ج26: قصة النبي أيوب عليه السلام - ما الفرق بين النبي أيوب في القرآن وتوراة اليهود التي يؤمن بها النصارى - ما هو ملخص قول العلماء في تفسير قوله (مسني الشيطان)

      بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

قصة النبي أيوب عليه السلام

بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية

- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -

- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -

- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-

(الفصل السادس والعشرون)

#- فهرس:

:: الفصل السادس والعشرون :: عن قصة أيوب عليه السلام .. ج2/ ختام قصة أيوب – ملخص الفرق بين النبي أيوب في القرآن وتوراة اليهود والنصارى – ملخص أقوال العلماء في قوله (مسني الشيطان) ::

1- س54: ما الفرق بين النبي أيوب في القرآن وتوراة اليهود التي يؤمن بها النصارى ؟

2- س55: ما هو ملخص قول العلماء في تفسير قوله (مسني الشيطان) ؟

******************

:: الفصل السادس والعشرون ::

===============

 

..:: س54: ما الفرق بين النبي أيوب في القرآن والتوراة ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- كنا سبق وناقشنا .. أوصاف النبي أيوب في القرآن على عدة فصول من خلال الآيات .. وذكرنا بعض ما جاء في سفر أيوب المذكور في توراة اليهود في الفصل السادس من هذه الرسالة .. ولكن هنا أذكر فقط ملخصات الرسالة لتكون ملما للمسألة باختصار .. وإليك بيان ذلك .. والله ولي التوفيق ..

 

النبي أيوب عليه السلام بين القرآن وتوراة اليهود التي يعتقدها النصارى أيضا
م	العنصر	من حيث القرآن	من حيث توراة اليهود
1	حقيقة أيوب الإيمانية	هو نبي من الأنبياء – متحقق بالعبودية ووقت ابتلاءه كان صابرا أواب	شخص صدِّيق صالحا من الأبرار - ليس مثله في الأرض. رجل كامل ومستقيم، يتقي الله، ويحيد عن الشر
2	زوجته وأولاده	لم يذكر القرآن أن أيوب كان له زوجة وأولاد .. وإنما هذا ظن بعض العلماء من خلال بعض ألفاظ آيات قصة أيوب	كان يوجد لأيوب زوجة وأولاد
3	أمواله وأملاكه	لم يذكر القرآن أن أيوب كان غنيا وصاحب مال ومن ذوي الأملاك	يوجد له حال غنى وثراء  كبير جدا
4	عمر أيوب وقت ابتلاء أيوب	لا وجود له في القرآن	ما بين السبعين والثمانين "كاجتهاد من بعض مفسريهم وليس نصا في التوراة"
5	كيفية ابتلاء أيوب	أصابه المرض في جسده وكان يوسوس له الشيطان في مجتمعه وأحيانا في نفسه وبعض المفسرين قال: وكذلك تم هلاك أمواله أولاده "وهذا لا دليل عليه إلا ما قالته توراة اليهود"	وتم إهلاك كل أمواله وممتلكاته وأولاده على يد الشيطان .. وأصابه الشيطان بمرض منفر يأكل في جلده حتى خرج منه الصديد والدود وكانت له رائحة كريهة . . ونام في المزبلة والرماد والتراب. وفقد كرامته حتى ضحك عليه الصغار
6	الشيطان في قصة أيوب	مجرد وسواس يحوم بوسوسته حول أيوب ومجتمعه والشيطان في معتقد القرآن هو نوع من الجن وليس مخلوق من نور كالملائكة	طلب الشيطان من الرب في السماوات أن يتسلط على أيوب في ماله أولاده وأخيرا في نفسه بالمرض .. وقد سمح له الرب بذلك والشيطان في معتقدهم هو من الملائكة الذين عصوا الرب ويسمى بالملاك الساقط
7	تحديد مرض أيوب	لا وجود توصيف لمرض أيوب في القرآن	مبتلي بمرض منفر حتى كان الدود يتساقط منه
8	سبب ابتلاء أيوب	القرآن يسقط عن أيوب أي ملام أو عتاب نتيجة أي ذنب فعله وإنما كان الإبتلاء سببه إظهار عبودية أيوب وتعلقه بربه (اخترع بعض المفسرين ذنوب فعلها أيوب كانت سببا في ابتلاءه والقرآن بريء من ذلك بل ولا يوجد هذه الذنوب في توراة اليهود)	هو لم يذنب .. وبعض مفسريهم قال أن سبب ابتلاءه هو لتطهيره من البر الذاتي أي كونه معتقدا في نفسه أنه لا يستحق أي عقاب شديد لأنه كان بارا بربه.
9	وصف حال أيوب مع الإبتلاء	ثابت في مقام العبودية لم يؤثر عليه ابتلاؤه في علاقته بربه – فكان صابرا أواب .. أي صابرا متحملا ما حدث له وفي نفس الوقت كان متحققا بدوام اللجوء إلى ربه والوقوف بين يديه مناجيا له	اعترض على ربه عند نزول البلاء به ورأى أنه غير مستحق لما حدث له مهما كانت خطيئتة وكان يسأل في غضب عن أين العدالة الإلهية؟ ولكنه تدارك هذا الخطأ فيما بعد وصحح هذا الخطأ وتاب.
10	أحوال أصحاب أيوب معه وقت ابتلاؤه	لا يشير النص القرآني لأي أحد من أصحاب أيوب	كان لأيوب ثلاثة أصدقاء مقربين وتم اتهام أيوب بأنه صنع شرا وأخطأ مع الرب وإلا ما كان عاقبة بهذا العقاب وحدث له كل ما حدث وفعلهم هذا قد آذى أيوب بشدة في نفسه. وفي نهاية القصة اعتذروا لأيوب وقدموا قربانا بنحو سبعة ثيران وسبعة كباش تكفيرا لخطيئتهم في حق أيوب وقد غفر لهم الرب
11	أحوال زوجة أيوب وقت ابتلاؤه	لا يخبرنا القرآن شيئا عن وجود زوجة لأيوب وقت ابتلاؤه	زوجة أيوب كانت عونا للشيطان على أيوب حتى أشارت على أيوب أن يلعن ربه طالما لم يساعده في محنته !!
12	فترة أيوب في الإبتلاء	لا وجود له في القرآن ولا يوجد زمن صحيح من أحاديث صحيحة يطمئن لها القلب في تحديد فترة ابتلاء أيوب والبعض يظن أنها بين سبع سنوات أو ثمانية عشر سنة	لا وجود لها في التوراة.. والبعض يظن أنها ما بين سبع سنوات أو ثمانية عشر سنة
13	أسباب استجابة الله لأيوب	مناجاة أيوب لربه بكونه أرحم الراحمين بعد أن اشتد عليه المرض وصاحب ذلك مس من الشيطان بالوسوسة فيمن حوله وفي نفسه بما لم يعد يقوى على تحمل المرض العضوي والأذى النفسي معا ولم تكن استجابة الله لأيوب عن ذنب أخطأ فيه أو ظن قد ظنه بربه بأنه غير عدل . فالقرآن وصفه (نعم العبد إنه أواب) أي محققا وصف العبودية على أكمل وجه وهو متحققا بالصبر والأوبة وهو دوام التعلق بربه دون انزعاج أو سخط.	اعترف أيوب بأنه أخطأ في حق ربه حينما أتهمه في عدله واعترض على معاناته التي حدثت له لأنه كان يرى أنه غير مستحق لما حدث له .. فتاب عن كل ذلك واستسلم لربه مستغفرا له.
14	كيفية علاج أيوب من مرضه	تم شفاءه بالماء البارد بتوجيه من الله	لا يوجد معرفة طريقة علاج أيوب إلا أنه تم شفاءه بقدرة الله
15	عطايا الله لأيوب بعد الشفاء	آتاه الله أهله (أتباعه أو زوجته وأولاده) ومثلهم معهم أي ضاعفهم له .. وأوجد له وسيلة ليُبِر بقسمه الذي أقسمه ولم يذكر القرآن شيئا خلاف ذلك. وفي الحديث الصحيح أن الله أرسل على أيوب جرادا من ذهب وهو يغتسل بالماء فكان يجمعه	رزقه الله بزوجة وأولاد (بخلاف من ماتوا) وضاعف له عددهم وأعطاه فضة وذهب وكان يهادي بهم أصدقاءه الذين عادوا إليه ليهنئوه بشفائه ورزقه الله ألفا من الغنم وستة آلاف من الإبل وألف فدان من البقر وألف أتان وكان له سبعة أولاد وثلاثة بنات وكن أجمل بنات الأرض.

 

#- وما سبق أخي الحبيب:

- هو مجرد مقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة .. وهي مقارنة بسيطة .. وإنما التفاصيل تجدها في فصول سابقة من الرسالة.

- والله أعلم.

 

************************

 

..:: س54: ما هو ملخص قول العلماء في تفسير قوله (مسني الشيطان) ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: الذين رفضوا وجود الشيطان أصلا في القصة ..

- هذا الرأي: رفض وجود تأثير الشيطان في القصة سواء بفعل مرض أو بفعل وسوسة .. واعتبروا لفظ الشيطان نطق به أيوب أدبا في أن لا ينسب لله الضر أو المرض الذي جمع بين النصب والعذاب .. كما قال إبراهيم عليه السلام: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) الشعراء:80 فنسب المرض لنفسه ولم ينسبه لله بالرغم من أن الله فاعله ..، ولكنه نسب إبراهيم المرض لنفسه والشفاء لربه .. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ) صحيح مسلم ..، وكما قال الخضر مع موسى (فأردت أن أعيبها) بالرغم من أنه مأمور بذلك ..

 

- فهذا الرأي لا يقول بوسوسة الشيطان لأيوب .. لأن الشيطان في القصة بالنسبة لهم لا وجود له في الحقيقة إلا من حيث نسبة أيوب الشر للشيطان .. كما نسب موسى الشر للشيطان إذ قال: (قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) القصص:16.

 

- وهذا الرأي محتمل وهو رأي قوي جدا وعليه كثير من العلماء .. ويكون معنى الآيات عندهم "حسب ما أظن": (ربي إني مسني الشيطان بمس من الضر فيه نصب وعذاب وأنت أرحم الراحمين) .. وكما قلنا أنهم جعلوا أن سبب نسبة الضر إلى الشيطان هو باب من أبواب الأدب في نسبة الضرر إليه وليس إلى الله ..

- وكلمة (مسني): أتت بصيغة الماضي عند أصحاب هذا الرأي بمعنى إفادة تحقيق المس بالضرر فعلا.

- والله أعلم.

 

- ملحوظة:

- حديث النبي صلى الله عليه وسلم المذكور سابقا .. والذي جاء فيه: (الْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ) صحيح مسلم..، فهذا جزء من دعاء النبي في استفتاح الصلاة كان يقوله بعد التكبيرة الأولى وقبل قراءة الفاتحة..

 

#- قيل معنى (الشر ليس إليك):

1- الشر ليس مقربا إليك .. أي ليس وسية إليك .. أي ليس وسيلة وسبيلا ليتقرب به العبد إليك لأنك لا تحب ولا تقبل إلا الخير ..

2- الشر لا يصعد إليك .. لأنك لا ترفع إلا العمل الصالح ..

3- الشر لا يصح أن ننسبه إليك .. لأن فعلك كله خير وإن كان في ظاهره الشر لنا .. 

4- الشر ليس واصلا إليك من أحد .. فلا يصيبك به أحد ..

- والله أعلم.

 

#- ثانيا: الذين قالوا أن الشيطان مس أيوب .. بصورة فعليه .. هم على رأيين:

أ- الرأي الأول: قالوا بأن أيوب مسه المرض بغم في نفسه وعذاب في جسده وذلك بفعل الله فيه دون واسطة أحد .. واستغل الشيطان هذا الإبتلاء في أيوب .. وأخذ يوسوس له مستغلا ضعفه وما فيه من غم النفس وألم الجسد .. فوسوس لمجتمعه بالنفور عن أيوب فأوهمهم أن مرضه منفر ومعدي وهو لم يكن كذلك .. ولكن غرض الوسوسة للمجتمع هي أن يبتعد عنه الناس ويهجروه ..، ولعل الشيطان أذاه بوسوسة في نفسه فقال له فيها إن كان الله يحبك فلماذا فعل بك ما فعل وتركك هكذا ؟!! وما شابه هذا الكلام.

- وهذا رأي محتمل وعليه كثير من العلماء ..

 

#- وكلمة (مسني): أتت بصيغة الماضي عند أصحاب هذا الرأي بمعنى إفادة تحقيق المس بالضرر من المرض ومن سوسة الشيطان فعلا.

 

ب- الرأي الثاني: قالوا بأن أيوب مسه الشيطان فعلا بمرض وليس بوسوسة .. وهذا معناه عندهم أنه أصابه بمثل ميكروب في جسده سبب له مرض .. ورحل الشيطان عنه ليعيش مع ابتلاءه وقدره بهذا المرض.

- وهذا رأي عليه بعض العلماء .. ممن أجازوا إمكانية ضرر الشيطان بجسد الأنبياء دون قلوبهم وعقولهم .. وهذا رأي لا يخلو من اعتراضات وسبق وشرحنا كل الآراء في الرسالة .. ولذلك عموم المفسرين يميل للرأي القائل إما بأن الشيطان وصف مجازي للضر أدبا من أيوب .. أو أن الشيطان مس أيوب بوسوسة فأذاه بهذه الوسوسة أثناء مرضه .. 

 

- وكلمة مس: معناها إصابة بسيطة دون تكرار .. ولذلك قال أيوب (مسني) بصيغة الفعل ماضي ولم يقل (يمسسني) .. وهذا مفهومها عند أصحاب الرأي القائل بإمكانية مس الشيطان لأيوب بمرض فعلا .. أي أتى لفعل مهمة وهي إصابة أيوب بميكروب المرض ورحل.

 

#- وليس معنى المس هنا: كالذي يتصوره من له بلادة في عقله أو خلل في نفسه فزين له شيطانه بأن معنى الآية هو أن الشيطان كان يركب أيوب ويتلاعب به فيصرعه .. أو يأتيه بمس يفقده عقله كما يحدث مع بعض العوام ..!!

- فهذا من الكذب على الله ورسول الله والقرآن .. لأن الله لم يقل بذلك .. وأيوب لم يحدث له ذلك .. والقرآن لم ينطق بذلك .. !!

 

#- وخلاصة القول:

1- كان كل ما سبق هو ملخص للآراء في مسألة قوله (مسني الشيطان) ..

 

2- ولمراجعة الإعتراضات على الرأي القائل بأن الشيطان مس أيوب بمرض فعلا .. راجع الفصل الخامس تحت عنوان: (س9: ما معنى قوله (مسني الشيطان بنصب وعذاب)..، وتحت عنوان: (س10: لماذا يستحيل الظن بأن الشيطان قد مس أيوب عليه السلام بالتمكين منه فعلا في نفسه وماله وأهله ؟) ..، وراجع الفصل الحادي والعشرون تحت عنوان: (س46: هل يصح الإعتقاد بأن الشيطان يمكن أن يتسلط على الأنبياء فيتمكن منهم في أنفسهم وأجسادهم وأموالهم وأولادهم ؟) ..، وكذلك الفصل الثاني والعشرون تحت عنوان: (س47: هل يمكن التصور أن ابتلاء أيوب على جسده يمكن حدوثه من الشيطان لوجود حديث قيل فيه أن الجن ممكن يصيبوا الإنس بالطاعون ؟).

- والله أعلم. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .