ج20: قصة النبي أيوب عليه السلام - لماذا قال تعالى عن أيوب (إنا وجدناه صابرا) - ما الذي يدل عليه مدح الله لأيوب بقوله (نِعم العبد) - ما الذي دل عليه مدح الله لأيوب بكونه (أواب) - هل أيوب فقد ماله في حال ابتلاءه - هل النبي أيوب ممن كلمه الله بدون واسطة.

 بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

قصة النبي أيوب عليه السلام

بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية

- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -

- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -

- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-

(الفصل العشرون)

#- فهرس:

:: الفصل العشرون :: عن قصة أيوب عليه السلام .. ج7/ عن مسائل في آيات قصة أيوب عليه السلام في القرآن ::

1- س41: لماذا قال تعالى عن أيوب (إنا وجدناه صابرا) ؟

2- س42: ما الذي يدل عليه مدح الله لأيوب بقوله (نِعم العبد) ؟

3- س43: ما الذي دل عليه مدح الله لأيوب بكونه (أواب) ؟

3- س44: هل أيوب فقد ماله في حال ابتلاءه ؟

4- س45: هل النبي أيوب ممن كلمه الله بدون واسطة ؟

******************

:: الفصل العشرون ::

=================

 

..:: س41: لماذا قال تعالى عن أيوب (إنا وجدناه صابرا) ؟ ::..

 

- قال تعالى: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص:44.

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- كلمة (وجدناه) تدل على بقاءه ثابتا في مقام الصبر لم يتغير حاله ولم يتبدل .. فكلمة (وجدناه) أي رأينا له من حاله مع بلائنا له أنه ثابتا على مقام الصبر لم يتغير عنه.

 

– والتنوين في كلمة (صَابِرًا) .. ليفيد تمكينه من مقام الصبر .. حتى أصبح سيدا من سادات ذلك المقام يضرب به المثل في الصبر على البلاء.

- والله أعلم.

 

**************************

 

..:: س42: ما الذي يدل عليه مدح الله لأيوب بقوله (نِعم العبد) ؟ ::..

 

#- قال الإمام احمد بن عمر رحمه الله (المتوفى:618 هـ):

- وقوله: (نِعْمَ الْعَبْدُ) ص:44 .. يدل على أنه تعالى جعله صابراً .. لأنه كان نعم العبد .. وإنما كان نعم العبد .. لأنه كان أواباً راجعاً إلى الحضرة في طلب الصبر على البلاء .. والرضا بالقضاء. (التأويلات النجمية ج3 ص259).

 

**********************

 

..:: س43: ما الذي دل عليه مدح الله لأيوب بكونه (أواب) ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- الأواب في حق أيوب: هو الراجع إلى الله في كل أحوال سواء كان يوجد ابتلاء أم لا يوجد ابتلاء ..

 

- وإثبات صفة الأوبة لأيوب بكونه (أواب): للدلالة على أنه متمكن في هذا المقام لم يفارقه أبدا .. في حال البسط والقبض والمنع والعطاء والنفع والضر واليسر والعسر والضيق والسعة .. أي هو ثابت في مقام الأوبة مع الله .. أي دائم الرجوع إلى الله في كل أحواله .. ففي حال العطاء يرجع لربه شاكرا له نعمائه .. وفي حال الضيق يرجع لربه راضيا بقضاءه وهو مقرا بافتقاره إليه وإنكساره متأدبا في حضرته ومعظما لجلاله جل شأنه...

- والله أعلم.

******************

 

..:: س44: هل أيوب فقد ماله في حال ابتلاءه ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بعض الآراء عند قدامى المفسرين قال: أن العذاب المقصد به فقد المال فهو أبعد ما يكون عن لفظ العذاب .. وإنما الذي جعل هذا الرأي يقول بذلك هو استناده لرواية توراة اليهود ..

 

- ولكن الحقيقة لم يذكر القرآن أن أيوب فقد ماله أو أولاده .. وإذا كان احتمالية فقد الأولاد محتملة من خلال الإشارة بلفظ الوهب لأهله .. كما سبق وأشرنا لذلك .. ولكن أين جزئية أن أيوب فقد ماله ؟!!

 

#- إليك هذه المناقشة العقلية البسيطة في نفسي .. بيني وبين عقلي ..

 

#- أولا: قال العقل الأول أن دليل فقد أيوب للمال:

- هو ما ثبت في الحديث النبوي الصحيح بأن الله أرسل إلى أيوب ذهبا قد أرسله عليه بكثرة .. وأخذ يجمعه في كل ما يستطيع أن يحمله فيه ..

- وهذا دليل على فقده ما كان عنده .. وإلا فما فائدة إرسال الذهب إليه لو كان معه ماله كما هو ولم يصبه شيئا من الإبتلاء ؟!!

 

#- ثانيا: قال العقل الثاني معترضا على العقل الأول فقال:

- أنت لم تنتبه للآتي:

1- أنه لا مانع في أن يكون الذهب هو زيادة فضل من ربه .. كما أعطاه مثل أهله معهم زيادة فضل له ..

 

2- لا يوجد في الآيات ولا في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أن أيوب فقد أهله أو ماله ..، سوى ما هو منقول من توراة اليهود على يد بعض التابعين كالحسن البصري ووهب بن منبه.

 

3- ولم تنتبه للحديث النبوي الذي أنت أشرت إليه .. فتدبره الآن معي مرة أخرى:

- عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا .. خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ (أي سرب أو جماعة) جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ .. فَجَعَلَ يَحْثِي (أي يجمع) فِي ثَوْبِهِ .. فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى ؟ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ .. وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ) صحيح البخاري.

 

 - وفي رواية بلفظ: (أُرْسِلَ عَلَى أَيُّوبَ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ (أي ذهب في شكل هيئة الجراد – ولعل المقصد هو من كثرة الذهب كان كالجراد – والله أعلم بمقصد النبي) .. فَجَعَلَ يَلْتَقِطُهُ (أي يجمعه).. فَقَالَ: أَلَمْ أُغْنِكَ يَا أَيُّوبُ ؟ فَقَالَ: يَا رَبِّ، وَمَنْ يَشْبَعُ مِنْ رَحْمَتِكَ، أَوْ قَالَ: مِنْ فَضْلِكَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم.

 

- فلفظ (ألم أكن أغنيتك عما ترى) .. أي ألم أغنيك عن هذا العطاء من الجراد من الذهب الذي تراه وتسعى لجمعه الآن .. ؟!!

- وهذا يدل على أن كان له مالا قد أغناه الله به قبل إرسال هذا الجراد الذهبي إليه .. إذ يظهر من لفظ الحديث ما يدل على أن أيوب كان في حالة غنى من ربه قبل هذا الذهب المرسل إليه والذي هو مزيد فضل من ربه.

 - هذا رأيي والله أعلم. 

 

@- ولكن هل يمنع أن يكون فعلا من جملة ابتلاء أيوب هو فقده لماله ؟

- محتمل أن يكون من جملة ابتلاءه فقده لماله .. ولكني أتحدث عن نصوص دينية قرآنية ونبوية .. لم يظهر فيها هذا الفقد .. بل ولم يظهر فيها أنه كان غنيا أصلا .. إلا ما جاء في الحديث (يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى) .. وهذا معناه ثبوت دوام الغنى فيه .. وإنما الذهب هو زيادة فضل له على غناه ..

 

- ولا علاقة لي .. بمجرد احتمالات فكرية يظنها البعض لما يمكن أن يكون حدث لأيوب في ماله .. إذا كانت النصوص الدينية أبهمت هذه الجزئية .. إذ لم يظهر في أي نص ديني أن أيوب كان غنيا فافتقر .. !!

 

- والذين قالوا بجزئية ضياع مال أيوب وقتل أولاده .. فهم تأثروا بما جاء في توراة اليهود .. وقد سبق وأوضحنا ذلك كثيرا في الرسالة أن مسألة فقد المال والأولاد هي قصة توراتية وليس من دين المسلمين.

-  والله أعلم. 

 

*********************

 

..:: س45: هل النبي أيوب ممن كلمه الله بدون واسطة ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بعد الابتلاء الكبير لأيوب وصبره عليه .. يظهر لنا تكليم الله لأيوب في مشهدين ..

- الأول: عندما أرشده لطريقة العلاج ..

- الثاني: عندما أرسل عليه جماعة من الجراد الذهبي ..

 

- فالمرة الأولى: حينما كان مريضا فنادى الله وطلب منه الشفا فشفاه الله وكلمه وقال له أن يضرب الأرض برجله ويغتسل ويشرب من الماء.

- وفي ذلك يقول تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) ص:41-42.

- ويوجد حذف مفهوم من الآيات وهو: "فقلنا لأيوب" (أركض برجلك .....).

 

- والمرة الثانية: حينما كان يغتسل وتساقط عليه الذهب منحة من ربه .. فكلمه ربه.

- جاء في (حديث صحيح) .. عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا .. خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ (أي سرب أو جماعة) جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ .. فَجَعَلَ يَحْثِي (أي يجمع) فِي ثَوْبِهِ .. فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى ؟ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ .. وَلَكِنْ لاَ غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ) صحيح البخاري.

 

 - وفي رواية بلفظ: (فَقَالَ: أَلَمْ أُغْنِكَ يَا أَيُّوبُ ؟ فَقَالَ: يَا رَبِّ، وَمَنْ يَشْبَعُ مِنْ رَحْمَتِكَ، أَوْ قَالَ: مِنْ فَضْلِكَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم.

 

- ففي هذا الحديث يظهر بوضوح .. كلام الله مع أيوب وكلام أيوب مع الله.. ولكن هذا حدث بعد الإبتلاء.. وكأن هذا التكليم هو كان من باب مزيد كرامة الله لأيوب ليؤنسه ربه بلذيذ الخطاب معه ..

#- ملحوظة هامة:

- قد تسأل فتقول: ما الفرق بين تكليم الله لأيوب وتكليم الله لموسى ؟

- أقول لك: الفرق بين أيوب وموسى في تكليم الله لهما .. ان ما حدث لأيوب هو حال .. وإنما ما حدث لموسى فهو مقام .. وشتان بين من يحدث له حال على سبيل التشريف والتكريم وقد لا يتكرر .. وبين من هو في مقام ثابت فيه له دوام الضيافة فيه.

- هذا رأيي والله أعلم. 

 

 *************************

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .