بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة قصص من كتب التفاسير
قصة النبي أيوب عليه السلام
بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية
- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -
- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -
- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-
(الفصل الخامس)
#- فهرس:
:: الفصل الخامس ::
عن قصة أيوب عليه السلام .. عن مفهوم مس الشيطان لأيوب بالنصب والعذاب –
واستحالة مس الشيطان لأيوب بالتمكين منه فعلا ::
1- س9: ما معنى قوله تعالى (أَنِّي
مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ؟
2- س10: لماذا يستحيل الظن بأن الشيطان قد مس أيوب عليه السلام بالتمكين منه فعلا في نفسه وماله وأهله ؟
*******************
:: الفصل الخامس ::
=================
..:: س9: ما معنى قوله (أَنِّي
مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ؟ ::..
- قال تعالى: (وَاذْكُرْ
عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ
وَعَذَابٍ
(41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ
بَارِدٌ وَشَرَابٌ) ص:41-42.
#- أولا: قلت (خالد صاحب الرسالة) .. انتبه أخي الحبيب للآتي قبل أن أذكر لك كلام المفسرين
في تفسير الآية السابقة:
1- هناك فرق بين حالتين من الوسوسة مع الأنبياء:
أ- بين أن يوسوس الشيطان للنبي فيؤثر فيه بوسوسته .. فمثلا يوسوس له بأن الله تركك أو أسقطك من
معيته فيصدق النبي هذه الوسوسة .. وهذا لن يحدث من أي نبي أو رسول أبدا لأنه مستحيل حدوثه لأن قلوب الحق في معية الحق فلا يؤثر
فيهم الباطل.
ب- وبين أن يوسوس الشيطان للنبي فلا يتأثر النبي بهذا الوسواس .. وهذا هو المقصود من التفسير السابق .. وهو
أنه كان يحدث له وسواس من باب إمكانية حدوث النزغ للأنبياء والرسل (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأعراف:200
..، إلا أن النبي يجاهده فيطرده لأن قلوب الحق لا تقبل الباطل .. ولذلك
لا يتأثر قلبه بهذه الوسوسة .. والنزغ هو بداية حوار الوسوسة وليس استرسال في
الوسوسة .. والمتقين الذين يسيرون على منهج الرسل قد يأتيهم الوسواس ولكن ليس كنزغ
.. وإنما يتطرق أبواب الضعف فيهم حتى يسترسل معهم بوسواسه .. ولما كانت قلوب
المتقين يقظة فينشطوا بذكر الله لطرده من صدورهم: (إِنَّ
الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا
فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) الأعراف:201.
2- انتبه من فضلك: ستجد في بعض كتب التفسير التراثية
القديمة .. أنهم يقولون أن الشيطان وسوس لأيوب بالمعصية والذنب ..
ففعله أيوب .. مثل أنه طرد الفقراء من ضيافة الطعام .. واستغاث به مظلوم فجافاه
وتجاهله .. وداهن ملك وتغاضى عن حق الله فلم يأخذه منه .. وهذا كله كذب في كذب ..
ولم يحدث لأن قلوب الحق لا تقبل معية الباطل أبدا .. وقلوب الأنبياء لو استمعت
وخضعت للوسواس فهي مع الشيطان وليست مع الله .. لأن الحق يكون سقط منها .. وهذ
اتهام لله بأنه لا يعلم لمن يضع رسالته .. وحاشاه جل شانه ..!!
#- فانتبهوا بين الوساوس .. التي يتكلم عنها أهل العلم في كتب التفسير
حتى تستطيع التمييز بينها ..
#- ثانيا: ما هو
المقصود بمس الشيطان .. وبالنصب والعذاب ؟
- تعالوا
نشوف بعض من كلام العلماء ..
1- جاء في التفسير الوسيط - مجموعة من العلماء بإشراف
مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر:
المفردات:
- (بِنُصْبٍ): بمشقة وتعب.
- (وَعَذَابٍ): وضر وألم.
- (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) الركض: الدفع القوي .. أي:
ادفع واضرب برجلك الأرض ضربا شديدا قويا.
#- التفسير: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ
إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ): أي واذكر - يا محمد - قصة أيوب
وابتلاء الله له بالمرض والمشقة والألم، ليكون - عليه السلام - مثالا كريما يحتذيه
ويتأسى به كل من تصيبه مصيبة في نفسه أو ولده أو ماله لينال جزاء الصابرين الذين
وعدهم الله بالجزاء العظيم بقوله – تعالى: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ
مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة:157.
- أو اذكر قصته - عليه السلام - في نفسك لتكون عونا لك على الصبر
على مما تلاقيه وتكابده من هؤلاء الضالين المعاندين المشركين.
- اذكر - أن الشيطان قد وسوس له ليثنيه عن
يقينه وينال من طمأنينة قلبه بما يلح في الوسوسة .. ودعوة أيوب إلى القنوط واليأس
من رحمة ربه ..، وكان هذا الأمر قاسيا وشديدا على أيوب مع مرضه وعلته ..
- فضلا عن تسلُّط الشيطان على أتباعه حتى فتن بعضهم في
دينه .. ورده إلى الكفر بعد أن غرس في نفوسهم أن الأنبياء لا يبتلون
ولا يمرضون .. وأن أيوب ما دام قد أصابه المرض ومسه الضر فليس بنبي ولا رسول ..
- كما تسلط ذلك اللعين على آخرين حتى قالوا: ما ابتلى الله أيوب إلا لذنب
أصاب أو جريمة اقترف.
-
فكان أيوب يعاني من مشقة تسلط الشيطان عليه بالوسوسة .. بالقنوط من رحمة الله .. كما
يعاني ويتألم لفتنة أتباعه وتفرقهم عنه وتشككهم في رسالته.
- وكان أيوب - عليه السلام - في قمة الأدب مع
ربه .. فجاء هنا حكاية عنه قوله تعالى: (أَنِّي مَسَّنِيَ
الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) وجاء في سورة الأنبياء قوله - تعالى – (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ
وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الأنبياء:83.
- فلم يزد - عليه السلام - أن نادى ربه
وبسط شكايته فحسب .. وفوض أمره إلى ربه راضيا بما يقضيه فيه ..
وما يقَدَّر عليه .. فلطف به - سبحانه - واستجاب إلى ما تتوق إليه نفسه ويطمئن به
قلبه من أن يذهب مرضه الذي أتعبه ونال من جسمه وحط من قوته .. وأن يصرف الشيطان
عنه .. وإن كان لا ينال من عقيدة الأنبياء ولا من عباد الله الصالحين.
#- قوله (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا
مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ): أمره - تعالى - أن يضرب الأرض
برجله ضربا قويا بقوله: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) فامتثل .. وضربها .. فنبعت عين
.. فقال له سبحانه: (هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) فاغتسل عليه السلام فذهب سقمه
وصح بدنه وشرب فأطفأَ ظمأَه. (التفسير
الوسيط من مجمع البحوث ج8 ص504-505).
2- قال الإمام أبو القاسم الزمخشري رحمه الله
(المتوفى: 538هـ):
- فإن قلت: لم نسبه إلى الشيطان .. ولا يجوز أن يسلطه الله على
أنبيائه ليقضى من إتعابهم وتعذيبهم وطره .. ولو قدر على ذلك لم يدع صالحا إلا وقد
نكبه وأهلكه .. وقد تكرّر في القرآن أنه لا سلطان له إلا الوسوسة فحسب ؟
- قلت: لما كانت وسوسته إليه وطاعته له
فيما وسوس سببا فيما مسه الله به من النصب والعذاب .. نسبه إليه .. وقد راعى الأدب
في ذلك حيث لم ينسبه إلى الله في دعائه .. مع أنه فاعله ولا يقدر عليه إلا هو.
- وقيل: أراد ما كان يوسوس به إليه في
مرضه من تعظيم ما نزل به من البلاء، ويغريه على الكراهة والجزع، فالتجأ إلى الله
تعالى في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء، أو بالتوفيق في دفعه ورده بالصبر الجميل. (تفسير الزمخشري ج4 ص97).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة)
تعقيبا على كلام الزمخشري:
- الرأي الذي ذهب إليه الإمام
الزمخشري رحمه الله .. من أن سبب النصب والعذاب هو أن الشيطان وسوس
لأيوب فأطاعه أيوب في وسوسته .. هذا كلام غير موفق فيه .. لأنه لا يصح من نبي أن
يطيع شيطان في وسوسته وإلا قلنا أن كل أفعاله المؤثر فيها شيطان ومدد الله منقطع
عنه حتى حجبه عن التمييز بين الحق والباطل وذلك لغلبة الهوى على نفسه .. وهذا لا
يليق بنبي ولا رسول.. والله أعلم.
3- قال الإمام أبو القاسم النيسابوري رحمه الله (المتوفى: نحو 550هـ):
- وإنما اشتكى
وسوسة الشّيطان لا المرض .. لقوله: (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً)
.. كان الشّيطان يوسوس أن داءه يعدي .. فأخرجوه واستقذروه .. وتركته امرأته.
(إيجاز
البيان عن معاني القرآن ج2 ص714).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة)
تعقيب على كلام النسابوري:
- زوجة أيوب لا يوجد دليل على تركها له ولا
بقائها .. فالله أعلم بموقفها معه.
4- قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى: 606هـ)
في مفهوم النصب والعذاب لأيوب:
- واعلم أنه
كان قد حصل عنده نوعان من المكروه:
- الغم الشديد بسبب زوال الخيرات
وحصول المكروهات ..
- والألم الشديد في الجسم.
- ولما حصل هذان النوعان .. لا
جرم ذكر الله تعالى لفظين .. وهما النصب والعذاب. (التفسير الكبير ج26 ص369).
#- ثم قال الإمام الفخر الرازي
في مفهوم (مسني الشيطان):
- للناس في هذا الموضع قولان:
- الأول: أن الآلام والأسقام الحاصلة في
جسمه إنما حصلت بفعل الشيطان.
- الثاني: أنها إنما حصلت بفعل الله ..
والعذاب المضاف في هذه الآية إلى الشيطان هو عذاب الوسوسة .. وإلقاء الخواطر
الفاسدة.
#- وأما القول الأول .. فتقريره:
- ما روي أن إبليس سأل ربه
فقال: هل في عبيدك من لو سلطتني عليه يمتنع مني؟
- فقال الله: نعم عبدي أيوب.
- فجعل يأتيه بوساوسه .. وهو يرى إبليس عيانا ولا يلتفت
إليه.
- فقال: يا رب إنه قد امتنع علي فسلطني
على ماله ..، وكان يجيئه ويقول له: هلك من مالك كذا وكذا، فيقول الله
أعطى والله أخذ، ثم يحمد الله.
- فقال: يا رب إن أيوب لا يبالي بماله
فسلطني على ولده .. فجاء وزلزل الدار فهلك أولاده بالكلية .. فجاءه
وأخبره به فلم يلتفت إليه ..
- فقال: يا رب لا يبالي بماله وولده
فسلطني على جسده .. فأذن فيه .. فنفخ في جلد أيوب .. وحدثت
أسقام عظيمة وآلام شديدة فيه .. فمكث في ذلك البلاء سنين.
- حتى صار بحيث استقذره أهل بلده
.. فخرج إلى الصحراء وما كان يقرب منه أحد.
- فجاء الشيطان إلى امرأته .. وقال لو أن زوجك استعان بي
لخلصته من هذا البلاء، فذكرت المرأة ذلك لزوجها .. فحلف بالله لئن عافاه الله
ليجلدنها مائة جلدة ..
- وعند هذه الواقعة قال: (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ
بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ..
- فأجاب الله دعاءه .. وأوحى إليه أن اركض برجلك .. فأظهر
الله من تحت رجله عينا باردة طيبة فاغتسل منها، فأذهب الله عنه كل داء في ظاهره
وباطنه .. ورد عليه أهله وماله.
#- والقول الثاني:
- أن الشيطان لا قدرة له البتة على
إيقاع الناس في الأمراض والآلام ..
- والدليل عليه وجوه:
- الأول: أنا لو جوزنا حصول الموت والحياة
والصحة والمرض من الشيطان .. فلعل الواحد منا إنما وجد الحياة بفعل الشيطان ..
ولعل كل ما حصل عندنا من الخيرات والسعادات .. فقد حصل بفعل الشيطان .. وحينئذ لا
يكون لنا سبيل إلى أن نعرف أن معطي الحياة والموت والصحة والسقم هو الله تعالى.
- الثاني: أن الشيطان لو قدر على ذلك فلما
لا يسعى في قتل الأنبياء والأولياء .. ولم لا يخرب دورهم .. ولم لا يقتل أولادهم.
- الثالث: أنه تعالى حكى عن الشيطان أنه
قال: (وَمَا كَانَ
لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) إبراهيم:22 .. فصرح بأنه لا قدرة
له في حق البشر إلا على إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة ..، وذلك يدل على بطلان قول
من يقول إن الشيطان هو الذي ألقاه في تلك الأمراض والآفات.
- فإن قال قائل: لم لا يجوز أن يقال إن الفاعل
لهذه الأحوال هو الله تعالى لكن على وفق التماس الشيطان؟
- قلنا: فإذا كان لا بد من الاعتراف بأن
خالق تلك الآلام والأسقام هو الله تعالى .. فأي فائدة في جعل الشيطان واسطة في
ذلك؟
- بل الحق أن المراد من قوله: (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ
بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) .. أنه بسبب إلقاء الوساوس
الفاسدة والخواطر الباطنة كان يلقيه في أنواع العذاب والعناء.
#-
ثم القائلون بهذا القول اختلفوا في أن تلك الوساوس كيف كانت وذكروا فيه وجوها:
- الأول: أن علته كانت شديدة الألم .. ثم
طالت مدة تلك العلة واستقذره الناس ونفروا عن مجاورته .. ولم يبق له شيء من
الأموال البتة. وامرأته كانت تخدم الناس وتحصل له قدر القوت .. ثم بلغت نفرة الناس
عنه إلى أن منعوا امرأته من الدخول عليهم ومن الاشتغال بخدمتهم .. والشيطان كان
يذكره النعم التي كانت والآفات التي حصلت .. وكان يحتال في دفع تلك الوساوس ..
فلما قويت تلك الوساوس في قلبه خاف وتضرع إلى الله .. وقال: (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ
بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) لأنه كلما كانت تلك الخواطر أكثر .. كان
ألم قلبه منها أشد.
- الثاني: أنها لما طالت مدة المرض جاءه
الشيطان وكان يقنطه من ربه ويزين له أن يجزع .. فخاف من تأكد خاطر القنوط في قلبه ..
فتضرع إلى الله تعالى وقال: (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ).
- الثالث: قيل إن الشيطان
لما قال لامرأته لو أطاعني زوجك أزلت عنه هذه الآفات فذكرت المرأة له ذلك .. فغلب
على ظنه أن الشيطان طمع في دينه .. فشق ذلك عليه فتضرع إلى الله تعالى وقال: (أَنِّي
مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ).
(تفسير الفخر الرازي
ج26 ص397-398).
5- قال الإمام القرطبي رحمه الله (المتوفى: 671هـ) بعد أن شرح كلمة قوله (بنصب):
أ- قيل في معنى: (أني مسني الشيطان بنصب وعذاب): أي ما يلحقه من وسوسته لا غير.
والله أعلم. ذكره النحاس ..، وقيل: إن النصب ما أصابه في بدنه، والعذاب ما أصابه
في ماله، وفيه بعد. (تفسير
القرطبي ج15 ص207-208).
ب- ونقل االإمام القرطبي قول الإمام
أبو بكر بن العربي (المتوفى: 543 هـ) رده على من زعم بأن الشيطان تصرف بالفعل في
أيوب مالا وأولاد وجسدا .. فذكر عن بن العربي رحمه الله أنه معترضا على من قال
بذلك فرد عليهم قائلا:
- وأما قولهم: إن الله قال قد سلطتك على ماله
وولده فذلك ممكن في القدرة، ولكنه بعيد في هذه القصة.
- وكذلك قولهم: إنه نفخ في جسده حين سلطه عليه فهو أبعد.
- والباري سبحانه قادر على أن يخلق ذلك كله من غير أن
يكون للشيطان فيه كسب حتى تقر له - لعنة الله عليه- عينه .. بالتمكن من الأنبياء
في أموالهم وأهليهم وأنفسهم. (تفسير القرطبي ج15 ص209).
ج- ثم ذكر القرطبي تكملة لكلام الإمام بن العربي رحمه الله على من زعم بتسلط
الشيطان على أيوب بالمرض وبقتل الأبناء وسلب المال .. فقال الإمام أبو بكر ابن
العربي:
- والذي جرأهم "أي بعض المفسرين" على ذلك "أي قولهم بتمكين الشيطان من
أيوب" .. وتذرعوا به إلى ذكر هذا .. قوله
تعالى: (إذ نادى ربه أني مسني الشيطان
بنصب وعذاب) .. فلما رأوه قد شكا مس الشيطان
.. أضافوا إليه من رأيهم ما سبق من التفسير في هذه الأقوال.
- وليس الأمر كما زعموا .. والأفعال كلها خيرها وشرها ..
في إيمانها وكفرها .. طاعتها وعصيانها .. خالقها هو الله
لا شريك له في خلقه .. ولا في خلق شيء غيرها .. ولكن الشر لا ينسب إليه ذكرا ..
وإن كان موجودا منه خلقا .. أدبا أدبنا به .. وتحميدا علمناه.
- وكان من ذكر محمد صلى الله
عليه وسلم لربه به .. قول من جملته: (والخير في يديك والشر ليس إليك) على هذا المعنى.
- ومنه قول إبراهيم: (وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء:80 ..، وقال الفتى
للكليم: (وما أنسانيه إلا الشيطان) الكهف:63. (نقلا عن تفسير القرطبي ج15 ص210 – وما بين علامات التنصيص "
.." .. فهي للتوضيح مني وليس من كلام ابن العربي).
6- قال الإمام أبي السعود العمادي رحمه الله (المتوفى: 982هـ) في قوله (مسني الشيطان):
- الإسنادُ إلى الشَّيطان: إمَّا لأنَّه تعالَى مسَّه بذلك
لما فعل بوسوستِه كما قيل إنَّه أُعجب بكثرةِ مالِه .. أو استغاثه مظلومٌ فلم يغثه
.. أو كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه ولم يغزُه.
- أو لامتحان صبره فيكون اعترافاً
بالذَّنبِ.
- أو مراعاةً للأدبِ.
- أو لأنَّه وسوس إلى أتباعِه حتَّى
رفضُوه وأخرجُوه من ديارِهم.
- أو لأنَّ المرادَ بالنَّصَبِ ما كان يُوسوس به إليه في مرضِه
.. من تعظيم ما نزل به من البلاءِ والقُنوطِ من الرَّحمةِ .. ويغريه على الكراهةِ
والجَزَعِ .. فالتجأَ إلى الله تعالَى في أنْ يكفيه ذلك بكشفِ البلاءِ .. أو بالتوفيقِ
لدفعِه وردِّه بالصَّبرِ الجميلِ.
- وليس هذا تمامَ دعائِهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ..
بل من جُملتِه قولُه (وأنت ارحم الراحمين) .. فاكتفى ههنا عن ذكرِه بما في
سُورةِ الأنبياءِ .. كما تركَ هناك ذِكرَ الشَّيطانِ .. ثقةً بما ذكره هنا. (إرشاد العقل السليم إلى
مزايا الكتاب الكريم ج7 ص229-228).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة)
تعقيبا على كلام أبي السعود:
أ- ما ذكره من أن الشيطان وسوس لأيوب بأن يعجب
بماله أو لم يغيث مظلوم أو ما شابه ذلك .. فأطاع الشيطان في هذا الوسواس .. وبالتالي كان
اتباع وسوسة الشيطان هي سبب ابتلاءه بالمرض .. فهذا كلام باطل لأن الانبياء لا
يطيعون الشيطان في وسوسته لهم.
ب- أما عن كون الإبتلاء لامتحان صبره .. فيقصد أن أيوب طلب ابتلاء ليمتحن في صبره
فكان هذا من وسوسة الشيطان له أن جعله يطلب ذلك .. ولكن هذا كلام لا دليل عليه.
ج- أما عن كونه مراعاة للأدب .. أي أن أيوب نسب المس للشيطان بالرغم من علمه
بأن الفاعل هو الله وذلك أدبا مع الله لأن الخير ينسب لله والشر لا ينسب إلى الله
أدبا. والله أعلم.
7- ذكر الإمام احمد بن عمر رحمه الله (المتوفى:618 هـ) .. عند قوله (وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ
إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ص:41 .. رأيا جيدا من عدة
أقوال فكان منها:
- إن من آداب العبودية .. إجلال الربوبية وإعظامها عن
إحالة الضرر والبلاء والمحن عليها إلا على الشيطان .. كما قال يوسف: (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ
الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) يوسف:100 ..، وقال يوشع عليه
السلام: (وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ) الكهف:63 ..، وقال موسى عليه
السلام: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) القصص:15. (التأويلات النجمية ج3 ص259).
8- قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله (المتوفى: 745هـ) بعد أن ذكر بعض الآراء وناقشها .. ثم ختم كلامه فقال:
- ما رووا "أي بعض المفسرين" .. أن الشيطان سلطه الله عليه حتى أذهب أهله
وماله .. لا يمكن
أن يصح .. ولا
قدرة له على البشر إلا بإلقاء الوساوس الفاسدة لغير المعصوم.
- والذي
نقوله: أنه تعالى ابتلى أيوب عليه السلام في جسده
وأهله وماله .. على ما روي في الأخبار.
- وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم .. أن أيوب بقي في محنته ثماني عشرة
سنة يتساقط لحمه حتى مله العالم .. ولم يصبر عليه إلا امرأته ..
-
ولم يبين لنا توالي السبب المقتضي لعلته.
- وأما إسناده المس إلى الشيطان .. فسبب ذلك أنه كان يعوده ثلاث من
المؤمنين .. فارتد أحدهم .. فسأل عنه فقيل: ألقى إليه الشيطان أن الله لا يبتلي
الأنبياء والصالحين .. فحينئذ قال: مسني الشيطان.
-
نزَّل لشفقته على المؤمنين... مس الشيطان لذلك المؤمن .. حتى ارتد .. منزلة مسه
لنفسه .. لأن المؤمن الخير يتألم برجوع المؤمن الخير
إلى الكفر ..
- ولذلك جاء بعده: (اركض برجلك) .. حتى يغتسل ويذهب عنه البلاء ..
فلا يرتد أحد من المؤمنين بسبب طول بلائه .. وتسويل الشيطان أنه تعالى لا يبتلي
الأنبياء. (البحر
المحيط ج9 ص161).
9- قال الإمام بن عجيبة رحمه الله (المتوفى: 1224هـ):
- وإسناده إلى الشيطان .. على طريق الأدب في إسناد ما كان
فيه كمال إلى الله تعالى، وما كان فيه نقص إلى الشيطان أو غيره .. كقول الخليل: (وَإِذا مَرِضْتُ) الشعراء:80 ..، ولم يقل:
أمرضني.. وكقول يوشع عليه السلام: (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا
الشَّيْطانُ) الكهف:63 ..، وفي الحقيقة: كلٌّ من عند
الله.
- وقيل: أراد ما كان يوسوس به إليه في
مرضه .. من تعظيم ما نزل به من البلاء .. ويغريه على الكراهة والجَزَع .. فالتجأ
إلى الله في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء، أو بدفعه وردّه بالصبر الجميل.
- ورُوي: أنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين،
فارتدّ أحدهم، فسأل عنه، فقيل: ألقى إليه الشيطان: أن الله لا يبتلي الأنبياء
والصالحين، فشكا ذلك إلى ربه. (تفسير البحر المديد ج9 ص32).
- معنى (الجَزَع): هو مرارة الشكوى اعتراضا على ما
هو عليه من ابتلاء.
10- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى : 1393هـ):
- وظاهر إسناد المس بالنصب والعذاب إلى
الشيطان .. أن الشيطان مس أيوب بهما .. أي أصابه بهما حقيقة .. مع
أن النصب والعذاب هما الماسان أيوب .. ففي سورة الأنبياء:83 .. (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّر) فأسند المس إلى الضر .. والضر
هو النصب والعذاب.
#- وترددت أفهام المفسرين في معنى إسناد
المس بالنصب والعذاب إلى الشيطان .. فإن الشيطان لا تأثير له في بني
آدم بغير الوسوسة .. كما هو مقرر من مكرر آيات القرآن .. وليس النصب والعذاب من
الوسوسة ولا من آثارها.
- وتأولوا ذلك على أقوال .. تتجاوز العشرة وفي أكثرها سماجة
وكلها مبني على حملهم الباء في قوله: (بنصب) على أنها باء التعدية لتعدية
فعل مسني .. أو باء الآلة مثل: ضربه بالعصا .. أو يؤول النصب والعذاب إلى معنى
المفعول الثاني من باب أعطى.
#-
والوجه عندي:
- أن تحمل الباء على معنى السببية .. بجعل النصب والعذاب مسببين لمس الشيطان إياه
.. أي مسني بوسواس سببه نصب وعذاب .. فجعل الشيطان يوسوس إلى أيوب بتعظيم النصب
والعذاب عنده .. ويلقي إليه أنه لم يكن مستحقا لذلك العذاب .. ليلقي في نفس أيوب
سوء الظن بالله أو السخط من ذلك.
- أو تُحمَل الباء على المصاحبة .. أي مسني بوسوسة مصاحبة لضر وعذاب
..
#- ففي قول أيوب (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ
بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) كناية لطيفة عن طلب لطف الله به
ورفع النصب والعذاب عنه .. بأنهما صارا مدخلا للشيطان إلى نفسه .. فطلب العصمة من ذلك
على نحو قول يوسف عليه السلام: (وَإِلَّا
تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) يوسف:33.
- وتنوين "نصب وعذاب" .. للتعظيم أو للنوعية .. وعدل
عن تعريفهما لأنهما معلومان لله.
- وجملة (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) إلخ .. مقولة لقول محذوف .. أي
قلنا له اركض برجلك .. وذلك إيذان بأن هذا استجابة لدعائه. (التحرير والتنوير ج23 ص270).
@- تفسير لبعض كلام الإمام الطاهر بن عاشور:
أ- قوله (الباء لتعدية فعل مسني – إلى
قوله المفعول الثاني): المقصد هو أن الفاعل هو الشيطان لهذا النصب
والعذاب مهما كان تأويل حرف الباء في الحالات الثلاثة المذكورة ..
ب- قوله (بجعل النصب
والعذاب مسببين لمس الشيطان): أي لما حدث لأيوب النصب والعذاب أتاه الشيطان
ليوسوس له مستغلا ضعفه في تلك الحالة.
ج- قوله (مسني بوسوسة
مصاحبة لضر وعذاب): أي صاحب ظهور النصب والعذاب ظهور وسوسة من الشيطان..
(وهو نفس المعنى السابق في "ب").
د- قوله (عدل عن
تعريفهما) : أي لم يقل مسه الشيطان بالنصب
وبالعذاب "أي لم يضع الألف واللام لكلمة نصب وعذاب".
11- قال الإمام الشعراوي رحمه الله (المتوفى: 1419هـ):
ومعنى (أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)
ص:41 ,,
- المسُّ: هو الالتقاء الهيِّن الخفيف،
يعني هو دون اللمس.
- قالوا: لأنه مرض مرضاً شديداً أثَّر في إهابه (أي
جلده) .. فكان الشيطان يحوم حوله بخواطر السوء يقول له: كيف يفعل الله بك هذا
وأنت رسول، كيف يتركك هكذا دون أنْ يشفيك.
- وهكذا اجتمع على سيدنا أيوب ألم الجلد وعذابه الجسدي .. وهواجس الشيطان في
خواطره النفسية.
- لذلك قال: (بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ص:41 .. ونُصْب بالضم مثل نَصَب بالفتح
والنَّصَّب التعب.. فهي مثل بُخْل وبَخَل .. الاثنان بمعنى واحد.
- وقالوا في مسِّ الشيطان: إن الفعل على الحقيقة لله تعالى، فالله هو الذي يفعل،
والشيطان بوسوسته سبب .. والله تعالى هو المسبِّب ..
- فمَسُّ الشيطان
يعني وسوسته التي شغلتْ خاطر سيدنا أيوب ..
فكأن الحق سبحانه أراد من أيوب أنْ يتنبه إلى
أن هذه الوسوسة ما كان يصح أنْ تمرَّ بخاطره.
- وسيدنا أيوب لما اجتمع عليه المرض ووسوسة الشيطان ضَعُفَ .. فتوجَّه إلى ربه
يدعوه أنْ يقطعَ عن نفسه وسوسة الشيطان لأنها تحتاج إلى مدافعة .. والمدافعة تحتاج
إلى قوة .. والقوة عنده مرهونة بالمرض .. ولذلك دعا الله حتى لا يزدادَ ضعفه بوسوسة
الشيطان .. فلما دعا الله أجابه: (ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا
مُغْتَسَلٌ...). (تفسير الشعراوي ج21 ص12953- مع
توضيح مني لشرح كلمة (إهاب) ).
12- قال الدكتور محمد محمود حجازي رحمه الله
(المتوفى:1392 هـ):
- للناس فيما يقصون عن أيوب
طريقان ..
- أحدهما يقول: إن أيوب مسه الشيطان في بدنه
وماله بنصب وعذاب .. ثم يرسلون خيالهم في تصوير المرض الذي أصابه حتى نفر الناس
منه إلى أبعد الحدود المعقولة وغير المعقولة .. وهذا بلا شك باطل وأي باطل لا
يستسغيه عقل مسلم ..
- فإنا نعتقد أن النبي يستحيل عليه أن يصاب
بمرض جسمي ينفر فإنه أرسل ليهدي الخلق ويحتك بهم .. فليس من الجائز عقلا أن يكون
بحيث ينفر منه الناس .. وهل يقدر الشيطان على البلاء بالمرض إلى هذا الحد .. لو
كان كذلك ما الذي منعه من إصابة أعدائه الألداء جميعا كالأنبياء والمرسلين والهداة
والمرشدين بهذا أو أشد منه ؟ فإنهم أعداء حقيقة ..
- وكيف يتصور مسلم في الشيطان غير ما حدده له ربه حيث يقول: (ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ
سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) يوسف:22 ..، فقد صرح الله بأنه
لا قدرة له في حق البشر إلا على إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة قال: (فَبِعِزَّتِكَ
لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ص:82-83 .
- وعلى هذا الأساس .. فالمعقول في قصة أيوب هو أن الله
أمر محمدا صلّى الله عليه وسلّم أن يذكر عبده الممتثل لأمره أيوب وقت أن نادى
مستغيثا به: (أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب) مسه الشيطان بوسوسته وإلقاء
الخواطر الفاسدة في ذهنه ..
- وإبليس وجنده يتحينون الفرص ..
ويطرقون لكل إنسانا بابا خاصا به. ويدخلون عليه من
النقطة الضعيفة عنده.
- والله أعلم - هل دخل الشيطان على أيوب من جهة
بدنه إذ كان مريضا صابرا .. أو من جهة ماله أو ولده .. أو من جهة قومه ودعوته لهم ؟
.الله أعلم. (التفسير
الواضح ج3 ص243-244).
13- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله (المتوفى:
ربيع الأول 1431 هـ):
- وقوله سبحانه: (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) ... معطوف على قوله تعالى قبل ذلك: (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ....).
- و"النّصب" - بضم فسكون- وقرأ حفص ونافع-
بضم النون والصاد: التعب والمشقة مأخوذ من قولهم أنصبني الأمر .. إذا شق عليه
وأتعبه.
- والعذاب: الآلام الشديدة التي يحس بها
الإنسان في بدنه.
-
أي: واذكر- أيها الرسول الكريم- حال أخيك أيوب-
عليه السلام- حين دعا ربه- تعالى- فقال: يا رب أنت تعلم أنى مسنى الشيطان بالهموم
الشديدة، وبالآلام المبرحة التي حلت بجسدي فجعلتني في نهاية التعب والمرض.
- وجمع- سبحانه- في بيان ما أصابه بين
لفظي النصب والعذاب .. للإشارة إلى أنه قد أصيب بنوعين من المكروه: الغم الشديد بسبب
زوال الخيرات التي كانت بين يديه .. وهو ما يشير إليه لفظ "النصب" ..،
والألم الكثير الذي حل بجسده بسبب الأمراض والأسقام، والعلل، وهو ما يشير إليه لفظ
"العذاب".
-
ونسب ما مسه من نصب وعذاب إلى الشيطان .. تأدبا منه مع ربه- عز وجل- حيث
أبى أن ينسب الشر إليه- سبحانه-، وإن كان الكل من خلق الله- تعالى-.
- وفي
هذا النداء من أيوب لربه .. أسمى ألوان الأدب والإجلال، إذ
اكتفى في تضرعه بشرح حاله دون أن يزيد على ذلك، ودون أن يقترح على خالقه- عز وجل-
شيئا معينا، أو يطلب شيئا معينا.
- قال صاحب الكشاف: ألطف أيوب- عليه السلام- في
السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة.. ولم يصرح بالمطلوب.
- ويحكى أن عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد
الملك فقالت له: يا أمير المؤمنين، مشت جرذان- أي فئران- بيتي على
العصا!! فقال لها: ألطفت في السؤال، لا جرم لأجعلنها تثب وثب الفهود، وملأ بيتها
حبا .( تفسير الكشاف ج 3 ص 130).
- وشبيه بهذه الآية قوله تعالى في سورة
الأنبياء: (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ
وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
- وقد
ذكر بعض المفسرين هنا قصصا وأقوالا في غاية السقوط والفساد .. حيث ذكروا أن أيوب- عليه السلام-
مرض زمنا طويلا، وأن الديدان تناثرت من جسده، وأن لحمه قد تمزق. (راجع على سبيل
المثال تفسير الآلوسي ج 23 ص 306، والقرطبي ج 15 ص 208).
- وهذه
كلها أقوال باطلة .. لأن الله- تعالى- عصم أنبياءه من
الأمراض المنفرة .. التي تؤدى إلى ابتعاد الناس عنهم ..سواء أكانت أمراضا جسدية أم
عصبية أم نفسية..
- والذي يجب اعتقاده: أن الله- تعالى- قد ابتلى عبده
أيوب ببعض الأمراض التي لا
تتنافى مع منصب النبوة .. وقد صبر أيوب على ذلك حتى ضرب به المثل في الصبر
.. فكانت عاقبة صبره أن رفع الله- تعالى- عنه الضر والبلاء .. وأعطاه من فضله
الكثير من نعمه. (التفسير
الوسيط ج12 ص166-168).
14- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. ما أميل إليه من الآراء:
- الذي أحسبه والله أعلم – أن قوله (مسني الشيطان) .. يقصد به وسوسة الشيطان للمجتمع من حوله حتى
ابتعد عنه المقربين جميعا .. وهذا سبب له تعبا وألما نفسيا شديدا فوق ضُره الجسدي
المرهق والمؤلم له ..
- أما عن الرأي القائل بأن
الوسوسة من الشيطان .. أنما حدثت لأيوب فعصى ربه فكانت هذه المعصية سببا في
حدوث النصب والعذاب .. فهذا من أبعد ما يكون .. وقد أشار لذلك الإمام الزمخشري
وأوضحت سبب عدم قبول هذا الرأي .. ولعله تأثر مما جاء في بعض الروايات المزيفة
التي قالت بأنه داهن أحد الملوك أو لم يستضيف فقراء للطعام او ما شابه ذلك مما
ذكرناه في فصل سابق.
- أما عن الرأي الآخر القائل بأن
الوسوسة .. كانت أثناء مرضه في محاولة من الشيطان لإحباطه في رحمة ربه ولم يتمكن من
أيوب .. وإن كان هذا رأي مقبول ومحتمل .. إلا أنه عن نفسي لا أميل لذلك بأن الشيطان ظل يوسوس ليؤثر
عليه حتى يقنط من رحمة الله ..، إذ أن كون وصف القرآن للنبي أيوب بأنه أواب ..
فهذا معناه تعلق أيوب الدائم بقلبه لربه .. ومن كان هذا حاله فأي وسواس هذا الذي
يقترب منه ؟!! وحتى لو اقترب منه الوسواس فهو باب إرادة الله له أن يجاهد الوسواس ليرفع
درجته بهذه المجاهدة .. فيكون الوسواس هنا على فترات وليس طوال فترة المرض .. والله
أعلم.
- والرأي القائل بأن الشيطان
مس أيوب فعلا بالتمكين منه بالنصب والعذاب .. فهذا من أبطل وأحقر ما يقال في نبي من أنبياء
الله بأنه النبي الممسوس بالشيطان وذلك لمخالفته القرآن فضلا عن أن الأسوياء قلبا
وعقلا يرفضوه .. وسيأتي كلام عليه منفردا في السؤال التالي إن شاء الله.
- والحقيقة أن أفضل ما قرأته .. وأحسبه رأي فريد ومميز ويتفق مع مقام النبوة
.. وهو ما أميل إليه هو ما ذهب إليه الإمام بن حيان الأندلسي في تفسيره .. ومما
يؤيد كلام الإمام بن حيان الأندلسي رحمه الله .. هو ما أجده في قوله تعالى: (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى
الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ
آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً
لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) الحج:52-53.
- ولا مانع إضافة لما سبق .. أن يكون الشيطان وسوس في نفوس من حوله بأن
مرضه معدي وقد يصيب من يجالسه هذا المرض فامتنعوا من المجيء إليه .. والله أعلم .
- وكأن أيوب كان يقول: ربي قد مسني الشيطان بوسوسته
بسبب ما نزل بي من الضر وهذا حالي بين يديك والشيطان يؤثر فيمن حولي بما أصابني من
غم النفس وتعب الجسد وآلامه .. فأخذ يوسوس لأصحابي وأحبائي ومجتمعي
بفتنة تسير فيهم بأنني لو كنت نبيا ما كان حدث معي ما حدث وما كان الله ليتركني
على ما أنا عليه .. وألقى في نفوسهم أن بي من مرض هو فيه عدوى لهم توهما منهم لذلك
فهجروني .. وأخاف قلة التوفيق في إيصال دعوتك إلى الناس بسبب ما أصابني وما ظنه بي
الناس بسبب هذا الضُّر الذي نزل بي .. وأنت أرحم الراحمين.
- والله أعلم.
#- خلاصة القول:
1- أن عامة علماء المسلمين .. ينكرون مسألة مس الشيطان لأيوب بمعنى اتلاف
جسده وقتل أبناءه وافساد ماله .. لأنه غير معقول ومناقض للقرآن أي معارض له ..
ولأن أصحاب الرأي الذين قالوا بحدوث مس فعلا من الشيطان كان مستندهم للباطل المحض
من خلال روايات ما بين مكذوبة أو ضعيفة جدا .. لا يمكن أن يصدقها عاقل فضلا عن
مؤمن ..!!
2- وقبل أن أتكلم عن الروايات الخبيثة التي كانت سببا في قول البعض بأن النبي أيوب مسه الشيطان فعلا .. فأذكر لك من كلام العلماء وما جال بخاطري ما يبطل تصور أن يكون الشيطان قد مس أيوب عليه السلام بالتأثير فيه سواء ظاهرا أو باطنا .. والله ولي التوفيق.
************************
..:: س10: لماذا يستحيل الظن بأن الشيطان
قد مس أيوب عليه السلام بالتمكين منه فعلا في نفسه وماله وأهله ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الذي مس أيوب هو الضر المصحوب
بنصب وعذاب .. ثم ترتب على هذا الضر مس من الشيطان بالوسوسة .. كما قال غالب المحققين .. ولهم
أسباب قوية لم يجب عليها أحد من أصحاب الرأي القائل بمس الشيطان فعلا لأيوب وجعلوه
النبي الممسوس ولكن هم الأطهار وأصحاب الفضيلة ..!!
- وأذكر لك هنا أخي الحبيب
بعضا من كلام المخلصين من العلماء الذي طهروا أيوب عليه السلام من لوث وحقارة
ما نسبوه أصحاب الرأي الآخر الذين جعلوا أيوب النبي الممسوس بالشيطان ..!!
#- فمما
قاله السادة العلماء:
1- أن الظن بأن الشيطان مس أيوب
بالتعب والرهق وآلام الجسد .. فهذا معناه أنه أصبح متصرف في النبي أيوب بالسلب .. وإذا
كان متصرفا فيه بالسلب فهذا معناه انه كان هو الذي وهبه ما كان فيه من نعمة من قبل
.. وبهذا تسقط الربوبية بأكملها من نفوس البشر .. ويكون الذي فعل ذلك مع أيوب وهو
من صفوة الخلق فهو يفعله مع باقي الخلق ..!!
2- الظن بأن الشيطان مس أيوب
.. فهذا مخالف ومعارض للقرآن .. ويكون فيه تكذيب صريح لكلام الله لمن يقول ان
الشيطان مس أيوب عليه السلام .. ليه ؟
أ- لأن الله قال: (إِنَّهُ لَيْسَ
لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.
إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ
مُشْرِكُونَ) النحل 99 – 100.
#- فهل كان أيوب ليس من
المؤمنين المتوكلين على ربهم حقا ؟ أم كان من الذين تولوا الشيطان فكان من المشركين
؟!!
- بكل تأكيد .. لا .. فلماذا يقال أن النبي أيوب مسه الشيطان بالتصريف
فيه وفي أملاكه فأفسدها وأقاربه فقتلهم ؟!!
ب- ولأن الله قال: (إِنَّ عِبَادِي
لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) الحجر 42 ..، وقال: (إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) الإسراء 65.
- وأيوب ليس من الغاوين .. بل من عباد الله المخلصين الذين لا سلطان
للشيطان عليهم .
3- قال تعالى: (وَقَالَ
الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ
وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ
إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي
كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ) إبراهيم 22
#-
سلطة الشيطان على عموم البشر بالوسوسة .. تكون دون أن يتمكن منهم أي دون أن يجعلهم
يتبعونه كراهية عنهم .. لأن الوسوسة يتسلط بها على سبيل الإختيار للناس بأن يقبلوا
هذه الوسوسة أو يرفضوها دون إجبار منه لهم على قبولها ..، فإذا كان هذا حاله مع
عموم البشر وأقصى ما يستطيع فعله هو الوسوسة دون تمكين .. فكيف يقال حينئذ أن سلطة
الشيطان على النبي أيوب كانت سلطة تمكين في جسده فأفسده وأقعده بائسا متألما في كل
جسده بل وقتل أبناءه وأتلف ماله وجلس شامتا فيه ؟!!
- فكيف لمؤمن بكلام الله السابق
في سورة إبراهيم .. يتصور إمكانية أن يتمكن الشيطان من جسد أيوب فيتلاعب
به ؟!! كيف يُعقل ذلك ؟!
4- طالما الشيطان يستطيع أن
يقتل ويفسد ويدمر ويمرض .. فلماذا لم يفعل ذلك مع كل الأنبياء والرسل
والأولياء والصالحين ؟!!
#- إذا كان ما سبق هو مجموع من كلام العلماء بصورة مختصره .. إلا أن لي
مزيد من الردود على ما تفضل به السادة العلماء .. فأقول وبالله التوفيق:
1- (قلت خالد): والذي يدلك على بطلان مس
الشيطان لأيوب بيقين بخلاف ما سبق (وطبعا يكفينا ما سبق من القرآن)
.. إلا أن
طريقة علاج أيوب تفضح من قال بأن الشيطان مس أيوب فعلا .. إذ أن العلاج بأي مسيس
من الشيطان لأي رسول إنما يكون بالإستعاذة بالله واللجوء إليه بدليل قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
فصلت:36.
- ولكن لما كانت طريقة العلاج
هي بأسباب مادية فقط دون دعاء ولا غيره .. فقد دل ذلك على أن هذا لم يكن
من فعل الشيطان بأيوب .. كما قال من كذب على أيوب ووصفه بالنبي الممسوس وحاشاه
عليه السلام ..
2- (قلت خالد): ولو كان الشيطان مس أيوب
بفعل فيه .. لكان مس باطنه بالتأثير عليه في باطنه فأفسده وليس ظاهره
فقط .. لأن طريقة علاج أيوب كانت بالإغتسال والشرب (هَذَا
مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) ص:42 ..، فإذا كان الشيطان مس ظاهر أيوب وباطنه فأفسدهما
.. فنحن حينئذ لا نتكلم عن نبي .. وإنما عن شخص تلاعب به الشيطان ظاهرا وباطنا
فأفسده .. فإذا كان هذا فعل الشيطان بنبي الله .. فما هو فعل الشيطان بالكافر
بالله ؟!!
3- (قلت خالد): معلوم من القرآن ..
أن الشيطان يتسلط على المجتمع المحيط بالنبي بوسوسته في نفوس من يعرض عليهم
الدعوة .. وليس على النبي .. ودليل هذا كلام الله إذ قال تعالى: (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى
الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ
آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً
لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ
مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ
الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الحج52-54.
- فكان مما سبق .. صح نسبة إلقاء الشبهات في النفوس لمنع الناس من معرفة الحق.
#- والمعنى من التفسير الميسر:
- وما أرسلنا من قبلك - أيها الرسول - من رسول ولا نبي إلا إذا قرأ
كتاب الله ألقى الشيطان في قراءته الوساوس والشبهات .. ليصدَّ الناس عن اتباع ما
يقرأه ويتلوه، لكن الله يبطل كيد الشيطان، فيزيل وساوسه، ويثبت آياته الواضحات.
والله عليم بما كان ويكون، لا تخفى عليه خافية، حكيم في تقديره وأمره.
- وما كان هذا الفعل مِنَ الشيطان
.. إلا ليجعله الله اختبارًا للذين في قلوبهم شك ونفاق، ولقساة القلوب من
المشركين الذين لا يؤثِّرُ فيهم زجر. وإن الظالمين مِن هؤلاء وأولئك في عداوة
شديدة لله ورسوله وخلافٍ للحق بعيد عن الصواب.
- وليعلم أهل العلم الذين يفرقون بعلمهم بين الحق والباطل أن القرآن
الكريم هو الحق النازل من عند الله عليك أيها الرسول، لا شبهة فيه، ولا سبيل
للشيطان إليه، فيزداد به إيمانهم، وتخضع له قلوبهم. وإن الله لهادي الذين آمنوا به
وبرسوله إلى طريق الحق الواضح، وهو الإسلام ينقذهم به من الضلال. (انتهى النقل من التفسير).
4- (قلت خالد): لو كان الشيطان هو الفاعل
بأيوب النصب والعذاب .. فهذا معناه أن نتهم موسى بأنه شيطان أو ممسوسا بالشيطان
.. وحاشاه عليه السلام .. لأن موسى بعد أن دفع المصري بقبضة يده فقضى عليه .. قال
موسى: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) القصص:15..
وطالما موسى هو من دفع المصري وكان سبب في موته .. فموسى كان شيطان أو ممسوسا بشيطان
حسب مفهوم من قال أن أيوب ممسوس بالشيطان .. وهذا كلام باطل وكذب بكل تأكيد.
- فافهم وكن بصير ولا تتبع سبيل
من أهان الأنبياء وحقر من شأنهم .. لغلبة الهوى في نفسه.. ويكذب عليك قائلا أن القرآن قال بذلك .. لا
.. بل شيطانه هو من قاله له هذا لتعظيم مقام الشيطان على مقام الأنبياء.
5- (قلت خالد): كيف يكون
للشيطان سلطان على النبي بالتمكين فيه .. في حين قال النبي صلى الله عليه
وسلم: (الحَمْدُ للهِ الَّذي رَدَّ كَيْدَه إلى الوَسْوَسةِ) رواه أحمد .. وقال محققو
المسند: إسناده صحيح .. ؟!!
6- (قلت خالد): لو كان
للشيطان سلطة تصرف في الإنسان .. لسقط التكليف كله .. لأن الإنسان أصبح مقهورا
من الشيطان حينئذ ولا حيلة له .. وهذا من الكذب الكبير على الله حينئذ .. لأن فيه
اتهام لله بأنه ظالم لأنه يكون قهرنا ثم يحاسبنا .. فأين العدل حينئذ ؟!!
7- (قلت خالد): لو كان مس الشيطان لأيوب بفعل حقيقي في جسده وأصابه بمرض .. فهذا معناه اعتراف بالآتي:
- اعتراف بقدرة الشيطان على التأثير بذاته
في عالم المادة فيغير منها بالتلف والفساد .. وإذا كان هذا حال فعله مع الأنبياء فلا عجب
حينئذ أن نقول أن الشر كله من فعل الشيطان حينئذ .. طالما استبحنا القول بأن
للشيطان تأثير في عالم المادة بإتلافها وتدميرها ..!!
- وهذا تصور ما أظن أن يقول به واقع ولا عاقل
!!
8- (قلت خالد): الظن بأن
الشيطان عذب النبي أيوب وهو يستمتع بعذابه حتى ولو فترة قصيرة من الزمان .. فهذا في حد
ذاته انتصارا للشيطان على نبي وإهانة له وتمكينا منه بالقهر ..
- فكيف لمؤمن عاقل يصدق هذا الكلام ؟!!
9- (قلت خالد): إذا سألت من
اتهموا أيوب عليه السلام بأنه النبي الممسوس بالشيطان (وحاشاه) .. هل تقبلون أن يقال عنكم ممسوسين
بالشيطان إذا أصابكم أي سوء ؟ ستجدهم يغضبون ويعلون بأصواتهم .. وذلك لحقارة
نفوسهم .. إذ رفضوا أن يقال عنهم ذلك .. ولكنهم ارتضوا أن يقال ذلك في نبي الله
أيوب عليه السلام ..!!
- فيا لهم من نفوس .......!!
#- والآن .. يأتي سؤال مهم: ما الذي جعل البعض يتجرأ على أيوب عليه
السلام بخرافة أن الشيطان مس أيوب فعلا في جسده .. فجعلوه ممسوس بالشيطان ؟!!
- تعالى معي أخي الحبيب .. لأدهشك .. من أين جابوا الخرافات التي نسبوها
لأيوب عليه السلام ..!!
*****************
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بكل خير
ردحذف------
قلت خالد): معلوم من القرآن .. أن الشيطان يتسلط على المجتمع المحيط بالنبي بوسوسته في نفوس من يعرض عليهم الدعوة .. وليس على النبي .. ودليل هذا كلام الله إذ قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الحج52-54.
-----------
وهذا ما يميل له قلبي أن الشيطان حين يئس من سيدنا أيوب سلط عليه المجمتع المحيط به بوساوسه وربما لقي من الأذى النفسي والكلام ما جعله يتوجه لمناجاة الله والله اعلم
ربنا يمدك بالمدد
ردحذفبارك الله فيك استاذ خالد ورزقك مزيد من العلم والفهم .
ردحذفقرأت الجزء الاول والثاني والثالث وعندما أنهيت الرابع قذف الله في قلبي هذا السؤال اين عصمة الله لانبيائه ؟وهل يعقل ان يترك الله ايوب عليه السلام للشيطان وتكون له الغلبه والتصرف كما يحلو له ويريد والله سبحانه وتعالى يقول (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين
)اي لا سبيل لك عليهم ولا وصول لك إليهم الا الغاوين الذين عرفوا الحق وتركوه واصروا واستكبروا عن اتباع كلام الله . ووجدتك اليوم تكتب في هذه الجزئيه في الجزء الخامس . معنى ذلك كأنه يقول له افعل ماشئت مع الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين ......الخ وعندها لسقط الجميع في فخ اللعين ولن يكون هناك داعي للتكليف ولا تمايز ولا مقامات لان الكل يصبح سواسيه والكل ممسوس من ابليس .نحن على يقين وتصديق تاما لا مزايدة عليه ان رسل الله لهم العصمة فهم معصومون محفوظون من الله وليس للشيطان غلبه عليهم ومن يقل خلاف ذلك فهو لاشك مصاب بضرب من ضروب الخبال.
في انتظار الجزء السادس اعانك الله ووفقك لما يحب ويرضى .
شكرا جزيلاً استاذ خالد
ردحذفجزاك الله خيرا .. وزادك علما ونورا .. آمين
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
ليطمئن قلبك ❤️
ردحذفلا خسارة في طريقٍ سِرنا بهِ إلى الله ..
السادة الأفاضل:
ردحذف- تم اضافة جزئية في السؤال س9 .. وهو اضافة قول الإمام الزمخشري والتعقيب عليه .. مع أعادة تنظيم الرأي الخاص بي ..
- أي ما تم التعديل عليه البند رقم 8 ، 9 في السؤل التاسع.
=====================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
السلام عليكم ، ارى يا استاذ انك تنكر تلبس شيطان الجن بالانس وانا اتفق معك بنص القرآن والسنة .لكنني ارى تناقضات في كلامك حيث انك تؤمن بوجود السحر وبتسليط الجن من طرف الساحر على المسحور عن طريق الطلاسم و ان الجن يخدم الساحر وانه هناك سحر مرشوش مدفون الى اخره وليس هناك دليل شرعي على دلك. ارجوا منكم الاستفسار.
ردحذفوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
حذفأخي الفاضل لسكامي ..
- نعم انكر ما يسمى تلبس الجن بالإنس .. ولا أنكر مس الشيطان للإنس ..
- وما وجه التناقض في كلامي إن كنت أؤمن بالسحر ؟ إذا كان من لا يؤمن بالسحر قد كفر بالقرآن .. لأنه معلوم من القرآن بالضرورة .. وأكيد حضرتك فاهم الكلام ده ..
- أما عن أنواع السحر وبغض النظر عن عما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم وأن سحره كان مدفون ..
- ولكن ما علاقة الدليل الشرعي .. بمسألة انواع السحر وطرقه ومسائله .. مع ملاحظة: أن ليس كل سحر يتبعه شيطان .. كما أنت تصورت ذلك ..!!
- فالسؤال عن الدليل الشرعي .. يتم سؤاله حينما نتكلم عن (قال الله وقال الرسول أو شيء ننسبه للدين) .. فهنا يقال أين الدليل الشرعي لأنك تطلب حجة على بيان ما هو من الشرع ..، أو لبيان حكم الدين في مسألة معينة لبيان كونها تخالف الدين أو فيها شبهة أو ما شابه ذلك .. فمع الحكم يُطلب إثبات الدليل .. !!
- فلا نذهب للطبيب او للمهندس ونقول له هات الدليل الشرعي على أنك طبيب أو مهندس ..!!
- هذا والله أعلم.
- تحياتي لك.
--------------------------------------
اللهم صل على سبدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
ردحذفلقد أزلت الشبهة واللبس فيما اختلط علي فهمه بتناولك مختلف كلام العلماء .. زادك الله من فضله ..
واكثر كلام اعجبني واطمأن له قلبي في قوله تعالى ( مَسَّنِیَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بِنُصۡبࣲ وَعَذَابٍ ) .. اسناده الى الشيطان على طريق الأدب ..
اذن .. علينا ان نوقن بأن الشيطان ليس له تأثير ظاهري ولا باطني على اي نبي ورسول .. ولا نأخذ الآية على ظاهرها في حق الانبياء والرسل .. بل ضرورة اليقين بحفظ الله لهم من الشيطان ..
وان الوسوسة من انواع الضُر الذي مس سيدنا ايوب وليست من مسببات الضرر في جسده ولا ماله .. انما كان ارهاق وألم نفسي .. بعد أن شقّ عليه حال بعض المحيطين به وارتدادهم .. فالنبي او الرسول .. فحتما يتحمل البلاء في نفسه ويصبر عليه .. لكنه اشد خوفا وألما على غيره من ان يفتتنوا فلا يصبروا ..
فتوسل الى الله شفقة على قومه .. وتوسل بالله .. لأن وساوس الشيطان لا تندفع إلا بالله .. وتأدب حين أسند مافيه للشيطان .. واكتفى بأن جعل رجاءه ( رفع الضر ) في قلبه .. واستأنس بذكر ربه أرحم الراحمين .. فاستجيب له ..
=====================
# وكأن الله يريد ان يعلمني من آيات قصة سيدنا ايوب :
@ ان الانسان مهما بلغ من حال ومقام .. فهو ضعيف وممكن ان يتعرض لأي اذى او ابتلاء او وسوسة شيطان .
@ ان استرسال الإنسان واستسلامه لوساوس الشيطان يمكن ان يصيبه النُصب والعذاب المادي والمعنوي .. طبعا مع الايمان واليقين بأن المؤثر في الجسد والفاعل هو ألله وليس الشيطان ..
@ ويعلمني ان الشكوى لله من ضيق الحال جائزة .. وان ارقى وابلغ وأجمل مظاهر الشكوى هي ماكان بالتوسل باسماء الله تعالى وصفاته ثناءا وإلحاحا بلا طلب بعينه ؛ يعني من غير طلب رفع الأذى او الشر .. فالله عليم بما في نفسي ..
.
@ ويعلمني كيف اتوجه اليه اذا تعرضت لأي ابتلاء :
- عند الوسواس : بأن التوجه الى الله ودعائه هو المنجى من الشيطان واغوائه ..
- وان اتأدب مع الله .. ولا أنسب اليه الشر والمعاناة .. بل الشر والتقصير في نفسي سابق والشيطان لها لاحق ..
@ ويعلمني بأن رحمة الله قريبة من المبتلين المؤمنين .. كنبع الماء في بيت ايوب بعد أن نادى وكان من المتوسلين ..
هذا .. والله اعلم
جزاكم الله خيرا استاذنا خالد
ردحذف==============
1- قوله " مسني الشيطان " .. كان يقصد بها الوسوسة غير المباشرة لسيدنا أيوب عليه السلام عن طريق الأهل و الاحباب و الأصحاب و المجتمع.
2- هل الشيطان كان يظن و يعتقد أنه سينجح في جعل سيدنا ايوب عليه السلام يتراجع عن تبليغ الدعوة .. ألا يعتبر هذا نوع من تحدي الشيطان لله و نقضه للوعد الذي قطعه على رب العالمين بأن لا يقترب من المخلصين .. " قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " الحجر 39-40 .. .. و لا هو يتحايل على وعده بأن لا يغوي المخلص مباشرة و يلتف على اللي حواليه و يغويهم و يسلطهم عليه.
3- ما فهمته من الموضوع .. أن سيدنا ايوب لم يكن يشغله ما اصابه .. بقدرم ما أنه كان يخاف ان ما اصابه قد يقف حجرة عثرة أمام تبليغه الدعوة للناس .. يعني كان جل تفكيره في انجاح مهمته و استمرار دعوته الناس إلى الحق سبحانه .. عكس ما كنا نظنه .. بأن همه كان التخلص من ما أصابه فقط ..
بحيث احيانا لما تقل لشخص اصبر على ما ابتلاك به الله .. فيرد عليك بالقول " كيف تقول لي اصبر .. و النبي ايوب عليه السلام لم يصبر على الابتلاء و لم يتحمل الالام و كلام من هذا القبيل ... إن كان هذا نبي فما بالنا نحن .. "
===================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
{ مَسَّنِیَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بِنُصۡبࣲ وَعَذَابٍ }
ردحذفراق لي .. كلام الامام ابن عجيبة :
وإسناده إلى الشيطان .. على طريق الأدب في إسناد ما كان فيه كمال إلى الله تعالى، وما كان فيه نقص إلى الشيطان أو غيره .. كقول الخليل: (وَإِذا مَرِضْتُ) الشعراء:80 ..، ولم يقل: أمرضني.. وكقول يوشع عليه السلام: (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ) الكهف:63 ..، وفي الحقيقة: كلٌّ من عند الله .
وراق لي : قول الامام احمد بن عمر :
- إن من آداب العبودية .. إجلال الربوبية وإعظامها عن إحالة الضرر والبلاء والمحن عليها إلا على الشيطان .. كما قال يوسف: (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) يوسف:100 ..، وقال يوشع عليه السلام: (وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ) الكهف:63 ..، وقال موسى عليه السلام: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ..
هذا .. والله أعلم
الذي أحسبه والله أعلم – أن قوله (مسني الشيطان) .. يقصد به وسوسة الشيطان للمجتمع من حوله حتى ابتعد عنه المقربين جميعا وهذا سبب له تعبا وألما نفسيا شديدا فوق ضُره الجسدي المرهق والمؤلم له ..
ردحذفالأستاذ خالد أبوعوف
-------------------
وكأن قصة سيدنا أيوب أتت لتعلمنا درسا مهمها
- لا تحكم على طبيعة علاقة العبد مع ربه من خلال ما ينزل عليه من ابتلاء فربما ما تراه انت عقابا يكون له ترقي ومحبة وثوابا
-ربما من تراه ضعيفا او منبوذا ووحيدا هو الأقرب لله من غيره والأحب ( رب أشعث اغبر...) فإياك والمظاهر فإنها خداعة
- أحيانا يبتليك الله بإبتلاءا شديدا فتقابله بالرضا و التسليم فيكون لك ابتلاءا آخر فوق ذلك الابتلاء نتيجة رضاك وتسليمك وهو تسلط الناس عليك بما يؤذيك في نفسيتك
وكأن رضاك و تسليمك أيضا يحتاج لإمتحان أقوى وأشد لتثبت أكثر وترتقي أكثر وأكثر
وكأن الله يريد أن يعلمك أنك كما تعلمت أن تتقبل أقداره بكل رضا و تسليم( المرض، الفقر، الوحدة...،) عليك أن تتقلب ما يصيبك من أذى من غيرك بنفس الرضا والتسليم حتى يصبح ذلك مقاما لك وليس مجرد حال
- لا تكن عونا للشيطان على أخيك حين تراه في كرب و إبتلاء فبدل أن تكون سندا له وسببا في تثبيته تتخذ منهج الشيطان لتيؤسه من رحمة ربه او تشككه في محبة ربه له فلا تكن أنت الشيطان الذي يصيب أخاه بالنصب والعذاب
- إياك أن تستهين بكلامك او نظراتك او افعالك مع غيرك فقد تكون سببا في ألم نفسي يكون أثره أقوى من أي ألم عضوي ( ربما النبي أيوب تحمل الألم العضوي لسنين بكل حب لكن المه النفسي كان اقسى وابلغ)
- حين يتخلى عنك الخلق ويتسلط عليك الخلق تأكد أن الخالق أراد أن يتولى أمرك ويخليك منهم ويكون هو مددك وسندك فلا تلذ بغيره
-حتى إن لم تملك القدرة او تجد العزيمة في الدعاء فإياك أن يتوقف قلبك ولسانك عن التحدث ومناجاة مولاك
إن لم ينطق لسانك بالشكوى والدعاء فليتحدث بالحب و الوداد او فلتردد الإسم الأقرب لقلبك
والله اعلم
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب وعلى آله وسلم
ومما خطر ببالي عن قول سيدنا أيوب عليه السلام ( مسني الشيطان بنصب وعذاب)
ردحذفخطر ببالي قول سيدنا يوسف عليه السلام
(مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)
فنسب كل ما فعله أخوته به للشيطان
فرد كل ما ساؤه منهم لنزغ الشيطان لمعرفته بأن النفوس ضعيفة وتنساق لوساوسه
فكان هذا حال سيدنا أيوب عليه السلام
نسب ما أصابه من أهله او قومه للشيطان رحمة ورأفة بهم
وكأن هذا حال الانبياء لا يذكرون اهلهم و قومهم بسوء مهما بدى منهم ومهما لاقوا منهم
بل يرجعون ذلك للشيطان
لعلمهم بضعف النفس الانسانية فيكون ذلك نوع من الرحمة والرأفة بهم و التماس العذر لهم
ولعلمهم بأن دعائهم مستجاب و شكواهم لله مسموعة فلا يؤذونهم حتى لو ظلموا ( منتهى الرحمة مع من آذاهم قبل من أحسن لهم)
والله اعلم
ليطمئن قلبك ❤️
ردحذفواحدة من علامات صبركَ الجميل أن يراكَ الناس فيظنون أنكَ لا تَمُرّ بأي مشاكل في حياتكَ ..
أن يستوي حالكَ في النعمة والنقمة، فلا تحاول أن تثبت لمن حولكَ أنك تَمُرّ بالكثير من المشاكل لكنكَ ترضى وتتحمل ..
لا تحاول اثبات أي شيء لأي شخص ..
يكفيك عِلم الله بك، يكفيك من يراكَ ويرعاكَ ويرزقكَ ويحبكَ ويجبركَ ويرشدكَ إلى طريقه ..
البوح لله راحة، والبوح للناس شقاء ..🍃🌴🍃
سألت استاذي يوما :
ردحذفمن الذي لا يهزم ... ؟
فقال لي :
عبد أحب الله صادقا وأستمد قوته من الله ..!!
فسلاحه حب الله .."
وقوته رحمة الله .."
وسمعه وبصره . سمع وبصر الله .."
وأنتصاره ... بطشه بيد الله .."
فذاك عبد الله العاشق حقا .."
منقول
الابتلاءات تختلف والمضمون واحد وهوالتسليم والتوكل على الله واليقين وحسن الضن به،
ردحذفسبحانك يا رب..
سيدنا ايوب عليه السلام انسان مثلنا يحس ويتألم ويضعف.. لكنه اكيد صبره كان محبة من الله،
واقتداء بمن سبق في الابتلاء من الانبياء..
مثال سيدتنا مريم:
~فكلي واشربي وقري عينا~
هذا الخطاب موجه للأمرأة تنتضر مصيرا مجهولا قد تقذف، قد ترمى، قد تقتل وللتو خرجت من حالة مخاض مؤلمة ومع هذا
(فكلي واشربي وقري عينا)
تدريب نفسي
عجيب لو استشعرناه هان كل أمر نفكر به خاصة الاقدار الخارجة عن ارادتنا
اول الاية اثبات ان الحياة مستمرة مهما حصل
وآخر الآية دليل ان الروح تشفى بقلة الحديث
وإعتزال البشر مرحلة تتعلم فيها التسليم
سلم امرك لله
سبحانك رب سبحانك 🌿
{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}
ردحذف👈🏻إذا أرادَ اللهُ لك الفرج
خضعتْ كلُّ المستحيلات.♥️
ما بالك قد يئِستَ يا صاحبي؟!
ردحذفألم تعلم بأن الله على كل شيء قدير؟!
أليس الذي خلقك مِن العدم بقادرٍ على تفريج كربك وتحقيق رجائك؟!
بلى والله هو عليه هَيِّن ويسير ..
لستَ وحدك!
إن الله معك ، يسمعك ، يعلم حالك ، وهو بك لطيفٌ خبير ..
ثق بربك وفوِّض أمرك إليه ..
وربك حَيِي كريم، يستحي مِن عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرًا .
💜
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي وعلى اله وسلم 🌿
ردحذفطيب الله قلبك🤍ورفع قدرك وانار دربك بنوره يارب العالمين 🤲🏻
"اللهمَّ إليك أشكو ضعف قوّتي وقلّة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت ربّ المُستضعفين وأنت ربي إلى مَن تكلني إلى بعيدٍ يتجّهمني، أم إلى عدوٍّ ملكته أمري، إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أبالي، غير أنّ عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحلّ عليّ غضبك، أو ينزل بي سخطك، لك العُتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلّا بك".