ج2: قصة النبي أيوب عليه السلام - ما سبب ابتلاء النبي أيوب عليه السلام.

    بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

قصة النبي أيوب عليه السلام

بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية

- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -

- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -

- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب) -

(الفصل الثاني)

#- فهرس:

:: الفصل الثاني :: عن قصة أيوب عليه السلام .. عن سبب إبتلاء أيوب عليه السلام ::

1- س2: ما سبب ابتلاء النبي أيوب عليه السلام ؟

- أولا: قيل في بعض كتب التفاسير أن ابتلاء النبي أيوب كان له سبب.

- ثانيا: تعليق على الظنون المذكورة في سبب ابتلاء النبي أيوب عليه السلام.

- ثالثا: سبب أو حكمة ابتلاء أيوب عليه السلام واضحة في القرآن.

- رابعا: من أين أتت بعض الكتب التفسيرية بأسباب ابتلاء أيوب الخرافية.

@- خرافات قيلت عن سبب ابتلاء أيوب:

1- خرافة أن أيوب صنع وليمة وجمع فيها الأغنياء دون الفقراء.

2- خرافة أن أيوب رأى منكرا وسكت عنه.

3- خرافة أن أيوب استغاثه مظلوم فتجاهله.

4- خرافة أن أيوب لم يغزو كافر كان من المفترض أن يقاتله ولكنه تراجع لأنه كان يرعى خيلا له.

5- خرافة أن أيوب سأل ربه أن يبتليه ليختبره في صبره.

===================

:: الفصل الثاني::

====================

.:: س2: ما سبب ابتلاء النبي أيوب عليه السلام ؟ ::..

 

- أولا: أسباب غير معقولة وترتقي لدرجة الخرافة ذكرتها بعض التفاسير في سبب ابتلاء أيوب .. ومن ذلك:

#- ما ذكره الإمام ابن الجوزي رحمه الله (المتوفى: 597هـ):

1- ذكر أهل التفسير أن أيوب عليه السلام .. كان أغنى أهل زمانه، وكان كثير الإحسان.

- فقال إبليس: يا رب سلطني على ماله وولده- وكان له ثلاثة عشر ولدا- فإن فعلت رأيته كيف يطيعني ويعصيك.

- فقيل له: قد سلطتك على ماله وولده.

- فرجع إبليس فجمع شياطينه ومردته .. فبعث بعضهم إلى دوابه ورعاته، فاحتملوها حتى قذفوها في البحر ..، وجاء إبليس في صورة قيمه (أي المسئول عن شئون مزرعته) ..، فقال: يا أيوب ألا أراك تصلي وقد أقبلت ريح عاصف فاحتملت دوابك ورعاتها حتى قذفتها في البحر؟

- فلم يرد عليه شيئا حتى فرغ من صلاته .. ثم قال: الحمد لله الذي رزقني ثم قبله مني...، فانصرف خائبا ..

- ثم أرسل بعض الشياطين إلى جنانه وزروعه .. فأحرقوها .. وجاء فأخبره .. فقال مثل ذلك ..

- فأرسل بعض الشياطين فزلزلوا منازل أيوب وفيها ولده وخدمه .. فأهلكوهم، وجاء فأخبره .. فحمد الله..، وقال لإبليس وهو يظنه قيمه في ماله: لو كان فيك خير لقبضك معهم، فانصرف خائبا.

- فقيل له (أي لإبليس): كيف رأيت عبدي أيوب؟

- قال: يا رب سلطني على جسده فسوف ترى .. قيل له قد سلطتك على جسده.

- فجاء فنفخ في إبهام قدميه .. فاشتعل فيه مثل النار .. ولم يكن في زمانه أكثر بكاء منه خوفا من الله تعالى .. فلما نزل به البلاء لم يبك مخافة الجزع .. وبقي لسانه للذكر .. وقلبه للمعرفة والشكر .. وكان يرى أمعاءه وعروقه وعظامه .. وكان مرضه أنه خرج في جميع جسده ثآليل كأليات الغنم (أي خرج من جسمه دماما تشبه دهن مؤخرة الغنم) .. ووقعت به حكة لا يملكها (أي يتوقف عنها) .. فحك بأظفاره حتى سقطت .. ثم بالمسوح (أي بقماشة مصنوعه من شعر الماعز) .. ثم بالحجارة .. فأنتن جسمه وتقطع ..

- وأخرجه أهل القرية فجعلوا له عريشا (أي مثل بيت من الخوص) على كناسة (أي على مزبلة القرية) .. ورفضه الخلق .. سوى زوجته .. واسمها رحمة بنت إفراييم بن يوسف بن يعقوب .. فكانت تختلف إليه بما يصلحه.

 

2- وروى أبو بكر القرشي عن الليث بن سعد قال: كان ملك يظلم الناس، فكلمه في ذلك جماعة من الأنبياء .. وسكت عنه أيوب لأجل خيل كانت له في سلطانه .. فأوحى الله إليه: تركت كلامه من أجل خيلك؟! لأطيلن بلاءك. (زاد المسير ج3 ص205 – وما بين الأقواس من تفسيري لغامض الكلمات وليس من كلام ابن الجوزي).

 

#- وذكر الإمام بن عجيبة رحمه الله (المتوفى: 1224هـ) آراء في سبب ابتلاء أيوب .. منها:

- أنه ذبح شاة فأكلها وجاره جائع.

- أو رأى منكراً فسكت عنه.

- أو استغاثه مظلوم فلم يغثه.

- أو كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه فلم يغزوه.

- أو سؤاله امتحاناً لصبره .. أي: هل يصبر أم لا. (البحر المديد ج5 ص32).

@- ثم قال الإمام بن عجيبة في ختام كلامه عن سبب الإبتلاء:

- أو ابتلاه لرفع درجاته بلا سبب .. وهو أولى. (البحر المديد ج5 ص32).

- يقصد: بأن هذا الرأي هو الأولى بالصواب ..

- وهو رأي صحيح بكل تأكيد.

 

#- ومما ذكره الإمام القرطبي رحمه الله (المتوفى: 671هـ):

- قيل: استعان به مظلوم فلم ينصره .. فابتلي بسبب ذلك.

- وقيل: استضاف يوما الناس فمنع فقيرا الدخول .. فابتلي بذلك.

- وقيل: كان أيوب يغزو ملكا وكان له غنم في ولايته .. فداهنه لأجلها بترك غزوه .. فابتلي. (تفسير القرطبي ج15 ص209).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قبل التعليق على ما سبق .. أحب أن أوضح أمر مهم .. وهو أن جماعة المفسرين الذين نقلت عنهم ما ذكروه من أسباب في سبب ابتلاء أيوب .. إنما هو مجرد نقل عما وجدوه في كتب المفسرين .. وليس هو أقوالهم .. بل هم تجاهلوها .. وإذا تيسر الوقت سأذكر لكم إن شاء الله ما ذكره الإمام القرطبي عن أبو بكر بن العربي رحمهما الله .. كطلقات رصاص فيمن تجرأ وظن ظنون حقيرة في حق النبي أيوب خاصة في وقت ابتلاءه ..  

 

#- ثانيا: تعليق بسيط على الظنون المذكورة سابقا في سبب ابتلاء أيوب عليه السلام:

1- أن الشيطان عرج إلى الله في معراج خاص بعد سبع سموات .. وطلب أن يكون له سلطان على أيوب فيحطم حياته ويقتل أبناءه ويفسد ماله .. وسمح الله له بذلك ..!!

- تعليق: (وهذا شيء هو أصلا كذبا على الله جل شأنه لمن يصدق هذا الكلام لمخالفته القرآن – والمصيبة أن بعض أهل العلم صدق هذا الكذب وكأنه تعامى عن القرآن .. إذ قال جل شأنه: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل 99 – 100.

 

- وإذا كان أيوب من المؤمنين المتوكلين على ربهم وليس من المشركين .. فكيف يكون للشيطان سلطان عليه .. والله قد حكم بهذا الحكم منذ الأزل ؟!!

 

- فالذي يصدق أن الشيطان طلب الإذن بالتسليط على أيوب .. فعليه أن يكذب آيات الله .. كآيات سورة النحل السابق ذكرها .. وسيأتي مزيد تفصيل في مسائل أخرى إن شاء الله.

 

- والعجيب .. أن تجد في بعض كتب التفسير من يأخذ من توراة اليهود المحرفة ما جعلوه شاهدا مفسرا لقصة أيوب ..!!

- وإذا كان البعض .. يصدق على الله بأنه سمح للشيطان بأن يكون سلطان بالتصرف في أيوب .. فلك ان تتصور ماذا سيكون فهمه وتفسيره لقوله تعالى: (مسني الشيطان) .. إلا أن يقول أن الشيطان صرع أيوب وتلبسه متصرفا فيه ؟!!

- أليست هذه نفوس حقيرة من تقول هذا الكلام بأيوب عليه السلام ؟!!

 

2- ومن أسباب ابتلاء أيوب قالوا: صنع وليمة وجمع فيها الأغنياء دون الفقراء.

- تعليق: (ومنذ متى والأنبياء بخلاء ؟).

 

3- ومن أسباب ابتلاء أيوب قالوا: رأى منكرا وسكت عنه.

- تعليق: (إذا سكت النبي على منكر فهذا ليس نبي !!).

 

4- ومن أسباب ابتلاء أيوب قالوا: استغاثه مظلوم فتجاهله.

- تعليق: (ليس من صفات الانبياء الجبن والخذلان).

 

5- ومن أسباب ابتلاء أيوب قالوا: لم يغزو كافر كان من المفترض أن يقاتله ولكنه تراجع لأنه كان يرعى خيلا له.

- تعليق: (المداهنة لون من النفاق ولا تقال في حق شخص عادي أمين فكيف يقال في حق نبي من أنبياء الله أنه كان منافق ؟).

 

6- ومن أسباب ابتلاء أيوب قالوا: أن أيوب سأل ربه أن يبتليه ليختبره في صبره ..

- تعليق: (سؤال الله مثل ذلك معناه تجريب الله والله لا يجرب أي لا يختبر لأنه عليم .. وأيوب ليس بجاهل عن الله أنه عليم به ليسأله مثل ذلك). !!

 

@- وكل ما سبق منافي للقرآن .. ولا علاقة له بالقرآن لا من قريب ولا من بعيد ..!!

- بل هي خرافات قيلت في حكمة أو سبب إبتلاء أيوب عليه السلام.

 

#- ولا تتعجب في مسائل قادمة حينا تعلم أن معنى كلمة (الضُّر) .. يقصد بها الضرر الجسدي بحدوث مرض فيه أو إصابة أو ما شابه .. ولا علاقة لهذا اللفظ بالضرر في المال ولا في الولد .. وإنما هذه أمور ترتبت على الضرر الجسدي بالمرض .. فحدث انهيار مالي ونفور بالإبتعاد من المقربين.

 

#- ثالثا: من أين أتت بعض الكتب التفسيرية بأسباب ابتلاء أيوب الخرافية:

- أتوا بهذه السباب من خلال بعض الرواية الضعيفة جدا والمكذوبة .. وهذه الروايات أصلا بعضها مأخوذة من الكتاب المقدس الخاص باليهود والموصوف بالتوراة ..

 

- ولا أدري ما الذي جعلهم يبحثون في غير القرآن عن قصة أيوب .. إذا كان القرآن لم يذكر لنا خلاف ما ذكره ؟

- إنه الفضول المذموم .. الذي طالما يؤدي للفتنة والخرافات .. وتسمح لذوي النفوس الحقيرة بنشر الأكاذيب على الصالحين لترويج أكاذيبهم ..!!

 

#- من تلك الروايات المكذوبة في مسألة أن ابتلاء أيوب كانت نتيجة أنه أذنب:

1- (حديث موضوع أي مكذوب على النبي) .. عن أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن بتبريز، أنا أبو الفتح أحمد بن عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني، أنا أبو نعيم الأصبهاني، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا ابن كثير الناجي، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال - قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (قال الله تعالى لأيوب عليه السلام: تدري ما جرمك إلي حتى أبتليك ؟ .. فقال: لا يا رب .. قال: لأنك دخلت على فرعون فداهنت عنده في كلمتين) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث مكذوب .. فيه (أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن) مجهول الحال ..، (أبو الفتح أحمد بن عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني) مجهول الحال ..، وفيه (محمد بن يونس الكديمي) وهو متهم بالكذب ووضع الحديث..، وفيه (يحيى بن كثير الناجي) مجهول الحال ..، وفيه (عبد الله بن لهيعة) ضعيف الحديث ..، هذا بخلاف أن المتن منكر جدا كما لا يخفى على مؤمن .. إذ أن المؤمن لا يصدق أن نبي من أنبياء الله ويداهن كافر بالله من أجل علاقة عمل بينهما ..!!

 

2- (أثر مكذوب على الصحابي بن عباس) عن أبي علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أحمد بن السيدي حدثنا الحسن بن علي حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار حدثنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر عن جرير عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال: (يا صاحب الذنب لا يأمن سر عاقبته .. ولما يتبع الذنب .. أعظم من الذنب إذا عملته .. فإن قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال وأنت على الذنب .. أعظم من الذنب الذي عملته .. وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك .. أعظم من الذنب وفرحك بالذنب إذا ظفرت به .. وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب .. أعظم من الذنب إذا عملته ..

- ويحك هل تدري ما كان ذنب أيوب فابتلاه الله بالبلاء في جسده وذهاب ماله إنما كان ذنب أيوب أنه استعان به مسكين على ظلم يدرؤه عنه ولم يأمر بمعروف وينه الظالم على ظلم هذا المسكين فابتلاه الله) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق .. (قلت خالد صاحب الرسالة): أثر موضوع .. وفي رواية (محمد بن عبد الكريم بن السندي) ضعيف الحديث ..، وفيه (أبو حذيفة إسحاق بن بشر) متهم بوضع الحديث ..، وفي السند انقطاع لأن الضحاك لم يقابل الصحابي بن عباس ..!! والمتن منكر جدا ..

 

3- (أثر باطل مكذوب على التابعي) .. عن أبي الفتح أحمد بن عمر بن سعيد بن ميمون الجهادي أنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري نا أبو الحسين محمد بن معمر البحراني المدائني حدثنا محمد بن سعيد أبو الطيب القاضي الفارض حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد حدثني إسحاق بن سوسي حدثنا زكريا بن يحيى حدثني أبو إدريس الخولاني (تابعي): (قال أجدب الشام فكتب فرعون إلى أيوب عليه السلام أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعة (أي كرامة) ..

- فأقبل بخيله وماشيته وبنيه فأطعمهم وبنيهم ..

- فدخل شعيب عليه السلام .. وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا ذكر شعيبا قال ذاك خطيب الأنبياء.

- قال: يا فرعون أما تخاف أن يغضب الله غضبة فيغضب لغضبه أهل السموات والأرض والجبال والبحار.

- فسكت أيوب.

- فلما خرجا (أي أيوب وشعيب) من عنده (أي من عند فرعون) .. أوحى إلى أيوب يا أيوب .. أمسكت عن فرعون (أي لم تؤيد شعيب فيما قاله) لذهابك إلى أرضه (أي لأنه أطعمك وأولادك وماشيتك) .. استعد للبلاء.

- قال أيوب: أما كنت أكفل اليتيم وآوي الغريب وأشبع الجائع وأكفت الأرملة ..!!

- فمرت سحابة يسمع فيها عشرة آلاف صوت من الصواعق يقولون من فعل بك ذلك يا أيوب (أي من كان أعطاك كل هذا النعيم) .. فأخذ ترابا فوضعه على رأسه .. وقال أنت يا رب .. فأوحى الله إليه استعد للبلاء .. قال: فديني قال أسلمه لك .. قال فما أبالي) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق .. (قلت خالد صاحب الرسالة): أثر موضوع مهلهل بالمجاهيل .. فيه (أحمد بن عمر بن سعيد بن ميمون الجهادي) ضعيف الحديث ..، وفيه (محمد بن سعيد أبو الطيب القاضي الفارض) مجهول ..، وفيه (أبو بكر محمد بن أحمد) مجهول ..، وفيه (إسحاق بن سوسي ) مجهول ..، (زكريا بن يحيى) مجهول ..!! والمتن منكر جدا ..

 

4- (أثر مكذوب على الليث بن سعد "من أتباع التابعين") .. عن محمد بن عمر "عمرو وليس عمر" أنا أبو الزنباع "روح بن الفرج" وأحمد بن رشدين قالا حدثنا يحيى بن سليمان حدثني شيخ من أهل مصر أنه سمع الليث بن سعد قال: (كان السبب الذي أصاب أيوب وابتلي به .. دخل أهل قريته على ملكهم وهو جبار من الجبابرة .. وذُكر بعض ما كان من ظلم الناس ويقع به عليهم .. فكلموه (أي كلموا ملكهم) فأغلظوا في كلامهم ..

- ورفق أيوب في كلامه له .. مخافة منه لزرعه (أي لم يؤيد أيوب نصرة المظلومين لأن هذا الحاكم الظالم كان يرعي زرع أيوب أو خاف أيوب من أن يتلف الحاكم زرعه) ..

- فقال الله: اتقيت عبدا من عبادي من أجل زرعك أن تصدقه (أي المظلومين) مخافة منه (أي من الحاكم الظالم) أن يغلظ عليك .. فأنزل الله عز وجل به ما أنزل به من البلاء) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر مكذوب والمتن باطل .. وفيه (أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين) متهم بالكذب ..، وفيه جهالة (شيخ من أهل مصر) وهذا هو المتهم الأكبر في نسبة هذه الرواية لليث بن سعد .. وفيه جهالة مصدر المعلومة المنسوبة لليث بن سعد وهي مكذوبة على الليث بن سعد.

 

@- واكتفي بما سبق من روايات .. وإنما هي فقط نموذج لتعرف من أين أتى بعض المفسرين بخرافات أن سبب ابتلاء أيوب أنه أذنب ..!!

 

#- رابعا: سبب أو حكمة ابتلاء أيوب عليه السلام واضحة في القرآن:

- الذي أجده في آيات القرآن .. أن الله قد ذكر سبب ابتلاء أيوب عليه السلام .. وذلك أجده في ثلاث آيات ..

1- قال تعالى: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص:44.

- والأواب: هو الذي دائم الرجوع إلى ربه متهما نفسه بالتقصير في أداء حق العبودية لمقام الربوبية مهما بلغ من مقامات.

- فكانت الآية شاهده على ثبوت مقامه في الصبر .. ودوام انكساره لربه .. فكان ذلك دلالة واضحة أن من حكمة الإبتلاء لأيوب هو رفع درجته وعلو مقامه.

 

2- ومن حكمة الإبتلاء الواضحة في الآيات .. في ختام آيات قصة أيوب:

أ- عند قوله تعالى: (وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) الأنبياء:84 ..، موعظة وبيان وبصيرة للذين قد يظنون أن عبادتهم تمنع من حدوث الإبتلاء لهم .. لا .. فمن هو أعلى عبادة منهم قدرا ومقاما وهو نبي الله أيوب قد تم ابتلاؤه .. فلا أحد محفوظ من الإبتلاء مهما كان مقامه عند ربه.

 

ب- وعند قوله تعالى: (وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) ص:44 ..، أي موعظة وبيان وبصيرة لأصحاب العقول الرشيدة والفطرة السليمة أن الإبتلاء هو اختبار من الله لبيان حقيقة إيمان الناس ليميز الله الخبيث من الطيب.

 

#- وكأن الله جل شأنه يريد القول لنا: أن من ينتفع من قصة أيوب هو شخص جمع بين العبادة والفهم الصحيح لحكمة الله من الإبتلاء .. وما عدا ذلك فهو سيتخبط حاله .. فالعابد سيظن في نفسه أنه على خير وكأنه معصوم وسيسقط لا محاله .. والعاقل بدون حكمة تدبر للفعل الإلهي بضوابط القرآن فهو أيضا سيسقط لغلبة النفس على العقل وقت نزول الإبتلاء للإنزعاج .. والحاكم على العابد والعاقل الرشيد .. هو نور الفهم بتدبير الله في الوجود من خلال البصيرة في قصص الأنبياء ..

- والله أعلم.

 

@- يارب نجينا .. ولا تفتنا .. وألزمنا بما أنت طالبه منا برضا منك علينا .. ولا تسلط علينا نفوسنا بفضول مذموم .. ولا بعلم مشئوم .. ولا بشهوة فيها بلية .. وأحطنا بعناية أهل المعية .. واجعلنا من أهل الحسنى وزيادة .. آمين يا رب العالمين.

 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .