ج23: قصة النبي أيوب عليه السلام - هل مس الشيطان أيوب فصرعه كما يروج بعض الجهلاء والكذابين من الرقاة - هل قصة أيوب فيها دلالة على أن الأذى الروحاني يتم الشفاء منه بالإستحمام بالماء البارد في فصل الشتاء.

    بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

قصة النبي أيوب عليه السلام

بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية

- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -

- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -

- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-

(الفصل الثالث والعشرون)

#- فهرس:

:: الفصل الثالث والعشرون :: عن قصة أيوب عليه السلام .. ج3/ مسائل خاصة متفرعة على قصة أيوب – تتعلق بما يستغله الرقاة بقصة أيوب مع عوام الناس ::

1- س48: هل قصة أيوب فيها دلالة على أن الأذى الروحاني يتم الشفاء منه بالإستحمام بالماء البارد في فصل الشتاء ؟

2- س49: هل مس الشيطان أيوب فصرعه كما يزعم بعض الجهلاء والكذابين من الرقاة الذين يعظمون الشيطان في نفوس المؤمنين ؟

******************

:: الفصل الثالث والعشرون ::

===============

 

..:: س48: هل قصة أيوب فيها دلالة على أن الأذى الروحاني يتم الشفاء منه بالإستحمام بالماء البارد في فصل الشتاء ؟ ::..

 

- من غريب ما يمكن أن تسمعه أو تقرأه .. أن تجد نصيحة من بعض الرقاة لبعض المصابين روحانيا .. بأن يستحم بالماء البارد في الشتاء ليشفا من الأذى الروحاني ؟!!

 

- ويخبر في ذلك أنه استنتجه من قصة أيوب .. حينما قال الله في قصة أيوب: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) ص:41-42.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- إصابة أيوب عليه السلام .. كانت من مرض عضوي وليس مرض روحاني كما يظن بعض من يمتهن مهنة الرقية لأنه وجد جملة (مسني الشيطان) .. فظن بجهله إنها إصابة روحانية .. بل إن الإستدلال بقصة أيوب في العلاج من الإصابات الروحانية فهذا معناه اعتداء على القرآن بتزوير تفسير كلام الله عما هو عليه ..!!

 

#- وقد يترتب على ذلك الإستحمام البارد في الشتاء نزلة برد قوية قد تمرضك بشدة وتؤذيك وتفسد حياتك .. وكالعادة سيخبرك هذا الراقي الكاذب بأن الشيطان أراد أن ينتقم منك لأنك أردت قتله بالماء البارد ..!!

- فانتبهوا يا مسلمين من هؤلاء الرقاة الجهلة .. فإذا كان بعضهم جاهل فبعضهم يخدم شيطانه بأذيتكم وسرقة أموالكم بالنصب والإحتيال.

 

2- هل كان استحمام أيوب بماء أتى به من بئر المدينة التي يعيش فيها .. أم ماء مخصوص نبع له من الأرض أوجده الله له ليكون له فيه شفاء أي خصوصية عطاء ..؟

- أكيد من ماء مخصوص نبع من الأرض بعد أن ضربها برجله فنبع الماء .. كعطاء خصوصية له ليتم به شفاءه.

 

- ولو كانت المسألة بهذه السهولة أن يغتسل الإنسان بأي ماء بارد .. فما فائدة كرامة الله لأيوب عليه السلام بما أعطاه من ماء .. وما وجه الكرامة له إذ كان من السهل أن يخبره أن يضع ماء باردا على جسده ويخف وينتهي الأمر .. بدلا من أن يركض برجله الأرض وينبع ماء ..!!

 

3- وجماعة أخرى من الرقاة الجهلة .. جعلوا من استخدام الماء الشديد البرودة في الشتاء بالشفاء من الإصابات الروحانية .. لأنه مبني على معتقد باطل وسوس به الشيطان في نفوسهم فصدقوه:

- وهذا المعتقد هو: بما أن الجن مخلوق من نار .. فالماء البارد سيقتل هذا المخلوق الناري ..!!

- فهؤلاء لا يقلون جهلا عن سابقيهم .. وكأنه ظن لأن الشيطان مخلوق من نار فإن النار ستطفئه .. !! وكأنه لم يقرأ كلام الله من قبل إذ قال تعالى في شياطين سليمان: (وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) الأنبياء:62.

- وماذا تتوقع ممن لم يحترم قرآنه .. ويحترم شيطانه إذ تجد بعضهم يخبرك أن معه خدمات روحانية طلبت منه أن يخبر الناس بذلك ..!!

- فالذي يستغفله الشيطان ماذا ترجو منه إلا الجهل والضلال ..؟!!

 

#- ملاحظات أخي الحبيب عليك أن تنتبه لها:

1- معلومة للتوضيح: ليس أن الجن مخلوق من نار .. فهذا معناه أنه نار تتحرك .. لا يا سيدي .. وإنما هو جنس مخلوق من أوصاف لها خصائص النار .. كما أن الإنسان مخلوق من طين فهذا لأنه يغلب على أوصافه خصائص الطين .. وليس لأن الإنسان هو طين يمشي على الأرض .. !!

 

2- معلومة للعلاج: قد يحتاج الإنسان للماء البارد في حالة ارتفاع درجة حرارة الجسم فوق الأربعين حتى تخمد سخونة الجسم تخوفا من حدوث ضرر نتيجة هذه السخونة.

- ولكن ليس الماء البارد لأنه سيقتل الشيطان الناري .. فهذا كلام لا يقبله الأسوياء .. لأن من يظن بأن الماء بقتل الشيطان المخلوق من النار فهو بكل تأكيد إما جاهل أو كذاب .. فاحترس من هؤلاء.

 

3- معلومة للفهم: قوله (مغتسل بارد) .. ليس هو ماء فيه صقيع وبرودة شديدة كبرودة فصل الشتاء ..!! وإنما معنى كلمة (بارد) هو الذي لم يتعرض لحرارة الشمس فكانت موصوف بالبرودة لاعتدال درجة حرارة المياه الخاصة به وفيه نسمة من البرد أو الترطيب وهو مثل الماء الذي يتم وضعه في قلل الفخار ويتم حجبه عن حرارة الشمس .. وهذا ماء يحتمله الجسم بصورة طبيعية ظاهرا بالإستحمام وباطنا بالشرب ..!!

- ولكن ليس كلمة (بارد) .. بمعنى ماء مثلج أو صقيع أو شديد البرودة ..!!

 

4- والإشارة في قوله (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ): ليست لأن تستخدم بالماء البارد في منزلك في فصل الشتاء لتقتل العفريت والشيطان .. وإنما الآية فيها إشارة إلى أن منابع الأرض قد تكون سببا في العلاجات الجسدية .. وهذا فعلا حقيقي وموجود بل وفي ماء زمزم الخير كله لأن فيه الخير للذي يشربه بنيته التي يرجوها من الله من وراء شرب هذا الماء .. بل ولازال الماء النابع من الأرض أحد الوسائل العلاجية عند الناس ..

- وفي مصر كمثال يوجد أكثر منابع العالم آبارا ومياه جوفية ويقصدوها الناس للسياحة العلاجية سواء في منطقة حلوان أو الفرافرة أو الخارجة أو سيوه أو الواحات البحرية بالجيزة أو مطروح وحمامات كليوباترا .. وغير ذلك كثير .. بل ويوجد خلاف الآبار والمياه الجوفية يوجد الرمال العلاجية أيضا في تلك المناطق وخاصة سيوه والوادي الجديد ..

 

#- والشاهد من كلامي السابق: أن الطبيعيات فيها علاجات للأبدان .. أوجدها الله للناس يعلمها من يعلمها ويجهلها من يجهلها ..

 

#- فإذا علمت ما سبق أخي الحبيب:

- لا تسمح لأحد أن يستغفلك بشيطانه .. ويضللك ويكذب عليك ويقيس ما حدث لأيوب عليه السلام على ما أوصاه به شيطانه ليؤذيك بالماء الصقيع حتى يمرضك .. فلا يليق بمسلم ولا مؤمن ولا عاقل أن يصدق من يخدم شيطان هواه ويسرق منه ماله ..!!

 

#- غالبا هؤلاء الرقاة الجهلة أو النصابين .. يتبعهم البسطاء الذين علمهم قليل وفيهم قلة حيلة وانهزامية داخلية .. فيستغلون حالهم وضعفهم ليأكلوا أموال البسطاء بالباطل.

- والله أعلم.

 

*********************

 

..:: س49: هل مس الشيطان أيوب فصرعه كما يزعم بعض الجهلاء والكذابين من الرقاة الذين يعظمون الشيطان في نفوس المؤمنين ؟ ::..

 

- قال تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) ص 41 - 42.

 

- ممن استغل قصة أيوب عليه السلام .. أيضا بعض جماعة من الرقاة الجهلاء .. حتى جعل من أيوب ممسوس من الشيطان .. ويرى أن المسألة عادية .. ولا يعلم هذا الجاهل أنه بذلك جعل للملحدين طعنا في الدين إذ أبسط شيء سيقال لهذا الجاهل: كيف تؤمنون بهذا النبي الممسوس بالشيطان ؟!! فلو كان هذا فعل الشيطان بأهل الكمال عندكم فماذا يفعل الشيطان بكم ؟!!

 

- فبسبب راقي جاهل هو وجماعته .. أراد استخدام كلام الله لينتصر لأفكاره الملوثة ومعتقداته الخاصة المخلوطة بهواه الفاسد .. لأنه يرى أن الشيطان يمكن أن يكون له سلطة على الخلق ويريد تأكيد ذلك في نفوس المؤمنين .. فأتى بقصة أيوب كمثال للدلالة على الصرع الروحاني ... فجعل من أيوب النبي الممسوس بالشيطان ..!!

 

- حتى تجد البعض منهم يطمئن جماعة المصروعين أن أيوب لهم نموذج ..!!

 

- والسؤال هنا: هل كان أيوب مصروع من الشيطان أيها الراقي الكاذب على أيوب عليه السلام .. لتخبر الناس بذلك ؟!! أو حتى ممسوس من الشيطان يا جاهل حتى تقول بذلك ؟!!

- أكيد .. لا .. بل الشيطان هو من يبول بذلك في صدوركم فصدقتموه..

 

#- ملاحظات على ما سبق:

1- أيوب لم يحدث له مس روحاني بمعنى الصرع .. كما يصور ذلك بعض الجهلاء.

 

2- إذا كان بعض العلماء قال .. أن الشيطان مس أيوب فعلا .. فهذا يستدعي توضيح لهذا الرأي بالرغم من أن كثير من العلماء أنكره وأبطله وسبق وأوضحنا ذلك في الرسالة .. ولكن يجب توضيح شيء مهم لهذا الرأي:

 

#- أن هؤلاء العلماء الذين قالوا بذلك الرأي .. قد قالوه بناء على الآتي:

أ- قصص لم يعلموا أنها مكذوبة أو تالفة أو باطلة .. نقلوها ممن نقل عن أهل الكتاب الذين أسلموا .. وبالتالي لا حجة لهذه القصص المنقول بعضها من توراة اليهود .

 

ب- ومعنى المس عندهم هو الإصابة .. والإصابة هنا ليست استيلاء على جسد أيوب بالشيطان كما قال ضلالية الرقاة .. لا .. فكلام هؤلاء العلماء أن ما حدث لأيوب .. هو مثل شخص أصاب شخص في جسده بطعنة ورحل عنه .. وظل يتألم من هذه الطعنة وما يترتب عليها من آلام.

- فمس الشيطان بالنسبة لهذا الرأي هو مجرد إصابة لجسد أيوب أدت إلى حدوث مرض .. وليس بمعنى أن الشيطان ركب على أيوب ويسبب له صرع ويتصرف فيه .. كما يشير لذلك بعض الكذابين ممن يزعمون أنفسهم رقاة.

 

#- وعموما سبق وناقشنا كلام هؤلاء العلماء في الرسالة .. سواء فيما استندوا إليه .. أو في كون ما أشاروا إليه معارض للقرآن كما سبق وأوضحنا ذلك.. ويمكنك مراجعة الفصل الخامس تحت عنوان: (س9: ما معنى قوله (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ؟) ..، وكذلك مراجعة الفصل التاسع عشر تحت عنوان: (س39: هل قال أيوب (مسني الضر) أم (مسني الشيطان) أم قال الإثنين في حال مختلف له - وكيف يمكن الجمع بينهما حينئذ ؟) ..

- والله أعلم. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .