الله .. لكان هذا مخالفا في تأمين الأنبياء من تسليط الشيطان عليهم في دعوتهم للناس .. حيث المعلوم من القرآن أن الشيطان يتسلط على الأنبياء من خلال وسوسته في نفوس من يعرض عليهم الدعوة وليس على الأنبياء أنفسهم .. فيقول تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) الحج52-54.

 

#- والمعنى من التفسير الميسر:

- وما أرسلنا من قبلك - أيها الرسول - من رسول ولا نبي إلا إذا قرأ كتاب الله ألقى الشيطان في قراءته الوساوس والشبهات؛ ليصدَّ الناس عن اتباع ما يقرأه ويتلوه، لكن الله يبطل كيد الشيطان، فيزيل وساوسه، ويثبت آياته الواضحات. والله عليم بما كان ويكون، لا تخفى عليه خافية، حكيم في تقديره وأمره.

- وما كان هذا الفعل مِنَ الشيطان إلا ليجعله الله اختبارًا للذين في قلوبهم شك ونفاق، ولقساة القلوب من المشركين الذين لا يؤثِّرُ فيهم زجر. وإن الظالمين مِن هؤلاء وأولئك في عداوة شديدة لله ورسوله وخلافٍ للحق بعيد عن الصواب. (انتهى النقل من التفسير).

 

4- جاء في الرواية (يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى أَيُّوبَ عَلَيْهِ) .. فهذا باطل ومعارض ومخالف للقرآن .. بدلالة قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) الحجر42 .. ولقوله تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل99-100.

 

- والذي في الرواية هنا سلطان تمكين وليس مجرد تسليط ابتلاء كما تصوره الرواية .. لأن الشيطان حجبه تماما عن أداء دعوته ورسالته مع الناس .. وهذا لا يمكن حدوثه مع الأنبياء والمرسلين .. لأن هذا يخل بمقام النبوة والرسالة ويمنعه من التواصل مع العباد في نشر رسالة الله .. فما فائدة كونه نبي يوحى إليه حينئذ ؟!!

#- ملحوظة: راجع الفصل السادس: وما نقلناه .. من توراة أهل الكتاب من "سفر أيوب الإصحاح الأول: 6-22"..، "سفر أيوب الإصحاح الثاني: 1-14".

 

5- أما عما جاء في الرواية من أن زوجة أيوب باعت ضفائر شعرها لتشتري رغيفا لأيوب .. فهذا فيه قلة أدب وسفالة وكلام وقح للكلام على أعراض الأنبياء وفضح عوراتهم.

- بل وستأتي معنا رواية سيظهروا فيها أن زوجة أيوب كانت تتسول على الطرقات ..!!

- والله يا رب هذه رواية بهتان وكذب وضلال ..!!

- ولا يمكن أن يكون قد نطق بها ونشرها إلا من فيه غل وكراهية للأنبياء والرسل.

 

6- أما عن ظن زوجة أيوب (كما تقول الرواية) بأن الكلاب والذئاب تكون أخذته من شدة مرضه حين قالت: (أَيْنَ الْمُبْتَلَى الّذِي كَانَ هَاهُنَا لَعَلَّ الْكِلابَ ذَهَبَتْ بِهِ وَالذِّئَابَ) .. !!

- هل يصدق مؤمن عاقل في نبي من أنبياء الله أن هذا ممكن أن يحدث أن يكون مصيره في حضن الكلاب والذئاب ؟!!

- بكل تأكيد .. لا .. وإنما يظن ذلك من ملأ الغل والحقد قلبه على أنبياء الله .. فذهب يتشفى فيهم بالكذب عليهم والشهادة الزور في حقهم ..

- وقد تسأل وتقول من أين يأخذه الكلاب والذئاب ؟

- فأجيبك: لأن هناك روايات باطلة تقول أن أيوب تم إلقاءه في مزبلة أو كناسة بني إسرائيل ..!!

 

7- أما عن جزئية تجسيد الشيطان في صورة غلام وغير ذلك .. فهذا من الكذب الصريح في إخراج الشيطان بأن له سلطة في التجسيد بصورة إنسانا سويا ويتصرف في الوجود كما شاء .. وهذا مخالف للشرع وللعقل .. وإلا كان ظهر بشكل أيوب وفتن الناس .. كما كذبوا على سليمان عليه السلام وجعلوا الشيطان يتجسد بصورة سليمان عليه السلام ويغتصب زوجاته ويسرق ملكه ..!! فهذا من أحقر الأمور التي يتلاعب بها خدام الشيطان في نفوس البشر ليوهمهم بقدرة الشيطان على التجسيد بصورة الإنسان .. والله ورسوله برآء مما به يفترون ..!!

 

#- إذا كان الشيطان يستطيع أن يظهر في الوجود بصورة إنسية سوية ليكيد له في عالم الواقع .. فلماذا قال تعالى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ) الاعراف:27 ..، ولماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحمدُ للهِ الذي ردَّ كيدَه إلى الوسوسةِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند إسناده صحيح..،

- لمزيد من المعرفة في مسألة تجسيد الشيطان والجن .. برجاء مراجعة رسالتي "رسالة الملاك والجن والشيطان وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان".

 

8- أما عن بيان أن المتن ملفق ومكذوب على بن عباس نفسه .. هو ما قاله بن عباس نفسه في البخاري حيث قال: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كيفَ تَسْأَلُونَ أهْلَ الكِتَابِ عن شيءٍ، وكِتَابُكُمُ الذي أنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحْدَثُ الأخْبَارِ باللَّهِ (أي قريب النزول إليكم)، مَحْضًا لَمْ يُشَبْ (أي لم يتغير بتحريف ولا تبديل) .. وقدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ: أنَّ أهْلَ الكِتَابِ قدْ بَدَّلُوا مِن كُتُبِ اللَّهِ وغَيَّرُوا، فَكَتَبُوا بأَيْدِيهِمُ الكُتُبَ، قالوا: هو مِن عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بذلكَ ثَمَنًا قَلِيلًا .. أوَلَا يَنْهَاكُمْ ما جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عن مَسْأَلَتِهِمْ ؟ فلا واللَّهِ ما رَأَيْنَا رَجُلًا منهمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الذي أُنْزِلَ علَيْكُم) صحيح البخاري .

 

- فكيف يعقل أن ينكر الرواية عن أهل الكتاب .. ثم هو يروى عنهم مثل هذا الكذب الفاضح المخالف للقرآن والعقل ..؟!!

 

- فهذه الرواية عن النبي أيوب عليه السلام .. والتي تم روايتها عن بن عباس .. هي أصلا رواية مكذوبة على بن عباس دون أدنى شك في ذلك .. فانتبه ..

 

9- ولا يخفى على مؤمن عاقل .. أن هذه القصة ليست حجة شرعية في إثبات شيء ..!!

 

@- وخلاصة القول في هذه الرواية .. أن بها عشرة خرافات إليك بيانها:

1- خرافة أن الشيطان عزيزا بإجابة الله مطلبه بأذية أيوب عليه السلام.

 

2- خرافة أن أيوب أصبح مهانا من الشيطان يتصرف فيه كما يشاء.

 

3- خرافة أن الشيطان عرج إلى السماء المطرود منها إلى يوم الدين.

 

4- خرافة أن الله تكلم مع الشيطان وهو المطرود من رحمة الله إلى يوم الدين .. فكيف يأذن الله له بالكلام معه ؟.

 

5- خرافة إذن الله للشيطان بتسليطه على هلاك مال وأولاد أيوب عليه السلام .. في حين لا سلطان له على الانبياء والرسل.

 

6- خرافة أن الشياطين لها تصريف في العالم المادي والكوني الطبيعي .. كيفما شاءوا بمطلق إرادتهم .. وهذا باطل لأن أقصى فعلهم معنا أنهم يرونا من حيث لا نراهم.. أو الوسوسة لجنس الشياطين فيهم.

 

7- خرافة تمكين الشيطان من النفخ في أيوب بالمرض .. ولا سلطان تمكين للشيطان على الأنبياء .. فضلا عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) رواه أحمد وصحح محققو المسند.

 

8- خرافة مساواة الشيطان بجبريل عليه السلام في جعله يتجسد في صورة إنسانا سويا كصورة الغلام التي أتى بها لأيوب .. والتجسيد في صورة إنسانا سويا من صفات الملائكة المخصصين بذلك .. وتجسيد الشيطان بتلك الصورة الإنسية هو في حد ذاته خرافة لتعظيم الشيطان في نفوس المؤمنين ونشر البلبلة بينهم لإسقاط النبوات والرسالات .. حتى يقال ما الذي يدرينا أن هؤلاء الأنبياء لم يكون شياطين في صور أنسية وأن الصالحين والأولياء ليسوا مجموعة شياطين يختبئون خلف قناع الجسد الإنسي .. فهذا هو كان أصل الترويج لمسألة تجسيد الشيطان .. وهذا أيضا من كلام الملحدين في كل زمان ومكان.

 

9- خرافة شماته الشيطان في أيوب بعد أن تم هلاك الأموال والأولاد .. وتصوير الشيطان بمن يستمتع برواية طريقة موت الأبناء بصورة حقيرة جدا .. وهذا معناه شماته الشيطان بأيوب .. وما كان الله ليسمح بذلك للشيطان على أولياءه حتى يسمح له على أنبياءه ..!!

 

10- خرافة طرد أيوب من بيته وإلقاءه على رماد مزبلة بيته التي يحرقون فيها الزبالة ..!!

 

11- خرافة تكرار عروج الشيطان لمقام التكليم مع الله .. وكأن السماء والوقوف في مقام القرب من الله كان حقا مكتسبا لإبليس ليقف فيه ..!!

 

12- خرافة أن زوجة أيوب تبيع ضفائر شعرها للناس لتكتسب منه مالا لتنفق على النبي أيوب .. في صورة من أقذر صور الإهانة التي لا يمكن أن تقال في حق عرض نبيا من أنبياءه.

 

13- خرافة الظن بأن ابن عباس قد قال هذه الرواية أصلا .. لأن ابن عباس كان ينكر على من ينقل ويروي عن أهل الكتاب ..!!

  

=========================

 

#- الرواية الثانية: عن الصحابي عبد الله بن عباس

 

#- (رواية باطلة ضعيفة السند ومنكرة المتن جدا) .. عن سعيد بن مرتجل حدثنا سليمان يعني بن حرب عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: (اتخذ إبليس تابوتا (أي معه صندوق من خشب فيه علاجات) فجلس في الطريق وجعل يداوي المرضى (أي في صورة طبيب) .. قال: فمرت به امرأة أيوب فقالت له: هل لك أن تداوي هذا المبتلى .. قال نعم بشرط إن أنا شفيته أن يقول: "أنت شفيتني" .. ولا أريد منه أجرا غيره .. قال فأتت أيوب فذكرت ذلك له .. قال ويحك ذاك الشيطان لله .. علي إن عافاني لأجلدنك مائة جلدة قال فلما عوفي قال الله له "خذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث" قال فاتخذ عذقا فيه مائة شمراخ فضربها به ضربة واحدة) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق.

 

#- وفي (رواية باطلة ضعيفة السند ومنكرة المتن جدا) بلفظ آخر: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: (إِنَّ إِبْلِيسَ قَعَدَ عَلَى الطَّرِيقِ فَاتَّخَذَ تَابُوتًا (هيكل خشبي صغير يجلس فيه) يُدَاوِي النَّاسَ (أي في صورة طبيب) .. فَقَالَتِ امْرَأَةُ أَيُّوبَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ هَاهُنَا مُبْتَلًى .. مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا.. فَهَلْ لَكَ أَنْ تُدَاوِيَهُ؟

- قَالَ: نَعَمْ.. بِشَرْطِ إِنْ أَنَا شَفَيْتُهُ أَنْ يَقُولَ: "أَنْتَ شَفَيْتَنِي" لَا أُرِيدُ مِنْهُ أَجْرًا غَيْرَهُ.

- فَأَتَتْ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ .

- فَقَالَ: وَيْحَكِ !! ذَاكَ الشَّيْطَانُ ..!! لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ شَفَانِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَجْلِدَكَ مِائَةَ جَلْدَةٍ .. فَلَمَّا شَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ ضغثا (أي حزمة) فأخذ عِذْقًا (أي عودا من النخل الذي ينبت منه التمر وهو صغير لازال في غلافه قبل أن ينبت) فِيهِ مَائَةُ شِمْرَاخٍ (أي فيه مائة فرع ينبت عليهم التمر قبل أن تكون تمر) .. فَضَرَبَ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً) رواه أبو حاتم في تفسيره بدون سند.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

أ- رواية بن عساكر: فيها (سعيد بن مرتجل) مجهول .. وفيها (على بن زيد بن جدعان) .. وهو ضعيف الحديث  .. (راجع تهذيب الكمال ترجمة برقم 4070).. وفيها (بن عباس) قد أخذها من الذين يروجون للقصص من أهل الكتاب الذين أسلموا .. وغالبا القصة منسوبة روايتها لابن عباس زورا وكذبا عليه. 

 

ب- رواية أبو حاتم: لا يوجد سند في الحديث من أساسه .. بل مجرد قول منسوب لابن عباس .. وكما سبق وذكرنا أن بن عباس كان ينكر الرواية عن أهل الكتاب .. فتكون مثل هذه الروايات مكذوبة على بن عباس نفسه .. فانتبه .

 

- ثانيا: من حيث المتن:

1- كيف يعقل أن نصدق أن زوجة أيوب عليه السلام .. رضيت بأن تنسب الشفاء لمخلوق من دون الله ؟!! فهل هي زوجة نبي أم زوجة عابد صنم ؟!!

- ما هذا الكذب الوقح على زوجة أيوب عليه السلام ..!!

 

2- غالبا القصة مكذوبة وتم تلفيقها على بن عباس وهو بريء من روايتها .. وقد أثبتنا قول بن عباس بكل وضوح فيمن ينقل عن أهل الكتاب ويأخذ عنهم .. فكيف هو ينقل عنهم حينئذ مثل هذا الكلام الوقح في حق الأنبياء ؟!! 

 

3- ولا يخفى على مؤمن عاقل .. أن هذه القصة ليست حجة شرعية في إثبات شيء .. وتجسيد الشيطان في صورة طبيب .. فهذا من أكذب الأكاذيب أن يصدق مؤمن تجسيد الشيطان في صورة إنسان سويا ..!!

 

@- وخلاصة هذه الرواية أن بها خرافة مميزة عن الرواية الأولى المنسوبة بالباطل لابن عباس:

- فيها خرافة تصوير زوجة نبي الله أيوب بأنها جاهلة بالله .. ولا تعرف أن نسبة الشفاء إنما تكون لله وليس لغيره مهما كانت الأسباب .

 

=======================

#- الرواية الثالثة: عن الصحابي عبد الله بن عباس

 

#- (رواية تالف السند وضعيفة جدا) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي (سعد بن محمد) قَالَ: ثني عَمِّي (الحسن بن الحسن) قَالَ: ثني أَبِي (الحسن بن عطية العوفي) عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (قَوْلُهُ: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ .. فَإِنَّهُ لَمَّا مَسَّهُ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ .. أَنْسَاهُ اللَّهُ الدُّعَاءَ أَنْ يَدْعُوهَ فَيَكْشِفَ مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ .. غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ كَثِيرًا .. وَلَا يُزِيدُهُ الْبَلَاءُ فِي اللَّهِ إِلَّا رَغْبَةً وَحُسْنَ إِيمَانٍ .. فَلَمَّا انْتَهَى الْأَجَلُ .. وَقَضَى اللَّهُ أَنَّهُ كَاشِفٌ مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ .. أَذِنَ لَهُ فِي الدُّعَاءِ وَيَسَّرَهُ لَهُ .. وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لَا يَنْبَغِي لِعَبْدِي أَيُّوبَ أَنْ يَدْعُوَنِي ثُمَّ لَا أَسْتَجِيبَ لَهُ .. فَلَمَّا دَعَا اسْتَجَابَ لَهُ .. وَأَبْدَلَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ ذَهَبَ لَهُ ضِعْفَيْنِ .. رَدَّ إِلَيْهِ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ .. وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44]) رواه الطبري في تفسيره .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (محمد بن سعد) وهو أبو جعفر العوفي شيخ الطبري .. وهو لين الحديث كما قال الخطيب البغدادي وقال عنه الدارقطني لا بأس به .. (راجع لسان الميزان ترجمة 6823).

2- وفيه (سعد بن محمد بن الحسن بن عطية) وهو متروك الحديث .. قد تكلم فيه الإمام أحمد (راجع لسان الميزان ترجمة برقم 3388).

3- وفيه (الحسين بن الحسن العوفي) وهو ضعيف الحديث .. (راجع لسان الميزان ترجمة برقم 2491).

4- وفيه (الحسن بن عطية العوفي) وهو ضعيف الحديث .. (راجع تهذيب الكمال ترجمه برقم 1244).

5- وفيه (عطية بن سعد العوفي) .. وهو ضعيف الحديث .. (راجه الجامع في الجرح والتعديل ترجمة برقم 2973) و (سير اعلام النبلاء ترجمة برقم 159).

 

- ثانيا: من حيث المتن:

1- لماذا الله ينسي أيوب الدعاء لكشف الضر ؟

2- وهل ذكر الله ليس كافيا ليكون سببا في شفاء أيوب .. إذ أنه بلغنا أن من شغله ذكر الله عن مسألته أعطاه الله أفضل مما يعطى السائلين ..!!

3- عموما هذا الرأي المنسوب لابن عباس هو رأي باطل لفساد السند الموصول به.

 

#- وبهذا يكون ختام الروايات التي وجدتها منسوبة للصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنه .. وهو بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب ..!!

- علما بأنه الصحابي الوحيد الذي تمت نسبة الرواية عنه عن قصة أيوب عليه السلام ..

 

- واعلم أخي الحبيب .. أنه كان يكفي إسقاط الرواية بضعف السند .. ولكني أحب تحقيق المتن أيضا لتعرف منذ متى والخرافة منتشرة في بعض كتب أهل العلم وتتوارثها الأجيال .. وتعرف ما هو مصدر الخرافة أيضا ومن أين أتوا بها .. ولذلك ذكرت الفصل السابق عن قصة أيوب عليه السلام عند أهل الكتاب .. ليس لأني أتهم كتابهم بانه خرافة .. لا .. ولكني أتهم أن ما يذكره البعض فينسبه في ديننا وهو خرافة ليس من ديننا بل ومخالف لعقيدتنا في الله وفي أنبياءه .. أما غيرنا فليعتقد ما يشاء فهذا دينه ومعتقده ..!!

 

@- وننقل بعدها لما ذكره التابعين من روايات ذكرت في بعض كتب التفاسير القديمة .. لتعرف باقي الخرافات التي قيلت في قصة أيوب عليه السلام .. والله ولي التوفيق. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .