ج19: قصة النبي أيوب عليه السلام - هل قال أيوب (مسني الضر) أم (مسني الشيطان) وكيف نجمع بينهما - هل قوله تعالى في مس أيوب (بنصب وعذاب) فيه دليل على أن أيوب أذنب فعاقبه الله بعذاب.

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

قصة النبي أيوب عليه السلام

بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية

- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -

- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -

- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-

(الفصل التاسع عشر)

#- فهرس:

:: الفصل التاسع عشر :: عن قصة أيوب عليه السلام .. ج6/ عن مسائل في آيات قصة أيوب عليه السلام في القرآن ::

1- س39: هل قال أيوب (مسني الضر) أم (مسني الشيطان) أم قال الإثنين في حال مختلف له - وكيف يمكن الجمع بينهما حينئذ ؟  

#- أولا: ملاحظات على اختلاف ألفاظ القصص القرآني لنفس الموقف في أي قصة.

#- ثانيا: حكمة التنوع اللفظي في قصة أيوب (مسني الضر) - (مسني الشيطان).

#- ثالثا: لو أردنا الجمع بين الآيتين (مسني الضر) و (مسني الشيطان).

2- س40: هل قوله تعالى في مس أيوب (بنصب وعذاب) فيه دليل على أن أيوب أذنب فعاقبه الله بعذاب ؟

 *******************

:: الفصل التاسع عشر ::

=================

..:: س39: هل قال أيوب (مسني الضر) أم (مسني الشيطان) أم قال الإثنين في حال مختلف له وكيف يمكن الجمع بينهما حينئذ ؟ ::..

 

#- مما جاء في قصة أيوب:

أ- قال تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الأنبياء:83.

 

ب- قال تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ص:41.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: ملاحظات على اختلاف ألفاظ القصص القرآني لنفس الموقف في أي قصة ..

1- من المهم أن تعرف أخي الحبيب .. أن القصص القرآني غالبا يأتي بالمعنى وليس باللفظ .. أي أن الله يحكي ما حدث لنا بألفاظ عربية تحمل معاني مجمل القصة بألفاظ مختلفة وفي أماكن مختلفة من المصحف .. وليس بالضرورة أن يكون القول المنسوب للقائل في القصة هو بعين اللفظ .. وإنما غالبا يكون بالمعنى .. إلا ما خص عليه الدليل من سياق اللفظ بأن هذا هو فعلا المنطوق اللفظي .. مثل في قصة أيوب قوله في مناجاته لربه (وأنت أرحم الراحمين) فالتوجه هنا إلى الله لا يحتمل معاني إلا اللفظ نفسه ولذلك لم يظهر اسم غيره في القصة لنفهم ان أيوب توجه فعلا بهذا الإسم لمناجاة ربه .. فكان هذا هو اللفظ المنطوق فعلا من أيوب.

 

2- أغلب الأنبياء لم يكونوا يتحدثون اللغة العربية .. ولذلك نقل القصة عنهم يجعلها باللفظ العربي على سبيل الفهم لمن يقرأها وليس على سبيل نقل اللفظ الذي قال به صاحبه .. ولما كان المقصد من القصص هو الحكمة والفهم فكان اللفظ العربي يحمل معاني متعددة للقصة لأحداث قد حدثت في القصة ولكن دون تفصيل كثير في الأحداث لأن اللفظ العربي يحتمل معاني مختلفة قد تشير لها القصة .. والغرض من ذلك هو التدبر والتبصرة وليس مجرد القرآءة .. حتى تتذوق من معاني القرآن.

 

3- يتنوع سياق القرآن في نفس القصة الواحدة ونفس المشهد بألفاظ مختلفة في سور مختلفة .. من باب التشويق والإثارة العقلية لتنتبه .. فمرة يأتي مثلا في قصة لوط قول قومه: (‌أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) الأعراف:82 ..، ومرة تأتي بلفظ: (قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ) النمل:56-57 ..، فالقصة واحدة والمشهد واحد ولكن اللفظ مختلف .. فالآية الأولى أتت على سبيل الإجمال حتى تقول "من هم هؤلاء الذين قالت لهم القرية "أخرجوهم" ؟ .. فتأتي سورة أخرى فتوضح أنهم "آل لوط" لتفهم أن لوط كان معه جماعة اعتقدوا به وآمنوا ومنهم أهله.. ثم يظهر في آية تالية أن اهله فقط من تم طردهم فتقول : وأين آله ؟ فتفهم أن البعض تراجع عن دعمه للوط بعد أن علموا بطردهم من القرية .. ثم تكتشف بعد ذلك خروج امرأة لوط من الأهل لأن العذاب نزل بها .. فاقتصر الأمر في النهاية على لوط وبناته .. (هذا رأيي واجتهادي الخاص في فهم قصة فهم آيات قصة لوط) .. فمن خلال عدة كلمات ترتقي الإثارة العقلية والتشويق لمعرفة الأحداث من خلال بعض الألفاظ فقط .. وهذه هي عظمة وبلاغة القرآن ..

 

- فالتنوع اللفظي المصحوب باختلاف المعني .. هو لمزيد من فهم جمال القصة في كذا موضوع من باب التدبر والتشويق والإثارة العقلية لتبصر مراد الله وتتعجب كيف يكون اللفظ الواحد له دلالة تغير من مجرى فهم القصة وتفتح لك أبواب من الفهم عجيبة من خلال معرفة أحداث من خلال بعض الألفاظ البسيطة .. ولكن مع تدبر.

 

#- ثانيا: حكمة التنوع اللفظي في قصة أيوب (مسني الضر) - (مسني الشيطان) ..

1- من حكمة التنويع اللفظي في قصة أيوب .. ليعلمنا الأدب:

- كما قلنا التنوع اللفظي المقصود به معرفة المقصد من دعاء أيوب وليس المقصد هو ثبوت نص الدعاء الذي ذكره أيوب عليه السلام .. إذ أن المراد هو تفهيم المؤمنين بأن الأدب في مناجاة الله أو دعاءه سواء كانت بصوت مرتفع كما يظهر من نداء أيوب إذ لم توضح الآية أنه كان نداءا خفيا .. أو كان النداء بصوت منطوق ولكن بصورة خافتة .. أو كانت مناجاة بالقلب كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم في تحويل القبلة.

 

- فالغرض من تنوع ألفاظ قصة أيوب .. هو أن تعلم بأن التوجه إلى الله بالأدب (أي محترما قدرك وما أنت فيه وإنما ترجوه من فضله) .. ان هذا الأدب في المناجاة هو أحد أسرار إجابة الدعاء.

 

- فأيوب قال عنه الله أنه قال: (مسني الضر) ومرة قال (مسني الشيطان) .. ولكنه لم يقل (أنت مسستني يارب) .. فلم ينسب لله ما هو فيه من أذى .. لنتعلم الأدب كيف يكون مع الله.

 

2- من حكمة التنوع اللفظي في ذكر شكوى أيوب هو ذكره مرة لأصل الشكوى وهو الضر ومرة أخرى للأثر المترتب على هذا الضر:

أ- فحينما قال أيوب: (مسني الضر) فهذا باعتبار حقيقة الإبتلاء التي أحاط به وسبب له رهق من الغم النفسي ووجع وألم من التعب الجسدي.

 

ب- وحينما قال أيوب: (مسني الشيطان) فهذا باعتبار النتيجة المترتبة على هذا الضر.

 

ج- فجاء التنوع اللفظي في قصة أيوب .. لنفهم مرة ما هو أصل ابتلاء أيوب وأنه مشكلة جسدية مهلكة .. ومرة أخرى لنفهم الآثار التي ترتبت على أصل ابتلاء أيوب بمزيد من الإبتلاء وهو الوسوسة التي ظهرت مع حدوث المرض .. ونتيجة هذا الأثر الزائد على الإبتلاء كان سبب مناجاة أيوب ..

 

#- ثالثا: لو أردنا الجمع بين الآيتين (مسني الضر) و (مسني الشيطان):

1- على حسب الرأي القائل أن الشيطان في الآية تم ذكره من باب الأدب مع الله .. فلذلك نسب حدوث المرض فيه كأنه إصابة من الشيطان كما نسب موسى الشر للشيطان بالرغم من أن موسى كان هو السبب في قتل المصري .. ولكنه قال: (قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) القصص:16.

 

- فيكون أصحاب هذا الرأي في جمعهم للآيتين (مسني الشيطان) (مسني الضر) هكذا "حسب ما أظن": (ربي إني مسني الشيطان بمس من الضر فيه نصب وعذاب وأنت أرحم الراحمين) .. وكما قلنا أنهم جعلوا أن سبب نسبة الضر إلى الشيطان هو باب من أبواب الأدب في نسبة الضرر إليه وليس إلى الله .. والله أعلم.

 

2- وعلى حسب الرأي القائل بأن الشيطان كان له حضور بالوسوسة ضايقت أيوب عليه السلام .. فيكون جمعهم بين قوله (مسني الشيطان) و (مسني الضر) هكذا "حسب ما أظن": (رب إني مسني الشيطان بوساوسه بسبب ما رأى من تدهور حالي عندما مسني الضر "وهو المرض" الذي أرهقني بنصب أي غم أو ضيق في نفسي وعذاب أي وجع وألم في جسدي).

 

- وهذه الوساوس .. إما أنها كانت تتعلق (بنفسه .. أو مجتمعه .. أو كلاهما) .. هذا باعتبار التفسيرات التي قالت في أي شيء ظهر أثر الوسوسة على أيوب ..

 

أ- فالوسوسة في نفسه كأن يقول له: كيف تكون نبيا ويحدث لك ما حدث فيك وانت من الصالحين الأبرار ثم يتركك الله هكذا ملقى في مرضك مهجورا من مجتمعك ..

ضر سبب لي نصب وعذاب سبب هذا الضر.

 

ب- والوسوسة في مجتمعه: كأن ينشر في نفوس مجتمعه سوء الظن بأيوب فيقول لهم: كيف يكون أيوب نبيا ويتركه ربه هكذا .. ؟ او يقول لهم: لعل أن سبب ما أيوب هو فيه من بلاء بسبب ذنب فعله فحدث له ما حدث وهو يتصنع علينا أنه صاحب الفضيلة والنبي الاواب ..؟!! أو ما شابه هذا الكلام ..

 

ج- والوسوسة في نفسه ومجتمعه: هو اجتماع ما سبق سواء في نفسه أو مجتمعه .. فيكون الوسواس أحاط به .. مما أصبح يمثل عليه ضغط نفسي خطير جدا .. فوق ما كان فيه من ضر الرهق والعذاب ..

 

- والذي أظنه أن الوسوسة كانت في مجتمعه وليس في نفسه .. ولعل ما يزكي هذا القول قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الحج:52.

 

- وكأن أيوب كان يقول: ربي قد مسني الشيطان بوسوسته بسبب ما نزل بي من الضر وهذا حالي بين يديك والشيطان يؤثر فيمن حولي بما أصابني من غم النفس وتعب الجسد وآلامه .. فأخذ يوسوس لأصحابي وأحبائي ومجتمعي بفتنة تسير فيهم بأنني لو كنت نبيا ما كان حدث معي ما حدث وما كان الله ليتركني على ما أنا عليه .. وألقى في نفوسهم أن بي من مرض هو فيه عدوى لهم توهما منهم لذلك فهجروني .. وأخاف قلة التوفيق في إيصال دعوتك إلى الناس بسبب ما أصابني وما ظنه بي الناس بسبب هذا الضُّر الذي نزل بي .. وأنت أرحم الراحمين.

- والله أعلم.

 

 

#- وكما قلنا من قبل أخي الحبيب ..

- أن هناك فرق بين ظهور الوسوسة في النفس وبين خضوع الإنسان لهذه الوسوسة .. فظهور الوسوسة ممكن حدوثه حتى مع الأنبياء .. ولكن تمكين الوسوسة في نفس النبي حتى يتبع الشيطان في فعل معصية أو يصدق الشيطان في ما يلقيه في نفسه بأي وسوسة كانت .. فهذا من المستحيل لأنه لو حدث ذلك وتصورناه فهذا معناه أن الوحي الذي ينزل على هذا النبي ما يدرينا حينئذ أنه ليس عن انفعالات شيطان ظهرت في نفس هذا النبي وقد صدقها ونشرها بين الناس .. ؟!! (وبهذا المبدأ تسقط النبوات كلها لو صدقنا أن الوسوسة تؤثر في نفس نبي) ..!!  

 

- ما سبق مجرد اجتهاد مني في فهم النصوص القرآنية والحكمة من التغيير اللفظي خاصة في قصة أيوب وكذلك ما سبق وأشرت إليه في قصة لوط عليهما السلام ..

- والله أعلم.

 

***********************

 

..:: س40: هل قوله تعالى في مس أيوب (بنصب وعذاب) فيه دليل على أن أيوب أذنب فعاقبه الله بعذاب ؟ ::..

 

- من غرائب ما قد تجده من البعض ويزعم انه باحث في القرآن .. قوله أن أيوب عليه السلام كان عاصي .. ودليل ذلك أن عقوبته كانت بالعذاب .. والعذاب من الله لا يكون إلا على ذنب .. وبالتالي فأيوب قد أذنب.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- كلمة العذاب تقال على الألم والتوجع .. فحينما نقول أن فلان يتعذب من مرضه أي يتألم من الوجع .. أو أن جماعة يعذبون فلانا بالضرب .. أي يوجعونه ويألمونه .. فكلمة العذاب في اللغة تعني الألم والتوجع .. فحينما يستخدمها القرآن فهو يستخدمها مع الذين يعصون الله .. كقوله في أصحاب الجنة حينما تعمدوا عصيان ربهم فتم حرق بستانهم: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) القلم:33 .. فهذا نوع من العذاب بسبب عصيانهم والله حكم عليهم بهذا عقوبة لهم ليوجعهم ويؤلمهم بذلك.

 

#- إذن: حينما يتكلم القرآن عن قوم يعذبهم .. فالقرآن ينسب الفعل لله ويظهر أنهم عصوا ..

 

- ولكن في قصة أيوب .. فأيوب هو من أظهر في شكواه لربه أنه يتعذب .. فهذا بمعنى أنه يتوجع ويتألم من مرضه .. وليس بمعنى أن الله يعذبه بهذا المرض .. !!

 

@- وهنا سؤالين:

- الأول: هل قال القرآن أن أيوب أذنب ؟

- لا ..

- الثاني: هل قال القرآن أن الله عذب أيوب أو عاقبه ؟!!

- لا ..

- يبقى ليه تكذب على القرآن وعلى الله .. وتقول على الله ما لم يقل به طالما تزعم أنك باحث في القرآن ؟!!

- في حين أنت تعلم (بصفتك كباحث كما تزعم) .. أن لفظ العذاب يتعلق بالألم والتوجع .. سواء نتيجة مرض عضوي أو نفسي .. وقد يكون نتيجة ابتلاء .. وقد يحدث نتيجة عقاب أيضا .. ولكن مع نبي الله لم يتهمه الله بذنب ولا قال أنه يعذبه .. لأن الله وصفه بالعبودية الصادقة فقال عنه (نعم العبد) أي كان ملتزم بمقام العبودية المطلوب منه إلتزاما بحق وصدق .. ووصفه الله أنه أواب أي أثبت له الله مقام (الأوبة) .. وهو مقام أهل الكمال مهما حدث لهم من بسط أو قبض.

2- الظن بان أيوب أذنب ذنبا لأن الشيطان أغواه بذلك .. فهذا مخالف لعقيدة القرآن تماما .. لأن الله قال: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) الحجر:42.

- وأيوب ليس من الغاويين .. وبالتالي ليس للشيطان سلطة عليه ليغويه .. فكيف يقال أن الشيطان وسوس له فأغواه بمعصية ؟!!

 

3- هل كل من يصاب بعذاب يقال عنه أنه أذنب ؟!!

- بكل تأكيد .. لا.. لأنه قد يكون متوجعا أو متألما نتيجة ابتلاء .. لأن الله يقول: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الأنبياء:35.

- وقال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) البقرة:155.

- وقال تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا) يونس:12.

- إذن: المرض والخوف والجوع وضياع المال وفقدان الأهل وتلف الزرع .. وأي شيء يوصف بكونه مؤذي أو شرير للإنسان .. فهو من اختبارات الله لنا في الحياة .. والتي يترتب عليها عذاب نفسي وألم بدني لا يعلمه إلا الله.

 

#- ملحوظة هامة:

- ما سبق ليس معناه أن الأنبياء لا يخطئون .. لا .. قد يحدث خطأ .. ولكن في عقيدة المسلمين لا نقول أن الأنبياء يرتكبون الكبائر ويفعلون المنكرات والفواحش التي يترتب عليها عذاب لهم في الآخرة .. بل هم عباد مكرمون من الله بقدر مقامهم عند ربهم ..

- ولكن في عقيدة غير المسلمين .. فالأنبياء يجوز عليهم ارتكاب الكبائر وفعل الفواحش والمنكرات وقد تتلاعب بهم شهواتهم .. مثلهم مثل أي إنسان .. ولعل هذا من تحريفات اليهود حتى يبرروا لأنفسهم ما يفعلوه من موبقات ..!!

 

#- خلاصة القول:

1- لم يرد في الدين الإسلامي عن أيوب أنه ارتكب ذنبا في حق الله .. حتى يقال كان يوجد ذنب لأيوب كان فعله .. ولا يقال أن عذاب توجعه وألمه كان نتيجة ذوب فعلها .. فهذا من خرافات الناس وأباطيلهم ..!!

- فأيوب حدث له ابتلاء من ربه وصاحب هذا الإبتلاء آلام عضوية ونفسية .. وليس لأن الله يعذبه عقابا لذنب فعله .. كما زعم من افترى بذلك على أيوب عليه السلام .. بل وقد سبق وذكرنا من خرافات بعض المفسرين من تجرأوا على أيوب بكلام ذكروه في حق أيوب بدون دليل ..

#- ويمكنك الرجوع للفصل الثاني تحت عنوان: (س2: ما سبب ابتلاء النبي أيوب عليه السلام ؟) .. وذلك لمعرفة الخرافات التي ذكرها البعض عن ذنب أيوب الذي ترتب عليه نزول الضر به .. وقد ذكروا في ذلك تقريبا خمسة خرافات ..!!

- وفي الحقيقة أن المسألة كلها مجرد ابتلاء لعلو مقام أيوب وليس عقابا لإذلاله.  

 

2- وإذا كان من يزعم أن أيوب عليه السلام قد ارتكب ذنبا والله يعاقبه على ذلك .. فهذا شخص بكل تأكيد لم يفهم قوله تعالى: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص:44.

- وراجع ما ذكرناه حول هذه الآية .. في الفصل الثالث عشر تحت عنوان: (س21: لماذا قال الله عن أيوب أنه صابرا أواب ولم يقل (راضيا أواب) وماذا أفاد قوله تعالى (وَجَدْنَاهُ صَابِرًا) ؟ ....، وذلك حتى تتيقن من أن أيوب كان موصوف من ربه بالثبات الدائم في مقام الصبر والأوبة .. بل أن مقام الأوبة كان وصفا لازما له قبل الأبتلاء وأثناء الإبتلاء وبعد الإبتلاء .

- والله أعلم. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .